|
| ظاهرة التكرار في القرآن الكريم | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: ظاهرة التكرار في القرآن الكريم الجمعة 25 مارس 2011, 12:03 am | |
| جامعة الأزهر كلية الدراسات الإسلامية والعربية – القاهرة جامعة الملك فيصل كلية الآداب ظاهرة التكرار فى القرآن الكريم إعداد أ د/ عبد الشافى أحمد على الشيخ أستاذ التفسير وعلوم القرآن المشارك Shafy_81@yahoo.com كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِير. الحمد لله الذى نور بكتابه القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغتُه البلغاء، وأعجزت حكمتُه الحكماء، و أبكمت فصاحتُه الخطباء. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادى الأمة، أرسله بالنور الساطع، والضياء اللامع، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار. أمَّا بعد: فإن أولى ما أُعملت فيه القرائح الفحصُ عن أسرار التنزيل، والكشفُ عن حقائق التأويل، فهو العصمة الواقية، والنعمة الباقية، والحجة البالغة، والدلالة الدامغة، وهو شفاء الصدور، والحكَم العدل عند مشتبهات الأمور، وهو الكلام الجزل، وهو الفصل الذى ليس بالهزل، وهو ما بقى من وحى فى هذه الدنيا، سراج لايخبو ضياؤه، بهرت بلاغته العقول وظهرت فصاحته على كل مقول، ما شانه نقص، ولا شابته زيادة، فهو بحفظ الله مصون، وبقاء هذا القرآن هو العزاء الوحيد عن ضياع مواريث النبوات الأولى، فقد استوعب زبدتها. والحياة مع كتاب اللّه نعمةٌ يدركها من أنعم الله بها عليه، وما أسعد الفرد المسلم إذا جعل هذا الكتاب إمامه، فاهتدى بهديه بعد أن تدبر آياته، وما أسعد المجتمع الذي يجمع مثل هذا الفرد ! وما أشد بؤس الذين حرموا أنفسهم من هدايته فتخبطوا في حياتهم يمنة ويسرة، وانتهوا إلى ضياع أعمارهم وضياع دنياهم وآخرتهم: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا). القرآن جاء على قواعد البلاغة: لقد جرت عادة العرب على استخدام أسلوب التكرار، محاولة منهم للتنبيه على مزيد عناية ووافر اهتمام بأمور مهمة، وما أجمل ما قالت الخنساء وهى ترثى أخاها صخرا: وإن صخرا لوالينا وسيدنا وإن صخرا إذا نشتو لنحار وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم فى رأسه نار فالتكرار أسلوب بلاغى معروف، والقرآن الكريم –كما هو معلوم– لم يفاجئ العرب بغريب، ولكنه أتاهم بجنس ما برعوا فيه، ومع ذلك تحداهم فى أن يأتوا بمثله. ومن هنا فلا غرو أن نجد لهذا الأسلوب فى القرآن الكريم مساحةً ليست قليلة، ولذا فهى ظاهرة جديرة بالدراسة والبحث، خاصة أن القرآن الكريم قد أجاد فى توظيفها، كما أجاد فى عرضها،فهى لم تأت فيه عبثا أو خبط عشواء، ولكن وراءها من الحكم والأسرار ما يدهش العقول، ويأسر الألباب. خطتى فى البحث: قسمت هذا البحث إلى مقدمة وتمهيد ومباحث أربعة وخاتمة: عرضت فى المقدمة لهذه الظاهرة ووجودها فى القرآن الكريم، كما ذكرت فيها خطتى ومنهجى فى هذه الدراسة. أما التمهيد: فقد عرفت من خلاله التكرار عند علماء اللغة، وكذا عرفت بعض الألفاظ ذات الصلة بلفظ التكرار، والفرق بينها وبينه. ثم المبحث الأول: وعنوانه " التكرار فى لغة العرب"، وفيه مطلبان: المطلب الأول: التكرار ظاهرة جمالية. المطلب الثانى: التكرار عند علماء الإعجاز. ثم المبحث الثانى: وعنوانه: "القرآن الكريم وظاهرة التكرار" وفيه مطالب ثلاثة. المطلب الأول: القرآن والتكرار. المطلب الثانى: فوائد التكرار فى القرآن الكريم. المطلب الثالث: أراء العلماء فى قضية التكرار فى القرآن الكريم. ثم المبحث الثالث: وعنوانه "أنواع التكرار وخصائصه فى القرآن الكريم" وفيه مطلبان: المطلب الأول: أنواع التكرار فى القرآن الكريم، وفيه: تكرار الأداة. تكرار الكلمة. تكرار الفاصلة. تكرار القصة. تكرار اللفظ والمعنى. تكرار المعنى فقط. المطلب الثانى: أسرار وخصائص التكرار فى القرآن الكريم. ثم المبحث الرابع: وعنوانه "ظاهرة التكرار فى القرآن الكريم بين القدامى والمعاصرين". وفيه مطلبان: المطلب الأول: جهود علماء السلف فى دراسة ظاهرة التكرار. المطلب الثانى: ظاهرة التكرار فى القرآن بين المعاصرين. ثم الخاتمة وفيها عرض لنتائج هذه الدراسة. ثم الفهارس الملحقة بالبحث. منهجى فى البحث: حاولت فى هذه الدراسة –جاهداً– أن أطبق قواعد البحث العلمى فتحرَّيتُ فيه الآتى: • كتابة الآيات القرآنية بخط مخالف لخط البحث مع تخريج الآيات بذكر السورة ورقم الآية. • تخريج ما ورد فى هذه الدراسة من الأحاديث النبوية من مصادرها الأصلية، وإن كان الحديث فى البخارى أو مسلم اكتفيت بهما وإلا ذكرت له مصدراً آخر. • نسبة الشواهد الشعرية لقائليها ماتيسر لى ذلك من كتب الأدب. • ترجمة لبعض الأعلام الواردة فى الدراسة بشكل موجز. • نسبة الأقوال إلى أصحابها. • تعريف المصطلحات من الكتب المتخصصة كالمعاجم العربية. • عرض نتائج البحث فى نقاط مُحَدَّدَة. هذا ولا أدَّعى الكمال فى دراستى، ولكنها بضاعة مزجاة، وجهد المقل والمقصر، فما كان فيها من خير فبفضل الله وحده ثم ما يسره الله لى. وإن كانت الأخرى فالتقصير منى، ولكن حسبى أنها محاولة جادة يكفينى فيها أنى عايشت كتاب الله تعالى فترة. واللهَ أسأل ألا يحرمنى من ورائها الأجر يوم الدين، إنه ولى ذلك والقادر عليه. التمهيد إن لفظة التكرار ومشتقاتها تدور فى اللغة حول معنى الرجوع إلى الشئ مره أخرى، أو الإتيان به مرة بعد مرة. فالتكرار فى اللغة أصله من الكر بمعنى الرجوع ويأتى بمعنى الإعادة والعطف,فـ "كرر الشئ" وكرره أى أعاده مرة بعد أخرى ويقال كررت عليه الحديث وكررته إذا رددته عليه. والكر الرجوع, قال أبو سعيد الضرير:قلت لأبى: مابين تِفعال وتَفعال ؟ بكسر التاء وفتحها فقال: تِفعال بالكسر اسم وتَفعال بالفتح مصدر. وقد وردت بعض تصريفات "الكر" فى القرآن الكريم قال تعالى:" ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ"، " فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِين"، "وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا"، "قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ"، "ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ". وقد يأتي له تصريف آخر وهو "التكرير". يقول الرازى فى مختاره: "الكر الرجوع, يُقال كررت الشئ تكريراً وتكراراً". ويقول ابن سيده فى مخصصه: "والألف فى "تكرار" عوضا عن الياء فى "تكرير", ويجعلون ألف التكرار والترداد بمنزلة ياء تكرير وترديد." وفى الاصطلاح: تكرار كلمة أو لفظ أكثر من مرة فى سياق واحد لنكتة ما كالتوكيد أو الانتباه أو التهويل أو التعظيم. وهذا التعريف يتفق مع ما عرفه به الإمام الزركشى حيث قال: "وحقيقته إعادة اللفظ أو مرادفه لتقرير معنى". ولعلنا ندرك من خلال هذا التعريف أن التكرار كما يكون فى كلمة واحدة تعاد أكثر من مرة, قد يكون أيضا فى جملة وهى التى تشمل أكثر من كلمة, لكنه أيضا اشترط أن تكون هذه الإعادة فى سياق واحد, وعليه فلو اختلف السياق, وتغير الموضوع ولو أعيد فيه بعض الألفاظ فلا تكرار عندئذ. الألفاظ ذات الصلة: هناك ألفاظ قريبة من التكرار مثل "الإعادة, التوكيد "وقد يظن المطالع لها لأول مرة أن لا فرق بينها وبين التكرار, لكن علمائنا الأجلاء أوضحوا لنا هذه الفروق وإن كانت دقيقة، وهى تكشف عن بعض مزايا اللغة العربية. ففى بيان الفرق بين التكرار والإعادة يقول أبو هلال العسكرى فى الفروق اللغويه: "الفرق بين التكرار والإعادة:أن التكرار يقع على إعادة الشئ مرة وعلى إعادته مرات, أما الإعادة فتكون للمرة الواحدة فقط. ثم يزيد الأمر وضوحاً فيقول: "ألا ترى أن قول القائل: أعاد فلان كذا, لا يفيد إلا إعادته مرة واحدة, وإذا قال كرر كذا, كان كلامه مبهما لم يدر أعاده مرتين أو مرات... ولا يخلط بينهما إلا عامي لا يعرف الكلام" التوكيد: يوجد فروق دقيقة بين التوكيد وبين التكرار، وممن أظهر هذه الفروق علماء البلاغة وقد عرض لها الزبيدى حيث يقول عارضا لهذا الفارق: "التأكيد شرطه الاتصال وأن لا يزيد على ثلاثة, والتكرار يخالفه فى الأمرين ومن ثم بنوا على ذلك أن قوله تعالى: "فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" تكرار لا تأكيد, لأنها زادت على ثلاث مرات وكذا قوله تعالى: "وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ". ويضيف الزركشى فى برهانه فرقا آخر بين التكرار والتأكيد فيقول:" واعلم أن التكرير أبلغ من التأكيد لأنه وقع في تكرار التأسيس وهو أبلغ من التأكيد فإن التأكيد يقرر إرادة معنى الأول وعدم التجوز، فلهذا قال الزمخشري في قوله تعالى " كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ " قال: إن الثانية تأسيس لا تأكيد ". هل كل تكرار يورث الكراهة: لاشك أن النفس البشرية تحب التجديد والتحول من حالة إلى حالة، وسريعا ما تصاب بالملل. وهنا سؤال يطرأ، وهو: هل كل تكرار يورث الملل والساَمة؟ وللإجابة على هذا الطرح, ننظر فى الأشياء من حولنا فالتجديد والتغيير الجذرى لكل الأشياء من حولنا أمر مستحيل، فلا شك أن هناك أشياء تتكرر، ومع ذلك فنحن نألفها ونتعايش معها دون ساَمة أو ملل فليس كل مكرر مكروه. ولذا يقول الإمام السكاكى صاحب كتاب مفتاح العلوم: "إن التوفيقَ بين حكم الإلْف وبين حكم التكرار, أحوجُ شئ على التأمل فليفعل لأن الإلْف مع الشئ لا يتحصل إلا بتكرره على النفس، ولو كان التكرار يورث الكراهة لكان المألوف أكره شئ على النفس, وامتنع إذ ذاك نزعها من مألوف, والوجدان يكذب ذلك". نعم الوجدان والواقع أيضاً يكذبان هذه المقولة الضالة: "إن كل مكرر مكروه". فالشمس مثلاً لها من الرتابة ما لا يخفى، ولكن لا يملها أحد، ولا يستغنى عنها كائن، فضلاً عن غيرها من نعم الله تعالى التى تتسم بالرتابة فى حياتنا، ولو كان ذلك كذلك لمل الإنسان أولاده مثلاً وهذا ما لا يقول به عاقل.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 06 يونيو 2021, 6:40 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: ظاهرة التكرار في القرآن الكريم الجمعة 25 مارس 2011, 12:15 am | |
| المبحث الأول التكرار فى لغة العرب وفيه مطلبان: المطلب الأول: التكرار ظاهرة جمالية. المطلب الثانى: التكرار عند علماء الإعجاز. التكرار فى لغة العرب: أشرنا فى المقدمة أن اللغة العربية عرفت ظاهرة التكرار، ولكن هل هذه الظاهرة أمر مذموم أم محمود، وارد أم غير وارد؟ والحقيقة التى لا يمكن إغفالها أن التكرارَ باب من أبواب العربية، ودرب من دروب بلاغتها، ومسلك من مسالك فصاحتها، يقول الإمام السيوطى فى إتقانه:"والتكرار فى اللغة العربية فن قولى من الأساليب المعروفة عند العرب، بل هو من محاسن الفصاحة." فالقائل بأن كل تكرار فى لغة العرب مذموم فهو قادح فى الفصاحة،وهو إما واهم أو جاهل بلغة العرب، وهو إلى العجمة أقرب. ويزيدنا وضوحاً فى هذا المقام الإمام الجاحظ وهو مَن هوَ فى فن البلاغة والأدب فلا خلاف على مرجعيته حيث يقول: "إن الناس لو استغنوا عن التكرار، وكفوا مئونة البحث والتنقير لقل اعتبارهم، ومن قل اعتباره قل علمه، ومن قل علمه قل فضله، ومن قل فضله كثر نقصه، ومن قل علمه وفضله وكثر نقصه، لم يحمد على خير أتاه ولم يذم على شر جناه". ومن خلال هذا النص يتبين لنا أن الاستغناء عن التكرار فى العربية قد يكون نقيصة يعاب بها المتكلم، وهذا الكلام للجاحظ يمكننا أن نوجهه لأولئك الذين اعتقدوا أن إيراد التكرار فى القرآن الكريم مما يعاب به فراحوا يبحثون عن تعبيرات بديلة، وباتوا يعتذرون للقرآن وكأنه متهم، وينزهونه عن التكرار، على اعتباره نقيصة يجب التنزه عنها. المطلب الأول التكرار ظاهرة جمالية مهما تَقولَ البعض فلا يستطيع أحد إنكار ما لهذا الأسلوب البلاغى من أهمية بالغة، يدركها من تذوق الكلام وعرف مداخله ومخارجه، ويُحرم منها من فسد ذوقه، وشيوعُه فى الكلام العربى قديما وحديثا، خير شاهد ودليل على أنه ظاهرة معروفه، وإنما يكمن جمالها فى حسن توظيفها. وعليه: فالحكم على التكرار "جزافاً" أمر لا تقره قواعد العلم السليم، ولكن يمكننا أن نقول فى الحكم عليه: "إنه أمر نسبى: بمعنى أنه تارة يحسن ويجمل، وذلك إذا فطن المتكلم لمواطن استخدامه، وقد يقبح إذا أساء المتكلم استخدامه كأن يستخدمه فى غير موضعه. ولذا نجد العديد من الشعراء قد استخدم التكرار فأجاد، بينما استخدمه البعض فأخفق، فالأمر يعود إلى المستخدم ذاته، هل استطاع أن يوظف هذا التكرار توظيفا بلاغياً مفيداً، أم أنه عجز أمامه، وألقى بالتكرار عشواء فى ثنايا كلامه، فصار مستهجنا؟ ولذا يقول ابن رشيق القيروانى فى عمدته: "للتكرار مواضع يحسن فيها، ومواضع يقبح فيها". ولنأخذ بعض النماذج الشعرية والتى استخدم فيها التكرار فاستحسن تارة واستقبح تارة أخرى. أولاً: التكرار المحمود: يقول الحارث بن عُبَاد قربا مربط النعامة منى *** لقِحَت حرب وائل عن خيال فكرر قوله: "قربا مربط النعامة منى" فى رؤوس أبيات كثيرة عناية بالأمر، وإرادة التنبيه والتحذير، والتكرار أسلوب من أساليب التحذير. وكذلك قول الأَسْعَر: وكتيبة لبستها بكتيبة *** حتى يقول نساؤهم هذا فتى أيضاً كرَّر الشاعر الشطر الأول من البيت فى العديد من أبياته. وقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبى لهب: مهلا بنى عمنا مهلا موالينا *** لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا يريد: رفقاً يا بنى عمنا، رفقاً موالينا، يريد التأكيد، وقد وقع التكرار للتأكيد فى كلام العرب كثيراً. كما فى قول الشاعر: أتاك أتاك اللاحقون أتاك وقول الآخر: كم نعمة كانت لكم *** كم كم وكم كانت وكم إلى غير ذلك مما ورد فى كلامهم مما لا تأخذه الإحاطة ولن أطيل فى سرد النماذج من الشعر العربى وفيما ذكرته الكفاية، والمتدبر لبعض دوواين الشعراء، يجد فيها تكراراً لبعض الكلمات، ولم يؤثر هذا التكرار على فصاحة كلماته، ولا على بلاغة أسلوبه، وما ذلك إلا لأن الشاعر قد وظف التكرار توظيفاً بلاغياً راقياً. ثانيا: التكرار المذموم: على الطرف الآخر نجد هناك من الشعراء من أخفق فى توظيف التكرار، فأقحمه فى شعره فانتقص من أجله، ولنأخذ على ذلك بعض النماذج. ومنها قول أبى تمام: لا أنت أنت ولا الديار ديار *** جف الهوى وتقضت الأوتار وقول أبى الطيب المتنبى: قبيل أنت أنت وأنت منهم *** وجدك بشر الملك الهمام ولما كان استخدام التكرار هنا غير موفق تعقبه الصفدى فى كتابه نصرة الثائر على المثل السائر فقال: "وحق له أن يقول: لا أنت ذاك الذى كنت أولا *** ولا هذه الديار تلك التى كانت أولا ومن قبيح التكرار قول الشاعر: وازور من كان له زائرا *** وعاف عافى العرف عرفانه وقول الآخر: وقبر حرب بمكان قفر *** وليس قرب قبر حرب قبر كان هذا إيراداً لبعض النماذج من الشعر العربى، وقد تتبع ابن رشيق فى عمدته العديد من النماذج الشعرية التى أبدعت فى توظيف التكرار أمثال امرئ القيس، وأبى كبير الهذلى، كما أورد نماذج لشعراء أخفقوا فى توظيف التكرار فى شعرهم مثل بعض أشعار أبى تمام وغيره. وبالاستقراء يتضح لنا أن التكرار فى الشعر العربى أمر مقرر ومشهور، فهو أسلوب عربى معروف، وقد تعددت صوره، واختلفت أسبابه، وقد عُنى بعض الباحثين المحدثين بهذه الظاهرة فدرسوها وسجلوا عليها ملاحظاتهم، وبينوا أنواعها وأقسامها، والحسن منها والقبيح،أمثال الأستاذ: عبد الله الطيب فى كتابه المرشد إلى فهم أشعار العرب. وقد تجدَّدت ظاهرة التكرار فى الشعر المعاصر مما لفت نظر الأستاذة "نازك الملائكة" فبحثت هذه الظاهرة فى كتابها "قضايا الشعر المعاصر" وأوضحت من خلاله أن التكرار بالصفة الواسعة التى نملكها اليوم فى شعرنا، موضوع لم تتناوله كتب البلاغة القديمة، التى ما زلنا نستند إليها فى تقييم أساليب اللغة. والمتدبر لهذا الكلام يجد أنه لا يخلو من حقيقة، فالتكرار من حيث إنه أسلوب بلاغى، لا يشغل إلا حيزا قليلا من كتب البلاغة، مقارنة بغيره من ألوان البيان والبديع. وعددت الكاتبة ألوانا من التكرار والتى منها: • تكرار كلمة واحدة فى أول كل بيت. • تكرار العبارة. • تكرار بيت كامل. • تكرار المقطع كاملاً. • تكرار الحرف. هذا وقد عُنيت الكاتبة بدلالة التكرار فى صوره المُتعدِّدَة.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 06 يونيو 2021, 6:42 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: ظاهرة التكرار في القرآن الكريم الجمعة 25 مارس 2011, 12:20 am | |
| المطلب الثانى التكرار عند علماء الإعجاز إن القرآن الكريم لم يفاجئ الناس بلغة جديدة أو بأساليب غريبة عنهم، ولكنه بالدرجة الأولى يجسد لغتهم العربية فى أزهى حُللها، ولما كان التكرار أسلوب بلاغى، لذا لم يخل منه القرآن الكريم، فورد فيه بصور عديدة، ولا شك أن علماء الإعجاز البيانى خاصة، كانوا مؤهلين بحظ أوفر ممن سواهم، لمعالجة ورصد هذا الموضوع، والحديث عنه. بيد أن الناظر والمطالع لهذا النوع من الكتب –كتب الإعجاز– لا يظفر فيها بما يروى غلته، فمنهم من مر على هذه الظاهرة مرورا عابرا، ومنهم من لم يلتفت إليها، وأما الذين وهبوها قسطا من العناية والتفصيل فقليل ما هم. ولو طالعنا ما خلّفه لنا الباقلانى من خلال كتابه "إعجاز القرآن" فى مقام الحديث عن التكرار، لوجدناه يمر عليه مروراً سريعاً، وهذا على شدة عنايته بتلمس مظاهر الإعجاز البلاغى وتتبعه فى القرآن الكريم، وفيما يلى نص لكلام الباقلانى يتضح من خلاله أن هذا الرجل أشار إلى الموضوع إشارات ذكية وسريعة، ولكنها لا تفى ولا تروى ظمآنا، كما أنها لا تتناسب مع ما خصص هذا الكتاب من أجله من بيان لوجوه الإعجاز فى القرآن الكريم. يقول الباقلانى: "ومن البديع عندهم التكرار كقول الشاعر: هلا سألت جموع كنــــ *** ـــدة يوم ولو أين أينا؟ وكقول الآخر: وكانت فزارة تصلى بنا *** فأولى فزارة أولى فزارا ثم يتطرق الباقلانى لموضوع التكرار فى القرآن الكريم فى إشارات سريعة فيقول: "ونظيره من القرآن كثير كقوله تعالى: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ". وكالتكرار فى قوله تعالى: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ" وهذا فيه معنى زائد على التكرار، لأنه يفيد الإخبار بالغيب. وكما هو واضح فإن الباقلانى أشار فقط للتكرار إشارات سريعة، لم يكن القارئ يتوقعها من رجل متخصص فى الإعجاز القرآنى. وممن سار على نفس الدرب أى تناول القضية بصورة موجزة، الإمام الخطابى ت 388هـ فى كتابه: "بيان إعجاز القرآن". ويمكننا أن نخلص من خلال ما قدمناه بما يلى: * أن التكرار المطلق لا يوصف بالذم ولا بالمدح، إلا إذا كان مما يمكن الاستغناء عنه، وكان الذى نكرره خاليا من أى معنى جديد يضاف إلى الأول، فعندئذ يكون مذموما ولغوا، لا فائدة منه، ولا طائل من ورائه، أما ماعدا ذلك كأن يوظفه المتكلم توظيفا بلاغيا يزيد من روعة الأسلوب، ويضفى على كلامه بسبب التكرار رونقاً وجمالاً، ويلبس تعبيراته بالتكرار ثوباً قشيباً، فهو عندئذ أمر مطلوب ومرغوب فيه، بل إذا خلا الكلام منه عندئذ كان مذموماً. * والتكرار واحد من الأغراض البلاغية، وكتب البلاغة عنونت به فى العديد من المواطن، كما أن التكرار من الناحية البلاغية لا يخلو من الفوائد التى ترسم درجة أهميته. ومن هذه الفوائد إجمالاً ما يلى: (التأكيد - التحذير - الاستلذاذ بالكلام - تعظيم الأمر وتهويله - زيادة التنبيه - طول الكلام الذى قد يسبب نسيانه تعدد المتعلق - تجزئة الأفكار المراد بيانها حول موضوع واحد لتتكامل النصوص فيما بينها مؤدية غرض التأكيد لأصل الفكرة مع إضافات جديدة). وهذه بعض فوائد التكرار فى اللغة العربية على وجه العموم. المبحث الثانى القرآن الكريم وظاهرة التكرار وفيه مطالب ثلاثة: المطلب الأول: التكرار فى القرآن الكريم. المطلب الثانى: فوائد التكرار فى القرآن الكريم. المطلب الثالث: أراء العلماء فى قضية التكرار فى القرآن الكريم. المطلب الأول القرآن والتكرار لقد كان العرب عند نزول القرآن الكريم عليهم فى قمة رقيهم اللغوى، شعراً ونثراً، وأقاموا لذلك الأسواق المعروفة كسوق عكاظ وغيره، ورغم ذلك فقد كان القرآن الكريم -ولا يزال- معجزة الرسول الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-، وحتى يلزم الخصم الحجة فلا بد أن يكون الإعجاز والتحدى من جنس ما برع فيه القوم، وألا يكون هناك مانع أو صارف للتحدى، فعيسى عليه السلام أرسله الله إلى قوم اشتهروا بالطب، فأعطاه الله ما قهر به طبهم، حيث أجرى على يديه إحياء الموتى مما لا يستطيعه الأطباء: "أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ". وموسى عليه السلام، أرسله الله إلى قوم اشتهروا بالسحر وقدسوه، فأعطاه الله ما أبطل به سحرهم: "قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ". ولَمَّا كانت بعثة النبى -صلى الله عليه وسلم- إلى أرباب الفصاحة وفرسان البلاغة، نازلهم فى نفس تخصصهم حتى يلزمهم الحجة، فلم يفاجئهم النبى بجديد عليهم، بل جاءهم بجنس ما برعوا فيه، لكنهم عجزوا عن محاكاته أو مجاراته. وسرعان من انسحبوا من حلبة المصارعة، وقد سجل عليهم التاريخ خزيهم وعجزهم أمام فصاحة القرآن التى قهرتهم، فلقد أخذهم القرآن الكريم بقوة كلماته وفواصله، وأساليبه وجزالة ألفاظه. وقد فاق القرآن الكريم ما لدى العرب من كلام راق فصيح، فبهرهم وهم فطاحل الشعر، ولأن القرآن الكريم هو كتاب الله تعالى وكلامه، وهناك فارق بين كلام الخالق وكلام المخلوق تماما كالفارق بين الخالق والمخلوق. من أجل هذا فقد أودع الله تعالى فيه الأسرار العظيمة الظاهرة والباطنة، كما أن القرآن الكريم قد استخدم أفضل وأجمل الأساليب البليغة، التى أخذت العقول، وأسرت الألباب، وجذبت إليها الأنظار والأفهام. ومن الأساليب اللغوية والأدبية: أسلوب التكرار، وهو مع هذا لا يسبب الملل ولا السآمة عند الإنسان الذى سرعان ما يمل، والقرآن الكريم يحكى لنا كيف أن اليهود ملت تكرار الطعام مع كونه شهيا: "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ...". ويختلف استخدام القرآن الكريم للتكرار عن استخدام غيره له، ويكمن هذا فى جودة التوظيف للتكرار، وعدم الاستغناء عنه حيث جاء. فالتكرار حيث جاء فى القرآن الكريم يؤدى وظيفة بلاغية، ومهمة تربوية لا تُؤدى بدونه، ولو فتشنا وبحثنا عن بديل للتكرار لأعيانا البحث وأجهدنا ولن نجد هذا البديل. * إن التكرار فى القرآن الكريم أمر واقع لا شك فيه، وهو حق لا ريب فيه، سواء ظهرت لنا الحكمة من ورائه أم لم تظهر. والتكرار فى القرآن الكريم -كما سبق- يباين التكرار فى كلام البشر، فالتكرار فى كلام البشر لا يسلم عادة من القلق والاضطراب، وإذا لم يجيده المتكلم به صار عيبا فى الأسلوب. أما فى القرآن الكريم فهو تكرار محكم، ذو وظيفة يؤديها فى النص القرآنى، وإنما يقف على ذلك من تفحص وأنعم النظر فى طبيعة النص القرآنى وخصائصه. هذا: ولم تكن السنة النبوية المطهرة بعيدة عن ممارسة التكرار، فهى قسيمة القرآن، إذ المصدر واحد: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى". وقد تضافرت الأدلة من كتب السنة على أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قد استخدم التكرار فى أحاديثه وأجاد فى توظيفها، وكان لها نفس الفوائد تقريبا التى تكمن فى التكرار فى القرآن الكريم، من زيادة التنبيه على أمر لأهميته كما فى الحديث الذى رواه البخارى فى صحيحه عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ. فالنبى -صلى الله عليه وسلم- يكرر شهادة الزور زيادة فى التحذير منها، فاحتاج هذا الأمر لتكرار اللفظ. ومن ذلك أيضاً ما رواه أَبِو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوك". فكرر النبى -صلى الله عليه وسلم- الأم هنا تأكيدا على أهمية الإحسان إليها، واعتناء بمقامها ومنزلتها. وفى قصة خِطبة بنى هاشم ابنتهم لعلى وكان علىٌ زوجا لفاطمة -رضي الله عنها-، رفض النبى -صلى الله عليه وسلم- هذا الأمر وكرر رفضه ثلاثاً تأكيداً، واهتماماً به، عن الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَلَا آذَنُ ثُمَّ لَا آذَنُ ثُمَّ لَا آذَنُ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا". وقد قال الزمخشري: "النفوس أنفر شيء عن حديث الوعظ والنصيحة، فما لم يكرر عليها عوداً عن بدء لم يرسخ فيها، ولم يعمل عمله، ومن ثم كانت عادة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يكرر عليهم ما كان يعظ به وينصح ثلاث مرات وسبعاً ليركزه في قلوبهم ويغرسه في صدورهم". وهكذا تبين أن القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية المطهرة استخدما التكرار فى نصوصهما، وجاء هذا الاستخدام فى أرقى وأسمى صوره، ولم يضف التكرار على هذه النصوص رونقا وجمالا بقدر ما أضافت نصوص الكتاب والسنة لظاهرة التكرار من الجمال والروعة والثقة. ولو خلا القرآن أو السنة من أسلوب التكرار وهو أسلوب معروف لدى العرب، لوجدنا من يعترض على القرآن والسنة تجاهلهما لهذا الأسلوب البلاغى المعروف. المطلب الثانى فوائد التكرار فى القرآن الكريم إن القرآن الكريم هو كلام الله المعجز لأهل كل زمان ومكان، ضمنه الله تعالى أرقى أساليب البلاغة والبيان, لا تدانيه بلاغة، ولا تجاريه فصاحة، ومن الأساليب التى تضمنها أسلوب التكرار وهو بالطبع لا يخلو من حكمة، وإلا كان عبثا وهو أمر محال على الله وعلى كلامه، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وليس فى القرآن تكرار محض, بل لابد من فوائد فى كل خطاب". إذن فالتكرار فى القرآن بكل أنواعه له فوائد جليلة تأخذ بمجامع القلوب وتُصغى إليها الآذان والأفئدة.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الأحد 06 يونيو 2021, 6:43 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: ظاهرة التكرار في القرآن الكريم الجمعة 25 مارس 2011, 12:24 am | |
| المبحث الرابع ظاهرة التكرار فى القرآن بين القدامى والمعاصرين 0 وفيه مطلبان: المطلب الأول: جهود علماء السلف فى دراسة ظاهرة التكرار فى القرآن الكريم0 المطلب الثانى: ظاهرة التكرار فى القرآن بين المعاصرين 0
المطلب الأول جهود علماء السلف فى دراسة ظاهرة التكرار فى القرآن الكريم
لقد قيض الله لدينه ولكتابه من يبرزهما ويظهر حقيقتهما مصداقا لقوله تعالى : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " . ولقد حظى القرآن الكريم باهتمام العلماء فى كل عصر ومصر ولم يخل عصر من علماء ، حظى القرآن الكريم بدراسات لم يحظ بها كتاب سماوي سبقه . وذلك نوع من الحفظ الذى تكفل الله به . التف العلماء حول القرآن يفصلونه تفصيلا ولم يتركوا فيه شاردة ولا واردة إلا تناولوها بالدراسة والبحث وهو مع كل هذه الدراسات ما زال بكرا ، كلما شاب شب ، ولا ينضب معينه أبدا 0 ومن الموضوعات التى طرقها العلماء فى سبيل المحافظة على كتاب الله ، موضوع التكرار فى القرآن الكريم ، وفى الأسطر التالية عرض لبعض جهود علمائنا الأجلاء فى دراسة ظاهرة التكرار فى القرآن الكريم ، ولا أدعى الحصر ولكن حسبي أنها محاولة للإشارة إلى جهود سلفنا الصالح رحمهم الله 0 1_المفسرون : كان المفسرون فى هذا المقام أكثرَ عناية من غيرهم لأنه موضوع شديد الصلة بالتفسير فاجتهدوا فى إبراز الحكمة من وراء التكرار فى كل موطن وظهرت لديهم هذه الدراسة فى وقت مبكر .
فيطالعنا الفراء من علماء القرن الثالث الهجري ت 207 هـ فى تفسيره المسمى "معاني القرآن " بالعديد من مواطن التكرار فى القرآن والحكمة وراء كل موطن ، وبالطبع لابد أن تتفاوت عناية المفسرين بهذا المقام فمنهم المكثر ومنهم المقل .
وممن عُنى بهذه الظاهرة بشكل ملاحظ : الإمام البغوى ت 516 هـ فى تفسيره" معالم التنزيل "، والإمام الزمخشرى فى كشافه ، والإمام القرطبى من أعلام القرن السابع ت 671 هـ وتفسيره " الجامع لأحكام القرآن الكريم " 2_ الذين ألفوا فى متشابه القرآن الكريم : مصطلح المتشابه فى القرآن الكريم له دلالتان : إحداهما : أن المتشابه هو قسيم المحكم أى الذى لا يستقل بنفسه ويحتاج إلى بيان برده إلى غيره
والدلالة الثانية : هى التماثل فى المبنى أى الحروف التى تتكون منها الكلمة .
وقد عُنى العلماء بكلا المعنيين ومن هؤلاء العلماء : *ابن قتيبة وهو من علماء القرن الثالث ت 276 هـ فى كتابه العظيم " تأويل مشكل القرآن " *الخطيب الإسكافي من أعلام القرن الخامس ت 420 هـ فى كتابه " درة التنزيل وغرة التأويل " *الكرمانى : محمود بن حمزة الكرمانى وهو من أعلام القرن السادس ت 505 هـ فى سفره العظيم " البرهان فى متشابه القرآن " وهو مطبوع تحت مسمى " أسرار التكرار فى القرآن " وقد اشتهر بهذه التسمية الأخيرة حتى غلبت عليه . *الزبيرى : أحمد بن إبراهيم الزبيري من أعلام القرن الثامن ت 708 هـ فى كتابه " ملاك التأويل "
3_ البلاغيون : كثيرا ما ارتبطت الدراسات البلاغية بالقرآن الكريم لأنه مصدرُها وأرقى صورها ، وكانت ظاهرة التكرار من القضايا البلاغية ، حيث إنها تعد أسلوبا من أساليب الإطناب التى تناولها البلاغيون بالدراسة من خلال آيات القرآن الكريم ، وخلف لنا البلاغيون فى هذا المجال أسفارا عظيمة وكتبا قيمة صارت مرجعا لدراسة هذه الظاهرة فيما بعد ومن هؤلاء البلاغيين: *أبو هلال العسكري ت 395هـ فى كتابه " الصناعتين " *جلال الدين القزوينى ت 739هـ فى كتابه " الإيضاح فى علوم البلاغة "
4_ الذين ألفوا فى إعجاز القرآن الكريم : إن ظاهرة التكرار تصدرت موضوعات إعجاز القرآن الكريم فهى وجه من وجوه الإعجاز والذى تناولها علماء الإعجاز فى كتبهم التى خصصوها فى إيضاح وبيان إعجاز القرآن ووجوهه , ومن هؤلاء العلماء : *الخطابي ت 388 هـ فى كتابه " بيان إعجاز القرآن " *الباقلانى ت 403 هـ فى كتابه " إعجاز القرآن " ولكن مما يجدر التأكيد عليه أن علماء الإعجاز تناولوا قضية التكرار بشكل موجز ومختصر .
5_ اللغويون: وأعنى بهم الذين ألفوا فى خصائص اللغة العربية فقد أشاروا لظاهرة التكرار فى القرآن الكريم وكذا عند الشعراء العرب ومن هؤلاء وكتبهم : ابن فارس ت 395 هـ وكتابه " الصاحبى فى فقه اللغة " الثعالبي 430 هـ وكتابه " فقه اللغة وسر العربية " 6_ علماء علوم القرآن : وعلوم القرآن يعنى به العلم الذى يضم مجموعة مباحث حول القرآن الكريم وقضاياه , وقد شغلت ظاهرة التكرار فى القرآن الكريم قسطا من هذه المؤلفات , وممن ألف فى علوم القرآن واهتم بهذه الظاهرة *الزركشى 794 هـ فى كتابه "البرهان فى علوم القرآن " *السيوطى 911 هـ فى كتابه "الإتقان فى علوم القرآن " 3/ 193_206 وقد أشار أصحاب المعاجم إلى كتب أُلفت فى هذا المقام حفظ لنا التاريخ أسمائها مثل : " المقتنص فى فوائد تكرار القصص " , وكتاب " نخبة الأذهان فيما وقع من التكرار فى القرآن " لمحمد عبد العظيم المعروف بابن عتيق ت 1088 هـ . 7_ المؤلفون فى الرد على الشبهات : منذ فطن الملحدون لخطورة القرآن الكريم عليهم وعلى أطماعهم وانحلالهم وهم متربصين به , يرمونه بين الحين والحين بما يقدح فى عصمة هذا الكتاب المجيد ، الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد 0 ولقد قيض الله لهذا الدين ولكتابه من يذب عن حياضه ومن هؤلاء : *ابن قتيبة ت 276 هـ فى كتابه " تأويل مشكل القرآن " *الخطابي ت 388 هـ وكتابه " بيان إعجاز القرآن " *السكاكى ت 626 هـ وكتابه " مفتاح العلوم " * ابن تيمية الحرانى وكتابه " مجموع الفتاوى "
المطلب الثانى ظاهرة التكرار فى القرآن بين المعاصرين
وبعد أن وقفنا على طرف من جهود علمائنا السلف فى دراسة ظاهرة التكرار فى القرآن الكريم , جاء الدور أن نقف مع هذه الظاهرة عند المعاصرين, فلم يكن علماؤنا المعاصرون بمنأى عن دراسة هذه الظاهرة والتنويه إليها من خلال كتاباتهم حول القرآن الكريم. ويمكننا أن نقول: إن الجميع قد شهدوا للقران برتبته البلاغية وأسلوبه الفريد المعجز ، ولكن مع هذا الاتفاق نجدهم قد اختلفوا حول مسمى هذه الظاهرة ، فمن العلماء من أقر بهذه التسمية وأقر بوجودها فى القرآن وحسنِ توظيف القرآن الكريم لها 0 ومنهم من أقر بهذا ، ولكنهم لم يطلقوا عليها اسم "التكرار" بل سموها تارة بـ "التكامل " وتارة أخرى بـ " التنوع". وعليه فالمحدثون إزاء تسمية هذه الظاهرة فى القرآن الكريم على مذهبين : 1_المذهب الأول :يرى أن التكرار بهذا الاسم ليس ذما أو قدحا ، بل هو أمر مرغوب ، وأسلوب بلاغى متميز ومعجز ، كانت له أغراض فى كل موطن قد وفى بها , فالتكرار لدى هذا المذهب وجه من وجوه البلاغة القرآنية ولون من ألوان إعجازه . وقد تبنى هذا المذهب عدد من المعاصرين يصعب حصرهم ومن بينهم : المحقق : عبد القادر أحمد عطا : فهو مقر بوجود التكرار فى القرآن الكريم ، شاهدا للقرآن بحسن توظيف هذه الظاهرة ، ويبدو أنه متأثر فيما ذهب إليه بشيخه الكرمانى الذى حقق كتابه " أسرار التكرار فى القرآن " فيقول الشيخ عبد القادر عطا :" وهذا الوجه – أى التكرار – يمكن أن نسميه تجاوزا بـ" التركيب الكيميائى للقرآن " وذلك أن أسلوب القرآن من هذه الوجهة مركب تركيبا دقيقا بالغ الدقة ، بحيث تقرب منه التركيبات المعملية التى توزن على مقادير بالغة الدقة ، ولا تؤتى النتيجة المأمولة منها إذا اختلت هذه التراكيب فى جزء من مائة منها ، وهذا توجيه من توجيهات المكررات القرآنية ، يمكن أن نتبينه واضحا من خلال قوله تعالى فى سورة البقرة :" وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ وقوله تعالى فى سورة المائدة :" وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ"
فقوله تعالى على لسان الكفار "بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا " لا يمنع أن يرجعوا عن اتباع آبائهم ، فهم لم يبلغوا النهاية فى دعوى إيمانهم بالأوثان ، ولهذا استعمل الله تعالى فى نفى هدايتهم لفظا لا يبلغ النهاية فى اليقين ، وهو قوله " أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا " فإن فوق العقل فى اليقين " العلم " ، أما فى المائدة فقد بلغ الكفار النهاية فى الاعتداد بالأوثان ، وقطعوا على أنفسهم طريق العودة عنها بقولهم "حسبنا ما وجدنا عليه آبائنا "ولهذا استعمل الله فى نفى هدايتهم : نفى العلم الذى هو أبلغ درجات اليقين ، فقال :" أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا " ، والدليل على أن العلم أرفع من العقل أن الله لا يوصف بالعقل ، وإنما يوصف بالعلم ، فهل ترى أدق وزنا لمعانى الألفاظ ومراعاة تناسبها من هذا الوزن الحق ، الذى نزل به القرآن 0" فالشيخ أظهر لنا بلاغة القرآن فى أعلى مراتبها ، من خلال حسن توظيف القرآن للتكرار مع الاختلاف فى بعض الألفاظ التى تحمى هذا التكرار من العبث 0 صلاح عبد التواب : حيث يقول: " كانت أهمية التكرار أنه يعاود النفوس الغافلة المرة بعد المرة يزيل عنها غفلتها , كما يعاود النفوس المؤمنة المطمئنة بما يثبت فيها دعائم اليقين ، فالتكرار إذن ظاهرة بلاغية لا يفطن إليها إلا كل من له بصر بفنون القول , وهو فى القرآن أروع وأجمل من أن تتطاول إليه ألسنة المتقولين .." وكما هو واضح أن هذا المذهب اعتبر التكرار أسلوبا من أساليب العربية التى أجاد القرآن توظيفها واستخدامها حتى صار وجها من وجوه الإعجاز فيه . 2_المذهب الثانى : مع إقراره بوجود الظاهرة فى القرآن إلا أنه تحرج أن يطلق عليها اسم " التكرار" لأنه ينظر إلى التكرار على أنه : تكرار اللفظ نفسه فى السياق نفسه للمعنى نفسه بغير فائدة , أما ما يأتى فى سياق آخر , ومناسبة أخرى فلا يعد تكرارا وما جاء فى القرآن الكريم هو من النوع الثانى . لذا فهم لا يسمونه تكرارا بل يسمونه تنوعا أو تكاملا
يقول الأستاذ محمد قطب : " الظاهرة الحقيقية ليست هى التكرار وإنما هى التنويع , لا يوجد نصان متماثلان فى القرآن كله , إنما يوجد تشابه فقط دون تماثل , تماثل كالذى يوجد بين الإخوة والأخوات
والأقارب لكنه ليس تكرارا بحال من الأحوال , إنه مثل ثمار الجنة "كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا.." فهم حين يتناولوا الثمرة لأول مرة يقولون هذا الذى رزقنا من قبل فإن تذوقوه عرفوا أنه مختلف عنه يشبهه ولا يماثله . وإن التنويع ذاته لجمال فوق أنه يذهب عن النفس الملال . ويقول الشيخ عبد الرحمن الميداني : " على متدبر كلام الله أن يبحث فى كل نص يبدوا له أنه من النصوص المكررة فى القرآن , ليكتشف غرض التكرير -إذا كان النص مكررا حرفيا -, وليكتشف فوارق المعانى -إذا كان النص المكرر مختلفا ولو بعض الشئ ولو بكلمة أو حرف فى كلمة- , فكثير من النصوص التى يتوهم فيها التكرار هى ليست فى الحقيقة مكررة , ولكنها متكاملة يؤدى بعضها من المعانى المرادة ما لا يؤديه البعض الآخر
أما الشيخ العفيفى فيقول :" إن أحكام القرآن وتفصيله هو العلم الذى يضمن لنا أننا كلما احتجنا إلى أى مفردة قرآنيه وجدناها بأى موضع من مواضعها , كالحرف الواحد فى الكلمة , يعنى المكرر فى كلمة واحدة التى تجمع حروفها جميعا فى جملتها , فإذا كل حرف بموضعه الخاص به تفصيلا , يعنى كل حرف غير الآخر , لا أنه مكر " ويقول د : وليد قصاب :" التكرار أسلوب فنى وهو فى القرآن الكريم ليس مطلقا ، ولا تتشابه فيه المواقف والعبارات ، بل تبدو كل قصة تتكرر، وكأنها عرض جديد ، وأسلوب جديد "
وللجمع بين هذه الآراء نسجل الآتى : اتفق الجميع على وجود هذه الظاهرة فى القرآن الكريم وفى العديد من المواطن والمواضع 0 أصحاب المذهب الثانى لم يكونوا بدعا فيما ذهبوا إليه فقد سبقهم لهذا الاستنتاج عدد من علماء السلف ومنهم ابن تيمية حيث يقول:" وليس فى القرآن تكرار محض , بل لابد من فوائد فى كل خطاب0 "
كما اتفقوا على أن كل موطن يختص بحالة خاصة تختلف عما وردت فيه فى موطن آخر , من حيث العرض والهدف والأسلوب والمعنى وغير ذلك ، ولكنهم اختلفوا من حيث التسمية هل يطلق على هذه الظاهرة اسم " تكرار " أم تسمى " تنوعا أو تكاملا " وعليه فلا مشاحة فى الاصطلاح خاصة وأن الجميع متفقون على تنزيه القرآن عما يعاب به , أو عن التكرار الركيك الذى يصيب القارئ بالسامة والملل .
الخاتمة وفى نهاية هذ البحث ، أود أن أسجل أهم النتائج التى توصلت إليها الدراسة والتى منها :
• تؤكد الدراسة على أن التكرار أسلوب بلاغى راق ، وحُلة من حُلل الكلام البلاغية 0 • أكدت الدراسة أن الحكم على التكرار بالمدح أو بالذم يعود إلى المتكلم به ذاته ، فإن أجاد توظيفه فهو جيد ، وإن أخفق فى توظيفه جاء مستقبحا 0 • أكدت الدراسة أن التكرار استعمله العرب حتى قبل نزول القرآن الكريم 0 • لا ينبغى أن نعتذر للقرآن لما فيه من التكرار ، إذ تكرار القرآن مما لا يعاب به فقد جاء فى أرقى صورة وأبهى حُلل ، لأنه نزل بلسان عربى مبين 0 • أوضحت الدراسة أن التكرار منه المحمود ومنه المذموم 0 • أكدت الدراسة على وقوع التكرار فى القرآن الكريم ،ولكنه فى أجود حالاته ، وأسمى تعبيراته ، حتى صار وجها من وجوه إعجازه ، لذا أجمع العلماء على عدم وقوع تكرار مذموم فى القرآن الكريم 0 • جهود العلماء المعتدلين متواصلة فى بيان حقيقة الأمر بالنسبة للتكرار ، مما يدل على أن شبهة "التكرار " قديمة قدم فساد اللذوق العربى ، ومتجددة ينعق بها الأعداء- حنقا -بين الحين والآخر 0 • أكدت الدراسة على أن للتكرار فوائد جليلة من الناحية الدينية :فهى ترسخ المفاهيم الصحيحة ، ومن الناحية الأدبية : فهى تثرى التعبيرات القرآنية ، وتلبسها عظمة وجمالا 0 • التربية والتى هى من أهم أهداف القرآن الكريم تتطلب التكرار والإعادة ، والممارس لعملية التربية على أى مستوى يدرك أهمية التكرار 0 • أوضحت الدراسة أن القرآن الكريم حسُن توظيفه للتكرار حتى يشعر القارئ أنه جديد أصيل فى كل مواضيعه لا تكرار فيه 0 • أوضحت الدراسة أن التكرار فى القرآن الكريم قد تضمن جميع صور وأهداف التكرار التى عدها اللغويون والبلاغيون 0
• الموضوعات التى تكررت فى القرآن الكريم يحسبها من رآها أنها هى التى جاءته منذ قليل ، فإذا تحقق الأمر بان له منها الجديد والجديد " كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا" نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يطعمنا جميعا ثمار الجنة ، وأن يرزقنا الإخلاص فى القول والعمل 0 وبعد : فبين أيديكم جهد المقل ، وبضاعة المبتدئ ، فإن أحسنت فيها فالفضل كله لله ، وإن أخفقت فحسبى أنها محاولة جادة ، ويكفينى منها معايشة كتاب الله عن قرب 0 والله أسأل ألا يحرمنى من ورائها الأجر 0
المراجع والمصادر
الإتقان فى علوم القرآن للسيوطى تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، ط المشهد الحسينى ط1 القاهرة 1967م أسرار التكرار فى القرآن المسمى " البرهان فى توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبرهان "لتاج الدين محمود بن حمزة الكرمانى ت 505هـ تحقيق عبد القادر عطا ط دار الفضيلة 1977م أسرار التكرار فى لغة القرآن د محمود السيد شيخون ط مكتبة الكليات الأزهرية 0 إعجاز القرآن لأبى بكر محمد بن الطيب الباقلانى ، تحقيق السيد أحمد صقر ، ط دار المعارف ط خامسة 1981م الأعلام لخير الدين الزركلى ، ط دار العلم للملايين ط خامسة بيروت 1980م الأغانى لأبى الفرج الأصبهانى ط بيروت دار إحياء التراث العربى ط أولى 1994م 0 البحر المحيط لأبى حيان ، ط دار الفكر ، ط ثانية 1978م البرهان فى علوم القرآن للزركشى ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ط عيسى البابى الحلبى ط ثانية 1972م بهجة المجالس وأنس المجالس وشحذ الذاهن والهاجس ، لابن عبد البر القرطبى ط بيروت دار الكتب العلمية 1982م تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدى ط بيروت دار مكتبة الحياة ط أولى 0 تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ، تحقيق السيد أحمد صقر ط ثالثة ، ط دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابى الحلبى وشركاه 0 التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور ط بيروت مؤسسة التاريخ ط أولى 2000م التعريفات للجرجانى :على بن محمد الشريف الجرجانى ط بيروت مكتبة لبنان 1990م خصائص التعبير فى القرآن الكريم وسماته البلاغية ط مكتبة وهبة القاهرة د محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف 0 خواطر الشيخ الشعراوى فى القرآن الكريم ط أخبار اليوم دراسات قرآنية لمحمد قطب دار الشروق ط ثانية 1980
دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة للبيهقى ، علق عليه / عبد المعطى قلعجى بيروت دار الكتب العلمية 1985م رسائل الجاحظ : أبو عثمان عمرو بن بحر ، تحقيق عبد السلام محمد هارون ط بيروت دار الجيل ط أولى 1991م زاد المسير فى علم التفسير، لابن الجوزى ط بيروت المكتب الإسلامى ط رابعة 1987م شرح ديوان الحماسة للمرزوقى: أحمد بن محمد بن الحسن، ط بيروت دار الجيل ط أولى 1991م شرح مقامات الحريرى لأحمد بن عبد المؤمن بن موسى الشريس 1997م ط أولى الصاحبى فى فقه اللغة لابن فارس تحقيق السيد أحمد صقر ط البابى الحلبى 1977م صبح الأعشى فى صناعة الإنشاء للقلقشندى ط وزارة الثقافة ، نسخة مصورة من الطبعة الأميرية العرف الطيب فى شرح ديوان أبى الطيب ناصف اليازجى ط بيروت دار صادر 1992م العمدة فى صناعة الشعر لابن رشيق القيروانى تحقيق محمد محى الدين عبد الحميد ط بيروت دار الجيل ط خامسة 1981م فتح القدير الجامع بين فنى الرواية والدراية للشوكانى ط بيروت دار ابن كثير ط ثانية 1998م الفروق اللغوية لأبى هلال العسكرى تحقيق : لجنة إحياء التراث العربى فى دار الآفاق الجديدة بيروت ط خامسة 1983م فى الإعجاز البلاغى فى القرآن الكريم د / وليد قصاب ص 193 ط الإمارات العربية /دبى دار القلم للنشر والتوزيع ط أولى 2000م فى ظلال القرآن لسيد قطب ط دار إحياء التراث العربى بيروت ط سابعة 1971م القاموس المحيط للفيروزآبادى تحقيق مكتب تحقيق التراث مؤسسة الرسالة بيروت ط سادسة 1998م القرآن القول الفصل بين كلام الله وكلام البشر محمد العفيفى ط الكويت ذات السلاسل للطباعة 1977م القرآن ونصوصه د / عدنان زرزور ط خالد بن الوليد 1407هـ دمشق القصص القرانى إيحاؤه ونفحاته د فضل حسن عباس ط دار الفرقان الأردن ط 1 1987م
القصص القرآنى فى منطوقه ومفهومه لعبد الكريم الخطيب ط دار الفكر العربى مطبعة المدنى بالعباسية ط 1974م قضايا التكرار فى القصص القرآنى د القصبى محمود زلط ط دار الأنصار مصر/ ط1 1978م ، قضايا الشعر المعاصر نازك الملائكة بيروت دار العلم للملايين ط ثامنة 1989م قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عزوجل عبد الرحمن حنبكة الميداني ط دار القلم / دمشق ط ثانية ، 1989م الكامل فى اللغة والأدب للمبرد ط القاهرة مؤسسة المختار تحقيق يحي مراد ط أولى 2004م الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل فى وجوه التأويل لجار الله محمود بن عمر الزمخشرى ط دار الفكر 0 مباحث فى علوم القرآن لمناع القطان ط مؤسسة الرسالة ط الخامسة والثلاثون 1998م المثل السائر فى أدب الكاتب والشاعر لابن الأثير الكاتب تحقيق د بدوى طبانة ، د الحوفى ،القاهرة دار نهضة مصر للطبع والنشر 1997م مجموع الفتاوى لابن تيميه جمع عبد الرحمن قاسم الرباط مكتبة المعارف 0 المخصص لابن سيده بيروت دار إحياء التراث 1996م ط أولى 0 المعجزات الأحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم ، لبديع الزمان الشيخ سعيد النورسى ترجمة إحسان الصالحى مطبعة الزهراء الموصل ط ثانية 1988م مفاتيح الغيب للرازى الشافعى ط بيروت دار الكتب العلمية ط أولى 1990م من روائع القرآن تأملات علمية وأدبية فى كتاب الله / محمد سعيد البوطى مؤسسة الرسالة ط 2003م من علوم القرآن وتحليل نصوصه عبد القادر حسين ط دار قطرى بن الفجاءة للنشر والتوزيع الدوحة 0 النقد الأدبى دراسة نقدية أدبية حول إعجاز القرآن الكريم /صلاح الدين محمد عبد التواب ط دار الفكر العربى 0 نهاية الأرب فى فنون الأدب للنويرى: شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب ط دار الكتب بيروت 0
الفهرس المقدمة .......................................................................3 التمهيد .............................................................................6 المبحث الأول " التكرار فى لغة العرب "............................................9-15 المطلب الأول " التكرار ظاهرة جمالية " ............................................11 المطلب الثانى : التكرار عند علماء الإعجاز 0......................................14 المبحث الثانى : " القرآن الكريم وظاهرة التكرار " ..................................16- 28 المطلب الأول " القرآن والتكرار " ..................................................17 المطلب الثانى "فوائد التكرار فى القرآن الكريم "....................................20 المطلب الثالث " آراء العلماء فى قضية التكرار فى القرآن الكريم "..................24 المبحث الثالث " أنواع التكرار وخصائصه فى القرآن الكريم " ......................29- 47 المطلب الأول " أنواع التكرار فى القرآن "..........................................30 تكرار الأداة .......................................................................30 تكرار الكلمة ......................................................................31 تكرار الفاصلة ....................................................................32 تكرار القصة .....................................................................36 آراء العلماء فى قضية تكرار القصص القرآنى ....................................38 المطلب الثانى " أسرار وخصائص التكرار فى القرآن الكريم "......................46 المبحث الرابع " ظاهرة التكرار فى القرآن بين القدامى والمعاصرين ".............48- 55 المطلب الأول جهود علماء السلف فى دراسة ظاهرة التكرار .......................49 المطلب الثانى " ظاهرة التكرار فى القرآن بين العاصرين " .........................52 الخاتمة ...........................................................................56 المراجع ..........................................................................58 الفهرس ..........................................................................61 |
| | | | ظاهرة التكرار في القرآن الكريم | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |