منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة المائدة الآيات من 021-025

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: سورة المائدة الآيات من 021-025   سورة المائدة الآيات من 021-025 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 4:28 am

يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ [٢١]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهذا بلاغ من موسى بما أوحى الله به إليه، ومتى حدث ذلك؟

نعرف أن صلة بني إسرائيل بمصر كانت منذ أيام يوسف عليه السلام، وعندما جاء يوسف بأبيه وإخوته وعاشوا بمصر وكونوا شيعة بني إسرائيل، ومكن الله ليوسف في الأرض وعاشوا في تلك الفترة.

والعجيب أن المس القرآني للأحداث التاريخية فيه دقة متناهية، ولم نعرف نحن تلك الأحداث إلا بعد مجيء الحملة الفرنسية إلى مصر.

فعندما جاءت تلك الحملة صحبت معها بعثة علمية.

وكانت تلك البعثة تنقب عن المعلومات الأثرية ليتعرفوا على سر حضارة المصريين، وسر تقدم العرب القديم، الذي سبق أوربا بقرون، وأخذت منه أوربا العلوم والفنون، في حين صار هذا العالم العربي إلى غفلة.

إن العرب المسلمين هم الذين اخترعوا أشياء ذهل لها العالم الغربي، ويحكي لنا التاريخ عن هدية من أحد ملوك العرب إلى شارلمان ملك فرنسا وكانت الساعة دقاقة، وظن الناس من أهل فرنسا أن بهذه الساعة الدقاقة شيطانا.

وفكرة تلك الساعة أن العالم الذي صممها وضع فيها إناء من الماء به ثقب صغير تنزل منه القطرة بثقلها على شيء يشبه عقرب الساعة، فتتحرك الساعة دقيقة واحدة من الزمن.

وكانت الساعة تسير بنقطة الماء.

وكان ضبطها في منتهى الدقة.

وحين رآها الناس في بلاط شارلمان ملك فرنسا ظنوا أن بداخلها شياطين.

وهذا نموذج من نماذج كثيرة لا حصر لها ولا عدد تدخل في نطاق قوله الحق: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ} [فصلت: 53].

وحينما جاء الفرنسيون إلى القاهرة كان معهم تلك البعثة العلمية ومعهم مطبعة، وعرض هؤلاء العلماء الفانوس السحري، وجعلوا الناس البسطاء يذهلون من تقدمهم العلمي.

واستترت تلك الحملة بعروض أقرب إلى "الأكروبات”.

وكان عمل العلماء هو البحث عن سر حضارة المصريين والمسلمين؛ لأنهم يعلمون أن الحضارة الإسلامية انتقلت إلى مصر بالإضافة إلى حضارة المصريين القدماء.

لقد كانوا يعرضون ألعابهم السحرية العلمية بدرب الجماميز، وذلك حتى ينبهر الناس بالحضارة الفرنسية.

وكان علماؤهم في الوقت نفسه يكتشفون ما نقش على حجر رشيد، وهو الحجر الذي اكتشفه ضابط فرنسي شاب اسمه شامبليون، وعلى هذا الحجر كتبت الكلمات الهيروغليفية.

واستطاع شامبليون أن يفصل أسماء الأعلام الهيروغليفية ومن خلال ذلك استطاع أن يصل إلى أبجدية تلك اللغة.

وكأن الله أراد أن يسخر الكافرين بمنهج الله ليؤيدوا منهج الله.

إن في كل لغة شيئاً اسمه "منطق الأعلامَ" ومثال ذلك أن يوجد اسم رجل أو أمير أو إنسان، فهذا الاسم مكون من حروف لا تتغير، مثال ذلك نأخذه من اللغة الإنجليزية؛ كان اسم رئيس وزراء انجلترا في وقت من الأوقات هو "تشرشل" هي كلمة إذا ترجمناها ترجمة حرفية لم تدل على صاحبها ولم تعرفنا به لأننا عندما نترجمها نكتفي بكتابة الاسم بالحروف العربية بدلاً من اللاتينية.

إذن فالأعْلاَم لا يتغير نطقها.

وكشف شامبليون عن الحروف التي لم تتغير.

واهتدى إلى فك طلاسم حروف اللغة الهيروغليفية؛ فعرف كيف يقرأ المكتوب على حجر رشيد، واستطاع أن يقدم لنا بدايات اكتشاف تاريخ مصر القديمة.

واستطاع أن يقرأ اللغة المرسومة على ذلك الحجر.

ولنا أن نرى عظمة القرآن حينما تعرض للأقدمين.

تعرّض لعادٍ وتعرَّض لثمود وتعرض لفرعون.

تعرَّض لتلك الحضارات كلها في سورة الفجر، فقال سبحانه وتعالى: {وَٱلْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ * وَٱللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ * أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ} [الفجر: 1-7].

وإرم ذات العماد هي التي في الأحقاف -في الجزيرة العربية- ولم نكتشفها بعد، ولم نعرف عنها حتى الآن شيئاً، وهي التي يقول عنها الحق: {ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ} [الفجر: 8].

ثم يتكلم بعدها عن فرعون: {وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ} [الفجر: 10].

والأهرام أقيمت بالفعل على أوتاد، وكذلك المسلات المصرية القديمة والمعابد.

وغيرها من العجائب التي بهرت الناس في مختلف العصور.

{ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ} [الفجر: 8].

ثم جاء بحضارة ثمود.

{وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ} [الفجر: 9].

وقد رأينا هذه الحضارة التي كان الناس أثناءها ينحتون البيوت في الصخر، كما رأينا حضارة مصر.

وحضارة عاد هي التي لم نرها حتى الآن؛ ولابد أن تكون مطمورة تحت الأرض.

ونعرف أن الهبة الرملية الواحدة عندما تهب في تلك المناطق تطمر القافلة كلها، فما بالنا بالقرون الطويلة التي مرت وهبت فيها آلاف العواصف الرملية، إذن لابد أن ننقب كثيراً لنكتشف حضارة عاد.

والحق تكلم عن موسى عليه السلام، تكلم -أيضاً- عن المعاصرين له وكان أحد هؤلاء الفراعنة، فقال سبحانه لموسى ولأخيه هارون عليهما السلام: {ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ} [طه: 43].

ويذهب موسى إلى فرعون حتى يخلص بني إسرائيل من ظلم فرعون.

ولماذا ظلمهم فرعون؟

نحن نعرف أن كل سياسة تعقب سياسة سابقة عليها تحاول أن تطمس السياسة الأولى، وتعذب من نصروا السياسة الأولى، وتلك قضية واضحة في الكون.

وهذا ما يتضح لنا من سيرة سيدنا يوسف الذي صار وزيراً للعزيز ودعا أباه وأمه وشيعته إلى مصر، ولم تأت سيرة فرعون في سورة يوسف.

وعندما تكلم القرآن على رأس الدولة في أيام يوسف قال: {وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ} [يوسف: 54].

لم يقل الحق: "فرعون" على الرغم من أنه قال قبل ذلك عنه إنه: "فرعون" وأيام موسى ذكر فرعون، لكن في أيام يوسف لم يأت بسيرة فرعون إنما جاء بسيرة مَلِك.

وعندما جاء اكتشاف حجر رشيد، ظهر لنا أن فترة وجود يوسف عليه السلام في مصر هي فترة ملوك الرعاة أي الهكسوس الذين غَزَوْا مصر وأخذوا الْمُلْكَ من المصريين وحكموهم وصاروا ملوكاً، وسمي عصرهم بعصر الملوك.

وقال القرآن: {وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ}.

ولم يأت بذكر لفرعون.

وعندما استرد الفراعنة ملكهم وطردوا الرعاة، استبد الفراعنة بمن كانوا يخدمون الملوك وهم بنو إسرائيل.

هكذا تتأكد دقة القرآن عندما ذكر فرعون لأنه كان الحاكم أيام موسى، لكن في زمن يوسف سمي حاكم مصر باسم الملك.

وتلك أمور لم نعرفها إلا حديثاً.

ولكن القرآن عرفنا ذلك.

وكانت تحتاج إلى استنباط.

وهي تدخل ضمن الآيات التي لا حصر لها في قوله الحق: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ} [فصلت: 53].

فسبحانه وتعالى بعد أن أيد موسى بالآيات وأغرق فرعون، هنا قال لهم موسى: {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: 21].

فقد انتهت المهمة بتخليص بني إسرائيل من فرعون، وخلصوا أهل مصر من فرعون.

وكانت الدعوة لدخول الأرض المقدسة.

وكلمة الأرض إذا أطلقت صارت علماً على الكرة الجامعة.

ووردت كلمة "الأرض" في قصة بني إسرائيل في مواضع متعددة لمواقع متعددة.

فها هوذا قول الله في آخر سورة الإسراء: {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ} [الإسراء: 104].

فهل هناك سكن إلا الأرض؟

إن أحداً لا يقول: اسكن كذا إلا إذا حدد مكاناً من الأرض؛ لأن السكن بالقطع سيكون في الأرض، فكيف يأتي القول: {ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ}؟

والشائع أن يقال: اسكن المكان الفلاني من المدن، مثل: المنصورة أو أريحا، أو القدس.

وقوله الحق: {ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ} هو لفتة قرآنية، ومادام الحق لم يحدد من الأرض مسكوناً خاصاً، فكأنه قال: ذوبوا في الأرض فليس لكم وطن، وانساحوا في الأرض فليس لكم وطن، أي لا توطن لكم أبداً، وستسيحون في الأرض مقطعين.



سورة المائدة الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 021-025   سورة المائدة الآيات من 021-025 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 4:29 am

وقال سبحانه: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي ٱلأَرْضِ أُمَماً} [الأعراف: 168].

وحين يأتي القرآن بقضية قرآنية فلنبحث أأيدتها القضايا الكونية أم عارضتها؟

القضية القرآنية هنا هي تقطيع بني إسرائيل في الأرض أمما، أي تفريقهم وتشتيتهم ولم يقل القرآن: "أذبناهم" بل قال: "قطعناهم" وتفيد أنه جعل بينهم أوصالاً ولكنهم مفرقون في البلاد.

وعندما نراهم في أي بلد نزلوا فيها نجد أن لهم حيا مخصوصا، ولا يذوبون في المواطنين أبداً، ويكون لهم كل ما يخصهم من حاجات يستلقون بها، فكأنهم شائعون في الأرض وهم مقطعون في الأرض ولكنهم أمم، فهناك "حارات" وأماكن خاصة لليهود في كل بلد.

حدث ذلك من بعد موسى عليه السلام، لكن ماذا كان الأمر في أيام موسى؟

قال لهم الحق: {ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} أي بعد رحلتكم مع فرعون اذهبوا إلى الأرض التي كتبها الله لكم.

ونلحظ هنا أن كلمة "الأرض المقدسة" فيها تحييز وتحديد للأرض.

ولكن ما معنى "مقدسة"؟

المادة كلها تدل على الطهر والتطهير.

فـ "قَدَّس" أي طهّر ونزّه، ومقدسة يعني مطهرة.

والألفاظ حين تأتي تتوارد جميع المادة على معانٍ متلاقية.

ففي الريف المصري نجد ما نسميه "القَدَس" أو "القادوس" وهو الإناء الذي يرفع به الماء من الساقية، وكانوا يستعملونه للتطهير، فالقادوس في الريف المصري هو وعاء الماء النظيف.

وعندما يقال: "مقدسة" أي مطهرة.

إن من أسماء الحق "القُدُّوس"، ويقال: "قُدِّس الله" أي نزه"، فالله ذات وليست كذات الإنسان، وله سبحانه صفات منزهة أن تكون كصفاتك، وهو سبحانه له أفعال، ولكن قدسه وطهره منزهة أن تكون كأفعالك.

فذات الحق واجبة الوجود وذات الإنسان ممكنة الوجود؛ لأن ذات الإنسان طرأ عليها عدم أول، ويطرأ عليها عدم ثانٍ، وهو سبحانه واجب الوجود لذاته، والإنسان واجب لغيره وهو قادر سبحانه أن ينهي وجود العبد.

ولله حياة وللإنسان حياة، لكن أحياتك أيها الإنسان كحياة الله؟

لا.

إن حياته سبحانه منزهة وذاته ليست كذاتك، وصفاته ليست كصفاتك، فأنت قادر قدرة محدودة وله سبحانه طلاقة القدرة، وهو سبحانه سميع والعبد سميع؛ لكن سمع البشر محدود وسمعه سبحانه لا حدود له.

إذن فصفاته مقدسة، ولذلك فعندما تسمع أنه سبحانه سميع عليم فليس سمعه كسمعنا، وله فعل غير فعلنا.

وعندما يقول الحق: إنه فعل، ففعله منزه عن التشبيه بفعل البشر؛ لأن البشر من خلق الله، وفعل البشر معالجة، ويكون للفعل بداية ووسط ونهاية ويفرغ من الأحداث على قدر الزمن.

ونحن نحمل الأشياء في أزمان متعددة ويحتاج من يحمل الأشياء إلى قوة.

ولكن فعل الحق مختلف، إنه فعل بـ "كن" لذلك قال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق: 38].

أي أنه سبحانه وتعالى منزه عن التعب، فهو يقول: {كُنْ فَيَكُونُ} ولذلك قلنا في مسألة الإسراء: إننا يجب أن ننسب الحدث إلى الله لا إلى محمد -صلى الله عليه وسلم-، حتى نعرف أن الذين عارضوا رسول الله في مسألة الإسراء كانوا على خطأ فقد قالوا: أنضرب لها أكباد الإبل شهراً وتدعي أنك أتيتها في ليلة؟!

إن رسول الله لم يدع لنفسه هذا الأمر، لأنه لم يقل: "سريت من مكة إلى بيت المقدس" حتى تقولوا: "أنضرب لها أكباد الإبل شهراً وتدعي أنك أتيتها في ليلة”.

لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: أُسْرِيَ بي.

أي أنه -صلى الله عليه وسلم- ليس له فعل في الحدث.

والفعل إذن لله.

ومادام هو من فعل الله فهو لا يحتاج إلى زمن؛ لذلك كان يجب أن يفهموا على أي شيء يعترضون.

ولكنا نعرف أن الله سبحانه وتعالى أراد لهم أن يفهموا على تلك الطريقة؛ لأنه سيأتي أناس من المتحذلقين المعاصرين ويقولون: "إن الإسراء كان بالروح" نقول لهم: بالله لو قال محمد للعرب: أنا سريت بروحي أكانوا يكذبونه؟

تماماً مثلما يقول لنا قائل: "أنا كنت في نيويورك الليلة ورأيتها في المنام" فهل سيكذبه أحد؟

لا.

إذن لقد كذب العرب لأنهم فهموا أنه أُسْرِيَ به بمعنى كامل.

أي كان الإسراء بالجسد والروح معا، بدليل أنهم قارنوا فعلاً بفعل، وحدثاً بحدث، ونقلة بنقلة، وقالوا قولهم السابق.

لقد جاءت هذه المسألة لتخدم الإسلام.

إذن فـ "قدوس" يعني مطهر ومنزه.

وساعة ترى شيئاً مخالفاً لقضية العقل اقرنه بفعل الله، ولا تقرنه بفعلك أنت أيها العبد؛ لأن الفعل يتناسب مع قوة الفاعل طرداً أو عكسا.

فإن كان الفاعل صاحب قدرة قوية.

فزمنه أقل.

مثال ذلك: نقل أردب من القمح من مكان إلى مكان، فإن كان الذي يحمل الأردب طفلاً فلن ينقل الأردب إلا قدحا بقدح؛ وإن كان رجلا ناضجا سينقل الأردب "كيلة بكيلة”.

وإن كان صاحب قوة كبيرة قد ينقل الأردب كله مرة واحدة.

إذن فالزمن يتناسب مع القوة تناسباً عكسياً.

فإن كثرت القوة قل الزمن.

وهات أي فعل بقدرة الله فلن يستغرق أي زمن.

إذن قدس الله في كل شيء.

والأرض المقدسة هي المطهرة، وذلك بإرادة الحق سبحانه، تماما كما أراد سبحانه أن تكون بقعة من الأرض هي الحرم، لا يتم فيها الاعتداء على صيد أو نبات أو اعتداء بعضكم على بعض، وهل ذلك كلام كوني أو كلام تشريعي؟

{أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً} [العنكبوت: 67].

لو كانت المسألة إرادة كونية، فكان لابد ألا يحدث خلل أبداً وألا يعتدي أحد على أحد.

وما الفرق بين الكوني والتشريعي؟

إن الكوني يقع لأنه لا معارض في الأمور القهرية، فالحق يريد أن يكون عبداً طويل القامة، فتلك إرادة كونية تحدث ولا دخل للعبد بها.

ولكن إن أراد الحق أن تكون طائعا مصليا، فتلك إرادة تشريعية.

والإرادة تكون تشريعية فيما إذا كان للمريد اختيار، يصح أن يفعلها ويصح ألا يفعلها؛ لكن الإرادة الكونية هي فيما لا إرادة للإنسان فيه وواقع على رغم أنف الإنسان.

والله سبحانه وتعالى يريد الحرم آمنا.

وتلك إرادة تشريعية لأنه حدث أن أهيج فيه أناس ولم يأمنوا.

ولو كانت إرادة كونية لما حدثت أبداً.

لذلك فهي إرادة تشريعية، فإن أطعنا ربنا جعلنا الحرم آمنا، وإن لم نطعه فالذي لا يطيع يهيج فيه الناس ويفزعهم ويخيفهم.

فمراد الله عز ومطلوبه شرعا "أن يكون الحرم آمنا”.

{ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} فهل هذه الأرض المقدسة كتبها الله لهم كتابة كونية أو كتابة تشريعية؟

إن كانت كتابة كونية لكان من اللازم أن يدخلوها ولكنه قال: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ} [المائدة: 26].

إذن هي إرادة تشريعية وليست إرادة كونية.

فإن أطاعوا أمر الله وتشجعوا ودخلوا الأرض المقدسة فإنهم يأخذونها، وإن لم يطيعوه فهي محرمة عليهم.

إذن فلا تناقض بين أن يقول سبحانه: إنه كتبها لهم، ثم قوله من بعد ذلك: إنها محرمة عليهم، لقد كتبها سبحانه كتابة تشريعية.

فإن دخلوها بشجاعة ولم يخافوا ممن فيها واستبسلوا ووثقوا أن وراءهم إلهاً قوياً سيساندهم؛ فإنهم سيدخلونها، أما إن لم يفعلوا ذلك فهي محرمة عليهم.

{يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: 21].

وجاءت الأرض هنا أكثر من مرة: {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ} [الإسراء: 104].

وعرفنا مراد ذلك القول.

والدقة هنا أنه سبحانه جاء بأمر السكن في الأرض لبني إسرائيل أي في الأرض عموما ومحكوم عليهم أن يكونوا قطعا ومشردين.

{فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً} [الإسراء: 104].

أي أنه سبحانه يجمعهم من كل بلد ويجيء بعد ذلك وعد الآخرة الذي جاء في أول سورة الإسراء: {وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً} [الإسراء: 4].

لأن الحق حينما قال: {سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1].

أي أنه سبحانه وتعالى يدخل بهذه الآية المسجد الأقصى في مقدسات الإسلام.



سورة المائدة الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 021-025   سورة المائدة الآيات من 021-025 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 4:29 am

وأوضح الحق لهم: يا أيها اليهود أنتم ستعيشون في مكان بعهد من رسولي، ولكنكم ستفسدون في المكان الذي تعيشون فيه وسيتحملكم القوم مرة أو اثنتين وبعد ذلك يسلط الله عباداً له يجوسون خلال دياركم ويشردونكم من هذه البلاد.

والحق يبلغنا: نحن أعلمنا بني إسرائيل في كتابهم ما سيحدث لهم مع الإسلام: {وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً * فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً} [الإسراء: 4-5].

وبعض الناس يقولون: إن هذا كان أيام بختنصر؛ ونقول لهم: افهموا قول الحق: {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا} وكلمة "وعد" لا تأتي لشيء يسبق الكلام بل الشيء يأتي من بعد ذلك.

إذن فلم يكن ذلك في زمان بختنصر.

فـ "إذا" الموجودة أولاً هي ظرف لما يُستقبل من الزمان، أي بعد أن جاء هذا الكلام.

ثم هل كان بختنصر يدخل ضمن عباد الله؟.

إن قوله الحق: {عِبَاداً لَّنَآ} مقصود به الجنود الإيمانيون، وبختنصر هذا كان فارسياً مجوسياً.

وهذا القول الحكيم يشير إلى الفساد الأول مع رسول الله بعد العهد الذي أعطاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم أجلاهم.

وهل هي تقتصر على هذه؟

يقول سبحانه: {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً} [الإسراء: 5].

ولنا أن نسأل: وهل لم يفسد بنو إسرائيل في الأرض إلا مرتين؟.

لا، لولا أنهم لم يفسدوا في الأرض سوى مرتين، لكان ذلك بالقياس إلى مافعلوه أمراً طيباً؛ فقد أفسدوا أكثر من ذلك بكثير.

ولابد أن يكون إفسادهم في الأرض المقصودة هو الفساد الذي صنعوه بالأرض التي كانت في حضانة الإسلام، وسبحانه قد قال: {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} فمادام يوجد "عباد الله" خالصوا الإيمان وأعدوا العدة فلابد أن يتحقق وعد الله، لكن إذا ما تخلى الناس عن هذا الوصف؛ فعلى الناس الذين يعانون من إفساد بني إسرائيل أن يتلقوا ما قاله الله: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} [الإسراء: 6].

فكأن الكّرَّة لا ترد إلا إذا كان القوم المؤمنون على غير مطلوب الإيمان.

فإذا ما تساءل بعض المؤمنين: ولماذا تجعل يا الله الكّرَّة لبني إسرائيل؟.

تكون الإجابة: لأنكم أيها الناس قد تخلفتم عن مطلوب العبودية الخالصة لله.

ومادمنا قد تخلفنا عن مفهوم "عباد الله" فلابد أن تحدث لنا تلك السلسلة الطويلة التي نعرفها من عدوان بني إسرائيل.

ونحن الآن في مواجهة اليهود في مرحلة قوله الحق: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ} [الإسراء: 6].

فإذا كنا عباداً لله فلن يتمكنوا منا.

والله سبحانه وتعالى حينما يتكلم بقضية قرآنية فلابد أن تأتي القضية الكونية مصدقة لها.

ولو استمر الأمر دون كرّة من اليهود علينا، بينما نحن قد ابتعدنا عن منهجنا وأصبح كل يتبع هواه، لكانت القضية القرآنية غير ثابتة.

ولكن لابد من أن تأتي أحداث الكون مطابقة للقضية القرآنية.

ولذلك رأينا أن بعض العارفين الذين نعتقد قربهم من الله حينما جاء أحدهم خبر دخول اليهود بيت المقدس سجد لله.

فقلنا: "أتسجد لله على دخول اليهود بيت المقدس”.

فقال: نعم.

صدق ربنا لأنه قد قال: {وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ} هكذا قال الحق، وهل يكون دخول لثاني مرة إلا إذا كان هناك خروج من أول مرة؟.

لقد حمد ذلك العارف بالله ربنا لأن قضايا القرآن تتأكد بالكونيات، فإذا ما قال الحق: {رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ} [الإسراء: 6].

فليست المسألة أنهم لكونهم يهوداً لا يعطيهم الله الكّرَّةَ.

ولكن القضية هي أننا عندما نكون عباداً لله حقيقة.

اعتقاداً وسلوكاً.

قولاً وعملاً ننتصر عليهم.

{ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً} [الإسراء: 6].

وهم أغنياء لأنهم يديرون معظم حركة المال في العالم المعاصر.

ولأنهم جميعاً في الجيش المدافع عن دولتهم.

وذلك معنى بنين وأكثر نفيرا.

النفير هو ما يستنفره الإنسان لنجدته؛ لأن قوة ذاته قاصرة عن الفعل.

واليهود ليسوا قوة ذاتية بمفرد دولتهم، ولكن وراءهم أهم قوى في العالم المعاصر.

إذن فقوله الحق: {وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ} [الإسراء: 6].

قول صدق وحق.

وقوله الحق: {وَبَنِينَ} [الإسراء: 6].

قول صدق وحق.

وقوله الحق: {وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً} [الإسراء: 6].

قول صدق وحق.

ثم بعد ذلك يحسم الله قضيته ويقول لليهود: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: 7].

وهل تستمر الكرَّة يا رب؟.

لا.

فها هوذا الحق سبحانه يقول: {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ} [الإسراء: 7].

كأن الحق يعطينا البشارة بأننا سننتصر؛ ويكون الانتصار مرهونا بتنفيذ القاعدة التي شرعها الله بأن نكون عباداً لله حقا، عندئذ سَيَكِلُ الله لنا تنفيذ وعده لليهود: {لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ} [الإسراء: 7].

وأشرف ما في الإنسان هو الوجه، وعندما نكون عباداً لله سنسوء وجوههم، وفوق ذلك: {وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً} [الإسراء: 7].

ولم يأت الحق بذكر المسجد من قبل، فها هوذا قوله الكريم: {وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً * فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً} [الإسراء: 4-5].

إذن فالحق هنا لم يأت بذكر المسجد في أول مرة.

فكيف يكون دخولنا المسجد إذن؟.

لقد دخلنا المسجد الأقصى أول مرة في الامتداد الإسلامي في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.

والمسجد الأقصى أيام عمر بن الخطاب لم يكن في نطاق بني إسرائيل، ولكن كان في نطاق الدولة الرومانية، فدخولنا المسجد أول مرة لم يكن نكاية فيهم.

ولكن الحق جاء بالمرة الثانية هنا والمسجد في نطاق سيطرة بني إسرائيل.

{وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الإسراء: 7].

سنكون نحن إذن عباداً لَلَّهِ ذوي البأس الشديد الذين سندخل المسجد الأقصى كما دخلناه أول مرة، وجاء الحق سبحانه بالمسجد هنا؛ لأن دخول المسجد أول مرة لم يكن إذلالاً لليهود، فقد كانت السلطة السياسية في ذلك الزمن تتبع -كما قلنا- الدولة الرومانية.

ويضيف الحق من بعد ذلك: {وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً} [الإسراء: 7].

وحتى نتبر ما يُعْلُونه -أي نجعله خراباً- لابد أن تمر مدة ليعلوا في البنيان.

وعلينا أن نعد أنفسنا لنكون عباداً لله لنعيش وعد الآخرة وقد جعلها الله وعدا تشريعياً، فإذا عدنا عباداً لله فسندخل المسجد ونتبر ما علوا تتبيرا، والحق سبحانه وتعالى في آيات سورة المائدة التي نحن بصدد خواطرنا عنها يأتي بلقطة عن بلاغه لسيدنا موسى بعد خروجه مع قومه من مصر، فقال: {يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: 21].

وقلنا إن الكتابة هنا تشريعية وليست كونية، فلو كان الأمر كونياً لدخلوا الأرض المقدسة بدون عقبات وبدون صراع وبدون قتال.

والدليل على أن الكتابة تشريعية هو قوله الحق: {وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} أي أنكم إن ارتددتم على أدباركم انقلبتم خاسرين.

فإن أطعتم الله ودخلتم الأرض دون إدبار، فستدخلون الأرض، وإن لم تفعلوا فلن تدخلوها.

إذن ليست كتابة الأرض هنا كونية، ولكنها تشريعية.

وقوله الحق: {وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ} يشرح لنا طبيعة مواجهة الخصم؛ فالإنسان حين يواجه خصمه فهو يواجهه بوجهه.

فإن فرّ الخصم من أمامه فهو يولي أدباره.

والتولي على الأدبار يكون على لونين: لون هو الإدبار من أجل أن ينحرف الإنسان إلى جماعة وفئة لتشتد قوتهم ويقووا على هزيمة العدو أو يصنع مكيدة؛ ليعيد مواجهة الخصم، ولون آخر وهو الفرار وذلك مذموم، ومن المعاصي الموبقات المهلكات.

وفي ذلك يقول الحق سبحانه: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ} [الأنفال: 16].

فالارتداد على الأدبار ليس مذموماً إن كان من أجل حيلة أو صنع كمين للعدو.

وفي هذه الحالة لا بأس أن يرتد الإنسان، أما خلاف ذلك فهو مذموم.

وهل الارتداد على الأدبار رجوع بالظهر إلى الوراء مع الاحتفاظ بالوجه في مواجهة الخصم؟.

أو هو التفات بالوجه ناحية الدبر وفرار من العدو؟.

كلا الأمرين يصح.

وقد جاء الأمر إلى بني إسرائيلَ بعدم الفِرار ليدخلوا الأرض فماذا كان موقفهم مادامت الكتابة لهذا الأمر تشريعية؟.



سورة المائدة الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 021-025   سورة المائدة الآيات من 021-025 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 4:33 am

قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ [٢٢]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

كيف إذن يعلنون هذا التمرد على أمر الحق؟.

وكيف علموا أن فيها قوماً جبارين؟.

ولنا أن ننتبه إلى أن الحق قد قال من قبل: {وَبَعَثْنَا مِنهُمُ ٱثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً} [المائدة: 12].

فقد ذهب النقباء أولاً وتجسسوا ونقبوا وعرفوا قصة هذه الأرض المقدسة، وأن فيها جماعة من العمالقة الكنعانيين.

وساعة رأوا هؤلاء القوم، قالوا لأنفسهم: هل سنستطيع أن نقاوم هؤلاء الناس؟

إن ذلك أمر لا يصدق؛ لذلك لن ندخلها ما داموا فيها.

إذن فقد تخاذلوا وارتدوا على أدبارهم.

{قَالُوا يَامُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ}.

وساعة أن تسمع كلمة "جَبَّار" تجدها أمراً معنوياً أُخذ من المحسات؛ فالجبارة هي النخلة التي لا تطولها يد الإنسان إذا أراد أن يجني ثمارها.

وعندما تكون ثمار النخلة في متناول يد الإنسان حين يجني ثمارها فهي دانية القطوف، أما التي لا تطولها يد الإنسان لحظة الجني للثمار فهي جَبَّارة؛ لذلك أخذ هذا المعنى ليعبر عن الذي لا يقهر فسمي جباراً، وقد يكون الجبار مُكرِهاً ولكن على الإصلاح، وفي بلادنا نطلق على من يصلح كسور العظام "المجبراتي”.

أي أنه يجبر العظام على أن تعود إلى مكانها الطبيعي.

وقد يتألم الإنسان من ذلك، ولكن في هذا إصلاح لحياة الإنسان.

و"الجَبَّار" اسم من أسماء الله؛ لأنه سبحانه يَقْهَر ولا يُقهَر.

وقد يُكرهنا سبحانه وتعالى حتى يصلحنا.

ويختبرنا بالابتلاءات حتى يمحصنا وتستوي حياتنا.

إذن فـ "الجبار" صفة كمال في الحق لأنه يستعمل جبروته في الخير ويقهر الظالمين والمعاندين والمكابرين، وذلك لمصلحة الأخيار الطيبين.

وهو سبحانه وتعالى لا يُقهَر.

فعندما يكون في صف جماعة فإن أحداً لا يغلبهم، أما الجبار كصفة في الخلق فهي مذمومة؛ لأن التجبر هنا بدون أصالة كالبناء الأجوف.

فالمتجبر قد يصيبه قليل من الصداع فيرقد متوجعاً.

إننا نرى أمثلة لذلك في حياتنا، نجد المتجبر يصاب بأزمة قلبية فيحمل على نقالة إلى المستشفى، ونجد جباراً آخر يصاب بقليل من المغص، فيجري وهو ممسك ببطنه فيضحك عليه الأطفال.

ويقولون له ما معناه: العب بعيداً فلست جباراً ولا فتوة ولا أي شيء.

والجبار إن أراد أن يكون كذلك فعليه أن يكون صاحب رصيد مستمر، فلا تراه يوماً غير جبار.

ولا يكون التجبر صفة ذاتية إلا لله سبحانه وتعالى ويقول الحق: {وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُواْ مِنْهَا} وساعة نسمع "لن" تسبق الفعل فلنعرف أنها للنفي.

والنفي قد يأخذ زمناً طويلاً، وقد يأخذ زمناً تأبيدياً.

والفرق بين الدخول فقط والدخول التأبيدي، أن الدخول الأول له زمن ينهيه، والدخول الثاني لا زمن له لينهيه كدخول المؤمنين الجنة.

وإذا عين الدخول بغاية كقولهم: {وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُواْ مِنْهَا} أي أن النفي التأبيدي مرتبط بغاية وهي خروج القوم الجبارين.

والتأبيد هنا إضافي لأنهم قالوا: إنهم لن يدخلوا الأرض في مدة وجود الجبارين.

{فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} ونقول: وهل الأمم التي تخطو إلى الشر وتمارسه يمتنع فيها وجود عناصر الخير؟.

لا.

لأن الحق يبقي بعضاً من عناصر الخير حتى لا ينطمس الخير، وهذا ما يوضحه الحق في بني إسرائيل عندما قالوا لموسى هذا القول، فقد خالفهم رجلان منهم: {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ ٱلَّذِينَ...}.



سورة المائدة الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 021-025   سورة المائدة الآيات من 021-025 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 4:34 am

قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [٢٣]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهما رجلان يخالفان النكوص عن أمر الله، بينما بنو إسرائيل -كمجموع- لم يفهموا عن الله حق الفهم؛ لأنهم لو نفذوا أمر الله لهم بالدخول إلى الأرض المقدسة ولم ينكصوا لمكَّنهم الله من ذلك.

لكن لم يفهم عن الله فيها إلا رجلان.

وهما كالب، ويوشع بن نون، أحدهما من سبط يهوذا والآخر من سبط افرايم، وهما ابنا يوسف عليه السلام، فقد قالا: مادام الله قد كتب لكم الدخول، فهو لا يطلب منا إلا قليلاً من الجهاد.

فحين يأمر الله الإنسان بعمل من الأعمال، فيكفيه أن يتوجه إلى العمل اتجاهاً والمعونة من الله.

وسبحانه يقول للعبد: "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني.

فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأٍ، ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرّب إليّ بشبر تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة".

فإذا كان الشأن في المشي أن يتعب الذاهب والسائر، فالله لا يريد أن يرهق بالمشي من يقصده ويطلبه؛ لذلك يُهرول فضله ورحمته -سبحانه- إلى العبد.

فالرغبة الأولى أن يكون العمل لك أنت أيها العبد.

ومن عظائم فضل الله أنه فعل ونسب إليك.

وسبحانه يسعد بالعبد الساعي إليه.

وأضرب هذا المثل -ولله المثل الأعلى- لنفترض أنك أردت أن تمسك سيفاً، لماذا لا تحلل المسألة؟.

السيف الذي تمسكه، صنعته من الحديد، والحديد استخرجته من الأرض.

والحق قال: {وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25].

إن الحق هو الذي أنزل الحديد، وهو الذي علمنا كيف نصقل الحديد ونشكله بالنار: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ} [الأنبياء: 80].

وأنا أريد من علماء وظائف الأعضاء أن يحددوا لنا ساعة أن يمسك الإنسان بشيء وليكن السيف.

فبأي عضلة يمسك الإنسان السيف؟.

وكيف يأمرها الإنسان بذلك؟.

وكم عضلة وكم خلية عصبية تحركت من أجل أداء هذا الفعل؟.

على الرغم من أن الإنسان بمجرد إرادته أن يمسك شيئاً.

فهو يمسك به.

والإنسان إذا ما مشى خطوة واحدة، فبأي العضلات بدأ المشي.

إن الإنسان عندما يحرك ذراعاً آلياً في جهاز آلي؛ يصمم عشرات الوصلات والأدوات والدورات الكهربية من أجل تحريك ذراع آلي، فكم إذن من عضلات في الإنسان تتحرك بالسير لخطوة واحدة؟

إن الكثير جداً من أجهزة الإنسان تتحرك بالسير لخطوة واحدة.

إن الكثير جداً من أجهزة الإنسان تتحرك لمجرد الإرادة منه!!.

فإذا كانت إرادة الإنسان تفعل لمجرد أن يريد سواء أكانت هذه الإرادة هي الإمساك بالسيف أم حتى المشي لخطوة واحدة، أم حتى الإمساك بالقلم بين الأصابع للكتابة.

فليعلم الإنسان أن الإرادة عطاء من الله والإنسان لا يستطيع تحديد مواقع إرادته من جسده فما بالنا بالحق حين يريد أمراً؟

ولنعد إلى الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها الآن: {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [المائدة: 23].

لقد أنعم الله على هذين الرجلين بحسن الفهم عن الله، فقالا لبني إسرائيل: ساعدوا أنفسكم بدخول هذه الأرض وسينصركم الله.

ومثل الرجلين كمثل الأم التي طلب منها ابنها أن تدعو له بالنجاح، فقالت الأم لابنها: سأدعو لك ولكن عليك فقط أن تساعد الدعاء بالإقبال على الاستذكار.

وكأن الخوف من مخالفة أمر الله نعمة على هذين الرجلين، وكأن الفهم عن الله لعباراته نعمة.

{ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} كأنهم بمجرد الدخول سيغلبون هؤلاء العمالقة.

فلم يطلب منهم قتال هؤلاء العمالقة.

بل ساعة يراهم القوم الجبارون يدخلون عليهم فجأة فسوف يذهلهم الرعب.

وهم عندما نسجوا الأساطير حول هذه القصة قالوا: إن أحد هؤلاء العمالقة واسمه عوج بن عناق خرج إلى بستان خارج المدينة ليقطف بعض الثمار لرئيسه؛ فخطف اثنين من هؤلاء الناس وخبأهما في كمّه، وألقاهما أمام رئيسه وهو يقدم الفاكهة إليه وقال الرجل العملاق لرئيسه: هذان من الجماعة التي تريد أن تدخل مدينتنا.

هذه هي المبالغة التي صنعها خوفهم من هؤلاء العمالقة، برغم أن رجلين منهما أحسنا الفهم عن اللَّه بقولهما: {ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ}؛ لأن هذا هو مراد الله، وهو الذي يحقق لهم النصر.

وبعض المفسرين قالوا في شرح هذه الآية: إن الرجلين اللذين قالا ذلك ليسا من بني إسرائيل؛ لأن هؤلاء المفسرين فهموا القول الحكيم: {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ} قالوا هما رجلان من الذين يخاف منهم بنو إسرائيل، وقالا لبني إسرائيل: لا يُخيفكم ولا يُرهبكم عظم أجسام هؤلاء فإن جنود الله ستنصركم: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ} [المدثر: 31].

ويختتم الحق الآية بهذا التذييل: {وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} أي لا تتوقفوا عند حساب العدد في مواجهة العدد، والعُدة في مواجهة العُدة، ولكن احسبوا الأمر إيمانياً لأن اللَّه معكم{إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ}.

وهو سبحانه القائل: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ} [الصافات: 173].

وعلى المؤمن باللَّه أن يضع هذا الإيمان في كف قوته.

فإن كان هؤلاء الناس من بني إسرائيل المأمورين بدخول تلك الأرض مؤمنين بحق فليتوكلوا على اللَّه.

فماذا قال هؤلاء القوم: {قَالُواْ يَامُوسَىۤ..}..



سورة المائدة الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 021-025   سورة المائدة الآيات من 021-025 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 4:35 am

قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [٢٤]

تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

كأن خلاصة قولهم لموسى عليه السلام: لا ترهق نفسك معنا ووفّر عليك جهدك فنحن لن ندخل هذه الأرض، مادام هؤلاء العمالقة فيها.

وإن كنت مصرّاً على دخولنا هذه الأرض فاذهب أنت وربك فقاتلا ونحن بانتظاركما هنا قاعدون.

هكذا بلغ بهم الخوف أن سخروا من موسى وربّ موسى.

وهكذا وصل بهم الاستهزاء إلى تلك الدرجة المُزرية.

ولم يكن ذلك بالأمر الجديد عليهم فقد قالوا من قبل: {أَرِنَا ٱللَّهَ جَهْرَةً} [النساء: 153].

ومن قبل ذلك أيضاً عبدوا العجل.

فماذا يقول موسى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لاۤ}.



سورة المائدة الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة المائدة الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة المائدة الآيات من 021-025   سورة المائدة الآيات من 021-025 Emptyالأحد 16 يونيو 2019, 4:35 am

قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [٢٥]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وكان هارون أخاً لموسى عليه السلام ومُرسلاً مثله؛ فكأن موسى عليه السلام قد أعلن عدم ثقته في هؤلاء القوم الذين أرسله اللَّه إليهم؛ حتى ولا يوشع بن نون ولا كالب، وهما الرجلان اللذان قالا لبني إسرائيل: إنه يكفي دخول الباب لتهزموا هؤلاء الناس العمالقة.

لكن أكانت نفس أخيه مملوكة له؟

أم أنه قال ما فحواه: إني لا أملك إلا نفسي وكذلك أخي لا يملك إلا نفسه، أما بقية القوم فقد سمعت منهم يارب أنهم لم يدخلوا هذه الأرض مادام بها هؤلاء العمالقة.

إذن فأنا وأخي في طرف وبقية القوم في طرف آخر؛ لذلك افصل بيننا وبين هؤلاء القوم الفاسقين.

والحق سبحانه وتعالى في هذا التعبير القرآني يأتي بهذه الكلمات على لسان سيدنا موسى والتي تحتمل أن يرقّ لها قلب واحد من أتباع موسى عليه السلام فيقول لموسى: إنني معك.

ولذلك جاء قول موسى: {فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ}.

ومعنى الفاسقين -كما عرفنا- هم من خرجوا عن الإيمان، كما تفسق الرطبة؛ فالبلحة عندما ترطّب فإن قشرتها تتسع عن حجمها؛ فتخرج الرطبة من قشرتها؛ ويُقال فسقت الرطبة؛ فكأن الإيمان كالجلد والجلد كالقشرة.

وهو كغلاف يحيط بالإنسان.

وعندما يفسق الإنسان عن الإيمان فهو يخرج عن قانون الصيانة، وكذلك كان فسق بني إسرائيل.

لذلك قال الحق: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ...}.



سورة المائدة الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة المائدة الآيات من 021-025
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة المائدة الآيات من 071-075
» سورة المائدة الآيات من 001-005
» سورة المائدة الآيات من 081-085
» سورة المائدة الآيات من 096-100
» سورة المائدة الآيات من 086-090

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: المائدة-
انتقل الى: