منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة المائدة الآيات من 056-060

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 056-060 Empty
مُساهمةموضوع: سورة المائدة الآيات من 056-060   سورة المائدة الآيات من 056-060 Emptyالأحد 23 يونيو 2019, 4:05 am

وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [٥٦]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ونلحظ أن الحق أوضح في الآية السابقة: إن الله هو الولى، وهنا تكون أنت أيها العبد المؤمن من الذين يتولاهم الله، تماماً مثل قوله: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}.

وحين يكون الله في معونتك فهو يعطيك من قدرته غير المحدودة فكيف تتولى أنت الله؟

ويكون القول الحاسم في هذا الأمر هو قول الحق: {إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7].

والحق في الآية التي نحن بصددها جاء بالمقابل لما جاء في الآية السابقة عليها فهو القائل من قبل: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ} [المائدة: 55].

وفي هذه الآية يأتي بالمقابل.

فيقول سبحانه: {وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ} [المائدة: 56].

هذه المقابلة توضح لنا كيف ينصر الله العبد، وكيف ينتصر العبدلله.

ولم يقل سبحانه في وصف من يتولى الله ورسوله والذين آمنوا: إنهم الغالبون فقط، ولكنه أورد هذه الغلبة في معنى عام فقال: {فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ}.

وكلمة "حزب” معناها: جماعة التف بعضهم مع بعض على منهج يرون فيه الخير.

ولا يمكن أن يجتمع قوم بقوة كل فرد فيهم بفكر كل فرد منهم إلا إذا كان هذا الأمر هو خيراً اجتمعوا عليه، إذن فحزب الله في أي وضع وفي أي تكوين ولأيَّةِ غايةٍ هو الحزب الغالب.

وعلى المستوى الفردي نجد في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا حزّبه أمر قام إلى الصلاة".

فما معنى حَزّبه هنا؟

معناه أمر أتعبه وأرهقه وفكر فيه كثيراً.

وبذلك يعلمنا رسول الله ألا نقصر رؤيتنا على رأينا وحده، ولكن لنلجأ إلى الله.

فنهزم الأمر الذي يحزبنا ولا نقدر عليه بأن نقيم مع الله حزباً بالصلاة.

إننا عندما نأخذ من سنة رسول الله المثل والقدوة نعرف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يحزبُه أمر يتعلق بدنياه وإنما أمر يتعلق بمنهج الله وبالدين؛ لذلك يذهب رسول الله إلى من يعطيه ويعطي أهل الإيمان كل الطاقة.

إنّه يذهب إلى الصلاة.

ويعلن أن أسبابه قد انتهت ولم يعد يقوى على تحمل هذا الأمر الذي حَزَبَهُ، ولأن الله لا يغلبه شيء؛ لذلك فسبحانه يرفع الهمَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويغلب كل أمر صعب.

وإن حَزَبَنا هذا الأمر في نفوسنا فسنجد العجب.     

 إذن فحين تعز الأسباب على المؤمن في أمر ما ويكون قد أعطى كل جهده وما زال هذا الأمر يحزب المؤمن ويشتد عليه ويرهقه فعلى المؤمن أن يقوم إلى الصلاة، وييسر الحق هذا الأمر للمؤمن بالخير.

والمؤمن عندما يحزبه أمر ما إنما يذهب بالصلاة إلى المسبب وهو الله، لكن على المسلم ألا يذهب إلى الله إلا بعد أن يستنفد كل الأسباب، فالأسباب إنما هي يد الله الممدودة، ولا يمكن للمؤمن أن يرفض يد الله ويطلب ذات الله، فإن انتهى الأخذ بالأسباب فليذهب إلى المسبب: {أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62].

وسبحانه الذي يجيب المضطر وهو الذي يكشف السوء وهو الذي جعل البشر خلفاء في الأرض، وسبحانه لا شريك له في ملكه، وهو القائل: {قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَاواتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل: 65].

وإذا قال قائل: ولكني أدعو الله ولا يستجيب لي.

ونقول: أنت لم تدع دعوة المضطر؛ لأنك لم تستنفد الأسباب.

وعليك أن تستنفد الأسباب كلها.

فإن استنفدت الأسباب فالحق يجيبك ما دمت مضطراً.

إذن فحزب الله عندما يَغْلِب إنما يعطينا قضية مكونة من "إن المؤكِّدة واسمها وخبرها” وهذه قضية قرآنية وهي تختلف عن القضية الكونية التي تصف واقع الحياة.

ويقول الحق: {وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَالِبُونَ} [المائدة: 56].

وسبحانه يعلم ما يكون في كونه، ولن تختلف قضية القرآن عن قضية واقع الكون.

وساعة تجد قوماً تجمعوا وفي صورتهم الرسمية الشكلية أنهم رجال الله، ولا يَغْلِبُون فعلينا أن نعرف أنهم خدعوا أنفسهم وخدعوا الناس بأنهم حزب الله وواقع الحال أنهم ليسوا كذلك؛ لأنه سبحانه قال: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ} [الصافات: 173].

وهذه قضية قرآنية.

ونأخذ الأمر دائماً بسؤال: هل غلبت أم لم تغلب؟

فإن كنت قد غلبت فإن جنديتك لله صادقة.

وإن لم تكن فأنت تخدع نفسك بأنها جنديّة لله وهي ليست كذلك.

"ولنا المثل الواضح من حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما كان بين صحابته في موقعة أُحُد وأمر الرُّماة أن يقفوا موقفاً خاصاً، فلما وجد الرّمَاة استهلال نصر المؤمنين على الكافرين، وأن الذين يحاربون أسفلهم يأخذون الغنائم، ذهبوا هم أيضاً إلى الغنائم وخالفوا أمر الرسول حينما قال لهم: "إذا رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هَزَمْنا القوم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم".

فلما خالفوا أمر رسول الله أَكانوا جُنوداً لله بحق؟

لا.

بل اختلت جُنديتهم لله.

ولم يمنع وجود رسول الله فيهم سُنَّة الله الإيمانية في كونه ألا تقع، ولو ظلوا مُنتصرين على الرغم من أنهم خالفوا الرسول لهان أمر رسول الله في نظرهم؛ لذلك أراد الحق أن يُوقع بهم ألم الهزيمة المؤقتة من أجل أن يتأدبوا، وحتى يَعضُّوا على أمر سيدهم وسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالنّواجذ.

وقد أورد الحق ذلك الأمر ورسول الله فيهم من أجل مصلحة الإسلام، فلو نصرهم على الرغم من مخالفتهم لرسول الله لجرأهم ذلك على أن يخالفوا.

ويقول الحق بعد ذلك: {يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً...}.



سورة المائدة الآيات من 056-060 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 056-060 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 056-060   سورة المائدة الآيات من 056-060 Emptyالأحد 23 يونيو 2019, 4:06 am

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [٥٧]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والهُزُوُ هو السُّخرية والتَّنكيت.

وهُزْء أهل الكتاب من أهل الحق لون من الانفعال العكسى.

فساعة يرى بعض أهل الباطل واحداً ملتزماً يُصلّي ولا يُحملق في النساء قد يصفونه بصفات غير لائقة؛ لأنهم لا يستقبلون التزامه إلا بلونٍ من السخرية، وحتى لا يفهم أنه خيرٌ منهم، وقد يضلونه فيتبعهم.

ولنفرض أن ثلاثة من الشباب جمعت بينهم الصداقة ثم انحرف منهم اثنان والْتزم واحد منهم.

وكان لأحد المنحرفين أُخت فيطلب زميله المنحرف يد هذه الأخت، ويأتي له الصاحب الذي لم ينحرف ليطلب الأخت نفسها، هنا نجد الأخ لا يوافق على زواج أخته بالمنحرف، بل يوافق على زواجها من الذي لم ينحرف؛ لأنه لن يخدع نفسه.

وعندما يعاتبه المنحرف فهو يرد عليه: وهل أستأمنك على أختي؟

أنا أعرفك حق المعرفة.

وهكذا نرى أن القيم هي القيم.

وعندما يكون هناك إنسان على حق ويلتقي بأناس على باطل نجدهم لا يتركونه وشأنه، ولأنهم لن يستطيعوا أن يكونوا مثله فلا أقل من أن يهزأوا منه حتى يحتفظوا لأنفسهم بفسادهم.

وعندما ننظر إلى العادات الضَّارة التي تنتشر، مثل شمّ الهيروين أو تدخين المخدرات نجد أن الذي وقع في مصيدة هذه المصائب يريد أن يجر غيره إلى مثل هذا المستنقع.

ونجد في القرآن ما يقوله لنا خالق الطباع والعليم بها: {إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} [المطففين: 29-30].

مثل قول أهل الباطل للمؤمن: احملنا إلى الجنة على جناحك.

أو: أتريد أن تكون وليّاً.

{وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ} [المطففين: 31].

ويرجع الواحد منهم إلى أهله فيحكي بسرور: لقد قابلنا إنساناً غارقاً في الإيمان وسخرنا منه: {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ * وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين: 32-33].

بل قد نجد أن أهل الإضلال يتهمون المؤمن بأنه على ضلال، فماذا يكون العقاب يوم الحشر؟

{فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [المطففين: 34-36].

وكأن الحق يسأل المؤمنين: ألم آخذ لكم حقكم؟

إذن فالذين يتخذون الدين هُزُواً ولعباً.

وادَّعوا الإيمان نفاقاً.

إيَّاكم أن تأمنوا لهم.

ولقد حذرنا الحق بداية: {لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ} [المائدة: 51].

وهنا أمر بعدم اتخاذ الذين يتخذون الدين مادة للهزء أولياء، وعلى المؤمنين اليقظة والحذر؛ لأن الحق يقول: {وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} فإن كنتم مؤمنين حقاً فعليكم الأخذ بيقظة الإيمان، عليكم ألا توالوا اليهود والنصارى وكذلك من يتمسح في الإيمان نفاقاً ويريد الانتفاع بمزايا الإسلام ليأخذ حقوقه الظاهرية وقلبه مع غير المؤمنين.

وتقوى الله تبدأ من أن ينفذ المؤمن المنهج، ويحاول أن يستبقي للمنهج مناعة اقتداره أمام خصومه بألا يُدخل المؤمنُ في حماية المنهج من لا يؤمن من اليهود والنصارى والكافرين والمنافقين.     

 ويقول الحق من بعد ذلك: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا...}.



سورة المائدة الآيات من 056-060 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 056-060 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 056-060   سورة المائدة الآيات من 056-060 Emptyالأحد 23 يونيو 2019, 4:07 am

وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ [٥٨]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والنداء هو دعوة بجهر.

ومقابل النداء المناجاة.

وتُثبت هذه الآية أن الأذان مشروع بالقرآن، وفي ذلك رد على الذين يقولون: إن الأذان قد شُرِعَ بالسُّنَّة.

أو أن القرآن بهذه الآية قد أقرَّ تشريع الأذان.     

{وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً} ذلك أنهم كانوا يقولون عن الأذان: لقد صاحوا صياح الحمير.

ووصفهم الحق بقوله: {ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} والعقل -كما نعلم- هو الأداة التي تؤدي مهمة الاختيار ما بين البدائل؛ أي أن يختار الصالح من الأمور فيدرس مزايا كل أمر ومضاره ويختار الأمر الرابح.     

إن الهوى هو الذي يدفع العقل إلى أن يختار أمراً مخالفاً.

فيجنح بالعقل إلى الضلال.

وآفة الرأي الهوى.     

ولا يميل الإنسان عن جادة الصواب إلا إذا أراد أن يخدم هواه.

ولذلك لابد أن يكبح المؤمن جماح هواه بعقله، والعقل مأخوذ من عقال البعير، فصاحب الجمل يقيد ساقه بقطعة من الحبل حتى لا يجمح.

ويحتاج الإنسان إلى العقل ليكبح جماح الهوى، ولينقذ الإنسان من الضلال لا أن يبرر الهوى.

والذين يريدون العقل تحرراً من الفكر نقول لهم: أنتم لا تفهمون معنى كلمة العقل.

فقد جاءت كلمة العقل لتمنع الهوى لا ليجترئ الإنسان بهواه على رأيه وسلوكه المستقيم، والعقل هو الذي يمنع الفكر من أن يكون مبرراً للهوى.

فلو كانوا يعقلون لقلنا لهم: إن الأعمال التي تنادون بها عمر نفعها مظنون وقد تنفعكم في دنياكم، وعمر الدنيا لا يستطيع أحد أن يحدده بالنسبة لنفسه، فدنيا الفرد قد لا تزيد على مائة سنة.

ودنيا الإنسان هو عمره فيها.

وقد ستر الله سبب الموت وكيفيته عن الخلق حتى يعرف الإنسان أن عمره مظنون وقد ينتهي قبل أن تطرف عينه.

ولو كانوا يعقلون لما باعوا آخرتهم بدنياهم.

ولو عقلوا لأداروا مسألة البدائل في رءوسهم ولعلموا أنهم بموقفهم هذا من قضية الإيمان والإسلام إنما يقفون موقفاً خاسراً ليس في مصلحتهم.

ويقول الحق بعد ذلك: {قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ...}.



سورة المائدة الآيات من 056-060 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 056-060 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 056-060   سورة المائدة الآيات من 056-060 Emptyالأحد 23 يونيو 2019, 4:10 am

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ [٥٩]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

و"قُلْ” هي خطاب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وحين يخاطب الحق الرسول، فالخطاب أيضاً لأمته -صلى الله عليه وسلم-، فنقول نحن أيضاً: {قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 59].

و"نَقَم يَنْقِم” أي كره مني أن أفعل هذا، فلماذا تكرهون إيماننا يا أهل الكتاب؟

هل الإيمان مما يكره؟

وجاء الحق هنا بسؤال لا يقدرون على الإجابة عنه، فنحن آمنا بالله وبرسله وما أنزله علينا وما أنزل من قبل، فما الذي يُكره في هذا؟

وأبلغ سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- اليهود أننا نؤمن بالله وبالرسل ومنهم سيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام، فغضبوا منه كثيراً.

فكيف يكره أهل الكتاب إيمان المسلمين بالله؟

مثال ذلك عندما يدعوك إنسان إلى تصرف غير مستقيم أو إلى الذهاب إلى مكان مشبوه فترفض ذلك يكرهك هذا الإنسان، فتقول له: أتكره في سلوكي أن أكون مستقيماً؟

ونعلم أن الإنسان الأمين هو ثروة لِمَنْ يعرفه والذي يستحق النقمة والكراهية هو الفعل الضَّار، أما الإيمان بالله فهو أمرٌ محبوب لأنه يُعلم الإنسان الأدب مع كل خلق الله، ويعلم الإنسان الحفاظ على أعراض الناس، ويعلم الإنسان ألاَّ يعتدي على أموال ودماء الناس ولا يغتاب الناس، ولا يرتشي، وأن يُخلص في العمل وألا يكذب في ميعاد، فأي شيءٍ في هذا يستحق الكراهية؟

إذن، فمَنْ يكره إنساناً لأي سببٍ من هذا فهو كُرهٌ بلا منطق، وكان من الواجب أن يكون سبب الكُره سبباً للمحبة.

وقد يأتي مَنْ يقول لك: ليس في فلان من عيوب إلا كذا.

وقد يورد سبباً معقولاً.

ولكن لا يقول أحد أبداً: لا عيب في فلان إلا أنه شهم؛ لأن الشهامة لا يمكن أن تكون عيباً، كأن القائل قد أعمل ذهنه حتى يكتشف عيباً، لم يجد إلا صفة رائعة، وقال عنها: إن كنت تعتبر هذه الصفة عيباً فهذا هو عيبه.

ويسمون ذلك من أساليب الأداء الأدبي عند العرب وهو تأكيد المدح بما يشبه الذم، فيقول قائل: لا عيب في فلان إلا كذا.

وساعة يسمع السامع هذا يظن أن العيب الذي سيورده هو صفة قبيحة فيفاجأ بأنها خصلة جميلة.

وبذلك يؤكد القائل المدح بما يشبه الذم: {قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ}.

أنتم تقولون: إنكم أهل كتاب وعندكم التوراة، وكان يجب أن تعلموا كيف يشذب الإيمان النفوس ويدفع عنها الشر؛ لأن لكم سابقة في الإيمان، فقد آمنتم بالله وبالرسل السابقين على موسى وآمنتم بموسى، والمسلمون آمنوا بالله وآمنوا بما أنزل إليهم وآمنوا بالرسل ومنهم موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم فكيف يُكره ذلك؟

وإن كان هذا مما يُكره فعلينا كمؤمنين أن نسألكم: لماذا تنكرون علينا ذلك؟

لا شك أنكم تنكرون علينا إيماننا بالله لأنها قضية غير واضحة في أذهانكم.

ولو كانت واضحة في أذهانكم ما كرهتم إيماننا.     

 إذن فمسألة الإيمان بالله غير مستقرة في وجدانكم كأهل كتاب بدليل أنكم تكرهون من آمن بالله، ودليل ذلك أنكم أنزلتم الله منزلة لا تليق بكماله، فجسمتموه وقلتم: {حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: 55].

وقلتم: {إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ} [آل عمران: 181].

وقلتم: {يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64].

إذن فأنتم تكرهون لنا أن نؤمن بالله إيماناً يليق بكمال الله؛ لأنكم لم تؤمنوا بالله صحيح الإيمان، ولو طابق إيماننا إيمانكم ما كرهتمونا.

وكذلك لم تؤمنوا بالكتب بدليل أنكم حرفتموها.

ولم تؤمنوا بالرسل لأنكم وقفتم من عيسى عليه السلام هذه المواقف.

إذن فأنتم تنقمون منا وتكرهون أموراً لا تُكره عند الطبع السليم، وهذا دليل على أن طبعكم هو المختل.

وإذا كنتم تكرهون هذا الإيمان فماذا تملكون لمن تكرهون؟

لا قوة لكم لتفعلوا لنا أي شيء.

ولكن حين يكرهكم الله فماذا يفعل بكم؟

إنكم حين تكرهوننا لا تملكون قدرة لعقابنا، لكن الذي يكرهكم هو الله وعنده القدرة المقتدرة لينتقم لنا منكم.     

 إذن فكراهيتكم لنا لا قيمة لها.

وإذا كنا نجاريكم، والمجاراة لون من جدال الخصوم فماذا يعنيكم من كوننا مؤمنين؟

مثال ذلك أن يتهمك إنسان بأنك بخيل فتقول له: هب أنني بخيل فعلاً فماذا يعنيك من هذا؟

وهذا ما نسميه مجاراة الخصوم؛ لذلك نقول لأهل الكتاب: هب أن لكراهيتكم لنا رصيداً وأنكم تستطيعون إيذاءنا، فلكم شر من هذا وهو عقاب الله، وسنرى ماذا سيحدث لكم عندما يكرهكم الله.

وهو قادر على كل شيء.

وعلى فرض أن إيذاءكم لنا هو شر، فالأكثر فاعلية هو عقاب الحق لكم؛ لأنه عندما يكرهكم يقدر أن يعاقبكم بما شاء.

إذن فالصفقة -صفقة كراهيتكم لنا- خاسرة من ناحيتكم.     

ولذلك قال الحق: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن...}.



سورة المائدة الآيات من 056-060 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 056-060 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 056-060   سورة المائدة الآيات من 056-060 Emptyالأحد 23 يونيو 2019, 4:13 am

قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [٦٠]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فإن سلمنا جدلاً أنكم يا أهل الكتاب تعتبرون كيدكم لنا سيصيبنا بشر.

على الرغم من أنكم لا تملكون أن تجازونا بشيء.

وها هوذا الحق يخبركم على لسان رسوله بالأكثر شراً من هذا، وهي العقوبة التي يصنعها الله لكم وهو قادر على إنزالها بكم وهي الأكثر ضرراً.

وهذا لون -كما قلنا- من مجاراة الخصم.

ويعلمنا الله ذلك على لسان رسوله فيقول لخصومه: {وَإِنَّآ أَوْ إيَّاكمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} [سبأ: 24].

والرسول على الهدى بالقطع وخصومه على ضلال بالقطع، ولكن رسول الله يسلم الأمر طالباً من خصومه أن يراجعوا أنفسهم ليناقشوا القيم التي يدعو إليها الإسلام.

وسيجدون أن قيم الإسلام هي الهُدى وأنهم على ضلال.

ونعلم أن الهدى والضلال لا يجتمعان، فنحن كمسلمين على هدى، وأنتم على ضلال.

ووسيلة التمييز أن يحكم الإنسان عقله في المسألة، وبذلك يرى مَن الذي على هدى ومَن الذي على ضلال، فأنت لا تناقش الخصم في أصل الدعوى، ولكن سلم للخصم جدلاً.

والتمييز النهائي هو الفيصل.

وسيجد المميز حيثية ضلال الخصم واضحة وضوح حيثية هدى المسلمين.

{قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 59].

فإن كنتم تعيبون علينا أو تكرهوننا أو تأخذون إيماننا سُبَّة فهذا أمر لا يُكره الإنسانُ من أجله؛ لأنكم تدعون أنكم مؤمنون بالله.

وكذلك لا يمكن أن يُسب الإنسان من أجل الإيمان بما أنزله الله في كتاب؛ لأنكم أيضاً تقولون إنكم مؤمنون بالتوراة.

وتقولون إنكم مؤمنون بالأنبياء السابقين على موسى.

 والخلاف أن عيسى عليه السلام جاء بعد نبيكم فكفرتم به، لكننا آمنا به فنحن منطقيون مع أنفسنا ومع ربنا.

 والحق يبلغنا: {وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ}.

ونعرف أن صيانة الاحتمال تقتضي ألا يحكم الحق عليهم جميعاً بأنهم فاسقون؛ لأن فيهم بعضاً من الناس تراودهم نفوسهم بالإيمان وبالإسلام؛ لذلك لم يكن الحق أبداً ليعمم الحكم على كل أهل الكتاب بالفسق؛ ليعطي الفرصة لمن يفكر أن يعلن إيمانه.

ومن بعد ذلك يأتي الخبر على لسان الرسول بعقابهم: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِ} إذن فهناك أمر أكثر ضرراً لكم لأنه ما كان يصح أن تكرهوا إيماننا، والأكثر ضرراً من هذا هو لعنة الله{مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ} ويأتي سبحانه بالأوصاف التي فيهم، من لعنة الله وغضبه عليهم وجَعْلِه بعضاً منهم قردة وخنازير.

وكيف يأتي الله بمثل هذه الأوصاف كمثوبة؟

إن هذا لون من فتح باب الرجاء والأمل ثم يصدمهم من بعد ذلك تماماً مثل قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21].

والعذاب الأليم يُنذر به، وكذلك اللعنة لا يمكن أن تكون ثواباً، لكن الأسلوب القرآني يعطي النفس المخالِفة لوناً من الانبساط، ثم يعطيها اللون المناقض له من الانقباض، ليكون ذلك أبلغ في الانقباض وأكثر إيلاماً.

ومثال ذلك -كما قلنا من قبل- المسجون الذي يطلب كوب ماء فيأتي له الحارس بكوب الماء ويقربه من فمه ثم يسكب كوب الماء على الأرض، هذه العملية زرعت في نفس السجين الأمل في الأرتواء أولاً، ثم يكون سكب الماء على الأرض سبباً في التعذيب والإمعان فيه، لكن لو رفض الحارس أولاً تقديم الماء لعاش السجين في اليأس وهو إحدى الراحتين.

 ونرى ذلك أيضاً فيمن ينتظر حكماً قد يكون إعداماً وقد يكون براءة، وتكون فترة الانتظار هي المليئة بالقلق.

وعندما يضعون المنتظر في الميزان يجدون وزنه في انخفاض.

 وبعد الحكم بإعدامه يبدأ وزنه في الزيادة؛ لأن اليأس إحدى الراحتين.

إذن فانبساط النفس ومجيء القبض بعدها هو الأمر الأنكى والأشد قسوة على النفس، ولذلك يقول الحق: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21].

هذه البشارة تأتي بالانبساط للنفس ويتلوها الانقباض، ومثل قول الحق: {وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ} [الكهف: 29].

أي أنه قد وقع عليهم لون من العذاب يستدعي الإغاثة، ومن بعد ذلك يغاثوا لا بما ينقذهم ولكن بما يزيد عذابهم.

 وساعة يسمعون "يغاثوا” تنفرج أساريرهم وتسكن وتطمئن نفوسهم، وبعد ذلك يحدث الانقباض بسماعهم: {بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ}، إذن فكلمة "مثوبة” تأتي لهم بشيء من الانبساط يتلوه العذاب.

هذا.

وإنّ أفعل التفضيل يأتي على صورة "أفعل"، "أكرم"، "أجود"، "أشجع” فهذا لون من زيادة الصفة في طرف عنها في الطرف الآخر.

اللهم إلا كلمات قليلة جاءت في اللغة على غير صيغة التفضيل منها كلمة "خير” وكلمة "شر” فلم تأت منها كلمة "أَخْيَر” بمعنى أكثر خيراً.

ولا كلمة أشر بمعنى أكثر شراً، ومرة تأتي كلمة "خير” ويقابلها الخير الأقل.

والذي يميز المعنى هو وجود كلمة "من” كقولنا: "فلان خير من فلان”.

أما إن قيل: فلان خير” فمقابله هو "شر” لأنه لا توجد كلمة "أَخْيَر”.

وهكذا نجد كلمة "خير” تأتي للوصف مرة وتأتي للمبالغة في الوصف مرة أخرى، والفاصل للتمييز بين الاثنين هو وجود "مِن”.

فيقال: فلان خير من فلان ومثلها في ذلك كلمة شر، وقد ورد استعمال كلمة خير للتفضيل ولغير التفضيل في قوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيۤ أَيْدِيكُمْ مِّنَ ٱلأَسْرَىٰ إِن يَعْلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الأنفال: 70].

والحديث النبوي يقول: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍّ خير".

إن في كل مؤمن خيراً.

ولكن في المؤمن القوي خير أكثر مما في المؤمن الضعيف.

والمثال على أن كلمة "خير” تقابل كلمة "شر"، هو قول الحق: {وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ} [آل عمران: 180].

و"خير” هنا ليست أفعل التفضيل ولكنها للوصف العادي؛ وإذا جاءت "مِن” تعرف أنها للتفضيل، وعدم الإتيان بلفظة "مِن” يدلنا على أنها للوصف العادي ومقابله كلمة "شر”.

وهنا يقول الحق: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ}.

وجاءت كلمة "بشر” هنا للتفضيل ولا يعني ذلك أن المؤمنين في "شر” ولكنها مجاراة للخصم.

واعتبار أن ما يقوله الخصم مقبول جدلاً.

وهناك الأكثر شراً في الواقع وعند الله وهو المراد من قوله تعالى: {مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} [المائدة: 60].

لماذا إذن يكون مصير هؤلاء إلى شر؟

لأنهم كرهوا سلوك المؤمنين ولم يستطيعوا أن ينفسوا عن الغِل الذي في صدورهم بعقوبة المؤمنين.

ولكن الله يكرههم ويملك لهم العقوبة ويكون مصيرهم هو المصير الذي يوضحه الحق في قوله: {لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ} واللعنة هي الطرد من الرحمة.

والطرد من الرحمة يعني حرمانهم من الخير.

ومثال ذلك -ولله المثل الأعلى- عندما يكون هناك خادم في خدمة إنسان ما، وهو يسكن ويأكل ويلبس على حساب السيد، فإذا لم يؤد هذا الخادم حقوق الخدمة على وجهها المطلوب، لا يرضى عنه سيده، ويطرده من الخدمة، وحين يطرد الإنسان خادمه فهو يُعْلن للناس أن هذا الخادم لم يؤد حق الخدمة، فلا يستخدمه أحَدٌ بعد ذلك، وهذا هو الغضب.

وبهذا نعرف الفرق بين أن يُطرد من الرحمة فقط ولا يعقب ذلك شيء، أو أن يستمر الغضب بالإعلان عن السبب في الإخراج من الرحمة، فهذا معناه أن الله بعد أن طردهم يلاحقهم بغضبه وسخطه وأن لعنه لهم لا ينفك عنهم.

والله سبحانه وتعالى يعلن لأهل الكتاب: إن طردي لكم من رحمتي وتواصل غضبي عليكم هو شر عظيم.

 وغضب الله -كما نعلم- يترتب عليه أشياء في كل حركة من حركات حياتهم، إنه يمنع الهُدى أن ينفذ إلى قلوبهم، بأن يختم على قلوبهم فلا يدخلها الإيمان، ولا يخرج منها الكفر.

أو أن يجعل منهم القردة والخنازير.

وإن تساءلنا: كيف يكون نسلهم؟

نعرف أن الذي يُمسخ لا يَتَناسل، إنه يُمسخ إلى أن يُرى مسخاً ثم يؤخذ إلى الموت.

وهل هم الذين اعتدوا في السبت أو الذين عبدوا العجل أو الذين كفروا بعد نزول مائدة عيسى؟

إنهم كل هؤلاء.

أو أنهم قردة، أي في خصال القردة، كالطيش وخفة الحركة وانكشاف العورة، أو طبائعهم وخصالهم كالخنازير، فهؤلاء لهم خبث ونتن وزخم كزخم الخنزير.

وأهم ميزة في الخنزير أنه لا يغار على أنثاه.

وهذه موجودة فيهم.

وتفشَّت فيهم عادة تشغيل بناتهم في الدَّعارة وغير ذلك من أعمال الباطل.

وهكذا نفهم قوله الحق: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ} إما على أساس أنه المسخ الحقيقي.

والمسخ الحقيقي لا يظل متماثلاً ممسوكاً وإنما يكون المسخ لزمن محدود يراه الناس ممسوخاً ثم يموت وينتهي، وإما أن نفهمها على أن سلوكهم كسلوك القردة والخنازير.

 ويتابع الحق: {وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ} والعبادة إنما هي طاعة العبد للمعبود فيما أمر به وفيما نهى عنه.

والطواغيت هم الذين يزينون لهم الشر والنفاق وأكل السحت والإثم.

ويكون مصيرهم هو قوله الحق: {أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} وهذا هو الواقع الذي يعيشون فيه وهو شر كله، وهم لا يفكرون في السير في الطريق السليم.

وعندما نقرأ قول الحق كاملاً في هذه الآية: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ ٱلْقِرَدَةَ وَٱلْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ ٱلطَّاغُوتَ أُوْلَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} [المائدة: 60].

نعرف أنهم في حالة غفلة عن مسار الهدى الموصل للحق؛ لأن{سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ} هو الأمر المستوي الموصل للغاية.

وكانت طرق العرب إما فيها رمال وإما بين الجبال، وكانوا يختارون السير في وسط الطريق حتى لا ينالهم أذى من جرف هاوٍ من الرمال فيقع بهم أو أن تقع عليهم صخرة من جبل.

ولذلك قال الحق: {قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدِّقِينَ * أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ * فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ} [الصافات: 51-55].

أي أنه في وسط الجحيم.

ويقول الحق بعد ذلك عن الذين غضب عليهم: {وَإِذَا جَآءُوكُمْ قَالُوۤاْ...}.



سورة المائدة الآيات من 056-060 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة المائدة الآيات من 056-060
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة المائدة الآيات من 001-005
» سورة المائدة الآيات من 081-085
» سورة المائدة الآيات من 096-100
» سورة المائدة الآيات من 086-090
» سورة المائدة الآيات من 011-015

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: المائدة-
انتقل الى: