منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي المنتدى)
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه)

(فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة الأعراف الآيات من 051-055

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الأعراف الآيات من 051-055   سورة الأعراف الآيات من 051-055 Emptyالأحد 18 أغسطس 2019, 12:26 am

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (٥١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهكذا يبين لنا الحق سبحانه وتعالى في هذه الآية من هم الكافرون الذين حرّم عليهم الجنة؛ إنهم من اتخذوا دينهم لهواً ولعباً، وأول مرحلة تمر على الإِنسان هي اللعب ثم تأتي له مرحلة اللهو.

ونعلم أن كل فعل تُوَجَّه إليه طاقة فاعلة، وقبل أن تُوجّه إليه الطاقة الفاعلة يمر هذا الفعل على الذهن كي يحدد الغاية من الجهد.

وهذا المقصود له حدود؛ إما أن يجلب له نفعاً، وإما أن يدفع عنه ضُرًّا.

وكل مقصد لا يجلب نفعاً ولا يدفع ضراً، فهو لعب.

إذن فتعريف اللعب: هو فعل لم يقصد صاحبه به قصداً صحيحاً لدفع ضر أو جلب نفع.

كما يلعب الأطفال بلعبهم، فالطفل ساعة يمسك بالمدفع اللعبة أو السيارة اللعبة، هل له مقصد صحيح ليوجه طاقته له؟.

لا؛ لأنه لو كان المقصد صحيحاً لما حطم الطفل لُعَبَهُ.

والطفل غالباً ما يكسر لعبته بعد قليل، وهذا دليل على أنه يوجه الطاقة إلى غير قصد صحيح ولا يجلب لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها مضرة.

ولكن حين تُوَجَّه الطاقة إلى ما هو أدنى من المهم فهذا هو اللهو، كأن يكون المطلوب منك شيئاً وأنت توجه الطاقة إلى شيء آخر.

والذي يعاقب عليه الله هو اللهو.

أما اللعب فلا.

ولذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم يطلب من الأهل أن يدربّوا الأبناء على شيء قد يفيد الأمة كالسباحة والرماية وركوب الخيل، ولكن خيبة البشر في زماننا أنهم جعلوا اللعب غاية لذاته.

ومن العجيب أن اللعب صار له قانون الجد ولا يمكن أن يخرقه أحد دون أن يُعاقَب؛ لأن الحَكم يرقب المباراة، وإذا ما تناسى الحكم أمراً أو أخطأ هاج الجمهور.

وأتساءل: لقد نقلتم قانون الجد إلى اللعب، فلماذا تركتم الجد بلا قانون؟ وكذلك نجد أن خيبة اللهو ثقيلة؛ لأن الإِنسان اللاهي يترك الأمر المهم ويذهب إلى الأمر غير المهم.

فيجلس إلى لعبة النرد وهي الطاولة ويترك الشغل الذي ينتج له الرزق، وليت هذا اللهو مقصورٌ على اللاهي، ولكنه يجذب أنظار غير اللاهي ويأخذ وقته، هذا الوقت الذي كان يجب أن يُستغل في طاقة نافعة.

وفساد المجتمعات كلها إنما يأتي من أن بعضاً من أفرادها يستغلون طاقاتهم فيما لا يعود على ذواتهم ولا على أمتهم بالخير.

إذن فاللهو طاقة معطلة.

(ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا).

وغرورهم بالحياة الدنيا إنما يأتي من الأسباب التي خلقها الله مستجيبة لهم فظن كل منهم أنه السيد المسيطر.

وحين غرتهم الحياة الدنيا نسوا الجد الذي يوصلهم إلى الغاية النافعة الخالدة، ويكون عقابهم هو قول الله سبحانه: (فَٱلْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) (الأعراف: 51).

فهل يعني قوله عز وجل: (نَنسَاهُمْ) أنه يتركهم لما يفعلون؟.

لا، بل تأخذهم جهنم لتشويهم، ونسيانهم هنا هو أنه -سبحانه- لا يشملهم بمظاهر فضله ولطفه ورحمته ويتركهم للنار تلفح وجوههم وتنضج جلودهم.

وهكذا يتأكد من جديد أن الدنيا هي المكان الذي يعد فيه الإِنسان مكانه في الآخرة، فإن أراد مكاناً في عليين فعليه أن يؤدي التكليف الذي يعطيه مكانه في عليين.

وإذا أراد مكانه أقل من ذلك فعليه أن يؤدي العمل الأقل.

كأن الإِنسان بعمله هو الذي يحدد مكانه في الآخرة؛ لأن الحق لا يجازي الخلق استبداداً بهم وافتياتاً أو ظلماً، ولكنه يجازي الإِنسان حسب العمل؛ لذلك فهناك أصحاب الجنة، وهناك أصحاب النار، وهناك أصحاب الأعراف.

وهذا العلم الذي يُنزله لنا الحق قرآناً ينذرنا ويبشرنا هو دليل لكل مسلم حتى نتنافس على أن تكون مواقعنا في الآخرة مواقع مشرفة.

(ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا فَٱلْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) (الأعراف: 51).

وحين يقول الحق سبحانه: (وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) فالآيات إمّا آيات كونية: (وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيْلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ) (فصلت: 37).

وإمّا آيات قرآنية كقوله سبحانه: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ) (فصلت: 3).

وإمّا أن تكون آيات معجزات لإِثبات النبوة كقوله سبحانه: (وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ) (الإسراء: 59).

هم إذن جحدوا الآيات كلها، وكان أول جحود هو جحود بالآيات الكونية التي شاهدوها قبل أن يأتي التكليف، فهم عاشوا الليل والنهار.

وتنفسوا الهواء، واستمتعوا بدفء الشمس، وروى المطر أراضيهم ووجدوا الكون مرتباً منظماً يعطي الإنسان قبل أن يكون للإنسان إدراك أو طاقة، وكان يجب أن تلفتهم هذه الآيات إلى أن لهم خالقاً هو الحق الأعلى.

وحين جاء لهم الموكب الرسالي جحدوا آيات المعجزات التي تدل على صدق الرسل.

وحين جاء القرآن معجزاً جحدوا الآيات التفصيلية التي تحمل المنهج.

إذن فلا عذر لهم في شيء من ذلك لأن الحق يقول: (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ...).



سورة الأعراف الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 051-055   سورة الأعراف الآيات من 051-055 Emptyالأحد 18 أغسطس 2019, 12:30 am

وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أي لا عذر لهم في شيء من هذا الجحود؛ لأن الكتاب مفصل، وقد يقولون: إن الكتاب طارئ علينا، وكذلك الرسول الذي جاء به.

إذن فما موقفهم من الآيات الكونية الثابتة؟ لقد جحدوها أيضاً.

(وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ).

و(فَصَّلْنَاهُ) أي أنه سبحانه لم ينزل كلاماً مجملاً أو مبهماً، لا، بل فيه تفصيل العليم الحكيم، إنه فصّل أحكامه ومعانيه ومواعظه وقصصه حتى جاء قيماً غير ذي عوج، وسبحانه هو القادر أن ينزل المنهج المناسب لقياس ومقام كل إنسان.

إنه حينما يأتي إلينا من يستفتينا في أي أمر ويحاول أن يلوي في الكلام لنأتي له بفتوى تبرر له ما يفعله، فنحن نقول له: ليس لدينا فتوى مفصلة؛ لأن الفتاوي التي عندنا كلها جاهزة، ولك أن تدخل بمسألتك في أي فتوى.

(فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف: 52).

وهناك أناس سمعوا القرآن ورأوا الآيات واهتدوا، فلماذا اهتدى هؤلاء وضل هؤلاء؟ لقد آمن من صدق بالوجود الأعلى كما قلنا في سورة البقرة: (ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) (البقرة: 2).

إذن فقد آمن بالقرآن من اهتدى إلى الحق، ومنهم من أوضح الحق عنهم: أنهم حين يستمعون القرآن تفيض أعينهم من الدمع.

وأيضاً هناك من لا يلمس الإيمان قلوبهم حين يستمعون إلى القرآن.

(وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً) (محمد: 16).

وهؤلاء هم الذين غلظت قلوبهم فلم يتخللها أو يدخلها ويخالطها نور القرآن، لذلك تجد الحق يرد عليهم بقوله سبحانه: (أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ) (محمد: 16).

ويقول سبحانه: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) (فصلت: 44).

سبق أن ضربنا المثل بأن الفعل في بعض الحالات واحد، لكن القابل للفعل مختلف، لذلك تكون النتيجة مختلفة.

وعلى سبيل المثال: إذا كنت في الشتاء، وخرجت ووجدت الجو بارداً، وشعرت أن أطراف أصابعك تكاد تتجمد من البرد، فتضم فبضتيك معاً وتنفخ فيهما، وقد تفعل ذلك بلا إرادة منك لتدفئ يديك.

وكذلك حين يأتي لك كوب من الشاي الساخن جداً، وتحب أن تشرب منه، فأنت تنفخ فيه لتأتي له بالبرودة.

والنفخة من فمك واحدة؛ تأتي بحرارة ليديك، وتأتي بالبرودة لكوب الشاي، وهكذا فالفعل واحد لكن القابل مختلف.

وكذلك القرآن فمن كان عنده استعداد للإيمان فهو يهتدي به، ومن لا يملك الاستعداد فقلبه غلف عن الإيمان.

وموقف هؤلاء العاجزين عن استقبال الرحمة موقف غير طبيعي، وماذا ينتظرون بعد هذا الكفر، وبعد الافتئات وبعد الاستكبار وبعد التأبي وبعد اتخاذ الدين لهواً ولعباً، ماذا ينتظرون؟

ها هو ذا الحق سبحانه يوضح لهم العاقبة: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ...).



سورة الأعراف الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 051-055   سورة الأعراف الآيات من 051-055 Emptyالأحد 18 أغسطس 2019, 12:31 am

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وما معنى التأويل؟.     

التأويل هو ما يؤول إليه الشيء، هو العاقبة التي يعدها الحق، فالرحمة والجنة لمن آمن، والنار لمن كفر، والحق هو من يقول ويملك قوله لأن الكون كله بيده.

وهنا يقول سبحانه وتعالى: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ).

أي هل ينتظرون إلا المرجع الذي يؤول إليه عملهم؟ إن مرجعهم الأخير هو العذاب بعد الحساب يوم يأتي تأويل وغاية وعاقبة ما عملوا.

وحين يأتي يوم القيامة ويتضح الحق ويظهر صدق ما جاء به الرسول من الوعد والوعيد ماذا سيكون قولهم؟.     

سيقولون ما أورده سبحانه على ألسنتهم: (يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ).

أي أنهم سيعلنون التصديق حين لا ينفع هذا التصديق؛ لأنهم لن يكونوا في دار التكليف، سيقرون بالإِيمان لحظة لا ينفعهم ذلك.

(يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ..) (الأعراف: 53).

هم إذن يقرون بأن الرسل حملت المنهج الحق ويتساءلون عن الشفيع.

ونعلم أن الشفيع لابد أن يكون محبوباً عند من يشفع عنده، ونحن في الدنيا نجد من يبحث لنفسه عمن يشفع له عند صاحب جاه يكون أثيراً وعزيزاً لديه، أو يكون له كلمة وفضل عليه فلا يرد عليه كلمته.

فمن يأتي يوم القيامة بالشفاعة لهؤلاء؟.     

لا أحد، وسنجدهم يتخذون الشفعاء من الذين اتخذوهم أنداداً لله.

وسيعلن هؤلاء أيضاً الكراهية لهم، ولو مكنهم الله من الشفاعة ما أعطوها للكافرين المشركين؛ ففي الدنيا كان هؤلاء مؤتمرين بأمر البشر وضلالاتهم.

أما يوم الحساب فلا أحد خاضع لإِرادة أحد، حتى الجوارح لا تخضع لإِرادة صاحبها، بل هي خاضعة للحق الأعلى.

وفي الآخرة لا مرادات لأحد.

وقد ضربنا من قبل المثل وقلنا: هب أن سرية في جيش ما وعليها قائد صغير برتبة ضابط، ومفروض في جنود السرية أن ينفذوا كلامه، ثم راحوا لموقعة وأعطاهم الضابط الصغير أوامر خاطئة بما له من فرض إرادة عليهم فنفذوا ما أمروا به.

ولحظة أن يعودوا ويحاسبهم القائد الأعلى فسيقولون: لقد فعلنا ما أمرنا به الضابط المكلف بقيادتنا، وكذلك ستأتي الجوارح في الآخرة: تشهد عليهم أيديهم وأرجلهم وألسنتهم وجلودهم.

إذن فالأبعاض سترفع شكواها إلى الله يوم ألا يكون لأحد من ملك سواه، ويومئذ سيقول المكذبون الصدق الذي لن ينفعهم.

(قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ..) (الأعراف: 53).

وسوف يبحثون عن شفاعة، لكنهم لن يجدوا، بل إن أول من يسخر من الذين عبدوا غير الله هم المعبودون أنفسهم.

ولذلك نجد قوله الحق سبحانه: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ) (الأنبياء: 98).

وما ذنب المعبود؟.     

إن الأصنام لا ذنب لها، بل كل منها يريد أن يشفي نفسه بأن يكون أداة تعذيب لمن أعطوه غير حقه.

ولذلك نجد أن الأحجار التي عُبدت تقول: عبدونا ونحن أعبد لله من القائمين بالأسحار؛ لأن القائم في الأسحار من الأغيار قد يختار أمراً غير هذا، ولكنا كنا مقهورين على الطاعة، وقد اتخذوا صمتنا علينا دليلاً.

إن الأحجار تعلن أنها لم تكن تملك قدرة رفض أن يعبدها أحد أو أن تبعده عنها وتعلن له غباءه.

والشاعر يقول:
قد تجنوا جهلاً كما قد تجنوا على ابن مريم والحواري
للمغالي جــــزاؤه والمغالي فيــــــه تنجيه رحمة الغفار

وهكذا يأتيهم الحق واضحاً يوم القيامة.

إنهم سيطلبون العودة إلى الدنيا، وهذا من الخيبة؛ لأن مثل هذا الإِقرار ليس من الإِيمان، فالإِيمان يكون بالغيب لا في المشهد.

وحتى ولو عادوا، فلن يؤمنوا!.

والحق هو القائل: (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ) (الأنعام: 28).

وكأنهم نسوا لحظة إقرارهم أنهم من الأغيار، وأتى فيهم القول الفصل من الله.

(قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ) (الأعراف: 53).

لقد جاء لهم الخسران بعد أن غاب عنهم ما كانوا يفترون على الله في الدنيا، إنهم رفضوا عبادته -سبحانه- وعبدوا غيره أصناماً صارت وقوداً للنار التي سيصلونها.

ويقول الحق بعد ذلك: (إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ...).



سورة الأعراف الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 051-055   سورة الأعراف الآيات من 051-055 Emptyالأحد 18 أغسطس 2019, 12:34 am

إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هنا ربوبية، وهنا ألوهية: (رَبَّكُمُ ٱللَّهُ) ولا أحد يختلف في مسألة الربوبية لأن الحق يقول على ألسنة الكافرين والمشركين: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ) (الزمر: 38).

وكذلك إن سألتهم من خلقهم؟ سيقولون: الله، ولم يدّع أحد لنفسه مسألة الربوبية، لأن الربوبية جاءت بنفع لهم، لكن الألوهية دخلت بمنهج هو: "افعل ولا تفعل"؛ لأن التكليف من الإله الرب، والتكليف نعمة منه وهو لمصلحتكم أنتم، فلا شيء في التكليف يعود على الله.

وفعلكم الحسن أو السيء لن يعطي لله صفة لم تكن له؛ لأن صفات الكمال أزلية، وبصفات الكمال خلقكم أنتم، إذن فأنتم لن تأتوا بصفة ما، بل بصفات الكمال أوجدكم.

وإن كنتم أنتم في شك في هذه الربوبية فربكم هو الله -ولله المثل الأعلى- منزه عن التشبيه، كأن تقول الأم للولد: قال لك أبوك لا تسهر خارج المنزل ليلاً، فيتأبى الولد.

وتنبه الأم ولدها: إن أباك هو الذي يأتي لك بالأكل والشرب، والملابس ويعطيك مصروف اليد.. إلخ.

وقد ضربت هذا المثل لأشرح كيف أن المُكَلف هو الرزَّاق ولا أحد سواه يرزق، لذلك كان يجب أن تقبل تكاليفه لأن سبق لك بالفضل بأن أعطى لك وسخر لك الدنيا.

ومن قبل فصل الحق سبحانه لنا خلق الإنسان، ويفصل لنا هنا خلق السماء والأرض لأن ظرف وجود الإنسان هو السماء والأرض، وكل الخيرات تأتي له من السماء ومن الأرض، وإذا كان الله قد علمنا كيف خلقنا، فهو هنا يعلمنا كيف خلق السماوات والأرض، وخلق الإنسان وخلق السماوات والأرض مسألتان ينشغل بهما العلم الحديث، فمن العلماء من قال: إن الأرض انفصلت عن الشمس، ومنهم من افترض نظرياً أن الإنسان أصله قرد، ولهؤلاء نقول: هذا حكم منكم لا يُقبل؛ لأنكم لم تشهدوا الخلق، ولذلك فعليكم أن تسمعوا ممن خلق الخلق ليقول لكم كيف خلق الخلق.

هو سبحانه يقول: (إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ) (الأعراف: 54).

والآية تتعرض للخلق الأول وهو السموات والأرض -كما أوضحت- وهو الظرف الوجودي للإنسان الخليفة وطرأ الإنسان على هذا الكون بكل ما فيه من قوى ونواميس، فكأن الله أعد الكون للخليفة قبل أن يُخلَق الخليفة ليجيء الخليفة فيجد كوناً مسخراً له؛ ولا يستطيع أي كائن منه أن يخرج عن مراد الله في شيء (إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ).

ومعنى "خلق" أي أوجد شيئاً كان معدوماً وبرأه على غير مثال سبقه.

فربنا سبحانه قدر كل شيء بنظام دقيق غير مسبوق، هذا هو معنى الخلق، وكلمة "الخلق" مادتها الفاعلة هي: خالق، وسبحانه وتعالى يجمعها مع أنه الخالق الوحيد فيقول: (فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ) (المؤمنون: 14).

إذن فهناك الخالق الأعلى وهو الله، ولكنه سبحانه أيضاً أشرك خالقاً غيره معه فقال جل وعلا: (فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ).

كيف؟

لأن الخلق إيجاد شيء معدوم، والذي صنع الميكروفون يقال خلقه، والذي صنع الكوب يقال خلقه، والذي صنع المصباح يقال خلقه، لأنه كان شيئاً معدوماً بذاته، فأوجده.

لكن الفارق أن الخالق من البشر يوجد معدوماً من موجود ولا يأتي بمادة جديدة؛ فمن أخذ المواد الموجودة في الكون وصمم منها المصباح وصهر الرمل وفرغ الهواء داخل الزجاج يقال له: خلق المصباح وأوجد معدوماً من موجود.

لكن الخالق هو خير الخالقين لأنه يخلق من عدم ولم يحرم خلقه حين يوجدون شيئاً معدوماً من أن يوصف الواحد منهم بأنه خالق، وسبحانه حين خلق خلق من لا شيء، وأيضاً فإنكم حين تخلقون أي صنعة تظل جامدة على هيئة صناعتها، فمن صنع الكوب من الرمل المصهور يظل الكوب هكذا، ولا نستطيع -كما سبق أن قلت قديماً- أن نأتي بكوب ذكر، وكوب أنثى، ونضعهما معاً في مكان ونقول لهما: أنجبا لنا أكواباً صغيرة.

لكن ما يخلقه ربنا يعطي له سر الحياة ويجعله بالقانون ينتج غيره وينمو ويكبر.

إذن فهو أحسن الخالقين.

والله سبحانه وتعالى يعطينا خبر خلقه السماوات والأرض.

وأوضح سبحانه أن السماوات سبع وقد جاءت مجموعة.

أما الأرض فجاء بها مفردة.

لكنه جل وعلا قال في آية أخرى: (ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) (الطلاق: 12).

فكما خلق سبع سمٰوات خلق سبع أراضين، ولماذا جاء بالسماء بالجمع وترك لفظ الأرض مفرداً؟.     

لماذا لم يقل: سبع أراضين؟؛ لأن كلمة "أراضين" ثقيلة على اللسان فتركها لثقلها وأتى بالسمٰوات مجموعة لخفتها ويسر نطقها.

والسماء هي كل ما علاك فأظلك، هذا معنى السماء في اللغة.

لكن هل السماء التي يريدها الله هي كل ما علاك؟.     

إن النجم هو ما علاك؛ وقد يقال: إن الشمس علتك، والقمر علانا جميعاً.

ونلفت الانتباه هنا ونقول للناس الذين أحبوا أن يجعلوا السماوات هي الكواكب إنها ليست دائماً ما علانا؛ فالشمس تعلو وقتاً وتنخفض وقتاً آخر.

وكذلك القمر.

إذن فالوصف منحسر عن الشمس أو القمر بعض الوقت، ولا يصح أن يوصف أي منهما بأنه سماء دائماً.

وشيء آخر وهو أنهم حينما قالوا على الكواكب التي كانت معروفة بأنها كواكب سبعة وقالوا: إن هذه هي السماء، إنهم بقولهم هذا قد وقعوا في خطأ.

وأوضح الحق لنا بالعلم أن للشمس توابع أخرى.

فمرة رأى العلماء ثمانية توابع، ومرة تسعة، وأخرى عشرة توابع، وهكذا انهدمت فكرة أن التوابع هي السماء، وبقيت السماء هي ما فوق هذا كله، والحق هو القائل: (إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ) (الصافات: 6).

هذه -إذن- زينة للسماء الدنيا، والسماء التي يقصدها ربنا ليست هي التي يقولون عليها، بل السماء خلق آخر لا يمكن لأحد أن يصل إليه، وكان الجن قديماً يقعدون منها مقاعد للسمع (فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً).

وحدث هذا بعد بعثته صلى الله عليه وسلم والحق هو من قال لنا ذلك.

ولم يوضح الحق لنا حقيقة هذه السماء ونظامها، أي أن ربنا يريد لعقولنا أن تفهم هذا القدر فحسب، وسبحانه خالق السماء التي فوقنا، وهو جل وعلا خالق أراضين.

وأين هي هذه الأراضين؟.     

أهي أراضين مبعثرة؟ ولقد أثبت العلم أن كل مجرّة من المجرّات فيها مليون مجموعة شمسية، وكل مجموعة شمسية فيها أرض، إذن فهناك أراضٍ عديدة، ونلحظ أن الحق سبحانه حين يتكلم عن الأرض فكل مخاطب بالأرض التي هو فيها، ولذلك قال بعض العلماء: إن في هذا العالم العالي توجد أراضٍ، وكل أرض أرسل لهم الحق رسولاً.

والحق هو القائل: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ) (الشورى: 29).

ويعطينا العلم كل يوم مزيداً من الاكتشافات.

وهكذا تكون السماء هي كل ما علاك والأرض كل ما أقلك.

وما دامت سبع سماوات والسماء الأولى فراغ كبير وفضاء، وتأتي بعدها السماء الثانية تُظل السماء الأولى، وكل سماء فيها أرض وفيها سماء أخرى.

ونحن غير مكلفين بهذا، نحن مكلفون بأن نعلم أن الأرض التي نحن عليها مخلوقة لله.

والحق يقول: (خَلَقَ ٱلسَمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ..) (الأعراف: 54).

وقوله: (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) هو ظرف للخلق.

واليوم نعرف أنه المدة من طلوع الشمس إلى الغروب ثم إلى الشروق ومدته أربع وعشرون ساعة.

لكن لابد لنا أن نعرف بعضاً من اصطلاحات الحق القرآنية.

فهو يقول سبحانه وتعالى: (سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) (سبأ: 18).

أي هناك ليل وهناك يوم، إذن فاليوم عند الحق غير اليوم عندنا؛ لأننا نطلق اليوم على المدة الزمنية من طلوع الشمس إلى غروبها وشروقها من جديد.

هكذا يكون اليوم في العرف الفلكي: من شروق إلى شروق، أو من غروب إلى غروب، وقول الحق: (سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ).

يعني أنه سبحانه قد جعل الليل قسماً والنهار قسماً، وهل كان هناك من عرف اليوم إلا بعد أن وجدت الشمس؟.     

وإذا كانت الشمس هي التي تحدد اليوم فكيف عُرف اليوم قبلها وخصوصاً أن السماء والأرض حينما خُلقتا لم تكن هناك شمس أو كواكب؟.     

وعلينا هنا أن نعرف أن هذا هو تقديره سبحانه وقد خاطبنا به بعد أن خلقه، وخاطبنا به بعد أن عرفنا مدة اليوم.

ألم تقرأ قول الله سبحانه: (وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً) (مريم: 62).

وليس في الآخرة بكرة ولا عشى، إذن سبحانه قد قدر البكرة وقدر العشي، وكذلك (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) وتلك هي الآيات المحكمات في القرآن بالنسبة لزمن الخلق؛ ستة أيام، ولكن آية التفصيل للخلق، جاءت في ظاهر الأمر أنها ثمانية أيام.

اقرأ معي: (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ * ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ) (فصلت: 9-12).

والظاهر من آية التفصيل أنها ثمانية أيام، أما آيات الإِجمال فكلها تقول: إنها ستة أيام، ومن هذه النقطة دخل المستشرقون، وادعوا زوراً أن القرآن فيه اختلاف، وحالوا أن يجعلوها ضجة عالية.

ونقول: إنه -سبحانه- خلق الأرض وما فيها في أربعة أيام كاملة بلا زيادة ولا نقصان، فالمراد أن ذلك حصل وتم في تتمة أربعة أيام ويضم إليها خلق السمٰوات في يومين فيكون عدد الأيام التي تم فيها خلق السمٰوات والأرض ستة أيام أو نحمل المفصل على المجمل، فحين يقول الحق: (إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ..) (الأعراف: 54).

فهل خلق الله يحتاج إلى علاج حتى يتطلب الزمن الممتد؟.     

إن ربنا يخلق بـ"كن"، ونحن البشر نعالج على حسب قدرتنا لنخلق شيئاً، وكل عملية نقوم بها تأخذ زمناً، لكن من يخلق بكلمة "كن" فالأمر بالنسبة له هين جداً -سبحانه وتعالى- لكن لماذا جاء بخبر الخلق في ستة أيام؟ نعلم أن هناك فرقاً بين ميلاد الشيء وبين تهيئته للميلاد.

وكنا قد ضربنا المثل سابقاً -ولله المثل الأعلى- بصانع الزبادي، الذي يأتي بأكواب اللبن الدافئ، ثم يضع في كل منها جزءاً من خميرة الزبادي، ويضع تلك الأكواب في الجو المناسب.



سورة الأعراف الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 051-055   سورة الأعراف الآيات من 051-055 Emptyالأحد 18 أغسطس 2019, 12:35 am

تابع تفسير الآية (54)

فهل يؤدي هذا الرجل عملاً لمدة أثنتي عشرة ساعة في كل كوب، وهي المدة اللازمة لتخمر الكوب؟.     

طبعاً لا، فقد اكتفى بأن في كل كوب عناصر التخمر لتتفاعل بذاتها إلى أن تنضج.

ولننظر إلى خلق الجنين من تزاوج بويضة وحيوان منوي.

ويأخذ الأمر تسعة شهور وسبحانه جل وعلا لا يعمل في خلق الجنين تسعة شهور، لكنه يترك الأمر ليأخذ مراحل تفاعلاته.

إذن فخلق الله السمٰوات والأرض في ستة أيام لا يعني أن الستة أيام كلها كانت مشغولة بالخلق، بل قال سبحانه: "كن" وبعد ذلك ترك مكونات السماوات والأرض لتأخذ قدرها ومراحلها؛ لأن ميلادها سيكون بعد ستة أيام.

وفي القرآن آية من الآيات أعطتنا لمحة عن هذه المسألة، فقال سبحانه: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ) (ق: 38).

أي خلق سبحانه السماوات والأرض دون تعب؛ لأنه لا يعالج مسألة الخلق، بل إنما يحدث ذلك بأمر "كن" فكانت السماوات والأرض.

والآية التي بعدها فوراً تقول: (فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ) (ق: 39).

وكأن قوله سبحانه هنا جاء لتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم موضحاً له: إنهم يكذبونك وقد ترغب في أن نأخذهم أخذ عزيز مقتدر.

لكن الحق جعل لكل مسألة كتاباً، فهو قد خلق السماء والأرض في ستة أيام.

ونحن في حياتنا نقول لمن يتعجل أمراً: يا سيدي إن ربنا خلق السماء والأرض في ستة أيام.

فلا تتعجل الأمور.

إذن كان ربنا هو القادر على أن ينجز خلق السماء والأرض في لحظة، لكنه أمر "بكن" وترك المواد تتفاعل لستة أيام.

ولماذا لا نقول: جاء بكل ذلك ليعلمنا التأني، وألا نتعجل الأشياء؟

لأنه وهو القادر على إبراز السماوات والأرض في لحظة، خلقها في ستة أيام، ولذلك قال سبحانه: (فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ) (ق: 39).

أي لا ترهق نفسك لأنه سبحانه خلق السماء والأرض في ستة أيام، وسيأتي لهؤلاء الجاحدين يومهم الذي يؤاخذون فيه بسوء أعمالهم وسوف يأتي حتماً.

وهناك من يتساءل: كيف خلق الكون بما فيه من الرواسي والكائنات؟.     

ونقول: إنه الإنجاز الذي أخبر به سبحانه مرة واحدة، وانفعلت الكائنات للقدرة مرة واحدة، وتعددت استدامة انفعالات السامع لقدرة الله، في كل جزئية من جزئيات الفعل، وأخذ الأمر ستة أيام.

واستقر الأمر بعد ذلك واستتب، وسبحانه يقول: (ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ..) (الأعراف: 54).

ولابد أن نعرف العرش ما هو.

وسبحانه يقول في ملكة سبأ: (وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ) (النمل: 23).

فالعرش إذن هو سرير الملك؛ لأن الملك لا يجلس على العرش إلا بعد إن تستقر الأمور.

فكأن قوله: (ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ) كناية عن تمام الأمور؛ وخلقها وانتهت المسألة.

لكن العلماء حين جاءوا في (ٱسْتَوَىٰ)، اختلفوا في فهمها؛ لأن العرش لو كان كرسياً يجلس عليه الله، لكان في ذلك تحييز لله ووضعه وضمه في جرم ما.

وسبحانه منزه عن أن يحيزه شيء.

ولذلك أخذ العلماء يتلمسون معاني لكلمة (ٱسْتَوَىٰ) منهم من قال: إن معناها هو قصد إليها بخلقه واختراعه، ومنهم من قال: المقصود بها أنه استعلى وارتفع أمره، ومنهم من قال: "صعد" أمره إلى السماء واستند إلى قوله الحق: (ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ) (فصلت: 11).

وكلها معانٍ متقاربة.

وجماعة من العلماء أرادوا أن يخرجوا من التشبيهات؛ فقالوا: المقصود بـ"استوى" أنه استوى على الوجود، ولذلك رأوا أن وجود العرش والجلوس عليه هو سمة لاستقرار الملك.

وحتى لا ندخل في متاهات التشبيهات، أو متاهات التعطيل نقول: علينا أن نأخذ كل شيء منسوب إلى الله في إطار: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى: 11).

فحين يقول سبحانه: (يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (الفتح: 10).

ونحن نفهم أن لليد مدلولاً، والقرآن لغة عربية يخاطبنا بها سبحانه، فالقول أن لله يداً فهذا دليل على قدرته.

واستخدام الحق كلمة اليد هنا كناية عن القدرة.

والإِنسان عليه أن يأخذ كل شيء منسوب إلى الله مما يوجد مثله في البشر، في إطار "ليس كمثله شيء"، فنقول: سبحانه له يد ليست كيد البشر، وله وجود لكنه ليس كوجود البشر، وله عين ليست كعيون البشر.

وله وجه ليس كوجه أحد من البشر.

ولذلك حينما سئل سيدنا الإِمام مالك عن هذه المسألة قال لمن سأله: "الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة" وأراك رجل سَوْء! أخرجوه.

نعم السؤال عنه بدعة لأنه يدخل بنا في متاهة التشبيه ومتاهة التعطيل، وهل سأل أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى الاستواء؟.     

لا؛ لأنهم فهموا المعنى، ولم يعلق شيء من معناها في أذهانهم حتى يسألوا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إنهم فهموها بفطرتهم التي فطرهم الله عليها في إطار ما يليق بجلال الله وكماله.

وإن قال قائل: أرسول الله كان يعلم المعنى أم لا يعلم؟.     

إن كان يعلم لأخبرنا بها، وإن لم يخبرنا فقد أراد أن يكتمها.

وإن لم يكن قد علم الأمر.     

فهل تطلب لنفسك أن تعلم ما لم يعلمه صلى الله عليه وسلم؟ أو أنّه صلى الله عليه وسلم ترك لكل واحد أن يفهم ما يريد ولكن في إطار "ليس كمثله شيء" والذين يمنعون التأويل يقولون: إياك أن تؤول اليد بالقدرة؛ لأنه إن قال: إن له يداً، فقل ليست كأيدينا في إطار "ليس كمثله شيء"؛ لأنه سبحانه له حياة، وأنت لك حياة، أحياته كحياتك؟.

لا، فلماذا إذن تجعل يده مثل يدك؟.     

إذن لابد أن ندخل على كل صفة لله فننفي عنها التعطيل وننفي عنها التشبيه.

ثم إن من يمنعون التأويل نقول لكل منهم: أنت ستضطر أخيراً إلى أن تؤول؛ لأن الحق يقول: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) (القصص: 88).

وما دام "كل شيء هالك إلا وجهه" فكل ما يطلق عليه شيء يهلك، ويبقى وجهه سبحانه فقط، فلو أنت قلت الوجه هو هذا الوجه، فكأن يده تهلك ورجله تهلك وصدره يهلك، وحاشا لله أن يحدث ذلك.

وتكون قد دخلت في متاهة ما لها من آخر.

لذلك نقول: لنأخذ النص وندخله في إطار "ليس كمثله شيء".

وآية الاستواء على العرش هذه، مذكورة في سور كثيرة، وهي تحديداً في "سبعة مواضع"؛ في سورة الأعراف التي نحن بصددها، وسورة يونس، وسورة الرعد، وسورة طه، وسورة الفرقان، وسورة السجدة، وسورة الحديد.

وهنا يقول الحق بعد الحديث عن الاستواء على العرش: (يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ).

الله -سبحانه- قد خلق السماء والأرض للخليفة في الأرض وهيأ له فيها أصول الحياة الضرورية ودلّه على ما يحتاج إليه، فماذا سيفعل هذا الخليفة؟.     

لابد أن يقوم بكل مقومات الحياة، وإذا ما عمل فسيبذل جهداً، والجهد يقتضي راحة.

ومن يشتغل ساعة لابد أن يرتاح ساعة.

وإن اشتغل ساعتين ولم يسترح ساعة غُلب على نفسه.

ونحن نرى في الآلة التي تعمل ثلاث ورديات يومياً أي التي تعمل لمدة الأربع والعشرين ساعة دون توقف أنها تُستهلك أكثر من الآلة التي تعمل ورديتين، والآلة التي تعمل وردية واحدة أي لمدة ثماني ساعات يطول عمرها أكثر.

وكل إنسان يحتاج إلى الراحة.

فشاء الحق سبحانه وتعالى أن يبين لنا أن الليل والنهار متعاقبان من أجل هذا الهدف: (وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ) (القصص: 73).

أي لتسكنوا في الليل، وتبتغوا الفضل في النهار، فإن كنت لم تسترح بالليل فلن تقدر أن تعمل بالنهار، فمن ضروريات حركة الخلافة في الأرض أن يوجد وقت للراحة ووقت للعمل.

لذلك أوضح سبحانه لنا: أنا خلقت الليل والنهار، وجعلت الليل سكناً إلى للراحة والبعد عن الحركة، والحق يقول هنا: (يُغْشِي ٱلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ..) (الأعراف: 54).

ويكون المعنى هنا أن النهار يغشي الليل، ولذلك تحدثنا من قبل عن تتابع الليل والنهار لنستنبط منها الدليل على أن الأرض كرة.

(وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) (الفرقان: 62).

والليل يخلف النهار، والنهار يخلف الليل، وفي مصر نكون في نهار مثلاً، ويكون هذا الوقت في بلد آخر ليلاً، وإذا سلسلتها إلى أول ليل وإلى أول نهار، وأيهما الذي كان خلفه للثاني؟ فلن تجد؛ لأن كلا الاثنين خلقاً معاً.

ولو كانت الأرض مخلوقة على هيئة التسطيح وكانت الشمس قد خلقت مواجهة لسطح الأرض لكان النهار قد خلق أولاً ثم يعقبه الليل، ولو كانت الشمس قد خلقت غير مواجهة للسطح كان الليل سيأتي أولاً ثم تطلع الشمس على السطح ليوجد النهار.

والحق سبحانه أراد من الليل والنهار أن يكون كلاهما خلفة للآخرة، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا إذا كان الله سبحانه خلق الليل والنهار دفعة واحدة.

كان لابد أن تكون الأرض كرة؛ ليغشى النهار الجزء المواجه للشمس، وليغشى الليل الجزء غير المواجه للشمس، وحين تدور الأرض يأتي النهار خلفة لليل، ويكون الليل خلفه للنهار.

(وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) (الفرقان: 62).

(يُغْشِي ٱلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ) ويغشى النهار الليل وحذفت للاعتماد على الآيات السابقة التي منها قوله الحق سبحانه: (وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ) (يس: 40).

أي أن الليل لا يسبق النهار وكذلك النهار لا يسبق الليل، وهذا دليل على أنهما خُلقاً دفعة واحدة.

والحق يقول هنا: (وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ..) (الأعراف: 54).

فلا أحد من هذه الكائنات له اختيار أن يعمل أو لا يعمل، بل كلها مسخرة، ولذلك تجد النواميس الكونية التي لا دخل للإنسان فيها ولا لاختياراته دخل في أمورها تسير بنظام دقيق، ففي الوقت الفلاني ستأتي الأرض بين الشمس والقمر، وفي الوقت الفلاني سيقع القمر بين الأرض والشمس، وسيحدث للشمس كسوف، وسيحدث للقمر خسوف، وكل أمر من هذا له حساب دقيق.

(يُغْشِي ٱلَّيْلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ..) (الأعراف: 54).

والخلق إيجاد الأشياء من عدم، فبعد أن خلق الله الكون لم يترك شؤون الكون لأحد، بل -سبحانه- له الأمر بعد ذلك.

وقيوميته باقية؛ لأنه لم يزاول سلطانه في ملكه ساعة الخلق ثم ترك النواميس تعمل، لا، فبأمره يُعطل النواميس أحياناً، ولذلك شاء الحق أن تكون معجزات الأنبياء لتعطيل النواميس؛ لنفهم أن الكون لا يسير بالطبع أو بالعلة.

لذلك يقول: (أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ).

وإذا نظرت إلى كلمة "الأمر" تجد الحق يقول: (قُلْ إِنَّ ٱلأَمْرَ كُلَّهُ للَّهِ) (آل عمران: 154).

والمقصود هو الأمر الكوني، أما الأمور الاختيارية فلله فيها أمر يتمثل في المنهج، وأنت لك فيها أمر إما أن تطيع وإمّا أن تعصي، وأنت حر.

(أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ) (الأعراف: 54).

وحين يقول سبحانه: (تَبَارَكَ ٱللَّهُ) وقال من قبل: (أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ)، فكل لفظ له معنى، ففي خلقه من البشر مواهب تَخْلق ولكن من موجود وأوضحنا ذلك.

وفي قول آخر يصف الحق نفسه: (وَهُوَ أَسْرَعُ ٱلْحَاسِبِينَ) (الأنعام: 62).

والناس تتعلم الحساب وخلقوا آلات حاسبة، وهي آلات تتم "برمجتها" وإعدادها وتهيئتها للجمع والطرح والضرب والقسمة، وكل حدث من الحساب يأخذ مدة.

لكن الحق يحسب لكل البشر دفعة واحدة.

لذلك فهو أسرع الحاسبين؛ لأنه ليس هناك حساب واحد، فأنت لك حساب مع الله، والآخر له حساب مع الله، والحساب مع الله متعدد بتعدد أفراد المحاسبين، وحساب الحق للخلق لا يحتاج إلى علاج، بل ينطبق عليها ما ينطبق على الرزق، ولذلك حينما سئل عليّ كرم الله وجهه: - أيحاسب الله خلقه في وقت واحد؟ قال: وما العجب في ذلك ألم يرزقهم في وقت واحد؟ وانظر إلى القرآن تجد الحق (أَسْرَعُ ٱلْحَاسِبِينَ) و(أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ)، و (أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ) و (خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ).

وهذه هي الألفاظ التي وردت، ولله فيها مع خلقه صفة، لكن صفة الله دائماً في إطار (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).

(تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ).

و(تَبَارَكَ ٱللَّهُ) أي أنه -تعالى- تنزّه؛ لأن هناك فرقاً بين القدرة المطلقة -وهي قدرة الله- والانفعال للقدرة المطلقة بالإِرادة وبـ"كن" وهذا هو الانفعال والانقياد وللإِرادة والأمر.

ويقول الحق سبحانه وتعالى بعد ذلك: (ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً...).



سورة الأعراف الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة الأعراف الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأعراف الآيات من 051-055   سورة الأعراف الآيات من 051-055 Emptyالأحد 18 أغسطس 2019, 12:36 am

ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والدعاء إنما يكون من عاجز يدعو أو قادراً على إنجاز وتحقيق ما عجز عنه أو يعينه عليه.

وعندما تشعر أنك عاجز فأنت ترتكن إلى من له مطلق القدرة؛ لأن قدرتك محدودة.

إذن فإن كنت تطغى أو تتكبر فاعرف مكانتك ومنزلتك جيداً وتراجع عن ذلك لأنك عرض زائل، والدعاء هو تضرع، وذلة، وخشوع، وإقرار منك بأنك عاجز، وتطلب من ربك المدد والعون.

واستحضار عجزك وقدرة ربك تمثل لك استدامة اليقين الإِيماني.

وما جعل ربنا للناس حاجات إلا من أجل ذلك؛ لأن الإِنسان إذا ما رأى الأشياء تنفعل له، ويبتكر ويخترع فقد يأخذه الغرور، فيأتي له بحاجة تعز وتعجز فيها الأسباب، فيقف ليدعو.

ومن كان متكبراً وعنده صلف وغطرسة يذهب إلى رجل "غلبان" زاهد تجرَّد من الجاه والسُّلطان مُنقطع لعبادة الله ويقول له: أستحلفك برسول الله أن تدعو لي لأني في أزمة والذي يسأل الغلبان الزاهد هو رجل عزيز في قومه لكنه يظن أن الغلبان الزاهد أقرب إلى الله منه.

إذن الدعاء هو الضراعة وإظهار الذلة والخشوع لله؛ لكي يستديم اليقين الإِيماني.

(ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً..) (الأعراف: 55).

وإياك أن تدعو وفي بالك أن تقضي حاجتك بالدعاء، عليك بالدعاء فقط لقصد إظهار الضراعة والذلة والخشوع، ولأنك لو لم تدع فستسير أمورك كما قُدر لها، والدعاء هو إظهار للخشوع، وإياك أن تفهم أنك تدعو الله ليحقق لك مطالبك؛ لأنه سبحانه منزه أن يكون موظفاً عندك، وهناك نظام وضعه سبحانه لتحقيق مطالب العباد.

ومن الناس من يطلب بالدعاء أشياء ضارة.

(وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً) (الإسراء: 11).

والإِنسان قد يتعلق قلبه بأماني قد تضره؛ لذلك نقول: لا تتعجل بالدعاء طلباً لأمنيات قد تكون شراً عليك، والحق العليم ينظم لنا أمورنا، وإياك أيضاً أن تيأس حين لا تجاب دعوتك التي في بالك؛ لأن الله يحقق الخير لعباده.

ولو حقق لك بعضاً مما تدعو فقد يأتي منها الشر، ويترك الله لأقضيتك أموراً تبين لك هذا، وتقول: إن الشيء الفلاني الذي كنت أتمناه تحقق وجاء شراً عليّ.

مثال ذلك قد تحجز لطائرة لكنك لا تلحق بها فقد أقلعت قبل أن تصل إليها وحزنت لأن بعضاً من مصالحك قد فاتك ولم يتحقق وتفاجأ بأن هذه الطائرة سقطت في البحر.

إذن، اجعل حظك من الدعاء هو الخشوع والتذلل والضراعة له سبحانه لا إجابتك إلى ما تدعو إليه، إنك دعوت لتطلب الخير، فدع الحق بقيوميته وعلمه يحقق لك الخير.

واسمع قول الله: (وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ عَجُولاً) (الإِسراء: 11).

إذن فحين يقول الحق: (ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) فسبحانه يطلب منا أن ندعوه لأننا سنواجه لحظات متعددة نعجز فيها عن أشياء، فبدلاً من أن تظل مقهوراً بصفة العجز عن الشيء اذكر أن لك رباً قوياً مقتدراً، وساعة تذكر ذلك لن تأخذك الأسباب من حظيرة الإِيمان.

وقلنا من قبل: من له أب لا يحمل هماً للحياة، فإذا كان الذي له أب لا يحمل هماً لمطلوبات الحياة فمن له رب عليه أن يستحي ويعرف أن ربه سيوفر له الخير؛ لذلك يوضح سبحانه: إذا أعجزتكم الأسباب فاذكروا أن لكم رباً.

وقد طلب منكم أن تدعوه، ولا تظن أن حظك من الدعاء أن تجاب إلى ما طلبت، بل ليكن حظك من الدعاء إظهار التذلل والخشوع لله؛ فقد يكون ما حدث لك نتيجة أنك قد اغتررت بنفسك.

وقد سبق "قارون" إلى الغرور، فماذا حدث له؟.     

لقد هزمه الحق وأنزل به شرّ العقاب.

وقد يجعل الحق من تأبِّى الأسباب وامتناعها عليك مغزى لتلتفت إلى الله، لكن لفتتك لله لا يصح أن تكون بغرض أن يقضي حاجتك، بل اجعل أساس لفتتك لله أن تظهر العجز أمامه والخضوع والخشوع؛ ليعيطك ما لم يكن في بالك حين تدعوه.

(ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً..) (الأعراف: 55).

خُفْية لها معنى وهو أن يكون الدعاء دعاءً مستوراً مختبئاً، ولها معنى آخر وهو أن تكون من الخوف أي ادعو ربكم خوفاً من متعلقات صفات الجلال كالجبار والقهار أو خوفاً من أن يردها الله عليك فلا يقبلها منك.

ادعوا ربكم تضرعاً بذلة وانكسار وخضوع خفية بينك وبين ربك، فلا تجهر بالدعاء وتجعله عملك الوحيد لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا حينما كان في غزوة غزاها فنزل أصحابه وادياً، فلما نزلوا الوادي صاحوا بالتهليل والتكبير، فقال: "أيها الناس اربعوا على أنفسكم، إنكم ليس تدعون أصمَّ ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً قريباً وهو معكم".

والدعاء إلى الله خُفية يبتعد بك عن الرياء وهو أستر لك في مطلوباتك من ربك لأنه حين يوضح لك: ادعني في سرّك لأنني سميع عليم؛ فاعلم كل ما ظهر منك وما بطن، ادع بالخضوع والخشوع والتذلل لتنكسر فيك شهوة الكبرياء، وشهوة الغطرسة، وشهوة الجبروت.

وإذا ما نظرت إلى هذا تجد أن كثيراً من العلماء يقولون: -نعرف قوماً يقرأون القرآن في محضرنا وما عرفنا لشفاههم حركة، وعرفنا قوماً يستنبطون الأحكام من كلام الله وما رأينا منهم انفعالاً يصرفهم عنا.

إذن فالمسألة تعبر عن شغل باطني داخلي.

ويريد الحق سبحانه وتعالى أن يبعدنا عن الرياء ويريد أن يستر علينا مطلوباتنا؛ لأن الإِنسان قد يطلب من الله سبحانه وتعالى ما يستحي أن يسمعه آخر.

(ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً..) (الأعراف: 55).

ولو نظرت إلى هذه الآية لوجدت أن كثيراً من الناس يخالفونها مخالفات جماعية؛ في الليل مثلاً تجد من يصعدون على المآذن أو يصيحون في مكبرات الصوت التي أغنتهم عن صعود المآذن، ويكون الواحد من هؤلاء نائماً طول النهار لأن رفع الأذان هو عمله ليس غير، وبعد ذلك يظل يصرخ ويستغيث ويقول: "إن هذه ابتهالات".

بينما من الناس من هو نائم ليأخذ قسطه من الراحة ليؤدي عمله نهاراً، ولا أحد يطلب من هذا النائم إلا أنه إذا جاء الفجر يستيقظ ويؤدي الصلاة.

فلماذا نقلق الناس بهذا؟ إننا لابد أن ننبه هؤلاء الذين يظنون أنهم يذكرون الناس بدين الله، إنهم بعملهم هذا لا يسلكون الطريق الصحيح؛ لأننا لا يمكن أن نذكر الناس بالله ونصنع مخالفة أو نؤذي أحداً؛ فسبحانه يقول: (ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً).

والتضرع والخُفية تقتضي ألا أقلق الناس، أو أن أعلن الأمور التي أريدها لنفسي خاصة بصوت عال مثل من يأتي في ختام الصلاة ويقول دعاءه بصوت عالٍ وهو رافع يديه، ولمثل هذا أقول: إن الله سبحانه وتعالى جعل لنا القنوت لندعو فيه، وترك كل مسلم أن يدعو بما ينفعل له.

وأنت حين تدعو في ختام الصلاة قد يوجد مُصلٍ مسبوق لحق الصلاة بعد أن سبقه الإمام بركعة أو باثنتين أو بثلاث ويريد أن يكمل صلاته، وأنت حين ترفع صوتك بالدعاء حين تختم صلاتك إنما تفسد عليه إتمام صلاته.

وتشغله بمنطوق من عندك وبكلام من عندك عن شيء واجب عليه.

ومن يفعل ذلك إنما يفعله عن حسن نية، لكنه يسيء إلى عبادة آخر.

إذن فلابد أن نتنّبه إلى أن الله سبحانه وتعالى له مطلوبات، هذه المطلوبات قد تخالفها النفس لغرض ترى أنه حسن، لكن خذها في إطار: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (الكهف: 103-104).

فلابد أن نتنبه إلى مثل هذه المسائل، وعلينا أن نوفر الراحة لمن ينام ليقوم ويصلي الصبح ويذهب إلى عمله؛ لذلك لا داعي أن يفتح إنسان "الميكروفون" ويعلو صوته بالدعاء، ومن يفعل ذلك يظن أنه يحرص على أمر مطلوب فيزعج النائم، بل ويزعج من يصلي بالليل أو "يشوش" على من يقرأ القرآن أو يستذكر بعضاً من العلم.

إن على من يفعل ذلك أن يترك كل إنسان لانفعالاته، وأن يكون ملك نفسه وملك اختياره.

ويعطينا الحق سبحانه وتعالى صوراً كهذه فيقول: (إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً * قَالَ رَبِّ إِنَّي وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنِّي وَٱشْتَعَلَ ٱلرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيّاً) (مريم: 3-4).

إذن كلمة "خفي" موجودة في القرآن، ولابد أن نتنبه إلى الدعاء الخفي.

(ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ) (الأعراف: 55).

إذن إن لم يكن تضرعاً وخفية فهو اعتداء في الدعاء؛ لأنك مُكَلَّف والله هو المُكلَّف، وهو يقول لك: ادعوني تضرعاً وخفية.

فإن فعلت غير هذا تكن معتدياً، وعلى كل هؤلاء أن يفهموا أنهم معتدون فإمّا أن يكون الاعتداء في أسلوب الطلب وإمّا ان يكون الاعتداء في المطلوب.

لأن الحق حدد أسلوب الطلب فأوضح: ادعوني بخفاء، فإن دعوت في غير الخفاء تكن معتدياً على منهج الله.

وكذلك قد يكون الاعتداء في المطلوب فلا يصح مثلاً أن تقول: إنني أدعوك يا رب أن تجعلني نبياً.

إن ذلك لا يصح وربنا سبحانه وتعالى علمنا فيما سرده عن نوح.

فقال: (وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ * قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّيۤ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ) (هود: 45-46).

وهنا نبه الحق نوحاً إلى الاعتداء في المطلوب فقال الحق: (فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (هود: 46).

ولذلك نجد نوحاً يستغفر لأنه سأل ودعا الله هذا الدعاء عن غير علم، فلما عرف ذنبه استغفر الله وقال: (قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) (هود: 47).

وقال له الحق سبحانه: (قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ) (هود: 48).

إذن فالذي لا يسمع منهج الله أو لا يطبقه في الدعاء يكون معتدياً على الحق سبحانه وتعالى، وسبحانه لا يحب المعتدين.

ويقول الحق بعد ذلك: (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا...).



سورة الأعراف الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الأعراف الآيات من 051-055
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الأعراف الآيات من 071-075
» سورة الأعراف الآيات من 156-160
» سورة الأعراف الآيات من 076-080
» سورة الأعراف الآيات من 161-165
» سورة الأعراف الآيات من 081-085

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: الأعراف-
انتقل الى: