أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: إلَى مَنْ أدْرَكَتْ رَمَضَانَ الأربعاء 22 مايو 2019, 5:53 pm | |
| الوقفة الثامنة: منزلك هو مناط توجيهك الأول، فاحرصي أولاً على أخذ نفسك وتربيتها على الخير، ثم احرصي على مَن حولك من زوج وأخ وأخت وأبناء، بتذكيرهم بعظم هذا الشهر، وحثهم على المحافظة على الصلاة وكثرة قراءة القرآن، وكوني آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر في منزلك بالقول الطيب، والكلمة الصادقة، وأتبعي ذلك كله بالدعاء لهم بالهداية. وهذا الشهر فرصة لمراجعة ومناصحة المقصرين والمفرطين فلعل الله -عَزَّ وَجَلَّ- أن يهدي من حولك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ))؛ رواه مسلم.
الوقفة التاسعة: احذري الأسواق فإنها أماكن الفتن والصد عن ذكر الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أَحَبُّ البِلاَدِ إلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ البِلاَدِ إلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا))؛ رواه مسلم. ولا يكن هذا الشهر وغيره سواء. واحذري أن تلحقك الذنوب في هذا الشهر العظيم بسبب رغبة شراء فستان أو حذاء، فاتقي الله في نفسكِ وفي شباب المسلمين، وما يضيرك لو تركت الذهاب إلى الأسواق في هذا الشهر الكريم، وتقربت إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- بهذا الترك؟!
الوقفة العاشرة: العمرة فضلها عظيم، وفضلها في رمضان يتضاعف فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رجع من حجة الوداع قال لامرأة من الأنصار اسمها أم سنان: ((مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّي مَعَنَا؟)) قالت: "أبو فلان (زوجها) له ناضحان حج على أحدهما والآخر نسقي عليه،" فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَاعْتَمِرِي فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً)) أو قال: ((حَجَّةً مَعِي))؛ رواه البخاري. وإلى كل معتمرة باحثة عن الأجر وهي مجانبة الطريق، أربأ بها أن يجتمع عليها في بلد الله الحرام، حرمة الشهر، وحرمة المكان، وحرمة الذنب. فتكون عمرتها طريق إلى الإثم والمعصية من حيث لا تدري وترجع مأزورة غير مأجورة. وإن يسر الله لكِ العمرة، فتجنبي مواطن الزلل، وعثرات الطريق، واخرجي محتشمة بعيدة عن أعين الرجال، غاضة الطرف، لابسة الحجاب الشرعي، مبتعدة عن لبس النقاب، ومس العطور، واخرجي لبيت الله الحرام وأنت مستشعرة عظمة هذا البيت، وعظمة خالقه -عَزَّ وَجَلَّ-، وتذكري أن الحسنات تُضاعف فيه كما أن السيئات تضاعف فيه أيضًا.
الوقفة الحادية عشرة: لقد فتح الله -عَزَّ وَجَلَّ- لنا أبواب الخيرات، وفاضت الأرزاق بيد الناس فاحرصي -وفقك الله- على الصدقة بما تجود به نفسك من مال ومأكل وملبس، وقد مدح الله عباده المتقين ووصفهم بعدة صفات فقال تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 17-19] وفي هذا الشهر تستطيعين أن تجمعي هذه الأعمال الفاضلة من قيام ليلٍ واستغفار وصدقة في كل يوم. وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على الصدقة بقوله: ((اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ))؛ رواه مسلم، وعن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ)) وذكر منهم ((وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ))؛ متفق عليه.. وقد أنفق بعض الصحابة أموالهم كاملة في سبيل الله، وبعضهم نصف ماله، فلا يُبخلنك الشيطان ويصدك عن الصدقة، بل سارعي إليها.. وهذا نداء خاص لكِ أختي المسلمة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ))؛ رواه مسلم.
الوقفة الثانية عشرة: في شهر رمضان فرصة مناسبة لمراجعة النفس ومحاسبتها وملاحظة تقصيرها؛ فإن في ذلك خيرًا كثيرًا.. وكان الحسن يقول: "رحم الله رجلاً لم يغره كثرة ما يرى من الناس.. ابن آدم: إنك تموت وحدك، وتدخل القبر وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك." وقال ابن عون: "لا تثق بكثرة العمل؛ فإنك لا تدري أيقبل منك أم لا؟ ولا تأمن ذنوبك؛ فإنك لا تدري أكفر عنك أم لا؟ إن عملك مغيب عنك كله."
الوقفة الثالثة عشرة: أوجب الله -عَزَّ وَجَلَّ- بر الوالدين وصلتهم، وحُسن معاملتهم، والرفق بهم، وحذر من مجرد التأفف والتضجر فقال تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23] وقال تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء: 24] وقد جاء رجل يستأذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الجهاد، وهو من أفضل الأعمال، وفيه من المشقة والتعب ما هو معلوم معروف، بل ربما ذهبت فيه النفس والروح.. فقال النبي –صلى الله عليه وسلم– ((أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟)) قال: نعم.. فقال -صلى الله عليه وسلم- ((فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ))؛ رواه البخاري. ومن صور بر الوالدين رحمتهما والسؤال عن صحتهما، وإعانتهما على الطاعة، والتوسعة عليهما بالمال والهدايا، وإدخال السرور عليهما، والدعاء لهما.. وبعض النساء تعرض عن بر والديها، وتراها تقدم الصديقة والزميلة بالتبسط والحديث والزيارة، ولا يكون لوالديها نصيب من ذلك، وبر الوالدين من أفضل الأعمال، فعن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أي الأعمال أحب إلى الله؟" قال: ((الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا)) قلت: "ثم أي؟" قال: ((بِرُّ الوَالِدَيْنِ)) قلت: "ثم أي؟" قال: ((الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ))؛ متفق عليه. فاحرصي -بارك الله فيك- على برهما والدعاء لهما، والتصدق عنهما أحياءً أو أمواتًا، غفر الله لهما وجزاكِ خيرًا. واحرصي أيضًا على صلة الأرحام، والتواصل معهم في هذا الشهر الكريم، ولكن لا يكون هذا التواصل باب شر عليكِ، يُفتح فيه حديث الغيبة والنميمة والاستهزاء وضياع الأوقات. بل تكفي زيارة السؤال والاطمئنان، ونشر الخير وتعليم الجاهلة وتذكير الغافلة، وإبداء المحبة، وتفقد الحال ومساعدة المحتاج، ولتكن مجالسًا معطرة بذكر الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيها فائدة وخير.
الوقفة الرابعة عشرة: التوبة: كلمة نُرددها ونسمعها، ولكن قليلاً من النساء من تُطبقها.. حتى إنه والعياذ بالله قد استمرأت بعض النفوس المنكر، فترى البعض يُقدِمُ على فعل المحرمات المنهي عنها بلا مبالاة مثل سماع الموسيقى والمعازف.. وكذلك رؤية الرجال على الشاشات، وإضاعة الأوقات فيما هو محرم، فحري بالمسلمة أن تكون ذات توبة صادقة، قارنة القول بالفعل. قال الله تعالى حاثًّا على التوبة ولزوم الأوبة: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31] وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ))؛ رواه الترمذي والحاكم. فسارعي أختي المسلمة إلى التوبة من جميع الذنوب والمعاصي، وافتحي صفحة جديدة في حياتكِ، وزينيها بالطاعة وجمليها بصدق الالتجاء إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وحاسبي نفسكِ قبل أن تُحاسبي: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88-89] وتذكري حالكِ إذا غُسّلت بسدر وحنوط، وكُفنتِ بخمسة أثواب، هيَ كل ما تخرجين به من زينة الدنيا!! لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ أَنْت إِذَا غُسِّلْت بِالْكَافُورِ وَالسِّدْرِ أَوْ لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ أَنْت عَلَى نَبْشِ الضَّرِيحِ وَظُلْمَةِ القَبْرِ
أختي المسلمة: هذه وقفات سريعة كتبتها على عُجالة.. وإن أفزعتكِ دورة الأيام وأهمكِ أمر الآخرة وأردت أن تعملي، فلا تُقصري فاقصدي باب التوبة، وأطرقي جادة العودة، وقولي: لعله آخر رمضان في حياتي، ولعلي لا أعيش سوى هذا العام، ولا تستكثري عليكِ هذا القصور. فاحزمي أمركِ وسيري إلى الآخرة، فوالله إنكِ في حاجة إلى الحسنة الواحدة.. واستحضري عظمة الجبار، وهول المطلع، ويومًا تشيب فيه الولدان، وفكري في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، ونار يُقال لها لظى {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى} [المعارج: 16-17]. وسترين بتذكر كل ذلك -بإذن الله عز وجل- ما يُعينك على الاستمرار والمحافظة على الطاعة، وإن كنتِ قد تصدقتِ بما مضى من عمرك على الدنيا، وهو الأكثر؛ فتصدقي بما بقى من عمرك على الآخرة، وهو الأقل... ولا تكوني ممن إذا حل بهم هادم اللذات، ومفرق الجماعات قال: {رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون:99}.. ولماذا العودة والرجوع؟.. {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 100].. فابدئي الآن واحزمي أمرك فإنما هيَ جنة أو نار ولا منزلة بينهما. أدعو الله -عَزَّ وَجَلَّ- بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يعيد هذا الشهر علينا أجمعين في خير وعافية، وأن لا يكون هذا آخر رمضان نصومه. اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وتجاوز عن تقصيرنا واغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا إنك أنت الغفور الرحيم، ربنا هب لنا من ذرياتنا وأزواجنا قرة أعين، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/spotlight/0/1150/#ixzz5oCVqbvUW |
|