منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة إبراهيم الآيات من 41-45

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة إبراهيم الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: سورة إبراهيم الآيات من 41-45   سورة إبراهيم الآيات من 41-45 Emptyالأربعاء 18 ديسمبر 2019, 7:00 pm

رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (٤١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ونعلم أن طلب الغُفْران من المعصوم إيذانٌ بطلاقة قدرة الله في الكون، ذلك أن اختيار الحق سبحانه للرسول -أيّ رسول- لا يُعفى الرسول المختار من الحذَر وطلب المغفرة، وها هو سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إني استغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة".

وطلب المغفرة من الله إن لم يَكُنْ لذنب -كما في حال الرُّسل المعصومين- فهو من الأدب مع الله؛ لأن الخالق -سبحانه وتعالى- يستحق منّا فوق ما كلَّفنا به، فإذا لم نقدر على المندوبات وعلى التطوّعات؛ فَلْندعُ الحق سبحانه أنْ يغفرَ لنا.

ومِنّا مَنْ لا يقدر على الفرائض؛ فليْدعُ الله أنْ يغفرَ له؛ ولذلك يُقال: "حسنات الأبرار سيئات المقربين”.

والحق سبحانه يقول لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: (لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً) (الفتح: 2).

ولذلك أقول دائماً؛ إن الحق -جَلَّ جلالُ ذاته- يستحق أن يُعبَد بفوق ما كَلّف به؛ فإذا اقتصرنا على أداء ما كَلَّف به سبحانه؛ فكأننا لم نُؤدِّ كامل الشُّكْر؛ وما بالنا إذا كان مثل هذا الحال هو سلوك الرُّسل، خصوصاً وأن الحق سبحانه قد زادهم عن خَلْقه اصطفاءً؛ أفلا يزيدنه شُكْراً وطلباً للمغفرة؟

ونلحظ أن طلب المغفرة هنا قد شمل الوالدين والمؤمنين: (رَبَّنَا ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ ٱلْحِسَابُ) (إبراهيم: 41).

والإنسان كما نعلم له وجود أصليّ من آدم -عليه السلام-؛ وله وجود مباشر من أبويْه، وما دام الإنسان قد جاء إلى الدنيا بسبب من والديْه، وصار مؤمناً فهو يدعو لهما بالمغفرة، أو: أن الأُسْوة كانت منهما؛ لذلك يدعو لهما بالمغفرة.

والإنسان يدعو للمؤمنين بالمغفرة؛ لأنهم كانوا صُحْبة له وقُدْوة، وتواصى معهم وتواصوا معه بالحق والصبر، وكأن إبراهيم -عليه السلام- صاحب الدعاء يدعو للمؤمنين من ذريته؛ وتلك دعوة وشفاعة منه لمَنْ آمن؛ ويرجو الحقَّ سبحانه أنْ يتقبلها.

ويقول الحق سبحانه بعد ذلك: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ...).



سورة إبراهيم الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة إبراهيم الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 41-45   سورة إبراهيم الآيات من 41-45 Emptyالأربعاء 18 ديسمبر 2019, 7:02 pm

وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (٤٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وبعد أن ذكر الحق سبحانه وأوضح النِّعم العامة على الكون، والنعم الخاصة التي أنعم بها سبحانه على مَنْ توطَّنوا مكة، ومن نسلهم مَنْ وقف ضد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موقف العَنَت، بعد ذلك جاء الحق سبحانه بهذه الآية تعزيةً وتسرية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ..) (إبراهيم: 42).

وأرضية التصوير التي سبقتْها تشتمل بدايةَ التكوين لهذا المكان الذي وُجدوا به، وكيفية مَجِيء النعم إلى مَنْ توطنوا هذا المكان؛ حيث تجيء إليهم الثمرات، ونعمة المَهَابة لهم حيث يعصف سبحانه بمَنْ يُعاديهم كأبرهة ومَنْ معه.

(فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ) (الفيل: 5).

حيث يقول سبحانه من بعد هذه الآية مباشرة: (لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ* إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ * ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) (قريش: 1-4).

ورغم ذلك وقفوا من دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موقف الإنكار والتعنُّت والتصدِّي والجُحُود، وحاولوا الاستعانة بكل خُصوم الإسلام؛ ليحاربوا هذا الدين؛ ولذلك يوضح الحق سبحانه هنا تسريةً عن الرسول الكريم.

(وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ..) (إبراهيم: 42).

لماذا؟

وتأتي الإجابة في النصف الثاني من الآية: (إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ) (إبراهيم: 42).

وقوله الحق: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ..) (إبراهيم: 42).

أي: لا تظننّ؛ فَحَسِب هنا ليست من الحساب والعدّ، ولكنها من "حسب" "يحسب"؛ وقوله الحق الذي يوضح هذه المسألة: (أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ) (العنكبوت: 2).

أي: أَظَنَّ الناس.

فحسِب يحسَب ليستْ -إذن- من العَدِّ؛ ولكن من الظنِّ.

والحُسْبان نسبة كلامية غير مَجْزوم بها؛ ولكنها راجحة.

والغفلة التي ينفيها سبحانه عنه؛ هي السَّهْو عن أمر لعدم اليقظة أو الانتباه، وطبعاً وبداهةً فهذا أَمْرٌ لا يكون منه سبحانه، فهو القيُّوم الذي لا تأخذه سِنَة ولا نوم.

وهنا يخاطب الحق سبحانه رسوله والمؤمنين معه تبعاً؛ فحين يخاطب الحق سبحانه رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهو يخاطب في نفس الوقت كلَّ مَنْ آمن به.

ولكن، أكانَ الرسول يظنُّ الله غافلاً؟ لا، ولنلحظْ أن الله حين يُوجِّه بشيء فقد يحمل التوجيه أمراً يُنفّذه الإنسانُ فعلاً؛ ويطلب الله منه الاستدامة على هذا الفعل.

والمَثلُ: حين تقول لواحد لا يشرب الخمر "لا تشرب الخمر" وهو لا يشرب الخمر؛ فأنت تطالبه بقولك هذا أنْ يستمرَّ في عدم شُرْب الخمر، أي: استمِرّ على ما أنت عليه، فعلاً في الأَمْر، أو امتناعاً في النهي.

وهل يمكن أن تأتي الغفلة لله؟ وأقول: حين ترى صفةً توجد في البشر؛ ولا توجد في الحق سبحانه فعليك أنْ تُفسِّر الأمر بالكمالات التي لله.

والذي يفعل ظلماً سيتلقى عقاباً عليه، وحين يتأخر العقاب يتساءل الذين رَأَوْا فِعْل الظُّلم فهم يتهامسون: تُرَى هل تَمَّ نسيان الظلم الذي ارتكبه فلان؟

هل هناك غفلة في الأمر؟

وهم في تساؤلاتهم هذه يريدون أن يعلنوا موقفهم من مرتكب الذنب؛ وضرورة عقابه، وعلى ذلك نفهم كلمة: (غَافِلاً) (إبراهيم: 42).

في هذه الآية بمعنى "مُؤجِّل العقوبة”.

ولمن يتساءلون عليهم أنْ يتذكَّروا قول الحق سبحانه: (وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) (الأعراف: 183).

وعلى ذلك فليست هناك غفلة؛ ولكن هناك تأجيل للعقوبة لهؤلاء الظالمين؛ ذلك أن الظلم يعني أَخْذ حقٍّ من صاحبه وإعطاءه للغير؛ أو أَخْذه للنفس.

وإذا كان الظلم في أمر عقديّ فهو الشرك؛ وهو الجريمة العظمى، وإنْ ظلمتَ في أمر كبيرة من الكبائر فهذا هو الفِسْق، وإنْ ظلمتَ في صغيرة فهو الظلم.

ولذلك نجد الحق -سبحانه وتعالى- يُورِد كل حكم يناسب الثلاثة مواقف؛ فيقول عن الذي تغاضى عن تجريم الشرك: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ) (المائدة: 44).

ويقول عن تجريم كبيرة من الكبائر: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ) (المائدة: 47).

ويقول عمَّنْ يتغاضى عن تجريم صغيرة بما يناسبها من أحكام الدين: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ) (المائدة: 45).

وإذا وُجِد محكوم عليه، وهو واحد - بأحكام متعددة فالحكم مُتوقِّف على ما حكم به.

وحين ننظر في مسألة الظلم هذه نجد أن الظالم يقتضي مظلوماً، فإنْ كان الظُّلْم -والعياذ بالله- هو ظُلم القمة وهو الشرك بالله، فهذا الظلم ينقسم -عند العلماء- إلى ثلاثة أنواع: النوع الأول: وهو إنكار وجود الله وألوهيته دون أن ينسبها لأحد آخر؛ وهذا هو الإلحاد، وهو ظُلْم في واجب وجوديته سبحانه والنوع الثاني: هو الاعتراف بألوهية الله, وإشراك آخرين معه في الألوهية، وهذا الشرك ظُلْم للحق في ذاتية وواحدية تفرُّده.

والنوع الثالث: هو القول بأن الله مُكوَّن من أجزاء؛ وهذا ظُلْم لله في أحدية ذاته.

ويقول بعض العارفين: إن أول حقٍّ في الوجود هو وجوده سبحانه.

ومنهم الشاعر الذي قال:
وأوَّل حَقٍّ في الوُجُودِ وُجُوده وكُلُّ حُقوقِ الكوْنِ منه استمدَّت
فَلا هُو جَمْعٌ كمَا قال مُشْركٌ ولاَ هُوَ في الأَجْزاءِ يَا حُسْن مِلَّتي

والظلم الذي ورد في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها، هو ظلم القمة؛ ظُلْم في العقيدة الإلهية، ومعه ظلم آخر هو ظلم الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

ويُلخِّص الشاعر ظُلْمهم للرسول -صلى الله عليه وسلم- فيقول:
لَقَّبتمُوه أَمِيناً في صِغَرٍ وَمَا الأمينُ على قَوْل بِمُتَّهمِ

وهم قد سَمَّوا الرسول من قبل الرسالة بالأمين؛ وبعد الرسالة نزعوا منه هذا الوصف، وكانوا يَصِفونه قبل الرسالة بالصادق، ولم يقولوا عنه مرة قبل الرسالة إنه ساحر، ولم يتهموه من قبل الرسالة بالجنون.

فكيف كانت له أوصاف الصِّدق والنطق بالحق؛ والتحدث عن رجاحة قدرته في الحكم؟ كيف كانت له تلك الصفات قبل الرسالة؛ وتنزعونها منه من بعد الرسالة؟

إن هذا هو ظلم سلْب الكمال، فقد كان للرسول -صلى الله عليه وسلم- كمال قبل أن يُرسلَ؛ فظلمتموه بعد الرسالة وأنكرتم عليه هذا الكمال؛ وهو ظُلْم مُزْدَوج.

فقد سبق أن اعترفتم له من قبل الرسالة بالأمانة؛ ولكن من بعد الرسالة أنكرتُم أمانته، وكان صادقاً من قبل الرسالة؛ وقلتم إنه غَيْر صادق بعدها.

ولم تكن له صفة نَقْص قبل الرسالة؛ فجئتم أنتم له بصفة نقص؛ كقولكم: ساحر؛ كاهن؛ مجنون، وفي هذا ظُلْم للرسول -صلى الله عليه وسلم-.

وهذا أيضاً ظُلْم للمجتمع الذي تعيشون فيه، لأن مَنْ يريد استمرار الاستبداد بكلمة الكفر، ويريد أن يستمرَّ في السيادة والاستغلال والتحكُّم في الغير؛ فكُلُّ ذلك ظُلْم للمجتمع؛ وفوق ذلك ظُلْم للنفس؛ لأن مَنْ يفعل ذلك قد يأخذ متعة بسيطة؛ ويحرِم نفسه من متعة كبيرة؛ هي متعة الحياة في ظِلِّ منهج الله، وينطبق عليه قول الحق الرحمن: (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (النحل: 118).

وفوق ظُلْم النفس وظُلْم المجتمع هناك ظُلْم يمارسه هذا النوع من البشر ضد الكون كُلِّه فيما دون الإنسان؛ من جماد وحيوان ونبات؛ ذلك أن الإنسانَ حين لا يكون على منهج خالقه؛ والكون كله مُسخَّر لمنهج الخالق؛ فلن يرعى الإنسانُ ذلك في تعامله مع الكون، وسبحانه القائل: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (الإسراء: 44).

حين يُسبِّح كل ما في الكون يشذّ عن ذلك إنسانٌ لا يتبع منهج الله؛ فالكون كله يكرهه، وبذلك يظلم الإنسان نفسه ويظلم الكون أيضاً.

وهكذا عرفنا ظُلْم القمة في إنكار الألوهية؛ أو الشرك به سبحانه، أو توهُّم أنه من أجزاء، وظُلْم نزع الكمال عن الرسول؛ وهو الواسطة التي جاءت بخبر الإيمان؛ وظُلْم الكون كله؛ لأن الكون بكل أجناسه مُسبّح لله.

وقول الحق سبحانه: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ..) (إبراهيم: 42).

نجد فيه كلمة "يعمل”.

ونعلم أن هناك فَرْقاً بين "عمل" و "فعل"، والفعل هو أحداث كل الجوارح، ما عدا اللسان الذي يقال عن حدثه "القول”.

فكل الجوارح يأخذ الحادث منها اسماً؛ وحدث اللسان يأخذ اسماً بمفرده، ذلك أن الذي يكب الناس على مناخرهم في النار إنما هو حصائد ألسنتهم، والفعل والقول يجمعهما كلمة "عمل”.

وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها يقول الحق سبحانه "يعمل"، ذلك أن المشركين الذين استقبلوا القرآن كانوا يُرْجِفون بالإسلام وبالرسول -صلى الله عليه وسلم- بالكلام؛ وكل الأفعال التي قاموا بها نشأتْ عن طريق تحريض بالكلام.

وتأتي هذه الآية الكريمة التي يُؤكّد فيها سبحانه أنه يُمكّن لهم الذنوب ليُمكِّن لهم العقوبة أيضاً؛ ويأتي قوله: (إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ) (إبراهيم: 42).

ونعلم أنه قد حدثتْ لهم بعضٌ من الظواهر التي تؤكد قُرْب انتصار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فَقُتل صناديدهم وبعض من سادتهم في بدر؛ وأُسِر كبراؤهم، وهكذا شاء سبحانه أنْ يأتيَ بالوعد أو الوعيد؛ جاء بالأمر الذي يدخل فيه كُلُّ السامعين، وهو عذابُ الآخرة؛ إنْ ظَلُّوا على الشرك ومقاومة الرسالة.

و: (تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ) (إبراهيم: 42).

يعني: تفتح بصورة لا يتقلَّب بها يَمْنة أو يَسْرة من هَوْل ما يرى؛ وقد يكون عدم تقلُّب البصر من فَرْط جمال ما يرى، والذي يُفرِّق بينهما سِيَال خاص بخَلْق الله فقط؛ وهو سبحانه الذي يخلقه.

فحين ترى إنساناً مذعوراً من فَرْط الخوف؛ فسِحْنته تتشكَّل بشكل هذا الخوف، أما مَنْ نظر إلى شيء جميل وشَخصتْ عيناه له، يصبح لملامحه انسجامُ ارتواء النظر إلى الجمال.

ولذلك يقول الشاعر:
جَمَالُ الذي أهْواهُ قَيْد نَاظِريّ فَلْيتَ لِشَيءٍ غيرِهِ يتحوَّلِ

ويمكننا أن نفرق بين الخائف وبين المستمتع بملامح الوجه المنبسطة أو المذعورة.

ونعلم أن البصر ابن للمرائي؛ فساعة تتعدّد المرائي؛ فالبصر يتنقّل بينها؛ ولذلك فالشخص المُبصر مُشتَّت المرائي دائماً؛ ويتنقل ذِهْنه من هنا إلى هناك.

أما مَنْ أنعم الله عليهم بنعمة حَجْز أبصارهم -المكفوفين- فلا تشغله المرائي؛ ولذلك نجدهم أحرصَ الناس على العِلْم؛ فأذهانهم غير مشغولة بأيِّ شيء آخر، وبُؤْرة شعور كل منهم تستقبل عن طريق الأذن ما يثبت فيها.

ولذلك يقال عنهم "صناديق العلم" إنْ أرادوا أنْ يعلموا؛ فلا أحدَ من الذين يتعلمون منهم يكون فارغاً أبداً؛ مثَلة مِثل الصندوق الذي لا يفرغ.

ولا أحد يتحكم في العاطفة الناشئة عن الغرائز إلا الله؛ فأنت لا تقول لنفسك "اغضب" أو "اضحك"؛ لأنه هو سبحانه الذي يملك ذلك، وهو القائل: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ) (النجم: 43).

والضحك والبكاء مسائل قَسْرية لا دخلَ لأحد بها.

ونجد الحق سبحانه يقول في موقع آخر من القرآن: (وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ) (الأحزاب: 10).

فمرّة تشخص الأبصار، ويستولي الرعب على أصحابها فلا يتحولون عن المشهد المُرْعِب، ومرَّة تزوغ الأبصار لعله يبحث لنفسه عن مَنْفذ أو مَهْربٍ فلا يجد.

ويكمل الحق سبحانه صورة هؤلاء الذين تزوغ أبصارهم، فيقول: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ...).



سورة إبراهيم الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة إبراهيم الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 41-45   سورة إبراهيم الآيات من 41-45 Emptyالأربعاء 18 ديسمبر 2019, 7:03 pm

مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (٤٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والمُهْطع هو مَنْ يظهر من فَرْط تسرُّعه وكأن رقبته قد طالتْ، لأن المُهْطع هو مَنْ فيه طُول، وكأن الجزاء بالعذاب يجذب المَجْزيّ ليقربه، فَيُدفَع في شدة وجفوة إلى العذاب، يقول الحق سبحانه: (يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) (الطور: 13).

وكأن هناك مَنْ يدفعهم دَفْعاً إلى مصيرهم المُؤْلم.

وهم: (مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ..) (إبراهيم: 43).

أي: رافعين رءوسهم من فَرْط الدهشة لِهوْل العذاب الذي ينتظرهم.

وفي موقع آخر يُصوِّرهم الحق سبحانه: (إِنَّا جَعَلْنَا فِيۤ أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ) (يس: 8).

وهكذا تكون صورتهم مُفْزعة من فَرْط المهانة؛ فبصَرُ الواحد منهم شَاخِص إلى العذاب مُنجذب إليه بسرعة لا يتحكَّم فيها؛ ورأسه مرفوعة من فَرْط الهَوْل؛ ومُقْمَح بالأغلال.

ولا يستطيع الواحد منهم أن تجفل جفونه، وكأنها مفتوحةٌ رَغْماً عنه؛ وفؤاده هواء بمعنى: أنْ لا شيءَ قادرٌ على أن يدخله.

ونحن نلحظُ ذلك حين نضع زجاجة فارغة في قلب الماء؛ فتخرج فقاقيع الهواء مقابلَ دخولِ الماء من فُوهتها.

ونعلم أن قَلْب المؤمن يكون ممتلئاً بالإيمان؛ أما الكافر المُلْحد فهو في مثل تلك اللحظة يستعرض تاريخه مع الله ومع الدين؛ فلا يجد فيها شيئاً يُطمئِن، وهكذا يكتشف أن فؤاده خَالٍ فارغ؛ لا يطمئن به إلى ما يُواجه به لحظة الحساب.

ونجد بعضاً مِمَّنْ شاهدوا لحظات احتضار غيرهم يقولون عن احتضار المؤمن "كان مُشرِق الوجه متلألئ الملامح”.

أما ما يقولونه عن لحظة احتضار الكافر؛ فهم يحكُونَ عن بشاعة ملامحه في تلك اللحظة.

والسبب في هذا أن الإنسان في مثل هذه اللحظات يستعرض تاريخه مع الله، ويرى شريط عمله كله؛ فمَنْ قضى حياته وهو يُرضِى الله؛ لابُدَّ أن يشعر بالراحة، ومَنْ قضى حياته وهو كافر مُلْحد فلا بُدّ أن يشعرَ بالمصير المُرْعب الذي ينتظره.

ولذلك يقول الحق سبحانه: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ) (القيامة: 22-25).

ويقول الحق سبحانه من بعد ذلك: (وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ...).



سورة إبراهيم الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة إبراهيم الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 41-45   سورة إبراهيم الآيات من 41-45 Emptyالأربعاء 18 ديسمبر 2019, 7:04 pm

وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (٤٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهذا خطاب من الحق سبحانه لرسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يُنذِرهم بضرورة الاستعداد ليوم القيامة، وأنه قادمٌ لا محالةَ.

وكلمة "يوم" هي ظَرْف زمان، وظرف الزمان لابُدَّ له من حَدثٍ يقع فيه، ويوم القيامة ليس محلَّ إنذار أو تبشير؛ لأن الإنذار أو البشارة لا بُدّ أنْ يكونا في وقت التكليف في الحياة الدنيا.

وهكذا يكون المُنْذر به هو تخويفهم مِمّا يحدث لهم في هذا اليوم، فما سوف يحدث لهم هو العذاب؛ وكأنه قنبلة موقوتة ما إنْ يأتي يوم القيامة حتى تنفجر في وجوههم.

وهنا يقول أهل ظُلْم القمة في العقيدة، وظُلْم الرسالة بمقاومتها؛ وظلم الكون المُسبِّح لله: (رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ...) (إبراهيم: 44).

وهم يطلبون تأجيل العذاب لِمُهْلة بسيطة، يُثبتون فيها أنهم سيُجيبون الدعوة ويطيعون الرسول، وهم يطلبون بذلك تأجيل قيامتهم.

فيكون الجواب من الحق سبحانه: (أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ) (إبراهيم: 44).

فأنتم قد سبق وأنْ أقسمتُم بأن الله لا يبعث مَنْ يموت؛ وقد قال الحق سبحانه ما قلتم: (وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ) (النحل: 38).

وساعة ترى كلمة "بلى" بعد نَدْب، فهذا يعني تكذيب ما جاء قبلها، وهم في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها ظَنُّوا أنهم لن يُبعثُوا، وظنُّوا أنهم بعد الموت سيصيرون تراباً؛ وهم الذين قالوا: (إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (المؤمنون: 37).

وهكذا أكَّدوا لأنفسهم أنه لا بَعْث من بَعْد الحياة، ومن بعد البعث سنسمع من كل فرد فيهم: (يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً) (النبأ: 40).

أو: أنهم ظَنُّوا أن الذين أنعَم الله عليهم في الدنيا؛ لن يحرمهم في الآخرة، كما أورد الحق سبحانه هذا المَثل، في قوله تعالى: (وَٱضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً * كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً * وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَداً * وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً) (الكهف: 32-36).

والذي يقول ذلك فَهِم أنه سوف يموت؛ لكنه توهّم أن جنته تلك ستظل على ما هي عليه، وأنكر قيام الساعة، وقال: "حتى لو قامت الساعة، ورُدِدتُ إلى الله فسأجد أفضل من جنتي تلك”.

وهو يدعي ذلك وهو لم يُقدّم إيماناً بالله ليجده في الآخرة، فهو إذن مِمَّنْ أنكروا الزوال أي البعث من جديد، ووقع في دائرة مَنْ لم يُصدّقوا البعث، وسبق أنْ قال الحق سبحانه ما أورده على ألسنتهم: (أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (السجدة: 10).

والذين أنكروا البعث يُورِد الحق سبحانه لنا حواراً بينه وبينهم، فيقول -سبحانه وتعالى-: (قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا ٱثْنَتَيْنِ فَٱعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ) (غافر: 11).

فيرد الحق سبحانه عليهم: (ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ) (غافر: 12).

وفي موقع آخر من القرآن نجد حواراً واستجداءً منهم لله؛ يقولون: (رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً) (السجدة: 12).

ويأتي رَدُّ الحق سبحانه عليهم: (فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ) (السجدة: 14).

وفي موقع ثالث يقول الواحد منهم عند الموت: (رَبِّ ٱرْجِعُونِ * لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) (المؤمنون: 99-100).

فيأتي ردّ الحق سبحانه: (كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَا) (المؤمنون: 100).

وبعد دخولهم النار يقولون: (رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ) (المؤمنون: 107).

فيقول الحق سبحانه: (قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ) (المؤمنون: 108).

وفي موضع آخر يقولون عند اصطراخهم في النار: (رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ) (فاطر: 37).

فيأتي الرد من الحق سبحانه: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ) (فاطر: 37).

ونلحظ أنهم في كل آيات التوسُّل لله كي يعودوا إلى الحياة الدنيا يقولون (ربنا)، وتناسَوْا أنهم مأخوذون إلى العذاب بمخالفات الألوهية؛ ذلك أن الربوبية عطاؤها كان لكم في الدنيا، ولم ينقصكم الحق سبحانه شيئاً على الرغم من كفركم.

هكذا يكون حال هؤلاء الذين أقسموا أن الحق سبحانه لن يبعثهم، وأنكروا يوم القيامة، وأنه لا زوال لهم.

أي: لا بَعْث ولا نشور.

ويتابع الحق سبحانه القول الكريم: (وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ...).



سورة إبراهيم الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة إبراهيم الآيات من 41-45 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة إبراهيم الآيات من 41-45   سورة إبراهيم الآيات من 41-45 Emptyالأربعاء 18 ديسمبر 2019, 7:04 pm

وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (٤٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والسكون هو الاطمئنان إلى الشيء من عدم الإزعاج، ونعلم أن المرأة في الزواج تعتبر سكناً، والبيت سكن، وهنا يتكلم الحق سبحانه عن مساكن الذين ظلموا أنفسهم، أي: أنكم لم تتعِظُوا بالسوابق التي ما كان يجب أن تغيبَ عنكم، فأنتم تمرون في رحلات الصيف والشتاء على مدائن صالح، وترون آثار الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والشرك، وتمرون على الأحقاف؛ وترون ماذا حاقَ بقوم عاد.

وكُلُّ أولئك نالوا العقاب من الله، سواء بالريح الصرصر العاتية، أو: أنه سبحانه قد أرسل عليهم حاصباً من السماء، أو: أنزل عليهم الصيحة؛ أو: أغرقهم كآل فرعون، وأخذ كل قوم من هؤلاء بذنبه.

وصدق الله وَعْده في عذاب الدنيا؛ فلماذا لم تأخذوا عِبْرة من ذلك؛ وأنه -سبحانه وتعالى- صادق حين تحدَّث عن عذاب الآخرة؟ وهنا قال الحق سبحانه: (وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ..) (إبراهيم: 45).

وفي آية أخرى يقول سبحانه: (وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلْلَّيْلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (الصافات: 137-138).

أي: أنكم تمرُّون على تلك الأماكن التي أقامها بعضٌ مِمَّنْ سبقُوكم وظلمُوا أنفسهم بالكفر؛ وأنزل الحق سبحانه عليهم العقَاب؛ ولذلك يقول في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: (وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ) (إبراهيم: 45).

نعم؛ فحين تمشي في أرض قوم عاد، وترى حضارتهم التي قال عنها الحق سبحانه: (إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ * ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ) (الفجر: 7-8).

وهي حضارة لم نكشف آثارها بعد؛ وما زالت في المطمورات وكل مطمور في الأرض بفعل من غضب السماء؛ تضع السماءُ ميعادَ كشفٍ له ليتعظَ أهلُ الأرض؛ ويحدث هذا الكشف كلما زاد الإلحاد واستشرى.

 قد حدث أن اكتشفنا حضارة ثمود، وكذلك حضارة الفراعنة؛ وهي الحضارة التي سبقتْ كل الحضارات في العلوم والتكنولوجيا، ورغم ذلك لم يعرف أصحاب تلك الحضارة أن يصونوها من الاندثار الذي شاءه الله.

وما زال الناس يتساءلون: لماذا لم يترك المصريون القدماء خبرتهم الحضارية مكتوبة ومُسجّلة في خطوات يمكن أن تفهمها البشرية من بعد ذلك؟

(وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ) (إبراهيم: 45).

أي: أن الحق سبحانه يوضح هنا أن مشيئته في إنزال العقاب قد وَضُحَتْ أمام الذين عاصروا رسالة محمد -صلى الله عليه وسلم- في مساكن الأقوام التي سبقتهم؛ وكفروا برسالات الرسل، وسبق أن ضرب لهم الحق سبحانه الأمثال بهؤلاء القوم وبما حدث لهم.

والمَثلُ إنما يضربه الله لِيُقرِّب بالشيء الحسي ما يُقرِّب إلى الأذهانِ الشيءَ المعنوي.

ويستمر قوله الحق من بعد ذلك: (وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ...).



سورة إبراهيم الآيات من 41-45 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة إبراهيم الآيات من 41-45
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة إبراهيم الآيات من 11-15
» سورة إبراهيم الآيات من 16-20
» سورة إبراهيم الآيات من 21-25
» سورة إبراهيم الآيات من 51-52
» سورة إبراهيم الآيات من 46-50

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: إبراهيم-
انتقل الى: