قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب):"لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين)فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُمِصْرَعلى سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض،والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحيفيلسوف العمارة ومهندس الفقراء:هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية،وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول،اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن،ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كوروناغير المتوقعة للبشريةأنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباءفيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض..فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي"رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي(رحمه الله)قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني،وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.
موضوع: فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا وَفَتَاوِيهِمَا الجمعة 31 مايو 2019, 6:26 pm
فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا (1) وَفَتَاوِيهِمَا أَبُو عَبْدِ الرَحْمَنِ الدكتور: أحمد مصطفى متـولي غفر الله له ولوالديه وللمسلمين مُقدِّمَةٌ الحَمْدُ لله الدَّاعي إلى بابه، الموفِّق من شاء لصوابِهِ، أنعم بإنزالِ كتابِه، يَشتملُ على مُحكم ومتشابه، فأما الَّذَينَ في قُلُوبهم زَيْغٌ فيتبعونَ ما تَشَابَه منه، وأمَّا الراسخون في العلم فيقولون آمنا به، أحمده على الهدى وتَيسيرِ أسبابِه، وأشهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحدَه لا شَريكَ له شهادةً أرْجو بها النجاةَ مِنْ عقابِه، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه أكمَلُ النَّاس عَملاً في ذهابه وإيابه، صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ أفْضل أصحَابه، وعَلَى عُمر الَّذِي أعَزَّ الله بِهِ الدِّيْنَ واسْتَقَامَتِ الدُّنْيَا بِهِ، وَعَلَى عثمانَ شهيدِ دارِهِ ومِحْرَابِه، وعَلى عليٍّ المشهورِ بحَلِّ المُشْكِلِ من العلوم وكَشْفِ نِقابه، وَعَلَى آلِهِ وأصحابه ومنْ كان أوْلَى بِهِ، وسلَّمَ تسليماً. ***** فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا (2) وَفَتَاوِيهِمَا • الأعياد ومناسبتها (3): الشريعة الإسلامية ليس فيها إلا ثلاثة أعياد فقط: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع يوم الجمعة. وفي كلٍّ منها مناسبة.
أما مناسبة عيد الفطر: فلأن الناس أدوا فريضة من فرائض الإسلام، وهي الصيام، فجعل لهم الله -عز وجل- هذا اليومَ يومَ عيدٍ يفرحون فيه، ويفعلون فيه من السرور واللعب المباح ما يكون فيه إظهار لهذا العيد، وشكر لله -عز وجل- لهذه النعمة، لكنهم لا يفرحون بأنهم تخلصوا من الصوم، وإنما يفرحون بأنهم تخلصوا بالصوم، والفرق أن من نوى التخلص من الصوم يشعر أن الصوم ثقيل عليه، وأنه فرح أنه تخلص منه، وأما من نوى التخلص به فيفرح بأنه تخلص به من الذنوب؛ لأن من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
فالمُوفَّق يفرح بعيد الفطر؛ لأنه تخلّص به من الذنوب حيث قد يُغفر له ما تقدَّم من ذنبه، والغافل يفرح بعيد الفطر؛ لأنه تخلّص من الصوم الذي يجد فيه العناء والمشقَّة، وفرقٌ بين الفرحين.
أما عيد الأضحى: فمناسبته أيضاً ظاهرة؛ لأنه يأتي بعد عشر ذي الحجة التي يُسَنُّ للإنسان فيها الإكثار من ذكر الله -عز وجل-، فإن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: «ما من أيام العمل الصالح فيهنّ أحبّ إلى الله من هذه الأيام العشر»؛ قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء» (4).
كما أنه بالنسبة للحجاج مناسبته ظاهرة؛ لأن الواقفين بعرفة يطلع الله عليهم، ويشهد ملائكته بأنهم يرجعون مغفوراً لهم فيتخلصون من الذنوب، فكان يوم العيد الذي يلي يوم عرفة كيوم العيد في الفطر الذي يلي رمضان، ففيه نوع من الشكر لله عز وجل على هذه النعمة.
أما يوم الجمعة: فمناسبته ظاهرة أيضاً؛ لأن هذا اليوم فيه المبدأ والمعاد، ففيه خلق آدم، وفيه أخرج من الجنة، ونزل إلى الأرض لتعمر الأرض ببنيه، وفيه أيضاً تقوم الساعة، فهو يوم عظيم؛ ولهذا صار يوم عيد للأسبوع، وما عدا ذلك فليس في الشريعة الإسلامية أعياد، حتى ما يفعله بعض المسلمين اليوم من عيد لغزوة بدر في السابع عشر من رمضان، وما يفعله بعض المسلمين من عيد لميلاد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، وما يفعله بعض المسلمين من عيد للمعراج ليلة سبع وعشرين من رجب، كل هذا لا أصل له، بل بعضه ليس له أصل حتى من الناحية التاريخية، فإن المعراج ليس في ليلة سبع وعشرين من رجب، بل إنه في ربيع الأول قبل الهجرة بنحو سنة أو سنتين أو ثلاث حسب الاختلاف بين العلماء، والميلاد أيضاً ليس في يوم الثاني عشر من ربيع الأول، بل حقّق الفلكيون المتأخرون بأنه يوم التاسع من ربيع الأول.
أما بدر: فالمشهور عند المؤرخين أنها في السابع عشر من رمضان، ولكن مع ذلك لا يهمنا أن يصح التاريخ، أو لا يصح، فالذي يهمنا هل كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه يتخذون مثل هذه الأيام أعياداً؟
الجواب: لا، إذاً إذا اتخذناها نحن أعياداً.
فإن مضمون ذلك أحد أمرين: الأول: أن يكون النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه جاهلين ما في هذه الأيام من فضل.
الثاني: أن يكونوا عالمين، ولكنهم لم يظهروا فضلها، وكتموه عن الناس، وكلا الأمرين شر، أي: لو اتهمنا النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه بأنهم لم يعلموا فضل هذه الأيام لوصفناهم بالجهل، وكان هؤلاء المتأخرون أعلم منهم بما جعل الله تعالى لهذه المناسبات من الفضل، وإن قلنا: إنهم يعلمون، ولكنهم لم يفعلوا ذلك كتماناً للحق وتلبيساً على الناس لكان هذا أيضاً شراً عظيماً، فكيف يعلم الرسول عليه الصلاة والسلام أن لهذه المناسبات أعياداً ثم لا يشرعها للأمة، والله تعالى قد قال له: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67].
فإذا كانت هذه المناسبات العظيمة من ولادة النبي عليه الصلاة والسلام وغزوة بدر والمعراج وغيرها، ليس لها أعياد، فما دونها من باب أولى ألاّ يكون لها أعياد، ويكفينا في هذا هدي النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، فإن هدي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- خير الهدي، كما كان عليه الصلاة والسلام يعلنه في كل خطبة جمعة يقول: «خير الهدي هدي محمد -صلّى الله عليه وسلّم-» (5).
• حكم صلاة العيد: القول الأول: أنها فرض.
وهذا القول الأول في المسألة، ومعلوم أن الفرض يحتاج إلى دليل.
والدليل على هذا ما يلي: 1 ـ أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: «أمر النساء أن يخرجنَ لصلاة العيد، حتى إنه أمر الحيَّض، وذوات الخدور أن يخرجن يشهدن الخير، ودعوة المسلمين، وأمر الحيَّض أن يعتزلنَ المصلى» (6)، والأمر يقتضي الوجوب، وإذا كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أمر النساء، فالرجال من باب أولى، لأن الأصل في النساء أنهنّ لسن من أهل الاجتماع، ولهذا لا تشرع لهن صلاة الجماعة في المساجد، فإذا أمرهن أن يخرجن إلى مصلى العيد ليصلين العيد ويشهدن الخير ودعوة المسلمين دلّ هذا على أنها على الرجال أوجب، وهو كذلك.
2 ـ مواظبة النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وخلفائه الراشدين على هذا العمل الظاهر، [وهذا يجعله بعض العلماء دليلاً] على الوجوب، فيقولون: إن مواظبة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على هذا العمل الظاهر، وعدم تخلفه عنه يدل على تأكده ووجوبه، وإن كان هذا فيه نظر؛ لأن الأصل في المداومة على الشيء إذا لم يكن فيه أمرٌ الاستحباب.
3 ـ أنها من شعائر الدين الظاهرة، وشعائر الدين الظاهرة فرض كالأذان، فالأذان والإقامة من فروض الكفاية؛ لأنهما من شعائر الدين الظاهرة المعلنة، هكذا قال بعض أهل العلم.
ولكن أصح طريق للاستدلال على وجوب صلاة العيدين هو أمر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بذلك، وأما مواظبته على هذا، وكونها من شعائر الدين الظاهرة فهي تؤيد الوجوب ولا تعينه.
القول الثاني: أنها سُنّة.
واستدل هؤلاء بأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لما علم الأعرابي فرائض الإسلام، ومنها الصلوات الخمس، عندما قال الأعرابي: هل عليّ غيرها؟ قال: «لا إلا أن تطوع» (7)، وهذا عام فإن كل صلاة غير الصلوات الخمس داخلة في هذا، وقد قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: «لا» أي: ليست واجبة «إلا أن تطوع»، أي: إلا أن تفعلها على سبيل التطوع، وهذا مذهب مالك والشافعي.
القول الثالث: أنها فرض عين على كل أحد.
وأنه يجب على جميع المسلمين أن يصلوا صلاة العيد، ومن تخلف فهو آثم، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله-.
واستدل هؤلاء بأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: «أمر النساء حتى الحيَّض، وذوات الخدور أن يخرجنَ إلى المصلى ليشهدن الخير ودعوة المسلمين» (8)، وهذا يدل على أنها فرض عين؛ لأنها لو كانت فرض كفاية لكان الرجال قد قاموا بها، وهذا عندي أقرب الأقوال [وهو الراجح].
إِذَا تَرَكَ صلاة العيد أَهْلُ بَلَدٍ (9) قَاتَلَهُمُ (10) الإِمَامُ (11): أي: إذا ترك صلاة العيد أهل بلد فإن الإمام يقاتلهم، أي: إن لم يفعلوها، فإذا علم الإمام أن هؤلاء تركوها، ودعاهم إلى فعلها، ولكنهم أصروا على الترك، فإنه يجب عليه أن يقاتلهم حتى يصلوا.
والمقاتلة غير القتل، فهي أوسع، فليس كل من جازت مقاتلته جاز قتله، ولا يلزم من وجوب المقاتلة أن يكون المقاتل كافراً، بل قد يكون مؤمناً ويقاتل كما قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ *} {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 9، 10]، فأوجب قتال الفئة الباغية مع أنها مؤمنة لا تخرج عن الإيمان بالقتال.
• وقت صلاة العيد: صلاة العيد وقتها كوقت صلاة الضحى (12)، ومعلوم أن صلاة الضحى تكون من ارتفاع الشمس قيد رمح بعد طلوعها، وهو بمقدار ربع ساعة تقريباً.
حكمُ تَبْكِيرِ المَأْمُومِ إِلَيْهَا مَاشِياً بَعْدَ الصُّبْحِ: يُسَنُّ أن يبكّر المأموم إلى صلاة العيد من بعد صلاة الفجر، أو من بعد طلوع الشمس إذا كان المصلى قريباً، كما لو كانت البلدة صغيرة والصحراء قريبة.
وكان ابن عمر -رضي الله عنهما-: «لا يخرج إلا إذا طلعت الشمس» (13)، لكن مصلى العيد في عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وفي عهد الصحابة كابن عمر كان قريباً يمكن للإنسان أن يخرج بعد طلوع الشمس ويدرك الصلاة.
والدليل على سنية الخروج بعد صلاة الصبح ما يلي: 1 ـ عمل الصحابة -رضي الله عنهم-؛ لأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يخرج إلى المصلى إذا طلعت الشمس، ويجد الناس قد حضروا وهذا يستلزم أن يكونوا قد تقدموا. 2 ـ ولأن ذلك سبق إلى الخير. 3 ـ ولأنه إذا وصل إلى المسجد وانتظر الصلاة، فإنه لا يزال في صلاة. 4 ـ ولأنه إذا تقدم يحصل له الدنو من الإمام. كل هذه العلل مقصودة في الشرع.
«ماشياً» أي: يُسَنُّ أن يخرج ماشياً، لا على سيارة، ولا على حمار، ولا على فرس، ولا على بعير كما جاء عن علي ـ -رضي الله عنه- ـ: «السنّة أن يخرج إلى العيد ماشياً» (14) ولكن إذا كان هناك عذر كبعد المصلى، أو مرض في الإنسان، أو ما أشبه ذلك، فلا حرج أن يخرج إليها راكباً.
«بعد الصبح» أي: بعد صلاة الصبح، فلا يخرج بعد الفجر؛ لأنه لو خرج بعد طلوع الفجر لم يصلِّ الجماعة مع الناس، وهذا حرام.
حكمُ َتَأَخّرِ الإِمَامِ إِلَى وَقْتِ الصَّلاَةِ: يُسَنُّ أن يتأخر الإمام إلى وقت الصلاة.
ودليل ذلك: أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- «كان إذا خرج إلى العيد فأول شيء يبدأ به الصلاة» (15)، وهذا يدل على أنه لا يحضر فيجلس، بل يحضر ويشرع في الصلاة.
وكذلك نقول في الجمعة: إن السنّة للإمام أن يتأخر، وأما ما يفعله بعض أئمة الجمعة الذين يريدون الخير فيتقدمون ليحصلوا على أجر التقدم الوارد في قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة» (16)، فهؤلاء يثابون على نيتهم، ولا يثابون على عملهم؛ لأنه خلاف هدي النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، فالنبي -صلّى الله عليه وسلّم- في صلاة الجمعة إنما يأتي عند الخطبة ولا يتقدم، ولو كان هذا من الخير لكان أول فاعل له رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
وكذلك أيضاً هنا دليل نظري وهو: أن الإمام يُنتظر ولا ينتظر، أي: الناس ينتظرونه، أما هو فلا ينتظر الناس فإذا جاء شرع في الصلاة.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 23 أبريل 2023, 5:48 pm عدل 2 مرات
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا وَفَتَاوِيهِمَا الجمعة 31 مايو 2019, 6:38 pm
• حكم تقديم صلاة عيد الأضحى وتأخير الفطر: أي: ويُسنّ تقديم صلاة الأضحى، وعكسه الفطر، أي: تأخير صلاة الفطر. ودليل هذا أثر ونظر.
أما الأثر: 1 ـ ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام «أنه كان يصلي صلاة عيد الأضحى إذا ارتفعت الشمس قيد رمح، وصلاة الفطر إذا ارتفعت قيد رمحين» (17).
2 ـ أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كتب إلى عمرو بن حزم: «أن عجّل الأضحى، وأخّر الفطر، وذكِّر الناس في الخطبة» (18).
أما النظر: فلأن الناس في صلاة عيد الفطر محتاجون إلى امتداد الوقت ليتسع وقت إخراج زكاة الفطر؛ لأن أفضل وقت تخرج فيه زكاة الفطر صباح يوم العيد قبل الصلاة؛ لحديث ابن عمر: «أمر أن تؤدّى قبل خروج الناس إلى الصلاة» (19)، ومعلوم أنه إذا تأخرت الصلاة، صار هذا أوسع للناس.
وأما عيد الأضحى فإن المشروع المبادرة بالتضحية؛ لأن التضحية من شعائر الإسلام، وقد قرنها الله عز وجل في كتابه بالصلاة فقال: {فَصَلِّ لِرَّبِكَ وَانْحَرْ *} [الكوثر]، وقال: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *} [الأنعام]، ففعلها مبادراً بها في هذا اليوم أفضل، وهذا إنما يحصل إذا قدمت الصلاة؛ لأنه لا يمكن أن تذبح الأضحية قبل الصلاة.
* حكم من علم بالعيد بعد الزوال: فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال فإنهم لا يصلون، وإنما يصلون من الغد في وقت صلاة العيد، ودليل ذلك ما رواه أبو عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا: «غُمَّ علينا هلال شوال فأصبحنا صياماً، فجاء ركب في آخر النهار، فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا غداً لعيدهم (20)»، رواه أحمد، وأبو داود، والدارقطني وحسّنه (21)، فإذا لم يعلم الناس بالعيد إلا بعد الزوال، فإنه في عيد الفطر يفطرون؛ لأنه تبين أن هذا يوم عيد، ويوم العيد صومه حرام، وفي عيد الأضحى ينتظرون الصلاة فلا يضحون إلا بعدها من الغد.
• مكان صلاة العيد: ويُسَنُّ إقامتها في الصحراء خارج البلد، وينبغي أن تكون قريبة؛ لئلا يشق على الناس.
والدليل: فعل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وخلفائه الراشدين، فإنهم كانوا يصلونها في الصحراء (22)، ولولا أن هذا أمر مقصود لم يكلفوا أنفسهم ولا الناس أن يخرجوا خارج البلد.
حكم صلاة العيد فى المسجد: تكره إقامة صلاة العيد في جامع البلد بلا عذر.
أما في المدينة فظاهر أن المدينة كغيرها، يُسَنُّ لأهل المدينة أن يخرجوا إلى الصحراء، ويصلوا العيد، هذا هو الأفضل كما كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يفعله، ويكره أن يصلوا في المسجد النبوي إلا لعذر، لكن ما زال الناس من قديم الزمان يصلون العيد في المسجد النبوي.
أما في مكة فلا أعلم أن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أو أحداً من الذين تولوا مكة كانوا يخرجون عن المسجد الحرام، ولهذا استثنى في «الروض المربع» مكة المشرفة، ولعل الحكمة من ذلك -والله أعلم- أن الصلاة في الصحراء في مكة صعبة؛ لأنها جبال وأودية، فيشق على الناس أن يخرجوا، فلهذا كانت صلاة العيد في نفس المسجد الحرام.
تنبيه: إذا صلوا في الجامع لعذر فلا كراهة.
والعذر مثل: المطر، والرياح الشديدة، والخوف كما لو كان هناك خوف لا يستطيعون أن يخرجوا معه عن البلد.
وإذا قال قائل: ما الدليل على الكراهة وأنتم تقولون: إن ترك السنّة لا يلزم منه الكراهة إلا بدليل؟
فالجواب على ذلك أن نقول: إنما كره هذا؛ لأنه يفوت به مقصودٌ كبيرٌ، وهو إظهار هذه الشعيرة وإبرازها، وهذا شيء مقصود للشارع، وكما أسلفنا فيما سبق أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالخروج إليها مع المشقة، وهذا يدل على العناية بهذا الخروج.
• حكم الأكل قبل صلاة عيد الفطر وبعد الأضحى: يُسنُّ أكل الإنسان قبل صلاة عيد الفطر، اقتداءً بالنبي -صلّى الله عليه وسلّم-، فإنه -صلّى الله عليه وسلّم- «كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهنّ وتراً» (23) لكن الواحدة لا تحصل بها السنة؛ لأن لفظ الحديث: «حتى يأكل تمرات»، وعلى هذا فلابد من ثلاث فأكثر: ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو تسع، أو إحدى عشرة، المهم أن يأكل تمرات يقطعها على وتر، وكل إنسان ورغبته فليس مقيداً فله أن يشبع، وإن أكل سبعاً فحسن، لأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: «مَنْ تصبَّح بسبع تمرات من تمرات العالية -وفي لفظ: من العجوة- فإنه لا يصيبه ذلك اليوم سُمٌ ولا سِحْرٌ» (24).
سبحان الله حماية ووقاية بسبع تمرات من تمر العالية -مكان معروف بالمدينة- أو من العجوة، بل إن شيخنا ابن سعدي -رحمه الله- يرى أن ذلك على سبيل التمثيل، وأن المقصود التمر مطلقاً، فعلى هذا يتصبّح الإنسان كلَّ يوم بسبع تمرات، فإن كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أرادها فقد حصل المطلوب، وإن لم يردها فلا شك أن إفطار الإنسان على هذا التمر الجامع بين ثلاثة أمور من أفضل الأغذية: الحلوى، والفاكهة، والغذاء؛ لأن التمر يشتمل على هذا كله: هو حلوى، وفاكهة يتفكّه به الإنسان، وغذاء، ولهذا لا تجد مثل التمر شيئاً من الثمر لا يفسد إذا أبطأ، بل هو دائماً صالح للأكل، إلا إذا أساء الإنسان كنزه، أو ما أشبه ذلك.
وعلى كلٍّ يأكل تمرات أقلها ثلاث قبل أن يخرج لصلاة عيد الفطر.
• ولا يأكل قبل صلاة الأضحى حتى يضحي (25) لحديث بريدة: «كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يُصَلّي» رواه أحمد (26).
ولأن ذلك أسرع إلى المبادرة في الأكل من أضحيته، والأكل من الأضحية واجب عند بعض العلماء؛ لقول الله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: 28، 36]، فبدأ بالأمر بالأكل، فالأفضل إذاً أن يمسك عن الأكل في عيد الأضحى حتى يأكل من أضحيته التي أمر بالأكل منها.
أما الحكمة من تقديم الأكل في عيد الفطر فمن أجل تحقيق الإفطار من أول النهار؛ لأن اليوم الذي كان قبله يوم يجب صومه، وهذا اليوم يوم يجب فطره، فكانت المبادرة بتحقيق هذا أفضل، وعليه فلو أكل هذه التمرات قبل أن يصلي الفجر حصل المقصود؛ لأنه أكلها في النهار، والأفضل إذا أراد أن يخرج.
لباس المصلى يوم العيد حين خروجه: يُسنّ أن يخرج على أحسن هيئة، وهذا يشمل الإمام والمأموم، في لباسه وفي هيئته كأن يحف الشارب، ويقلّم الأظفار، ويتنظّف، ويلبس أحسن ثيابه.
وهذا يختلف باختلاف الناس، فمن الناس من أحسن ثيابهم القمص، ومن الناس من أحسن ثيابهم الثياب الفضفاضة، ومن الناس من أحسن ثيابهم المشالح مع ما تحتها، وذلك إظهاراً للسرور والفرح بهذا اليوم، وتحدثاً بنعمة الله تحدثاً فعلياً؛ لأن الله إذا أنعم على عبده نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
حكمُ صلاة العيد للمسافر: الناس على المشهور من المذهب ثلاثة أقسام: 1 ـ مسافر. 2 ـ مقيم. 3 ـ مستوطن.
أما المسافر: فواضح.
وأما المقيم فهو: المسافر إذا نوى إقامة تقطع حكم السفر، وهي على المذهب أكثر من أربعة أيام، فهذا يسمونه مقيماً لا مسافراً ولا مستوطناً.
وأما المستوطن: فهو مَنْ كان في وطنه سواءً كان وطناً أصلياً أو استوطنه فيما بعد.
فيُشترط لصحة صلاة العيد أن تكون من قوم مستوطنين، وعلى هذا فإذا جاء العيد ونحن في سفر فإنه لا يُشرع لنا أن نُصلّي صلاة العيد.
والدليل على ذلك: أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لم يُقِمْ صلاة العيد إلا في المدينة، وسافر إلى مكة عام غزوة الفتح، وبقي فيها إلى أول شوال، وأدركه العيد، ولم ينقل أنه -صلّى الله عليه وسلّم- صلّى صلاة العيد، وفي حَجَّة الوداع صادفه العيد وهو في مِنَى، ولم يُقِمْ صلاة العيد؛ لأنه مسافر، كما أنه لم يُقِمْ صلاة الجمعة في عرفة؛ لأنه مسافر.
إذاً فالمُسافرُون: لا يُشرع في حقهم صلاة العيد، وهذا واضح؛ لأن هذا هو هَدْي النبي -صلّى الله عليه وسلّم-.
وأما المُقيمُون: فكذلك على المذهب؛ لأنهم ليسوا من أهل إقامة الجمعة فلا يكونون من أهل إقامة العيد.
فلو فرضنا أن جماعة تبلغ مائتين في بلد غير إسلامي، وكانوا قد أقاموا للدراسة لا للاستيطان، وصادفهم العيد فإنهم لا يقيمون صلاة العيد؛ لأنهم ليسوا مستوطنين، ولكن في هذا القول نظراً، ولهذا كان الناس الآن على خلاف هذا القول، فالذين أقاموا للدراسة في بلاد الكفر التي لا تقام فيها صلاة العيد يقيمون الجمعة، ويقيمون صلاة العيد، ويرون أنهم لو تخلّفوا عن ذلك لكان في هذا مطعن عليهم في أنهم لا يُقيمُون شعائر دينهم في مناسباتها.
* العددُ المعتبر قى صلاة العيد: وقد سبق لنا أن القول الراجح في العدد المعتبر للجمعة ثلاثة، فهذا يبنى على ذاك، فلابد من عدد يبلغون ثلاثة، فإن لم يوجد في القرية إلا رجل واحد مسلم، فإنه لا يقيم صلاة العيد، أو رجلان فلا يقيمان صلاة العيد، أما الثلاثة فيقيمونها.
* هل يُشترظُ إذن الإمام لصلاة العيد؟ لا يشترط إذن الإمام لإقامة صلاة العيد، فلو أن أهل بلد ثبت عندهم الهلال وأفطروا، فلا يلزمهم أن يستأذنوا الإمام في إقامة صلاة العيد، حتى لو قال الإمام: لا تقيموها.
فإنه يجب عليهم أن يقيموها وأن يعصوه؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقد سبق لنا في الجمعة أنه ينبغي أن يشترط إذن الإمام لتعدُّد الجمعة، فكذا العيد أيضاً نقول فيه ما نقول في الجمعة، أي: أنه لو احتاج الناس إلى إقامة مُصلّى آخر للعيد فإنه لابد من إذن الإمام أو نائب الإمام، حتى لا يحصل فوضى بين الناس، ويصير كل واحد منهم يقيم مصلى عيد.
• حكمُ مغايرة الطريق يوم العيد: يُسَنُّ إذا خرج من طريق لصلاة العيد أن يرجع من طريق آخر اقتداءً بالنبي -صلّى الله عليه وسلّم-، «فإنه كان إذا خرج يوم العيد خالف الطريق» (27).
والحكمة من هذا: متابعة النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وهذه الحكمة أعلى حكمة يقتنع بها المؤمن، أن يُقال: هذا أمر الله ورسوله، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]، أي: يقتنعون غاية الاقتناع، وقول عائشة -رضي الله عنها- وقد سُئلت: لماذا تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: «كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نُؤْمر بقضاء الصلاة» (28)، ولم تذكر سوى هذا؛ لأن المؤمن لسانه وحاله: سمعنا وأطعنا، [فالخلاصة أن الحكمة بالنسبة لنا اتباع الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أما بالنسبة لفعل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكمته وعلته:]
فقال بعض العلماء: إن العلة إظهار هذه الشعيرة في أسواق البلد؛ لأن الناس إذا جاؤوا من هذا الطريق زرافات ووحداناً، وهجروا الطريق الثاني لم تتبيّن هذه الشعيرة في الطريق الثاني، وصارت منحصرة في الطريق الأول، فإذا خرجوا من هنا ورجعوا من هناك صار في هذا إظهار لهذه الشعيرة في الطريقين.
وقال بعض العلماء: إنه قد يكون في الطريق الثاني فقراء ليسوا في الطريق الأول فيجودون عليهم ويدخلون عليهم السرور؛ لأنه في يوم العيد ينبغي للإنسان أن يوسع على أهله وإخوانه، ويدخل السرور عليهم، ويبسط لهم في الرزق؛ لأن العيد يوم فرح وسرور.
وقال بعض العلماء: من أجل أن يشهد له الطريقان الأول والثاني؛ لأن الأرض يوم القيامة تحدث أخبارها، أي: تخبر بما عُمل عليها من خير وشر -سبحان الله- الأرض التي تطأ الآن عليها يوم القيامة ستكون شهيداً عليك أو لك، تشهد بما عملت من قول مسموع تسمعه وتعبر عنه، ومن فعل مرئي تراه وتعبر عنه، لا أعين لها، ولا آذان، لكن أنطقها الله الذي أنطق كل شيء.
ولهذا عدَّى بعضهم هذا الحكم إلى الجمعة، وقالوا: يُسَنُّ أن يأتي إلى الجمعة من طريق، ويرجع من طريق أخرى؛ لأنها صلاة عيد واجتماع، فيُسَنُّ فيها مخالفة الطريق.
وعدَّى بعض العلماء هذا الحكم إلى سائر الصلوات، فقال: يُسَنُّ أن يأتي للصلاة من طريق، ويرجع من طريق آخر.
وقال بعض العلماء: يُسَنُّ لكل من قصد أمراً مشروعاً أن يذهب من طريق، ويرجع من طريق آخر.
فلو ذهبت لعيادة مريض، فإنه يُسنّ لك أن تذهب إليه من طريق وترجع من طريق آخر، ولو ذهبت لصلة قريب فكذلك، ولكن التوسع في القياس إلى هذا الحد أمر ينظر فيه، بمعنى أن هذا لا يُسلم لمن قاس، لاسيما وأن هذه الأشياء التي ذكروها موجودة في عهد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، ولم ينقل عنه أنه خالف الطريق إلا في العيد، ولدينا قاعدة مهمة لطالب العلم وهي: «أن كل شيء وجد سببه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فلم يحدث له أمراً، فإن من أحدث له أمراً فإحداثه مردود عليه».
لأننا نقول: هذا السبب الذي جعلته مناط الحكم موجود في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، فلماذا لم يفعله؟ فترك النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الشيء مع وجود سببه يكون تركه سنّة، والتعبُّد به غير مشروع.
فقد كان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يأتي إلى الجمعة ولا يخالف الطريق، وكان يزور أصحابه ويعود المرضى ولا يخالف الطريق، وكان يأتي إلى الصلوات الخمس ولا يخالف الطريق (29).
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا وَفَتَاوِيهِمَا الجمعة 31 مايو 2019, 6:44 pm
صفةُ صلاة العيد: يصلى صلاة العيد ركعتين قبل الخطبة، فلا يقدم الخطبة على الصلاة.
يكبر تكبيرة الإحرام، ثم يستفتح بما ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد مرّ بنا أن أصح حديث في الاستفتاح، حديث أبي هريرة ـ -رضي الله عنه- ـ: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقّني من خطاياي كما ينقّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرَد» (30)، فإذا استفتح بهذا أو بغيره مما ورد، فإنه يكبّر ست تكبيرات: الله أكبر، الله أكبر، إلى أن يكمل ستاً، ثم يستعيذ ويقرأ، فالاستفتاح إذاً مقدم على التكبيرات الزوائد.
يكبّر في الركعة الثانية قبل القراءة خمس تكبيرات، ليست منها تكبيرة القيام؛ لأن تكبيرة القيام قبل أن يستتم قائماً، فلا تحسب، فيكبّر خمساً بعد القيام، وبعد أن يستتم قائماً، أما التكبير الذي عند النهوض من السجود فإنه يكون قبل أن يستتم قائماً.
والدليل على هذه التكبيرات الزوائد: أنه ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه فعل ذلك (31) وإسناده حسن كما قال في الروض، ولكن لو أنه خالف فجعلها خمساً في الأولى والثانية، أو سبعاً في الأولى والثانية حسب ما ورد عن الصحابة، فقد قال الإمام أحمد -رحمه الله-: اختلف أصحاب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في التكبير، وكله جائز، أي: أن الإمام أحمد يرى أن الأمر في هذا واسع، وأن الإنسان لو كبّر على غير هذا الوجه مما جاء عن الصحابة، فإنه لا بأس به، وهذه جادة مذهب الإمام أحمد نفسه -رحمه الله- أنه يرى أن السلف إذا اختلفوا في شيء، وليس هناك نص فاصل قاطع، فإنه كله يكون جائزاً؛ لأنه -رحمه الله- يعظم كلام الصحابة ويحترمه، فيقول: إذا لم يكن هناك نص فاصل يمنع من أحد الأقوال فإن الأمر في هذا واسع.
ولا شك أن هذا الذي نحا إليه الإمام أحمد من أفضل ما يكون لجمع الأمة واتفاق كلمتها؛ لأن من الناس من يجعل الاختلاف في الرأي الذي يسوغ فيه الاجتهاد سبباً للفرقة والشتات، حتى إنه ليضلل أخاه بأمر قد يكون فيه هو الضال، وهذا من المحنة التي انتشرت في هذا العصر على ما في هذا العصر من التفاؤل الطيب في هذه اليقظة من الشباب خاصة، فإنه ربما تفسد هذه اليقظة، وتعود إلى سبات عميق بسبب هذا التفرق، وأن كل واحد منهم إذا خالفه أخوه في مسألة اجتهادية ليس فيها نص قاطع ذهب ينفر عنه ويسبّه ويتكلم فيه، وهذه محنة أفرح من يفرح بها أعداء هذه اليقظة؛ لأنهم يقولون: سقينا بدعوة غيرنا، جعل الله بأسهم بينهم، حتى أصبح بعض الناس يبغض أخاه في الدين، أكثر مما يبغض الفاسق والعياذ بالله، وهذا لا شك أنه ضرر، وينبغي لطلبة العلم أن يدركوا ضرر هذا علينا جميعاً، وهل جاءك وحي من الله أن قولك هو الصواب؟ وإذا لم يأته وحي أن قوله هو الصواب، فما الذي يدريه؟ لعل قول صاحبه هو الصواب، وهو على ضلال، هذا هو الواقع، والآن ليس أحد من الناس يأتيه الوحي، فالكتاب والسنّة بين أيدينا، وإذا كان الأمر قابلاً للاجتهاد، فليعذر أحدنا أخاه فيما اجتهد فيه.
ولا بأس من النقاش المفيد الهادئ بين الإخوة، وأُفضِّل أن يكون النقاش بين المختلفين في غير حضور الآخرين؛ لأن الآخرين قد يحملون في نفوسهم من هذا النقاش ما لا يحمله المتناقشان، فربما يؤول الأمر بينهما إلى الاتفاق، لكن الآخرين الذين حضروا مثلاً قد يكون في قلوبهم شيء يحمل حتى بعد اتفاق هؤلاء، فيجري الشيطان بينهم بالعداوة، وحينئذٍ نبقى في بلائنا، فأقول: جزى الله الإمام أحمد خيراً على هذه الطريقة الحسنة: (أن السلف إذا اختلفوا في شيء، وليس هناك نص فاصل، فإن الأمر يكون واسعاً كله جائز).
• حكمُ رفع اليدين مع التكبيرات: أما تكبيرة الإحرام، فلا شك أنه يرفع يديه عندها؛ لأن هذا ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- وغيره (32).
وأما بقية التكبيرات فهي موضع خلاف بين العلماء: القول الأول: يرفع يديه.
القول الثاني: لا يرفع يديه.
والصواب أنه يرفع يديه مع كل تكبيرة، وفي تكبيرات الجنازة أيضاً؛ لأن هذا ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم-، ولم يرد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- خلافه، ومثل هذا العمل لا مدخل للاجتهاد فيه؛ لأنه عبادة فهو حركة في عبادة، فلا يذهب إليه ذاهب من الصحابة إلا وفيه أصل عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد صح عن ابن عمر: «أنه كان يرفع يديه في تكبيرات الجنازة مع كل تكبيرة»، بل إنه روي عنه مرفوعاً، ومنهم مَنْ صحّحه مرفوعاً إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم-.
• حكمُ الذكر بين التكبيرات: هذا الذكر يحتاج إلى نقل عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-؛ لأنه ذكر معين محدد في عبادة، ولم ينقل عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه كان يقول ذلك، وإنما أثر عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: «يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي -صلّى الله عليه وسلّم-» (33).
والحمد والثناء على الله يمكن أن يكون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *}، هذا حمد، وثناء بنص الحديث الذي جاء فيه: «إذا قال المصلي: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *} قال الله: «حمدني عبدي»، وإذا قال: {الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *} قال: «أثنى عليّ عبدي» (34)، أما بهذا الذكر الطويل فهذا يحتاج إلى نص، ولا نص في ذلك.
وقال بعض العلماء: يكبّر بدون أن يذكر بينهما ذكراً.
وهذا أقرب للصواب، والأمر في هذا واسع، إن ذكر ذكراً فهو على خير، وإن كبّر بدون ذكر، فهو على خير.
ومن الذكر: الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبى و آله وسلم تسليما كثيرا.
قوله: «الله أكبر كبيراً»، كلمة «أكبر» هنا مطلقة غير مقيدة، ومعلوم أن دلالتها على الكمال عند الإطلاق أقوى من دلالتها على الكمال عند التقييد، أي: لو قلت: «الله أكبر من كذا» صارت مقيدة، وإذا قلت: «الله أكبر» صارت مطلقة، أي: أكبر من كل شيء مهما بلغ عندك من التصور فالله أكبر -عز وجل-، وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، والسماوات السبع والأرضون السبع في كفه -عز وجل- كخردلة في كف أحدنا، فلا أحد يتصوره فالله أكبر من كل شيء، أما التقييد فلا شك أنه ينقص من تصور الكمال من هذه الكلمة، (35).
وقوله: «كبيراً» هذه حال من الضمير المستتر في «أكبر»؛ لأن «أكبر» اسم تفضيل خلافاً لمن قال: «الله أكبر» بمعنى كبير، أي: بمعنى اسم الفاعل، فإن هذا غلط؛ لأن اسم الفاعل أقل في الدلالة على الكمال من اسم التفضيل؛ لأن اسم التفضيل يمنع تساوي المفضل والمفضل عليه في الوصف، واسم الفاعل لا يمنع ذلك، فإذا قلت: «زيد عالم» لم يمنع أن يساويه عمرو في العلم إذا كان عالماً، وإذا قلت: «زيد أعلم من عمرو» دلّ على أنه لا يساويه وأن زيداً أعلم.
وبعض العلماء -رحمهم الله-: يفسرون الله أعلم، والله أكبر، وما أشبه ذلك باسم الفاعل حذراً من أن يكون هناك مفاضلة بين الخالق والمخلوق، ولا شك أن هذا خطأ، فالمفاضلة حاصلة ولا تستلزم تساوي المفضل والمفضل عليه، بل لا تقتضي ذلك بخلاف اسم الفاعل.
قوله: «والحمد لله كثيراً»، الحمد تفسيره: وصف المحمود بالكمال، وليس الثناء على المحمود بالكمال؛ لأن الثناء إنما يقال عند التكرار، وقد فرّق الله بينهما في الحديث القدسي في قوله: «إذا قال -أي المصلي- {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *} قال: حمدني عبدي، وإذ قال: {الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *} قال: أثنى عليَّ عبدي» (36)، فجعل الثناء بتكرار الوصف ـ أي: وصف الكمال.
وقوله: «كثيراً» حال من الحمد، أي: الحمد لله حال كونه أي: الحمد كثيراً، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف، والتقدير حمداً كثيراً.
قوله: «وسبحان الله»، «سبحان» بمعنى تسبيح، فهي اسم مصدر، وهنا قاعدة في اسم المصدر يقولون: اسم المصدر هو: (ما دل على معنى المصدر دون حروفه).
فسبحان مأخوذة من سبّح، والمصدرُ من سبّح (تسبيحٌ).
إذاً سبحان بمعنى تسبيح، لكن ليس فيه حروف المصدر فيكون اسم مصدر، ومثله (كلام) اسم مصدر، والمصدر (تكليم)، و(سلام) اسم مصدر، والمصدر (تسليم).
قوله: «بكرة»، أي: في الصباح.
قوله: «أصيلاً»، أي: في المساء.
قال الله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ *} [الروم].
وتنزيه الله يكون بأمور ثلاثة: الأول: تنزيهه عن كل عيب.
الثاني: تنزيهه عن كل نقص في صفات كماله.
الثالث: تنزيهه عن مماثلة المخلوقين.
مثال الأول: العمى، والصمم، والجهل، وما أشبه ذلك.
ومثال الثاني: التعب عند الفعل، أي: يقدر على الفعل لكن مع تعب، فهذا ينزّه الله عنه، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ *} [ق].
ومثال الثالث: قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، ولأنه لو ماثل المخلوق لكان ناقصاً، فإلحاق الكامل بالناقص يجعله ناقصاً، بل محاولة المقارنة بين الناقص والكامل يجعل الكامل ناقصاً.
على حد قول الشاعر: ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل: إن السيف أمضى من العصا
قوله: «وصلى الله على محمد»، صلاة الله على عبده ثناؤه عليه في الملأ الأعلى، هكذا اشتهر عن أبي العالية -رحمه الله-.
وفي نسخة: «وصلى الله على سيدنا»، ولا شك أنه سيد ولد آدم -صلّى الله عليه وسلّم-، وأنه سيدنا وإمامنا وقدوتنا وأسوتنا، ولكن لا أعلم حديثاً عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه وصف نفسه بالسيادة في الصلاة عليه، وإذا علمتم بحديث فدلونا عليه جزاكم الله خيراً.
فكل الأحاديث: «اللهم صلّ على محمد»، والصحابة يقولون: قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وما سمعنا أحداً يقول: قال: سيدنا، ولكن المتأخرين صاروا يقولون: «سيدنا»
ونحن نقول: هو سيدنا لا شك، ولكن يحتاج في صيغة الصلاة على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلى توقيف في هذا.
قوله: «النبي» أي: محمد -صلّى الله عليه وسلّم-.
قوله: «وآله»، آله: أتباعه على دينه؛ لأن الآل إن ذكر معهم الأتباع والأصحاب، فهم المؤمنون من قرابته، وإن لم يذكر معهم ذلك فهم أتباعه على دينه، هذا هو الصحيح.
قوله: «وسلّم تسليماً كثيراً»، أي: سلامة من كل آفة. والجملة في «صلى وسلم» خبرية بمعنى الدعاء.
الأمر واسع، إن أحب قال غير ذلك، وإن أحب أن لا يقول شيئاً فلا بأس، المهم أن يكبّر التكبيرات الزوائد.
«ثم» يقرأ الفاتحة وما بعدها من السور جهراً: لأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يفعل ذلك، وهكذا كان يقرأ جهراً في كل صلاة جامعة، كما جهر في صلاة الجمعة، وجهر في صلاة الكسوف؛ لأنها جامعة، وكذلك في الاستسقاء.
«في الأولى بعد الفاتحة بسبّح، وبالغاشية في الثانية» لأنه ثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: «أنه كان يقرأ بالأولى بسبّح، وبالثانية بالغاشية» (37)، كما ثبت عنه أنه كان يقرأ في الأولى بـ: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ *}، وفي الثانية بـ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ *} (38)، ولهذا ينبغي للإمام إظهاراً للسنّة وإحياء لها، أن يقرأ مرة بهذا، ومرةً بهذا، ولكن يراعي الظروف، مثل لو كان الوقت بارداً، وكان انتظار الناس يشق عليهم فالأفضل أن يقرأ بسبح والغاشية، وكذلك لو كان الوقت حاراً، وكذلك في عيد الأضحى؛ لأن الناس يحبون العجلة من أجل ذبح ضحاياهم.
وإذا لم يكن هناك مشقة، فالأفضل أن يقرأ بهذا مرة، وبهذا مرة.
فالسُّنَنُ الميتة أي المهجورة ينبغي لطلبة العلم أن يحيوها، لكن إذا خافوا استنكار الناس لها، فليمهدوا لها أولاً، لاسيما إذا كان طالب العلم صغيراً لا يُهْتَمُّ بكلامه وينتقد، فهنا ينبغي أن يمهد أولاً؛ لأجل أن يروّض أفكار الناس على قبول هذا الشيء.
فمثلاً: لو أن واحداً من علمائنا الكبار المشهود لهم بالثقة والعلم والأمانة في الدين فعل سُنّة لا يعلم عنها الناس لوجدت الناس يقولون: سبحان الله! ما كنّا علمنا أن هذه سُنّة، جزاه الله خيراً فتح لنا باباً من العلم، لكن لو فعلها أو قالها طالب علم صغير لقالوا: ما هذا الدين الجديد؟ وأخذوه والعياذ بالله بالسَّبِّ والشَّتم، فينبغي للإنسان أن يكون حكيماً.
«فإذا سَلَّمَ خَطَبَ» أي: إذا سَلَّمَ الإمام من الصلاة يخطب.
ومن نظر في السُّنّة المتفق عليها في الصحيحين وغيرهما تبين له أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لم يخطب إلا خطبة واحدة (39)، لكنه بعد أن أنهى الخطبة الأولى توجه إلى النساء ووعظهنّ، فإن جعلنا هذا أصلاً في مشروعية الخطبتين فمحتمل، مع أنه بعيد؛ لأنه إنما نزل إلى النساء وخطبهنّ لعدم وصول الخطبة إليهن وهذا احتمال، ويحتمل أن يكون الكلام وصلهن ولكن أراد أن يخصهنّ بخصيصة، ولهذا ذكرهنّ ووعظهنّ بأشياء خاصة بهنّ.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا وَفَتَاوِيهِمَا الجمعة 31 مايو 2019, 6:47 pm
حكمُ التطوع قبل صلاة العيد أو بعدها: القول الأول: يكره لمن حضر صلاة العيد أن يتطوع بنفل قبل الصلاة أو بعدها في موضعها، أي: موضع صلاة العيد، فيكره التنفل قبل الصلاة أو بعدها في الموضع، أما في بيته فلا كراهة.
والدليل على ذلك: أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- خرج إلى مصلى العيد وصلى العيد ركعتين لم يصلِّ قبلها ولا بعدها (40).
وفي هذا الاستدلال نظر؛ لأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- خرج إلى مصلى العيد ليصلي بالناس فصلى بهم، ثم انصرف، كما أنه يوم الجمعة يخرج إلى المسجد ويخطب ويصلي وينصرف ويصلي في بيته، فهل يقول أحد: إنه يكره أن يصلي الإنسان في يوم الجمعة في المسجد قبل الصلاة وبعدها؟
ما سمعنا أحداً قال بهذا، فكذلك نقول في صلاة العيد، ولا فرق، فإن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إمام يُنتظر ولا يَنْتَظِر، فجاء فصلى بالناس، ثم انصرف.
وكوننا نأخذ الكراهة من مجرد هذا الترك فيه نظر، ولو قالوا: إن السنّة أن لا يصلي لكان أهون من أن يقال: إنه يكره؛ لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل نهي؛ إذ إن الكراهة لا تثبت إلا بنهي، إما نهي عام مثل: «كل بدعة ضلالة» (41)، وإما نهي خاص، ثم إن ترك النبي عليه الصلاة والسلام التنفل قبل الصلاة واضح السبب؛ لأنه إمام منتظر فجاء فصلى وانصرف، لكن نهي المأموم عن التنفل، والقول بكراهته له لا يخلو من نظر.
القول الثانى: قال بعض العلماء رحمهم الله: إن الصلاة غير مكروهة في مصلى العيد لا قبل الصلاة ولا بعدها، وقال: بيننا وبينكم كتاب الله وسنّة رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-، فأين الدليل على الكراهة؟ وهذا خير وتطوع، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «عليك بكثرة السجود» (42)، وقال: «أعِنِّي على نفسك بكثرة السجود» (43)، فكيف تقولون بالكراهة؟
وهذا مذهب الشافعي -رحمه الله- في هذه المسألة، وهو الصواب.
وقال بعض العلماء: تكره الصلاة بعدها لا قبلها؛ [لأن المشروع أن ينصرف].
وقال بعض العلماء: تكره قبلها لا بعدها.
وبعض العلماء قال: يكره للإمام دون المأموم، وهذا قول للشافعي، أعني التفريق بين الإمام وغيره.
والصحيح: أنه لا فرق بين الإمام وغيره، ولا قبل الصلاة ولا بعدها، فلا كراهة، لكن لا نقول: إن السنّة أن تصلي، فقد يقال: إن بقاء الإنسان يكبّر الله قبل الصلاة أفضل، إظهاراً للتكبير والشعيرة، وهذا في النفل المطلق.
وأما تحية المسجد فلا وجه للنهي عنها إطلاقاً؛ لأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أمر بها، حتى إن كثيراً من العلماء قال: إنها واجبة، فإذا كانت سنّة مؤكدة كما تدل على ذلك السنّة، فكيف نقول لمن دخل مصلى العيد، لا تصل يكره لك ذلك؟
فإن قال قائل: مصلى العيد ليس بمسجد، وقد قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» (44).
قلنا: بل إن مصلى العيد مسجد، ودليل ذلك: أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أمر النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد، وأمر الحيض أن يعتزلنَ المصلى (45).
والمرأة لا تعتزل إلا المسجد، أما مصلاها في بيتها، أو مصلى رجل في بيته فإن الحائض لا يحرم عليها أن تمكث فيه، فكون النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يعطي مصلى العيد حكم المسجد بالنسبة لمنع الحائض منه دليل على أنه مسجد، وعلى هذا نص فقهاؤنا، فقال صاحب المنتهى (46): «ومصلى العيد مسجد لا مصلى الجنائز»، وهو عمدة فقهاء الحنابلة المتأخرين.
قوله: مُصَلّى الجنائز فإنهم كانوا فيما سبق يجعلون للجنائز مصلى خاصاً يصلى فيه على الجنائز، وقد اقترح بعض الناس الآن أن يجعل مصلى خاص عند المقبرة يصلى فيه على الجنائز، وهذا محل دراسة، هل يوافق على هذا، أو يبقى الناس على ما هم عليه يصلون على جنائزهم في مساجدهم؛ لأنه المعتاد؛ ولأنه قد يكثر الجمع، فلا يسعهم المصلى الذي يجعل عند المقبرة.
فالمهم أن مصلى العيد مسجد له أحكام المساجد، وأنه إذا دخله الإنسان لا يجلس حتى يصلي ركعتين، وأنه لا نهي عنهما بلا إشكال، وأما أن يتنفل بعدهما فنقول: لا بأس به، لكن الأفضل للإمام أن يبادر بصلاة العيد إن كان قد دخل وقتها لئلا يحبس الناس، وأما المأموم فالأفضل له إذا صلى تحية المسجد أن يتفرغ للتكبير والذكر.
والسنّة للإمام أن لا يأتي إلا عند الصلاة، وينصرف إذا انتهت فلا يتطوع قبلها ولا بعدها اقتداء بالرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، أما المأموم فالأفضل له أن يتقدم ليحصل له فضل انتظار الصلاة.
• حكمُ قضاء صلاة العيد لِمَنْ فاتته: المذهب (47) أن قضاءها سُنَّة، وأن الأفضل أن يكون على صفتها.
وعلى هذا فلو ترك القضاء فلا إثم عليه.
ولو قضاها كراتبة من الرواتب فجائز؛ لأن كونها على صفتها على سبيل الأفضلية وليس بواجب.
والدليل على سنيّة القضاء قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: «مَنْ نام عن صلاة أو نسيها فليُصلّها إذا ذكرها» (48)، وقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: «فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتِمُّوا» (49).
ولكن في هذا الاستدلال نظر؛ لأن المراد بالحديثين الفريضة، أما هذه فصلاة مشروعة على وجه الاجتماع، فإذا فاتت فإنها لا تقضى إلا بدليل يدل على قضائها إذا فاتت، ولهذا إذا فاتت الرجل صلاة الجمعة لم يقضها، وإنما يصلي فرض الوقت وهو الظهر.
ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- إلى أنها لا تُقضى إذا فاتت، وأن مَنْ فاتته، فلا يُسَنُّ له أن يقضيها (50)؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-؛ ولأنها صلاة ذات اجتماع معين (51)، فلا تشرع إلا على هذا الوجه.
* حكمُ خطبة العيد: لو قال أحد بوجوب الخطبة، أو الخطبتين في العيدين لكان قولاً متوجهاً؛ ولأن الناس في صلاة العيد في اجتماع كبير لا ينبغي أن ينصرفوا من غير موعظة وتذكير.
• حكم استفتاح خطبة العيد بالتكبيرات: القول الأول: يستفتح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات متتابعات والخطبة الثانية بسبع تكبيرات متتابعات.
والدليل على ذلك ما يلي: 1 ـ روي في هذا حديث، لكنه أعلّ بالانقطاع أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- «كان يستفتح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبع» (52)، وصارت الأولى أكثر؛ لأنها أطول، وخُصّت بالتسع والسبع؛ من أجل القطع على وتر.
2 ـ أن الوقت وقت تكبير، ولهذا زيدت الصلاة بتكبيرات ليست معهودة، وكان هذا اليوم يوم تكبير، فمن أجل هذا شُرع أن يبدأ الخطبتين بالتكبير، فصار لهذا الحكم دليل وتعليل.
القول الثانى: قال بعض العلماء: إنه يبتدئ بالحمد كسائر الخطب، وكما هي العادة في خطب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه يبدأ خطبه بحمد الله، ويثني عليه.
وعلى هذا فيقول: الحمد لله كثيراً، والله أكبر كبيراً، فيجمع بين التكبير والحمد.
• التكبير أيام العيدين: دليل ذلك في ليلة عيد الفطر قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185]، فقال: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} وإكمال العدة يكون عند غروب الشمس آخر يوم من رمضان، إما بإكمال ثلاثين، وإما برؤية الهلال، فإذا غابت الشمس آخر يوم من رمضان سنّ التكبير المطلق من الغروب إلى أن تفرغ الخطبة، لكن إذا جاءت الصلاة فسيصلي الإنسان ويستمع الخطبة بعد ذلك.
ولهذا قال بعض العلماء:
من الغروب إلى أن يكبّر الإمام للصلاة.
أقسام التكبير: فالتكبير ينقسم إلى قسمين فقط: 1 ـ مطلق. 2 ـ مطلق ومقيد.
فالمطلق: ليلة عيد الفطر، وعشر ذي الحجة إلى فجر يوم عرفة.
والمطلق والمقيد: من فجر يوم عرفة إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا وَفَتَاوِيهِمَا الجمعة 31 مايو 2019, 6:50 pm
• صفة التكبير: فيها أقوال ثلاثة لأهل العلم:
الأول: أنه شفع (53).
وعللوا ذلك: أنه بـ «لا إله إلا الله» يختم بوتر، وكذلك إذا قال: «ولله الحمد».
الثاني: أنه وتر، «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد».
وعللوا ذلك: بأن يكون تكبيره وتراً، فيوتر التكبير في المرة الأولى والثانية بناء على أن كل جملة منفردة عن الأخرى، ولا يصح أن يقال: إن الوتر حصل بقوله: «لا إله إلا الله» أو بقوله: «ولله الحمد»؛ لأنه من غير جنس التكبير، أو يقال: إن النوع مختلف.
الثالث: أنه وتر في الأولى، شفع في الثانية، «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد».
وعللوا ذلك: أن التكبير جنس واحد، والجملتان بمنزلة جملة واحدة، فإذا كبّر ثلاثاً واثنتين صارت خمساً وتراً، فيكون الإيتار بالتكبير بناء على أن الجملتين واحدة.
وهذا القول والذي قبله من حيث التعليل أقوى من قول من يقول: إنه يكبر مرتين مرتين؛ لأننا إذا اعتبرنا أن كل جملة منفصلة عن الأخرى صار الإيتار في الثنتين أولى، وإن اعتبرنا أن الجملتين واحدة صار الإيتار في الأولى والشفع في الثانية هو الذي ينقطع به التكبير على وتر.
والمسألة ليس فيها نص يفصل بين المتنازعين من أهل العلم، وإذا كان كذلك فالأمر فيه سعة، إن شئت فكبر شفعاً، وإن شئت فكبر وتراً، وإن شئت وتراً في الأولى وشفعاً في الثانية.
التكبيرُ جهراً: إن السنّة أن يجهر به إظهاراً للشعيرة، لكن النساء يكبرن سراً إلا إذا لم يكن حولهن رجال فلا حرج في الجهر.
التكبير في عيد الفطر آكد من التكبير في عيد الأضحى؛ لأن الله نص عليه في القرآن فقال: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185]، وشيء نص عليه القرآن بعينه يكون آكد مما جاء على سبيل العموم.
أما عيد الأضحى فإنه داخل في عموم العمل الصالح الذي قال فيه النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحبّ إلى الله من هذه الأيام العشر» (54)، وهو داخل في عموم قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 28].
وقال بعض العلماء: إن التكبير في الأضحى أوكد من وجهين: الوجه الأول: أنه متفق عليه بين العلماء، والفطر مختلف فيه.
الوجه الثاني: أن في الأضحى تكبيراً مقيداً عقب الصلوات، والفطر ليس فيه تكبير مقيد على رأي أكثر العلماء.
فكل واحد منهما أوكد من الثاني من وجه؛ فمن جهة أن تكبير الفطر مذكور في القرآن يكون أوكد، ومن جهة أن التكبير في عيد الأضحى متفق عليه، وأنَّ فيه تكبيراً مقيداً يقدم على أذكار الصلاة، يكون من هذه الناحية أوكد.
ويُسنّ التكبير المطلق في كل عشر ذي الحجة.
وتبتدئ من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر اليوم التاسع، وسميت عشراً، وهي تسع من باب التغليب.
والدليل على مشروعية التكبير في عيد الأضحى قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: «ما من أيام العمل الصالح...»، فتدخل في عموم الحديث.
محل التكبير المقيد: واختلف في محل هذا التكبير المقيد، هل هو قبل الاستغفار وقبل «اللهم أنت السلام ومنك السلام»، أو بعدهما؟
قال بعض العلماء: يكون قبل الاستغفار وقبل «اللهم أنت السلام ومنك السلام»، فإذا سلم الإمام وانصرف، كبّر رافعاً صوته، ثم يستغفر ويقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام».
والصحيح أن الاستغفار، وقول: «اللهم أنت السلام» مقدم؛ لأن الاستغفار وقول: «اللهم أنت السلام» ألصق بالصلاة من التكبير، فإنَّ الاستغفار يُسَنُّ عقيب الصلاة مباشرة؛ لأن المصلي لا يتحقق أنه أتقن الصلاة، بل لا بد من خلل، ولاسيما في عصرنا هذا، فالإنسان لا يأتيه الشيطان إلا إذا كبّر للصلاة.
فالشيطان ـ أعاذنا الله وإياكم منه ـ إذا دخل الإنسان في الصلاة فتح عليه باب الوسواس، والعجيب أنه مع انتهاء الصلاة تذهب عنه هذه الهواجيس.
ولكن هل لهذا الداء من دواء؟ الجواب: نعم، فلقد شُكي إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- هذا الداء بعينه، فقال للذي اشتكى: «ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسست به فاتفل عن يسارك ثلاث مرات، وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات، فيذهب الله ذلك عنك، ففعل فأذهب الله ذلك عنه» (56).
التكبير فى عيد الأضحى: الصحيح في هذه المسألة: أن التكبير المطلق في عيد الأضحى ينتهي بغروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، وعلى هذا فيكون فيه مطلق ومقيد من فجر يوم عرفة إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق.
والدليل على ذلك: 1 ـ قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] والأيام المعدودات هي أيام التشريق. 2 ـ قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله» (57)، ولم يقيده بأدبار الصلوات بل قال: «وذكر لله» فأطلق. 3 ـ أن عمر -رضي الله عنه- كان يكبّر في منى بقبته فيكبّر الناس بتكبيره حتى ترتج منى تكبيراً، وكان ابن عمر يكبّر بمنى تلك الأيام (58).
فالصواب أن أيام التشريق ويوم النحر فيها ذكر مطلق، كما أن فيها ذكراً مقيداً.
قضاء التكبير غقب الصلوات والحالات التى يسقطُ التكبيرُ فيها: الصحيح أنه لا يسقط بالحدث، والفرق بينه وبين الصلاة أن الصلاة يشترط لها الطهارة، وأما الذكر فلا تشترط له الطهارة، بل نقول: اقضه ولو أحدثت، إلا إذا طال الفصل، فإن لم يطل الفصل فاقضه.
وكذا إذا خرج من المسجد، فإنه لا يقضيه، وعللوا ذلك بأنه سنّة فات محلها، وهذا أيضاً فيه نظر.
والصحيح أنه إذا خرج من المسجد، فإن كان بعد طول مكث، فإنه يسقط لا بخروجه، ولكن بطول المكث، وإن خرج سريعاً فإنه لا يسقط فيكبر؛ لأنه إذا كانت الصلاة لو سلم منها ناسياً وخرج من المسجد وذكر قريباً رجع وأتم صلاته فبنى بعضها على بعض مع الخروج من المسجد، فهذا من باب أولى.
فالقول الراجح أن هذا التكبير المقيد يسقط بطول الفصل لا بخروجه من المسجد، ولا بحدثه؛ لأنها سنّة مشروعة عقب الصلاة، وقد فاتت بفوات وقتها، ولأنه إذا طال الفصل لم يكن مقيداً بالصلاة.
حكمُ التكبير بعد صلاة العيد: فلو صلى العيد، وقال: أريد أن أكبِّر، قلنا: لا تكبر؛ لأنه إذا سلم الإمام من صلاة العيد قام إلى الخطبة وتفرغ الناس للاستماع والإنصات، ولا يكبرون.
ودليل هذا: أنه لم يرد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، ولا عن أصحابه أنهم كانوا يكبرون عقب صلاة العيد، وما لم يرد عن الشارع من العبادات، فالأصل فيه المنع؛ لأن العبادة لا بد من العلم بأنها مشروعة.
حكمُ التهنئة بالعيد: مسألة: قال في الروض: «ولا بأس بقوله لغيره: تقبّل الله منا ومنك كالجواب»، أي: في العيد، لا بأس أن يقول لغيره: تقبّل الله منّا ومنك، أو عيد مبارك، أو تقبّل الله صيامك وقيامك، أو ما أشبه ذلك؛ لأن هذا ورد من فعل بعض الصحابة (59) -رضي الله عنهم- وليس فيه محذور.
قال: «وكذلك لا بأس بالتعريف عشية عرفة بالأمصار؛ لأنه ذكر ودعاء، وأول من فعله ابن عباس وعمرو بن حريث» (60).
والتعريف عشية عرفة بالأمصار أنهم يجتمعون آخر النهار في المساجد على الذكر والدعاء تشبهاً بأهل عرفة.
والصحيح أن هذا فيه بأس وأنه من البدع، وهذا إن صح عن ابن عباس فلعله على نطاق ضيق مع أهله وهو صائم في ذلك اليوم، ودعاء الصائم حري بالإجابة، فلعله جمع أهله ودعا عند غروب الشمس، وأما أن يفعل بالمساجد ويظهر ويعلن، فلا شك أن هذا من البدع؛ لأنه لو كان خيراً لسبقونا إليه، أي: الصحابة، ولكان هذا مما تتوافر الدواعي على نقله.
والعبادة لا يصح أن يقال فيها: لا بأس بها؛ لأنها إما سنّة فتكون مطلوبة، وإما بدعة فيكون فيها بأس.
أمَّا أنْ تكون عبادة لا بأس بها، فهذا محل نظر.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا وَفَتَاوِيهِمَا الجمعة 31 مايو 2019, 9:56 pm
فتاوي نور على الدرب لابن عثيمين رحمه الله جزاكم الله خيرا كم عدد التكبيرات في صلاة العيدين وما حكم صلاة من لم يأت بها في صلاته؟ فأجاب رحمه الله تعالى: التكبيرات الزائدة على تكبيرة الإحرام والتكبيرات الزائدة في الركعة الثانية سنة وليست بواجبة فلو تركها الإنسان فلا شيء عليه وأما عددها فمختلف فيه بين السلف والمختار منها أن يكبر ست تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام في الركعة الأولى وخمس تكبيرات إذا قام في الركعة الثانية.
هذه الرسالة وصلت من المستمع عوض السيد من السودان يقول لدينا مجموعة من الناس يصلون صلاة العيدين خلف مقابر المسلمين فترةً طويلة وفي الفترة الأخيرة اختلف هؤلاء على هذا المكان مما دعاهم إلى الانقسام وأصبح جزءٌ منهم يصلى في مكانه والجزء الآخر اتخذ جانب المقابر وكلٌ منهم يقيم خطبته على مرأى من الآخرين الرجاء الإفادة حول صحة تلك الصلاة؟ فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أوجه نصيحة إلى إخواني المسلمين وهي أن الواجب عليهم الاجتماع على دين الله وإقامته وأن لا يتفرقوا فيه كما قال الله تعالى (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) وقال الله عز وجل لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) وقال الله تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ).
ففي هذه الآيات الكريمة نهى الله سبحانه وتعالى عن التفرق وأمرنا بإقامة الدين وبين أن نبيه محمداً -صلى الله عليه وسلم- بريء من هؤلاء المتفرقين ولا شك أن هذا التفرق يضر بالإسلام والمسلمين وأن هذا التفرق هو قرة عيون أعداء الله من الكفار والمنافقين وأن هذا التفرق يمزق المسلمين تمزيقاً كما تمزق الرياح العاصفة الثياب البالية وأن هذا التفرق يكسر شوكة المسلمين ويعز أعداءهم عليهم وأن هذا التفرق يؤدي إلى العداوة والبغضاء بين المسلمين.
وهو الأمر الذي تكاد أن تقول إن كثيراً من النواهي مبنيةٌ على هذه العلة أي على إحداث العداوة والبغضاء تجد النواهي في البيوع والنواهي في المآكل والمشارب سببها إبعاد الناس عن العداوة والبغضاء وهذا التفرق في دين الله يؤدي ولا شك إلى العداوة والبغضاء ولاسيما إذا كان التفرق بين طلبة العلم في أمور الاجتهاد التي يسوغ فيها الخلاف فإن هذه المسائل التي يسوغ فيها الخلاف مسائل اجتهادية لا ينبغي أن يحدث بسبب الخلاف فيها اختلافٌ في القلوب لأن هذا الاختلاف في القلوب مخالفٌ لما كان عليه الصحابة -رضي الله عنهم- فالصحابة -رضي الله عنهم- يختلفون في المسائل كثيراً ومع ذلك فإن قلوبهم متفقة لا تختلف وأنا أضرب مثلاً لاختلاف الصحابة -رضي الله عنهم- حين ندبهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد الرجوع من غزوة الأحزاب إلى أن يخرجوا لبني قريظة وقال لهم (لا يصلىن أحدٌ العصر إلا في بني قريظة) فخرجوا فأدركتهم صلاة العصر في الطريق فمنهم من صلاها في وقتها ومنهم من أخرها حتى وصل بني قريظة فصلى بعد الوقت ولم يعنف واحدٌ منهم الآخر ولم يوبخ النبي -صلى الله عليه وسلم- طائفةً منهم ولم تختلف قلوبهم في ذلك لأن الحديث فيه احتمالٌ لهذا ولهذا فمن نظر إلى قوله لا يصلىن أحدٌ العصر إلا في بني قريظة وأخذ بظاهره قال لا أصلى إلا في بني قريظة وكوني أصل إلى محل القتال عذرٌ في تأخير الصلاة ومن نظر إلى أن المراد بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يصلىن أحدٌ إلا في بني قريظة هو المبادرة والإسراع وأخذ بعموم الأدلة الموجبة للصلاة أن تكون في وقتها صلى في الطريق فلكلٍ وجهة فكذلك أيضاً المسائل الاجتهادية التي تكون بين العلماء إلى يومنا هذا فإذا كان للخلاف مساغ فإنه يجب أن لا يكون هذا الخلاف سبباً لاختلاف القلوب هذه نصيحة أود أن أذكر بها إخواني المسلمين ولاسيما بعض طلبة العلم الذين يتخذون من الخلاف في المسائل الاجتهادية سبباً للتنافر والتباغض.
أما بالنسبة للسؤال الذي سأله السائل
فإنني أقول إذا كانت القبور في قبلة المصلى مباشرة فإنه لا يجوز أن يصلى خلفها لأنه ثبت في صحيح مسلم عن أبي مرثد الغنوي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال (لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها) فلا يجوز الصلاة إلى القبور أي أن يتخذ الإنسان القبر قبلةً له فإذا كانت هذه القبور إلى قبلة المصلى فإن الواجب نقل القبور إلى مكانٍ آخر ويكون الصواب مع الطائفة التي بعدت عن هذا المكان والواجب على الطائفة الأخرى أن تذهب وتصلى معها أما إذا كانت القبور بعيدةً عن المصلى ولا تعتبر مباشرةً له فلا بأس بالصلاة في هذا المكان لاسيما إذا كان المكان سابقاً على القبور وعلى الطائفة التي انفردت أن ترجع وتصلى مع الطائفة الأخرى هذا هو الحكم بين الطائفتين وأما تفرقهما هؤلاء في مكان وهؤلاء في مكان حتى إن بعضهم ليسمع صلاة بعض مع كونهم مسلمين فهذا خلاف ما تقتضيه الشريعة الإسلامية ونصيحتي لهم أن يبنوا أمرهم على ما قلت إذا كانت القبور منفصلة عن المصلى ولا يعتبر المصلى فيه مصلىاً إليها فالواجب على الطائفة التي انفردت أن ترجع وإذا كانت القبور مباشرةً للمصلى والمصلى في هذا المصلى يعتبر مصلىاً إليها فإن الواجب أن يرحلوا عن هذا المصلى وأن يكونوا مع الطائفة التي انفردت حتى يكونوا أمةً واحدة كما وصفهم الله في قوله (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).
إذا جاء الشخص إلى مصلى العيد ووجد الإمام في الخطبة وقد أدى الصلاة فهل يصلى ركعتي العيد أم أنه يجلس لاستماع الخطبة بحجة أن الصلاة قد فاتت أفتونا بهذا؟ فأجاب رحمه الله تعالى: إذا جاء الإنسان يوم العيد والإمام يخطب فقد انتهت الصلاة كما هو معلوم ولكن لا يجلس حتى يصلى ركعتين تحية للمسجد فإن فقهاء الحنابلة رحمهم الله نصوا على أن مصلى العيد حكمه حكم المساجد ويدل على ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (أمر الحيض أن تعتزله) وهذا يدل على أن حكمه حكم المساجد وبناء عليه فإنه إذا دخله الإنسان لا يجلس حتى يصلى ركعتين تحية المسجد أما قضاء صلاة العيد إذا فاتت فقد اختلف فيه أهل العلم فمنهم من قال إنها تقضى على صفتها ومنهم من قال إنها لا تقضى والقائلون بأنها لا تقضى يقولون لأنها صلاة قد شرعت على وجه الاجتماع فلا تقضى إذا فاتت كصلاة الجمعة لكن صلاة الجمعة يجب أن يصلى الإنسان بدلها صلاة الظهر لأنها فريضة الوقت أما صلاة العيد فليس لها بدل فإذا فاتت مع الإمام فإنه لا يشرع قضاؤها وهذا هو اختيار شيخ الاسلام ابن تيميه رحمه الله وهو عندي أقرب إلى الصواب من القول بالقضاء والله أعلم.
أحسن الله إليك إذا ذهبت المرأة لمصلى العيد فوجدت الصلاة قد انتهت وبدأت الخطبة فهل تقضي الصلاة أم تستمع للخطبة؟ فأجاب رحمه الله تعالى: تصلى تحية المسجد لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين) وتكتفي بذلك أما قضاء صلاة العيد فالصحيح أنها لا تقضى لأنها صلاةٌ شرعت على هذا الوجه فإن أدركها الإنسان على هذا الوجه فذاك وإن لم يدركها فإنه لا يقضيها فإن قال قائل كيف تقولون لا تقضى صلاة العيد مع أن صلاة الجمعة تقضى؟ فالجواب أن صلاة الجمعة لا تقضى أيضاً وإنما يصلى بدلها صلاة الظهر التي هي فرض الوقت في الأصل.
هذه رسالة وردتنا من سالم يقول في رسالته إنه لم يدرك صلاة العيد فقضاها في الضحى من النهار؟ فأجاب رحمه الله تعالى: نعم، يجوز له ذلك ولا حرج عليه.
في صلاة الأعياد هل يجوز للشخص أن يصلى ركعتين قبل الصلاة وعند دخوله المسجد سواء في الفطر أو في الأضحى؟ فأجاب رحمه الله تعالى: صلاة ركعتين عند دخول مصلى العيد لصلاة العيدين أو للاستسقاء مختلف فيها عند أهل العلم فمنهم من قال إنه يُكره أن يتنفَّل قبل الصلاة وبعدها في موضعها وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- واستدلُّوا لذلك بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج في صلاة العيد فصلّى ركعتين لم يُصَلِّ قبلهما ولا بعدهما ومن العلماء مَنْ يقول يتنفل قبل الصلاة ولا يتنفل بعدها لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتنفل بعدها وأما قبل الصلاة فلم يرد نهي عنه والأصل الإباحة إلا إذا كان في وقت نهي كما لو كان قبل ارتفاع الشمس قيد رمح فإن هذا وقت نهي لا يجوز أن يتطوع الإنسان فيه بالنفل المطلق وأما النفل الذي له سبب ففيه خلاف وسنذكره إن شاء الله.
ومن العلماء من يقول إن الصلاة غير مكروهة لا قبل الصلاة ولا بعدها وذلك لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل شرعي ولم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن ذلك ولكن الأفضل أن لا يصلى قبلها ولا بعدها إلا ما له سبب كتحية المسجد وهذا القول عندي أرجح الأقوال.
أي إنه لا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها ولكن الأفضل أن لا يصلى قبلها ولا بعدها في موضعها إلا إذا كان وقت نهي بأن كان قبل أن ترتفع الشمس قيد رمح فالصلاة محرمة إلا تحية المسجد أي إذا دخل إلى مصلى العيد صلى ركعتين قبل أن يجلس لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين).
فإن قال قائل مصلى العيد ليس هو المسجد بدليل أنه يسمى المصلى ولا يسمى مسجداً فالجواب أن العلماء مختلفون هل مصلى العيد مسجد أم لا والمشهور من مذهب الإمام أحمد أن مصلى العيد مسجد وهذا هو القول الراجح لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر النساء أن يخرجن لصلاة العيد وأمر الحيّض أن يعتزلن المصلى وهذا يدل على أن له حكم المسجد فالشيء يستدل بأحكامه عليه فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام أمر الحيّض بأن يعتزلن مصلى العيد كان دليلاً على أنه مسجد إذ إن الذي تمنع منه الحائض هو المسجد وإذا تبيَّن أنه مسجد فإنه لا دليل على إخراجه من عموم قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين).
ولكن مع ذلك لا ينبغي أن يُنكر على مَنْ جلس ولم يُصَلِّ ركعتين كما لا يُنكر على مَنْ صلى ركعتين وذلك لأن هذه المسألة من مسائل الخلاف التي يسوغ فيها الاجتهاد والمسائل التي يسوغ فيها الاجتهاد لا ينكر فيها على أحد تبع فيها أحد القولين إما بمقتضى الدليل عنده وإما بثقته بمن قال به و لكن لا شك أن من صلى ركعتين بدخول مصلى العيد أقرب للصواب ممن لم يصل.
عند صلاة عيد الفطر أو الأضحى بعض من الناس يجلس مباشرة عند دخوله مكان صلاة العيد والكثير من الناس يصلى ركعتين قبل جلوسهم أيهم الأصح والأفضل في ذلك؟ فأجاب رحمه الله تعالى: مصلى العيد مسجد بدليل أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم أمر الحيض اللاتي يخرجن إلى مصلى العيد أن يعتزلن المكان وهذا يدل على أنه مسجد وعلى هذا فإذا حضر الإنسان لصلاة العيد ودخل المصلى فإنه لا يجلس حتى يصلى ركعتين كغيره من المساجد لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين) وقال بعض أهل العلم إنه لا يصلى سواء دخل قبل طلوع الشمس أو بعد طلوع الشمس ولكن الأرجح ما ذكرناه أولاً لأنه لا ينبغي أن ننكر على من صلى ولا على من جلس لأن المسالة ذات خلاف بين العلماء وأحد القولين محتمل للصحة أي لأن يكون هو الصحيح فإذا كان كذلك فإنه لا ينكر إذ لا إنكار في مسائل الاجتهاد التي ليس فيها نص يفصل بين الاجتهادين.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا وَفَتَاوِيهِمَا الجمعة 31 مايو 2019, 10:05 pm
حفظكم الله السائل محمد صالح من اليمن يقول يا فضيلة الشيخ إذا وافق العيد يوم الجمعة وحضر إمام المسجد وصلى بالمأمومين صلاة الظهر بدون خطبة فما الحكم؟ فأجاب رحمه الله تعالى: الواقع أن المسألة فيها خلاف بين العلماء رحمهم الله والقول الراجح الذي دلت عليه السنة أن الناس يصلون صلاة العيد في مصلى العيد وأن الإمام يقيم صلاة الجمعة في مساجد الجمعة ويقول الإمام في خطبة العيد من حضر معنا صلاتنا هذه لم تلزمه الجمعة ويصلى في بيته صلاة الظهر ولا يقام في البلد إلا الجمعة فقط فالآن نقول إذا وافق الجمعة يوم العيد تصلى صلاة العيد ولابد ومن حضرها فله الخيار بين أن يصلى الجمعة مع الإمام أو يصلى في بيته ظهراً.
ثانياً: يجب إقامة الجمعة في البلد فمن حضرها صلى جمعة ومن لم يحضرها فإنه يصلى في بيته.
ثالثاً: لا تقام صلاة الظهر في المساجد في ذلك اليوم لأن الواجب في المساجد الجمعة فلا تقام صلاة الظهر هذا هو القول الراجح الذي دلت عليه السنة.
امرأة تسأل عن صلاة العيد بالنسبة للنساء حيث لا يوجد لدينا مصلى للنساء فأجمع النساء في بيتى وأصلى بهن صلاة العيد فما الحكم في ذلك علما بأن بيتي مستور وبعيد عن الرجال؟ فأجاب رحمه الله تعالى: الحكم في ذلك أن هذا من البدعة فصلاة العيد إنما تكون جماعة في الرجال والمرأة مأمورة بأن تخرج إلى مصلى العيد فتصلى مع الرجال وتكون خلفهم بعيدة عن الاختلاط بهم وأما أن تكون صلاة العيد في بيتها فغلط عظيم فلم يعهد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عن أصحابه أن النساء يقمن صلاة العيد في البيوت.
هل يجوز للمرأة أن تصلى صلاة العيد في بيتها؟ فأجاب رحمه الله تعالى: المشروع في حق النساء أن يصلين صلاة العيد في مصلى العيد مع الرجال لحديث أم عطية -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر (أن يخرج النساء حتى الحيض وذوات الخدور يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيض المصلى) فالسنة أن يخرج النساء إلى مصلى العيد مع الرجال أما صلاة النساء في البيوت فلا أعلم في ذلك سنة والله أعلم.
بارك الله فيكم عند العيد أثناء الصلاة يحضر النساء لصلاة العيد خلف الرجال مع أن مكان الصلاة ليس جامعاً وإنما أرض مكشوفة هل يجوز لهن الصلاة خلف الجماعة؟ فأجاب رحمه الله تعالى: نعم يجوز لهن ذلك بل إن صلاة العيد خاصة يندب لها خروج النساء فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخرج النساء في صلاة العيد حتى الحُيَّض وذوات الخدور والعواتق إلا أن الحُيَّض يعتزلن المصلى ولا حرج عليهن أن يقفن وراء الرجال بدون حاجز لكن يجب عليهن تغطية الوجوه لأن المرأة لا يحل لها كشف وجهها عند الرجال سوى محارمها وزوجها.
هذا يسأل عن التكبير المطلق ويقول ما هو التكبير المطلق وما هو التكبير المقيد ومتى وقته؟ فأجاب رحمه الله تعالى: التكبير في ليلة عيد الفطر تكبير مطلق والتكبير في عشر ذي الحجة وأيام التشريق تكبير مطلق ومقيد فالمطلق من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر يوم من أيام التشريق وهي الأيام الثلاثة بعد يوم العيد والتكبير المقيد من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق.
هل يكون التكبير في عيد الفطر وعيد الأضحى بعد الصلاة جماعةً أو منفرداً وما هي الصيغة الشرعية التي وردت في التكبير؟ فأجاب رحمه الله تعالى: التكبير ليلة عيد الفطر إلى مجيء الإمام وصفته أن يقول: (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد) أو يقول: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد) الأمر في هذا واسع وابتداؤه في عيد الفطر كما قلت من غروب الشمس ليلة العيد إلى مجيء الإمام أما في عيد الأضحى فالتكبير من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق لكنه لا ويُسَنُّ يوم العيد والإمام يخطب لأن الإنسان مأمور أن يستمع للخطبة أما التكبير الجماعي بصوت واحد فهذا ليس من السُّنة بل كل واحدٍ يكبر وحده لنفسه وهذا التكبير ويُسَنُّ للرجال أن يجهروا به وأما النساء فلا تجهر به لا في البيت ولا في السوق ولكن إذا كانت في بيتها وصار أنشط لها أن تجهر فلا بأس.
فضيلة الشيخ هل هذا التكبير يكون جماعياً وبصوتٍ واحد وإذا فعلنا ذلك هل يكون من البدع؟ فأجاب رحمه الله تعالى: الصحيح أنه لا يكون بصوتٍ واحد وإنما يكبر كل إنسانٍ لنفسه كما قال أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (إنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع منهم المُلبي ومنهم المُكبر) فكل إنسانٍ يكبر بنفسه على حسب اللهجة التي يريدها وأما الاجتماع على التكبير بصوتٍ واحد فلا أعلمه في السنة.
ما حكم التكبير ليلة العيد في صورة جماعية؟ فأجاب رحمه الله تعالى: التكبير في ليلة العيد سُنَّة لقول الله تبارك وتعالى بعد أن ذكر آيات في الصيام قال: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ولكن يكبر كل إنسان على انفراده والتكبير الجماعي لا أصل له في السنة بل كان الصحابة يكبرون كل واحد يكبر بنفسه قال أنس بن مالك -رضي الله عنه- (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحج فمنا المُكبِّرُّ ومنا المُهِلُّ) فدل ذلك على أنهم لا يكبرون تكبيراً جماعياً.
بارك الله فيكم هذا السائل يا فضيلة الشيخ من اليمن إب قرية السمراء يقول قبل عيد الأضحى وبعده كذلك يكبر الناس عندنا بصوتٍ مرتفع في المساجد هل هذا العمل جائز؟ فأجاب رحمه الله تعالى: التكبير في عشر ذي الحجة كلها من أول يوم إلى آخر أيام التشريق الثلاثة بعد العيد يكبر الناس في المساجد وفي الأسواق والبيوت ويجهرون بذلك هذا هو السنة وأما كونهم لا يكبرون إلا قبل العيد بثلاثة أيام فلا أعلم لهذا أصلاً لكن بعض العلماء قال إنه من فجر يوم عرفة يكون التكبير المقيد أي الذي يكون بعد الصلاة المفروضة ***** وَأَخِيرًا: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَحْظَى بِمُضَاعَفَةِ هَذِهِ الأُجُورِ وَالحَسَنَاتِ فَتَذَكَّرْ قَوْلَ سَيِّدِ البَرِّيَّاتِ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» (61).
موضوع: رد: فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا وَفَتَاوِيهِمَا الجمعة 31 مايو 2019, 10:18 pm
الهوامش: 1) مُلَخَّصًا مِنْ الشَّرْحِ المُمْتِعِ لِلعَلَامَةِ اِبْنِ عُثَيْمِين. 2) مُلَخَّصًا مِنْ الشَّرْحِ المُمْتِعِ لِلعَلَامَةِ اِبْنِ عُثَيْمِين. 3) فإذا قال قائل: هذه المناسبات نقيمها من أجل الذكرى. a. قلنا: أما بالنسبة للرسول عليه الصلاة والسلام، فإن المسلمين فرض على أعيانهم أن يذكروه في اليوم والليلة خمس مرات على الأقل، وفرض على الكفاية أن يذكروه أيضاً خمس مرات في اليوم والليلة على الأقل، فالأذان يقول المسلمون فيه: أشهد أن محمداً رسول الله، وفي الصلاة في التشهد يقولون: أشهد أن محمداً عبده ورسوله، بل إن كل عبادة يتعبد بها الإنسان فهي ذكرى للرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن المتعبد يجب عليه أن يلاحظ في عبادته شيئين: b. 1 ـ الإخلاص لله عز وجل، وأنه فعل العبادة تقرباً إليه، وامتثالاً لأمره. c. 2 ـ المتابعة للرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه فعل العبادة اتباعاً للرسول -صلّى الله عليه وسلّم-، وكأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أمامه فيها لتتم هذه العبادة، حتى لو تسوَّك الإنسان اتباعاً للسُّنَّة فهذه ذكرى، ولو قدَّمَ رجله اليمنى عند دخول المسجد اتباعاً للسُّنّة فهذه ذكرى، ولو قدَّم إدخال يده اليُمنى في الكُمِّ قبل اليُسرى اتباعاً للسُّنَّة فهذه ذكرى. d. فالمسلمون في كل أحوالهم يذكرون النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، أما الذكرى بهذه الطقوس المبتدعة التي ما أنزل الله بها من سلطان فإنها تدمر أكثر مما تعمر؛ لأن القلب يجد فراغاً واسعاً عندما تنتهي هذه المناسبة، أو الاحتفال بهذه المناسبة، ولهذا فإنه من حكمة الله أنه ما من بدعة تقام إلا وينهدم من السنّة مثلها أو أكثر. e. إذاً كل من أقام عيداً لأي مناسبة، سواء كانت هذه المناسبة انتصاراً للمسلمين في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، أو انتصاراً لهم فيما بعد، أو انتصار قومية فإنه مبتدع، وقد قَدِمَ النبي عليه الصلاة والسلام المدينة فوجد للأنصار عيدين يلعبون فيهما فقال: «إن الله قد أبدلكم بخير منهما عيد الفطر وعيد الأضحى»، مما يدل على أن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لا يُحِبُّ أن تُحْدِثَ أمَّتَهُ أعياداً سوى الأعياد الشرعية التي شرعها الله عز وجل. 4) سبق تخريجه. 5) سبق تخريجه. 6) أخرجه البخاري (980)؛ ومسلم (890) عن أم عطية -رضي الله عنها-. 7) أخرجه البخاري (2678)؛ ومسلم (11) عن طلحة بن عبيد الله -رضي الله عنه-. سبق تخريجه. 9) مسألة: وإن ترك صلاة عيد من ليسوا أَهْلَ بلدٍ؟ a. أي: جماعة في البر، وهم قريبون من المدينة، فإنهم لا يقاتلون؛ لأنها إنما تجب على أهل القرى والأمصار كالجمعة، أما البدو الرحّل وما أشبههم فلا تقام فيهم صلاة العيد كما لا تقام فيهم صلاة الجمعة. b. المراد بالإمام عند الفقهاء هو أعلى سلطة في البلد، وكان المسلمون فيما سبق إمامهم واحد، لكن تغيّرت الأحوال. 10) فإذا قال قائل: إن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»، وهذا يدل على أنهم ما داموا مسلمين فقتالهم حرام، فما الجواب؟ a. فالجواب: أن قتال المسلم كفر ما لم يوجد في الشرع ما يبيحه أو يوجبه. b. وأجاب بعض العلماء: بأن هذه من شعائر الإسلام الظاهرة البارزة التي يتميز بها الشعب المسلم عن غيره، فهي كالأذان، وكان من هدي النبي عليه الصلاة والسلام: «أنه إذا نزل بقوم فسمع الأذان تركهم وإلا قاتلهم»، هكذا قالوا. والمسألة فيها شيء من النظر؛ لأن القتال قد يستلزم القتل فقد يدافع هؤلاء عن أنفسهم، فيحصل اشتباك وقتل، لكن هذا القتل ليس مقصوداً بالذات. والحديث المذكور لا يدل على المطلوب؛ لأن قتال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لمن لم يسمع الأذان منهم ليس من أجل ترك الأذان، ولكن من أجل أن عدم أذانهم دليل على أنهم غير مسلمين فيقاتلهم على الكفر لا على ترك الأذان. 11) مسألة: هل يقاتلهم غير الإمام؟ a. الجواب: لا يجوز أن يقاتلهم؛ لأن هذا افتيات على ولي الأمر، ولو فتح الباب للناس، وصار كل من رأى منكراً أنكره بالفعل والتغيير باليد لحصل في هذا فوضى كثيرة؛ لأن كثيراً من الناس، لا يدركون مدى الخطورة في مثل هذا الأمر فربما يعتقد أن هذا الشيء حرام فيحاول تغييره، وهو حلال، ويسطو على من فعله بحجة أنه حرام، وأن من رأى منكراً فليغيره بيده، فيحصل في هذا شر كثير؛ ولهذا قال العلماء: إن الحدود لا يقيمها إلا الإمام أو نائبه، وكذلك التعزيرات لا يقوم بتقديرها إلا الإمام أو نائبه، والمقاتلة في هذا وشبهه لا يقوم بها إلا الإمام أو نائبه، وليس لكل أحد أن يفعل ما شاء. 12) فإذا قال قائل: ما الدليل على أن وقتها كصلاة الضحى؟ a. فالجواب: الدليل على هذا أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وخلفاءه الراشدين لم يصلوها إلا بعد ارتفاع الشمس قِيد رمح. وقد قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: «صَلّوا كما رأيتمُونِي أصَلّي»، وقال: «مَنْ عمل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ»، وفي رواية: «مَنْ أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ». b. آخر وقت العيد زوال الشمس عن كبد السماء، وذلك أن الشمس إذا طلعت صار لكل شاخص -أي: لكل شيء مرتفع- ظل من جهة الغرب، وكلما ارتفعت نقص الظل، فإذا انتهى نقصه وبدأ بالزيادة، فهذه علامة زوال الشمس. 13) أخرجه الشافعي في «مسنده» ص(73). 14) رواه الترمذي (530) وحسنه؛ وابن ماجه (1296). وحسنه الألبانى فى الإرواء (636). 15) سبق تخريجه. 16) سبق تخريجه. 17) أخرجه الحسن بن أحمد البناء في كتاب الأضاحي كما في «التلخيص» رقم (144). 18) أخرجه الشافعي في «مسنده» ص(74). 19) أخرجه البخاري (1509)؛ ومسلم (986). 20) أقسام الصلوات فى قضائها: a. فإن الصلوات تنقسم في قضائها إلى أقسام: b. الأول: ما يقضى على صفته إذا فات وقته من حين زوال العذر الشرعي، مثل الصلوات الخمس إذا فاتت، فإنك تقضيها بعد زوال العذر، فإن كان العذر نوماً فتقضيها إذا استيقظت، وإن كان نسياناً قضيتها إذا ذكرت. c. الثاني: ما لا يقضى إذا فات كالجمعة، فإن خرج وقتها قبل أن يصليها الناس لم يقضوها وصلوا ظهراً، وإن فاتت الإنسان مع الجماعة فهو لا يقضيها أيضاً، وإنما يصلي بدلها ظهراً. d. الثالث: ما لا يقضى إذا فات وقته إلا في وقته من اليوم الثاني، وهو صلاة العيد، فإنها لا تقضى في يومها، وإنما تقضى في وقتها من الغد. e. [الرابع: ما لا يقضى أصلاً كصلاة الكسوف، فلو لم يعلموا إلا بعد انجلاء الكسوف لم يقضوا، وهكذا نقول: كل صلاة ذات سبب إذا فات سببها لا تقضى]. 21) أخرجه الإمام أحمد في «المسند» (5/57، 58)؛ وأبو داود (1157)؛ والنسائي (3/180)؛ وابن ماجه (1653)؛ والدارقطني (2/170) وقال: «هذا إسناد حسن»؛ والبيهقي (3/316) وقال: «هذا إسناد صحيح». وقال الخطابي في «معالم السنن» (1/252): «وحديث أبي عمير صحيح». وقال النووي في «المجموع» (5/27): «إسناده صحيح»، وصححه الحافظ ابن حجر في «البلوغ» (483). 22) سبق تخريجه. 23) أخرجه البخاري (953) عن أنس -رضي الله عنه-. 24) أخرجه البخاري (5445)؛ ومسلم (2047) (155) عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-. 25) إذا لم يكن لديه أضحية فإنه لا يشرع له الإمساك عن الأكل قبل الصلاة، بل هو بالخيار، فلو أكل قبل أن يخرج إلى الصلاة فإننا لا نقول له: إنك خالفت السنّة. 26) أخرجه الإمام أحمد (5/352)؛ والترمذي (542)؛ وابن ماجه (1756)؛ وابن خزيمة (1426)؛ وابن حبان (2812) الإحسان؛ والحاكم (1/294) وصححه. وقال النووي في «الخلاصة» (2/826): «حديث حسن رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم بأسانيد صحيحة» اهـ. 27) أخرجه البخاري (986) عن جابر -رضي الله عنه-. 28) سبق تخريجه. a. فإن قالوا: ورد عنه أنه خالف الطريق في الحج دخل مكة من أعلاها، وخرج من أسفلها، وفي عرفة ذهب من طريق، ورجع من طريق آخر؟ b. فالجواب: أن نقف على ما جاءت به السنّة، فالحج نخالف فيه الطريق؛ لأنه وردت به السنّة، على أن بعض العلماء قال: إن مخالفات الطريق في الحج غير مقصودة، بل لكون ذلك أسهل لخروج النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ودخوله، كما قالوا في نزول المحصَّب، والمحصَّب حسب وصف الناس أنه في المكان الذي فيه الآن قصر الملك فيصل في مكة، فنزل -صلّى الله عليه وسلّم- في المحصب ليلة أربعة عشر، وفي آخر الليل أمر بالرحيل فارتحل، ونزل إلى المسجد الحرام وطاف طواف الوداع، وصلى الفجر وقرأ بالطور، ثم انصرف -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة. c. وهذا النزول قال بعض العلماء: إنه سُنّة. d. وقالت عائشة -رضي الله عنها-: «ليس بسُنّة إنما نزله النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، لأنه كان أسمح لخروجه»، فيكون هذا النزول على كلام عائشة -رضي الله عنها- غير مُتعبّد به، ولكنه أيسر للخروج. e. فالصواب مع من يرى أن مخالفة الطريق خاصةٌ بصلاة العيدين فقط. 29) سبق تخريجه 30) لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كبّر ثنتي عشرة تكبيرة سبعاً في الأولى، وخمساً في الأخرى». a. أخرجه الإمام أحمد (2/180)؛ وأبو داود (1152)؛ وابن ماجه (1278)، وقال الحافظ في «التلخيص» (692): «صححه أحمد، وعلي، والبخاري فيما حكاه الترمذي». 31) سبق تخريجه. 32) أخرجه الطبراني في «الكبير» (95151)؛ والبيهقي (3/291). 33) سبق تخريجه. a. ولهذا يوجد في بعض المقررات للصبيان الصغار: الله أكبر من أبيك، أكبر من التلفاز، أكبر من الحجرة، فالصبي إذا قلت له: الله أكبر من التلفاز، يتصور كبر الله داخل الحجرة فقط، وهذا خطأ عظيم قد يكون مخلاً بالعقيدة، وهؤلاء صبيان لا يتصورون الشيء إلا على حسب ما يشاهدون، فليس لهم عقول كبيرة ولهذا ينبغي أن ينظر في المقررات من طلبة العلم، ولا يحقرنّ أحد نفسه، ولكن لا يتكلم حتى يعرضه على من هو أكبر منه في العلم ليتبين الأمر، ودعونا نتعاون، ونعاون المسؤولين على مثل هذه الأمور؛ لأنهم قد يكلون الشيء إلى شخص لا يقدر هذه التقديرات، ويظن أن هذا هو الأسلوب الذي يناسب عقل الصبي، صحيح أنه يناسب عقله من جهة أن تقرن شيئاً بشيء يفهمه، لكن بالنسبة للرب -عز وجل- لا تجعل عقله يقرن الرب -عز وجل- بشيء من المخلوقات فيقع في الهاوية. b. نعم، لو أن أحداً جادلك في كبر شخص، أو كبريائه، وقلت: إن كان صاحبك كبيراً فالله أكبر منه، فهذا لا بأس به كقوله تعالى: {{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}} [الأنفال: 30] وكقوله: {{آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ}} [النمل: 59]. 34) أما عند الثناء المطلق، فهذا لا ينبغي أن يقيد بشيء. 35) سبق تخريجه. 36) سبق تخريجه. 37) أخرجه مسلم (891) عن أبي واقد الليثي -رضي الله عنه-. 38) سبق تخريجه. 39) أخرجه البخاري (964)؛ ومسلم (884) (13) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. 40) أخرجه مسلم (867) عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-. 41) أخرجه مسلم (488) عن ثوبان وأبي الدرداء -رضي الله عنهما-. 42) أخرجه مسلم (489) عن ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه-. 43) سبق تخريجه. 44) سبق تخريجه. 45) «المنتهى» (1/199). 46) أى الحنبلى. 47) سبق تخريجه. 48) سبق تخريجه. 49) فإذا قال قائل: لماذا لا نقضيها فإن كنا مصيبين فهذا هو المطلوب، وإن كنا غير مصيبين فإننا مجتهدون؟ a. فالجواب: نعم، الإنسان إذا اجتهد وفعل العبادة على اجتهاد فله أجر على اجتهاده وعلى فعله أيضاً، لكن إذا تبيّنت السنّة، فلا تمكن مخالفتها. 50) فإن قال قائل: أليست الجمعة ذات اجتماع على وجه معين، ومع ذلك تقضى؟ a. فالجواب: الجمعة لا تقضى، وإنما يصلى فرض الوقت، وهو الظهر، وصلاة العيد أيضاً نقول: فات الاجتماع فلا تقضى، وليس لهذا الوقت فرض، ولا سنّة أيضاً. b. فهي صلاة شُرعت على هذا الوجه، فإن أدركها الإنسان على هذا الوجه صلاها، وإلا فلا. c. وبناءً على هذا القول يتضح أن الذين في البيوت لا يصلونها، ولهذا أمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الناس أن يخرجوا إليها، وأمر النساء العواتق، وذوات الخدور، وحتى الحيَّض أن يشهدن الخير ودعوة المسلمين، ولم يقل: ومن تخلف فليصلِّ في بيته. 51) لما روى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: «السُّنّة التكبير على المنبر يوم العيد يبتدئ خطبته الأولى بتسع تكبيرات قبل أن يخطب، ويبدأ الآخرة بسبع». a. أخرجه عبد الرزاق (5672 ـ 5674)؛ وابن أبي شيبة (2/190)؛ والبيهقي (3/299)، وعبيد الله من التابعين. قال النووي في «الخلاصة» (2/338): «ضعيف الإسناد غير متصل». 52) أى قال: «الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد». 53) سبق تخريجه. 54) ولو قال قائل: الذكر في الآية أعم من التكبير؟ a. فيقال: الدليل الخاص: حديث أنس: «أنه سُئِلَ كيف كنتم تصنعون في الدفع من منى إلى عرفات مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؟ فقال: مِنَّا المُكَبِّرُ ومِنّا المُهِلّ». وكان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يُقرهم على ذلك، فيدل هذا على أن التكبير المطلق سنّة. b. ويدل لذلك أيضاً: فعل الصحابة، فقد كان أبو هريرة وابن عمر يخرجان إلى السوق يُكَبِّرَان فيُكَبِّرُ الناس بتكبيرهما. c. قال في الروض: «ولو لم يرَ بهيمة الأنعام»، و«لو» هنا إشارة خلاف؛ لأن بعض العلماء يقول: لا يُسَنُّ التكبير في هذه الأيام إلا إذا رأى بهيمة الأنعام؛ لأن الله تعالى قال: {{وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}} [الحج: 28] فإذا رأيت بهيمة الأنعام فاذكر الله، وإذا لم ترها فلا. d. لكن المشهور عندنا؛ مذهب الحنابلة: أنه يكبر وإن لم يرها. 55) سبق تخريجه. 56) أخرجه مسلم (1141) عن نبيشة -رضي الله عنه-. 57) علّقه البخاري بصيغة الجزم في كتاب العيدين، باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة «الفتح» (2/534). 58) رواه الطبراني في «المعجم الكبير» كما في «مجمع الزوائد» (2/209)؛ والبيهقي في «سننه» (3/319) عن واثلة بن الأسقع، وقال ابن التركماني في «الجوهر النقي على سنن البيهقي»: «وفي الباب حديث جيد أغفله البيهقي، وهو حديث محمد بن زياد قال: كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض: «تقبّلَ اللهُ مِنَّا ومِنْكَ»، قال أحمد بن حنبل: إسناده جيد» اهـ. 59) فعل ابن عباس أخرجه البيهقي في «سننه» (5/118)، أما عمرو بن حريث فأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (4/1/310 الجزء الملحق). 60) رواه مسلم: 133. 61) أى هذه الرسالة. 62) رواه الترمذى وصححه الألباني في صحيح الجامع: 6764.
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
موضوع: رد: فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا وَفَتَاوِيهِمَا الجمعة 31 مايو 2019, 10:19 pm
الفِهْرِسُ: مُقدِّمَةٌ فِقْهُ العِيدَيْنِ وَأَحْكَامُهُمَا وَفَتَاوِيهِمَا • الأعياد ومناسبتها: • حكم صلاة العيد: • وقت صلاة العيد: حكمُ تَبْكِيرِ المَأْمُومِ إِلَيْهَا مَاشِياً بَعْدَ الصُّبْحِ : حكمُ َتَأَخّرِ الإِمَامِ إِلَى وَقْتِ الصَّلاَةِ : • حكم تقديم صلاة عيد الأضحى ونأخير الفطر: * حكم من علم بالعيد بعد الزوال: • مكان صلاة العيد: حكم صلاة العيد فى المسجد: • حكم الأكل قبل صلاة عيد الفطر وبعد الأضحى: لباس المصلى يوم العيد حين خروجه: حكمُ صلاة العيد للمسافر: * العددُ المعتبر قى صلاة العيد: * هل يُشترظُ إذن الإمام لصلاة العيد؟ • حكمُ مغايرة الطريق يوم العيد: صفةُ صلاة العيد: • حكمُ رفع اليدين مع التكبيرات: • حكمُ الذكر بين التكبيرات: حكمُ التطوع قبل صلاة العيد أو بعدها: • حكمُ قضاء صلاة العيد لمن فاتته: * حكمُ خطبة العيد: • حكم استفتاح خطبة العيد بالتكبيرات: • التكبير أيام العيدين: أقسام التكبير: •صفة التكبير: محل التكبير المقيد: التكبير فى عيد الأضحى: قضاء التكبير غقب الصلوات والحالات التى يسقطُ التكبيرُ فيها: حكمُ التكبير بعد صلاة العيد: حكمُ التهنئة بالعيد: فتاوي نور على الدرب لابن عثيمين رحمه الله وَأَخِيرًا الفِهْرِسُ