أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رد: 55- اسم الله: "السميع" الجمعة 24 نوفمبر 2017, 8:57 pm | |
| العلماء قالوا: "إن صفة السميع زائدة على العلم"، كيف؟ يعني من باب التوضيح فقط، ممكن أن تستمع إلى دقات قلب مريض، فإذا سمعت هذه الدقات علمت مقدارها وقوتها وشدتها، فأنت الآن تعلم حقيقة قلب هذا المريض، فالعلم واضح.
لو أن هذا المريض له لغة غير عربية، وتكلم عن قلبه، وسمعت ما قال، سماعك لهذه اللغة غير علمك في وضع قلبه، لو أن المريض حدثك بلغته عن قلبه، فإن لم تكن أنت سميعاً، عِلْمك شيء وسماعك لما قاله عن قلبه شيء آخر، فلذلك العلماء قالوا "صفة السميع صفة زائدة على العلم"، الله عز وجل عليم وسميع وبصير.
الله مُطلّع على قلب كل مخلوق، ولو أن هذا المخلوق دعا الله بلغة غريبة، إضافة إلى أن الله يعلم ما في قلبه، يسمع قوله في أي لغة.
إذا سافر إنسان إلى بلد يجهل لغة أهلها، تراه ضائعاً لا يفهم شيئاً الصحف بهذه اللغة، المجلات بهذه اللغة، الإذاعة بهذه اللغة، كلام الناس بهذه اللغة، بالمطعم بهذه اللغة، لا يفقه شيئاً، فالإنسان إذا لم يسمع أو لم يفهم ما سمع، يضعف مركزه "كالأطرش " فمن كمال صفات الله أنه سميع، وسمعه زائد عن علمه، علمه شيء وسمعه شيء آخر.
يعني إن الله عز وجل يدرك كل مسموع وإن خفي صوته، فهو سبحانه وتعالى يسمع سواء أكان السمع من قبيل الأصوات أو من قبل الألوان، كيف نفهمها هذه ؟
الإنسان يسمع الأصوات فقط، فإذا لم يوجد صوت لا يوجد سمع، الأذن تلتقط الموجات الصوتية، هذه الموجات تصيب غشاء الطبل بالاهتزاز هذا الاهتزاز ينتقل إلى الأذن الداخلية فيسمع الإنسان ثم يُدرك ما سمع أما لو أن الذي أمامك بقي ساكتاً هل تسمع، هو واقف أمامك وهو ساكت لكن يقول في نفسه والله إني أحب فلاناً، هذا خاطر، الإله يسمع المسموعات ذوات الأصوات، كما يسمع ما خفي ومالا صوت له.
الإمام الغزالي، يرى أن الله يسمع، لكن سمعه مُنزّه عن تغيير يعتريه عند حدوث المسموعات، غشاء الطبل ساكن فإذا سمع الإنسان صوتاً قوياً هذا الغشاء يهتز، ولولا هذا الاهتزاز لما سمع الصوت نقول لقد أصاب هذا الغشاء تغيير اعتراه حتى نقل الصوت، قال: الله جل جلاله مُنزّه عن هذا، يعني لا يسمع بتغيير يصيب سمعه، هذا شيء مستحيل أن يليق بالله عز وجل.
والله سبحانه وتعالى مُقدّس عن أن يسمع بأذن أو آلة أو أداة والسمع في حقه جل جلاله عبارة عن صفة ينكشف بها كمال صفات المسموعات. الله عز وجل يكشف بسمعه أحوال خلقه جميعاً، من دون آلة ولا جارحة ولا اهتزاز ولا تغير يعتري سمع الله عز وجل.
لذلك السميع برأي الإمام الرازي هو صاحب الانكشاف والتجلّي، الإنسان يضمر شيئاً، الله سميع: يكشف حال هذا المخلوق.
السمع أحياناً له معانٍ أخرى، أحد العلماء قال؛ للسمع أربعة معان في حق الله عز وجل: الأول: سمع الإدراك ويتعلق بالأصوات، يؤكد هذا المعنى قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) (سورة المجادلة).
امرأة اشتكت إلى النبي، قالت: يا رسول الله إن زوجي تزوجني وأنا شابة ذات أهل ومال وأولاد، فلما كبرت سني ونفر بطني وتفرق أهلي وذهب مالي، قال: أنت علي كظهر أمي، ولي منه أولاد، إن تركتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا، بكى النبي علي الصلاة والسلام، نزل قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾، هذا أول معنى من معان السماع، سماع الإدراك.
المعنى الثاني: سماع الفهم " اسمع ما أقول " في التعبير الدارج يعني أفهم، يتكلم الإنسان، يؤكده قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) (سورة الأنفال).
السماع هنا معنى الإدراك، التفهم، الله عز وجل يعرف وضعك في أدق التفاصيل، يعرف ظروفك الصعبة، يعرف العقبات التي أمامك يعرف الصوارف التي تصرفك عن هذا الشيء، يعرف حجم التضحية سماع دعاءك " يا رب أنا مضطر، يا رب استجب لي " هذا كلام، لكن حجم اضطرارك يعرفه الله عز وجل، فالله عز وجل فضلاً عن أنه يسمع دعاءك كصوت يعلم حقيقة حالك كحال، فأول سماع سماع الصوت، السماع الثاني سماع الفهم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) (سورة البقرة)، يعني افهموا.
إذا رجل قال للآخر انتبه، على كتفك عقرب بصوت واضح ونقي نبرات حادة ورفع الصوت فالتفت إليه بهدوء وقال له أنا أشكرك على هذه الملاحظة وتلك النصيحة وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يلهمني أن أشكرك عليه، ولم يبادر إلى رميه، أيكون سمع ما قيل له ؟..
هذا سمع ولم يسمع، سمع صوت لكن لم يفقه ما معنى عقرب، لو فهم لقفز ولصرخ، ما دام بقي هادئ والتفت بهدوء وشكرك معناها لم يسمع بمعنى لم يفهم، الصوت وصل إليه، فهناك سماع صوت وهناك سماع فهم: ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ﴾، لم يفهموا.
﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (5) (سورة الجمعة الآية 5).
المعنى الثالث: سَمْع الإجابة وإعطاء ما سئل، كما في الدعاء المأثور " اللهم اسمع " يعني أجب وأعط ما سألتك.
المعنى الرابع: القبول والانقياد، قال تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ (سورة المائدة 42).
إذا رجلٌ قال لك: فلان أمانته ضعيفة، معقول.. طبعاً معقول.. لن أُعطيه شيئاً، أنت سمعته وصدقته، أحياناً تقول هذا الكلام غير مسموع لا أقبله، معنى سماعون للكذب منقادون له مصدقون له.
فصار أول معنى سمَاع الصوت، المعنى الثاني الفهم والإدراك المعنى الثالث الاستجابة، المعنى الرابع الانقياد، كل هذه المعاني وردت في كتاب الله عز وجل فيما يتعلق بالسمع.
يؤكد معنى أن السمع هو الاستجابة قول النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء المأثور: ((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ وَمِنْ دُعَاءٍ لا يُسْمَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ وَمِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلاءِ الأَرْبَعِ)) (سنن الترمذي)، يعني لا يُستجاب له.
((عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ لَقَدْ جَاءَتْ خَوْلَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو زَوْجَهَا فَكَانَ يَخْفَى عَلَيَّ كَلامُهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ الآيَةَ) (رواه البخاري).
عندما قال النبي في الطائف بعد أن دعاهم فكذبوه، بعد أن استعانهم خذلوه بعد أن استنصرهم فلم ينصروه، بعد أن قال كفوا عني فآذوه أغروا به صبيانهم ضربوه بالحجارة، دميت قدماه، رفع يديه إلى السماء، قال يا رب: ((اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا رب المستضعفين وربي إلى من تكلني؟ إلى عدو ملّكته أمري، أم إلى بعيد يتجهمني، إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، ولك العُتبى حتى ترضى لكن عافيتك هي أوسع لي))، هذا هو دعاء الطائف، مشهور.
في الإسراء، قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(1) (سورة الإسراء الآية 1).
بحسب السياق، يتوهم الإنسان ما دام معجزة انتقالاً مفاجئاً من مكة إلى بيت المقدس، السياق يقتضي أن يقول الله عز وجل، إن الله على كل شيء قدير، قال: ﴿إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.
يعني هذا الإسراء وذاك المعراج مكافأة لك وتكريماً لك، وتكريم السماء تعويضاً عن جفوة الأرض، لأن الله سمع دعاءك في الطائف، وجاء قوله تعالى: ﴿إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.
أحياناً الإنسان يدعو الله عز وجل، " يا رب إني ضعيف، إني مغلوب فانتصر"، يمضي سنة فالله ينصره، فكأن هذا النصر هو جواب الدعاء، فالإنسان يستخدم الدعاء.
هناك نقطة مهمة: يجب أن توقن بفاعليَّة الدعاء، إله يقول لك ادعوني أستجب لكم، والدعاء مقبول والطلب معقول والهدف الآخرة أو السلامة من الفتن في الدنيا، فكل إنسان دعا الله عز وجل يسمعه ويستجيب له.
اسم السميع ورد في كتاب الله في أربعين آية: ﴿فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) (سورة البقرة).
﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) (سورة آل عمران).
﴿وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13) (سورة الأنعام).
﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) (سورة الأعراف).
﴿أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) (سورة الأنفال الآية 42).
﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) (سورة التوبة).
﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) (سورة الحج).
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (21) (سورة النور).
﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) (سورة لقمان).
سميع، معكم أينما كنتم، في بيتك وفي أحرج الظروف، وفي أدق المواقف، وفي أحلك الليالي، وفي السماء وفي الأرض، بالطائرة في السفينة، تغوص في أعماق البحر، تصعد في أطباق الفضاء، في بيتك في بستانك في عملك.
سمعت طبيباً جراحاً مشهوراً، أنه لا يُجري عملية جراحية إلا إذا توضأ وصلى ركعتين لله عز وجل وفي السجود يسأله التوفيق، واللهِ سمعت عن هذا الطبيب نجاحات صعب أن نصدقها، يجري جراحات عصبية في الدماغ، يعني بالدماغ غلطة بواحد بالألف بالميلمتر يصاب طبعاً جراحة مكبرة تحت المجهر، فهذا الطبيب لا يجري عملية إلا إذا صلى ركعتين وفي السجود يسأل الله التوفيق والنتائج رائعة.
هكذا المؤمن يجب أن يكون، في كل أعماله، إذا عقد صفقة، قبل أن تشتري هذه الصفقة، قبل أن تُقدم على هذا العمل، قبل أن تلقي هذا الدرس، قبل أن تعقد هذا العقد قبل أن تتكلم، قُلْ: توكلتُ على الله، ادعُ الله، ﴿إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.
الآن دققوا في آداب المؤمن بالنسبة لهذا الاسم: مَنْ عَلِمَ أن اللهَ يسمع كل شيء، هل بإمكانه أن يلفظ كلمة نابية؟
يقول واحد عشت معه ثلاثين سنة ما سمعت منه كلمة نابية، شيء وارد ولا اسم عورة، ولا كلمة مغشوشة إطلاقاً، من أين جاء هذا الانضباط باللسان، من معرفة المؤمن أن الله يسمعه، لذلك من أدب المؤمن مع الله في الاسم السميع حفظ لسانه من الباطل إلا بخير، ومَنْ عرف أن الله تعالى سميع كان من أدبه دوام المراقبة، ومطالبة النفس بالمحاسبة، وينبغي للعبد أن يعلم أن الله تعالى، لم يخلق له السمع إلا ليسمع كلام الله أولاً.
أدب ثانٍ الأذن: هذه الأذن، إلى الآن طريقة عملها الدقيق مجهولة، يعني اهتزاز وصل إلى طبلة الأذن، نقل هذا الاهتزاز عبر عظيمات السمع إلى الأذن الوسطى، ثم إلى الأذن الداخلية، ثم نقل العصب السمعي هذا الأثر إلى الدماغ ففهمت الكلام المسموع.
شخص يحكي كلاماً هاماً، نعم، صح، يسمع، ينتقل الكلام لغشاء الطبلة إلى الأذن الوسطى، إلى الدماغ، إذا كان نغم رائع تطرب، ضجيج تضجر، فما النغم وما الضجيج، معقول أن يكون عندك ذاكرة سمعية تعرف بها أصوات الناس جميعاً، الدليل على الهاتف، كلّما جاءتك مكالمة تعرف مَن المتكلم، مِن أول كلمة! فلان.
الإنسان نبرة صوته هوية، لا يوجد إنسان في الأرض نبرة صوته كإنسان آخر، أبداً، قزحية العين، ونبرة الصوت ورائحة الجلد وبلازما الدم، والبَنان، بصمة الإصبع، هذه هوية الإنسان، فأنت عندك ذاكرة، يقول لك بعض الحواسب تقرأ أربعمائة وخمسين مليون حرف، هذا صنع الإنسان، أنت يكون في حياتك مائتا شخص تعرفهم، أحياناً شخص تاركه من عشرين سنة تقول له فلان.. معناها سمعته، طيب هذه الأذن التي تلفت نظر العلماء في دقتها، في أذنين من أجل أن تعرف جهة الصوت، في عينين من أجل أن تعرف البعد الثالث، بعين واحدة بعد واحد، في العينين ترى العمق، في نغم في ضجيج في ذاكرة سمعية.
يقول الأمام الغزالي: " ينبغي للعبد أن يعلم أن الله تعالى لم يخلق له هذا السمع إلا ليسمع كلام الله "، الذي يجلب آلة طحن لحم أغلى نوع في العالم ثمنها ثماني آلاف ليرة هذه للشخت أم للحم، بل للحم لا يليق أن تستعملها لأشياء رخيصة أو مبتذلة، كذلك الذي خلق الله سمعاً لا يليق به أن يسمع الغناء والكلام البذيء والغيبة والنميمة والإفك والبهتان، والكلام المنحط وذكر العورات، لا بل هذه الأذن ينبغي أن تستمع إلى الحق وإلى كلام الله عز وجل، " من استمع إلى قينة صُبَّ في أذنه الآنُك يوم القيامة " قيل وما الآنُك قال: الرصاص المذاب "..
الله عز وجل أعطاك سمعاً أعطاك بصراً، أنتم تصدقون من باب حسن الظن بالله، أن إنسان له عين يغض بها عن محارم الله، تنهمر منها دمعتان من خشية الله، تظنون أن هذا الإنسان يمكن أن يرث عينه أم أن ترثه عينه، وفهمكم كفاية، " ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا ".
فالإنسان المؤمن ترثه عينه، وأذنه وقوته وعقله، يعني يستمتع بسمعه إلى آخر لحظة في حياته، يستمع للحق، هذا السمع يجب أن يكون للحق، إذا كان في كلام باطل قال: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) (سورة الأنعام).
قم.. مجلس فيه غيبة، فيه كلام بذيء فيه كلام فارغ، فيه لغو: ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً)) (سنن أبي داوود).
ينبغي أن تستمع إلى الحق، والعبد إذا تقرّب من ربه بالنوافل أحبه الله فأفاض على سمعه نوراً تنفذ به بصيرته: ((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ)) (صحيح البخاري).
صار في سمعه نور، كيف يعني؟ يعني الباطل لا يسمعه، كلام بخلاف القرآن لا يسمعه، هذا الكلام غير مسموع لا أسمعه، غيبة يرفضها، صار في سمعه نوراً.
جاء في بعض الأدعية: "إلهي أنت السميع لحركات القلوب وخطرات النفوس، السميع لنداء المضطرين، المغيث لجميع المحتاجين، أشرِقْ على سمعي نوراً منك أسمع به تسبيح الكائنات في الأرض والسماوات".
((أعرف حجراً بمكة كما قال النبي كان يسلم عليّ وأسلم عليه)).
امنحني قوةً روحية أسمع بها عهدك: "ألست بربكم"؟ إنك على كل شيء قدير.
اسم السميع من أدق الأسماء الإلهية، وهو من أقرب الأسماء إليك لأنك كلما ناجيته يسمعك ويستجيب لك، هذا اسم السميع، وينبغي أن تعلم أنه ليس هناك معرفة في الأرض تعلو على أن تعرف الله في أسمائه الحُسنى، ما من معرفة في الأرض أعظم وأجل وأدق وأخطر في حياتك من أن تعرف أسماء الله الحُسنى، وهذا اسم السميع. والحمد لله رب العالمين. |
|