أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: علاج القلب المريض بحب وإرادة السيئات السبت 02 أبريل 2011, 2:18 pm | |
| علاج القلب المريض بحب وإرادة السيئات الدواء والدواء
بقلم فضيلة الشيخ حامد بن عبدالله العلي
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم القائل: ( مَنْ تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تابَ اللهُ عليه ) رواه مسلم من حديث أبي هريرة قرأت رسالتك ، وأعلم أنه لا شيء يحول بينك وبين التوبة، ولو بلغت ذنوبك السماء، ولو ملأت الأرض كلها، فما دام الإنسان في هذه الحياة فإن باب التوبة مفتوح، وقد تبين لي من رسالتك أنك تعيش صراعا بين نداء الإيمان في قلبك، ونداء الشهوة التي يحركها الشيطان فيه، والحمد لله تعالى أنه قد بقي في قلبك نور من الإيمان، ما يلومك على فعل السيئة، ويزين لك العمل الصالح، ولكنه نور ضعيف، لان ظلمة السيئات التي هي نفث من الشيطان أضعفت هذا النور، ولهذا يضيء أحيانا، فيتيقظ ضميرك قليلا، ثم لا يلبث حتى ينطفئ مرة أخرى وتعود إلى فعل السيئات.
وسأبين لك المرض الذي تعاني منه، ثم أصف لك العلاج، فاقـرأ ما أقول لك بتمعن واهتمام، لعل الله تعالى ينفعك به.
= القلب أيها الأخ الكريم هو موضع الإرادة في الإنسان ، فهو أحيانا يريد الخير ، وأحيانا يريد الشر ، والجوارح ليست سوى جنود تطيعه على وفق ما فيه من الإرادة .
= والفرق بين الملتزمين بالطاعة وبينك ، أن الملتزمين قلوبهم تريد الخير إرادة جازمة ولهذا فجوارحهم تطيع هذه الإرادة فهم مستقيمون على طاعة الله تعالى ، وأما أنت فقلبك يعلم الخير والشر ، ويفرق بين الحسنات والسيئات ، ولكنه لا يستطيع أن يريد الخير ، فتجده يريد الشهوات، مع أنه يعلم أنها تضره ، فيأمر الجوارح فتطيعه ، ولكن ما هو السبب ؟
= السبب هو أن القلب المحصن من الشيطان ، تسهل عليه إرادة فعل الخيرات لأنه قلب صحيح قوي، والقلب الذي يمكن الشيطان أن يدخله فيتجول فيه كما يشاء ، يتوصل الشيطان بسهولة أن يجعل فيه إرادة السيئات ، بعدما يزينها له ، لأنه قلب مريض مليء بالجراثيم الشيطانية.
= ومن الناس من لا يدخل الشيطان قلبه إلا مرورا سريعا ، لقوة التحصين حوله ، فهذا مثل الذين يفعلون الصغائر أحيانا وسرعان ما يتوبون منهــا ، وهم الذين قال الله تعالى عنهم: ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون )
= ومن الناس من لا يقترب الشيطان من قلبه أبدا ، لان قلبه مثل السماء المحروسة بالشهب من الشياطين ، فقلبه كذلك محروس من الشيطان ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا القلب: ( أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض ) رواه مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه
= ومن الناس من دخل الشيطان قلبه ، فاتخذ فيه بيتا ، وجعل له فيه عشا يبيض فيه ويفرخ، فاستحوذ عليه ، يأمر القلب بالشهوات المحرمة ، فيريدها قلبه ، فيأمر الجوارح بفعلها فتفعله ، لأن الشيطان وجده قلباً خالياً عن التحصين ، مفتح الأبواب ، ضعيفا مريضا بفعل السيئات ، ولهذا قال الله تعالى عن هذا النوع: ( استحوذ عليهم الشيطان فأنساهـــم ذكر الله ) لأن ذكر الله تعالى هو الحصن من الشيطان ، فأنساهم إياه ليستحوذ على قلوبهم فيقودها لتنقاد جَوَارِحَهُمْ له تبعاً.
= والقلب لا يحصن من الشيطان إلا بذكر اللهِ تعالى ولا يقوى على إرادة الخير إلا بالعمل الصالح ، ولا يغلبه الشيطان إلا إن كان غافلا عن ذكر الله تعالى ، ضعيفا بسبب فعل السيئات والمنكرات .
= والآن بعد أن عرفت السبب في أن قلبك لا يطاوعك على إرادة العمل الصالح ، وترك السيئات، ولا يمكنه أن يثبت على الاستقامة. فالعلاج يكمن في هذه الوصفة الطبية، خذها وداوم عليها فنتائجها مضمونة بإذن الله إن ثابرت عليها بصدق:
1ـ إحرص على إقامة الصلوات الخمس في جماعة لاسيما صلاة الفجر فإياك أن تفُوتُكَ أبدا، قال الله تعالى: ( وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ) أي صلاة الفجر تشهدها الملائكة .
2ـ بعد صلاة الفجر امكث في المسجد لقراءة القرآن إلى طلوع الشمس ، ثم صل ركعتين بعد ارتفاعها قيد رمح ( وقيد الرمح : مقدار عشرة دقائق من أول الشروق ).
3ـ قل (سبحان الله وبحمده) مئة مرة كل يوم في أي وقت في المسجد أو البيت ، ماشيا ، أو قاعدا ، أو في السيارة ..الخ ، وهذا الذكر يمحو الخطايا محواً .
4ـ استغفر الله تعالى مئة مرة كل يوم ، قائلاً ( أستغفر الله وأتوب إليه ) كذلك في أي وقت شئت ، وعلى أي حال تكون .
5ـ قل هذا الذكر مئة مرة: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) مئة مرة كل يوم كذلك في أي وقت شئت ، وعلى أي حال تكون ، ولا يشترط في المسجد ، وهذه الأذكار كان يداوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم فهي حياة القلب وغذاؤه الذي لا يستغني عنه .
6ـ بين صلاتي المغرب والعشاء رابط في المسجد فلا تخرج منه واقرأ ما تيسر من القرآن بالتدبر.
7ـ يجب عليك الحمية التامة من: النظر إلى التلفزيون ، أو المجلات ، أو الذهاب إلى أي مكان فيه منكرات ، فأنت في حجر صحي لكي ترجع إلى قلبك عافيته ، ولن ينفعك الدواء وهي الحسنات ، إن كنت تدخل عليه الداء في أثناء فترة العلاج ، والداء هو السيئات .
8 ـ استمر على هذا البرنامج شهرا كاملا على الأقل ، تعيش فيه مع القرآن تقرؤه بالتدبر ، وتعمل بما فيه ، وتخلو بنفسك لذكر الله تعالى الساعات الطوال ، والدليل على الشهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك قال: ( اقرأ القرآن في شهر ، اقرأه في خمس وعشرين ، اقرأه في عشر ، أقرأه في سبع ) متفق عليه من حديث ابن عمر .
9ـ إن كانت البيئة التي تعيش فيها لا تساعدك على تطبيق هذا البرنامج فغير بيئتك ، اترك أصحاب السوء ، وابتعد عن الأماكن التي تقضي فيها أوقات فراغك إن كانت تشجع على المعاصي ، ولو استطعت أن تسافر إلى مكـــة مثلا لتطبق هذا البرنامج فافعل .
10ـ تصدق بجزء من مالك ، توبة إلى الله تعالى ، صدقة سر لا يطلع عليها أحد إلا الله تعالى ، فقد صح في الحديث: ( صدقة السر تطفئ غضب الرب ) رواه ابن حبان من حديث أنس .
11ـ حاول أن تذهب إلى العمرة بنية تجديد إيمانك وغسل ماضيك بماء هذه الرحلة المباركة قال صلى الله عليه وسلم: ( العُمرة إلى العُمرة كفارة لما بينهما ، والحَجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة ) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
12ـ إن كانت لديك حقوق للناس ردها كلها ، ولا تترك منها شيئا في ذمتك توبة إلى الله .
13ـ أدع الله تعالى كل ليلة في وقت السحر قبل صلاة الفجر بهذا الدعاء: رب إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ) وهذا الدعاء: ( اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي ) وهذان علَّمهما الرسولُ صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه ، وأكثر من الاستغفار والدعاء فإن السحر ( قبل الفجر ) وقت يستجاب فيه الدعاء .
هذه هي وصفتك الطبية ، ومدة الشهر غير مقصودة بالتحديد ، فقد يظهر عليك التغير قبل ذلك ، وقد تحتاج إلى الاستمرار إلى أكثر من شهر في هذا الحجر الصحي ، والهدف منه هو طرد الشيطان من القلب، وتنظيف آثاره ، وأوساخه ، وقاذوراته التي وضعها فيه ، لأنها هي السبب في كون قلبك ضعيفا لا يستطيع إرادة الخير وفعل الصالحات ، وينقاد بسرعة إلى نداء الشهوات .
= فإن عاد إلى القلب عافيته ، وصار سليما قويا بذكر الله تعالى ، محصنا من كيد الشيطان ، فخفف قليلا من هذا البرنامج على قدر ما تطيق ، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( عليكم بما تطيقون ) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.
= إلا إن كنت تطيق أكثر من ذلك ، فزد من الخير مادام قلبك يحب العمل الصالح ، فهذه الوظائف الإيمانية هي الدرجات عند الله ، كلما أكثر العبد منها ارتفع وعلا في مدارج التقوى ، وأحسن أداء ما افترض الله عليك.
= وستلاحظ أن الأمور قد تغيرت بشكل عجيب ، مع مداومتك على هذه الوصفة التي وصفت لك ، وستجد نفسك تكره الوقوع في المعاصي ، وستجد قلبك لا يريد فعلها ، وينظر إليها نظرة احتقار وازدراء ، وستحب العمل الصالح ، وتنشط له ، وتشعر بحلاوته في قلبك ، والسر في هذا التغير ، هو أنك عالجت القلب بذكر الله تعالى والعمل الصالح ، فصار صحيحا يريد الخير ويحبه ، بعد أن كان مريضا يريد الشر والسيئات ويحبها ، قال الحق سبحانه: ( ولكنََّ اللهَ حبب إليكم الإيمانَ وزينهُ في قلوبكم ، وكرَّه إليكم الْكُفر والفسوقَ والعصيانَ أولئكَ هم الراشدونَ ، فضلاً مِنَ اللهِ ونعمةً والله عليمٌ حكيمُ ). والله أعلم. |
|