فصل
وأما القسم الثاني وهو أن تُطلق ألفاظ الذم على من ليس من أهلها، فمثل نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن سب الدهر، وقال: ((إن الله هو الدهر)).
وفي حديث آخر: ((يقول الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم فيسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أُقِّلب الليل والنهار)).
وفي حديث آخر: ((لا يقولن أحدكم: يا خيبة الدهر)).
في هذا ثلاث مفاسد عظيمة:
إحداها: سبه من ليس بأهل أن يُسب، فإن الدهر خَلْقٌ مسخر من خلق الله، منقاد لأمره، مذلل لتسخيره، فسابُّه أولى بالذم والسب منه.
الثانية: أن سبه متضمن للشرك، فإنه إنما سبه لظنه أنه يضر وينفع، وأنه مع ذلك ظالم قد ضر من لا يستحق الضرر، وأعطى من لا يستحق العطاء، ورفع من لا يستحق الرفعة، وحرم من لا يستحق الحرمان، وهو عند شاتميه من أظلم الظلمة، وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سبه كثيرة جداً.
وكثير من الجهَّال يُصرح بلعنه وتقبيحه.
الثالثة: أن السب منهم إنما يقع على من فعل هذه الأفعال التي لو اتبع الحق فيها أهواءهم لفسدت السماوات والأرض، وإذا وقعت أهواؤهم، حمدوا الدهر، وأثنوا عليه.
وفي حقيقة الأمر، فرب الدهر تعالى هو المعطي المانع، الخافض الرافع، المعز المذل، والدهر ليس له من الأمر شيء، فمسبتهم للدهر مسبة لله عز وجل، ولهذا كانت مؤذية للرب تعالى، كما في ((الصحيحين)) من حديث أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر)).
فسابُّ الدهر دائر بين أمرين لا بد له من أحدهما: إما سبه لله، أو الشرك به، فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسب من فعله، فقد سب الله.
ومن هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يقولن أحدكم: تعس الشيطان، فإنه يتعاظم حتى يكون مثل البيت، فيقول: بقوتي صرعته، ولكن ليقل: بسم الله، فإنه يتصاغر حتى يكون مثل الذباب)).
وفي حديث آخر: ((إن العبد إذا لعن الشيطان يقول: إنك لتلعن ملعناً)).
ومثل هذا قول القائل: أخزى الله الشيطان، وقبح الله الشيطان، فإن ذلك كله يُفرحه ويقول: علم ابن آدم أني قد نلته بقوتي، وذلك مما يُعينه على إغوائه، ولا يًفيده شيئاً، فأرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- من مسه شيء من الشيطان أن يذكر الله تعالى، ويذكر اسمه، ويستعيذ بالله منه، فإن ذلك أنفع له، وأغيظ للشيطان.
فصل
من ذلك: نهيه -صلى الله عليه وسلم- أن يقول الرجل: خبثت نفسي، ولكن ليقل: لقِسَتْ نفسي، ومعناهما واحد، أي: غثت نفسي، وساء خُلقها، فكره لهم لفظ الخبث؛ لما فيه من القُبح والشناعة، وأرشدهم إلى استعمال الحسن، وهجران القبيح، وإبدال اللفظ المكروه بأحسن منه.
ومن ذلك نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن قول القائل بعد فوات الأمر: ((لو أني فعلت كذا وكذا)) وقال: ((إن (لو) تفتح عمل الشيطان)) وأرشده إلى ما هو أنفع له من هذه الكلمة، وهو أن يقول: ((قدَّر الله وما شاء فعل)).
وذلك لأن قوله: لو كنت فعلت كذا وكذا لم يفتني ما فاتني، أو لم أقع فيما وقعت فيه، كلام لا يُجدي عليه فائدة البتة، فإنه غير مستقبل لما استدبر من أمره، وغير مستقيل عثرته بـ ((لو))، وفي ضمن ((لو)) ادعاء أن الأمر لو كان كما قدره في نفسه، لكان غير ما قضاه الله وقدره وشاءه، فإن ما وقع مما يتمنى خلاف إنما وقع بقضاء الله وقدره ومشيئته، فإذا قال: لو أني فعلت كذا لكان خلاف ما وقع، فهو مُحال، إذ خلاف المقدر المقضي مُحال، فقد تضمن كلامه كذباً وجهلاً ومحالاً، وإن سلِم من التكذيب بالقدر، لم يسلم من معارضته بقوله: لو أني فعلت كذا، لدفعت ما قدر الله علي) انتهى.
تع:
هذا اللفظ مختصر: (( تعالى ))، عند ذكر الله سبحانه وتعالى. اصطلح عليه بعض النساخ المتأخرين رغبة في الاختصار وهو منتشر لدى طابعي بعض كتب أهل الإسلام من تصرفات الكفرة المستشرقين.
وهو اصطلاح فاسد، بل بعض هذه المصطلحات في جانب التمجيد والتقديس لله سبحانه وتعالى، وفي جانب الصلاة والسلام على أنبياء الله ورسله، وفي جانب الترحم والترضي على السلف، جميعها مصطلحات فاسدة ليس من الأدب استعمالها، ولما في بعضها من معنى قريب لا يجوز، وإن كان غير مراد، فليجتنب، وعلى المسلم احتساب ذكر هذه الألفاظ المباركة خطاً ونطقاً؛ لما في ذلك من الأجر الكبير، والثواب العريض.
ومنها:
((رض)) مختصر: ((رضي الله عنه)).
((رح)) مختصر: ((رحمه الله)).
((صلعم)) مختصر: ((صلى الله عليه وسلم)).
ويأتي في حرف: الصاد: صلعم، زيادة بيان، فلينظر.
نعم المصطلحات المختصرة التي لا محذور فيها، لا مشاحة فيها، وقد جرى عليها أهل العلم من المحدثين وغيرهم، وكل منهم يكشف عن اصطلاحه في مقدمة كتابه، ولعلماء مصطلح الحديث فضل التنبيه عليها في كتب مصطلح الحديث، بعنوان: معرفة الرموز.
ومن الألفاظ المختصرة التي اصطلح عليها كما في ((اللفيف)): ((المص)) مختصر: ((المصنف)).
وانظر إلى هذا العناء: إغراب في الاصطلاح، والمحذوف حرفان ((نف)) وهما لا يزيدان في مساحة الكلمة.
((الظ)): الظاهر.
((يض)): أيضاً.
((م )): المتن.
((حش)): الحاشية.
((ح)): حينئذٍ.
((ص)): صوابه.
((اهـ)): انتهى.
((إلخ)): إلى آخره.
((مم)): ممنوع.
((لا نم)): لا نسلم.
((كك)): كذلك.
((هف)): هذا خُلْف.
((المقص)): المقصود.
((ش)): الشرح.
((س)): سؤال.
((ج)): جواب.
((ن)): بيانه.
((نخ)): نسخة أخرى.
ويستعملون المختصرات الآتية لأسماء الشهور:
((م)): محرم.
((ص)): صفر.
((را)) : ربيع الأول.
((ر)): ربيع الآخر.
((جا)): جمادى الأولى.
((ج)): جمادى الآخرة.
((ب)): رجب.
((ش)): شعبان.
((ن)): رمضان.
((ل)): شوال.
((ذا)): ذو القعدة.
((ذ)): ذو الحجة.
تغيير جبل ولا تغيير طبع:
هذا جارٍ على الألسنة بمعنى المروي عن أبي الدرداء، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا، وإذا سمعتم برجل تغير عن خُلقه فلا تُصدقوا به، وإنه يصير إلى ما جبل عليه)) رواه أحمد وسنده منقطع.
ثم معناه: يُسْترْوحُ منه: ((الجبْر)) بمعنى أن المرء مجبور لا وسيلة له إلى تحسين خلقه، والأحاديث الصحيحة منتشرة في الترغيب في تحسين الخلق، وهذا يدل على نكارة هذا القول رواية ودراية. والله أعلم.
تفاوتت كلمة العلماء:
لا تُقال هذه؛ لما بين التفاوت والاختلاف من الفرق، كما قال العسكري: ((التفاوت كله مذموم؛ ولهذا نفاه الله -تعالى- عن فعله، فقال: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}.
وإنَّما يُقال: اختلفت كلمة العلماء؛ لأن من الاختلاف ما ليس بمذموم، ألا ترى قول الله تعالى: { وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}.
فهذا الضرب من الاختلاف يكون على سنن واحد، وهو دالٌّ على علم فاعله، والتفاوت: هو الاختلاف الواقع على غير سنن، وهو دال على جهل فاعله)) انتهى.
التقاليد الإسلامية:
يأتي في حرف العين: العادات والتقاليد الإسلامية.
تقبل الله منا ومنك:
في التخاطب بها بعد الصلاة.
ليس لها دليل من سنة، ولا أثر، والالتزام بها ترتيب هدي لم يدل عليه الشرع، فيكون بدعة، والله أعلم.
وأما بعد الانصراف من العيد، فقد ذكر ابن رشد في: ((البيان والتحصيل)): ((أن مالكاً –رحمه الله تعالى– سُئِل: هل يكره للرجل أن يقول لأخيه إذا انصرف من العيد: ((تقبل الله مني ومنك، وغفر الله لنا ولك)) ويرد عليه أخوه مثل ذلك، فقال لي: لا نكره مثل ذلك)) انتهى.
التقدمية:
مضى في حرف الألف: أُصولي.
تقي:
مضى حكم التسمية به في: تعس الشيطان.
تكنولوجيا:
يأتي في حرف الفاء: الفقه المقارن.
تكلمت بالقرآن:
ذكر السكوني في ((لحن العوام)) (مما يمتنع قولهم: إذا قال: لفظت بالقرآن؛ لأن اللفظ في اللغة هو الطرح، والصواب أن يُقال: قرأت القرآن، ولا يُقال: لفظت بالقرآن، ولا: تكلمت بالقرآن؛ لأن المتكلم بالقرآن هو الله سبحانه، فلا يصرف عن غير مصارفه، وهو تعرض لتحريفه عما أُنزل فيه، وهذا محرم بإجماع الأُمة...) انتهى.
وانظر في حرف اللام: لفظي بالقرآن مخلوق.
تكاليف:
استقرأ شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم –رحمهما الله تعالى– أنه لم يأت في الكتاب والسنة، تسمية أوامر الله، ونواهيه، وشرائعه: (( تكليفاً ))، بل سماها: روحاً، ونوراً.. وإنما جاء ذلك في جانب النفي {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} الآية، فهذا الإطلاق إثباتاً لا يعرف أيضاً في لسان السلف، وإنما جاء من لدن كثير من المتكلمة والمتفقهة. والله أعلم.
تكذيب ولو كنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
يأتي في حرف اللام بلفظ: لو كنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
التلقين:
في منع إطلاق على الله -تعالى- يأتي في حرف السين: السياسة.
توحَّد:
قال العسكري -رحمه الله تعالى-:
((الفرق بين قولنا: تفرَّد وبين قولنا: توحَّد، أنه يُقال: تفرَّد بالفضل والنُبل، وتوحَّد: تخلَّى)) انتهى.
وبه نعلم ما في دعاء ختم القرآن، بقول الداعي: ((صدق الله العظيم المتوحد...)).
توكلت عليك يا فلان:
في تقرير للشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله تعالى- قال: (هذا شرك...) ا هـ.
تيولوجيا:
يأتي في حرف الفاء: الفقه المقارن.