النصر
يقول الله تعالى : " وما النصر إلا من عند الله " ، " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " أي أن انتصار المؤمنين حقيقة لا ريب فيها ووعد ثابت من الله لا يتخلف .
والنصر الحقيقي ليس هو النصر على الأعداء فقط بل هو أشمل من ذلك وفي هذا يقول الأستاذ عصام العطار : " إنّ الهزيمة الحقيقية إنما هي الهزيمة النفسية الداخلية ، لا الهزيمة الحسية الظاهرية ، فإذا انهزمت نفس الإنسان بين جنبيه ، لم ينتصر أبداً ، مهما ملك من الإمكانات والوسائل المادية المساعدة على النصر .
وإن الانتصار الحقيقي هو الانتصار النفسي الداخلي ، قبل أن يكون الانتصار الحسي الخارجي ، فإذا انتصرت نفس الإنسان بين جنبيه ، لم ينهزم أبداً ، مهما فاته من الوسائل والإمكانات ، بل لا بدّ أن يوفر كل الوسائل والإمكانات الضرورية ، وأن يتحول انتصاره الداخلي إلى انتصار خارجي .
لقد كان (بلال) رضي الله عنه في ذروة انتصاره عندما كانوا يكبلونه في بطحاء مكة بالقيود ، ويضجعونه على الرمل الملتهب كالجمر ، ويضعون على صدره الصخر ، ويريدونه -وهو في قبضة أيديهم- على كلمة الكفر ، فيهتف في وجوههم بكلمة الإيمان : أَحَدٌ أَحَد .
ولم يكن بين الانتصار النفسي الذي حققه (بلال) وأمثاله في مكة قبل الهجرة ، والانتصار الحسي الخارجي الذي حققوه بعد الهجرة في (بدر) وغيرها من معارك الإسلام والتاريخ الكبرى .. إلاّ الزمن .
لقد كان الانتصار من قبل حقيقة قائمة في أنفسهم ، فبرز من بعد إلى العيان ، وتجسّم في الوقائع المختلفة بحيث يراه الناس ..
الهزيمة - أيها الإخوة- تبدأ من النفس ، والانتصار يبدأ من النفس أيضا .. وهيهات أن ينهزم المؤمن الصادق نفسياً وهو يعتقد أن الله معه ، والله أكبر ".