منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة الأعراف الآيات من 186-190

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 186-190 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الأعراف الآيات من 186-190   سورة الأعراف الآيات من 186-190 Emptyالخميس 22 أغسطس 2019, 6:08 pm

مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وقد كرَّر الحق هذا التحذير كثيراً، لأن الأشياء التي قد يقف العقل فيها، أو تأخذه مذاهب الحياة منها، ويكررها الله ليجعلها في بؤرة الاهتمام دائماً، لعل هذا التكرار يصادف وعياً من السامع.

وانظر إلى الحق وهو يعدد نعمه في سورة الرحمن فيقول بعد كل نعمة: (فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ).

إنه يُكرِّر ذِكر النِّعَم ليستقر الأمر في ذهن السامع.

(مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ) (الأعراف: 186).

وسبحانه لا يُرغم واحداً على أن يهتدي، فإن اهتدى فلنفسه، وإن لم يهتد فليشرب مرارة الضلال.

وكلنا يعرف أن الطبيب يكتب أسلوب العلاج للمريض، ليتم الشفاء بإذن من الله، الدواء إذن وسيلة إلى العافية، فإن رفض المريض تناول الدواء فهل في ذلك إساءة للطبيب؟

لا.

وكذلك منهج الله.

(مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ) (الأعراف: 186).

لكن هل يريد الله الضلال لأحد، لا، بل سبحانه دعا الناس جميعاً بهداية الدلالة، فمن اهتدى زاده بهداية المعونة، ومن ضل فليذهب إلى الكفر كما شاء.

ولذلك يقول لنا الشرع: إياك أن تشرك بالله شيئاً في أي عمل؛ لأن ربنا يقول لنا في الحديث القدسي الذي يرويه لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ربه فيقول: قال الله تبارك وتعالى: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه".

ومعنى الشركة في عرف البشر، أن مجموعة من الناس عرفوا أن عمل كل منهم ومال كل منهم، وموهبة كل منهم، لا تكفي لإقامة مشروع ما، لذلك يكونون شركة لإنتاج معين، فهل هناك ما ينقص ربنا ليستكمله من آخر؟

حاشا لله.

بل إن مجرد توهم العبد بأن هناك شريكاً يجعل الله رافضاً لعبادة العبد المشرك.

لذلك يقول في الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه".

وما دام ربنا قد تنازل عن رعايته له فليتلق المتاعب من حيث لا يدري.

ومن قوله تعالى: (مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ) (الأعراف: 186).

نتبين أنه حين يحكم الله بضلال إنسان أو بهداية آخر فلن يستطيع البشر أن يعدِّل على الله، ليجعل شيئاً من ضلال هو هدى، أو شيئاً من هدى هو ضلال.

كما يتضح من تلك الآية الكريمة أن من في قلوبهم مرض يزيدهم الله مرضاً ويتركهم في طغيانهم يعمهون، والعمه هو فقدان القلب للبصيرة، والعمى هو فقدان العين للبصر.

ويقول الحق -تبارك وتعالى- بعد ذلك: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ...).



سورة الأعراف الآيات من 186-190 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 186-190 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 186-190   سورة الأعراف الآيات من 186-190 Emptyالخميس 22 أغسطس 2019, 6:09 pm

يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والمسئول هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والسائل إما هم اليهود الذين سألوه عن الساعة، وعن الروح، وعن ذي القرنين، فكان الجواب منه مطابقاً لما عندهم في التوراة لأنهم ظنوا أن الكلام الذي يقوله محمد إنما يأتي منه جزافاً بدون ضابط وليس من رب يُنْزلُه.

فلما أجاب بما عندهم في التوراة، علموا أنه لا يقول الكلام من عنده، ولذلك سألوه أيضاً عن أهل الكهف وما حدث لهم، وكانوا جماعة في الزمن الماضي، واتفقوا معه على كل شيء حدث لأهل الكهف إلا على الزمن فنزل القرآن يحدد هذا الزمن بقوله سبحانه: (وَلَبِثُواْ فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِاْئَةٍ سِنِينَ وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً) (الكهف: 25).

فقال اليهود: الثلاثمائة سنة نعرفها، أما التسعة فلا نعرفها، وما علموا أن الحق سبحانه وتعالى يؤرخ لتاريخ الكون بأدق حسابات الكون لأن ربنا هو القائل: (إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ) (التوبة: 36).

إذن التوقيتات كلها حسب التوقيت العربي، ونعلم أن الذين يريدون أن يحكموا التاريخ حكماً دقيقاً فهم يؤرخون له بالهلال، والمثال أن كل عَالَم البحار تكون الحسابات المائية فيها كلها بالهلال، لأنه أدق، وأيضاً فالهلال آية تعلمنا متى يبدأ الشهر، ولا نعرف من الشمس متى يبدأ الشهر؛ لأن الشمس دلالة يومية تدل على النهار والليل، بينما القمر دلالة شهرية، ومجموع الاثنى عشر هو الدلالة السنوية.

لكنهم لم يفطنوا إلى هذه، وأخذوها على الثلاثمائة سنة بالحساب الشمسي، وأضاف الحق: (وَٱزْدَادُواْ تِسْعاً) (الكهف: 25) لأنك إن حسبت الثلاثمائة سنة الشمسية بحساب السنة القمرية تزداد تسع سنين.

ومادة السؤال في القرآن ظاهرة صحية في الإيمان؛ لأن الإيمان إنما جاء ليحكم حركة الحياة بـ "افعل" و"لا تفعل".

وساعة يقول الشرع: افعل، ففي ظاهر هذا الفعل مشقة، وساعة يقول: لا تفعل ففي ظاهر هذا الطلب أنه سهل ومرغوب، والمنع عنه يناقض شهوات النفس.

وللتأكد من أن الأسئلة ظاهره صحية من المؤمنين نجد أسئلة كثيرة موجهة لرسول الله من أمته، حكاها القرآن بصور متعددة، ورد السؤال مرة بفعل مضارع مثل قوله: (ويَسْأَلُونَكَ)؛ ومرة ورد بصورة فعل ماض "وإذا سألك".

وكثيراً ما جاء السؤال بهيئة المضارع (يَسْأَلُونَكَ)، لأن المضارع يكون للحال وللاستقبال.

وجاءت الأسئلة بالقرآن في صيغة المضارع خمس عشرة مرة، وجاءت بصيغة الماضي مرة واحدة.

وإن نظرت إلى الخمس عشرة مرة تجد كل مرة مِنْها جاءت لتبين حكماً.

وإذا نظرنا إلى مادة الفعل "يسأل" في القرآن وبترتيب المصحف، نجد القرآن يقول: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ)  (البقرة: 189).

ويقول سبحانه: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَٱلأَقْرَبِينَ) (البقرة: 215).

ويقول الحق تبارك وتعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ) (البقرة: 217).

ويقول سبحانه وتعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) (البقرة: 219).

ومرة أخرى يقول في ذات الآية السابقة: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ) (البقرة: 219) ويقول سبحانه وتعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ) (البقرة: 220).

ويقول عز وجل: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ) (البقرة: 222).

ويقول الحق تبارك وتعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَاتُ) (المائدة: 4).

وبعد ذلك في سورة الأعراف يقول: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي) (الأعراف: 187).

وأيضاً يقول سبحانه: (يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا) (الأعراف: 187).

ثم يقول الحق: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ) (الأنفال: 1).

ويقول الحق تبارك وتعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (الإسراء: 85).

ويقول المولى سبحانه: (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً) (الكهف: 83).

ويقول الحق: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً) (طه: 105).

ويختم هذه الأسئلة بقوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا) (النازعات: 42-43).

تلك هي خمس عشرة آية جاء فيها الحق بقوله (يَسْأَلُونَكَ)، وآية واحدة يقول فيها الحق تبارك وتعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) (البقرة: 186).

والآيات الخمس عشرة التي جاء فيها الحق بصيغة المضارع (يَسْأَلُونَكَ) نجد كل جواب فيها مُصدرا بـ"قل" وهو أمر للرسول: قل كذا، قل كذا، ولكن في الآية الواحدة التي جاء فيها الفعل الماضي (وَإِذَا سَأَلَكَ)، لم يقل: فقل إني قريب، بل قال: "فإني قريب أجيب دعوة الداع"، لأن الله يعلم حب محمد لأمته، وحرصه عليهم ولذلك يقول: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) (الشعراء: 3).

ويقول سبحانه: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً) (الكهف: 6).

ولذلك حين علم الحق علم وقوع: أن رسول الله مهتم بأمر أمته ومشغول بها وحريص على أن يشملها الله بمغفرته ورحمته وألا يسؤوه فيها، أخبره المولى عز وجل بأنه سوف يرضيه في أمته.

وقد ورد في الحديث ما يؤيد ذلك، فقد روى عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تلا قول الله عز وجل في إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

وقول عيسى -صلى الله عليه وسلم-: (إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ) (فرفع يديه فقال: أمتي أمتي وبكى فقال الله عز وجل: يا جبريل اذهب إلى محمد وربك أعلم فَسَلْهُ ما يبكيه؟

فأتاه جبريل فأخبره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بما قال وهو أعلم، فقال الله تعالى: يا جبريل اذهب إلى محمد إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك)".

وتأكيداً لعلم الحق تبارك وتعالى من حرص رسوله على أمته، أراد أن يكرم هذه الأمة من نوع ما كرّم به الرسول، فجاء الخطاب في آية الدعاء بدون "قل": (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) (البقرة: 186).

وأراد الله أن يبين لمحمد ولأمته أن الله يعلم لا بما تسألونه فقط، بل يعلم ما سوف تسألونه عنه.

لذلك نجد أربع عشرة آية تأتي فيها (يَسْأَلُونَكَ) وتكون الإجابة "قل"، والآية الخامسة عشرة جاء فيها (يَسْأَلُونَكَ) وكانت الإجابة "فقل" لتدل على "الفاء" على أن السؤال لم يقع بعد، فكأن الفاء دلت على شرط مقدر هو: إن سألوك فقل ينسفها ربي نسفاً، وهنا يقول الحق سبحانه: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (الأعراف: 187).

و"يجٌليها" أي يُظهرها، وهناك ما يسمى "الجلوة" وما يسمى "الخلوة"، و"الجلوة" أن يظهر الإنسان للناس، و"الخلوة" أن يختلي عن الناس، و"لا يجليها" أي لا يظهرها، و"لوقتها" ترى أنها مسبوقة باللام، ويسمونها في اللغة العربية "لام التوقيت"، مثلما يقول الحق سبحانه: (أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ) (الإسراء: 78).

وهي بمعنى "عند"، ومعنى دلوك الشمس، أنها تتجاوز نصف السماء، وتميل إلى المغرب قليلاً.

وقوله: (لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ) أي لا يُبَيّنُها عند وقتها إلا هو سبحانه وتعالى (هُوَ ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً..) (الأعراف: 187).

والثقل يعني أن تكون كتلة الشيء أكبر من الطاقة التي تحمله؛ لأن الكتلة إن تساوت مع الطاقة فهي لا تثقل على الحمل.

أو أن الطاقة التي تحمل لم تقدر على جاذبية الأرض؛ فيكون الشيء ثقيلاً، وقد يكون هذا الثقل أمْراً ماديا، كما يحمل الإنسان -مثلاً- على ظهره أردباً من القمح فيقدر على حمله، لكنه إن زاده إلى أردب ونصف، فالحمل يكون ثقيلاً على ظهره لأن طاقته لا تتحمل مثل هذا الوزن "فينخ" به.

(ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ).

والثقل لا يكون مادياً فقط، بل هو ثقل فكري وعقلي أيضاً، مثال ذلك حين يقوم الطالب بحل تمرين هندسي أو تمرين في مادة الجبر، فالطالب يشعر أحياناً أن مثل هذا التمرين ثقيل على فكره، وصعب الحل في بعض الأحيان.

وقد يكون الأمر ثقيلاً على النفس في ملكاتها، مثل الهم جاثم على الصدر وثقيل عليه، وهو أقسى أنواع الثقل.

ولذلك فالشاعر القديم يقول:
ليس بحمل مــا أطاق الظهر
ما الحمل إلا ما وعاه الصدر

إذن هناك ثلاثة أثقال: ثقل مادي، وثقل فكري، وثقل نفسي.

و (ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ)، ونحن نعلم أن السماوات فيها الملائكة.

ونعلم أن الملائكة أيضاً لا تعرف ميعاد الساعة، ولا يحاول معرفتها إلا الإنسان بشهوة الفكر، أما الملائكة فهي ليست مكلفة لأنها لا اختيار لها، وبعضها يخدم البشر، وهم الملائكة الذين سجدوا لآدم وهم الموكلون بمصالحه، وبحياته، وقد رضخوا لأمر الحق بأن هناك سيداً جديداً للكون.

فكونوا جميعاً مسخرين في خدمته، وهم الملائكة الحفظة الكرام الكاتبون، ولهم إلف بالخلق، إلف كاره للعاصي، وإلف محب للطائع.

ومن يسير على منهج الله من البشر يفرحون به.

وإن وقع من الطائع زلة يأسون له ويتمنون ألا تقع منه زلة أخرى.

ومن يسير ضد منهج الله يغضبون منه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول فيما يرويه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفا، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفاً".

ونعلم أن المنفق سيأخذ ثواب إنفاقه، أما الممسك فإن تلف ماله وصبر عليه فهو أيضاً ينال ثواباً عليه.

وهكذا تدعو لنا الملائكة.

و"ثقلت" هنا تعني أن ميعاد الساعة لا يعرفه إلا ربنا، فلا يعرف ذلك الميعاد من هم في السماوات وكذلك من هم في الأرض، وكل من على الأرض خائف مما سوف يحدث لحظة قيام الساعة، وخصوصاً أن المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، يعطي لها صورة توضح قوله الحق: (لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً) (الأعراف: 187).

ويخبرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالحالة التي تأتي عليها فيقول: "إن الساعة تهيج بالناس والرجل يصلح حوضه والرجل يسقي ماشيته والرجل يقيم سلعته في السوق والرجل يخفض ميزانه ويرفعه".

ومثل هذه التوقعات تخيف.

وقوله الحق: (ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً).

أي أن الواقع في هذا اليوم يكون فوق احتمال البشر وهو يأتي بغتة، أي يجيء من غير استعداد نفسي لاستقباله.

ويتابع سبحانه: (يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا) (الأعراف: 187).

وحفيَ من الحفاوة، والحفيّ هو المُلِحُّ في طلب الأشياء، مثل التلميذ الذي يتوقف عند درس لا يفهمه، فيسأل هذا، وذاك إلى أن يجد إجابة.

والحفي بالسؤال عن أمر يحاول أن يصل إليه، والحفي أيضاً عالم بما يسأل عنه، وسبب العلم أنه ألحّ في السؤال عليها.

والأمور التي يعالجها الإنسان إما أن يعالجها وهو مستقر في مكانه كالأمور الفكرية أو العضلية الموقوتهَ بمكان، وقد يكون أمراً بعيداً عن مكانه ويريد أن يعالجه، فيقطع المسافة إلى المكان الثاني لتحقيق هذه المهمة، إنما يمشي ويسعى على رجليه، و"يدوب" النعل الذي يضعه في قدميه من المشي فيقال عنه إنه "حافي"، ولذلك يقال: حفي فلان إلى أن وصل للشيء الفلاني، أي سار مرات كثيرة وقطع عدة مسافات، مزقت نعله حتى جعلته يمشي حافياً.

وهنا يقول الحق على ألسنة القوم: (كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا) (الأعراف: 187) أي أنك مُعْنى بها، ودائب السؤال عنها، وعارف لها.

وتأتي الإجابة من الحق: (قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ) (الأعراف: 187).

وفي ذات الآية سبق أن قال: (عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي) (الأعراف: 187).

والربوبية متعلقها الخلق، والرعاية بالقيومية لمصالح البشر، والألوهية متعلقها العبادة وتطبيق المنهج، وجاء الحق في هذه الآية، مرة بالربوبية، ومرة بالألوهية.

والأولى هي علة الثانية، فأنت أخذت الله معبوداً، وأطعته لأنه خلقك ووضع لك المنهج، ولا يدخر وسعاً بربوبيته أن يقدم للعبد الصالح كل شيء ويمنحه البركة، وكذلك يعطي الكافر إن أخذ بالأسباب ولكن دون بركة وبغير ثواب في الدنيا أو الآخرة، لذلك هو الإله الحق الذي نتبع منهجه.

(قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) (الأعراف: 187).

وأكثر الناس الذين يسألون عن موعد الساعة لا يعلمون أن ربنا قد أخفاها، وسبحانه هو القائل: (إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ) (طه: 15).

هم إذن لا يعلمون أن علمها عند الله.

ويقول سبحانه وتعالى: (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً...).



سورة الأعراف الآيات من 186-190 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 186-190 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 186-190   سورة الأعراف الآيات من 186-190 Emptyالخميس 22 أغسطس 2019, 6:10 pm

قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ويقول الحق تبارك وتعالى على لسان رسوله: أنتم تسألونني عن الساعة، وأنا بشر، ومتلقّ فقط، والإرسال بالمنهج يأتي من الله وأنا أبلغه، ولا علم لي بموعد قيام الساعة، ولا أملك لنفسي لا ضراً ولا نفعاً، أي لا أملك أن أدفع الضر عني أو أجذب النفع لنفسي، ولكن حين يسوق الله النفع أو يمنع الضر، فالإنسان يملك ما يعطيه الله، والعاقل حين يملك، يقول: إن هذا ملك عَرَضي، لا آمن أن ينزع مني.

لذلك قال لنا الحق تبارك وتعالى: (قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران: 26).

وهنا يقول الحق تبارك وتعالى: (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ) (الأعراف: 188).

أيْ أنَّ أحداً لا يملك شيئاً إلا ما شاء الله أن يملكه، ورسول الله من البشر.

ويضيف: (وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ) (الأعراف: 188).

ومحمد -صلى الله عليه وسلم- لو كان يعلم الغيب لاستكثر من الخير، فقد حارب، وانتصر، وحارب وانهزم، وتاجر فربح، ويسير عليه ما يسير على البشر، ومرة يدبر الأمر الذي لم يكن فيه منهج من السماء، فمرة يصيب ومرة يخطىء.

فيصحح له الله؛ لذلك يأتي القول على لسانه بأمر من الله: لو كنت أعلم الغيب لما وقعت في كل هذه المسائل، وكان أهل رسول الله من قريش قد قالوا: إننا أقاربك، فقل لنا على موعد الساعة.

حتى نستعد لملاقاتها.

ويتابع المولى سبحانه قوله: (وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف: 188).

وساعة ترى "إن" فهي مرة تكون شرطية مثل: "إن ذاكرت تنجح"، ومرة تكون للنفي وتجد بعدها اسماً، والمعنى: ما أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون.

والكلام موجه إلى المؤمنين لأنهم هم الذين ينتفعون بالنذارة وبالبشارة، وما يُنذروا به لا يفعلوه، وما يبشروا به يفعلوه.

ويقول الحق بعد ذلك: (هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا...).



سورة الأعراف الآيات من 186-190 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 186-190 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 186-190   سورة الأعراف الآيات من 186-190 Emptyالخميس 22 أغسطس 2019, 6:11 pm

هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وقوله تعالى: (خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ) المقصود بها آدم، وقول الحق: (وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) المقصود بها حواء، ونلحظ في الأداء في هذه الآية أن الضمير عائد إلى مؤنث.

(هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا).

ثم جاء بالتذكير في قوله: (لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا).

إذن فصل الذكورة عن الأنوثة جاء عند (لِيَسْكُنَ).

فكأن الكلام في النفس معنىٌّ به جنس بني آدم وهو الذي نسميه "الإنسان" ومنه ذكورة ومنه أنوثة، ولذلك فسبحانه حينما يتكلم عن الذكورة كذكورة، والأنوثة كأنوثة، يأتي بضمير المذكر، أو بضمير المؤنث، وقوله: (لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا).

لأنه يريد أن يوضح أن المرأة جُعلَت للرجل سكناً، لا يقال: إنها له سكن إلا إذا كان هو متحركاً، كأن الحركة والكدح في الحياة للرجل، ثم يستريح مع المرأة ويسكن إليها بالحنان، بالعطف، بالرقة.

أما إن لم تكن سكناً فهو يخرج من البيت لأن ذلك أفضل له.

وقول الحق تبارك وتعالى: (وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا).

يذكرنا بما عرفناه من قبل من أن الله خلق آدم من الطين ومن الصلصال ثم نفخ فيه ربّنا الروحَ، أما حواء فقد ذكرها في هذه المسألة، وأوضح: أنا جعلت منها زوجها، و"منها" أي أنها قطعة منه، وقيل: إنها خلقت من ضلع أعوج، ومن يرجع هذا الرأي يقول لك: لأن الله يريد أن يجعل السكن ارتباطاً عضوياً، فالمرأة بعض من الرجل، ونعرف أن الواحد منا يحب ابنه لأنه بعض منه.

وعلى ذلك فهذا القول جاء لتقديم الألفة.

وهناك من يقول: إن حواء خلقت مثل آدم فلماذا جاء ذكر آدم ولم يأت بذكر حواء؟

ونقول: إن آدم أعطى الصورة في خلق الإنسان من طين، لأن آدم هو الرسول وهو المسجود له.

ونعلم أن المرأة دائماً مبنية على الستر.

ومثال ذلك نجد الفلاح في مصر لا يقول: زوجتي، بل يقول: "الجماعة" أو "الأولاد" أو يقول: "أهلي" ولا يذكر اسم الزوجة أبداً.

والحق يقول هنا: (وَجَعَلَ مِنْهَا)، فإن كانت مخلوقة من الضلع فـ "مِنْ" تبعيضية، وإن كانت مخلوقة مثل آدم تكون"مِنْ" بيانية، أي من جنسها، مثلها مثلما يقول ربنا: (هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ)  (الجمعة: 2).

أي الرسول من جنسنا البشري ليكون إلف المُبَلِّغِ عن الله، والمُبَلِّغُ عن الله واحد منا ونكون مستأنسين به، ولذلك قلنا: إن اختيار الله للرسول -صلى الله عليه وسلم- من البشر فيه رد على من أرادوا أن يكون الرسول من جنس آخر غير البشر، فقال الحق على ألسنتهم: ((وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً) (الإسراء: 94).

ويأتي الرد عليهم: (قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً) (الإسراء: 95).

ثم لو كان الرسول من جنس الملائكة فكيف كانوا يرونه على حقيقته؟

كان لابد أن يخلقه الله على هيئة الإنسان.

ويتابع سبحانه: (فَلَماَّ تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً).

و(تَغَشَّاهَا) تعبير مهذب عن عملية الجماع في الوظيفة الجنسية بين الزوج والزوجة، والغشاء هو الغطاء، وجعل الله الجماع من أجل التناسل ليبث منهما رجالاً كثيراً ونساء.

والمعنى هنا أنها حملت الجنين لفترة وهي لا تدري أنها حامل، لأن نموّ الجنين بطىء بطىء لا تشعر الأم به.

(فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ) (الأعراف: 189).

ومرت به، مقصود بها أنها تتحرك حركة حياتها قياماً وقعوداً إلى أن تثقل وتشعر بالحمل في شهوره الأخيرة.

وهنا عرف الزوج أن هناك حملاً ورفع الاثنان أيديهما بالدعاء لله عز وجل أن يكون الولد صالحاً بالتكوين البدني وصالحاً للقيام بقيم المنهج.

(هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) (الأعراف: 189).

أي أن الذكورة قد انفصلت عن الأنوثة، وصار الذكر يسكن عند الأنثى.

وهكذا كان الأمر الخاص بآدم، ثم جاء الكلام للذرية، وخصوصاً أن حواء كانت تحمل بذكر وأنثى، وآدم وحواء وأولادهما هم أصل التواجد البشري وأصل التوالد.

والقرآن قد يتكلم في موضوعات تبدو متباعدة.

لكنها تضم قيماً ذات نسق فريد، فنجد الحق يتكلم في أمر ثم يتكلم في آخر، مثل قوله تعالى: (هُوَ ٱلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ) (يونس: 22).

ولم يأت بسيرة البر هنا، بل تكلم بالبر والبحر ثم انتقل إلى الحديث عن مجيء الموت، وأيضاً انظر إلى قول الحق سبحانه وتعالى: (وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً) (الأحقاف: 15).

هنا يوصي الحق الإنسان بوالديه، بالأب وبالأم، ثم يتابع: (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً)  (الأحقاف: 15).

ولم تأت سيرة الرجل بل كل الحيثيات للأم.

ويقول سبحانه وتعالى بعد ذلك: (فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ...).



سورة الأعراف الآيات من 186-190 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 186-190 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 186-190   سورة الأعراف الآيات من 186-190 Emptyالخميس 22 أغسطس 2019, 6:12 pm

فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ويروى أن هذه الآية قد نزلت في "قٌصَيّ" وهو جد من أجداده -صلى الله عليه وسلم-، فقد طلب "قُصَيّ" من الله أن يعطي له الذرية الصالحة، فلما أعطاه ربنا الذرية الصالحة سماها بأسماء العبيد، فلم يقل: عبد الله أو عبد الرحمن، بل قال: عبد مناف، عبد الدار، عبد العزى.

وجعل لله شركاء في التسمية، ولهذا جاء قول الحق: (جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا)؛ ليدلنا على أن الإنسان في أضعف أحواله، أي حينما يكون ضعيفاً عن استقبال الأحداث، يخطر بباله ربنا؛ لأنه يحب أن يسلم نفسه لمن يعطي له ما يريده، وبعد أن ينال مطلبه ينسى، ولذلك يقول الحق: (وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (يونس: 12).

إذن فائدة الضر أنه يجعلنا نلجأ إلى ربنا، ولذلك نجد الإنسان أحسن ما يكون ذكراً لله وتسبيحاً لله حينما يكون في الشدة وفي المرض، ولذلك لو قدر المريض نعمة الله عليه في مرضه وشدته، لا أقول: إنه قد يحب أن يستطيل مدة المرض والشدة.

لا، بل عليه فقط ألا يضجر وأن يلجأ إلى ربه ويدعوه.

وقد علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك حينما قال: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين. أنت رب المستضعفين، وأنت ربي. إلى من تكلني؟

إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدوّ مّلكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل عليّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك".

والإنسان ساعة يوجد في المرض عليه أن يعرف النعمة فيه، فهو في كل حركة من حركاته يذكر الله، وكما تخمد فيه طاقات الاندفاعات الشهوانية، يمتلىء بإيجابيات علوية، ولذلك نجد الحديث القدسي يقول فيه ربنا سبحانه وتعالى: "يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: وكيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عُدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب. كيف أطعمك، وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان، فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب. كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي".

إذن ماذا عن حال مريض يستشعر أن ربه عنده، ويكون في المرض مع المنعم، وفي الصحة مع النعمة.

(فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَآءَ فِيمَآ آتَاهُمَا فَتَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الأعراف: 190).

ومعنى هذا أن ربنا تبارك وتعالى ينزه نفسه عما يقول فيه المبطلون ويشركون معه ما يزعمون من آلهة.

ولذلك يقول سبحانه وتعالى: (أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ...).



سورة الأعراف الآيات من 186-190 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الأعراف الآيات من 186-190
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الأعراف الآيات من 081-085
» سورة الأعراف الآيات من 166-170
» سورة الأعراف الآيات من 001-005
» سورة الأعراف الآيات من 086-090
» سورة الأعراف الآيات من 096-100

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: الأعراف-
انتقل الى: