منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي المنتدى)
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه)

(فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة المائدة الآيات من 026-030

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: سورة المائدة الآيات من 026-030   سورة المائدة الآيات من 026-030 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 5:15 am

قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [٢٦]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فهل كان التحريم مدته أربعون عاماً؟

أو أنه قال: "إنها مُحرّمة عليهم”وانتهى الأمر لأنهم تَأَبّوا على أن يدخلوها؟.

ولذلك فكل الذين قالوا: "لن ندخلها أبداً ماداموا فيها”لم يعش منهم أحد ليدخل هذه الأرض.

وبعد ذلك صدر الحكم الآتي: {أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ} فهل هذا القول هو استئناف للقول السابق فيكون ظرفاً لـ "مُحرّمة”.

أو هو حكم منفصل؟.

تصح هذه، وتصح تلك.

والتيه هو كما نقول: فلان تاه أي سار على غير هدى ولا يعرف لنفسه مدخلاً ولا مخرجاً، والواحد عندما يدخل في مجال متشعب المسالك ومتعرج الطرقات، فهو لا يعرف كيفية الخروج منه، هذا هو التيه.

ولكن كم فرسخاً هي مساحة التيه؟.

حدّدها العلماء بستة فراسخ [والفرسخ قدر ثلاثة أميال].

كيف يتيهون في تلك المساحة الضيقة من الأرض؟

لقد أراد الله ذلك؛ لأنهم ساعة يمشون ويرهقون فينامون ويأتي عليهم الصباح ليجدوا أنفسهم عند النقطة التي بدأوا منها، وكانوا يضعون العلامات لإيضاح الطريق، لكنهم كل صباح كانوا يجدون العلامات قد انتقلت من مكانها.

وظلّوا على هذا الوضع وفي هذا التيه إلى الأمد والوقت الذي حدَّده الله وهو أربعون سنة يتيهون في الأرض.

وحين يؤدبّ الله عاصياً يحفظ له من القوت والرزق ما يبقى به حياته ولو كان كافراً؛ لأنه سبحانه هو الذي استدعاهم إلى الوجود، ولهذا لم يضنّ عليهم في التيه بما لم يضنّ به على الكافرين به سبحانه إذن حفظ الحياة أمر ضروري.

وعنما يرتكب إنسانٌ مَا ذنباً كبيراً في حق المجتمع فإننا نضعه في السجن، ولكننا نطعمه ونسقيه، وعندما يرتقي المجتمع الإنساني، فهو يوفّر للسّجين عملاً يتناسب مع مواهبه ويحبس عنه حُرية الحركة في المجتمع، والسجين المذنب يظل في السجن، ولكنه يأكل ويشرب وينام ويعمل، فقط تختلف المسألة في النقطة المهمة في الحياة وهي أن يتحرك المتحرك وفق حريته، فما بالنا بالحق الأعظم عندما سجنهم في التيه؟.

لقد أطعمهم الله وسقاهم وأنزل عليهم المَنّ والسَّلوى.

وقد يقول قائل: إن الله قد أنزل عليهم المَنّ والسَّلوى ليعيشوا كُسَالى وغّرقى في التَكبر والغرور.

ونقول: لا.

فذلك الإجراء الإلهي من ضمن حكمه البالغة أن يطيل عليهم الوقت.

فلو أنه سبحانه وتعالى قد جعلهم يزرعون ويحرثون لانشغلوا بأمور الحياة اليومية، لكن الحق أراد أن يُطيل عليهم الإحساس بالزمن.

فالمسألة ليست طعاماً وشراباً.

ولكن هناك كرامة فوق الطعام وفوق الشراب.

 إننا نرى ذلك عندما نسمع عن اعتقالات لبعض الأفراد الذين أساءوا للمجتمع.

وتسمح لهم السلطات بالطعام الذي يأتيهم من منازلهم.

ولكنَّ هؤلاء المعتقلين يشعرون بالضيق من تقييد الحركة.

إذن أراد الحق لهم عقاباً صارماً في فترة التيه.

ولذلك نجد بعضهم يحسب المسألة والزمن في فترة التيه، فيقول الواحد منهم ما ذكره الحق: {وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَىٰ لأَخِيهِ هَارُونَ ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} [الأعراف: 142].

وبعد أن رحل موسى عن القوم عبدوا العجل الذي صنعه لهم موسى السامريّ، وعاد إليهم موسى وعاتب أخاه هارون العتاب القاسي، وعاقبهم ربهم على كفرهم أربعين سنة.

كأن كل يوم من عبادة العجل صار سنة من العقاب في التيه.

ولأنه رَبُّ ورحيم لم يتركهم دون أن يحفظ لهم حياتهم بالقوت، فكان القوت هو المَنّ والسَّلوى.

هل كان موسى عليه السلام معهم في التيه أم لا؟

وهل مات معهم في التيه أم لا.؟

تلك أسئلة لا تهمنا الإجابة عنها بالرغم من أن بعض العلماء قد شغلوا أنفسهم بها؛ فتلك أمور لا تنفع ولا تضر.

المهم أن بني إسرائيل لم يدخلوا أريحا إلا على يد يوشع بن نون بعد الأربعين سنة: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لاۤ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25-26].

ولنا أن نقرأ هذا القول الحكيم كما يلي: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لاۤ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ}.

وهذا الوقف يعطينا الفهم بأن الأرض المقدسة صارت مُحَّرمة عليهم إلى الأبد.

وبعد ذلك يأتي أمر الله بعقابهم في التيه أربعين سنة: {أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ}.

أما لو قرأنا هذا القول الحكيم كما يلي: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لاۤ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ} فهذه القراءة تتيح لنا الفهم بأن مدة العقوبة لهؤلاء القوم الفاسقين أربعون سنة في التيه.

ودخلوا بعدها مدينة أريحا.

 ويأمر الحق موسى ألاَّ يحزن على هؤلاء القوم الفاسقين، ذلك أن موسى عليه السلام عندما دعا الله بقوله: {فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا} انتابه قدرٌ من الضّيق من هذا الدُّعاء وقال لنفسه: لماذا لم أدعُ لهم بالهداية بدلاً من أن أدعو بالفراق؟،       

ولذلك قال له الحق: {فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ} أي فلا تحزن عليهم لأنهم أَّوْلَى بالعذاب لفسقهم ومخالفاتهم.

ومن بعد ذلك يقول الحق: {وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ...}.



سورة المائدة الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 026-030   سورة المائدة الآيات من 026-030 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 5:16 am

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [٢٧]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وساعة يتلو الإنسان -أي يقرأ- فهو يتكلم بترتيب ما رآه من صُور؛ ذلك أن الإنسان عندما يرى أمراً أو حادثة فهو يرى المجموع مرة واحدة، أو يرى كل صورة مكّونة للحدث منفصلة عن غيرها.

وعندما يتكلم الإنسان فهو يرتّب الكلمات، كلمة من بعد كلمة، وحرفاً من بعد حرف؛ إذن فالمتابعة والتلاوة أمر خاص بالكلام.

{وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ} والنبأ هو الخبر المهم، فنحن لا نطلق النبأ على مطلق الخبر.

ولكن النبأ هو الخبر اللافت للنظر.

مثال ذلك قوله الحق: {عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ * عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ} [النبأ: 1-2].

إذن فكلمة "نبأ”هي الخبر المهم الشديد الذي له وقع وأثر عظيم.

{وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ} وساعة نسمع قوله الحق: "بالحق”فلنعلم أن ذلك أمر نزل من الحق فلا تغيير فيه ولا تبديل.

ولذلك قال سبحانه: {وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: 105].

أي أن ما أُنزل من عند الله لم يلتبس بغيره من الكلام، وبالحق الجامع لكل أوامر الخير والنواهي عن الشّر نزل.

وعندما يقول سبحانه: {وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ} فسبحانه يحكي قصة قرآنية تحكي واقعة كونية.

ومادام الله هو الذي يقصّ فهو سيأتي بها على النموذج الكامل من الصدق والفائدة.

ولذلك يسمّيه سبحانه "القصص الحق":    

{إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ} [آل عمران: 62].

ويُسمّيه سبحانه: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ} [يوسف: 3].

وسبحانه يقول: {وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ} ونعرف أن آدم هو أول الخلق البشري، وأن ابني آدم هما هابيل وقابيل، كما قال المفسرون.

وقد قرّب كل منهما قرباناً. والقُربان هو ما يتقرب به العبد إلى الله، و"قربان”على وزن "فعلان”.

فيُقال: "كَفَر كُفراناً” و”غَفَر غُفراناً”.

وهي صيغة مبالغة في الحدث.

وهل قدّم الاثنان قرباناً واحداً؛ أم أن كلا منهما قدّم قرباناً خاصّاً به؟

مادام الحق قد قبل من واحد منهما ولم يتقبّل من الآخر فمعنى ذلك أن كلاًّ منهما قدّم قرباناً منفصلاً عن الآخر؛ لأن الله قبل قربان واحد منهما ولم يتقبل قربان الآخر.

و"القربان” مصدر.

والمصادر في التثنية وفي الجمع وفي التذكير والتأنيث لا يتغير نطقها أو كتابتها.

فنحن نصف الرجل بقولنا: "رجل عدل” وكذلك "امرأة عدل” و"رجلان عدل” و"امرأتان عدل” و"رجال عدل”و "نساء عدل”.

إذن فالمصدر يستوي فيه المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث.

ونعلم أن آدم هو أول الخلق الآدمي، وجاءت له حواء؛ وذلك من أجل اكتمال زوجية التكاثر؛ لأن التكاثر لا يأتي إلا من ذكر وأنثى: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49].

فكل موجود أراد له الحق التكاثر فهو يخلق منه زوجين.

{سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ} [يس: 36].

ونرى ذلك حين نقوم بتلقيح النخلة من طلع ذكر النخل.

وهناك بعض الكائنات لا نعرف لها ذكراً وأنثى؛ إما لأن الذكر غير موجود تحت أعيننا، ولكن يوجد على بعد والريح هي التي تحمل حبوب التلقيح: {وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً} [الحجر: 22].

فتأتي الريح بحبوب التلقيح من أي مكان لتخصب النبات، وإما أن الذكورة والأنوثة يوجدان معاً في شيء واحد أو حيز واحد، مثال ذلك عُود الذّرة؛ حيث نجد ذكورته وأنوثته في شيء واحد؛ فقمّة العود فيها الذكورة ويخرج من كل "كوز”ذرة قدراً من الخيوط الرفيعة التي نسمّيها "الشّوشة”.

وهذه هي حبال الأنوثة.

وينقل الهواء طلع الذكورة من سنبلة الذرة إلى "الشوشة"، وكل شعرة تأخذ من حبوب اللقاح كفايتها لتنضج الحبوب، وعندما تلتصق أوراق كوز الذرة ولا تسمح بخروج الخيوط الرفيعة لحبال الأنوثة، ولا تصلها حبوب اللقاح، فيخرج كوز الذرة بلا نضج وبلا حبوب ذرة.

وعندما نمسك بكوز الذرة ونفتحه قد نجد بعضا من حبوبه ميتة وهي تلك التي لم تصلها حبوب اللقاح؛ لأنها لم تملك خيطا من الحبال الرفيعة لتلتقط به حبوب اللقاح.

وحبّة الذّرة التي لم يخرج لها خيط رفيع لالتقاط حبوب اللقاح لا تنضج.

إذن فكل شيء فيه الذكورة والأنوثة.

{سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا} [يس: 36].

وكذلك قوله: {وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ}.

وكل ما يقال له شيء لابد له من ذكر وأنثى، حتى المطر لابد أن يلقح فلو لم يتم تلقيح المطر بالذرات لما نزل المطر، وحتى الحصى فيه ذرات موجبة وذرات سالبة.

وعندما اخترعنا الكهرباء واكتشفنا الموجب والسالب ارتحنا.

إذن فعندما يقول الحق: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات: 49].

وقوله سبحانه: {سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ} [يس: 36].

وهذا أول علم للعرب، فلم يكونوا من قبل القرآن أمّة علم.

وقد أوصل القرآن كل العلم للعرب حتى فاقوا غيرهم، عندما أخذوا بأسباب الله، لكن عندما تراخوا وواصل غيرهم الأخذ بالأسباب تقدمت الاكتشافات، وهذه الاكتشافات نجدها مطمورة في القرآن: {سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ} [يس: 36].

إذن فكل ما يجدُّ ويحدث ويكتشف من شيء فيه موجب وسالب أي ذكورة وأنوثة؛ يدخل في نطاق: {وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ} [يس: 36].

والإنسان سيد الوجود لابد له من زوجين ذكر وأنثى للتكاثر لا للإيجاد، أما الإيجاد فهو لله سبحانه وتعالى الذي أوجد كل شيء مِن لا شيء.

وعندما جاء آدم وحواء وبدأ اللقاح والتكاثر أخذ عدد سكان الأرض في النمو.

ولو أننا رجعنا بالأنسال في العالم كله رجعة متأخرة نجد العدد يقل إلى أن يصل إلى آدم وحواء.

مثال ذلك لو عدنا إلى الوراء مائة عام لوجدنا تعداد مصر لا يتجاوز خمسة ملايين نسمة على الأكثر، ولو عدنا إلى الوراء قروناً أكثر فإن التعداد يقل، إلى أن نصل إلى الخلق الأول الذي خلقه الله وهو آدم وخلق له حواء.

فالإنسان بمفرده لا يأتي بنسل.

 إذن عندما نجري عملية الإحصاء الإنسالي في العالم ونرجع بها إلى الوراء، نعود إلى الخلق الأول.

وكذلك كل شيء متكاثر سواء أكان حيواناً أم نباتاً.

وعندما نسير بالإحصاء إلى الأمام سنجد الأعداد تتزايد، وتكون القفزة كبيرة.

وعندما يبلغنا الحق أنه خلقنا من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبثَّ منهُما رجالاً كثيراً ونساء، فإن عِلم الإحصاء إنما يؤكد ذلك.

والتكاثر إنا يأتي بالتزاوج.

والتزاوج جاء من آدم وحواء.

وأراد الحق أن يرزق آدم بتوائم ليتزوج كل توأم بالتوأم المخالف له في النوع من الحمل المختلف.

أي يتزوج الذكر من الأنثى التي لم تولد معه في بطن واحدة.

 وجاء ربّنا لنا بهذه القصة كي يبين لنا أصل التكاثر بياناً رمزياً.

أوضح سبحانه: أن التباعد الزوجي كان موجوداً، ولكنه التباعد الإضافي، صحيح سيكون هذا الولد أخا للبنت هذه، وهذه البنت أخته؛ لكن حين تكون مولودة مع هذا، وتأتي بطن ثانٍ فيها ذكر وأنثى، فسيكون فيها بُعد إضافي، فتتزوج البنت لهذا البطن بالذكر في البطن الثاني.

والذكر للبطن الثاني للبنت في البطن الآخر، وهذا هو البُعد الإضافي الذي كان مُتاحاً في ذلك الوقت؛ لأن العالم كان لا يزال في بداية طفولته الواهية.

 ونلحظ مثل هذا الأمر في الريف، حين يقول فلاح آخر: "الذرة بتاعك خايب"، يقول الفلاح الثاني: إني آخذ من الأرض التي أخذت منها الذرة وأعطيها تقاوى منها، فأنا قد زرعت فداناً من ذرة، وأحجز كيلتين أو ثلاثا أستخدمها تقاوى لأزرعها، فتخرج الذرة ضعيفة، فيقول الفلاح الناضج: يا شيخ هات من ذرة جارك.

فيكون ذرة جاري فيه شيء من البُعد.

وبعد ذلك تصير النوعية واحدة، فيقول الفلاح الناضج: هات من بلد أخرى.

وبعد ذلك من بلد ثالثة، ولذلك فالتهجين والتكاثر كيف نشأ؟

من أين نأتي بالتقاوى؟

كلما جئنا بها من الخارج يكون الناتج قوياً.

كذلك التزاوج ليكون في هذه الزوجية مواهب، ولذلك فطن العربي قديماً لها، ومن العجيب أن هذا العربي البدوي الذي لم يشتغل بثقافة ولم نعرف له تعليما ولا علماً، يهتدي إلى مثل هذه الحقيقة اهتداءً يجعلها قضية عامة فطرية.

ويريد أن يمدح رجلاً بالفتوة، فيقول عنه:
فتى لم تلده بنتُ عمٍ فيضوي وقد يضوي سليل الأقارب

كيف اهتدى هذا الشاعر لهذه؟!

وبعد ذلك يقول:
تجاوزت بنت العّمِ وهي حبيبة إليّ مخافة أن يضوي على سليلها

أي هو يحبها، لكنه تجاوزها، حتى لا يضوي سليلها.

ولذلك يقول الشاعر في هذه القضية:
أنصح من كان بعيد الهم تزويج أولاد بنات العم فليس ينجو من ضوى وسقم

الشاعر العربي الذي ليس في أمَّةٍ مثقفة ولا تعرف التهجين ولا تعرف هذه الأشياء، انتبه إلى هذه المسألة، كيف؟

إما أن يكون قد اهتدى إليها في واقع الكون فوجد أن زواج القريبات يُنشئ نسلاً ضعيفاً، وإما أن يكون ذلك من رواسب الديانات السابقة القديمة والعظات الأولى التي ظل الإنسان محتفظاً بها، فإذا أراد الله أن يبدأ تكاثر فلابد أن يتزوج أخ بأخته، ولكن سبحانه يريد أن نتباعد، نعم أخ وأخت لكن نتباعد فنأخذ البطن المختلف، ولذلك حينما جاءوا لينسبوا قصة ابني آدم قابيل وهابيل، صحيح اختلفوا.

مثلاً "سِفْر التكوين”تكلم، ونحن نأخذ من "سفر التكوين”لأن التغيير فيه لا يهمهم.

فقد كان التغيير في المسائل التي تهمهم، كمسألة نبوّة محمد -صلى الله عليه وسلم-، إنما المسائل الأخرى لا تهم، ومع ذلك ففيها أيضا الكثير.

 إنهم يقولون: إن هابيل هو أول قتيل في الإنسانية وقتله "قابيل”وبعض القصص تقول: لم يكن يعرف كيف يُميته أو يقتله، فالشيطان مَثَّل له بأنه جاء بطير ووضع رأسه على حجر ثم أخذ حجراً آخر فضرب به رأسه حتى قتله، فعلّمه كيف يقتل، مثلما سيأتي الغراب ويُعلّمه كيف يدفن، أما مسألة كيف يقتل هذه لم تأت عندنا، إنما كيف يدفن فقد جاءت عندنا.

{فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ} [المائدة: 31].

فهذا هو أول من توفّى وقتل، لكن كيف تقولون: إنه لم يكن يعرف القتل حتى جاءه الشيطان وعلّمه كيف يقتل أخاه؟

نقول: أنتم لم تنتبهوا.

فالحق قال: {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ...}.



سورة المائدة الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 026-030   سورة المائدة الآيات من 026-030 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 5:19 am

لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ [٢٨]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فقابيل -إذن- فاهم للقتل، فلا تقل إنه تعلم القتل، صحيح مسألة الدفن هذه جديدة، والقصة جاءت لتثبت لنا كيف بدأ التكاثر، ليجمع الله فيه بين الزوجين البُعد الإضافي؛ لأن البُعد غير الإضافي غير مُمكن في هذا الوقت فتكون هذه بالنسبة لهذا أجنبية، وهذا بالنسبة لهذه أجنبي إلى أن يتوسع الأمر، وبعد ذلك يُعاد التشريع بأن الأخت من أي بطن مُحَرَّمَة على أخيها تحريماً أبديًّا، وبعد ذلك نتوسع في الأمر وننقله إلى المُحَرَّمَات الأخريات من النَّسب والرَّضاع فلابد أن لهذه القصة أصلاً.

هم قالوا نقرب قرباناً.

لماذا؟

"إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر”.

لماذا يريدان أن يُقرِّبا قُرباناً؟

قالوا: إن أخت قابيل التي كانت في بطن معه كانت حلوة وجميلة، وأخت هابيل لم تكن جميلة، فطبقا لقواعد التباعُد في الزوجية كان على هابيل أن يأخذ أخت قابيل، وقابيل يأخذ أخت هابيل، فَحَسد قابيل أخاه وقال: كيف يأخذ الحلوة، أنا أولى بأختي هذه.

وكان سيدنا آدم مازال قريب العهد بالوحي، فقال: قربوا قرباناً وانظروا.

لأنه يعلم جيداً أن القربان سيكون في صف التباعد.

{إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ}.

وبعض المفسرين يقول: والله نحن لم نعرف طريقة التقبّل هذه.

نقول له: فلنبحث عن "قُربان”في القرأن.

ننظر ما هو القُربان؟

قد وردت هذه الكلمة في القرآن في أكثر من موضع.

قال: {ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ} [آل عمران: 183].

والحق يقول لهم ردًّا عليهم: {قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ} [آل عمران: 183].

{وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ} ما هو؟

إنه القُربان الذي تأكله النار.

إذن كان القُربان معروفاً والاحتكام إلى قربان وتأكله النار علامة التقبّل من السماء ويكون صاحبه هو المُقرَّب، والقُربان في مسألة هابيل وقابيل لكي يعرف كل منهما من يتزوج الحلوة ومن يتزوج الأخرى، وتقبل الله قربان هابيل.

لكن أرضِي المهزوم؟

لا.

بل حَسَده، وهذا أول تأب على مُرادات الحق في تكليفه.

{فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ}.

وقالت لنا القصص: إن هابيل كان صاحب ضرع أي ماشية وبذلك يكون عنده زبْد ولبن وجبن، وحيوانات للحم، والثاني صاحب زرع وقالوا: إن قابيل قدّم شِرار زرعه، وهابيل قدّم خيار ماشيته.

{فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ}.

{قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ} وسبحانه قال: {أَحَدِهِمَا} ولم يقل قابيل أو هابيل، {إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ}.

فقوله: {قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ} من الذي قال؟

الذي قال هو من لم يتقبل قربانه؛ لأنه لم يحقق مُراده وغرضه.

{قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ}.

وهل هذا الرّد مُناسب لقوله: "لأقتلنك"؟

نعم؛ لأن "لأقتلنك”بسبب أن قربانك قُبِل وقرباني لم يُقبَل.

 قال: فما دخلي أنا بهذه العملية؟

الدخل في العملية للقابل للقربان، فأنا ليس لي دخل فيها، وربّنا لم يتقبله لأن الله لا يتقبل إلا من المتقين.

وهو يعلم أنك لست بمتقٍ؛ فلن يتقبل منك لأنك تأبيت عن حكاية الزواج بابنة البطن المخالف، وهذا أول تمرُّد على منهج الله وعلى أمره لذلك قال هابيل: لا تلُمني فأنا لا دخل لي في القربان المتقبل؛ لأن هذا من عند الله.

والله لم يظلمك؛ لأن ربنا يتقبل من المتقين.

وأنت لست بمتقٍ؛ لأنك لم تَرْضَ بالحكم الأول في أن تبتعد البطون{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ}.

{لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ} [المائدة: 28].

وكلمة "البسط”ضد "القبض"، وهناك: "بسط له"، و"بسط إليه”.

وتجد "بسط له كأن البسط لصالح المبسوط له.

{وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ} [الشورى: 27].

ولم يقل: "إلى عباده”بل قال: "لعباده"، إذن فالبسط لصالح المبسوط له ولذلك لا يكون بإلى إلاّ في الشر.

وشرحنا من قبل هذه المسألة في قوله الحق: {إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ} [المائدة: 11].

إذن فالذي يبسط لك يعطيك نفعا والذي يبسط إليك يكون النفع له هو.

{لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ}.

وبيّنت "لتقتلني”مدلول "إليّ”.

والعلة لا عجز عن مقابلة قوّتك بقوة، لا، وإنما لأنني أخاف الله، فليس في هذا تقصير في الدفاع عن نفسي لأنني أريد أن أُحَنّنِك تَحنيناً يرجعك إلى صَوابك.

وساعة يأتي واحد يريد أن يقتل واحداً يقول له: والله لن أقاتلك لأنني أخاف ربنا.

 إذن فبيَّن له أن خَوفه من الله مسألة مُستقرة في الذهن حتى ولو كانت ضد استبقاء الحياة، وقد يعرفها في نفسه لأن أخاه كان يستطيع أن يقدّم دفاعاً قويا، لقد ردّ الأمر إلى الحقّ الأعلى.

فلا تقل كان هابيل سَلبيّا لا.

إنه صعّد الأمر إلى الأقوى ويقول الحق: {إِنِّيۤ أُرِيدُ...}.



سورة المائدة الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 026-030   سورة المائدة الآيات من 026-030 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 5:20 am

إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ [٢٩]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

و"تبوء”أي ترجع من صفقة قتلى بأن تحمل إثم تلك الفعلة وتنال عقوبتها و"إثمك” وكذلك الإثم الذي كان من أجله أنك أردت أن تقتلني؛ لأنك تأبيت على المنهج، حين لم يتقبل ربنا قربانك.

فقد أثمت في عدم قبولك التباعُد المطلوب في الزوجية.

إذن فأنت عندك إثمان: الإثم الأول: وهو رفضك وعدم قبولك حكم الله ومنهجه وهو الذي من أجله لم يَقبل الله قربانك، والإثم الثاني: هو قتلي وأنا لا دخل لي في هذه المسألة؛ لأن الظالم لابد أن يأخذ جزاءه.

إن هابيل يقول: {إِنِّيۤ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ} لم يتمن أن يكون أخوه عاصياً.

بل قال: إن كان يعصي بهذه يبوء بإثمي ويأخذ جزاءه؛ فيكون قد تمنى وأراد له أن يعود إلى العقاب ويناله إن فعل وهو لا يريده أن يفعل.

{إِنِّيۤ أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ} وجزاء الظالمين تربية عاجلة للوقوف أمام سُعارات الظلم من الظالمين؛ لأن الحق لو تركها للآخرة لاستشرى الظُلم، والذي لا يؤمن بالآخرة يصبح مُحترفاً للظُلم، ولذلك قلنا من قبل: إن الحق سبحانه وتعالى ضرب لنا ذلك المثل في سورة "الكهف”حينما ذكر لنا قصة ذي القرنين: الذي آتاه الله من كل شيء سبباً فأتبع سبباً، وبعد ذلك بيَّن لنا مُهمة مَنْ أوتي الأسباب واتبع الأسباب، وجعل قضيته في الأرض لعمارة الكون وصلاحه، وتأمين المجتمع.

ماذا قال: {حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86].

هذا في رأي العين، فحين تكون راكباً البحر.

ترى الشمس تغرب في الماء، هي لا تغرب في الماء؛ لأن الماء هو نهاية امتداد أُفقك.

{حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} [الكهف: 86].

إذن فقد خيره: إمأ ان تعمل هذا وإما أن تعمل ذاك.

{قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ} [الكهف: 87].

ذلك هو القانون الذي يجب أن يسير في المجتمع.

حتى لا أترك لمن لا يؤمن بإله ولا يؤمن بآخرة أن يستشري في الظلم.

فَلْيأخذ عقابه في الدنيا.

{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ} [الطور: 47].

أي قبل الآخرة لهم عذاب.

ولذلك حين يرى الناس مصرع الظالم، أو ترى الخيبة التي حدثت لهم فهم يأخذون من ذلك العظة، وجيلنا نحن عاصر ظالمين كثيرين نكل بعضهم ببعض؛ ولو مُكِّن المظلومون منهم ما فعلوا بهم ما فعله بعضهم ببعض، وأراد الحق أن يجري عذابهم أمامنا لتتضح المسألة.

{قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ} [الكهف: 87].

ولا ينتهي أمره بذلك، وبعد ذلك يُردّ لمن؟

يُردّ لله: {ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً} [الكهف: 87].

يعني عذاب الدنيا؛ إن عذابها سيكون محتملا لأنه عذاب منوط بقدرة العاجزين، إنما العذاب في الآخرة فهو بقوة القادر الأعلى: {وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً ٱلْحُسْنَىٰ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً} [الكهف: 88].

تلك هي مهمة الله القوي المتين: إنّ الذي يظلم يضربه على يده، والذي يحسن عمله يعطيه الحوافز.

والحق يقول هنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ...}.



سورة المائدة الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52879
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 026-030 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 026-030   سورة المائدة الآيات من 026-030 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 5:22 am

فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ [٣٠]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ولا يُقال: طوَّعت الشيء إلا إذا كان الشيء متأبيّاً على الفعل، فلا تقل: أنا طوَّعتُ الماء، وإنما تقول: طوَّعتُ الحديد، وقوله: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} فهل نفسه هي التي ستقتل وهي نفسه التي طوَّعَت؟

ولننتبه هنا أن الإنسان فيه ملَكتان اثنتان؛ ملكة فطرية تُحبُّ الحق وتُحبُّ الخير، وَملَكَة أهوائية خاضعة للهوى، فالملكتان تتصارعان.

{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} كأن النفس الشريرة الأهوائية تغلّبت على الخيِّرة، فكأن هناك تجاذباً وتصارُعاً وتدافعاً؛ لأن الإنسان لا يُحِبُّ الظلم إن وقع عليه.

لكن ساعة يتصور أنه هو الذي يظلم غيره فقد يُقبل على ذلك.

{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ} إنه لا يزال فيه بقيّة من آثار النُّبوة؛ لأنه قريب من آدم، ولا تزال المسألة تتأرجح معه، والشر من الأخيار ينحدر، والشر في الأشرار يصعد.

فقد تأتي لرجل طيب وتثير أعصابه فيقول: إن رأيته لأضربنه رصاصة أو أصفعه صفعتين، أو أوبِّخه، والشرِّير يقول: والله إن قابلته أبصق في وجهه، أو أضربه صفعتين، أو أضربه رصاصة.

إذن فالشر عند الشرِّير يتصاعد، ويجد العملية لا تكفي للغضب عنده فيصعدها.

إنما نفس الخير تُنفِّس عن غضبها وبعد ذلك ينزل عنها بكلمة، ولذلك نلاحظ في سورة سيدنا "يوسف": {إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 8].

والعجيب أنهم جاءوا بالتعليل الذي ضدّهم؛ كي يعرفك أن الهوى والغضب والحسد والحقد تقلب الموازين،{وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} هذه تدل على أنهم أقوياء.

وهي التي جعلت أباه يعقوب يعطف على الضمير.

أنتم تقولون: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا} نعم؛ لأنه صغير، وسألوا العربي: مالك تُحب الولد الصغير، قال: لأن أيامه أقصر الأيام معي، البكر مكث معي طويلاً، فأنا أعوض للصغير الأيام التي فاتته ببعض الحب وأعطيه بعض الحنان، قولهم: {نَحْنُ عُصْبَةٌ} هذه ضدهم، مما يدل على أن الرجل ساعة تختلط عليه موازين القيم، يأتي بالحُجّة التي ضده ويظن أنها معه!

وبعد ذلك يقولون: {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} [يوسف: 8].

واتفقوا.

فبدأوا بقولهم: {ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ} [يوسف: 9].

وقالوا: {أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً} [يوسف: 9].

ولأنهم أسباط وأولاد يعقوب تنازلوا عن القتل والطرح في الأرض وقال قائل منهم: {لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ ٱلْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ} [يوسف: 10].

وهل يرتب أحد النجاة لمن يكرهه؟

كأن النفس مازال فيها خير، فأولا قالوا: {ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ} هذه شدة الغضب.

أو: {ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً} يطرحونه أرضاً فقد يأكله حيوان مفترس، فقال واحد: نلقيه في غيابة الجب ويلتقطه بعض السيارة، إذن فالأخيار تتنازل.

{فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ}.

ونعرف الخسران قضية التجارة؛ أن هناك مكسباً وهناك خسارة، و"مكسب”أي جاء رأس المال بزيادة عليه، و"الخسارة”أي أن رأس المال قد قلَّ، فلماذا قتل أخاه وكان أخوه الوحيد وكان يأنس به في الدنيا؟

إن هذا حدث من حكاية البنت.

فقد أراد أن يأخذ أخته الحلوة ويترك الأخرى، ولما قدّما القربان ولم يقبل منه تصاعد الخلاف وقتل أخاه، إذن فَفَقد رأس المال، بينما كان يريد أن يكسب{فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ}.

ويقول الحق بعد ذلك: {فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً...}.



سورة المائدة الآيات من 026-030 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة المائدة الآيات من 026-030
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة المائدة الآيات من 066-070
» سورة المائدة الآيات من 071-075
» سورة المائدة الآيات من 001-005
» سورة المائدة الآيات من 081-085
» سورة المائدة الآيات من 096-100

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: المائدة-
انتقل الى: