المسألة الخامسة والعشرون: ما حكم الحناء والكحل والاغتسال والمصافحة والطبخ وإظهار الفرح والسرور وإقامة الحفلات والتوسعة على الأهل في يوم عاشوراء؟ وهل ورد في ذلك أثر صحيح؟
لم يرد في ذلك أثر صحيح في السنن ولا المسانيد ولا غيرها، ولهذا فكل ما يفعل في ذلك اليوم على وجه العبادة فبدعة، ولعل من فَعَلَه من جهلة السنة كان يقصد مضادة الرافضة في حزنهم ومأتمهم فقابل البدعة ببدعة، وليس هذا من سبيل أهل السنة.
وقال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (1/194):
" وأعلى ما عندهم وغاية ما ورد: ما جاء عن إبراهيم بن محمد عن أبيه المتنشر: بلغنا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته، قال سفيان بن عيينة: جربناه منذ ستين عاماً فوجدناه صحيحاً، وإبراهيم بن محمد: كان من أهل الكوفة، ولم يذكر ممن سمع هذا ولا عمن بلغه فلعل الذي قال هذا من أهل البدع الذين يبغضون علياً وأصحابه ويريدون أن يقابلوا الرافضة بالكذب.
وقال الإمام أحمد عن الأثر الوارد: لا أصل له، وكفى بذلك بطلاناً له.
المسألة السادسة والعشرون: تكفير يوم عاشوراء للسيئات هل يشمل الكبائر؟
ثبت في الصحيح أن صيام يوم عاشوراء يكفر سنة:
ولكن إطلاق هذا التكفير لا يوجب تكفير السيئات حتى الكبائر لأنها مخصوصة بأدلة أخرى، فلا بد للكبائر من توبة، وإذا كانت الصلاة وهي أعظم من صيام عاشوراء تكفر السيئات إذا اجتنبت الكبائر فعاشوراء أقل شأنا من الصلاة المفروضة التي ثبت فيها قوله صلى الله عليه وسلم:" الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر”.
المسألة السابعة والعشرون: إشكال وجوابه.
الإشكال:
ثبت في السنة أن الصلاة تكفر السيئات، وأن صيام عرفة يكفر سنتين، وأن صيام عاشوراء يكفر سنة، وأن الجمعة إلى الجمعة يكفر ما بينهما.
فإذا كُفِّر عن الإنسان بصيام يوم عرفة والصلوات والجمعة ثم صام عاشوراء فماذا يكفر عنه وقد كفرت سيئاته بأعماله الأخرى؟
الجواب:
قيل في ذلك جوابان:
الأول:
أن الصيام إذا لم يكن عند الإنسان سيئات فإنه يرفع له به درجات.
الثاني:
أن الصيام الذي يكفر السيئات هو الصيام المتقبل عند الله، وكذلك الحال بالنسبة للصلاة فإنها لا تكفر السيئات إلا إن كانت مقبولة عند الله، وقد ثبت في الصحيح أن الرجل ينصرف من صلاته ولم يكتب له إلا نصفها، وينصرف الرجل من صلاته ولم يكتب له شيئ.
لأن الأعمال تتفاضل ليس بصورتها وكثرتها وإنما بما يقم في قلب صاحبها من الإخلاص لله والمتابعة وما فيه من أعمال قلبية يقوم عليها دينه.
فليس بالضرورة أن يكون العمل متقبلاً كله، فقد يقبل بعضه، وقد يقبل الأقل منه، وقد يقبل الجزء اليسير فيكفر عما يقابله من السيئات، فالصيام يكفر جزءً، والصلاة جزءً، وعرفة جزءً، وعاشوراء جزءً، فكيف إذا كان الإنسان مصراً على الذنوب، كثير الغفلة، يسهو في الفرائض، وينتقص أركانها، ويهمل سننها !! فيكف إذا اجتمع مع ذلك محبطات للأعمال!!.
وبهذا نعلم حاجة الإنسان إلى استغلال أوقات الفضائل وأن يكون عمله خالصاً صواباً ليتقبله الله، فيؤدي ذلك العمل ثمرته من التكفير.
المسألة الثامنة والعشرون: لِم كان صيام عرفة يكفر سنتين بينما صيام عاشوراء يكفر سنة؟
ذكر ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد (5/315) حكمتين:
الأولى: أن يوم عرفة في شهر حرام وقبله شهر حرام وبعده شهر حرام بخلاف عاشوراء.
الثانية: أن صوم يوم عرفة من خصائص شرعنا بخلاف عاشوراء فمن شريعة موسى عليه السلام، فضوعفت عرفة ببركات المصطفى صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
وقيل في ذلك أيضا:
أنه جاء في الحديث الصحيح مرفوعاً:
" عملت اليهود من الصبح إلى الظهر فأعطاهم الله عزّ وجل قيراطا، وعملت النصارى من الظهر إلى العصر فأعطاهم الله عزّ وجل قيراطا، وعملت أمة محمد صلى الله عليه وسلم من العصر إلى المغرب فأعطاهم الله قيراطين”.
فدل ذلك على أن هذه الأمة تعطى ضعف أجر اليهود والنصارى، وهذا محتمل ولا يُجزم به لأنه منخرم في أعمال كثيرة ليس لنا ضعف ما لهم فقد يزيد وقد ينقص، وهذا فضل الله يؤتيه الله من يشاء.
المسألة التاسعة والعشرون: هل صام موسى عليه السلام يوم عاشوراء؟
ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأل أهل الكتاب عن صوم يوم عاشوراء فقالوا: يوم نجى الله فيه موسى وقومه من الغرق فصامه موسى شكراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نحن أحق بموسى منكم.
فإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهم على هذه الجملة وعدم معارضتهم دليل على صدقهم فيها، ويضاف لذلك ما كانت قريش تفعله بالكعبة من تعظيم وكسوة فدل على أن هذا يوم تعظيمه له أصل، والله أعلم.
المسألة الثلاثون: هل فضل تكفير السيئات بصيام عاشوراء ينال من صام العاشر لوحده؟ أم لا بد من حصول مخالفة اليهود والنصارى فيشترط يوماً قبله؟
لا يشترط ذلك، فالفضل يحصل لمن صام عاشوراء، ومن خالف اليهود فصام يوماً قبله حصل على أجر المخالفة مع أجر الصيام، وجمع فضلاً إلى فضل، وذلك لأن الفضل معلق بيوم عاشوراء وهو اليوم العاشر.
المسألة الثلاثون: إذا وافق يوم عاشوراء يوم الجمعة فهل يفرد بالصيام؟
إذا وافق يوم عاشوراء الجمعة فلا يخلو من حالتين:
الأولى: أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده: فلا حرج في ذلك، ولا يدخل في النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام، لأنه أضاف مع الجمعة يوماً آخر.
الثانية: أن يفرد الجمعة بالصيام: فلا حرج في ذلك ؛ لوجود السبب المقتضي لذلك وهو يوم عاشوراء، فيكون مخصصاً للنهي الوارد عن إفراد يوم الجمعة بالصيام.
المسألة الحادية والثلاثون: إذا غم أول شهر محرم بغيم أو قتر فما يفعل المسلم؟
لا يخلو المر من حالتين:
الأولى: أن يصوم ثلاثة أيام، وهي: يوم عاشوراء ويوماً قبله ويوماً بعده، فيكون مصيباً ليوم عاشوراء بإذن الله.
الثانية: أن تكمل عدة شهر ذي الحجة ثلاثون، ثم يصام اليوم العاشر، كما يفعل في حال وجود غيم أو قتر في دخول رمضان.
المسألة الثانية والثلاثون: إذا وافق يوم عاشوراء يوم السبت فما حكم الصيام؟
اختلف العلماء في حكم يوم السبت على قولين:
الصحيح منهما الجواز، لفعله صلى الله عليه وسلم، وحديث الصمَّاء الوارد في النهي لا يصح وهو قوله: " لاَ تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ، إِلاَّ فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلاَّ لحاء عنبٍ، أو عود شجرة، فليمضغها " أنكره مالك وقال أبو داود بنسخه.
ولو ثبت الحديث لكان مخصوصاً بوجود السبب وهو عاشوراء فكيف والحديث غير صحيح، فعلى هذا يصح صيام يوم عاشوراء إذا وافق يوم السبت ولا كراهة في هذا.
المسألة الثالثة والثلاثون: إذا وافق يوم عاشوراء يوم الاثنين أو الخميس فهل يقع عن صيام الاثنين أوالخميس وعاشوراء بنية واحدة؟
هذه المسألة تنبني على مسألة أخرى، وهي: تداخل العبادات، والصحيح فيها هنا:
أنه يصح أن ينوي الإنسان عاشوراء وصيام الاثنين أو الخميس بنية واحدة، وفضل الله واسع، والله أكرم الأكرمين سبحانه وتعالى.
المسألة الرابعة والثلاثون: لماذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود عن صيام عاشوراء مع أن صيامه كان معروفاً في الجاهلية وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه
قيل في ذلك عدة أجوبة، منها:
1ـ أن سؤاله لم يكن لأجل الاستفهام، وإنما لأجل تأكيد أهميته وتعظيمه، ولا يمتنع أن يخرج السؤال عن الاستفهام إلى أغراض أخرى.
2ـ أن سؤاله لأنهم أهل كتاب، وكان في بداية الأمر يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه لما عندهم من إرث نبوة.
3ـ لأنه رأى التوافق بين المشركين وأهل الجاهلية وأهل الكتاب فأحب أن يسأل عن ذلك.
4ـ لأنه لاحظ أن اليهود تصوم في ربيع الأول حين مقدمه، بينما عاشوراء حسب السائد عند الجاهلية كان في محرم فسأل عن صيامهم في ربيع الأول.
المسألة الخامسة والثلاثون: المراحل التي مر بها صيام يوم عاشوراء في الشريعة الإسلامية.
مر يوم عاشوراء بعدة مراحل ذكرها ابن رجب رحمه الله من خلال الأحاديث التي وردت، وهي كالتالي:
1ـ كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومه في مكة، وكانت قريش تصومه.
2ـ لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد اليهود تصومه فأمر بصيامه وأرسل بالأمر بالصيام وأن يمسك الناس عن الأكل بقية اليوم.
3ـ لما فُرض صيام رمضان نسخ وجوب عاشوراء وبقي استحبابه.
4ـ في آخر عام عاشه النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه في العام القادم سيصوم التاسع مع العاشر مخالفة لليهود.
المسألة السادسة والثلاثون: لو صام يوم عاشوراء ويوماً قبله ويوماً بعده ونوى به صيام ثلاثة أيام من الشهر فهل يجزئ عنه؟
الصحيح في ذلك أنه يجزئ كما مر في تداخل العبادة، وفضل الله واسع، نسأل الله الكريم من واسع فضله.
المسألة السابعة والثلاثون: الأحاديث التي لا تصح في يوم عاشوراء.
ورد كثير من الأحاديث لا تصح في هذا اليوم جمعتها من كلام أهل العلم فرحمهم الله رحمةً واسعة، ومن ذلك:
1ـ حديث:
" إن الله خلق السماوات والأرض يوم عاشوراء”. موضوع
2ـ حديث:
" من اكتحل يوم عاشوراء بالإثمد لم ترمد عينه أبداً " رواه الحاكم وقال: إنه منكر وأورده ابن الجوزي في الموضوعات.
3ـ حديث:
"من صام يوم عاشوراء كتب الله له عبادة ستين سنة " باطل ويرويه حبيب بن أبي حبيب قال الهيثمي: متروك كذاب.
4ـ حديث:
" من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه في سنته كلها " تفرد به الهيثم بن شداخ وهو ضعيف باتفاق أهل العلم، وقال أحمد: لا أصل له، وقال ابن رجب: لا يصح إسناده وأورده ابن الجوزي في الموضوع.
5ـ حديث:
" إن آدم تاب الله عليه يوم عاشوراء، ونوحاً نجاه الله يوم عاشوراء وإبراهيم نجاه الله من النار يوم عاشوراء ويونس أخرجه الله من بطن الحوت يوم عاشوراء ويعقوب اجتمع بيوسف يوم عاشوراء والتوراة نزلت يوم عاشوراء”.
وما أشبه ذلك من الأخلاط فكله كذب ولا أصل له، ولم يصح إلا نجاة موسى وقومه من الغرق.
6ـ حديث:
" أن أعرابيًّا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء، فقال: يوم عاشوراء يكفر العام الذي قبله والذي بعده، ويوم عرفة يكفر العام الذي قبله”.
رواه أبو يعلى الموصلِى بسند ضعيف لجهالة التابعي، ومع ضعفه مخالف لما رواه مسلم في صحيحه، وهذا مما انقلب على الراوي.
7ـ أحاديث صلاة عاشوراء كلها لا تصح، ومنها:
- حديث أبي هريرة:
" من صلى يوم عاشوراء ما بين الظهر والعصر أربعين ركعة يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي عشر مرات وقل هو الله أحد إحدى عشرة مرة والمعوذتين خمس مرات فإذا سلم استغفر سبعين مرة أعطاه الله في الفردوس قبة بيضاء فيها بيت من زمردة خضراء سعة ذلك البيت مثل الدنيا ثلاث مرات وفي ذلك البيت سرير من نور قوائم السرير من العنبر الأشهب على ذلك السرير ألف فراش من الزعفران”.
- أخرجه ابن الجوزي بسنده وقال: ذكر حديثا طويلاً من هذا الجنس وهو موضوع ورواته مجاهيل. أ.هـ
- حديث:
" صلاة ليلة عاشوراء مائة ركعة في كل ركعة يقرأ بعد الفاتحة سورة الإخلاص ثلاث مرات”.
- وحديث:
" صلاة وقت السحر من ليلة عاشوراء وهي أربع ركعات في كل ركعة بعد الفاتحة يقرأ آية الكرسي ثلاث مرات وسورة الإخلاص إحدى عشر مرة وبعد الفراغ يقرأ سورة الإخلاص مائة مرة”.
- وحديث:
" صلاة يوم عاشوراء عند الإشراق يصلي ركعتين في الأولى بعد الفاتحة آية الكرسي وفي الثانية (لو أنزلنا هذا القرآن) إلى آخر سورة الحشر ويقول بعد السلام يا أول الأولين ويا آخر الآخرين لا إله إلا أنت خلقت أول ما خلقت في هذا اليوم وتخلق آخر ما تخلق في هذا اليوم أعطني فيه خير ما أوليت فيه أنبيائك وأصفيائك من ثواب البلايا وأسهم لنا ما أعطيتهم فيه من الكرامة بحق محمد عليه الصلاة والسلام”.
- وحديث:
" صلاة يوم عاشوراء ست ركعات في الأولى بعد الفاتحة سورة الشمس وفي الثانية إنا أنزلناه وفي الثالثة إذا زلزلت وفي الرابعة سورة الإخلاص وفي الخامسة سورة الفلق وفي السادسة سورة الناس ويسجد بعد السلام ويقرأ فيها قل يا أيها الكافرون سبع مرات ويسأل الله حاجته”.
وكل حديث ورد في فضل تخصيص صلاة ليوم عاشوراء فموضوع.
8ـ حديث:
" من صام يوم عاشوراء أعطى ثواب عشرة آلاف ملك ومن صام يوم عاشوراء أعطى ثواب عشرة آلاف شهيد ومن صام يوم عاشوراء كتب الله له أجر سبع سماوات ومن أفطر عنده مؤمن في يوم عاشوراء فكأنما أطعم جميع فقراء أمة محمد وأشبع بطونهم ومن مسح على رأس يتيم رفعت له بكل شعرة على رأسه درجة في الجنة فقال عمر يا رسول الله لقد فضل الله يوم عاشوراء قال نعم خلق الله السماوات يوم عاشوراء والأرض كمثله وخلق القلم يوم عاشوراء واللوح مثله وخلق جبريل يوم عاشوراء وملائكته يوم عاشوراء وخلق آدم يوم عاشوراء وغفر ذنب داود يوم عاشوراء...الخ " موضوع.
9ـ حديث:
" ومن أشبع أهل بيت مساكين يوم عاشوراء مر على الصراط كالبرق الخاطف ومن تصدق بصدقة فكأنما لم يرد سائلا قط ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض إلا مرض الموت " موضوع.
10 ـ حديث:
" من صام يوم عاشوراء أعطى ثواب عشرة آلاف ملك”. موضوع.
11ـ حديث:
" إن الصرد أول طير صام عاشوراء”. رواه الخطيب عن أبي غليط مرفوعا ولا يعرف في الصحابة من له هذا الاسم وفي إسناده عبد الله بن معاوية منكر الحديث، كما قاله الشوكاني رحمه الله.
12ـ حديث:
" ما من عبد يبكي يوم قتل الحسين يعني يوم عاشوراء إلا كان يوم القيامة مع أولي العزم من الرسل”. موضوع.
- وكذا ما روى من أن البكاء يوم عاشوراء نور تام يوم القيامة " موضوع وضعته الرافضة.
13ـ كل حديث ورد في فضل زيارة القبور يوم عاشوراء فلا أصل له.
14ـ حديث:
" لئن بقيت لأمرن بصيام يوم قبله أو يوم بعده " قال الألباني رحمه الله: منكر بهذه الزيادة.
15ـ حديث:
" صمتم يومكم هذا؟ قالوا: لا قال: فأتموا بقية يومكم واقضوه. يعني: يوم عاشوراء " قال الألباني: منكر بهذه الزيادة.
المسألة الثامنة والثلاثون: البدع المحدثة في عاشوراء.
كل ما خلف السنة فبدعة، وفي يوم عاشوراء تفعل البعض بدعاً منها:
1ـ تحصيص قراءة قصة موسى وفرعون في صلاة الفجر.
2ـ التوسعة على الأهل في ذلك اليوم.
3ـ النياحة وشق الجيوب ولطم الخدود والدعاء بدعوى الجاهلية.
4ـ لبس السواد في عاشوراء، ومثله تخصيص أي لباس خاص بعاشوراء.
5ـ إحياء ليلتها بقيام مخصوص لأجلها.
6ـ تخصيص يومها بأذكار وأوراد مخصوصة.
7ـ المراشة وهي: أن تجتمع مجموعة من النساء في بيت من البيوت ثم يأتين بكمية من الماء ثم ترش كل واحدة منهن الأخرى باعتقاد معين.
8ـ تخصيصه بعبادة معينة كزيارة المرضى أو الصدقة لأجل هذا اليوم.
المسألة التاسعة والثلاثون: ما حكم من فاته صيام عاشوراء؟
من فاته صيام يوم عاشوراء فقد فاته فضلٌ كبير، ولا إثم عليه في ترك الصيام ولو كان متعمداً لأن صيامه من باب التطوع، والتطوع غير واجب.
المسألة الأربعون: هل يشرع قضاء عاشوراء لمن فاته الصيام؟
لا يشرع قضاء عاشوراء لعدم ثبوت ذلك، ولأن الفضل معلق باليوم العاشر فمن فاته فلا يقضي، وعلى الإنسان أن يكثر من النوافل بعد ذلك.
المسألة الحادية والأربعون: هل يجوز قطع الصيام في يوم عاشوراء؟
صيام التطوعات عموماً لا حرج في قطعها لأن المتطوع أمير نفسه فإن شاء صام وإن شاء ترك، فإن كان قطعه بعذر فالمؤمل بإذن الله أن الله يكتب له الأجر استدلالاً بعمومات الأحاديث التي تدل على أن الله يكتب الأجر لمن سافر أو مرض.
المسألة الثانية والأربعون: من جامع زوجته وهو صائم عاشوراء هل عليه صيام شهرين متتابعين؟
صيام عاشوراء من باب التطوعات، وباب التطوعات لا يلزم من جامع زوجته أن يصوم الكفارة المغلظة، لأن الصيام في حقه غير واجب، وعلى هذا فليس من جامع زوجته وهو صائم عاشوراء فإنه يكون مفطراً وينقطع صومه بذلك، وليس عليه كفارة.
المسألة الثالثة والأربعون: المفطرات في صيام عاشوراء
المفطرات فيه كالمفطرات في صيام رمضان وهي:
الأكل والشرب والجماع بالاتفاق، وهناك ماهو مختلف فيه كالحجامة والقيء وغيرها.
وعلى هذا لا تفطر الإبر غير المغذية كإبرة " الأنسولين " وغيرها مما لا يعتبر مغذياً.
المسألة الرابعة والأربعون: هل يثبت لعاشوراء من المستحبات ما يثبت لرمضان؟
الأصل أن ما ثبت من السنن في رمضان:
كالسحور والإفطار على الرطب وتعجيل الفطر وتأخير السحور والسواك وغير ذلك أنه يثبت لجميع أنواع الصيام في العام كالست من شوال وعرفة وعاشوراء وغيرها، ولا يود دليل على تخصيص ذلك برمضان لوحده، وعلى هذا فما يستحب في رمضان يستحب في عاشوراء، والله أعلم.
المسألة الخامسة والأربعون: هل يجمع بين نية صيام كفارة اليمين ونية صيام عاشوراء لمن لم يكن قادراً على الإطعام؟
اختلف أهل العلم في ذلك بناء على اختلافهم في التداخل بين السنة والواجب، فصيام عاشوراء نافلة وصيام الكفارة واجب، على قولين:
1ـ يجمع بينهما:
لأنه يصدق على من صام الكفارة في يوم عاشوراء أنه صائم عاشوراء، وقد علق الفضل على صيام ذلك اليوم، وقد حصل.
2ـ لا يجمع بينهما:
لأن الواجب لا يتداخل مع السنة، فلا بد من إفراد الواجب بنية مستقلة عن النافلة.
والراجح والله أعلم أنه:
لا يجمع بين نية صيام النافلة والصيام الواجب، فإن صام بنية الكفارة فاته نصيبه من فضل صيام عاشوراء، والمسألة محتملة والله أعلم.
المسألة السادسة والأربعون: المرأة الحائض هل يشرع لها قضاء عاشوراء؟
قال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما ملخصه:
أن النوافل على نوعين، منها:
- لها سبب: فهذه تفوت بفوات سببها، وذلك مثل يوم عرفة وعاشوراء، فلا يشرع قضاؤها. أ. هـ.
ولعل الله أن يأجرها بنيتها على إرادة الصيام، وعلى هذا فلا يشرع لها القضاء.
المسألة السابعة والأربعون: أيهما أفضل أن يصوم التاسع أو الحادي عشر مع عاشوراء؟
الأفضل أن يصوم التاسع لأنه الذي ثبت في صحيح مسلم من قوله صلى الله عليه وسلم: " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع”.
بينما صيام الحادي عشر ورد في المسند في قوله " يوماً قبله أو يوماً بعده " وقد اختلف أهل العلم في تصحيح هذا الحديث وتضعيفه.
وما ورد في صحيح مسلم أولى بالأخذ، ومن فاته التاسع فيصوم الحادي عشر.
المسألة الثامنة والأربعون: مالحكمة في صيام تاسوعاء مع عاشوراء؟
قيل في ذلك جملة من الحِكم، منها:
1ـ أن المراد منه مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر.
2ـ أن المراد به وصل يوم عاشوراء بصوم كما نهى أن يصوما يوم الجمعة وحده.
3ـ الاحتياط في صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع غلط فيكون التاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر.
والصحيح من الحِكم:
ما ورد به الدليل وهو مخالفة اليهود والنصارى، والباقي ليس عليه دليل، وأضعفها القول بالاحتياط لأن الشريعة لا تأتي بذلك، فقد نُهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين.
المسألة التاسعة والأربعون: كيفية صيام اليهود وأهل الجاهلية لعاشوراء؟
لم يرد في بيان ذلك شيء في السنة ولا في السيرة، إلا أن الذي يظهر أنهم يمسكون عن الأكل والشرب، وقد يختلفون في فترة الصيام، ويدل لذلك:
أن أهل الجاهلية يصومون عاشوراء فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى قرى الأنصار يأمرهم بالصيام مما يدل على أن معنى الصيام كان معروفاً عندهم.
وقال جواد علي العراقي في كتابه المفصل في تاريخ العرب 9/250:
" ويقصدون بصوم اليهود يوم عاشوراء، ما يقال له "يوم الكفارة"، وهو يوم صوم وانقطاع، ويقع قبل عيد المظال بخمسة أيام، أي في يوم "10 تشرى" وهو يوم "الكبور" Kipor. ويكون الصوم فيه من غروب الشمس إلى غروبها في اليوم التالي، وله حرمة كحرمة السبت، وفيه يدخل الكاهن الأعظم قدس الأقداس لأداء الفروض الدينية المفروضة في ذلك اليوم”.
ويسمى كذلك في العبرية " Ashura عشورا”.
ولعل تسميتهم له بـ" الكبور" مأخوذة من الكبير " أي اليوم الكبير، والله أعلم.
المسألة الخمسون: هل اليهود الآن يصومون عاشوراء؟
شيء بدهي أنهم يقيمون الأعياد فيه، فإذا كانوا يتخذونه عيدا زمن النبي صلى الله عليه وسلم فمن المؤكد أن أعيادهم زادت على ما كانوا عليه لأن أحبارهم يتولون تحريف دينهم، وكلما هلك حبر خلف حبر في التحريف بعده.
وقد راسلت بعض المختصين في علم العقيدة، والمهتمين بالفرق والأديان ولم أجد الجواب الشافي، وهذه وإن لم تكن فائدة بحد ذاتها لكن لعلها تجلب لنا فائدة من غيرنا.