منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة النحل الآيات من 036-040

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: سورة النحل الآيات من 036-040   سورة النحل الآيات من 036-040 Emptyالسبت 28 ديسمبر 2019, 12:19 am

وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فالحق سبحانه يقول هنا: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً) (النحل: 36).

وفي آية أخرى يقول سبحانه: (مِن كُلِّ أُمَّةٍ) (النحل: 84).

فهذه لها معنى، وهذه لها معنى.

فقوله: (مِن كُلِّ أُمَّةٍ) (النحل: 84).

أي: من أنفسهم، منهم خرج، وبينهم تربَّى ودَرَج، يعرفون خِصَاله وصِدْقه ومكانته في قومه.

أما قوله تعالى: (فِي كُلِّ أُمَّةٍ) (النحل: 36).

فـ "في" هنا تفيد الظرفية.

أي: في الأمة كلها، وهذه تفيد التغلغل في جميع الأمة.

فلا يصل البلاغ منه إلى جماعة دون أخرى، بل لابُدَّ من عموم البلاغ لجميع الأمة.

وكذلك يقول تعالى مرة: (أَرْسَلْنَا) (الحديد: 26).

ومرة أخرى يقول: (بَعَثْنَا) (النحل: 36).

وهناك فرق بين المعنيين فـ (أَرْسَلْنَا) تفيد الإرسال، وهو: أن يتوسط مُرْسَل إلى مُرْسَل إليه.

أما (بَعَثْنَا) فتفيد وجود شيء سابق اندثر، ونريد بعثه من جديد.

ولتوضيح هذه القضية نرجح إلى قصة آدم -عليه السلام- حيث عَلّمه الله الأسماء كلها، ثم أهبطه من الجنة إلى الأرض.

وقال: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة: 38).

وقال في آية أخرى: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ) (طه: 123).

إذن: هذا منهج من الله تعالى لآدم -عليه السلام- والمفروض أن يُبلِّغ آدم هذا المنهج لأبنائه، والمفروض في أبنائه أن يُبلِّغوا هذا المنهج لأبنائهم، وهكذا، إلا أن الغفلة قد تستحوذ على المبلِّغ للمنهج، أو عدم رعاية المبلِّغ للمنهج فتنطمس المناهج، ومن هنا يبعثها الله من جديد، فمسألة الرسالات لا تأتي هكذا فجأة فجماعة من الجماعات، بل هي موجودة منذ أول الخلق.

فالرسالات إذن بَعْثٌ لمنهج إلهي، كان يجب أنْ يظلَّ على ذكر من الناس، يتناقله الأبناء عن الآباء، إلا أن الغفلة قد تصيب المبلّغ فلا يُبلّغ، وقد تصيب المبلَّغ فلا يلتزم بالبلاغ؛ لذلك يجدد الله الرسل.

وقد وردت آياتٌ كثيرة في هذا المعنى، مثل قوله تعالى: (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ) (فاطر: 24).

وقوله: (ذٰلِكَ أَن لَّمْ يَكُنْ رَّبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ) (الأنعام: 131).

وقوله: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء: 15).

لذلك نرى غير المؤمنين بمنهج السماء يَضعُون لأنفسهم القوانين التي تُنظِّم حياتهم، أليس لديهم قانون يُحدِّد الجرائم ويُعاقب عليها؟

فلا عقوبة إلا بتجريم، ولا تجريمَ إلا بنصٍّ، ولا نصَّ إلا بإبلاغ.

ومن هنا تأتي أهمية وَضْع القوانين ونشرها في الصحف والجرائد العامة ليعلمها الجميع، فلا يصح أنْ نعاقبَ إنساناً على جريمة هو لا يعلم أنها جريمة، فلابُدَّ من إبلاغه بها أولاً، ليعلم أن هذا العمل عقوبته كذا وكذا، ومن هنا تُقام عليه الحُجة.

وهنا أيضاً نلاحظ أنه قد يتعاصر الرسولان، ألم يكُنْ إبراهيم ولوط متعاصريْن؟

ألم يكُنْ شعيب وموسى متعاصريْن؟

فما عِلَّة ذلك؟

نقول: لأن العالمَ كان قديماً على هيئة الانعزال، فكُلّ جماعة منعزلة في مكانها عن الأخرى لعدم وجود وسائل للمواصلات، فكانت كل جماعة في أرض لا تدري بالأخرى، ولا تعلم عنها شيئاً.

ومن هنا كان لكُلِّ جماعة بيئتُها الخاصة بما فيها من عادات وتقاليد ومُنكَرات تناسبها، فهؤلاء يعبدون الأصنام، وهؤلاء يُطفِّفون الكيل والميزان، وهؤلاء يأتون الذكْران دون النساء.

إذن: لكل بيئة جريمة تناسبها، ولابُدَّ أن نرسل الرسل لمعالجة هذه الجرائم، كُلّ في بلد على حِدَة.

لكن رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- كانت على موعد مع التقاءات الأمكنة مع وجود وسائل المواصلات، لدرجة أن المعصية تحدث مثلاً في أمريكا فنعلم بها في نفس اليوم.

إذن: أصبحتْ الأجواء والبيئات واحدة، ومن هنا كان منطقياً أن يُرْسلَ -صلى الله عليه وسلم- للناس كافة، وللأزمنة كافة.

وقد عبَّر القرآن الكريم عن هذه الشمولية بقوله: (وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً..) (سبأ: 28).

أي: للجميع لم يترك أحداً، كما يقول الخياط: كففْتُ القماش أي: جمعتُ بعضه على بعض، حتى لا يذهبَ منه شيءٌ.

ثم يقول الحق سبحانه: (أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ) (النحل: 36).

هذه هي مهمة الرسل: (أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ) (النحل: 36).

والعبادة معناها التزامٌ بأمر فيُفعل، ويُنهي عن أمر فلا يُفعل؛ لذلك إذا جاء مَنْ يدَّعي الألوهية وليس معه منهج نقول له: كيف نعبدك؟

وما المنهج الذي جِئْتَ به؟

بماذا تأمرنا؟

عن أي شيءٍ تنهانا؟

فهنا أَمْر بالعبادة ونَهْي عن الطاغوت، وهذا يُسمُّونه تَحْلِية وتَخْلِيةً: التحلية في أنْ تعبدَ الله، والتخلية في أنْ تبتعدَ عن الشيطان.

وعلى هذين العنصرين تُبنَى قضية الإيمان حيث نَفْي في: "أشهد أن لا إله".

وإثبات في "إلا الله"، وكأن الناطق بالشهادة ينفي التعدُّد، ويُثبت الوحدانية لله تعالى، وبهذا تكون قد خلَّيْتَ نفسك عن الشرك، وحَلَّيْتَ نفسك بالوحدانية.

ولذلك سيكون الجزاء عليها في الآخرة من جنس هذه التحلية والتخلية؛ ولذلك نجد في قول الحق تبارك وتعالى: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ) (آل عمران: 185).

أي: خُلِّي عن العذاب.

(وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ) (آل عمران: 185).

أي: حُلِّي بالنعيم.

وقوله سبحانه: (وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ) (النحل: 36).

أي: ابتعدوا عن الطاغوت.

فيكون المقابل لها: تقرَّبوا إلى الله و (ٱلْطَّاغُوتَ) فيها مبالغة تدل على مَنْ وصل الذِّرْوة في الطغيان وزادَ فيه.

وفَرْق بين الحدث المجرَّد مثل طغى، وبين المبالغة فيه مثل (طاغوت)، وهو الذي يَزيده الخضوعُ لباطله طُغْياناً على باطل أعلى.

ومثال ذلك: شاب تمرَّد على مجتمعه، وأخذ يسرق الشيء التافه القليل، فوجد الناس يتقرَّبون إليه ويُداهنونه اتقاء شره، فإذا به يترقَّى في باطله فيشتري لنفسه سلاحاً يعتدي به على الأرواح، ويسرق الغالي من الأموال، ويصل إلى الذروة في الظلم والاعتداء، ولو أخذ الناس على يده منذ أول حادثة لما وصل إلى هذه الحال.

ومن هنا وجدنا الديات تتحملها العاقلة وتقوم بها عن الفاعل الجاني، ذلك لما وقع عليها من مسئولية تَرْك هذا الجاني، وعدم الأخذ على يده وكَفِّه عن الأذى.

ونلاحظ في هذا اللفظ (الطاغوت) أنه لما جمعَ كلَّ مبالغة في الفعل نجده يتأبَّى على المطاوعة، وكأنه طاغوت في لفظه ومعناه، فنراه يدخل على المفرد والمثنى والجمع، وعلى المذكر والمؤنث، فنقول: رجل طاغوت، وامرأة طاغوت، ورجلان طاغوت، وامرأتان طاغوت، ورجال طاغوت، ونساء طاغوت، وكأنه طغى بلفظه على جميع الصِّيغ.

إذن: الطاغوت هو الذي إذا ما خضع الناس لِظُلمه ازداد ظلماً.

ومنه قوله تعالى: (فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ) (الزخرف: 54).

فقد وصل به الحال إلى أن ادعى الألوهية، وقال: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي) (القصص: 38).

ويُحكَى في قصص المتنبِّئين أن أحد الخلفاء جاءه خبر مُدَّعٍ للنبوة، فأمرهم ألاَّ يهتموا بشأنه، وأن يتركوه، ولا يعطوا لأمره بالاً لعله ينتهي، ثم بعد فترة ظهر آخر يدَّعي النبوة، فجاءوا بالأول ليرى رأيه في النبي الجديد: ما رأيك في هذا الذي يدعي النبوة؟!

أيُّكم النبي؟

فقال: إنه كذاب فإني لم أرسل أحداً!!

ظن أنهم صدقوه في ادعائه النبوة، فتجاوز هذا إلى ادعاء الألوهية، وهكذا الطاغوت.

وقد وردت هذه الكلمة (ٱلْطَّاغُوتَ) في القرآن ثماني مرات، منها ستة تصلح للتذكير والتأنيث، ومرة وردتْ للمؤنث في قوله تعالى: (وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا) (الزمر: 17).

ومرة وردتْ للمذكر في قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوۤاْ إِلَى ٱلطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوۤاْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ) (النساء: 60).

وفي اللغة كلمات يستوي فيها المذكر والمؤنث، مثل قَوْل الحق تبارك وتعالى: (وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) (الأعراف: 146).

وقوله: (قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ) (يوسف: 108).

فكلمة "سبيل" جاءت مرَّة للمذكَّر، ومرّة للمؤنث.

ثم يقول تعالى: (فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ ٱلضَّلالَةُ) (النحل: 36).

وقد أخذ بعضهم هذه الآية على أنها حُجَّة يقول من خلالها: إن الهداية بيد الله، وليس لنا دَخْل في أننا غير مهتدين.

إلى آخر هذه المقولات.

نقول: تعالوا نقرأ القرآن.

يقول تعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ) (فصلت: 17).

لو كانت الهداية بالمعنى الذي تقصدون لَمَا استحبُّوا العَمى وفضَّلوه، لكن "هديناهم" هنا بمعنى: دَلَلْناهم وأرشدناهم فقط، ولهم حَقّ الاختيار، وهم صالحون لهذه ولهذه، والدلالة تأتي للمؤمن وللكافر، دلَّ الله الجميع، فالذي أقبل على الله بإيمان به زاده هُدًى وآتاه تقواه، كما قال تعالى: (وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ) (محمد: 17).

ومن هذا ما يراه البعض تناقضاً بين قوله تعالى: (إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) (القصص: 56).

وقوله: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (الشورى: 52).

حيث نفى الحق سبحانه عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- الهداية في الأولى، وأثبتها له في الثانية.

نلاحظ أن الحدث هنا واحد وهو الهداية، والمتحدَّث عنه واحد هو الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فكيف يثبت حَدَثٌ واحد لمُحْدِثٍ واحد مرّة، وينفيه عنه مرّة؟! لابُدَّ أن تكون الجهة مُنفكّة.

في: (إِنَّكَ لاَ تَهْدِي) (القصص: 56).

أي: لا تستطيع أنْ تُدخِل الإيمان في قلب مَنْ تحب، ولكن تدلُّ وترشد فقط، أما هداية الإيمان فبيد الله تعالى يهدي إليه مَنْ عنده استعداد للإيمان، ويَصْرف عنها مَنْ أعرض عنه ورفضهُ.

وكأن الله تعالى في خدمة عبيده، مَنْ أحب شيئاً أعطاه إياه ويسَّره له، وبذلك هدى المؤمن للإيمان، وختم على قَلْب الكافر بالكفر.

إذن: تأتي الهداية بمعنيين: بمعنى الدلالة والإرشاد كما في الآية السابقة، وبمعنى المعونة وشَرْح الصدر للإيمان كما في قوله تعالى: (وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ) (القصص: 56).

وقوله: (زَادَهُمْ هُدًى) (محمد: 17).

فقوله تعالى: (فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى ٱللَّهُ) (النحل: 36).

أي: هداية إيمان ومعونةٍ بأن مكَّن المنهج في نفسه، ويسَّره له، وشرح به صدره.

(وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ ٱلضَّلالَةُ) (النحل: 36).

حقَّتْ: أي أصبحتْ حقاً له، ووجبتْ له بما قدَّم من أعمال، لا يستحق معها إلا الضلالة، فما حقَّتْ عليهم، وما وجبتْ لهم إلا بما عملوا.

وهذه كقوله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ) (الأنعام: 144).

أيُّهما أسبق: عدم الهداية من الله لهم، أم الظلم منهم؟

واضح أن الظلم حدث منهم أولاً، فسمَّاهم الله ظالمين، ثم كانت النتيجة أنْ حُرموا الهداية.

ونذكر هنا مثالاً كثيراً ما كررناه ليرسخَ في الأذهان -ولله المثل الأعلى- هَبْ أنك سائر في طريق تقصد بلداً ما، فصادفك مُفْترق لطرق متعددة، وعلامات لاتجاهات مختلفة، عندها لجأتَ لرجل المرور: من فضل أريدُ بلدة كذا، فقال لك: من هنا.

فقلت: الحمد لله، لقد كِدْتُ أضلَّ الطريق، وجزاكَ الله خيراً.

فلمَّا وجدك استقبلتَ كلامه بالرضا والحب، وشكرْتَ له صنيعه أراد أنْ يُزيد لك العطاء.

فقال لك: لكن في هذا الطريق عقبةٌ صعبة، وسوف أصحبُك حتى تمرَّ منها بسلام.

هكذا كانت الأولى منه مُجرَّد دلالة، أما الثانية فهي المعونة، فلمَّا صدَّقْته في الدلالة أعانَك على المدلول.

هكذا أَمْرُ الرسل في الدلالة على الحق، وكيفية قبول الناس لها.

ولك أنْ تتصور الحال لو قُلْتَ لرجل المرور هذا: يبدو أنك لا تعرف الطريق.

فسيقول لك: إذن اتجه كما تُحِب وسِرْ كما تريد.

وكلمة "الضلالة" مبالغة من الضلال وكأنها ضلال كبير، ففيها تضخيمٌ للفعل، ومنها قوله تعالى: (قُلْ مَن كَانَ فِي ٱلضَّلاَلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ مَدّاً) (مريم: 75).

ثم يُقيم لنا الحق -تبارك وتعالى- الدليلَ على بَعْثة الرسل في الأمم السابقة لنتأكد من إخبارهتعالى، وأن الناسَ انقسموا أقساماً بين مُكذِّب ومُصدِّق، قال تعالى: (فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ) (النحل: 36).

فهناك شواهد وأدلة تدل على أن هنا كان ناس، وكانت لهم حضارة اندكتْ واندثرتْ، كما قال تعالى في آية أخرى: (وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ) (الصافات: 137).

فأمر الله تعالى بالسياحة في الأرض للنظر والاعتبار بالأمم السابقة، مثل: عاد وثمود وقوم صالح وقوم لوط وغيرهم.

والحق تبارك وتعالى يقول هنا: (فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ) (النحل: 36).

وهل نحن نسير في الأرض، أم على الأرض؟

نحن نسير على الأرض.

وكذلك كان فهْمُنا للآية الكريمة، لكن المتكلم بالقرآن هو ربُّنا تبارك وتعالى، وعطاؤه سبحانه سيظل إلى أنْ تقومَ الساعة، ومع الزمن تتكشف لنا الحقائق ويُثبت العلم صِدْق القرآن وإعجازه.

فمنذ أعوام كنا نظنُّ أن الأرض هي هذه اليابسة التي نعيش عليها، ثم أثبت لنا العلم أن الهواء المحيط بالأرض (الغلاف الجوي) هو إكسير الحياة على الأرض، وبدونه لا تقوم عليها حياة، فالغلاف الجوي جزء من الأرض.

وبذلك نحن نسير في الأرض، كما نطق بذلك الحق -تبارك وتعالى- في كتابه العزيز.

ونقف أمام مَلْحظ آخر في هذه الآية: (فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ) (آل عمران: 137).

وفي آية أخرى يقول: (قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ ٱنْظُرُواْ) (الأنعام: 11).

ليس هذا مجرد تفنُّن في العبارة، بل لكل منهما مدلول خاص، فالعطف بالفاء يفيد الترتيب مع التعقيب.

أي: يأتي النظر بعد السَّيْر مباشرة.

أما في العطف بثُم فإنها تفيد الترتيب مع التراخي.

أي: مرور وقت بين الحدثَيْن، وذلك كقوله تعالى: (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ * ثُمَّ إِذَا شَآءَ أَنشَرَهُ) (عبس: 22).

وقول الحق سبحانه: (فَٱنظُرُواْ) (النحل: 36).

فكأن الغرض من السَّيْر الاعتبار والاتعاظ، ولابُدَّ -إذن- من وجود بقايا وأطلال تدلُّ على هؤلاء السابقين المكذبين، أصحاب الحضارات التي أصبحتْ أثراً بعد عَيْنٍ.

وها نحن الآن نفخر بما لدينا من أبنية حجرية مثل الأهرامات مثلاً، حيث يفِد إليها السُّياح من شتى دول العالم المتقدم؛ لِيَروْا ما عليها هذه الحضارة القديمة من تطوُّر وتقدُّم يُعجزهم ويُحيّرهم، ولم يستطيعوا فَكّ طلاسِمه حتى الآن.

ومع ذلك لم يترك الفراعنة ما يدل على كيفية بناء الأهرامات، أو ما يدل على كيفية تحنيط الموتى؛ مما يدل على أن هؤلاء القوم أُخِذوا أَخذْة قوية اندثرتْ معها هذه المراجع وهذه المعلومات، كما قال تعالى: (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) (مريم: 98).

وقد ذكر لنا القرآن من قَصَص هؤلاء السابقين الكثير كما في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ * ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ) (الفجر: 6-8).

وقال: (وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ * ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ * فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ) (الفجر: 9-13).

هذا ما حدث للمكذِّبين في الماضي، وإياكم أنْ تظنُّوا أن الذي يأتي بعد ذلك بمنجىً عن هذا المصير.

كلا: (إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ) (الفجر: 14).

ثم يقول الحق سبحانه: (إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ...).



سورة النحل الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 036-040   سورة النحل الآيات من 036-040 Emptyالسبت 28 ديسمبر 2019, 12:19 am

إِنْ تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

يُسلِّي الحق تبارك وتعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ويثبت له حِرْصَه على أمته، وأنه يُحمِّل نفسه في سبيل هدايتهم فوق ما حَمَّله الله، كما قال له في آية أخرى: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) (الشعراء: 3).

ويقول تعالى: (لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) (التوبة: 128).

ثم بعد ذلك يقطع الحق سبحانه الأمل أمام المكذبين المعاندين، فيقول تعالى: (فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ) (النحل: 37).

أي: لا يضل إلا مَنْ لم يقبل الإيمان به فَيَدعُه إلى كفره، بل ويطمس على قلبه غيْر مأسُوف عليه، فهذه إرادته، وقد أجابه الله إلى ما يريد.

(وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ) (النحل: 37).

إذن: المسألة ليستْ مجرد عدم الهداية، بل هناك معركة لا يجدون لهم فيها ناصراً أو معيناً يُخلِّصهم منها، كما قال تعالى: (فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ) (الشعراء: 100-101).

إذن: لا يهدي الله مَن اختار لنفسه الضلال، بل سيُعذِّبه عذاباً لا يجد مَنْ ينصُره فيه.

ثم يقول الحق سبحانه عنهم: (وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ...).



سورة النحل الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 036-040   سورة النحل الآيات من 036-040 Emptyالسبت 28 ديسمبر 2019, 12:20 am

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَىٰ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

(وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ) (النحل: 38).

سبحان الله!!

كيف تُقسِمون بالله وأنتم لا تؤمنون به؟!

وما مدلول كلمة الله عندكم؟.

هذه علامة غباء عند الكفار ودليل على أن موضوع الإيمان غير واضح في عقولهم؛ لأن كلمة الله نفسها دليلٌ على الإيمان به سبحانه، ولا توجد الكلمة في اللغة إلا بعد وجود ما تدل عليه أولاً.

فالتلفزيون مثلاً قبل أن يوجد لم يكن له اسم، ثم بعد أن وُجد أوجدوا له اسماً.

إذن: توجد المعاني أولاً، ثم توضع للمعاني أسماء، فإذا رأيت اسماً يكون معناه قبله أم بعده؟

يكون قبله.

فإذا قالوا: الله غير موجود نقول لهم: كذبتم؛ لأن كلمة الله لفظ موجود في اللغة، ولابُدَّ أن لها معنىً سبق وجودها.

إذن: فالإيمان سابقٌ للكفر.

وجاء الكفر منطقياً؛ لأن معنى الكفر: السَّتْر.

والسؤال إذن: ماذا ستر؟

ستر الإيمان، ولا يستر إلا موجوداً، وبذلك نقول: إن الكفر دليل على الإيمان.

(وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ (النحل: 38).

أي: مبالغين في اليمين مُؤكّدينه، وما أقربَ غباءَهم هنا بما قالوه في آية أخرى: (ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (الأنفال: 32).

فليس هذا بكلام العقلاء.

وكان ما أقسموا عليه بالله أنه: (لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ) (النحل: 38).

وهذا إنكار للبعث، كما سبق وأنْ قالوا: (قَالُوۤاْ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) (المؤمنون: 82).

فيرد عليهم الحق سبحانه (بَلَىٰ).

وهي أداة لنفي النفي السابق عليها، وأهل اللغة يقولون: نفي النفي إثبات، إذاً "بلى" تنفي النفي قبلها وهو قولهم: (لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ) (النحل: 38).

فيكون المعنى: بل يبعث الله مَنْ يموت.

(وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً) (النحل: 38).

والوَعْد هو الإخبار بشيء لم يأْتِ زمنه بعد، فإذا جاء وَعْدٌ بحدَث يأتي بَعْد ننظر فيمَنْ وعد: أقادرٌ على إيجاد ما وعد به؟

أم غير قادر؟

فإن كان غيرَ قادر على إنفاذ ما وعد به لأنه لا يضمن جميع الأسباب التي تعينه على إنفاذ وعده، قُلْنا له قُلْ: إنْ شاء الله.

حتى إذا جاء موعد التنفيذ فلم تَفِ بوعدك التمسْنا لك عُذْراً، وحتى لا تُوصف ساعتها بالكذب، فقد نسبتَ الأمر إلى مشيئة الله.

والحق -تبارك وتعالى- لا يمنعنا أن نُخطِّط للمستقبل ونعمل كذا ونبني كذا.

خَطِّط كما تحب، واعْدُدْ للمستقبل عِدَته، لكن أردف هذا بقولك: إنْ شاء الله؛ لأنك لا تملك جميع الأسباب التي تمكِّن من عمل ما تريد مستقبلاً، وقد قال الحق تبارك وتعالى: (وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ) (الكهف: 23-24).

ونضرب لذلك مثلاً: هَبْ أنك أردتَ أن تذهب غداً إلى فلان لتكلمه في أمر ما.

هل ضمنت لنفسك أن تعيش لغد؟

وهل ضمنت أن هذا الشخص سيكون موجوداً غداً؟

وهل ضمنتَ ألاَّ يتغير الداعي الذي تريده؟

وربما توفرت لك هذه الظروف كلها، وعند الذهاب أَلَمَّ بك عائق منعك من الذهاب.

إذن: يجب أن نُردف العمل في المستقبل بقولنا: إن شاء الله.

أما إذا كان الوعد من الله تعالى فهو قادر سبحانه على إنفاذ ما يَعِد به؛ لأنه لا قوة تستطيع أن تقفَ أمام مُراده، ولا شيءَ يُعجزه في الأرض ولا في السماء، كان الوعد منه سبحانه (حقاً) أنْ يُوفّيه.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَلـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلْنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (النحل: 38).

أي: لا يعلمون أن الله قادر على البعث، كما قال تعالى: (وَقَالُوۤاْ أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (السجدة: 10).

وقال: (وَقَالُوۤاْ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً) (الإسراء: 49).

فقد استبعد الكفار أمر البعث؛ لأنهم لا يتصورون كيف يبعث الله الخلْق من لَدُن آدم -عليه السلام- حتى تقوم الساعة.

ولكن لِمَ تستبعدون ذلك؟

وقد قال تعالى: (مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ) (لقمان: 28).

فالأمر ليس مزاولة يجمع الله سبحانه بها جزئيات البشر كل على حدة.

لا.

ليس في الأمر مزاولة أو معالجة تستغرق وقتاً.

(إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) (يس: 82).

ونضرب لذلك مثلاً -ولله المثل الأعلى- فنحن نرى مثل هذه الأوامر في عالم البشر عندما يأتي المعلّم أو المدرب الذي يُدرِّب الجنود نراه يعلِّم ويُدرِّب أولاً، ثم إذا ما أراد تطبيق هذه الأوامر فإنه يقف أمام الجنود جميعاً وبكلمة واحدة يقولها يمتثل الجميع، ويقفون على الهيئة المطلوبة، هل أمسك المدرب بكل جندي وأوقفه كما يريد؟! لا.

بل بكلمة واحدة تَمَّ له ما يريد.

وكأن انضباط المأمور وطاعته للأمر هو الأصل، كذلك كل الجزئيات في الكون منضبطة لأمره سبحانه وتعالى.

هي كلمة واحدة بها يتم كل شيء.

فليس في الأمر مُعَالجة، لأن المعالجة أنْ يُباشر الفاعل بجزئيات قدرته جزئيات الكائن، وليس البعث هكذا.

بل بالأمر الانضباطي: كن.

ولذلك يقول تعالى: (وَلـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلْنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (النحل: 38).

نقول: الحمد لله أن هناك قليلاً من الناس يعلمون أمر البعث ويؤمنون به.

ثم يقول الحق سبحانه: (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي...).



سورة النحل الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 036-040   سورة النحل الآيات من 036-040 Emptyالسبت 28 ديسمبر 2019, 12:21 am

لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (٣٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فمعنى قوله تعالى: (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) (النحل: 39).

أي: من أمر البعث؛ لأن القضية لا تستقيم بدون البعث والجزاء؛ ولذلك كنت في جدالي للشيوعيين أقول لهم: لقد أدركتم رأسماليين شرسين ومفترين، شربوا دم الناس وعملوا كذا وكذا.

فماذا فعلتُم بهم؟

يقولون: فعلنا بهم كيت وكيت، فقلت: ومن قبل وجود الشيوعية سنة 1917، ألم يكن هناك ظلمة مثل هؤلاء؟

قالوا: بلى.

قلت: إذن من مصلحتكم أن يوجد بعث وحساب وعقاب لا يفلت منه هؤلاء الذين سبقوكم، ولم تستطيعوا تعذيبهم.

ثم يأتي فَصْل الخطاب في قوله تعالى: (وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ) (النحل: 39).

أي: كاذبين في قولهم: (لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ) (النحل: 38).

وذلك علم يقين ومعاينة، ولكن بعد فوات الأوان، فالوقت وقت حساب وجزاء لا ينفع فيه الاعتراف ولا يُجدي التصديق، فالآن يعترفون بأنهم كانوا كاذبين في قَسَمهم: لا يبعث الله مَنْ يموت وبالغوا في الأَيْمان وأكَّدوها؛ ولذلك يقول تعالى عنهم في آية أخرى: (وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ) (الواقعة: 46).

ثم يقول الحق سبحانه: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ...).



سورة النحل الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 036-040 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 036-040   سورة النحل الآيات من 036-040 Emptyالسبت 28 ديسمبر 2019, 12:22 am

إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

إذن: أمر البعث ليس علاجاً لجزئيات كل شخص وضمِّ أجزائه وتسويته من آدم حتى قيام الساعة، بل المسألة منضبطة تماماً مع الأمر الإلهي (كُنْ).

وبمجرد صدوره، ودون حاجة لوقت ومُزاولة يكون الجميع ماثلاً طائعاً، كل واحد منتظرٌ دورَه، منتظر الإشارة؛ ولذلك جاء في الخبر: "أمور يبديها ولا يبتديها".

فالأمر يتوقف على الإذن: اظهر يظهر.

ومثال ذلك -ولله المثل الأعلى- من يعد القنبلة الزمنية مثلاً، ويضبطها على وقت معين.

تظل القنبلة هذه إلى وقت الانفجار الذي وُضِع فيها، ثم تنفجر دون تدخُّل من صانعها.

مجرد الإذن لها بالانفجار تنفجر.

وحتى كلمة (كُنْ) نفسها تحتاج لزمن، ولكن ليس هناك أقرب منها في الإذن.

وإن كان الأمر في حقِّهتعالى لا يحتاج إلى كُنْ ولا غيره.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي ٱللَّهِ...).



سورة النحل الآيات من 036-040 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة النحل الآيات من 036-040
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة النحل الآيات من 031-035
» سورة النحل الآيات من 106-110
» سورة النحل الآيات من 026-030
» سورة النحل الآيات من 111-115
» سورة النحل الآيات من 116-120

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: النَّحل-
انتقل الى: