أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: قبائح البدع سترت محاسن الدين الإثنين 26 نوفمبر 2018, 11:34 pm | |
| قبائح البدع سترت محاسن الدين الشيخ: أبو الوفاء محمد درويش غفر الله له ولوالديه وللمسلمــين
بينما العاقل المنصف، المُغرم بالحقائق الناصعة، والمُتعطش لمياه الحق العذبة؛ بينما هو يرى ويسمع بمبادئ الإسلام المنطقية، وما تضمنته من أحكام سامية، وحكم شريفة، ونظامات بديعة جذابة وقوانين سماوية عالمية مدهشة، وأخلاق كريمة طاهرة، ظهرت آثارها الحسنى في الأفراد والجماعات من الجامعة الإسلامية والأمراء والقواد والجنود، رحمة وعدلاً وكرماً، وحلماً وشجاعة ولطفاً، وصدقاً وعلماً، وعفةً وألفة، وأدبًا وفطنة ونصحاً، بعد أن كان الغالب فيهم عكس ذلك قبل أن ينبثق فجر الإسلام.
فجاء الدين الإسلامي الخالد فمحا عن معتنقيه مساوئ الأخلاق وقبيح العادات، وحلاهم بمحاسن الأخلاق وفضائلها ما جعلهم سادة البشر وقادة الأمم، كما وصفهم الله تعالى في محكم كتابه: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾. نعم يرى اللبيب العاقل هذه الآثار الجميلة التي منح الإسلام ذويه، فيأخذ هذا الدين بمجامع لبه، ويستولي على وجدانه وقلبه، فيتدله به تدله الواله النشوان، ويندفع منقاداً له انقياد الظل للشاخص ويعترف بفضله وسموه اعتراف المتيقن الجازم، أنه من لدن حكيم عليم، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
فيمتلئ شعوره وعواطفه إجلالاً وإعظاماً، وتنقاد له الجوارح بسائق المحبة طاعة واستسلاماً، ويشعر حينئذ بحصوله على ضالته المنشودة وأمنيته المفقودة.
ولكنه -مع الأسف- سرعان ما يرى اليوم وجوه تلك المبادئ التي أشرقت في سماء المنطق ضياءً وسناءً، وأسفرت في أفق العقول جمالاً وبهاءً، قد تغيَّرت بهجتها بغبرة منكرة غير معهودة، وألوان مشوهة لجمالها غير محمودة؛ فأخذته الدهشة مما رأى، واستولت عليه الأحزان فعض بنان الأسيف مما حدث عليها وطرأ؛ فتحيَّر إذ ذاك تحيُّر الظمآن الأعمى على شفير أعمق هوَّة يسمع فيها فحيح الأفاعي، ونقيق الضفادع وخرير الماء فتارة يدفعه الحب بجمال تلك المبادئ المصونة من تلويث البدعة؛ وتارة يمنعه بغضه ذلك التلويث بالمنكرات الطارئة عليه، لتوهمه أنها من الدين، والحق أنها ليست من الدين في شيء، ولا يقبل الدين نسبتها إليه، فوقف المسكين وقفة المتحير يقدم رجلاً ويؤخر أخرى. ما رابه إلا اختلاف أولي النُّهى.. هذا يشير: أقدِم، وذاك إلى وراء.. فرآهم يتخبطون بحيرة لا يهتدي الساري إلى أين السرى. فإن نظر إلى حُسن مبادئ الدين الإسلامي وجمالها السماوي، هام بها شغفاً، وإذا نظر إلى تلك البدع الطارئة عليها تقطَّع فؤاده حسرةً وأسفًا.
وهكذا كان المسكين كلما تأمل نظام الإسلام العالمي وأثره البين المحسوس في السابقين انجذب قلبه إليه وصبَا، فإذا أمعن الفكر فيما لصق به من لوث المبتدعين ومساوئ الدجالين خاله لهواً ولعباً، قد حجب غبار الأباطيل عن الحق المبين عينيه، وأصم دوي إفك الأفاكين أذنيه.
كيف لا؟ وقد أرخت سيئات المحدثات عليه ستوراً، فلم يهتد للحق سبيلًا حتى توهم ذلك المسكين المتحير أن الإسلام اسم لمجموعة ملل متناقضة؛ ونحل متضادة يستحيل على فلسفة أرقى الأمم التوفيق بينها فاختار عن القرب منها البعد عنها.
إذن قد استبان لكل ذي طبع سليم ووجدان حي في هذه الجامعة البشرية المتقدمة ممن قادته ثقافته الصحيحة إلى الحقائق الخالصة – أن المُحدثات أكبر جناية على الدين، وحجر عثرة في سبيل السالكين.
ورحم الله شاعر العربية أحمد شوقي إذ يقول: ما أجمل الإيمان لولا ضلة ** في كل دين بالهداية تلصقُ نعم إنه لما عرف ذلك المسكين في أول وهلة في مبادئ الإسلام عقائد ترفع الإنسانية إلى أوج الكمال والكرامة وأحكاما ذات حكم ولكنها باهرة، ونظامات حيوية ولكنها سماوية، يعشقها العباقرة إذ تتمشى مع الطبيعة الرصينة؛ ويتجمل بها النظر الصحيح في عصوره النيرة الثمينة – عرف الحق الذي لا ريب فيه، والصراط الذي سعد مقتفيه، ثم خالط بعد ذلك المسلمين فرأى نقيض ما عرف من عقائد الإسلام، وشرائعه الصالحة المصلحة وأنهم تركوها إلى محدثات تنفر منها العقول وتمجها الأذواق، وتأباها سماحة الدين.
رأى أعمالًا قبيحة وزيادة غير مشروعة ولا معقولة، وسمع منكراً من القول وزوراً، ووقف على عقائد فاسدة شوَّهت محاسن الدين وكدَّرت صفو معينه المعين، حتى حسبه –من حيرته– مِلَلاً متناقضة وأحكاماً متضادة غير متناسبة ورجع القهقرى وتأخر إلى وراء فعلى مَنْ التبعة يا ترى؟ فلو سألته ما دهاك؟ وما أصابك؟ لأجابك بما يثير حزنك ويهيج أوصابك، فقد جرى هذا ووقع، وإثمه وتبعته على من أحدث وابتدع. وإليك أيها القارئ ما حكى لي رجل ما وقع له مع بعض المستشرقين. قال: انجرّ بي وبذلك المستشرق البحث إلى موضوع الدين الإسلامي.
فقال: ألستم تقولون أن لا وثنية في الإسلام؟
فقلت: بلى، وهذا الواقع، فإن الدين الإسلامي قد اجتث جذور الوثنية من أساسها.
فقال: وما هذه القباب والمساجد على القبور والمشاهد، إذا لم تكن أوثاناً فما هي؟ وما هذا الاجتماع حولها في أيام معلومة معدودات؛ والنذور لها والذبح والطواف والاعتكاف وغير ذلك من التقرب والتزلف إليها؛ ودعاؤها خوفاً وطمعاً، والاستعانة والاستغاثة بالمقبورين، إذا لم تكن عبادة كعبادة الوثنيين فما هي وقد علمت أن الإسلام دين التوحيد وهو إفراد المعبود الحق بالعبادة ونفيها عَمَّنْ عداه، ونفي التأثير عن كل شيء سواه، وكيف يجتمع التوحيد وهذه الأعمال الشركية في رجل يدَّعي الإسلام؟ سبحانك يا الله، هذا بهتان عظيم. قال: فقلت له: إن المسلمين في أنحاء الأرض لا يقصدون بهذه الأفعال العبادة وإنما يقصدون التبرك بالصالحين وأضرحتهم.
فقال: يا حضرة الفاضل نحن نتكلم عن الحقائق لا عن الألفاظ الاصطلاحية، فإن اصطلحتم على تسمية العبادة بغير اسمها خوفاً من نسبة الشرك فإن الحقائق لا تتغير في ذاتها بتغير أسمائها، ولا يتبدل حكمها لتبدل ألقابها.
وما وقف محدثي عند هذه الكلمة حتى سمعت ضميري بصوته الهادي يقول: دع عـابـد الأمـوات يُـشــرك بـالـدُّعـا غـيـر الإلــه مــع الإلــه ويـعـتــدي أيـكـون هـذا الـشِّـرك تـوحـيـداً؟ لـقـد أزريــت يــا هــذا بـكــل مـوحــد ديـن يـضـم الـشـرك والـتـوحـيـد فـي قـلـب ويـخـلـط مـشـركـاً بـمـوحـد لا أرتـضـيــه وإنـمــا أرضــى بـمــا يـعـزى إلـى ديـن الـنـبـي مـحـمــدِ.
رابط الموضوع:
http://www.alukah.net/sharia/0/76956/#ixzz5RFb6uWDr |
|