• فالزوجة الصالحة هي جنَّة السعادة التي تخلع أحزانك علي أعتابها، فإن المرأة إذا كانت صالحةً مؤمنةً تقَيَّةً وَرِعةً
- كانت كخديجة بنت خويلد (رضي الله عنها):
التي آمنت برسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ كفَّره الناس، وصدَّقته إذ كذَّبوه، وواسته بما لها إذ حرموه، فكانت خيرَ عونٍ له في تثبيته أمام الصعاب والشدائد.
- وكانت كأسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما):
مثال المرأة الحرَّة الأبية التي دفعت بولدها إلي طريق الشهادة، وحرَّضته علي الصمود أمام قوى الجبروت والطغيان؛ ليموت مِيتة الأحرار الكرام.
- أو كانت كصفية بنت عبد المطلب:
التي دفعت بنفسها إلي غمار الوغى؛ لتدفع اليهود عن أعراض المسلمين.
- أو كانت كالخنساء:
التي جادت بأولادها الأربعة في سبيل الله، وعندما جاءها نبأُ استشهادهم قالت: الحمد لله الذي شرَّفني باستشهادهم، وإني لأرجو الله أن يجمعني بهم في مستقر رحمته.
ثانياً: أن تكـون ولـود
فقد ورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة من تحبيب بطلب الذرية الصالحة، وحثٍ علي التكاثر في النسل بما يحقق الغرض الأسمى من الزواج، والمتمثل في استمرار النوع البشري ودوام عمارة الأرض.
أولاً: القرآن الكريم:
1. قال تعالى:
{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: 46].
2. وقال تعالى:
{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14].
3. وحكى الله -تعالى- على لسان زكريا (عليه السلام) أنه كان يتوجَّه إلي ربه بهذا الدعاء:
{قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 4-6].
4. وقال على لسان إبراهيم (عليه السلام):
{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء} [إبراهيم: 40].
5. وذكر أن طلب الذرية الصالحة من أمنيات المؤمنين:
{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].
6. وحتى الملائكة إذا أرادت الاستغفار للمؤمن استغفرت له ولزوجه ولأولاده:
{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ {7} رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [غافر: 7-8].
- فقد بيَّنت الآيات الكريمات أن البنين من متاع الحياة الدنيا وزينتها، وأن طلب النسل من الأمور التي حبَّبها الله إلي خلقه، وطبعهم في ابتغائه، وجعله جِبلَة فطرية فيهم، كما جعله أمنية للرسل وللمؤمنين.
ثانياً: الأدلَّة من السُّنَّةِ على استحباب طلب الولد:
- أخرج أبو داود عن معقل بن يسار (رضي الله عنه) قال:"جاء رجل إلي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: إني أحببتُ امرأةً ذاتَ حسبٍ وجمال ولكنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال: لا. ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فق ال: تزوَّجوا الودودَ الولودَ فإني مكاثر بكم الأمم".
وفي رواية:
"فإني مُكاثرٌ بكم الأنبياء يوم القيامة".
لكن هناك سؤال يفرض نفسه وهو:
كيف تعرف أنها ولود؟
وتُعرَف الولود بالنظر إلي حالها في كمال جسمها، وسلامة صحتها من الأمراض التي تمنع الحمل أو الولادة، وبالنظر إلي حال أمها، وقياسها علي مثيلاتها من أخواتها وعمَّاتها وخالاتها المتزوجات، فإن كُنَّ مِمَّنْ عادتهن الحمل والولادة كانت (في الغالب) مثلهن.
ثالثاً: أن تكون ودود
وهي المرأة التي تتودَّد إلي زوجها وتتحبَّب إليه، وتبذل وسعها في مرضاته.
والودود:
هي التي تقبل علي زوجها، فتحيطه بالمودة والحب والرعاية، وتحرص علي طاعته ومرضاته؛ ليتحقق بها الهدف الأساسي من الزواج وهو السكن.
قال تعالى:
{فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا {36} عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة: 36-37].
• وقد وردت أحاديث عديدة تؤكد علي ضرورة مراعاة هذه الصفة في المرأة:
1. فقد أخرج أبو داود عن معقل بن يسار (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "تزوَّجُوا الودودَ الولودَ، فإني مكاثر بكم الأمم".
2. وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "نساءُ قريش خيرُ نساءِ ركبن الإبل، أحناه علي طفل في صغره، وأرعاه علي زوج في ذات يده".
- فقد وصفهنَّ النبي (صلى الله عليه وسلم) بالشفقة علي أطفالهن والرأفة بهم والعطف عليهم، وبأنهن يراعين حال أزواجهن ويرفقن بهم ويخففن الكُلَف عنهم، فالواحدة منهن تحفظ مال زوجها وتصونه بالأمانة والبعد عن التبذير، وإذا افتقر كانت عوناً له وسنداً لا عدواً وخصماً.
3. والمرأة الودود تكون مطيعة لزوجها؛ لا تخالفه في نفسها أو ماله بما يكره، فقد أخرج النسائي والحاكم وحسنه الألباني عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: "أيُّ النساءِ خير؟ قال: التي تسرّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره".
4. أخرج البيهقي عن أبي أُذينة الصدفي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "خيرُ نسائكم الودودُ، الولودُ، المواتية، المواسية، إذا أتقينَ الله".
5. وأخرج النسائي بسند صحيح من حديث ابن عباس (رضي الله عنهما) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
"نساؤكم من أهل الجنة: الودود الولود العؤود على زوجها، التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول: لا أذوق غُمضاً حتى ترضى".
• والمرأة الودود هي المرأة التي يُعهدُ منها:
التودُّدُ إلي زوجها والتحبُّب إليه، وبذل ما بوسعها من أجل مرضاته؛ لذا تكون معروفة باعتدال المزاج، وهدوء الأعصاب، بعيدة عن الانحرافات النفسية والعصبية، تحنو علي ولدها، وراعية لحق زوجها، أما إذا لم تكن المرأة كذلك؛ كثر نشوزها، وترفَّعتْ علي زوجها، وصعب قيادها؛ لشراسة خلقها مما يفسد الحياة الزوجية، بل ويدمِّرها بعد استحالة تحقق السكن النفسي والروحي للزوج بسببها.
رابعاً: أن تكون بكراً
حتى تكون المحبة بينهما أقوى، والصلة أوثق، إذ البكر مجبولةٌ علي الأنس بأول أليف لها؛ وهذا يحمي الأسرة من كثير مما يُنغِّصُ عليها عيشها، ويُكدّر صفوها، وبذا نفهم السَّر الإلهي في جعل نساء الجنة أبكاراً.
قال تعالى:
{إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء {35 } فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا {36 } عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة: 35 -37].
• وقد وردت في الحثِّ علي انتقاء البكر أحاديث كثيرة منها:
1) ما أخرجه ابن ماجه والبيهقي وذكره الألباني في "الصحيحة" عن عبد الرحمن بن سالم بن عتبة عن أبيه قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "عليكم بالأبكار؛ فإنهن أعذبُ أفواهاً، وأنتقُ أرحاماً، وأرضى باليسير". (ضعَّفه بعضهم من جهة عبد الرحمن بن سالم، قال الحافظ في التقريب: مجهول).
2) أخرج البخاري عن عائشة (رضي الله عنها) قالت:
"قلت: يا رسول الله، أرأيت لو نزلت وادياً فيه شجرة قد أكِلَ منها، ووجدت شجراً لم يؤكل منها، في أيها كنتَ تُرتِعُ بعيرك؟ قال: في التي لم يُرتع منها"، يعني أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يتزوج بكراً غيرها.
3) وفي "صحيح مسلم" في "كتاب النكاح" عن علقمة (صلى الله عليه وسلم) قال:
"كنت أمشي مع عبد الله بن مسعود بمنى، فلقيه عثمان فقام معه يحدثه، فقال له عثمان: يا أبا عبد الرحمن، ألا نُزوِّجك جارية شابة لعلها تُذكِّرُك ببعض ما مضى من زمانك؟!"
قال النووي (صلى الله عليه وسلم) في "شرح مسلم":
"فيه استحباب نكاح الشابة؛ لأنها المحصِّلة لمقاصد النكاح؛ فإنها ألذ استمتاعاً، وأطيب نكهة، وأرغب في الاستمتاع الذي هو مقصود النكاح، وأحسن عشرة، وأفكه محادثة، وأجمل منظراً، وألين ملمساً، وأقرب إلى أن يعوّدها زوجُها الأخلاق التي يرتضيها".
وبعد ذكر هذه الأحاديث التي تَحُثُّ علي التزوج من البكر، لابد أن نعلم أن البكر تمتاز عن غيرها بما يلي:
1. كثرة الملاطفة لزوجها وملاعبتها له ومرحها معه.
2. عذوبة ريقها وطيب فمها بما يحقق لزوجها متعةً عظيمة وحُبِّ معاشرتها (حديث جابر)، كما أن عذوبة الأفواه تفيد حُسن كلامها، وقلة بذائتها، وفُحشها مع زوجها؛ وذلك لكثرة حيائها؛ لأنها لم تخالط زوجاً قبله.
3. كونها ولوداً حيث لم يسبق لها الحمل والولادة.
4. رضاها باليسير من الجماع والمال والمئونة.. ونحو ذلك؛ لأن هذا ما وجدته ولم تعرف غيره، ولكونها (بسبب حداثة سنها) أقل طمعاً، وأسرع قناعة، فلا ترهق زوجها ما لا يطيق لكثرة مطالبها.
5. كونها أقل خبَّاً (أي مكراً وخداعاً) لِمَا جُبِلَتْ عليه من براءة القصد، وسذاجة الفكر، فهي في الغالب غُفْلٌ لا تزال علي فطرتها، لا تعرف حيلة، ولا تُحسن مكراً.