منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 سورة آل عمران الآيات من 021-025

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة آل عمران الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: سورة آل عمران الآيات من 021-025   سورة آل عمران الآيات من 021-025 Emptyالسبت 20 أبريل 2019, 5:52 pm

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [٢١]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وقلنا إن الحق حين يقول: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ} [آل عمران: 21] هم الذين يكفرون بآيات الله على إطلاقها، وهناك فرق بين الكفر بآيات الله وبين الكفر بالله.       

لماذا؟           

لأن الإيمان بالله يتطلب البينات التي تدل على الله، والبينات الدالة على وجود الله موجودة في الكون.       

إذن فالبينات واضحة، إن الذي يكفر بالله يكون قبل ذلك كافراً بالأدلة التي تدل على وجود الخالق.       

إن الحق لم يقل هنا: إن الذين يكفرون بالله، وذلك حتى يوضح لنا أنّ الحق غيب، ولكن الآيات البينات ظاهرة في الكون، لذلك قال: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّين} [آل عمران: 21].       

ولنا أن نلاحظ هنا، أن كلمة القتل تأتي دائماً للنبيين، أي أنها لا تأتي للذين أخذوا صفة تزيد على مهمة النبي، وهو الرسول، فليس من المعقول أن يرسل الله رسولاً ليبلغ منهجاً لله، فيُقدر الله خلقه على أن يقتلوا الرسول.       

لكن الأنبياء يرسلهم الله ليكونوا أسوة سلوكية للمؤمنين، ولا يأتي الواحد منهم بتشريعات جديدة، أما الرسول فإن الله يبعثه حاملاً لمنهج من الله.       

وليس من المعقول أن يصطفي الله عبداً من عباده ويستخلصه ليبلغ منهجه، ويُمَكّن الله بعد ذلك بعضاً من خلقه أن يقتلوا هذا الرسول.       

إن الخلق لا يقدرون على رسول أرسله الله، لكنهم قد يقدرون على الأنبياء، وكل واحد من الأنبياء هو أسوة سلوكية، ولذلك نجد ان كل نبيّ يتعبد على دين الرسول السابق عليه، فلماذا يقتل الخلق الأسوة السلوكية ما دام النبيّ من هؤلاء قد جاء ليكون مجرد أسوة، ولم يأت بدين جديد؟        

فلو كان النبي من هؤلاء قد جاء بدين جديد، لقلنا: إن التعصب للدين السابق عليه هو الذي جعلهم يقتلونه، لكن النبيّ أسوة في السلوك، فلماذا القتل؟        

إن النبي من هؤلاء يؤدي من العبادة ما يجعل القوم ينتبهون إلى أن السلوك الذي يفعله النبيّ لا يأتي وفق أهوائهم.       

إن القوم الذين يقتلون النبيين هم القوم الذين لا يوافقون على أن يسلكوا السلوك الإسلامي الذي يعني إخضاع الجوارح، والحركة لمنطق الدين ولمنطق الإسلام،        

لماذا؟           

لأن النبيّ وهو ملتزم بشرع الرسول السابق عليه، حينما يلتزم بدين الله بين جماعة من الملتزمين يكون سلوكه قد طعن غير الملتزمين.       

إن وجود النبيّ الذي يتمسك بشرع الله، ويخضع جوارحه، وسلوكه لمنهج الله بين جماعة تدّعي أنها تدين بدين الله، ولكنها لا تتمسك بمنهج الله تحملهم إلى أن يقولوا: لماذا يفعل النبي هذا السلوك القويم، ولماذا يخضع جوارحه لمنطق الإيمان، ونحن غير ملتزمين مثله؟        

وهذا السؤال يثير الغيظ والحقد على النبيّ بين هذه الجماعة غير الملتزمة بدين الله، وإن أعْلنت في ظاهر الأمر التزامها بالدين.       

إنهم يحقدون على النبيّ لأنه يرتفع بسلوك المسلم، وهم لا يستطيعون أن يرتفعوا ليكونوا مثله. 
إن النبيّ بسلوكه الخاضع لمنهج الله يكون أسوة واضحة جلية يظهر بها الفرق بين مجرد إعلان الإيمان بمنهج الله، وبين الالتزام السلوكي بمنهج الله، وتكون أسوة النبيّ مُحقرة لفعلهم.       

ولذلك حين نجد إنساناً ملتزماً بدين الله ومنهجه، فإننا نجد غير الملتزم ينال الملتزم بالسخرية والاستهزاء،        

لماذا؟           

لأن غير الملتزم يمتلئ بالغيظ والحقد على الملتزم القادر على إخضاع نفسه لمنهج الله، ويسأل غير الملتزم نفسه: لماذا يكون هذا الإنسان قادراً على نفسه مخضعاً لها لمنهج الله وأنا غير قادر على ذلك؟        

إن غير الملتزم يحاول إزاحة الملتزم وإبعاده من أمامه.       

لماذا؟           

لأن غير الملتزم يتضاءل في نظر نفسه ونظر الآخرين إذا ما قارن نفسه بالملتزم بمنهج الله، وعندما يقارن الآخرون بين سلوك الملتزم بمنهج الله وسلوك غير الملتزم بمنهج الله فهم لا يحترمون غير الملتزم، فيشعر بالصغار النفسي أمام الملتزم وأمام الناس.       

فيحاول غير الملتزم أن يزيح الملتزم وينحيه عن طريقه، إن غير الملتزمين بمنهج الله يسخرون ويتغامزون على الملتزمين بمنهج الله، كما يقول الحق سبحانه وتعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ * وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين: 29-33].       

ألا توضح لنا تلك الآيات البينات ما يقوله غير الملتزمين في بعض مجتمعاتنا للملتزمين بمنهج الله؟        

ألا نسمع قول غير الملتزمين للملتزم بمنهج الله: "خذنا على جناحك"؟        

إن هؤلاء غير الملتزمين ينطبق عليهم قول الحق: {وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ} [المطففين: 30-32].       

إن غير الملتزمين قد يفرح الواحد منهم، لأنه استطاع السخرية من مؤمن ملتزم بالله.       

وقد يتهم غيرُ الملتزمين إنساناً ملتزماً بأن الالتزام ضلال.       

والحق سبحانه وتعالى يرد على هذا الاتهام بالقول الكريم: {وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين: 33].       

الحق يرد على الساخرين من الملتزمين بمنهج الله، فيضحك الذين آمنوا يوم القيامة من الكفار، ويتساءل الحق بجلال قدرته وتمام جبروته: {فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [المطففين: 34-36].       

هكذا ينال غير الملتزمين عقابهم، فماذا عن الذين يقتلون النبيين بغير حق؟        

إن لنا أن نسأل: لماذا وصف الله قتل النبيين بأنه "بغير حق"، وهل هناك قتل لنبيّ بحق؟        

لا يمكن أن يكون هناك قتل لنبيّ بحق، وإذا كان الله قد قال: {وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: 21] هذا القول الكريم قد أتى ليوضح واقعاً، إنه سبحانه يقول بعد ذلك في سلسلة أعمال هؤلاء الذين يقتلون النبيين بغير حق: {وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ} [آل عمران: 21] إنهم لم يكتفوا بقتل النبيين، بل يقتلون أيضاً من يدافع من المؤمنين عن هذا النبيّ كيف؟ 

لأنه ساعة يُقتل نبيّ، فالذين التزموا بمنهج النبيّ، وكانوا معه لابد لهم أن يغضبوا ويحزنوا.       

إن أتباع النبيّ ينفعلون بحدث قتل النبيّ، فإن استطاعوا منع ذلك القتل لفعلوا وإن لم يستطع أتباع النبيّ منع قتل النبيّ فلا أقل من أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، لكن القتلة يتجاوز طغيانهم فلا يقتلون النبيين فقط فإذا قال لهم منكر لتصرفهم: ولماذا تقتلون النبيين؟        

فإنهم يقتلونه أيضاً، وبالنسبة لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، نحن نعرف أن أعداءه قد صنعوا معه أشياء أرادوا بها اغتياله، وذلك يدل على غباء الذين فكروا في ذلك الاغتيال.       

لماذا؟           

لأنهم لم ينظروا إلى وضعه صلى الله عليه وسلم، فلم يكن نبياً فقط، ولكنه رسول أيضاً.       

وما دام رسولاً فهو أسوة وحامل لمنهج في آن واحد، فلو كان محمد صلى الله عليه وسلم نبياً فقط لكان في استطاعتهم أن يقتلوه كما قتلوا النبيين من قبل، لكنه رسول من عند الله، ولقد رأوه يحمل منهجاً جديداً، وهذا المنهج يسفه أحلامهم، ويوضح أكاذيبهم، من تبديلهم للكتب المنزلة عليهم.

إذن، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولاً يحمل رسالة ومنهجاً، وحينما أرادوا أن يقتلوه كنبيّ، غفلوا عن كونه رسولاً.       

وذلك قال الحق مطمئناً لنا ومحدثاً رسوله صلى الله عليه وسلم: {يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ} [المائدة: 67].       

الرسول الكريم إذن حامل رسالة ومعصوم بالله من أعدائه، والحق سبحانه وتعالى قد حكى عن الذين يقتلون الأنبياء، وأراد أن يطمئن المؤمنين، ويطمئن الرسول على نفسه، وأن يعرف خصوم رسول الله أنه لا سبيل إلى قتله، فيقول الحق: {قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ} [البقرة: 91].       

ولماذا يأتي الله بـ "من قبل" هذه؟        

إنه يوضح لنا وللرسول ولأعداء محمد صلى الله عليه وسلم أن مسألة قتل الأنبياء كان من الممكن حدوثها قبل رسول الله، لكن هذه المسألة صارت منتهية، ولا يجرؤ أحد أن يمارسها مع محمد رسول الله، وبذلك طمأن الحق المؤمنين، وطمأن رسول الله بأن أحداً لن يناله بأذى، ولذلك قال الحق: {وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ} [المائدة: 67].       

وأيأس الحق الذين يريدون قتل رسول الله فقد قال لهم: {قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن قَبْلُ} [البقرة: 91].       

ولو أن المسألة مسألة نبوة ورسالة رسول الله غير داخلة في مواجيدهم، وكان إنكارهم لرسالته عنادا، لكانوا قد قالوا: "إن مسألة قتل الأنبياء لا تتوقف عند "من قبل" لأننا سنجعلها "من بعد" أيضاً، لكانوا قد كتلوا قواهم وقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن الله سبحانه أيأسهم وقنطهم من ذلك، وذلك من مناط قدرة الله.       

وإذا كان الحق سبحانه وتعالى يحكي عن أمر في قتل الأنبياء، وقتل الذين يأمرون بالقسط، أكان ذلك معاصراً لقول الرسول هذا؟        

أو كان هذا الكلام لمن؟        

إنه مواجه لبعض من أهل الكتاب، إنه موجه لمن آمنوا باتباع الذين قتلوا النبيين من قبل، وقتلوا الذين يأمرون بالقسط، لقد آمنوا كإيمان السابقين لهم من قتلة الأنبياء، وقتلهم للذين يأمرون بالقسط.       

وهذا تقريع لهؤلاء الذين اتبعوا في الإيمان قوماً قتلوا الأنبياء من قبل، وقتلوا الذين يأمرون بالقسط، إنه تقريع وتساؤل.       

كيف تؤمنون كإيمان الذين قتلوا الأنبياء؟        

وكيف تتبعون من فعل مثل ذلك؟        

وقد قص رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن بني إسرائيل قد قتلوا ثلاثة وأربعين نبياً دفعة واحدة، فقام مائة وسبعون من أتباع الأنبياء لينكروا عليهم ذلك، فقتلوهم، وهذا هو معنى هذه الآية الكريمة: {وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21].       

لماذا يبشرهم الحق بعذاب أليم؟        

أليس معنى التبشير هو إخبار بما يسر في أمد يمكن أن يؤتى فيه الفعل الذي يسر؟        

إن التبشير دائماً يكون للفعل الذي يسر، كتبشير الحق للمؤمنين بالجنة، ومعنى التبشير بالجنة أن الله يخبر المؤمن بأمر يُسر له المؤمن، ويعطي الحقّ الفرصة للمؤمن لينفذ منهج الله ليأخذ الجائزة والبشارة.       

لماذا يكون الحديث بالبشارة موجها لأبناء الذين فعلوا ذلك؟        

لأننا نعرف أن الذين قتلوا النبيين وقتلوا الذين أمروا بالقسط من الناس لم يكونوا معاصرين لنزول هذا الآية، إن المعاصرين من أهل الكتاب لنزول هذه الآية هم أبناء الذين قتلوا الأنبياء وقتلوا الذين أمروا بالقسط، ويبشرهم الحق بالعذاب الأليم؛ لأنهم ربما رأوا أن ما فعله السابقون لهم كان صواباً.

فإن كانوا قد رأوا أن ما فعله السابقون لهم كان صواباً فلهم أيضاً البشارة بالعذاب.       

وتتسع دائرة العذاب لهم أيضاً, ولكن لماذا يكون العذاب بشارة لهم، رغم أن البشارة غالباً ما تكون إخباراً بالخير، وعملية العذاب الأليم ليست خيراً؟        

إن علينا أن نعرف أنه ساعة نسمع كلمة "أبشر" فإن النفس تتفتح لاستقبال خبر يسر, وعندما تستعد النفس بالسرور وانبساط الأسارير إلى أن تسمع شيئاً حسناً يأتي قول: أبشر بعذاب أليم، ماذا يحدث؟        

الذي يحدث هو انقباض مفاجئ أليم, ابتداء مطمع "فبشرهم" وانتهاء مُيْئِس (بعذاب أليم) وهنا يكون الإحساس بالمصيبة أشد؛ لأن الحق لو أنذرهم وأوعدهم من أول الأمر بدون أن يقول: "فبشرهم" لكان وقوع الخبر المؤلم هيناً.       

لكن الحق يريد للخبر أن يقع وقوعاً صاعقاً، ومثال لذلك قول الحق: {وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً} [الكهف: 29].       

إنهم يستغيثون في الآخرة، ويُغاثون بالفعل، ولكن بماذا يُغيثهم الله؟        

إنه يُغيثهم بماءٍ كالمُهل يشوي الوجوه.       

إننا ساعة أن نسمع "يغاثوا" قد نظن أن هناك فرجاً قادماً، ولكن الذي يأتي هو ماء كالمهل يشوي الوجوه.       

وهكذا تكون البشارة بالنسبة لمن قتلوا الأنبياء أو لأتباع القتلة الذين آمنوا بمثل ما آمن به هؤلاء القتلة.       

{فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] وكلمة "عذاب" تعني إيلام حيّ يحس بالألم.       

والعذاب هو للحيّ الذي يظل متألماً، أما القتل فهو ينهى النفس الواعية وهذا ليس بعذاب، بل العذاب أن يبقى الشخص حيّاً حتى يتألم ويشعر بالعذاب، وقول الحق: {بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] يلفتنا إلى قوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً} [النساء: 56].       

أي أن الحق يديم عليهم الحياة ليديم عليهم التعذيب.       

وبعد ذلك يقول الحق: {أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ...}.



سورة آل عمران الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة آل عمران الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 021-025   سورة آل عمران الآيات من 021-025 Emptyالسبت 20 أبريل 2019, 5:56 pm

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [٢٢]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

إنهم الذين كفروا بآيات الله، وقتلوا النبيين بغير حق، وقتلوا الذين أمروا بالقسط بين الناس، هؤلاء لهم العذاب، ولهم أيضاً حبط العمل في الدنيا والآخرة، وكذلك من نهج نهجهم، ومعنى "حبطت" أي لا ثمرة مرجوة من العمل، إن كل عمل يعمله العاقل لابد أن يكون لهدف يقصده، فأي عمل لا يكون له مقصد يكون كضربة المجنون ليس لها هدف.       

إن العاقل قبل أن يفعل أي عمل ينبغي أن يعرف الغاية منه، وما الذي يحققه من النفع؟        

وهل هذا النفع الذي سوف يحققه هو خير النفع وأدومه؟

أو هو أقل من ذلك؟        

وعلى ضوء هذه المقاييس يحدد العاقل عمله، وحينما يقول الحق: {أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ} [آل عمران: 22] فهو سبحانه يريد أن يخبرنا أن إنساناً قد يفعل عملاً هو في ظاهره خير، فإياك أن تغتر أيها المؤمن بأنه عَمِلَ خيراً.

لماذا؟           

لأن عمل الخير لا يحسب للإنسان إلا بنية إيمانه بمن يجازى، فالإنسان إن عمل عملاً قد تصلح به دنياه فهو عمل حسن، فلماذا يكون عمل هؤلاء حابطاً في الدنيا، وفي الآخرة؟        

إنه حابط بموازين الإيمان ويكون العمل حابطاً لأنه لم يصدر من مؤمن، لأن ذلك الإنسان قد عمل العمل ثقة بنتيجة العمل، لا ثقة بالأمر الأعلى.       

إن الإنسان المؤمن حين يقوم بالعمل يقوم بالعمل ثقة في الأمر الأعلى.       

وبعض من الناس في عصرنا يأخذون على الإسلام أنه لا يجازي الجزاء الحسن للكفرة الذين قاموا بأعمال مفيدة للبشرية.       

يقوم الواحد منهم: هل يعقل أحد أن "باستير" الذي اكتشف الميكروبات، والعالم الآخر الذي اكتشف الأشعة، وكل هؤلاء العلماء يذهبون إلى النار؟        

ولهؤلاء نقول: نعم، إن الحق بعدالته أراد ذلك، ولنتقاض نحن وأنتم إلى أعراف الناس.       

إن الذي يطلب أجراً على عمل يطلبه ممن؟        

إنه يطلب الأجر ممن عمل له.       

فهل كان الله في بال هؤلاء العلماء وهم يفعلون هذه الأعمال؟        

إن بالهم كان مشغولاً بالإنسانية، وقد أعطتهم الإنسانية التخليد، وغير ذلك من مكاسب الدنيا، وينطبق عليهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن أول الناس يُقْضَى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟        

قال؛ قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جرىء فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار، ورجل تعلّم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتى به فعرّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟        

قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن، ليقال: هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به، فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار، ورجل وسّع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟         قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار“.

إذن فإذا كان الجزاء من الله، فلنا أن نسأل: هل كان الله في بال هؤلاء العلماء حينما أنتجوا مخترعاتهم؟        

لم يكن في بالهم الله.       

والذي يطلب أجراً، فهو يطلبه ممن عمل له.       

ولم يُضع الله ثمرة عملهم، بل درت عليهم أعمالهم الذكر والجاه والرفعة.       

لم يضع الله أجر من أحسن عملاً.

{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [الشورى: 20].       

وقد قلت لكم قديماً: تذكروا المفاجأة التي تحدث لمن عمل عملاً هو في ظاهره خير، ولكن لم يكن ربه في باله، هذا ينطبق عليه قول الحق: {وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ} [النور: 39].       

إنه يفاجأ بوجود الله، ولم يكن هذا الإله في باله ساعة أن قام بهذا العمل الذي هو في ظاهره خير، كأن الله يقول لصاحب مثل هذا العمل: أنا لم أكن في بالك ساعة أن قمت بهذا العمل، فخذ جزاءك ممن كان في بالك.       

{أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} [آل عمران: 22] إن أعمالهم حبطت في الدنيا، لأنهم قد يعملون عملاً يراد به الكيد للإسلام، لذلك لا يمكنهم الله من ذلك، بل يخذلهم جميعاً.       

وانتصر دين الله رغم قلة العدد وقلة العُدّة.       

وليس لهؤلاء ناصرون.       

أي ليس لهم من يأتي ويراهم مهزومين أمام خصم لهم وينجدهم، إنهم لن يجدوا ناصراً إذا هزمهم الله، فليس مع الله أحد غيره.       

وبعد ذلك يقول الحق: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ...}.



سورة آل عمران الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة آل عمران الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 021-025   سورة آل عمران الآيات من 021-025 Emptyالسبت 20 أبريل 2019, 6:27 pm

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ [٢٢]

تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)


إنهم الذين كفروا بآيات الله، وقتلوا النبيين بغير حق، وقتلوا الذين أمروا بالقسط بين الناس، هؤلاء لهم العذاب، ولهم أيضاً حبط العمل في الدنيا والآخرة، وكذلك من نهج نهجهم، ومعنى "حبطت" أي لا ثمرة مرجوة من العمل، إن كل عمل يعمله العاقل لابد أن يكون لهدف يقصده، فأي عمل لا يكون له مقصد يكون كضربة المجنون ليس لها هدف.       


إن العاقل قبل أن يفعل أي عمل ينبغي أن يعرف الغاية منه، وما الذي يحققه من النفع؟        


وهل هذا النفع الذي سوف يحققه هو خير النفع وأدومه؟


أو هو أقل من ذلك؟        


وعلى ضوء هذه المقاييس يحدد العاقل عمله، وحينما يقول الحق: {أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ} [آل عمران: 22] فهو سبحانه يريد أن يخبرنا أن إنساناً قد يفعل عملاً هو في ظاهره خير، فإياك أن تغتر أيها المؤمن بأنه عَمِلَ خيراً.


لماذا؟           


لأن عمل الخير لا يحسب للإنسان إلا بنية إيمانه بمن يجازى، فالإنسان إن عمل عملاً قد تصلح به دنياه فهو عمل حسن، فلماذا يكون عمل هؤلاء حابطاً في الدنيا، وفي الآخرة؟        


إنه حابط بموازين الإيمان ويكون العمل حابطاً لأنه لم يصدر من مؤمن، لأن ذلك الإنسان قد عمل العمل ثقة بنتيجة العمل، لا ثقة بالأمر الأعلى.       


إن الإنسان المؤمن حين يقوم بالعمل يقوم بالعمل ثقة في الأمر الأعلى.       


وبعض من الناس في عصرنا يأخذون على الإسلام أنه لا يجازي الجزاء الحسن للكفرة الذين قاموا بأعمال مفيدة للبشرية.       


يقوم الواحد منهم: هل يعقل أحد أن "باستير" الذي اكتشف الميكروبات، والعالم الآخر الذي اكتشف الأشعة، وكل هؤلاء العلماء يذهبون إلى النار؟        


ولهؤلاء نقول: نعم، إن الحق بعدالته أراد ذلك، ولنتقاض نحن وأنتم إلى أعراف الناس.       


إن الذي يطلب أجراً على عمل يطلبه ممن؟        


إنه يطلب الأجر ممن عمل له.       


فهل كان الله في بال هؤلاء العلماء وهم يفعلون هذه الأعمال؟        


إن بالهم كان مشغولاً بالإنسانية، وقد أعطتهم الإنسانية التخليد، وغير ذلك من مكاسب الدنيا، وينطبق عليهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن أول الناس يُقْضَى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟        


قال؛ قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جرىء فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار، ورجل تعلّم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتى به فعرّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟        


قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن، ليقال: هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به، فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار، ورجل وسّع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟        


قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار“.


إذن فإذا كان الجزاء من الله، فلنا أن نسأل: هل كان الله في بال هؤلاء العلماء حينما أنتجوا مخترعاتهم؟        


لم يكن في بالهم الله.       


والذي يطلب أجراً، فهو يطلبه ممن عمل له.       


ولم يُضع الله ثمرة عملهم، بل درت عليهم أعمالهم الذكر والجاه والرفعة.       


لم يضع الله أجر من أحسن عملاً.


{مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ} [الشورى: 20].       


وقد قلت لكم قديماً: تذكروا المفاجأة التي تحدث لمن عمل عملاً هو في ظاهره خير، ولكن لم يكن ربه في باله، هذا ينطبق عليه قول الحق: {وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ} [النور: 39].       


إنه يفاجأ بوجود الله، ولم يكن هذا الإله في باله ساعة أن قام بهذا العمل الذي هو في ظاهره خير، كأن الله يقول لصاحب مثل هذا العمل: أنا لم أكن في بالك ساعة أن قمت بهذا العمل، فخذ جزاءك ممن كان في بالك.       


{أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} [آل عمران: 22] إن أعمالهم حبطت في الدنيا، لأنهم قد يعملون عملاً يراد به الكيد للإسلام، لذلك لا يمكنهم الله من ذلك، بل يخذلهم جميعاً.       


وانتصر دين الله رغم قلة العدد وقلة العُدّة.       


وليس لهؤلاء ناصرون.       


أي ليس لهم من يأتي ويراهم مهزومين أمام خصم لهم وينجدهم، إنهم لن يجدوا ناصراً إذا هزمهم الله، فليس مع الله أحد غيره.       


وبعد ذلك يقول الحق: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ...}.



سورة آل عمران الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة آل عمران الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 021-025   سورة آل عمران الآيات من 021-025 Emptyالسبت 20 أبريل 2019, 7:01 pm

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ [٢٣]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ونعرف أننا ساعة نسمع قول الحق: {أَلَمْ تَرَ} [آل عمران: 23] فهنا همزة استفهام، وهنا أداة نفي هي "لم"، وهنا "تر" ومعناها أن يستخدم الإنسان آلة الإبصار وهي العين.       

فإذا ما قال الله لرسوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ} [آل عمران: 23].       

إن هذه دعوة لأمر واضح.       

لكن في بعض الأحيان تأتي {أَلَمْ تَرَ} [آل عمران: 23] في حادث كان زمانه قبل بعثته صلى الله عليه وسلم فلم يره رسول الله كقول الحق: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ} [الفيل: 1].       

إن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير أصحاب الفيل، إذن فساعة تسمع {أَلَمْ تَرَ} [آل عمران: 23]، إن كان حدثها من المعاصر، فمن الممكن أن تكون رؤية، والرؤية تؤدي إلى علم يقين، لأنها رؤية لمشهود, وإن جاءت {أَلَمْ تَرَ} [آل عمران: 23] في أمر قد حدث من قبل، أو أمر لما يحدث بعد فهي تعني "ألم تعلم"؛ لأن الرؤية سيدة الأدلة، فكأن الله سبحانه وتعالى ساعة يقول لرسوله في حدث لم يشهده الرسول: ألم تر؟        

فهذا معناه: ألم تعلم؟        

وقد يقول قائل: ولماذا لم يأت بـ "تعلم" وجاء بـ (تر)؟        

لأن سيادة الأدلة هو الدليل المرئي، فكأن الله يريد أن يخبرنا بـ {أَلَمْ تَرَ} [آل عمران: 23] أن نأخذ المعلومة من الله على أنها مرئية، وليكن ربك أوثق عندك من عينك، إنك قد لا ترى بالفعل هذا الأمر الذي يخبرك به الله، ولكن لأن القائل هو الله، ولا توجد قدرة تُخرج ما يقوله الله على غير ما يقوله الله.       

لذلك فقد قلنا ساعة يعبر الله عن الأمر المستقبل الذي سيأتي بعد، فإنه قد يعبر عنه بالماضي، فالحق قد قال: {أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النحل: 1].       

فهل ينسجم قوله: "أتى أمر الله" مع "فلا تستعجلوه"؟        

إن الأمر الذي يخبرنا به الله قد أتى، فكيف يمكن عدم استعجاله؟        

إن "أتى" معناها أن الأمر قد حصل قبل أن يتكلم.       

يجب علينا إذن أن نعرف أن الذي قال: "أتى" قادر على الإتيان به، فكأنه أمر واقع، إنها مسألة لا تحتاج إلى جدال؛ لأنه لا توجد قوة تستطيع أن تنازع الله لتبرز أمراً أراده في غير مراده.       

فكأن قوله الحق: {أَلَمْ تَرَ} [آل عمران: 23] إن كانت تحكي عن حدث فات زمنه فالذي يأتي منها هو العلم، لأنه إخبار الله، وإن كانت تحكي عن حدث معاصر فالذي يأتي منه أيضاً هو العلم؛ لأنه صادر عن رؤية ومشاهدة.       

وعندما يقول الحق: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ} [آل عمران: 23].       

"وأوتوا" تلفتنا إلى قوم قد نزل إليهم منهج من أعلى.       

وذلك يأتي في القرآن ذكر المنهج بـ "نزل" و"أنزل"، وذلك حتى نشعر بعلو المكانة التي نزل منها المنهج.       

وما هو النصيب؟        

إننا نسمي النصيب "الحظ"، أو خارج القسمة، كأن يكون عندنا عشرون ديناراً، ونقسمها على أربعة فيكون لكل واحد خمسة، هذه الخمسة الدنانير هي التي تسمى "نصيباً" أو "حظاً"، والنصيب: "حظ" أو "قسمة" يضاف لمن أخذه.       

إذن، فلماذا يقول الحق: {ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ} [آل عمران: 23] إنها لفتة جميلة، فالكتاب كله لم يبق لهم، إنما الذي وصل وانتهى إليهم جزء بسيط من الكتاب، فكأن هذه الكلمة تنبه الرسول والسامعين له أن يعذروا هؤلاء القوم حيث لم يصلهم من الكتاب إلا جزء يسير منه، إن نصيباً من الكتاب فقط هو الذي وصلهم.       

ويشرح الحق ذلك في آيات أخرى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ} [المائدة: 13].       

إن الجزء المنسي من الكتاب لم يأخذه المعاصرون لرسول الله.       

وقلنا أيضاً: إن الحق قد أوضح أن بعضهم كتم بعضاً من الكتاب.

{ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146].       

وما دام هناك من كتم بعضاً من الكتاب فمعنى ذلك كتمانه عن المعاصرين له، وهناك أناس منهم مخدوعون، فشيء من الكتاب قد نسي، وبالتالي مسح من الذاكرة، وهناك شيء من الكتاب قد كتم، فصار معلوماً عند البعض، وغير معلوم عند البعض الآخر، وحتى الذي لم يكتموه، جاء فيه القول الحكيم: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِٱلْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللًّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78].   

إذن فالكتاب الذي أنزل إليهم من الله قد تعرض لأكثر من عدوان منهم، ولم يبق إلا حظ من الكتاب، وهذا الحظ من الكتاب هو الذي يجادل القرآن به هؤلاء الناس، إن القرآن لا يجادلهم فيما تبدل عندهم بفعل أحبارهم ورهبانهم السابقين، ولكنه يجادلهم بالنصيب الذي أوتوه.       

يقول الحق: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ} [آل عمران: 23].       

وعن أي كتاب لله تتحدث هذه الآية؟        

هل تتحدث عن القرآن؟        

لو كان الحديث عن القرآن فلابد أنه حُكِّمَ في أمر بينهم وبين رسول الله، لكن الذين أوتوا نصيباً من الكتاب قد اختلفوا فيما بينهم، ولماذا يختلفون فيما بينهم؟        

السبب هو أيضاً لون من البغي فيما بينهم.       

وإذا كان الكتاب هو القرآن، أليس القرآن مصدقاً لما معهم؟        

إذن فعندما يدعون ليتم التصديق على ما جاء في كتبهم، فالدعوة هنا لأن يسود حكم القرآن.       

وما معنى {يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ} [آل عمران: 23]، إن الداعي هو الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم المدعون، وما دام الحق قد قال: {أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ} [آل عمران: 23] فهل كان خلافهم في النصيب الذي بين أيديهم أم النصيب المحذوف؟        

إنه خلاف بينهم في النصيب الذي بين أيديهم، ليكون ذلك حجة على أنهم غير مأمونين حتى على ما وصل إليهم وما هو مكتوب عندهم.       

وعندما تكلم العلماء عن هذه المسألة أوردوا لذلك الأمر حادثة.       

لقد اختلفوا في أمر سيدنا إبراهيم وقالوا: إن سيدنا إبراهيم يهودي وقال بعضهم: إنه نصراني.    

وجاء القرآن حاسماً: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 67].       

لماذا.      

لأن كلمة يهودي ونصراني قد جاءت بعد إبراهيم، وكان لابد لهم أن يخرجوا من قلة الفطنة وأن يرتبوا الأحداث حسب زمانها، إذن ففي إي أمر اختلفوا؟        

هل اختلفوا في أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟        

هل اختلفوا في حكم موجود عندهم في التوراة؟        

لقد كانت الدعوة موجهة إليهم في ماذا؟        

إنهم {يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} [آل عمران: 23] وذلك يدل على أن كلمة: {بَغْياً بَيْنَهُمْ} [آل عمران: 19].       

هي حالة شائعة بينهم،        

لماذا؟           

لأن العلماء حينما ذكروا الحادثة التي دعوا للحكم فيها بكتاب الله، قال العلماء: إن اثنين من يهود خيبر -امرأة- خيبرية ورجل من خيبر، قد زنيا، وكان الاثنان من أشراف القوم، ويريد الذين يحكمون في هذا الأمر بكتاب التوراة ألا يبرزوا حكم الله الذي جاء بالتوراة، وهو الرجم، فاحتالوا حيلة، وهي أن يذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.       

ولماذا يذهبون في هذه الجزئية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟        

إننا نأخذ مجرد الذهاب إلى رسول الله ارتضاء لحكمه.       

لكن لماذا لم يرتضوا من البداية بكل ما جاء به رسول الله؟        

لقد أرادوا أن يذهبوا لعلهم يجدون نفعاً في مسألة يبغونها، أما في غير ذلك فهم لا يذهبون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن مجرد ذهابهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطينا فكرة عنهم، لقد كانوا يريدون حكما مخففا غير الرجم.       

إن الزاني وهو من خيبر والخيبرية الزانية أرادا أن يستنقذا أنفسهما من حكم التوراة بالرجم، إنهما من أشراف خيبر، ولأن اليهود قد صنعوا لأنفسهم في ذلك الوقت سلطة زمنية، فذهب الزاني والزانية ومعهما الأحبار الذين يريدون أن يلووا حكم الله السابق نزوله في التوراة وهو الرجم.       

وعندما دخلوا على رسول الله كان هناك واحد اسمه "النعمان بن أوفى"، وواحد اسمه "بحرى بن عمرو" فقالوا: يا رسول اقض بين هؤلاء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معناه: أوَ ليس عندكم حكم؟        

وأضاف رسول الله ما معناه: أنا احتكم إلى التوراة وهي كتابكم، فماذا قالوا: ؟       

قالوا: أنصفتنا.       

وكان رسول الله قد بين لهم أولاً حكم الإسلام في الزنا بأنه الرجم، وجيء بالجزء الباقي عندهم من التوراة لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يتضمن الحكم الملزم دليلاً على أن الله أطلعه على أشياء لم تكن في بال أحد.       

فدعا بقسم من التوراة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معناه: أيكم أعلم بالتوراة؟        

فقالوا: شخص اسمه عبد الله بن صورية فأحضروه، وأعطاه التوراة، وقال: اقرأ مجلس عبد الله بن صورية يقرأ، فلما مر على آية الرجم وضع كفه عليها ليخفيها، وقرأ غيرها وكان عبد الله بن سلام حاضراً، فقال: يا رسول الله أما رأيته قد ستر بكفه آية وقرأ غيرها؟        

وزحزح ابن سلام كف الرجل، وقرأ هو فإذا هي آيةُ الرجم.       

هذه المسألة تعطينا أن الحكم في القرآن الكريم هو الحكم في التوراة في أمر الزنا، وتعطينا أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض الله عليه من إلهاماته فجاء بالجزء من التوراة الذي يحمل هذا النص.       

وجاء بعد ذلك جندي من جنود الله هو عبد الله بن سلام وكان يهودياً قد أسلم ليظهر به رغبة القوم في التزييف والتزوير.       

وإسلام عبد الله بن سلام له قصة عجيبة، فبعد أن اختمر الإيمان في قلبه، جاء إلى رسول الله قائلاً: لقد شرح الله صدري إلى الإسلام ونطق بكلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ولكني أحب قبل أن أعلن إسلامي أن تحضر رؤساء اليهود لتسألهم رأيهم في شخصي، لأن اليهود "قوم بهت" فيهم افتراء وفيهم الكذب وفيهم التضليل، فلما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء اليهود عن رأيهم في عبد الله بن سلام قالوا: سيدنا وابن سيدنا وحبرنا... إلخ.       

وأفاضوا في صفات المدح والإطراء والتقدير.       

فقال عبد الله بن سلام أمامهم: الآن أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فانقلب رؤساء اليهود، وقالوا في عبد الله بن سلام: عكس ما قالوه أولاً، قالوا: إنه خبيثنا وابن خبيثنا... إلخ.       

لقد غيروا المديح إلى ذم.       

فقال عبد الله بن سلام: يا رسول الله أما قلت لك: إنهم قوم بهت؟        

والله لقد أردت أن أعلمك برأيهم فيّ قبل أن أسلم.       

ذلك هو عبد الله بن سلام الذي زحزح كف عبد الله بن صورية عن النص الذي فيه آية الرجم في التوراة، وفي ذلك جاء القول الحق: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ} [آل عمران: 23] إنهم الذين أعرض فريق منهم عن قبول الحق.       

ما سبب هذا الإعراض؟        

أهو قضية عامة؟        

أو أنّ سبب هذا الإعراض هو السلطة الزمنية التي أراد اليهود أن يتخذوها لأنفسهم؟

ومعنى السلطة الزمنية أن يجيء أشخاص فيأخذوا من قداسة الدين ما يفيض عليهم هم قداسة، ويستمتعوا بهذه القداسة ثم يستخدموها في غير قضية الدين، هذا هو معنى السلطة الزمنية.       

وقلنا سابقاً: إن كل تحوير في منهج الله سببه البغي، والمفروض أن أهل الكتاب من أصحاب التوراة كانوا يستفتحون على العرب ويقولون: سيأتي نبيّ من العرب نتبعه ونقتلكم به قتل عاد وإرم، فلما جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما عرفوه سابقاً في كتبهم كفروا به، ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى في مثل هذه القضية موضحاً موقفهم من قضية الإيمان العليا: {وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ} [الرعد: 43].    

فكأن من عنده علم بالكتاب كان مفروضاً فيه أن يشهد لصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا فلا يقول الله: "ومن عنده علم الكتاب" لن يقول الحق ذلك إلا إذا كان عند علماء أهل الكتاب ما يتفق مع ما جاء به الله في صدق رسوله صلى الله عليه وسلم في البلاغ عنه، وكان السبب في محاولة بعض اليهود لإنكار رسالة رسول الله هو السلطة الزمنية، وأرادوا أن ييسروا لأتباعهم أمور الدين.       

إن كل دعي -أي مزيف- في مبدأ من المبادئ يحاول أن يأخذ لنفسه سلطة زمنية، فيأتي إلى تكاليف الدين التي قد يكون فيها مشقة على النفس، ويحاول أن يخفف من هذه التكاليف، أو يأتي بدين فيه تخفيف مخلٍ بالعبادات، فإذا نظرنا إلى مسيلمة الكذاب، نجده قد خفف الصلاة حتى يُرغب في دينه من تشق عليه الصلاة، وينضم إلى دين مسيلمة، وحذف مسيلمة جزءاً من الزكاة، وهذا يعطي فرصة التحلل من تكاليف الدين، ولذلك فالذي أفسد الأديان السابقة على الإسلام أن بعضاً من رجال الدين فيها كلما رأوا قوماً على دين فيه تيسيرات أخذوا من هذه التيسيرات ووضعوها في الدين؛ لأن تكاليف الدين شاقة ولا يحمل إنسان نفسه عليها إلا من آمن بها إيمان صدق وإيمان حق، ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى في عمدة العبادات وهي الصلاة: {وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45].       

ويقول في موقع آخر في القرآن الكريم عن الصلاة: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ} [طه: 132].       

إن الحق عليم حكيم بمن خلق وهو الإنسان، ويعلم أن الضعف قد يصيب روح الإنسان فلا يصطبر على الصلاة، أو يراها تكليفاً صعباً، لكن الذي يقيم الصلاة ويحافظ عليها فهو الخاشع لربه.       

ولذلك فإننا نجد أن كل منحرف يأتي ويحاول أن يخفف من تكاليف الدين، ويحاول أن يحلل أشياء محرمة في الدين، ولم نر منحرفاً يزيد في الأشياء المحرمة.       

إن المنحرفين يريدون إنقاص الأمور الحرام.       

وإذا سألنا هؤلاء المنحرفين: لماذا تفعلون ذلك؟        

فإننا نجد أنهم يفعلون ذلك لجذب الناس إلى أمور محرمة يحللها هؤلاء المنحرفون.       

ولذلك أراد أراد بعض من اليهود أن يسهلوا على أتباعهم الدين، وقال بعض من أحبارهم: لا تخافوا من أمر يوم القيامة.       

وجاء القول الحق يحكي عنهم وكأنهم حاولوا أن يفهموا الأمر بأن الله يحلل لهم أموراً, لا، إن الله لم يحلل إلا الحلال، ولم يحرم إلا الحرام.       

وإذا كان الحق قد قال: {قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ} [التحريم: 2].       

فهذا القول الحكيم جاء في مناسبة محددة وينطبق فقط في مجال ما حلل الله فلا تحرمه، أما ما حرم الله فلا تقربه، لقد أرادوا أن يبيحوا للأتباع ارتكاب الآثام، لأن النار لن تصيبهم إلا أياماً معدودة، وإذا دققنا التأمل في القول الحق الذي جاء على لسانهم، فإننا نجد الآتي: إننا نعرف أن لكل حدث زماناً، ولكل حدث قوة يحدث عليها، فمن ناحية الزمان.       

قال هؤلاء المزوّرون لأحكام الله عن يوم القيامة إنها أيام معدودة، فلا خلود في النار، وحتى لو كان العذاب شديداً فإنه أيام معدودة، فالإنسان يستطيع أن يتحمل، ومن ناحية قوة الحدث، أرادوا أن يخففوا منه، فقالوا: إنه عذاب ليس بشديد إنما هو مجرد مس.       

إنهم يحاولون إغراء الناس لإفسادهم وقال هؤلاء الأحبار: نحن أبناء الله وأحباؤه أرأيتم أحداً يعذب أبناءه وأحباءه؟        

لقد أعطى الله يعقوب النبوة، ولا يمكن أن يعاقب ذريته أبداً، إلا بمقدار تحلة القسم.

{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 44].       

إن أيوب عليه السلام قد حلف أن يضرب امرأته إذا برئ من مرضه مائة سوط، وأراد الله أن يحله في هذا القسم فأمره أن يأخذ حزمة من حشيش أو عشب فيها مائة عود ويضربها بها ضربة خفيفة ليبرّ في قسمه، وكان ذلك رحمة من الله به وبزوجته التي قامت على رعايته وقت المرض، وكان أيوب عبداً شاكراً لله، كأن الضربة الواحدة هي مائة ضربة، وهذا تحليل للقسم، وقال بعض من بني إسرائيل: إن ذرية يعقوب لن تُعذب من الله إلا بمقدار تحلة القسم، وكل ذلك ليزينوا للناس بقاءهم على هذا الدين الذي سوف تكون الآخرة فيه بعذابها مجرد مس من النار، وأيام معدودة، بادعاء أن بني يعقوب هم أبناء الله وأحباؤه، وأن الله قد أعطى وعداً ليعقوب بأنه لن يعذب أبناءه إلا بمقدار تحلة القسم، وهذا بطبيعة الحال هو تزييف لدين الله ومنهجه لقد تولوا عن منهج الله، وأعرضوا عنه بعصيان، يوضح لنا هذا المعنى القول الكريم: {ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ...}.



سورة آل عمران الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة آل عمران الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 021-025   سورة آل عمران الآيات من 021-025 Emptyالسبت 20 أبريل 2019, 7:05 pm

ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [٢٤]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

لقد تولوا وهم معرضون عن حكم الله لقد ظنوا أن النار لن تمسهم إلا أياماً معدودات.       

ولنا أن نعرف معنى "غرَّهم" ولنا أن نسأل ما الغرور؟        

إن الغرور هو الأطماع فيما لا يصح ولا يحصل، فعندما تقول لواحد والعياذ بالله: "أنت مغرور" فأنت تقصد أنه يسلك سبيلا لا يوصله إلى الهدف المنشود.       

إذن فالغرور هو الإطماع فيما لا يصح ولا يحصل، ولذلك يسمى الله الشيطان "الغرور”.

{يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ * إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ} [فاطر: 5-6].       

إنه الشيطان الذي يزين للناس بعض الأمور ويحث الخلق ليطمعوا في حدوثها، وعندما تحدث فإن هذه الأمور لا صواب فيها، فهي مما زينه الشيطان ولذلك فحصيلتها لا تتناسب مع الطمع فيها.     

والحق سبحانه يقول عن الدنيا: {ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلاَدِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ ٱلْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ} [الحديد: 20]. 

ويقال عن الرجل الذي ليس له تجربة: إنه "غِرٌّ" فيأتي بأشياء بدون تجربة؛ فلا ينتفع منها، ولا تصح.       

إذن، فكل مادة "الغرور" مأخوذة من إطماع فيما لا يصح ولا يحصل.       

لذلك سمى الله الشيطان "الغرور" لأنه يطمعنا نحن البشر بأشياء لا تصح ولا تحدث، ولهذا سوف يأتي الشيطان يوم القيامة ليتبرأ من الذين اتبعوه ويتهمهم بالبلاهة: {وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ من قَبْلُ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم: 22].       

ما معنى "وما كان لي عليكم من سلطان"؟        

السلطان أي القوة التي تقنع الإنسان بعمل فعل ما، وهو إما أن يكون سلطان الحُجَّة فيقنعك بفعل ما، فتفعله، وإما أن يكون سلطان القوة، فيرغمك أن تفعل، السلطان -إذن- نوعان: سلطان حُجَّة، وسلطان قوة، والفرق بين سلطان الحُجَّة وسلطان القوة القاهرة على الفعل، هو أن سلطان الحُجَّة يقنعك أن تفعل وأنت مقتنع، أما سلطان القوة القاهرة فهو لا يُقنع الإنسان، ولكنه يُرغم الإنسان على فعل ما، ولذلك فالشيطان يعلن لأتباعه يوم القيامة: لم يكن لي سلطان عليكم، لا حُجَّة عندي لأقنعكم بعمل المعاصي، ولا عندي قوة ترغمكم على الفعل، لكنكم أنتم كنتم على حرف إتيان المعاصي ودعوتكم فاستجبتم لي.       

ويضيف الشيطان مخاطباً أتباعه: {مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} [إبراهيم: 22].       

أي أن الشيطان يؤكد أنه لن يفزع لأحد من الذين اتبعوه لينجده، إن كلمة "يصرخ" تعني أن هناك مَنْ يفزع لأحد تلبية لنداء أو استغاثة.       

الشيطان إذن لن ينجد أحداً من عذاب الله، ولن ينجد أحد الشيطان من عذاب الله، وهكذا ذهب بعض من أهل الكتاب إلى الغرور في الدين، فافتروا أقوالاً على الله، لم تصدر عنه، وصدقوا افتراءاتهم، ويا ليت غرورهم لم يكن في الدين، لأن الغرور في غير الدين تكون المصيبة فيه سهلة، لكن الغرور في الدين هو المصيبة الكبرى،        

لماذا؟           

لأن الغرور في أي أمر يخضع لقانون واضح، وهو أن ميعاد كل حدث موقوت بماهيته، لكن الغرور في أمر الدين مختلف،        

لماذا؟           

لأن حدث الدين غير موقوت بماهية الزمان، إنه مستمر، لأنه منهج قيم صدر من الحق إلى الخلق، إن الغرور في أي جزئية من جزئيات الدنيا، فإن فشلت فالفشل يقف عند هذه الجزئية وحدها، ولا يتعدى الفشل إلى بقية الزمن، لكن الغرور في الدين يجعل العمر كُله يضيع، لأن الإنسان لم يتبع المنهج الحق بل يمتد الضياع والعذاب إلى العمر الثاني وهو الحياة في الآخرة يقول الحق:
{وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}
[آل عمران: 24].       

والإفتراء هو تعمد الكذب، إن الحق سبحانه يوضح لهم المعنى فيقول: إن حصل ذلك منكم وأعرضتم عن حكم الله الذي دعيتم إليه في كتاب الله، وعللتم ذلك بأن النار لن تمسكم إلا أياماً معدودة، وادعيتم كذباً أن الأيام المعدودات هي أيام عبادتكم للعجل، وادعيتم أنكم أبناء الله وأحباؤه، إن ذلك كله غرور وافتراءات، ويا ليتهم كانوا يعلمون صدق هذه الافتراءات، لكنهم هم الذين قالوها ويعرفون أنها كذب، فإذا جاز ذلك لهم في هذه الدنيا فكيف يكون موقفهم وحالهم عندما يجمعهم الله في يوم لا ريب فيه؟        

وفي هذا يقول الحق: {فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ...}.



سورة آل عمران الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

سورة آل عمران الآيات من 021-025 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة آل عمران الآيات من 021-025   سورة آل عمران الآيات من 021-025 Emptyالسبت 20 أبريل 2019, 7:08 pm

فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [٢٥]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

إن كذبهم سينكشف في هذا اليوم، فالفاضحة قد جاءت، والفاضحة هي القيامة، إنها تفضح كل كذاب وكل غشاش وكل داعية بغير حق.       

إن الحق يتساءل: كيف يصنعون ذلك كله في الحياة التي جعلنا لهم فيها اختياراً، فيفعلون ما يريدون، ولا يفعلون ما لا يريدون؟

يحدث منهم كل ذلك وهم يعلمون أن الحق قد جعل الثواب لمن اتبع تكاليف الله، وجعل العقاب لمن يخرج عن مراد الله، كيف يتصرفون عندما يسلب الحق منهم الاختيار ويجئ يوم القيامة.       

لقد كانوا في الدنيا يملكون عطاء الله من قدرة الاختيار بين البديلات، وركز الله لهم في بنائهم أن كل جوارحهم خاضعة لإرادتهم كبشر من خلق الله، فمنهم من يستطيع ان يستخدم جوارحه فيما يرضى الله، وفيهم من يستخدم جوارحه المُسَخَّرَة له -بفضل الله- فيما لا يُرضى الله، إن الجوارح كما نعلم جميعاً خاضعة لإرادة الإنسان، وإرادة الإنسان هي التي تختار بين البديلات، لكن ماذا يفعل هؤلاء يوم القيامة؟ 

إن الجوارح التي كانت تطيع الخارجين عن منهج الله في الفعل لا تطيعهم في هذا اليوم العظيم؛ لأن الطاعة اختيار أن تفعل وتطيع، والجوارح يوم القيامة لا تكون مقهورة لإرادة الإنسان، إن الجوارح يوم القيامة تنحل عنها صفة القهر والتسخير لمراد الإنسان، وتصير الجوارح على طبيعتها: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ} [النور: 24-25].       

إن اللسان كان أداة إعلان الكفر، وهو يوم القيامة يشهد على الكافر، واليد كانت أداة معصية الله، وهي يوم القيامة تشهد على صاحبها، والجلود تشهد أيضاً، لقد كانت الجوارح خاضعة لإرادة أصحابها، وتفعل ما يريدونها أن تفعل، ولكنها كانت تفعل الفعل العاصي لله وهي كارهة لهذا الفعل؛ لذلك يقول الحق: {فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [آل عمران: 25].       

كيف يكون حالهم يوم يجمعهم الله للجزاء في يوم لا ريب فيه ولا شك في مجيئه.      

وهذا اليوم قادم لا محالة لقيام الأدلة على وجوده، رغم خصومتهم لله فإن الله العادل الحق لا يظلمهم بل سيأخذهم بمقاييس العدل.



سورة آل عمران الآيات من 021-025 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة آل عمران الآيات من 021-025
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة آل عمران الآيات من 056-060
» سورة آل عمران الآيات من 136-140
» سورة آل عمران الآيات من 061-065
» سورة آل عمران الآيات من 141-145
» سورة آل عمران الآيات من 066-070

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الشيخ محمد متولي الشعـراوي :: آل عمران-
انتقل الى: