علاقتها مع أقاربها
1- تحسن علاقتها مع كافة أفراد منزلها .. تمهيدًا لدعوتهم إلى الله تعالى .. وأمرهم بالمعروف .. ونهيهم عن المنكر .. لأنها إن استطاعت أن تكون محبوبة لديهم .. كسبتهم .. واستطاعت أن تؤثر فيهم .. تستميل قلوبهم إليها .. فيحبونها .. ويقتدون بها.
* * *
2- ندى العاطفة الإنسانية لا ينقطع من قلبها المسلم .. بل يتسرب منه إلى ذوي القربي .. قطرات البر .. والعطف .. بذل المال .. والزيارة .. التناصح والعون والإيثار .. الكلمة الطيبة .. واللقاء المبتسم .. أعمال الخير التي تفجر ينابيع الحب في القلوب .. تبسط رواق الألفة والتراحم .. بين ذوي الرحم والقرابة .. "وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" .. «الرحم معلقة بالعرش تقول: مَنْ وصلني وصله الله، ومَنْ قطعني قطعه الله».
* * *
3- تصل ذوي رحمها .. ولو لم يصلوها .. لأنها تبتغي بصلتها رضوان الله تعالى .. لا تنتظر على ذلك أن تُكافأ بمثل فعلها .. راقية .. سامية .. في تعاملها معهم في كل الأحوال .. «ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها».
* * *
4- إن أُوذيت .. فخلقها الحلم. .. والصبر .. والعفو .. والسماحة .. في مقابل القطيعة والجفاء .. والإساءة .. مترفِّعة عن الجهالات والتفاهات .. فهي أكبر من أن تصغي لذلك مما يشغل صغار الناس .. ولها بذلك من الله تعالى ظهير من عنده يعينها عليهم .. وعلى أذاهم .. ممن يعاديها من أقاربها .. ويؤذيها .. ويقاطعها .. مقابل إحسانها .. وبرها .. وحسن تعاملها..
* * *
جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئُون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي .. فقال -صلى الله عليه وسلم-: «لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك».
* * *
5- تقبل على صلة الرحم .. بصدق .. وجد .. وحرارة .. لا تصرفها عنها الشواغل والأعباء مهما كانت كثيرة .. تحاول قدر استطاعتها .. تدرك أن صلتها لرحمها بركة عليها في رزقها .. وعمرها .. ورحمة لها من الله تعالى .. تتغشاها في دنياه وآخرتها .. مجلبة لمحبة الناس لها .. والثناء عليها .. «من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه».
وتعلم أن رحمة الله تعالى تحتجب عن قاطع الرحم فلا تتنزَّل عليه، بل إنها لا تتنزل على قوم فيهم قاطع رحم .. قال -صلى الله عليه وسلم-: «إن الرحمة لا تتنزل على قوم فيهم قاطع رحم» .. وتعلم أن قطيعة الرحم من الذنوب التي يعجل الله تعالى بها العقوبة في الدنيا قبل الآخرة .. فتحذر .. «ما من ذنب أحرى أن يُعجِّل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من قطيعة الرحم والبغي».
* * *
6- تمد أقاربها بالمال .. إن كانوا بحاجة إليه .. تدرك أن لها في ذلك أجرين .. أجر القرابة .. وأجر الصدقة .. فتغتنم الأجر .. وتخفق قلوب أرحامها بحبها .. والدعاء لها .. «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة، وصلة».
* * *
7- لا يغيب عنها أنها مطالبة بصلة ذوي رحمها .. وبرهم .. والإحسان إليهم .. تدرك مدى حفاوة الإسلام بالرحم .. ومدى ترغيبه في صلتها وتشديده النكير على من تنكر لها وقطعها .. «إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم .. أما ترضين أن أصل مَنْ وصلكِ وأقطع مَنْ قطعكِ؟ .. قالت: بلى، قال: فذلك لكِ» .. ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: اقرأوا إن شئتم: "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ".
* * *
8- تتطلع إلى الصالحات من الأعمال .. مرهفة الإحساس .. تهتز من الأعماق حين تدرك فظاعة قطيعة الرحم .. إذ تُحجب عن قاطعة الرحم الرحمة .. ويرد الدعاء .. ويحبط العمل .. وإنه لبلاء كبير توجل منه .. أن تدعو فلا يستجاب لها .. وتعلم فلا يرفع عملها .. وتفيء إلى رحمة ربها فتبتعد عنها .. فقد قال أبو هريرة -رضي الله عنه- في أحد مجالسه عشية يوم خميس: أحَرِّجُ على كل قاطع رَحِمٍ لما قام من عندنا، فلم يقم أحد حتى قال ثلاثًا .. فأتى فتى عمَّة له قد حرمها منذ سنتين فدخل عليها فقالت له: يا ابن أخي، ما جاء بك؟ قال: سمعت أبا هريرة يقول كذا وكذا .. قالت: ارجع إليه فسله .. لِمَ قال ذاك؟ فقال أبو هريرة -رضب الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن أعمال بني آدم تُعرض على الله سبحانه وتعالى عشية كل يوم خميس ليلة الجمعة فلا يُقبل عمل قاطع رحم».
* * *
9- لا تغفل .. وهي المسلمة الواعية .. عن صلة رحمها. .. لا تلهيها عن تلك الصلة .. شواغل الأمومة .. وأعباء البيت .. ترتب أوقاتها لزيارتهم والسؤال عنهم .. تستغل ما سخره الله تعالى لها من سهولة الاتصالات والمواصلات .. في صلة الرحم .. ولا تكن مثلا من تشد الرحال إلى بلد بعيد للسياحة .. ولكنها تتثاقل عن زيارة أحد أرحامها .. وهو في نفس مدينتها .. تقدم الأقرب فالأقرب ..
جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، مَنْ أحق بحسن صحابتي؟ قال: «أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك».
* * *
10- تدرك أفضلية بر الأقربين في كل فرصة تسنح لها .. وفي كل مناسبة تمر عليها .. لما نزلت هذه الآية: "لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ" .. قام أبو طلحة -رضي الله عنه- إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: "لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ" .. وإن أحب مالي إليَّ بيرحاء (حديقة نخل) وإنها صدقة جارية لله تعالى أرجو بِرَّهَا وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله .. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بخ .. ذلك مال رابح .. ذلك مال رابح .. وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين» .. فقسَّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.
* * *
11- لِعِظَمِ الرَّحِمِ .. أوغل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قلب الزمن .. موصيًا بالرحم المتأصلة عبر القرون .. حينما أوصى بشعب مصر .. «ستفتحون مصر فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورَحِمًا» .. أو قال: «ذمةً وصهرًا» .. ذلك أن الرحم التي لهم كون هاجر أم إسماعيل منهم، والصهر كون مارية أم إبراهيم ابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منهم.
وهي إذ تسمع هذا الهدي النبوي الرفيع .. لا يسعها إلا أن تقبل على أرحامها .. فتمنحهم ودها .. وصلتها الدائمة .. وبرها الموصول. حتى للقرابة البعيدة.
* * *
12- تنظر إلى دينها .. فتلحظ فيه مدى سماحته .. ونداه .. وبره .. حين أوصى بصلة الرحم .. ولو كان الأرحام من غير المسلمين .. يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «إن آل أبي فلان ليسوا بأوليائي، إنما ولي الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبلها ببلالها».
ولم يجد عمر -رضي الله عنه- حَرَجًا من أن يُهدي حلةً بعث بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى أخ له من أمِّهِ مُشرك.
أختي المسلمة:
هذه نسمات ونبضات سريعة تتسم بها المؤمنة الصادقة في علاقتها مع والديها وأقاربها جعل الله لنا نصيبًا من الخير، وتجاوز عن الزلل والخطأ.
وصلى الله علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.