منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة النساء الآيات من 001-005

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النساء الآيات من 001-005 Empty
مُساهمةموضوع: سورة النساء الآيات من 001-005   سورة النساء الآيات من 001-005 Emptyالسبت 27 أبريل 2019, 5:48 am

تفسير سورة النساء

سورة النساء الآيات من 001-005 Untit285

http://ar.assabile.com/read-quran/surat-an-nisa-4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [١]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

(نـال شــرف تنسيــق هــذه السـورة الكريمـة: أحمد محمد لبن)


وساعة يدعو الله سبحانه الناس إلى تقواه يقول: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] ومعنى {ٱتَّقُواْ رَبَّكُم} [النساء: 1] أي اجعلوا بينكم وبينه وقاية، وماذا أفعل لأتقي ربنا؟

أول التقوى أن تؤمن به إلهاً، وتؤمن أنه إله بعقلك، إنه -سبحانه- يعرض لك القضية العقلية للناس فيقول: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ} [النساء: 1] ولم يقل: اتقوا الله، لأن الله مفهومه العبادة، فالإله معبود له أوامر وله نواهٍ، لم يصل الحق بالناس لهذه بعد، إنما هم لا يزالون في مرتبة الربوبية، والرب هو: المتولي تربية الشيء، خلقاً من عدم وإمداداً من عدم، لكن أليس من حق المتولي خلق الشيء، وتربيته أن يجعل له قانون صيانة؟

إن من حقه ومسئوليته أن يضع للمخلوق قانون صيانة.

ونحن نرى الآن أن كل مخترع أو صانع يضع لاختراعه أو للشيء الذي صنعه قانون صيانة، بالله أيخلق سبحانه البشر من عدم وبعد ذلك يتركهم ليتصرفوا كما يشاؤون؟

أم يقول لهم: اعملوا كذا وكذا ولا تعملوا كذا وكذا، لكي تؤدوا مهمتكم فى الحياة؟

إنه يضع دستور الدعوة للإيمان فقال: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ} [النساء: 1].

إذن فالمطلوب منهم أن يتقوا، ومعنى يتقوا أن يقيموا الوقاية لأنفسهم بأن ينفذوا أوامر هذا الرب الإله الذي خلقهم، وبالله أيجعل خلقهم علة إلا إذا كان مشهوداً بها له؟

هو سبحانه يقول: {ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ} [النساء: 1] كأن خلقة ربنا لنا مشهود بها، وإلا لو كان مشكوكاً فيها لقلنا له: إنك لم تخلقنا - ولله المثل الأعلى.

أنت تسمع مَنْ يقول لك: أحسن مع فلان الذي صنع لك كذا وكذا، فأنت مقر بأنه صنع أم لا؟

فإذا أقررت بأنه صنع ما صنع فأنت تستجيب لمَنْ يقول لك مثل ذلك الكلام.

إذن فقول الله: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ} [النساء: 1] فكأن خلق الله للناس ليس محل جدال ولا شك من أحد، فأراد -سبحانه- أن يجذبنا إليه ويأخذنا إلى جنابه بالشيء الذي نؤمن به جميعاً وهو أنه -سبحانه- خلقنا إلى الشيء الذي يريده وهو أن نتلقى من الله ما يقينا من صفات جلاله، وجاء سبحانه بكلمة "رب" ولم يقل: "اتقوا الله" لأن مفهوم الرب هو الذي خلق من عدم وأمد مَنْ عُدْم، وتعهد وهو المربي ويبلغ بالإنسان مرتبة الكمال الذي يراد منه وهو الذي خلق كل الكون فأحسن الخلق والصنع، ولذلك يقول الحق: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت: 61].

إذن فقضية الخلق قضية مستقرة.

وما دامت قضية مستقرة فمعناها: ما دمتم آمنتم بأني خالقكم فلي قدرة إذن، هذه واحدة، وربيتكم إذن فلي حكمة، وإله له قدرة وله حكمة، إما أن نخاف من قدرته فنرهبه وإما أن نشكر حكمته فنقر به، {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1].

لو لم يقل الحق: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: 1] لما كملت، لماذا؟

لأنه سيقول في آيات آخرى عن الإيجاد: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون} [الذاريات: 49].

إذن فخلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها هنا، والناس تريد أن تدخل فى متاهة.

هل خلق منها المقصود به خلق حواء من ضلع آدم أى من نفس آدم؟

أناس قالوا ذلك، وأناس قالوا: لا، {مِنْهَا} [النساء: 1] تعني من جنسها، ودللوا على ذلك قائلين: حين يقول الله: {لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ} [التوبة: 128].

أأخذ الله محمداً صلى الله عليه وسلم من نفوسنا وكونه؟

لا، إنما هو رسول من جنسنا البشري، وكأنه سبحانه قد أشار إلى دليل؛ لأن خلْق حواء قد انطمست المعالم عنه، ولأنه أعطانا بيان خلق آدم وتسويته من طين ومراحل خلقه إلى أن صار إنساناً، ولذلك يجوز أن يكون قد جعل خلق آدم هو الصورة لخلق الجنس الأول، وبعد ذلك تكون حواء مثله، فيكون قوله سبحانه: {خَلَقَ مِنْهَا} [النساء: 1] أي من جنسها، خلقها من طين ثم صورها إلخ؛ ولكن لم يعد علينا التجربة في حواء كما قالها فى آدم، أو المراد من قوله: "منها" أي من الضلع، وهذا شيء لم نشهد أوله، والشيء الذي لم يشهده الإنسان فالحجة فيه تكون مِمن شهده، وسبحانه أراد أن يرحمنا من متاهات الظنون في هذه المسألة، مسألة كيف خُلقنا، وكيف جئنا؟

إن كيفية خلقك ليس لك شأن بها، فالذي خلقك هو الذي يقول لك فاسمع كلامه لأن هذه مسألة لا تتعلق بعلم تجريبي؛ ولذلك عندما جاء "دارون" وأراد أن يتكبَّر ويتكلّم، جاءت النظرية الحديثة لتهدم كلامه، قالت النظرية الحديثة لدارون: إن الأمور التي أثَّرت في القرد الأول ليكون إنساناً، لماذا لم تؤثر في بقية القُرود ليكونوا أناساً وينعدم جنس القرود؟!

وهذا سؤال لا يجيب عليه دارون؛ لذلك نقول: هذا أمر لم نشهده فيجب أن نستمع مِمَّنْ فعل، والحق سبحانه يقول: {مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً} [الكهف: 51].

وما دام لم يُشهدهم، فهل يستطيع أحد منهم أن يأتي بعلم فيها؟

إن أحداً لا يأتي بعلم فيها، وبعد ذلك يَرُدُّ على مَنْ يجيء بادَّعاء عِلم فيقول: {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً} [الكهف: 51] معنى مضلين أنهم سيضلونكم في الخلق.

كأن الله أعطانا مناعة في الأقوال الزائفة التي يمكن أن تنشأ من هذا عندما قال: {وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً} [الكهف: 51]، فقد أوضح لنا طبيعة مَنْ يضللون في أصل الخلق وفي كيفية الخلق، فهم لم يكونوا مع الله ليعاونوه ساعة الخلق حتى يخبروا البشر بكيفية الخلق.  

فإن أردتم أن تعرفوا فاعلموا أنه سبحانه الذي يقول كيف خلقتم وعلى أي صورة كنتم، ولكن من يقول كذا وكذا، هم المضللون، و"المضللون" هم الذين يلفتونكم عن الحق إلى الباطل.   

{يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] ولماذا لم يقل خلقكم من زوجين وانتهى؟

لأنه عندما يُردّ الشيء إلى اثنين قد يكون لواحد من الاثنين هوى، وإنما هذه ردت إلى واحدة فقط، فيجب ألا تكون لكم أهواء متنازعة، لأنكم مردودون إلى نفس واحدة، أما عن نظرية "دارون" وما قاله من كلام فقد قيَّض اللهُ لقضية الدين وخاصة قضية الإسلام علماء من غير المسلمين اهتدوا إلى دليل يوافق القرآن، فقام العالم الفرنسي "مونيه" عندما أراد أن يرد على الخرافات التي يقولونها من أن أصل الإنسان كذا وكذا، وقال: أنا أعجب مِمَّنْ يفكرون هذا التفكير، هل توجد المصادفة ما نسميه "ذَكَرَاً" ثم توجد المصادفة شخصاً نسميه " أنثى" ويكون من جنسه لكنه مختلف معه في النوع بحيث إذا التقيا معاً جاءا بذكر كالأول أو بأنثى كالثاني؟

كيف تفعل المصادفة هذه العملية؟

سنسلم أن المصادفة خلقت آدم، فهل المصادفة أيضاً خلقت له واحدة من جنسه.

ولكنها تختلف معه في النوع بحيث إذا التقيا معاً ينشأ بينهما سيال عاطفي جارف وهو أعنف الغرائز، ثم ينشأ منهما تلقيح يُنشىء ذكراً كالأول أو ينشىء أنثى كالثاني؟

أي مصادفة هذه؟

هذه المصادفة تكون عاقلة وحكيمة، سموها مصادفة ونحن نسميها الله.

لقد ظن "مونيه" -هداه الله إلى الإسلام وغفر له- أنه جاء بالدليل الذي يرد به على دارون، نقول له: إن القرآن قد مَسَّ هذه المسألة حين قال: {ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: 1]، وهذه هي العظمة إنه خلق الرجل وخلق الأنثى؛ وهي من جنسه، ولكنها تختلف معه في النوع بحيث إذا التقيا معاً أنشأ الله منهما رجالاً ونساءً.   

إذن فهو عملية مقصودة، وعناية وغاية وحكمة، إذن فقول الله سبحانه وتعالى: {ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: 1] هذه جاءت بالدليل الذي هُدي إليه العالم الفرنسي "مونيه" أخيراً.

{وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً} [النساء: 1] وانظروا عظمة الأسلوب في قوله {وَبَثَّ} [النساء: 1] أي "نشر" وسنقف عند كلمة "نشر" لأن الخلق يجب أن ينتشروا في الأرض، كي يأخذوا جميعاً من خيرات الله في الأرض جميعاً.

و"النشر" معناه تفريق المنشور في الحيز، فهناك شيء مطوي وشيء آخر منشور، والشيء المطوي فيه تجمع، والشيء المنشور فيه تفريق وتوزيع، إذن فحيز الشيء المتجمع ضيق، وحيز الشيء المبثوث واسع، معنى هذا أن الله سبحانه وتعالى حينما يقول {وَبَثَّ مِنْهُمَا} [النساء: 1] أي من آدم وحواء {رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً} [النساء: 1] واكتفى بأن يقول "نساء" ولم يقل: كثيرات لماذا؟

لأن المفروض في كل ذكورة أن تكون أقل في العدد من الأنوثة.

وأنت إذا نظرت مثلاً في حقل فيه نخل، تجد كم ذكراً من النخيل، وكم أنثى؟

ستجد ذكراً أو اثنين.

إذن القلة في الذكورة مقصودة لأن الذكر مخصب ويستطيع الذكر أن يخصب آلافاً، فإذا قال الله: {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً} [النساء: 1] فالذكورة هي العنصر الذي يفترض أن يكون أقل كثيراً، فماذا عن العنصر الثاني وهو الأنوثة؟

لابد أن يكون أكثر، والقرآن يأتي لينبهك إلى المعطيات في الألفاظ لأن المتكلم هو الله، ولكن إذا نظرت لقوله: {وَبَثَّ مِنْهُمَا} [النساء: 1] أي من آدم وحواء وهما اثنان {رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً} [النساء: 1] فتكون جَمْعاً وهذا ليدلك على أن المتكاثر يبدأ بقلة ثم ينتهي بكثرة.

ونريد أن نفهم هذه كي نأخذ منها الدليل الإحصائي على وجود الخالق، فهو {بَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً} [النساء: 1] والجمع البشري الذي ظهر من الاثنين سيبث منه أكثر، وبعد ذلك يبث من المبثوث الثاني مبثوثاً ثالثاً، وكلما امتددنا في البث تنشأ كثرة، وعندما تنظر لأي بلد من البلاد تجد تعداده منذ قرن مضى أقل بكثير جداً من تعداده الآن، مثال ذلك كان تعداد مصر منذ قرن لا يتعدى خمسة ملايين، ومن قرنين كان أقل عدداً، ومن عشرة قرون كان أقل، ومن عشرين قرناً كان أقل، إذن فكلما امتد بك المستقبل بالتعداد يزيد، لأنه سبحانه يبث من الذكورة والأنوثة رجالاً كثيراً ونساءً وسيبث منهم أيضاً عدداً أكبر.

إذن فكلما تقدم الزمن تحدث زيادة في السكان، ونحن نرى ذلك في الأسرة الواحدة، إن الأسرة الواحدة مكونة عادة من أب وأم، وبعد ذلك يمكن أن نرى منهما أبناء وأحفاداً وعندما يطيل الله في عمر أحد الوالدين يرى الأحفاد وقد يرى أحفاد الأحفاد.

إذن كلما تقدم الزمن بالمتكاثر من اثنين يزداد وكلما رجعت إلى الماضي يقل؛ فالذين كانوا مليوناً من قرن كانوا نصف مليون من قرنين، وسلسلها حتى يكونوا عشرة فقط، والعشرة كانوا أربعة، والأربعة كانوا اثنين والإثنان هما آدم وحواء.

فعندما يقول الحق: إنه خلق آدم وحواء، وتحاول أنت تسلسل العالم كله سترجعه لهما، وما دام التكاثر ينشأ من الاثنين، فمن أين جاءا؟

الحق سبحانه يوضح لنا ذلك بقوله: {إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ} [الحجرات: 13] وهو بذلك يريحنا من علم الإحصاء.

وكان من الضروري أن تأتي هذه الآية كي تحل لنا اللغز في الإحصاء، وكلما أتى الزمن المستقبل كثر العالم وكلما ذهبنا إلى الماضي قل التعداد إلى أن يصير وينتهي إلى اثنين، وإياك أن تقول إلى واحد، لأن واحداً لا يأتي منه تكاثر، فالتكاثر يأتي من اثنين ومن أين جاء الاثنان؟

لابد أن أحداً خلقهما، وهو قادر على هذا، ويعلمنا الله ذلك فيقول: {خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً} [النساء: 1] ونأخذ من "بث" "الانتشار" ولو لم يقل الله هذا لكانت العقول الحديثة تتوه وتقع في حيرة وتقول: نسلسل الخلق حتى يصيروا اثنين، والإثنان هذان كيف جاءا؟

إذن لابد أن نؤمن بأن أحداً قد أوجدهما من غير شيء: {وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً} [النساء: 1] لأن النشر في الأرض يجب أن يكون خاصاً بالرجل، فالحق يقول: {فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ} [الجمعة: 10]. 

والحق يقول: {فَٱمْشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزْقِه} [الملك: 15].

والأنثى تجلس في بيتها تديره لتكون سكناً يسكن إليها، والرجل هو المتحرك في هذا الكون، وهي بذلك تؤدي مهمتها.

وبعدما قال: {ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ} [النساء: 1] يقول: {ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ} [النساء: 1] لقد قدم الدليل أولاً على أنه إله قادر، وخلقكم من عدم وأمدكم وسخر العالم لخدمتكم، وقدم دليل البث في الكون المنشور الذي يوضح أنه إله، فلا بد أن تتلقوا تعليماته، ويكون معبوداً منكم، أي مطاعاً، والطاعة تتطلب منهجاً: افعل ولا تفعل، وأنزل الحق القرآن كمنهج خاتم، ويقول: {وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ} [النساء: 1].

انظر إلى "القفشة"، للخلق الجاحد، إنه -سبحانه- بعد أن أخذهم بما يتعاملون ويتراحمون ويتعاطفون به أوضح لهم: أنتم مع أنكم كنتم على فترة من الرسل إلا أن فطرتكم التي تتغافلون عنها تعترف بالله كخالق لكم.

وأنت إذا أردت إنفاذ أمر من الأمور، وتريد أن تؤثر على مَنْ تطلب منه أمراً، تقول: سألتك بالله أن تفعل ذلك، لقد أخذ منهم الدليل، فكونك تقول: سألتك بالله أن تفعل ذلك فلا بد أنك سألته بمعظَّم، إذن فتعظيم الله أمر فطري في البشر، والمطموس هو المنهج الذي يقول: افعل ولا تفعل.

والإنسان من هؤلاء الجاحدين عندما يسهو، ويطلب حاجة تهمه من آخر، فهو يقول له: سألتك بالله أن تفعل كذا.

ومادام قد قال: سألتك بالله فكأن هناك قضية فطرية مشتركة هي أن الله هو الحق، وأنه هو الذي يُسأل به، وما دام قد سئل بالله فلن يخيِّب رجاء مَنْ سأله.

إنه في الأمور التي تريدون بها تحقيق مسائلكم تسألون بالله وتسألون أيضاً بالأرحام وتقولون: بحق الرحم الذي بيني وبينك، أنا من أهلك، وأنا قريبك وأُمُّنا واحدة، أرجوك أن تحقق لي هذا الأمر.

ولماذا جاءت "الأرحام" هنا؟

لأن الناس حين يتساءلون بالأرحام فهم يجعلون المسئولية من الفرد على الفرد طافية في الفكر، فما دمت أنا وأنت من رحم واحد، فيجب أن تقضي لي هذا الشيء.  

إذن فمرة تسألون بالله الذي خلق، ومرة تسألون بالأرحام لأن الرحم هو السبب المباشر في الوجود المادي، ومثال ذلك قول الحق: {وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} [النساء: 36].

لقد جاء لنا بالوالدين اللذين هما السبب في إيجادنا، والله يريد من كل منا أن يبر والديه، ولكن قبل ذلك لابد أن ينظر إلى الذي أوجدهما، وأن يُصعد الأمر قليلا ليَعرف أن الذي أوجدهما هو الله سبحانه ويختم الحق الآية بقوله: {إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1] لأن كلمة {ٱتَّقُواْ} [النساء: 1] تعني اجعل بينك وبين غضب ربك وقاية بإنفاذ أوامر الطاعة، واجتناب ما نهى الله عنه {إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1]، والرقيب من "رقب" إذا نظرت ويقال: "مرقب"، ونجد مثل هذا المرقب في المنطقة التي تحتاج إلى حراسة، حيث يوجد "كشك" مبني فوق السور ليجلس فيه الحارس كي يراقب.

ومكان الحراسة يكون أعلى دائماً من المنطقة المحروسة، وكلمة "رقيب" تعني ناظراً عن قصد أن ينظر، ويقولون: فلان يراقب فلاناً أي ينظره، صحيح أن هناك من يراه ذاهباً وآتياً من غير قصد منهم أن يروه، لكن إن كان مراقباً، فمعنى ذلك أن هناك من يرصده وسبحانه يقول: {إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1] فليس الله بصيراً فقط ولكنه رقيب أيضاً - ولله المثل الأعلى.

نحن نجد الإنسان قد يبصر مالا غاية له في إبصاره، فهو يمر على كثير من الأشياء فيبصرها، لكنه لا يرقب إلا مَنْ كان في باله.

والحق سبحانه رقيب علينا جميعاً كما في قوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ} [الفجر: 14].

وبعد أن تكلم سبحانه عن خلقنا أباً وأماً وأنه بث منهما رجالاً كثيراً ونساء، أراد أن يحمي هذه المسألة وأن يحمي المبثوث.

والمبثوث قسمان: قسم اكتملت له القوة وأصبحت له صلاحية في أن يحقق أموره النفعية بذاته، وقسم ضعيف ليست له صلاحية في أن يقوم بأمر ذاته، ولأنه سبحانه يريد تنظيم المجتمع؛ لذلك لابد أن ينظر القادرون في المجتمع إلى القسم الضعيف في المجتمع، ومن القسم الضعيف الذي يتكلم الله عنه هنا؟

إنهم اليتامى، لماذا؟

لأن الحق سبحانه حينما خلقنا من ذكر وأنثى، آدم وحواء، جعل لنا أطواراً طفولية، فالأب يكدح والأم تحضن، ويربيان الإنسان التربية التي تنبع من الحنان الذاتي ونعرف أن الحنان الذاتي والعاطفة يوجدان في قلب الأبوين على مقدار حاجة الابن إليهما، الصغير عادة يأخذ من حنان الأب والأم أكثر من الكبير، وهذه عدالة في التوزيع، لأنك إذا نظرت إلى الولد الصغير والولد الكبير والولد الأكبر، تجد الأكبر أحظهم زمناً مع أبيه وأمه والصغير أقلهم زمناً، فيريد الحق أن يعوض الصغير فيعطي الأب والأم شحنة زائدة من العاطفة تجاهه، وأيضاً فإن الكبير قد يستغني والصغير ما زال في حاجة، ولذلك قال سبحانه في أخوة يوسف: {إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} [يوسف: 8].

أي أنهم أقوياء وظنوا أنه يجب على أبيهم أن يحب الأقوياء.

وهذا الظن دليل على أن الأب كان يعلم أنهم عصبة لذلك كان قلبه مغ غير العصبة، وهذا هو الأمر الطبيعي، فهم جاءوا بالدليل الذي هو ضدهم.

إذن فحين يوجد الناشىء الذي يحتاج إلى أن يُربَّى التربية التي يعين عليها الحنان والعطف، فلا بد من أن نأتي لليتيم الذي فقد مصدر الحنان الأساسي ونقنن له، ويأتي الحق سبحانه وتعالى ليوزع المجتمع الإنساني قطاعات، ويحمل كل واحد القطاع المباشر له، فإذا حمل كل واحد منا القطاع المباشر له تتداخل العنايات في القطاعات، هذا سيذهب لأبيه وأمه ولأولاد أخيه، وهذا كذلك، فتتجمع الدوائر.

وبعد ذلك يعيش المجتمع كله في تكافل، وهو سبحانه يريد أن يجعل وسائل الحنان ذاتية في كل نفس، وما دام اليتيم يقيم معنا كفرد فلا بد من العناية به.

إن اليتيم فرد فقد العائل له ولذلك يقولون: "درة يتيمة" أي وحيدة فريدة، وهكذا اليتيم وحيد فريد، إلا أنهم جاءوا في الإنسان وفي الأنعام وفي الطير وقالوا: اليتيم في الإنسان مَنْ فقد أباه، واليتيم في الأنعام مَنْ فقد أمه، لماذا؟

لأن الأنعام طلوقة تلقح الذكور فيه الإناث وتنتهي.

والأم هي التي تربي وترضع؛ فإذا جاء أحد آخر يمسها تنفر منه.

أمـا اليتيم في الطير فمن فقدهما معاً.

فالطير عادة الزوج منها يألف الآخر؛ ولذلك يتخذان عشا ويتناوبان العناية بالبيض ويعملان معاً ففيه حياة أسرية، والحق سبحانه وتعالى جاء في اليتيم الذي هو مظهر الضعف في الأسوة الإنسانية.

وأراد أن يُقَنِّنَ له فقال: {وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ...}.



سورة النساء الآيات من 001-005 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 18 يونيو 2019, 3:20 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النساء الآيات من 001-005 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء الآيات من 001-005   سورة النساء الآيات من 001-005 Emptyالسبت 27 أبريل 2019, 5:52 am

وَآتُوا الْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا [٢]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وكيف نؤتي اليتيم ماله وهو لم يبلغ مبلغ الرجال بعد، ونخشى أن نعطيه المال فيضيعـه؟ انظر إلى دقة العبارة في قوله من بعد ذلك: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6].

وقبل ذلك ماذا نفعل؟

هل ندفع لهم الأموال؟

الحق يوضح أنك ساعة تكون ولياً على مال اليتيم فاحرص جيداً أن تعطي هذا اليتيم ماله كاملاً بعد أن يستكمل نضجه كاملاً، فأنت حفيظ على هذا المال، وإياك أن تخلط مالك بماله أو تتبدل منه، أي تأخذ الجميل والثمين من عنده وتعطيه من مالك الأقل جمالاً أو فائدة.

إذن فقوله: {وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] أي أن الله جعل المال لليتيم ولم يجعل للقيِّم عليه أن يتصرف في هذا المال إلا تصرف صيانة، وأيضاً هنا ملحظ آخر هو ما شرحه لنا.

{وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ} [النساء: 6] فهناك أناس يريدون أن يطيلوا زمن الوصاية على اليتيم، لكي ينتفع الواحد منهم بهذا المال فيوضح سبحانه: لا تنتظر إلى أن يبلغ الرشد ثم تقول ننظره، لا. 

أنت تدربه بالتجربة في بعض التصرفات وتنظر أسيحسن التصرف أم لا؟

إن قول الحق: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ} [النساء: 6] أي اختبروهم، هل يستطيعون أن يقوموا بمصالحهم وحدهم؟

فإن استطاعوا فاطمئنوا إلى أنهم ساعة يصلون إلى حد الحلم سيحسنون التصرف، أعطوهم أموالهم بعد التجربة؛ لأن اليتيم يعيش في قصور عمري، وهو سبحانه يفرق بين اليتيم والسفيه، فالسفيه لا يعاني من قصور عمري بل من قصور عقلي، وعندما تكلم سبحانه عن هذه المسألة قال: {وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5].

فهل هي أموالكم؟

لا.

فحين يكون المرء سفيها فاعلم أنه لا إدارة له على ملكه، وتنتقل إدارة الملكية إلى مَنْ يتصرف في المال تصرفاً حكيماً، فاحرص على أن تدير مال السفيه كأنه مالك؛ لأنه ليس له قدرة على حسن التصرف.

لكن لما يبلغ اليتيم إلى مرحلة الباءة والنكاح والرشد يقول الحق: {فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6].

إنه سبحانه يقول مرة في الوصاية: {أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] وفي العطاء يقول: {أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] إذن فهو يريد ألا تبدد المال، ثم يوضح.

احرص على ثروة اليتيم أو السفيه وكأنها مالك، لأنه ما دام سفيهاً فمسئولية الولاية مطلوبة منك، والمال ليس ملكاً لك.

خذ منه ما يقابل إدارة المال وقت السفه أو اليتم، وبعد ذلك يأتي الحق سبحانه وتعالى ليعلم القائمين على أمر اليتامى أو على أمر السفهاء الذين لا يحسنون إدارة أموالهم فيقول: {وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا} [النساء: 5].

اجعلوا الرّزق مما يخرج منها، وإياكم أن تبقوها عندكم، وإلا فما قيمة ولايتك ووصايتك وقيامك على أمر السفيه أو اليتيم؟

إنك تثمر له المال لا أن تأكله أو لا تحسن التصرف فيه بحيث ينقص كل يوم، لا.

{وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا} [النساء: 5]، و"في" هنا للسببية، أي ارزقوهم بسببها، ارزقوهم رزقاً خارجاً منها.

{وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ} [النساء: 2] والخبيث هو الحرام والطيب هو الحلال، ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب، فقد يكون ضمن مال اليتيم شيء جميل، فيأخذه الوصي لنفسه ويستبدله بمثلٍ له قبيح، مثال ذلك، أن يكون ضمن مال اليتيم فرس جميل، وعند الوصي فرس قبيح فيأخذه ويقول: فرس بفرس، أو جاموسة مكان جاموسة؟

أو نخلة طيبة بنخلة لا تثمر، هنا يقول الحق: {وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ} [النساء: 2].

وقوله سبحانه وتعالى: {وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ} يعني إياكم ألا تجعلوا فرقاً بين أموالهم وأموالكم فتأكلوا هذه مع تلك، بل فرقوا بين أكل أموالكم والحفاظ على أموالهم لماذا؟

تأتي الإجابة: {إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً} [النساء: 2] أي إثماً فظيعاً.

ثم يتنقل الحق إلى قضية أخرى يجتمع فيها ضعف اليتم، وضعف النوع: ضعف اليتم سواء أكان ذكراً أم أنثى، وإن كانت أنثى فالبلوى أشد؛ فهي قد اجتمع عليها ضعف اليتم وضعف النوع، طبعاً فاليتيمة عندما تكون تحت وصاية وليها، يجوز أن يقول: إنها تملك مالاً فلماذا لا أتزوجها لكي آخذ المال؟

وهذا يحدث كثيراً.

ولذلك يقول الحق سبحانه: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ...}.



سورة النساء الآيات من 001-005 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النساء الآيات من 001-005 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء الآيات من 001-005   سورة النساء الآيات من 001-005 Emptyالسبت 27 أبريل 2019, 6:11 am

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا [٣]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هنا يؤكد الحق الأمر بأن ابتعدوا عن اليتامى.

فاليتيم مظنة أن يُظلم لضعفه، وبخاصة إذا كان أنثى.

إنّ الظلم بعامة محرم فى غير اليتامى، ولكن الظلم مع الضعيفة كبير، فهي لا تقدر أن تدفع عن نفسها، فالبالغة الرشيدة من النساء قد تستطيع أن تدفع الظلم عن نفسها.

وقوله الحق: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ} [النساء: 3] من "أقسط" أي عدل، والقسط من الألفاظ التي تختلط الأذهان فيها، و"القسط" مرة يطلق ويراد به "العدل"، إذا كان مكسور القاف، ولذلك يأتي الحق سبحانه فيقول: {شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيم} [آل عمران: 18].

وهكذا نعرف أن كلمة "قسط" تأتي مرة للعدل ومرة للجور.

فـ"قَسَطَ" "يَقْسطُ" "قَسْطَا" و "قُسوطاً" أي ظَلَم بفتح القاف في "قَسطٍ" وضمها في "قُسوط".

والقِسط بكسر القاف هو العدل، والقَسط بفتح القاف -كما قلنا- هو الظلم وهناك مصدر ثان هو "قسوط" لكن الفعل واحد، وعندما يقول الحق: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ} [النساء: 3] من أقسط.

أي خفتم من عدم العدل وهو الظلم.

وهناك في اللغة ما نسميه همزة الإزالة، وهي همزة تدخل على الفعل فتزيله، مثال ذلك: فلان عتب على فلان، أي لامه على تصرف ما، ويقال لمن تلقى العتاب عندما يرد على صاحب العتاب: أعتبه، أي طمأن خاطره وأزال مصدر العتاب.

ويقال: محمد عتب على عليّ.

فماذا كان موقف عليّ؟

يقال: أعتب محمداً أي طيب خاطره وأزال العتاب.

ويقال أعجم الكتاب.

فلا تفهم من ذلك أنه جعل الكتاب معجماً، لا، فأعجمه أي أزال إبهامه وغموضه.

كذلك " أقسط " أي أزال القَسْط والظلم.

إذن "القِسط" هو العدل من أول الأمر، لكن " أقسط.

إقساطا" تعني أنه كان هناك جور أو ظلم وتم رفعه.

والأمر ينتهي جميعه إلى العدل.

فالعدل إن جاء ابتداء هو: قِسط بكسر القاف.

وإن جاء بعد جور تمت إزالته فهو إقساط.

فحين يقال " أقسط " و" تقسطوا " بالضم، فمعناها أنه كان هناك جور وظلم تم رفعه، ولذلك فعندما نقرأ القرآن نجده يقول: {وَأَمَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً} [الجن: 15].

والقاسطون هنا من القسط -بالفتح- ومن القسوط بالضم، أي من الجور والظلم، ونجد القرآن الكريم يقول أيضاً: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ} [المائدة: 42].

أي أن الله يجب الذين إن رأوا ظلماً أزالوه وأحلوا محله العدل.

الحق هنا في سورة النساء يقول: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَى} [النساء: 3] أي إن خفتم ألا ترفعوا الظلم عن اليتامى، ومعنى أن تخاف من ألا تقسط لأنك بار تعرف كيف تنقذ نفسك من مواطن الزلل.

أي فإن خفتم أيها المؤمنون ألا ترفعوا الجور عن اليتامى فابتعدوا عنهم وليسد كل مؤمن هذه الذريعة أمام نفسه حتى لا تحدثه نفسه بأن يجور على اليتيمة فيظلمها.

وإن أراد الرجل أن يتزوج فأمامه من غير اليتامى الكثير من النساء.

وما دامت النساء كثيرات فالتعدد يصبح وارداً، فهو لم يقل: اترك واحدة وخذ واحدة، لكنه أوضح: اترك اليتيمة وأمامك النساء الكثيرات.

إذن فقد ناسب الحال أن تجيء مسألة التعدد هنا، لأنه سبحانه وتعالى يريد أن يرد الرجل الولي عن نكاح اليتيمات مخافة أن يظلمهن، فأمره بأن يترك الزواج من اليتيمة الضعيفة؛ لأن النساء غيرها كثيرات.

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3].

وقوله الحق: {مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآء} [النساء: 3] أي غير المحرمات في قوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً} [النساء: 22].

وفي قوله سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ ٱلأَخِ وَبَنَاتُ ٱلأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ ٱلرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ ٱللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِّن نِّسَآئِكُمُ ٱللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ ٱلَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ ٱلأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً * وَٱلْمُحْصَنَاتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23-24].

إذن فما طاب لكم من النساء غير المحرمات هن اللاتي يحللن للرجل {فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ} [النساء: 3] وهنا يجب أن نفهم لماذا جاء هذا النص؛ ولماذا جاء بالمثنى والثلاث والرباع هنا؟

إنه سبحانه يريد أن يُزَهِّد الناس في نكاح اليتيمات مخافة أن تأتي إلى الرجل لحظة ضعف فيتزوج اليتيمة ظالماً لها، فأوضح سبحانه: اترك اليتيمة، والنساء غيرها كثير، فأمامك مثنى وثلاث ورباع، وابتعد عن اليتيمة حتى لا تكون طامعاً في مالها أو ناظراً إلى ضعفها أو لأنها لم يعد لها وليّ يقوم على شأنها غيرك.

ونريد أن نقف هنا وقفة أمام قوله تعالى: {فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] ما معنى مثنى؟

يقال {مَثْنَىٰ} [النساء: 3] أي اثنين مكررة، كأن يقال: جاء القوم مثنى، أي ساروا في طابور وصف مكون من اثنين اثنين.

هذا يدل على الوحدة الجائية.

ويقال: جاء القوم ثلاث، أي ساروا في طابور مكون من ثلاثة؛ ثلاثة.

ويقال: جاء القوم رباع.

أي جاء القوم في طابور يسير فيه كل أربعة خلف أربعة أخرى.

ولو قال واحد: إن المقصود بالمثنى والثلاث والرباع أن يكون المسموح به تسعة من النساء.

نقول له: لو حسبنا بمثل ما تحسب، لكان الأمر شاملاً لغير ما قصد الله، فالمثنى تعني أربعة، والثلاث تعني ستة، والرباع تعني ثمانية، وبذلك يكون العدد ثمانية عشر، ولكنك لم تفهم، لأن الله لا يخاطب واحداً، لكن الله يخاطب جماعة، فيقول: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاع} [النساء: 3].

فإذا قال مدرس لتلاميذه: افتحوا كتبكم، أيعني هذا الأمر أن يأتي واحد ليفتح كل الكتب؟

لا، إنه أمر لكل تلميذ بأن يفتح كتابه، لهذا فإن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحاداً. 

وعندما يقول المدرس: أخرجوا أقلامكم.

أي على كل تلميذ أن يخرج قلمه.

وعندما يقال: اركبوا سياراتكم، أي أن يركب كل واحد سيارته.

إذن فمقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحاداً، وقوله تعالى: {فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُوا} [النساء: 3] هو قول يخاطب جماعة، فواحد ينكح اثنتين وآخر ينكح ثلاث نساء، وثالث ينكح أربع نساء.

والحق سبحانه وتعالى حينما يشرع الحكم يشرعه مرة إيجاباً ومرة يشرعه إباحةً، فلم يوجب ذلك الأمر على الرجل، ولكنه أباح للرجل ذلك، وفيه فرق واضح بين الإيجاب وبين الإباحة.

والزواج نفسه حتى من واحدة مباح.

إذن ففيه فرق بين أن يلزمك الله أن تفعل وأن يبيح لك أن تفعل.

وحين يبيح الله لك أن تفعل، ما المرجح في فعلك؟

إنه مجرد رغبتك.

ولكن إذا أخذت الحكم، فخذ الحكم من كل جوانبه، فلا تأخذ الحكم، بإباحة التعدد ثم تكف عن الحكم بالعدالة، وإلا سينشأ الفساد في الأرض، وأول هذا الفساد أن يتشكك الناس في حكم الله.

لماذا؟

لأنك إن أخذت التعدد، وامتنعت عن العدالة فأنت تكون قد أخذت شقاً من الحكم، ولم تأخذ الشق الآخر وهو العدل، فالناس تجنح أمام التعدد وتبتعد وتميل عنه لماذا؟

لأن الناس شقوا كثيراً بالتعدد أخذاً لحكم الله في التعدد وتركاً لحكم الله في العدالة.

والمنهج الإلهي يجب أن يؤخذ كله، فلماذا تكره الزوجة التعدد؟

لأنها وجدت أن الزوج إذا ما تزوج واحدة عليها التفت بكليته وبخيره وببسمته وحنانه إلى الزوجة الجديدة، لذلك فلا بد للمرأة أن تكره زواج الرجل عليها بإمرأة أخرى.

إن الذين يأخذون حكم الله في إباحة التعدد يجب أن يلزموا أنفسهم بحكم الله أيضاً في العدالة، فإن لم يفعلوا فهم يشيعون التمرد على حكم الله، وسيجد الناس حيثيات لهذا التمرد، وسيقال: انظر، إن فلاناً تزوج بأخرى وأهمل الأولى، أو ترك أولاده دون رعاية واتجه إلى الزوجة الجديدة.

فكيف نأخذ إباحة الله في شيء ولا تأخذ إلزامه في شيء آخر، إن مَنْ يفعل ذلك يشكك الناس في حكم الله، ويجعل الناس تتمرد على حكم الله - والسطحيون في الفهم يقولون: إنهم معذورون، وهذا منطق لا يتأتى.

إن آفة الأحكام أن يؤخذ حكم جزئي دون مراعاة الظروف كلها، والذي يأخذ حكماً عن الله لابد أن يأخذ كل منهج الله.

هات إنساناً عدل في العِشْرة وفي النفقة وفي البيتوتة وفي المكان وفي الزمان ولم يرجح واحدة على أخرى، فالزوجة الأولى إن فعلت شيئاً فهي لن تجد حيثية لها أمام الناس.

أما عندما يكون الأمر غير ذلك فإنها سوف تجد الحيثية للاعتراض، والصراخ الذي نسمعه هذه الأيام إنما نشأ من أن بعضاً قد أخذ حكم الله في إباحة التعدد ولم يأخذ حكم الله في عدالة المعدد.

والعدالة تكون في الأمور التي للرجل فيها خيار.

أما الأمور التي لا خيار للرجل فيها فلم يطالبه الله بها.

ومن السطحيين مَنْ يقول: إن الله قال: اعدلوا، ثم حكم أننا لا نستطيع أن نعدل.

نقول لهم: بالله أهذا تشريع؟

أيعطي الله باليمين ويسحب بالشمال؟

ألم يشرع الحق على عدم الاستطاعة فقال: {وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء: 129].

وما دام قد شرع على عدم الاستطاعة في العدل المطلق فهو قد أبقى الحكم ولم يلغه، وعلى المؤمن ألا يجعل منهج الله له في حركة حياته عضين بمعنى أنه يأخذ حكماً في صالحه ويترك حكماً إن كان عليه.

فالمنهج من الله يؤخذ جملة واحدة من كل الناس؛ لأن أي انحراف في فرد من أفراد الأمة الإسلامية يصيب المجموع بضرر.

فكل حق لك هو واجب عند غيرك، فإن أردت أن تأخذ حقك فأدّ واجبك.

والذين يأخذون حكم الله في إباحة التعدد يجب أن يأخذوا حكم الله أيضاً في العدل، وإلا أعطوا خصوم دين الله حججاً قوية في إبطال ما شرع الله، وتغيير ما شرع الله بحجة ما يرونه من آثار أخذ حكم وإهمال حكم آخر.

والعدل المراد في التعدد هو القسمة بالسوية في المكان، أي أن لكل واحدة من المتعددات مكاناً يساوي مكان الأخرى، وفي الزمان، وفي متاع المكان، وفيما يخصص الرجل من متاع نفسه، فليس له أن يجعل شيئاً له قيمة عند واحدة، وشيئاً لا قيمة له عند واحدة أخرى، يأتي مثلاً ببجامة "منامة" صُوف ويضعها عند واحدة، ويأتي بأخرى من قماش أقل جودة ويضعها عند واحدة، لا.

لابد من المساواة، لا في متاعها فقط، بل متاعك أنت الذي تتمتع به عندها، حتى أن بعض المسلمين الأوائل كان يساوي بينهن في النعال التي يلبسها في بيته، فيأتي بها من لون واحد وشكل واحد وصنف واحد، وذلك حتى لا تَدِلُّ واحدة منهن على الأخرى قائلة: إن زوجي يكون عندي أحسن هنداماً منه عندك.

والعدالة المطلوبة -أيضاً- هي العدالة فيما يدخل في اختيارك؛ لأن العدالة التي لا تدخل في اختيارك لا يكلف الله بها، فأنت عدلت في المكان، وفي الزمان، وفي المتاع لكل واحدة، وفي المتاع لك عند كل واحدة، ولكن لا يطلب الله منك أن تعدل بميل قلبك وحبك نفسك؛ لأن ذلك ليس في مكنتك.

والرسول صلى الله عليه وسلم يعطينا هذا فيقول: عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ويعدل ويقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" يعني (القلب)".

إذن فهذا معنى قول الحق: {وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: 129].

لأن هناك أشياء لا تدخل في قدرتك، ولا تدخل في اختيارك، كأن ترتاح نفسياً عند واحدة ولا ترتاح نفسياً عند أخرى، أو ترتاح جنسياً عند واحدة ولا ترتاح عند أخرى، لكن الأمر الظاهر للكل يجب أن تكون فيه القسمة بالسوية حتى لا تَدِلُّ واحدة على واحدة.

وإذا كان هذا في النساء المتعددات -وهن عوارض- حيث من الممكن أن يخرج الرجل من أي إمرأة - بطلاق أو فراق فما بالك بأولادها منه؟

لابد أيضاً من العدالة.

والذي يفسد جو الحكم المنهجي لله أن أناساً يجدون رجلاً عدّد، فأخذ إباحة الله في التعدد، ثم لم يعدل، فوجدوا أبناءه من واحدة مهملين مشردين، فيأخذون من ذلك حجة على الإسلام.

والذين حاولوا أن يفعلوا ما فعلوا في قوانين الأحوال الشخصية إنما نظروا إلى ذلك، التباين الشديد الذي يحدثه بعض الآباء الحمقى نتيجة تفضيل أبناء واحدة على أخرى في المأكل والملبس والتعليم! إذن فالمسلم هو الذي يهجر دينه ويعرضه للنقد والنيل من أعدائه له.

فكل إنسان مسلم على ثغرة من ثغرات دين اللهتعالى فعليه أن يصون أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته من أي انحراف أو شطط؛ لأن كل مسلم بحركته وبتصرفه يقف على ثغرة من منهج الله، ولا تظنوا أن الثغرات فقط هي الشيء الذي يدخل منه أعداء الله على الأرض كالثغور، لا، الثغرة هي الفجوة حتى في القيم يدخل منها خصم الإسلام لينال من الإسلام.

إنك إذا ما تصرفت تصرفاً لا يليق فأنت فتحت ثغرة لخصوم الله.

فسُدَّ كل ثغرة من هذه الثغرات، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد توسع في العدل بين الزوجات توسعاً لم يقف به عند قدرته، وإن وقف به عند اختياره، فالرسول صلى الله عليه وسلم حين مرض كان من الممكن أن يعذره المرض فيستقر في بيت واحدة من نسائه، ولكنه كان يأمر بأن يحمله بعض الصحابة ليطوف على بقية نسائه في أيامهن فأخذ قدرة الغير.

وكان إذا سافر يقرع بينهن، هذه هي العدالة.

وحين توجد مثل هذه العدالة يشيع في الناس أن الله لا يشرع إلا حقاً، ولا يشرع إلا صدقاً، ولا يشرع إلا خيراً.

ويسد الباب على كل خصم من خصوم دين الله، حتى لا يجد ثغرة ينفذ منها إلى ما حرم دين الله، وإن لم يستطع المسلم هذه الاستطاعة فليلزم نفسه بواحدة.

ومع ذلك حين يلزم المسلم نفسه بزوجة واحدة، هل انتفت العدالة مع النفس الواحدة؟

لا، فلا يصح ولا يستقيم ولا يحل أن يهمل الرجل زوجه.

ولذلك حينما شكت امرأة إلى عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- أن زوجها لا يأتي إليها وهي واحدة وليس لها ضرائر، فكان عنده أحد الصحابة، فقال له: أفتها "أي أعطها الفتوى". 

قال الصحابي: لك عنده أن يبيت عندك الليلة الرابعة بعد كل ثلاث ليال.

ذلك أن الصحابي فرض أن لها شريكات ثلاثاً، فهي تستحق الليلة الرابعة.

وسُر عمر -رضي الله عنه- من الصحابي؛ لأنه عرف كيف يُفتي حتى في أمر المرأة الواحدة.

إذن قول الحق سبحانه وتعالى: {وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ} [النساء: 129].

أي لا تظنوا أن المطلوب منكم تكليفياً هو العدالة حتى في ميل القلب وحبه، لا.

إنما العدالة في الأمر الاختياري، وما دام الأمر قد خرج عن طاقة النفس وقدرتها فقد قال -سبحانه-: {فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْل} [النساء: 129].

ويأخذ السطحيون الذين يريدون أن يبرروا الخروج عن منهج الله فيقولوا: إن المطلوب هو العدل وقد حكم الله أننا لا نستطيع العدل.

ولهؤلاء نقول: هل يعطي ربنا باليمين ويأخذ بالشمال؟

فكأنه يقول: اعدلوا وأنا أعلم أنكم لن تعدلوا؟

فكيف يتأتى لكم مثل هذا الفهم؟

إن الحق حين قال: {وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: 129] أي لا يتعدى العدل ما لا تملكون من الهوى والميل؛ لأن ذلك ليس في إمكانكم، ولذلك قال: {فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْل} [النساء: 129].

نقول ذلك للذين يريدون أن يطلقوا الحكم غير واعين ولا فاهمين عن الله، ونقوله كذلك للفاهمين الذين يريدون أن يدلسوا على منهج الله، وهذه المسألة من المسائل التي تتعرض للأسرة، وربها الرجل.

فهب أن رجلاً ليس له ميل إلى زوجته، فماذا يكون الموقف؟

أمن الأحسن أن يطلقها ويسرحها، أم تظل عنده ويأتي بامرأة تستطيع نفسه أن ترتاح معها؟

أو يطلق غرائزه في أعراض الناس؟

إن الحق حينما شرّع، إنما شرع ديناً متكاملاً، لا تأخذ حكماً منه لتترك حكماً آخر.

والأحداث التي أرهقت المجتمعات غير المسلمة ألجأتهم إلى كثير من قضايا الإسلام.

وأنا لا أحب أن أطيل، هناك بعض الدول تكلمت عن إباحة التعدد لا لأن الإسلام قال به، ولكن لأن ظروفهم الاجتماعية حكمت عليهم أنه لا يحل مشاكلهم إلا هذا، حتى ينهو مسألة الخليلات. 

والخليلات هنّ اللائي يذهب إليهن الرجال ليهتكوا أعراضهن ويأتوا منهن بلقطاء ليس لهم أب.

إنّ مَن الخير أن تكون المرأة الثانية، امرأة واضحة في المجتمع.

ومسألة زواج الرجل منها معروفة للجميع، ويتحمَّل هو عبء الأسرة كلها.

ويمكن لمَنْ يريد أن يستوضح كثيراً من أمر هؤلاء الناس أن يرجع إلى كتاب تفسير في هذا الموضوع للدكتور محمد خفاجة حيث أورد قائمة بالدول وقراراتها في إباحة التعدُّد عند هذه الآية.

وهنا يجب أن ننتبه إلى حقيقة وهي: أن التعدُّد لم يأمر به الله، وإنما أباحه، فالذي ترهقه هذه الحكاية لا يُعدِّد، فالله لم يأمر بالتعدُّد ولكنه أباح للمؤمن أن يُعَدِّد.

والمباح أمر يكون المؤمن حراً فيه يستخدم رخصة الإباحة أو لا يستعملها، ثم لنبحث بحثاً آخر.

إذا كان هناك تعدد في طرف من طرفين فإن كان الطرفان متساويين في العدد، فإن التعدد في واحد لا يتأتى، والمثل هو كالآتي: إذا دخل عشرة أشخاص حجرة وكان بالحجرة عشرة كراسي فكل واحد يجلس على كرسي، ولا يمكن بطبيعة الحال أن يأخذ واحد كرسياً للجلوس وكرسياً آخر ليمد عليه ساقيه، لكن إذا كان هناك أحد عشر كرسياً، فواحد من الناس يأخذ كرسياً للجلوس وكرسياً آخر ليستند عليه، إذن فتعدد طرف في طرف لا ينشأ إلا من فائض.

فإذا لم يكن هناك فائض، فالتعدد -واقعاً- يمتنع، لأن كل رجل سيتزوج امرأة واحدة وتنتهي المسألة، ولو أراد أن يعدد الزواج فلن يجد.

إذن فإباحة التعدد تعطينا أن الله قد أباحه وهو يعلم أنه ممكن لأن هناك فائضاً.

والفائض كما قلنا معلوم، لأن عدد ذكور كل نوع من الأنواع أقل من عدد الإناث.

وضربنا المثل من قبل في النخل وكذلك البيض عندما يتم تفريخه؛ فإننا نجد عدداً قليلاً من الديوك والبقية إناث.

إذن فالإناث في النبات وفي الحيوان وفي كل شيء أكثر من الذكور.

وإذا كانت الإناث أكثر من الذكور، ثم أخذ كل ذكر مقابله فما مصير الأعداد التي تفيض وتزيد من الإناث؟

إما أن تعف الزائدة فتكبت غرائزها وتحبط، وتنفس في كثير من تصرفاتها بالنسبة للرجل وللمحيط بالرجل، وإما أن تنطلق، تنطلق مع مَنْ؟

إنها تنطلق مع متزوج.

وإن حدث ذلك فالعلاقات الاجتماعية تفسد.

ولكن الله حين أباح التعدد أراد أن يجعل منه مندوحة لامتصاص الفائض من النساء؛ ولكن بشرط العدالة.

وحين يقول الحق: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَة} [النساء: 3] أي إن لم نستطع العدل الاختياري فليلزم الإنسان الواحدة.

وبعد ذلك يقول الحق: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3].

وهناك مَنْ يقف عند {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] ويتجادل، ونطمئن هؤلاء الذين يقفون عند هذا القول ونقول: لم يعد هناك مصدر الآن لملك اليمين؛ لأن المسلمين الآن في خنوع، وقد اجترأ عليهم الكفار، وصاروا يقتطعون دولاً من دولهم.

وما هبّ المسلمون ليقفوا لحماية أرض إسلامية.

ولم تعد هناك حرب بين مسلمين وكفار، بحيث يكون فيه أسرى، و "ملك اليمين".

ولكنا ندافع عنه أيام كان هناك ملك يمين.

ولنر المعنى الناضج حين يبيح الله متعة السيد بما ملكت يمينه، انظر إلى المعنى، فالإسلام قد جاء ومن بين أهدافه أن يصفي الرِّق، ولم يأت ليجيء بالرق.

وبعد أن كان لتصفية الرق سبب واحد هو إرادة السيد.

عدَّدَ الإسلام مصارف تصفية الرق؛ فارتكاب ذنب ما يقال للمذنب: اعتق رقبة كفارة اليمين.

وكفارة ظهار فيؤمر رجل ظاهر من زوجته بأن يعتق رقبة وكفارة فطر في صيام، وكفارة قتل... إلخ .

إذن فالإسلام يوسع مصارف العتق.

ومَنْ يوسع مصارف العتق أيريد أن يبقى على الرق، أم يريد أن يصفيه ويمحوه؟

ولنفترض أن مؤمناً لم يذنب، ولم يفعل ما يستحق أن يعتق من أجله رقبة، وعنده جوار، هنا يضع الإسلام القواعد لمعاملة الجواري: إن لم يكن عندك ما يستحق التكفير، فعليك أن تطعم الجارية مما تأكل وتلبسها ما يلبس أهل بيتك، لا تكلفها ما لا تطيق، فإن كلفتها فأعنها، أي فضل هذا، يدها بيد سيدها وسيدتها، فما الذي ينقصها؟

إن الذي ينقصها إرواء إلحاح الغريزة، وخاصة أنها تكون في بيت للرجل فيه امرأة، وتراها حين تتزين لزوجها، وتراها حين تخرج في الصباح لتستحم، والنساء عندهن حساسية لهذا الأمر، فتصوروا أن واحدة مما ملكت يمين السيد بهذه المواقف؟

ألا تهاج فيها الغرائز؟

حين يبيح الله للسيد أن يستمتع بها وأن تستمتع به، فإنه يرحمها من هذه الناحية ويعلمها أنها لا تقل عن سيدتها امرأة الرجل فتتمتع مثلها.

ويريد الحق أيضاً أن يعمق تصفية الرق، لأنه إن زوجها من رجل رقيق فإنها تظل جارية أمة، والذي تلده يكون رقيقاً، لكن عندما تتمتع مع سيدها وتأتي منه بولد، فإنها تكون قد حررت نفسها وحررت ولدها، وفي ذلك زيادة في تصفية الرق، وفي ذلك إكرام لغريزتها.

لكن الحمقى يريدون أن يؤاخذوا الإسلام على هذا!! يقول الحق: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُوا} [النساء: 3] فالعدل أو الاكتفاء بواحدة أو ما ملكت اليمين، ذلك أقرب ألا تجوروا.

وبعض الناس يقول: {أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُوا} [النساء: 3] أي ألا تكثر ذريتهم وعيالهم.

ونقول لهم: إن كان كذلك فالحق أباح ما ملكت اليمين، وبذلك يكون السبب في وجود العيال قد اتسع أكثر، وقوله: {ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُوا} [النساء: 3] أي أقرب ألا تظلموا وتجوروا، لأن العول فيه معنى الميل، والعول في الميراث أن تزيد أسهم الأنصباء على الأصل، وهذا معنى عالت المسألة، وإذا ما زاد العدد فإن النصيب في التوزيع ينقص.

وبعد ذلك يقول الحق: {وَآتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ}.



سورة النساء الآيات من 001-005 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النساء الآيات من 001-005 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء الآيات من 001-005   سورة النساء الآيات من 001-005 Emptyالسبت 27 أبريل 2019, 8:47 am

وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [٤]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

والمقصود بـ {صَدُقَاتِهِنَّ} [النساء: 4] هو المهور، و "النِّحلة" هي العطية، وهل الصداق عطية؟

لا.

إنه حق وأجر بضع.

ولكن الله يريد أن يوضح لنا: أي فليكن إيتاء المهور للنساء نحلة، أي وازع دين لا حكم قضاء، والنحلة هي العطية.

وانظر إلى اللمسات الإلهية والأداء الإلهي للمعاني، لأنك إن نظرت إلى الواقع فستجد الآتي: الرجل يتزوج المرأة، وللرجل في المرأة متعة، وللمرأة أيضاً متعة أي أن كُلاً منهما له متعة وشركة في ذلك، وفي رغبة الإنجاب، وكان من المفترض ألا تأخذ شيئاً، لأنها ستستمتع وأيضاً قد تجد ولداً لها، وهي ستعمل في المنزل والرجل سيكدح خارج البيت، ولكن هذه عطية قرَّرها الله كرامة للنساء: {وَآتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَة} [النساء: 4] والأمر في: {آتُواْ} [النساء: 4] لمَنْ؟

إما أن يكون للزوج فقوله: {وَآتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَاتِهِنَّ} [النساء: 4] يدل على أن المرأة صارت زوجة الرجل، وصار الرجل ملزماً بالصداق ومن الممكن أن يكون ديناً إذا تزوجها بمهر في ذمته يؤديه لها عند يساره، وإمّا أن يكون الأمر لولي أمرها فالذي كان يزوجه أخته مثلاً، كان يأخذ المهر له ويتركها دون أن يعطيها مهرها، والأمر في هذه الآية -إذن- إما أن يكون للأزواج وإما أن يكون للأولياء.

وحين يُشَرِّع الحق لحماية الحقوق فإنه يفتح المجال لأريحيات الفضل.

لذلك يقول: {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} [النساء: 4].

لقد عرّف الحق الحقوق أولاً بمخاطبة الزوج أو ولي الأمر في أن مهر الزوجة لها لأنه أجر البضع.

ولكنه سبحانه فتح باب أريحية الفضل فإن تنازلت الزوجة فهذا أمر آخر، وهذا أدعى أن يؤصل العلاقة الزوجية وأن يؤدم بينهما.

والمراد هنا هو طيب النفس، وإياك أن تأخذ شيئاً من مهر الزوجة التي تحت ولايتك بسبب الحياء، فالمهم أن يكون الأمر عن طيب نفس.

{فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} [النساء: 4] والهنيء هو الشيء المأكول وتستسيغه حين يدخل فمك.

لكنك قد تأكل شيئاً هنيئاً في اللذة وفي المضغ وفي الأكل ولكنه يورث متعبة صحية.

إنه هنيء لكنه غير مريء.

والمقصود هو أن يكون طيب الطعم وليس له عواقب صحية رديئة.

وهو يختلف عن الطعام الهنيء غير المريء الذي يأكله الإنسان فيطلب من بعده العلاج.

إذن فكل أكل يكون هنيئاً ليس من الضروري أن يكون مريئاً.

وعلينا أن نلاحظ في الأكل أن يكون هنيئاً مريئاً.

والإمام عليّ -رضوان الله عليه وكرم وجهه- جاء له رجل يشتكي وجعاً، والإمام عليّ -كما نعرف- مدينة العلم والفُتيا، وهبه الله مقدرة على إبداء الرأي والفتوى.

لم يكن الإمام عليّ طبيباً.

لكن الرجل كان يطلب علاجاً من فهم الإمام عليّ وإشراقاته.

قال الإمام عليّ للرجل: خذ من صداق امرأتك درهمين واشتر بهما عسلاً، وأذب العسل في ماء مطر نازل لساعته -أي قريب عهد بالله- واشربه فإني سمعت الله يقول في الماء ينزل من السماء: {وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَارَكاً} [ق: 9].

وسمعته سبحانه وتعالى يقول في العسل: {فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69].

وسمعته يقول في مهر الزوجة: {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً} [النساء: 4].

فإذا اجتمع في دواء البركة والشفاء الهنيء والمريء عافاك الله إن شاء الله.

لقد أخذ الإمام عليّ -رضوان الله عليه وكرّم وجهه- عناصر أربعة ليمزجها ويصنع منها دواءً ناجعاً، كما يصنع الطبيب العلاج من عناصر مختلفة وقد صنع الإمام عليّ علاجاً من آيات القرآن.

وبعد ذلك ينتقل الحق إلى قضايا اليتامى والسفهاء والمال والوصاية والقوامة، فيقول سبحانه: {وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ...}.



سورة النساء الآيات من 001-005 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة النساء الآيات من 001-005 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النساء الآيات من 001-005   سورة النساء الآيات من 001-005 Emptyالسبت 27 أبريل 2019, 8:48 am

وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا [٥]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ومَنْ هو السفيه؟

إنه الذي لا صلاح له في عقل ولا يستطيع أن يصرّف ماله بالحكمة.

ومَنْ الذي يعطي ماله إلى سفيه؟

إن الحق يقول ذلك ليُعلّمنا كيفية التصرف في المال -ومثال على ذلك- يقول الحق: {وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ} [الحجرات: 11].

هل أحد منا يلمز نفسه؟

لا، ولكن الإنسان يلمز خصمه، ولمز الخصم يؤدي إلى لمز النفس لأن خصمه سيلمزه ويعيبه أو لأنكما سواء.

إذن فقول الحق: {وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] يعني أن الله يريد أن يقول: إن السفيه يملك المال، إلا أن سفهه يمنعه من أن يُحسن التصرف.

وعدم التصرف الحكيم يذهب بالمال، ويُفسده، وحين يكون سفيهاً فالمال ليس له -تصرُّفاً وإدارة- ولكن المال لمَنْ يُصلحه بالقوامة.

أو أن الحق سبحانه وتعالى يعالج قضية كان لها وجود في المجتمع وهي أنّ الرجل إذا ما كان له أبناء، وكبروا قليلاً، فهو يحب أن يتملص من حركة الحياة، ويعطي لهم حق التصرف في المال.

وإن كان تصرفهم لا يتفق مع الحكمة، فكأنه قال سبحانه: "لا" إياك أن تعطي أموالك للسفهاء بدعوى أنهم أولادك.

وإياك أن تملك أولادك ما وهبه الله لك من رزقك؛ لأن الله جعل من مالك قياماً لك، وإياك أن تجعل قيامك أنت في يد غيرك.

{وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا} [النساء: 5] وهل السفيه لا يعيش؟

وهل يأكل السفيه دون أكل الرشيد؟

أَيَلْبِسُ السفيه لبس الرشيد؟

أيسكن السفيه دون مسكن الرشيد؟

أيبتسم الإنسان في وجه الرشيد ولا يبتسم في وجه السفيه؟

لا؛ لذلك يأمر الحق ويقول: {وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفا} [النساء: 5] ذلك أمر بحسن معاملة السفيه، وإياكم أن تعيروهم بسفههم، ويكفيهم ما هم فيه من سفه.

ويرجع الحق من بعد ذلك إلى اليتامى: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا...}.



سورة النساء الآيات من 001-005 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة النساء الآيات من 001-005
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة النساء الآيات من 066-070
» سورة النساء الآيات من 146-150
» سورة النساء الآيات من 071-075
» سورة النساء الآيات من 151-155
» سورة النساء الآيات من 076-080

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: النساء-
انتقل الى: