منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة إبراهيم الآيات من 26-30

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48354
العمر : 71

سورة إبراهيم الآيات من 26-30 Empty
مُساهمةموضوع: سورة إبراهيم الآيات من 26-30   سورة إبراهيم الآيات من 26-30 Emptyالأربعاء 18 ديسمبر 2019, 6:47 am

وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (٢٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وحين نقارن الكلمة الخبيثة بالكلمة الطيبة سنكتشف الفارق الشاسع؛ فالكلمة الخبيثة مُجْتثَّة من فوق الأرض؛ والجُثَّة كما نعلم هي الجسد الذي خرجتْ منه الروح، ومن بعد أن يصبح جُثة يصير رِمَّة؛ ثم يتحلَّل إلى عناصره الأولى.

إذن: فالاجتثاث هو استئصالُ الشيء من أصله وقَلْعه من جذوره، أما المقابل في الشجرة الطيبة فأصلها ثابت لا تُخلخله ظروف أو أحداث، والكلمة الخبيثة بلا جذور لأنها مُجْتثّة؛ وليس لها قَرار تستقر فيه.

وحين تكلَّم المُفسِّرون عن الشجرة الطيبة منهم مَنْ قال إنها النخلة لأن كُلَّ ما فيها خير؛ فورقها لا يسقط، ويبقى دائماً كَظِلٍّ وكل ما فيها يُنتفعَ به.

فنحن -على سبيل المثال- نأخذ جذع النخلة ونصنع منه أعمدة في بيوت الرِّيف، وجريد النخل نصنع منه الكراسي؛ والليف الموجود بين الأفرع نأخذه لنصنع منه الحبال؛ والخوص نصنع منه القُفف.

والذين حاولوا أن يُفسِّروا "الشجرة الخبيثة" بأنها شجرة الحَنْظل، أو شجرة التين، أو شجرة الكُرَّات؛ لكل هؤلاء أقول: لقد خلقها الحق سبحانه لتكون شجرة طيبة في ظروف احتياجنا لها؛ لأنك حين تنظر إلى الكون ستجد أن مِزَاجه مُتنوِّع؛ ومُقوِّمات الحياة ليستْ هي الأكل والشرب فقط؛ بل هناك توازن بيئيّ قد صمّمه الحق تعالى، وهو الأعلم مِنّا جميعاً بما خلق؛ ولم يخلق إلا طَيّباً.

 وكل شيء في الكون له عطاء مستمر يُشِع في الجو، والمَثَل هو تساقط أوراق الشجر التي تُعيد الخِصْب مرة أخرى إلى الأرض.

وكلها أمور يُبديها الحق سبحانه ولا يبتديها، أي: يُظهرها بعد أنْ كانت موجودة أَزلاً ومَخفية عَنَّا.

وهو جَلَّ وعلاَ يرفع قوماً ويَخفِض قوماً؛ وهو القائل عن ذاته: (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (الرحمن: 29).

وكلُّنا نعلم أن اليوم عند منطقة ما يبدأ في توقيت مُعيّن، وينتهي في توقيت مُعين؛ وتختلف المناطق الجغرافية وتختلف معها بدايات أيِّ يوم من منطقة إلى أخرى؛ فبعد لحظة من بداية يومك يبدأ يوم آخر في منطقة أخرى؛ وهكذا تتعدد الأيام وبدايات النهار والليل عند مختلف البشر والمجتمعات.

 ولذلك فحين نسمع قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن اللهَ عز وجل يبسُطُ يده بالليل ليتوب مُسِيءُ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسِيءُ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها".

فمعنى ذلك أن يَد الله مبسوطة دائماً، ذلك أن الليلَ يبدأ في كل لحظة عند قَوْم، ويبدأ النهار عند قوم في نفس اللحظة؛ ويتتابع ميلاد الليل والنهار حَسْب دوران الشمس حول الأرض.

 وهكذا لا يجب أن نظلم شجرة الثوم، أو شجرة الحَنْظل، أو أي شجرة من مخلوقات الله ونَصِفَها بأنها شجرة خبيثة، فلا شيءَ خبيثٌ من مخلوقات الله.

 ونحن حين نجد شاباً يقوم بثَنْي قطعة من الحديد قد يحسبه الجاهل أنه يُسيء استخدام الحديد، ولكن العاقل يعلم أنه يقوم بِثَنْيها ليصنع منها مَا يفيده؛ كخُطَّاف يشدُّ به شيئاً يلزمه.

وعمدة الكلمة الطيبة هي شهادة "لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله" ومن هذه الشهادة يتفرَّع كل الخير.

ومن هنا نعلم أن عُمْدة الكلمة الخبيثة هي الكفر بتلك الشهادة، وما يتبع الكفر من عناد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصَدٍّ عن سبيل الله؛ ومن تكذيبٍ لمعجزات الرسل؛ وإنكارٍ لمنهج الله.

 ولقائل أنْ يقول: ما دام الحق سبحانه قد قال إن هناك شجرةً خبيثة؛ فلا بُدَّ أن تُوجَد تلك الشجرة، وأقول: إن كُلَّ ما يضرُّ الإنسان في وقت ما هو خبيث؛ فالسكر مثلاً يكون خبيثاً بالنسبة لمريض بالسكر؛ وكل كائن فيه حسناتٌ مفيدة؛ وله جانب ضَارّ في حالات معينة؛ وعلى الإنسان المختار أن يُميِّز ما يضرُّه وما ينفعه.

 ونلحظ هنا في وَصْف الكلمة الخبيثة بأنها كالشجرة الخبيثة؛ أن الحق سبحانه لم يَقُلْ إن تلك الشجرة الخبيثة لها فَرْع في السماء؛ ذلك أنها مُجْتثة من الأرض؛ مُخْلخلة الجذور؛ فلا سَند لها من الأرض؛ ولا مددَ لها من السماء.

ولذلك يَصِفها الحق سبحانه: (مَا لَهَا مِن قَرَارٍ) (إبراهيم: 26).

أي: ما لها من ثبات أو قيام، وكذلك الكُفْر بالله؛ ومَنْ يكفر لا يصعد له عمل طيّب، فلا أساسَ يصعد به العمل أو القول الطيب.

ولهذا وصفت الشجرة الخبيثة بصفات ثلاث، أولها: أنها شجرة خبيثة وثانيها: أنها عديمة الأصل بغير ثبات، وثالثها: ما لها من قرار لعدم ثبات الأصل.

ثم يبين الله جل علاه متحدثاً عن حصاد الحالتين، فالأولى: أمن وأمان في الدنيا والآخرة.

والحالة الثانية: ظلم بضلال، وقلق بضنك، وفي الآخرة لهم عذاب أليم.

ويقول -سبحانه وتعالى-: (يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ...).



سورة إبراهيم الآيات من 26-30 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48354
العمر : 71

سورة إبراهيم الآيات من 26-30 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 26-30   سورة إبراهيم الآيات من 26-30 Emptyالأربعاء 18 ديسمبر 2019, 6:48 am

يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (٢٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وتأتي هنا كلمة "التثبيت" طبيعية بعد قوله: (ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ) (إبراهيم: 26).

لأن الذي يُجتثُّ لا ثبوتَ له ولا استقرارَ؛ فجاء بالمقابل بقوله: (يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..) (إبراهيم: 27).

وتُوحي كلمة التثبيت أيضاً بأن الإنسان ابنٌ للأغيار، وتطرأ عليه الأحداث التي هي نتيجة لاختيار المُكلَّفين في نفاذ حُكْم أو إبطاله، فالمُكلَّف حين يأمره الله بحكم؛ قد يُنفِّذه، وقد لا ينفذه.

وكذلك قد يتعرض المكلّف لمخالف لمنهج الله، فلا يُنفِّذ هذا المخالفُ تعاليمَ المنهج؛ ويؤذي مَنْ يتبع التعاليم، وهنا يثق المؤمن أن له إلهاً لن يخذله في مواجهة تلك الظروف، وسينصره إنْ قريبٌ أو بعيد على ذلك.

 وهكذا لا تنال الأحداث من المؤمن، ويصدق قوله الحق: (يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..) (إبراهيم: 27).

فهم قد آمنوا بوجوده وبقدرته، وبأن له طلاقة مشيئة يُثبِّتهم بها مهما كانت جسامة الأحداث؛ ذلك أن المؤمن يعلم عن يقين أن الحق سبحانه قد قال وصدق: (أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ) (الرعد: 28).

وما دام المؤمن قد ثبت قلبه بالإيمان وبالقول الثابت؛ فهو لا يتعرّض لزيغ القلب؛ ولا يتزعزع عن الحق.

 والتثبيت يختلف في أعراف الناس باختلاف المُثبّت؛ فحين يُخلْخَل عمود في جدار البيت؛ فصاحب البيت يأتي بالمهندس الذي يقوم بعمل دعائمَ لتثبيت هذا العمود؛ ويتبادل الناسُ الإعجابَ بقدرات هذا المهندس، ويتحاكى الناس بقدرات هذا المهندس على التثبيت للأعمدة التي كادتْ أنْ تنهار، وهذا ما يحدث في عُرْف البشر؛ فما بَالُنا بما يمكن أنْ يفعله خالق البشر؟ وقوله الحق: (يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..) (إبراهيم: 27).

يرُّدك إلى المُثبِّت الذي لَنْ يطرأ على تثبيته أدنى خَلَلٍ.

وكلمة "التثبيت" دَلَّتْنَا على أن الإنسان ابنُ أغيارٍ؛ وقد تحدثُ له أشياء غَيْر مطابقة لما يريده في الحياة؛ لذلك فالمؤمن يجب ألاّ يَخُور؛ لأن له رباً لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار.

 وسبحانه يُثبِّت الذين آمنوا: (بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا..) (إبراهيم: 27).

والقول ثابت؛ لأنه من الحَقِّ الذي لا يتغيَّر؛ وهذا القَوْلِ مُوجَّه للمؤمنين الذين يواجههم قَوْم أشرار اختاروا أنْ يكونوا على غير منهج الله.

وهذا القول يوضح للمؤمنين ضرورة أن يهدأوا؛ وأنْ يجعلوا أنفسهم في معيّة الله دائماً، وأنْ يعلموا أنّ الظالمَ لو عَلِم ما أعدَّه الله للمظلوم من ثواب وحُسْن جزاء لَضَنَّ الظالم بظُلْمه على المظلوم ولَقَال: ولماذا أجعل الله في جانبه؟

والذين اضْطهِدوافي دينهم؛ وقام الكفار بتعذيبهم؛ لم يُفْتَنوا في الدين؛ فكلما قَسَا عليهم الكفار ضَرْباً وتعذيباً كلما تذكروا حنانَ الحقِّ فتحمّلوا ما يذيقهم الكافرون من عذاب.

 وحُسْن الجزاء قد يكون في الدنيا التي يُثبَّت فيها المؤمن بمشيئة الله؛ وهي بنت الأغيار وبنت الأسباب؛ فأنت في الدنيا تحوز على أيِّ شيء بأن تتعبَ من أجل أنْ تحصلَ عليه، وتكِدّ لتتعلم؛ وتعثر على وظيفة أو مهنة؛ ثم تتزوج لِتُكوِّن أُسْرة؛ وتخدُم غيرك؛ ويخدُمك غيرك، وتزاول كل أسبابك بغيرك؛ فأنت تأكل مما تطبخ زوجتك، أو أمك أو مَنْ تستخدمه ليؤدي لك هذا العمل.

باختصار كلما ارتقيتَ؛ فأنت ترتقي بأثر مجهود ما.

وكُلّ متعة تحصل عليها إنما هي نتيجة لمجهود جَادٍّ منك؛ وأنت تحاول دائماً أن تُقلِّل المجهود والأسباب لتزيد من متعتك.

 فَما بالُكَ بالآخرة التي لا تكليفَ ولا أسبابَ فيها؛ وكل ما فيها قد جهَّزه الحق تعالى مقدّماً للإنسان؛ ثواباً إنْ آمنَ، وعذاباً إنْ كفر وعصى، وإنْ كنتَ مؤمناً فالحق سبحانه يُجازيك بجنة عَرْضها السماوات والأرض؛ فيها كُلُّ ما تشتهي الأنفس.

وإذا كان الحق سبحانه يُثبِّت الذين آمنوا في الدنيا بالقول الثابت الحق فتثبيتُه لهم في الآخرة هو حياةٌ بدون أسباب.

 ونجده سبحانه لم يَقُلْ هنا: الحياة الآخرة، بل قال: (فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ...) (إبراهيم: 27).

ذلك أن الارتقاءات الطُّموحية في الحياة تكون مناسبة للمجهود المبذول فيها، ولكن الأمرَ في الآخرة يختلف تماماً؛ لأن الحق سبحانه هو الذي يُجازي على قَدْر طلاقة مشيئته، وهو يُثبِّتهم بدايةً من سؤال القبر ونهايةً إلى أن يَلْقوا الثواب على حُسْن ما فعلوا من خير في سبيل الله.

وما دام الحق سبحانه قد ذكر هنا التثبيتَ في الحياة الدنيا والآخرة؛ فلا بُدَّ أن يأتي بالمقابل، ويقول: (وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ) (إبراهيم: 27).

وسبحانه يُضلّ الظالم لأنه اختار أنْ يظلم؛ وهو سبحانه قد جعل للإنسان حَقَّ الاختيار، فَمنَ اختار أن يظلمَ؛ لا بُدّ له من عقاب.

وإذا كان سبحانه قد خلق الخَلْقَ وجعل الكون مُسخراً لهم؛ وأعطى المؤمن والكافر من عطاء الربوبية؛ فإن اختار الكافرُ كفره؛ فهو لن يُنفِّذ تكاليف الألوهية التي أنزلها الله منهجاً لهداية الناس.

والكافر إنما يظلم نفسه؛ ذلك أنه ما دام قد أنِسَ إلى الكفر فالحق سبحانه يختم على قلبه؛ فلا يخرج من القلب الكفر، ولا يدخل إليه الإيمان؛ وهو رَبُّ العالمين يفعل ما يشاء.

 وإذا كان الحق سبحانه يعطي كل إنسان ما يريد؛ وما دام الكافر يطلب أن يكون كافراً؛ فسبحانه يمدُّ له في أسباب الكفر ليأخذه من بعد ذلك بها؛ كما يمدُّ الله للمؤمنين كُلَّ أسباب الإيمان مِصْداقاً لقوله الحق: (كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) (الإسراء: 20).

وهكذا تكون طلاقة قدرة الحق سبحانه وهو يفعل ما يشاء، ذلك أنه لا يوجد إله غيره.

 والحق سبحانه قد أكرمنا بالعبودية له وحده، ذلك أننا رأينا جميعاً وشاهدنا أثر عبودية الإنسان للإنسان؛ حين يأخذ السيد خَيْر العبد؛ وقد ذاقتْ البشرية الكثير من وَيْلاتها، ولكن العبودية لله تختلف تماماً حيث يأخذ العبد خَيْر السيد؛ ويُغدِق السيد إحسانه على عباده.

 ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: (أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ...).



سورة إبراهيم الآيات من 26-30 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48354
العمر : 71

سورة إبراهيم الآيات من 26-30 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 26-30   سورة إبراهيم الآيات من 26-30 Emptyالأربعاء 18 ديسمبر 2019, 6:50 am

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وحين يقول الحق سبحانه: (أَلَمْ تَرَ إِلَى..) (إبراهيم: 28).

فهذا يعني أن المُخبِر وهو الحق إذا ما أخبرنا بشيء فهو أصدق مِنْ أنْ تراه أعيننا.

 وتشير الآية إلى عملية مُبَادلة بين اعتراف بالنعمة؛ ثم إنكارها.

كأن هناك شيئاً قد استبعدناه، وأتيْنا ببديل له.

والحق سبحانه هو القائل: (أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ) (البقرة: 61).

والحق -سبحانه وتعالى- قد أعطاك النعمة ولم يطلب منك أن تقومَ بأيِّ تكليف إيمانيٍّ قبل البلوغ.

وهكذا نجد أن النعمة هي الأصل، والتكليف إنما يأتي من بعد ذلك، وكان من الواجب ألاَّ يعصي العبد مَنْ أنعم عليه بكل النعم، وأن يتجه إلى التكليف بمحبة؛ كي لا يقلب نعمة الله كفراً.

أو: أن المقصود هم قوم قريش الذين أفاء الله عليهم الخير، وجعل لهم الحرم آمناً: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) (القصص: 57).

وكذلك أنعم عليهم بأن يكون نبي الإسلام -الدين الخاتم- منهم، وهو النبي الذي ستدين له الدنيا والعالم في كل زمان ومكان؛ فلماذا يُبدِّلون تلك النعمة كفراً؟

أمَا كانت تلك النعمة وحدها كافية لمقابلتها بعميق الشكر وحُسْن العبادة؟

فهذا النبي الذي قال الحق سبحانه عن رسالته: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) (الزخرف: 44).

وهو سبحانه القائل عن نعمه عليهم: (لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ * ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) (قريش: 1-4).

فكيف يُبدِّلون نعمة الله كفراً؟ وكيف يُسيئون معاملة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصَحْبه حتى قال -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم اجعل سنينهم كسنين يوسف".

وخرج لقتالهم في بدر؛ وهم الذين صنعوا بأنفسهم ذلك نتيجة تبديلهم لنعمة الله كفراً، ولماذا قَبِلوا عطاء الحق من خير ونعم ورفضوا منهجه؟
ولو كانوا قوم صِدْق مع النفس، وصدق مع ما يعتقدونه لَطلبوا من الأصنام أن تعطيهم؛ أو لَرفضوا أن يأخذوا خَيْر المنعم ما داموا قد رفضوا منهجه، وهو سبحانه قد أنعم عليهم بمُقوِّمات المادة؛ وأضاف لذلك منهجه مُقوم الروح.

وحين نقرأ قول الحق سبحانه: (وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ) (إبراهيم: 28).

نفهم أن الإحلال هو إيجاد حالٍّ في مَحَلٍّ.

ونعلم أن الظَّرف ينقسم إلى قسمين: ظرف مكان، وظرف زمان؛ فإذا أحللْتَ حدثاً محلَّ حَدث؛ فهذا يخصُّ ظرف الزمان، وحين تحل شيئاً مكان شيء آخر، فهذا أمر يخصُّ ظرف المكان.

وهنا يقول الحق سبحانه: (وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ) (إبراهيم: 28).

وهذا يعني ظرف مكان.

ولقائل أن يقول: وكيف يأخذون أهلهم وقومهم ليحلوهم إلى دار بَوَار؟

ونقول: لقد حدث ذلك نتيجة أنهم قد غَشّوهم وخدعوهم، ولم يستعمل هؤلاء الأهل عقولهم؛ ولم يلتفتوا إلى أنّ قادتهم وأُولي الأمر منهم يسلكون السلوك السيء وعليهم ألاَّ يقلدوهم؛ فَجرُّوا عليهم الفتن واحدة تِلْو أخرى، وترين الفتن على القلوب.

ولهذا أراد الحق سبحانه لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- أن تكون بها مناعات من الفتن؛ فتحثّ النفس اللوامة المؤمن؛ فيكثر الحسنات ليبطل السيئات، وإذا ما تحولت النفس اللوّامة إلى نفس أمَّارة بالسوء وجدتْ في المجتمع المسلم مَنْ يزجرها.

وبهذا تصبح أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- محصَّنة ضد الفتن التي تُذهِب الإيمان.

ويقول الحق سبحانه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ) (آل عمران: 110).

ويُذكِّرنا الحق سبحانه بأن الرسولَ سيكون شهيداً علينا، ونحن سنكون شهداء على الناس، وهكذا ضمن الحق سبحانه أن يعلم كُلُّ واحد من أمة محمد جزئية من العلم ليكون امتداداً لرسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ومِثْلما شهد الرسول أنه قد بلَّغ الرسالة؛ سيكون على كل واحد من أمةَ محمد -صلى الله عليه وسلم- أنْ يشهدَ بأنه قد بلَّغ ما علم من رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وكُلٌّ منا يعلم كيف حدثتْ الغفلة الأولى؛ حيث حدثتْ الغفلة من الأُسْوة؛ فزاحمتهم الشهواتُ وارتكبوا السيئاتِ، فحين غفلتْ النفس ارتكبتْ المعصية؛ وحين رأى الناسُ مَنْ يرتكب المعصية قلَّدوه.

وهكذا حمل مَنْ وقع في الغفلة وِزْره ووِزْر مَنِ اتبعه بالأُسْوة السيئة؛ فصار ضَالاً في ذاته؛ ثم تحمَّل وِزْر مَنْ أضله أيضاً.

وهكذا صار مَنْ فعل ذلك هو مَنْ أحلَّ قومه دار البوار.

والبوار يعني الهلاك؛ ذلك أن الكبار من هؤلاء القوم حين تصرَّفوا وسلكُوا بما يخالف المنهج أورثوا مَنِ اتبعوهم الهلاك.

 ونحن في الريف نَصِفُ الأرض التي لا تصلح للزراعة بأنها الأرض البُور؛ وكذلك يُقال "قُمْنا بتبوير الأرض" أي: أهلكنا ما فيها من زرع.

وحين نقرأ قول الحق: (وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ) (إبراهيم: 28).

نجد في كلمة "قومهم" ما يُوحي بالخِسَّة لِمَنْ يرتكبون هذا الفعل الشائن؛ فمَنْ يُهِلك قومه لا بُد أن يكونَ خسيساً؛ ولا بُد أن يكون محترف غِشٍّ وخديعة؛ فالقوم هم مَنْ يقومون معهم؛ وكان من اللائق أن تضرب على يد مَنْ يصيبهم بشرٍّ أو يغشّهم أو يخدعهم.

 ويشرح الحق سبحانه دار البوار هذه، فيقول: (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ...).



سورة إبراهيم الآيات من 26-30 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48354
العمر : 71

سورة إبراهيم الآيات من 26-30 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 26-30   سورة إبراهيم الآيات من 26-30 Emptyالأربعاء 18 ديسمبر 2019, 6:50 am

جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وإذا قِسْنا جهنم بالمقرات؛ فلن نجد مَنْ يرغب في أن تكون جهنم هي مقرَّه؛ لأن الإنسان يحب أن يستقر في المكان الذي يجد فيه راحة؛ ولو لم يجد في هذا المكان راحة؛ فهو يتركه.

وجهنم التي يَصْلَوْنها لن تكون المقرَّ الذي يجدون فيه أدنى راحة؛ لأن العذاب مُقيم بها؛ ولذلك يصفها الحق سبحانه بأنها: (وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ) (إبراهيم: 29).

فكأنهم ممسوكون بكلاليب فلا يستطيعون منها فكاكاً.

وهي تقول: (هَلْ مِن مَّزِيدٍ) (ق: 30).

وكأنهم قد عَشِقوا النار فعشقتهم النار، ولو كانت لديهم قدرة على أنْ يفرُّوا منها لَفعلوا، لكنهم مربوطون بها وهي مربوطة بهم؛ وهي بئس القرار؛ لأن أحداً لن يخرج منها إلا أنْ يشاء الله.

ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: (وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ...).



سورة إبراهيم الآيات من 26-30 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48354
العمر : 71

سورة إبراهيم الآيات من 26-30 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 26-30   سورة إبراهيم الآيات من 26-30 Emptyالأربعاء 18 ديسمبر 2019, 6:51 am

وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والنّد هو: المِثْل والمُشَابه.

وهم قد اتخذوا لله شركاء؛ وأيّ شريك اتخذوه لم يَقُلْ لهم عن النعم التي أسبغها عليهم ولم يُنزِل لهم منهجاً.

وهؤلاء الشركاء كانوا أصناماً، أو أشجاراً، أو الشمس، أو القمر، أو النجوم، ولم يَقُلْ كائن من هؤلاء: ماذا أعطى من نعم ليعبدوه؟ ونعلم أن العبادة تقتضي أمراً وتقتضي نهياً، ولم يُنزِل أيٌّ من هؤلاء الشركاء منهجاً كي يتبعه مَنْ يعبدونهم؛ ولا ثوابَ على العبادة؛ ولا عقَاب على عدم العبادة.

ولذلك نجد أن مِثْل هؤلاء إنما اتجهوا إلى عبادة هؤلاء الشركاء؛ لأنهم لم يأتوا بمنهج يلتزمون به.

ولذلك نجد الدجالين الذين يدَّعُون أنهم رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- ويتصرفون مع مَنْ يُصدِّقونهم من الأتباع، وكأنهم كائنات أرقى من النبي -صلى الله عليه وسلم-، -والعياذ بالله منهم-.

ومن العجيب أننا نجد بعضاً من المثقفين وهم يتبعون هؤلاء الدجالين.

وقد يبتعد عنه بسطاء الناس؛ ذلك أن النفس الفطرية تحب أن تعيش على فطرة الإيمان؛ أما مَنْ يأتي ليُخفِّف من أحكام الدين؛ فيهواه بعض مِمَّنْ يتلمسون الفِكَاك من المنهج.

وبذلك يجعل هؤلاء الأتباع مَنْ يخفف عنهم المنهج نِداً لله -والعياذ بالله- ويضلون بذلك عن الإيمان.

والحق سبحانه يقول هنا: (وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ..) (إبراهيم: 30).

أي: لِيُضِلوا غيرهم عن سبيل الله.

 وهناك قراءة أخرى لنفس الآية "لِيَضلوا عن سبيل الله"، وأنت ساعةَ تسمع حدثاً يوجد ليجيء حدث كنتيجة له، فأنت تأتي بـ "لام التعليل" كقولك "ذاكر الطالب لينجح" هنا أنت لم تَأْتِ بفعل ونقيضه.

وهل كانوا يضلون أنفسهم؟

لا، بل كانوا يتصوَّرون أنهم على هُدىً واستقامة، وهذه تُسمَّى "لام العاقبة" وهي تعني أنه قد يحدث بعد الفعل فِعْل آخر كان وارداً.

وهذه تُسمَّى "لام تعليلية”.

ولكن قد يأتي فِعْل بعد الفعل ولم يكن صاحبُ الفعل يريده؛ كما فعل فرعون حين التَقط موسى -عليه السلام- من الماء ليكون ابناً له؛ ولكن شاء الحق سبحانه أن يجعله عدواً.

وساعة التقاط فرعون لموسى لم يكن فرعون يريد أن يكبر موسى ليصبح عدواً له؛ ولكنها مشيئة الله التي أرادتْ ذلك لتخطئة مَنْ ظنَّ نفسه قادراً على التحكُّم في الأحداث، بداية من ادعاء الألوهية، ومروراً بذبح الأطفال الذكور، ثم يأتي التقاطه لموسى ليكون قُرَّة عينٍ له؛ فينشأ موسى ويكبر ليكون عدواً له!!

ويتابع الحق سبحانه: (قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ) (إبراهيم: 30).

وهذا أمر من الله لمحمد أن يقول لهم: تمتعوا.

وهذا أمر من الله.

والعبادة أمر من الله، فهل إن تمتعوا يكونون قد أطاعوا الله؟

وهنا نقول: إن هذا أمر تهكميّ، ذلك أن الحق سبحانه قال من بعد ذلك: (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ) (إبراهيم: 30).

وعلى هذا نجد أن الأمر إما أنْ يُراد به إنفاذ طلب، وإما أنْ يُراد به الصَّد عن الطلب بأسلوب تهكميّ.

ونجد في قول الإمام علي -كرم الله وجهه- قولاً يشرح لنا هذا: "لا شرَّ في شر بعده الجنة، ولا خير في خير بعده النار”.

فَمنْ يقول: إن التكاليف صعبة؛ عليه أن يتذكَّر أن بعدها الجنة، ومَنْ يرى المعاصي والكفر أمراً هيناً، عليه أن يعرف أن بعد ذلك مصيره إلى النار؛ فلا تعزل المقدمات عن الأسباب، ولا تعزل السبب عن المُسبِّب أو المقدمة عن النتائج.

 فالأب الذي يجد ابنه يُلاحِق المذاكرة في الليل والنهار ليبني مستقبله قد يشفق عليه، ويسحب الكتاب من يده، ويأمره أن يستريح كل لا يقع في المرض؛ فيصبح كالمُنْبَتّ؛ لا أرضاً قطع، ولا ظهْراً أبقى، ولكن الولد يرغب في مواصلة الجهد ليصلَ إلى مكانة مُشرِّفة.

وهنا نجد أن كلاً من الأب والابن قد نظرا إلى الخير من زوايا مختلفة؛ ولذلك قد يكون اختلاف النظر إلى الأحداث وسيلة لالتقاءات الخير في الأحداث.

وهم حين يسمعون قول الحق سبحانه: (قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ) (إبراهيم: 30).

قد يستبطئون الأحداث؛ ويقول الواحد منهم إلى أن يأتي هذا المصير: قد نجد حلاً له.

 ونقول: فليتذكر كُلّ إنسان أن الأمر المُعلَّق على غير ميعاد مُحدّد؛ قد يأتي فجأة؛ فَمَنْ يعيش في معصية إلى عمر التسعين؛ هل يظن أنه سيفِرّ من النار.

 إنه وَاهِمٌ يخدع نفسه، ذلك أن إبهام الله ليمعاد الموت هو أعنفُ بيانٍ عنه.

وما دام المصير إلى النار فلا مُتْعة في تلك الحياة.

ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: (قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ...).



سورة إبراهيم الآيات من 26-30 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة إبراهيم الآيات من 26-30
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: إبراهيم-
انتقل الى: