|
| مصارحات رمضانية | |
| | |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545
| موضوع: المصارحة السادسة عشرة: (أوقفوهم عند حدِّهم) الجمعة 16 يونيو 2017, 4:37 am | |
| المصارحة السادسة عشرة: (أوقفوهم عند حدِّهم) أخي الصائم.. إن مما يميز هذا العصر الذي نعيش فيه, أن الترويح أصبح جزءاً مهماً من حياة الأسر والأفراد يخصص له جزء كبير من الوقت والمال والتفكير والمشروعات ويبدو أن رمضان لم يُستثن عند الناس اليوم من هذا العنصر الحياتي لاسيما أن جزءاً منه إجازة عن العمل الرسمي, ولا شك أن وجود الترويح بهذه الكثافة يشير إلى ترفه المجتمع, وارتفاع مستوى المعيشة فيه.
ولعل وجود الدوام الرسمي الذي يرغم الإنسان منذ طفولته حتى يبلغ الستين من عمره على عمل مجهد للفكر والجسد جعل من الترويح قضية لا يمكن أن تغفل أو يستهان بها والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " ولكن يا حنظله ساعة وساعة ", مما نقل الترويح في شرع الله من أمر مباح إلى أمر مطلوب, ولكن في إطاره الشرعي المحدد ودون أن يأخذ مساحة أكبر من حجمه الطبيعي.
ولهذا الشهر الكريم خصوصية ينبغي ألا نهضمها حقها, كما أن لهذا المجتمع خصوصية يجب ألا نتنازل عنها ومن ذلك المحافظة على أوقات الفرائض ومراعاة فصل الجنسين خلال اللعب مراعاة للحكم الشرعي ومناسبة اللعبة لطبيعة كل منهما، وإبعاد الأولاد عن أصحاب السوء حتى لايكون اللعب مجالاً للتأثر السلبي وعدم اختلاط الترويح بالمحرمات كالغناء والموسيقى والكذب والسخرية بالآخرين.
وإذا كنت -أخي الصائم- قد أجملت في الحديث عن أصناف الألعاب فإني لا استطيع أن أقفز على صنفين من الألعاب ينتشر تداولهما بين الناس اليوم هي ألعاب الكمبيوتر, والمفرقعات.
فأما ألعاب الكمبيوتر فإن اللعب بها أصبح هوساً عند بعض الأطفال بل والكبار أحياناً, حتى إن الساعات تتوالى عليهم وهم يسبحون في عجائبها, منساقين وراء فتنتها مما يتسبب في مضار صحية من كثرة الجلوس وتركيز النظر على الشاشة المشعة إلى الآثار النفسية بسبب التوتر الشديد في حلبات السباق الموهوم كما ثبت علمياً أنها تصيب ممارسها بالملل وهو عكس هدف اللعب بها إلى الآثار الاجتماعية حين يتحول اللاعب إلى عضو أشل في المنزل لا نفع له فينتج عن ذلك مشكلات أسرية عديدة.
وأما المفرقعات أو ما يسمى بالشراقيات.. وما أكثرها في رمضان والعيدين - فإنها لعبة المآسي والسادية, فهي إيذاء للآخرين وتلذذ بهذا الإيذاء, فكم روَّعت من إنسان, وكم أثخنت من جراح وكم أتلفت من ممتلكات ولا أستطيع أن أتناسى جمرة الأسى في قلبي حين رأيت صورة طفلة بريئة فقدت نور عينها بسبب طلقة مفرقعة صبيانية من طفل آخر لتبقى طول حياتها مشوهة حسيرة.
إن مسؤولية حصار هذه الآفة الاجتماعية الخطيرة تتوزع بين التاجر الذي يخالف الأنظمة ببيعها ويروج بضاعة ضارة وبين من يقوم بشرائها فهل من حل حاسم لنقضي على هذه الظاهرة الضارة؟!
ومن الممارسات الاجتماعية الخاطئة التي نتمنى -أخي الصائم- أن تختفي خلال ممارسة الترويح على الشواطئ أو في المنتزهات العامة عدم المبالاة بالنظافة أو سلامة المنشآت المعدة للترويح, فبينما تترك صناديق النفايات نظيفة يقوم السياح من مكانهم وكأنه مهجور منذ أيام فأين أثر الدين الذي يتعبد بالطهارة, وأين أثر التحضر والتمدن في زمن تكثر فيه ادعاءات الناس بأثرهما على جميع أنماط حياتهم وأين الحس الوطني الذي يجعل المحافظة على مكتسبات الوطن مضاهية للمحافظة على المكتسبات الفردية, والتي لا يمكن أن نتنازل عن شيء منها أبداً بداع من فطرة التملك وحب الذات.
أخي الصائم: لنكن سوياً في صف واحد دعاة إلى شعار واحد، يقول: اترك المكان أفضل مما كان, وليس فقط مثلما كان.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 5:48 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545
| موضوع: المصارحة السابعة عشرة: (رمضان والجمعيات الخيرية) الجمعة 16 يونيو 2017, 4:46 am | |
| المصارحة السابعة عشرة: (رمضان والجمعيات الخيرية) أخي الصائم.. من أبرز ما يميزنا مجتمعنا الطيب من سمات عليا خلق الإيثار هذه السمة الرفيعة التي تعز على صغار النفوس ومن تملكتهم الأنانية وعشق الذات, الذين يبيعون كل شيء حتى مبادئهم من أجل مصالح زهيدة لا تفطن إليها عيون الكبار.
الإيثار هو الذي جعل كل إنسان في هذا الوطن يرى أن من واجبه أن يقتسم رزقه مع أصناف من إخوانه المسلمين المحتاجين وأن يغرس له في كل بلد من بلدانهم نخلة من البر والإحسان تدر عليه من الدعاء والثواب ما لا يحصيه إلا الله جل في علاه.
ولذلك.. فقد وجدت أفكار الغيورين مرتعاً خصيباً في أرضنا فانطلقت مشروعات النماء والعطاء تنبثق ثم تشب ثم تبلغ أشدها طاوية مرحلة الطفولة بين حنايا أيامها الأولى.
جمعيات تحفيظ القرآن الكريم, جمعيات البر الخيرية, لجان تيسير الزواج, هيئة الإغاثة العالمية, الندوة العالمية للشباب الإسلامي, مكاتب توعية الجاليات, مكاتب الدعوة التعاونية, مؤسسة الحرمين, الإدارة العامة للمساجد, وأمثالها, تتضافر ولا تتنافر, ويخدم كل منها جانباً من جوانب الخير لا يغني عنه الجانب الآخر.
وهي جميعاً تعتمد في مواردها بتوفيق من الله على أمثالك -أخي الصائم- من أهل البر والإحسان, وتعد موسمها الكبير شهر رمضان حيث الجود فيه أكثر من سواه, فما دورك معها؟
إن مما يحز في الخاطر حقا -يا أخي العزيز- أن يتنصل أحدنا من القيام بأي دور كان ليخدم هذه المؤسسات, والتي كثيراً ما تعتمد في أعمالها على محتسبين لا راتب لهم.
ولا يكون حظها منه -بدل أن يكون أحد منابرها الإعلامية ورجالها المخلصين- إلا الإعراض, بل وربما تعدى الأمر إلى إثارة الغبار حول المؤسسة ورجالاتها وأساليب عملها, والحديث عنها في المجالس والأسواق, وليس ذلك من ناصح محب يدخل البيوت من أبوابها فيقدم النصيحة بهدف الإصلاح, ولكن من جاهل أو حاسد أو حاقد, صار كالبعوض يمتص من دم المصابين أقذر الأمراض وينقلها إلى الأصحاء فيصد أهل البر عن بذل الإحسان بالتشكيك في هذه الجمعيات وإثارة الشبهات والشهوات حولها والاتهامات غير الموثقة وإنما اجتلبت من سوق: يقولون.
أما علم هؤلاء المرجفون أنهم يحاربون الله بغيبة هؤلاء المحتسبين, الذين يقومون بعمل ربما كان خيراً من اعتكاف المصلين وصيام المتقين وقيام الخاشعين, فالسعيد من وفقه الله لقضاء حاجات الملهوفين, وبذل المعروف للمعوزين وتخفيف عبء الحياة عن البائسين وما يوفق لذلك إلا ذو حظ عظيم.
الناس للناس ما دام الحيـاء بهم *** والعسر واليسر ساعات وأوقات وأسعد الناس من بين الورى رجل *** تقضي على يده للناس حاجات قد مات قوم وماتت فضــــائلهم *** وعاش قوم وهم في الناس أموات
ويكفي هؤلاء المحتسبين نصرة الله لهم, وأولئك المرجفين خذلان الجبار لهم يقول, يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " مَنْ مشى في حاجة أخيه مشى اللهُ في حاجته " و" مَنْ عادى لي ولياً آذنتهُ بالحرب ".
أتراك أخي الصائم ستذهب اليوم إلى واحدة أو أكثر من هذه المؤسسات لتعرض عليها طاقاتك وخدمتك واختصاصك, فلعلها تنتظرك منذ أمد , لتبدأ معك مشروعاً من مشروعات الخير.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 5:49 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545
| موضوع: المصارحة الثامنة عشرة: (أنت بطل التغيير) الجمعة 16 يونيو 2017, 7:01 am | |
| المصارحة الثامنة عشرة: (أنت بطل التغيير) أخي الصائم.. أعجبتني كلمة أحدهم: (الإنسان هو بطل التغيير الاجتماعي في الإسلام) ومصدر إعجابي بهذه المقولة هو إسباغ صفة البطولة على الإنسان القادر على التغيير, فما أكثر ما نفكر في التغيير الإيجابي ونتمناه, ولكننا نجبن حتى عن تغيير ما نكرهه في ذواتنا فضلاً عن محاولة تغيير ما حولنا مما نعتقد خطأه مهما كان ذلك في إمكاننا.
منذ أن يهل رمضان ومنادي الله ينادي: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، إنه نداء خاص بشهر رمضان، يخاطب كل من شهده خطاباً منفرداً وكأنه موجه له، وهو خطاب مزدوج الطلب، ينادي في المرء جانب الخير أن أقبل فهذا موسمك الذهبي، كل بذرة تضعها اليوم ستحصدها سبعين ضعفاً ويزيد، وينادي جانب الشر فيه أن أقصر فكل أعوانك قد صفدوا، ولن يخلصوا إلى ما كانوا يخلصون إليه من قبل.
إن هذا التغيير مطلوب في كل الشهور, ولكنه ميزة هذا الشهر الذي يمثل لمن يدخل جامعته المبجلة دورة تدريبية متخصصة في قضية من أهم قضاياه وهي التعامل مع حياته بشجاعة تؤهله أن يحدث فيها التغيير المناسب لتطويرها في الوقت المناسب، فالنمطية والرتابة تجمد الشخصية, وتفتك بخلايا المخ وتعيقه عن التفكير التطويري.
كل ابن آدم خطاء وليس من الشجاعة بمكان الثبات على الخطاء والإصرار على التشبث به فإن ذلك ليس علامة رجولة ولا ذكاء ولا أريحية بل هو عكس ذلك كله تماماً إنه زيادة طغيان واسترسال في الطريق المهلك.
لقد هبت نفحات رمضان على قلوبنا كالنسائم الطرية فأنعشتها وأحدثت فيها تغييراً سريعاً لم نستطع أن نتعرف سره ولكننا نعيش نعيمه أحسسنا بقربنا من الله أكثر من ذي قبل بمجرد أن هل الهلال وشعرنا بالنداء الحبيب يحرك قلوبنا الساكنة, يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر.
وتلفتنا من حولنا فوجدنا مجتمع الخير يستقبل ضيفه بكل حفاوة وإكرام في كل المظاهر العبادية والاجتماعية والدراسية والوظيفية, كل شيء تغير من أجل رمضان ولكن السؤال يصارحنا: هل هذا التغيير يمثل استجابة الحياء المؤقتة للظرف الطارئ الماضي عن قريب أم استجابة المخبت الذي دخل الشهر أجواء روحه فاكتسح ما في داخلها من لغط الأيام وسفه الشباب وعناد الشيوخ وبدلها كما تبدل الثياب للصلاة؟!
إن التغيير قضية هائلة بعيدة الغور, واسعة الأفق ولكنها تبدأ من الإنسان ذاته يقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: 11).
ففي رمضان فرصة ففي رمضان فرصة لإخضاع سلطة العادة لسلطة الإرادة فالتغيير فيه شامل لكل المظاهر الحياتيه ويشترك فيه كل المجتمع وسريع يقع بين عشية وضحاها, وواقعي يكشف للنفس التي كانت تتمسك بمحبوباتها السيئة متعللة بأنها لا تستطيع الاستغناء عنها بأنها أقوى من ذلك وأنها قادرة حقاً على هجرها مدة من الزمن ليست يسيرة فإذا كانت جادة في التغيير الإيجابي نجحت في الاستمرار على هذا الهجر الجميل.
أخي الصائم.. هل عرضت عدداً من عاداتك التي كنت تتمنى التخلص منها على آلة التغيير العجيبة في شهر رمضان.. جرِّب فقد تكون نهايتها التي تترقبها منذ أمد طويل، ولكن وصيتي لك أن تكون قوياً في وجه العادة هادئاً في التعامل مع عنادها لتضمن بإذن الله - دوام الإقلاع عنها..
لا أريد أن أحدد لك عادة معينة بل يكفيني أن تمتلك الشجاعة الكافية على امتلاك آلية التغيير التي يمنحها لك رمضان.. يا صائم رمضان.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 5:50 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545
| موضوع: المصارحة التاسعة عشرة: (قيادة السيارات في رمضان) الجمعة 16 يونيو 2017, 7:10 am | |
| المصارحة التاسعة عشرة: (قيادة السيارات في رمضان) أخي الصائم.. إن مما يثير النظر حقاً في قيادة السيارة في شهر رمضان المبارك أمران: الأمر الأول: السرعة الخاطفة التي تصل حد التهور والانفعال الشديد قبل أذان المغرب, في الوقت الذي يكون الإنسان وصل حد الإجهاد وقلة التركيز, مما كان يستدعي منه التأني لتفادي مفاجآت الطريق, بل وأخطاء الآخرين الذين يعيشون النفسية نفسها.
والأمر الثاني: كثرة الحوادث المرورية القاتلة منذ بداية الإجازة الرمضانية إلى نهايتها بعد عيد الفطر المبارك, نظراً لكثرة السفر خلال هذه الفترة, بين الأهالي في المدن, أو إلى الأماكن المقدسة لأداء العمرة وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.
ففي كل عام تذبح آلام الحوادث طيور أفراح العيد عند جمهرة من الناس, وينتقل الناس بين البيوتات في عبارات مزدوجة متناقضة العواطف فتباريك العيد تجاور عبارات العزاء, فلماذا كل هذا؟
إننا صائمون طاعة لله تعالى فلماذا لا نمشي كما يحب الله تعالى أيمكن أن يحدث ذلك؟ نعم إننا متعبدون بكل خطرات نفوسنا وحركات جوارحنا وهذا كتاب الله ينطق بيننا: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} (الفرقان: 63).
إنه هدي قرآني ومديح إلهي لفئة من الناس تمشي بسكينة ووقار وتواضع فلا كبر ولا خيلاء في مشيتهم, ولا تعالي ولا افتخار بملبس أو مركب, ممتثلين قوله تعالى: { وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً} (الإسراء: 37), كما أنهم يتحملون أذى غيرهم ويلينون في معاملتهم مع الناس وإذا خاطبهم الحمقى بما يسوؤهم ردوا عليهم بسلام بعيد عن الجهل.
وإذا كانت السيارة اليوم من أجل النعم فإن علينا شكر الله عليها: ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) ( إبراهيم: 7 )، ومن شكره عملياً تسخيرها فيما ينفع وقيادتها بتعقل وهدوء وذوق.
إن مخالفة هذا الهدي عند بعض المتهورين نتجت عنه حوادث مروعة وخسائر هائلة انعكست سلباً على الإنسان والاقتصاد وعلى الحياة الاجتماعية ونمائها ، فإن معظم المتضررين من حوادث المرور من الفئة العمرية المنتجة ومن المتزوجين ومن المتعلمين كل ذلك بسبب غياب الوعي عن فئة من المجتمع نسأل الله تعالى لهم الهداية.
لقد اعتاد كثير من الناس أن يسمي مثل ذلك مجرد حادث سير! وربما علق أحدهم محوقلاً مسترجعاً: إيه قضاء وقدر...!
نعم كل شيء بقضاء وقدر, ولكن الأمور بأسبابها: فالذي يتعدى السرعة القانونية المحددة من الجهات المختصة يكون آثماً شبيهاً بالقاتل المتعمد لنفسه أو لغيره ولو كان مسافراً لأداء العمرة.
والذي يهمل أسباب النجاة في سيارته كتغيير العجلات المستهلكة أو الفرامل الهزيلة يكون مخطئاً في حق نفسه وفي حق البشرية من حوله.
والذي يقطع إشارة المرور دون سبب شرعي كاف -ولو كان للإفطار أو إدراك صلاة- يكون عاصياً لله تعالى قبل أن يكون مخالفاً لأنظمة المرور لأنه خالف ولي الأمر أو من وكلهم بذلك, والالتزام بالأنظمة عبادة خفية أجرها مذخور عند الله كما أن المتهاون بها عمداً آثم ولا شك, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} (النساء: 59).
أخي الصائم.. الرحمن الرحيم ينادينا.. فيقول: { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } (البقرة: 195)، فلماذا نتناسى نداء الله حينما نمتطي هذه النعمة التي حولها بعضنا إلى نقمة؟
إذا هانت على المستهترين أرواحهم فإن الآخرين لا تهون عليهم أرواحهم!
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 5:51 pm عدل 2 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545
| موضوع: المصارحة العشرون: (مرحباً بالرمضانيين) الجمعة 16 يونيو 2017, 7:21 am | |
| المصارحة العشرون: (مرحباً بالرمضانيين) أخي الصائم.. في بيوت الله, حيث يأنس الناس في رمضان بجيرة المساجد ويحسون فيها بروحانية خاصة, بعد أن خففوا عن قلوبهم من أثقال الأرض وتبعات الدنيا فتعلقت بالمسجد فإذا دخلوه ثقل عليهم الخروج منه إلا لحاجاتهم, وإذا خرجوا فإن قلوبهم تبقى معلقة به كقناديله التي لا تكف عن الإضاءة في هذا الشهر الكريم يستشرفون لداعي الخير: حي على الصلاة حي على الفلاح, حتى ليصدق في هؤلاء قول الرسول صلى الله عليه وسلم في ذكر من يظلهم الله في ظله يوم القيامة: " ورجل قلبه معلق بالمساجد ".
ولذلك فإن المساجد تشكل ركيزة اجتماعية في غاية الأهمية في هذا الشهر الكريم فهي التجمع الوحيد الذي يلتقي فيه أهل الحي خمس مرات يومياً ويتذاكرون فيه توجيهات الشريعة وينطلقون منه إلى نشاطهم الاجتماعي اليومي من زيارات التهاني والتعازي وربما اتفقوا على وليمة مشتركة تشيع بينهم روح الألفة والمحبة أو على استضافة العمالة التي بقرب المسجد في إفطار يومي يجلس فيه الغني التاجر مع الفقير العامل على مائدة واحدة ليحققوا معنى الأخوة الإسلامية والمساواة والتكافل بين المسلمين.
وحسنة أخرى لرمضان أنه يجتذب إلى المسجد كل أفراد الحي تقريباً حتى من كانوا يتكاسلون عن حضور الجماعة فيما سواه وهنا يأتي دور الأئمة والمؤذنين والمصلين الدائمين بأن يحاولوا أن يؤلفوا قلوبهم ويحببوهم إلى المسجد بدلاً من التثريب عليهم وتأنيبهم ووصمهم في وجوههم بالرمضانيين الذين لايعرفون الله إلا في رمضان فلكل نفس جانب طيب ينبغي أن يخاطب في لحظة تفتحه ورمضان ربيع النفوس وموسم تفتح ورود القلوب ولو لم يكن في قلوب هؤلاء حب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولدينه لما قدموا حتى في رمضان.
فمرحباً بالرمضانيين في بيوت الله في رمضان وأشد على أيديهم أن يعاهدوا الله تعالى أن يظلوا مرتبطين ببيته بعد وداع الشهر العظيم, فقد تذوقوا حلاوة العبادة في جماعة فمن التقصير الشديد التفريط فيها ( واركعوا مع الراكعين ) (البقرة: 43).
ومما ينبغي أن يذكر فيشكر الجهود التي يبذلها أئمة المساجد في هذا الشهر ومرابطتهم في مساجدهم أوقاتاً أطول تاركين كثيراً من أعمالهم من أجل إجابة المستفتين وإلقاء الدروس والتعاون مع المؤسسات الخيرية وما يتطلبه من متابعة دقيقة والإشراف على حلقات القرآن الكريم ونحو ذلك وهو ما يتطلب تعاوناً بناء من قبل المصلين وإسهاماً فاعلاً مادياً ومعنوياً بدلاً من أن يبقى أحدهم يحسب الدقائق التي قد تزيد في صلاة ما ليوافي بتقريره بعد الصلاة مباشرة, أو يعد على الإمام أخطاءه وتقصيره في أي أمر من الأمور, ناسياً أنه بشر يصيب ويخطئ وأن من يكثر العمل فلابد أن يخطئ .
ولعل مما يلزم به أئمة المساجد في رمضان عدم السفر وترك المسجد في ظرف يحتاج إلى وجودهم وهذا لا شك مما ينبغي أن يشجعوا عليه ويذكروا بفضيلته وأجره ولكن ذلك لا يعني أن يحرموا نهائياً من أداء العمرة مثلاً في رمضان فما على الأمام من حرج إن شاء الله – إذا ذهب خلال يوم أو يومين فأدى مناسك العمرة وعاد إلى جماعة مسجده ليكمل أداء واجبه وليس للمصلين أن يبدوا تذمرهم من ذلك, بل عليهم أن يقدروا جهده معهم وتضحيته من أجل أداء واجبه معهم.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 5:52 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545
| موضوع: المصارحة الحادية والعشرون: (همسات في أذن مصلية) الجمعة 16 يونيو 2017, 6:14 pm | |
| المصارحة الحادية والعشرون: (همسات في أذن مصلية) أخي الصائم.. من خصوصيات شهر رمضان المبارك أنه يتيح المجال أمام المرأة المسلمة أن تصلي كل ليلة في المسجد مع جماعة الرجال في المكان المخصص لمثلها وهو ما كان يحدث في كل الشهور والأوقات في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا الحضور السنوي يمثل للمرأة في مجتمعنا فرصة ثمينة تجتمع فيها عدد من الفوائد والمصالح.
فإلى جانب المصالح الشرعية حيث تجد جواً ملائماً للعبادة بعيداً عن صخب الأطفال ومشاغل الدار التي لا تنتهي , وتستمع المرأة إلى التلاوة الصحيحة لكتاب الله, وتجد الفرصة لتسأل عما يصلح دينها ودنياها, وتستمع إلى الدروس النافعة فإنها تكسب مصالح اجتماعية, حين تتعرف على نساء الحي الذي تعيش فيه, ولا سيما في هذا الزمن الذي قلت فيه الصلات بين الجيران بحيث لا يكاد يعرف بعضهم بعضاً إلا قليلاً.
والتعارف مطلب شرعي واجتماعي ( وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ) (الحجرات: 13), ينبني عليه تلاحم المجتمع وتكافله وشيوع روح التعاون بين أفراده حينما تمتد هذه الصلات بعد رمضان, وتحقق أهدافها النبيلة.
أختي الصائمة.. إن حسن نيتك في الحضور إلى المسجد لا يخفي الواقع المشهود, والذي ينضح بعدد من السلوكيات والمخالفات التي تقع فيها بعض النساء في قدومهن إلى المسجد, فهناك مَنْ تأتي وقد كشفت وجه ابنتها بحجة أنها صغيرة في نظرها وقد تجاوزت العاشرة من عمرها, وهي تتمتع بما يلفت إليها نظر الرجال وهم يدخلون المسجد بالقرب منها.
أو أحياناً تسمح بذلك لخادمتها متساهلة بذلك, ومنهن مَنْ تلبس النقاب دون غطاء فيقعن في فتنة الرجال وهناك مَنْ تأتي وقد بالغت في زينتها ولباسها وأصباغ الوجه وكأنها قادمة على عُرس تختال فيه بين النساء بجمالياتها وهناك مَنْ تأتي ورائحة العطور تفوح منها بحجة محاولة إطفاء رائحة المطبخ في جسدها وملابسها, حتى لا تؤذي المصليات معها وهي نية حسنة.
فالحضور برائحة الطعام إلى المسجد خطأ ولا شك يقع فيه بعض النسوة فيؤذين المصلين والمصليات والملائكة الذين يتأذون ممَّا يتأذَّى منه ابن آدم ولكن لا ينبغي أن يُعالج بخطأ آخر فالمرأة إذا تطيَّبت وشمَّ الرجال طيبها فهي زانية كما في الحديث الشريف, والحل الذي يمكن أن تفعله هو أن تغتسل جيداً وتبدِّل ملابسها, فخير الطيب الغُّسل كما ورد.
ومن العجيب جداً أنك ترى المكان المخصص للنساء في المسجد أقل نظافة وترتيباً من مكان الرجال فالمناديل تنتشر فيه انتشار الجراد، والسجادات مرمية فيه دون تنظيم, والمصاحف لا توضع في أماكنها الطبيعية, وكان المتوقع العكس تماماً فالتنظيف والترتيب من خصوصيات المرأة أكثر من الرجل في المنزل فلماذا يقل هذا الشعور في المسجد مع أن المفترض أن يكون الحرص على النظافة في المسجد بدافع شرعي, حرصاً على نزاهة المكان المُعد للصلاة والعبادة من القذر, ولتترك المرأة أثراً طيباً في البيت الذي استضافها شهراً كاملاً ولكي تحظى بالأجر الذي جاءت وتركت بيتها من أجله.
ولا أخفيكِ -أختي الصائمة- أن أصوات أطفالكِ في المسجد من ضوضاء وبكاء تصل إلى مصلى الرجال فكيف بمَنْ معكِ من النساء فلا تؤذي أحداً -بارك الله فيكِ- بأولادك، فإن استطعتِ أن تضعيهم في أيدٍ أمينةٍ في المنزل وإلا فاجلسي معهم وصلِّي في داركِ فواجبكِ نحوهم مقدَّم على رغبتكِ في حضور الجماعة وهي ليست واجباً عليكِ.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 5:53 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545
| موضوع: المصارحة الثانية والعشرون: (مهازل تسويقية) الجمعة 16 يونيو 2017, 6:20 pm | |
| المصارحة الثانية والعشرون: (مهازل تسويقية) أخي الصائم.. من أبرز الظواهر التي تصاحب شهر رمضان المبارك حتى نهايته ظاهرة التسوق الشره التي تبدأ قبيل مطلع الشهر بالمواد الغذائية وتنتهي بملابس العيد, أو الأعراس التي تعقبه مباشرة ولا شك أنها حالات تستدعي التسوق لا محالة, ولكن المشكلة تكمن في قضية كبرى وقع فيها كثير من الناس اليوم وهي وهم التساوي بينهم في قدر الدخل الذي يجعل متوسط الحال ينفق ويشتري بقدر الثري في جميع مظاهر الحياة اليومية ويظل بعد ذلك يعاني من سداد ديونه التي لا ترحم حاله, فلا يهنأ بنوم ولا يسعد بلقاء أحد فكل من حوله قد أصبح مديناً لهم, يده هي السفلى وأيديهم هي العليا والهدف من وراء ذلك ترف يمكنه أن يستغني عنه حتى يغنيه الله من فضله.
وقد ساعد في تفاقم ذلك ما تقوم به المحلات التجارية من عمليات تسويقية قادرة على إقناع المستهلك بأن إقدامه على الشراء منها سيوفر له كثيراً من أمواله, فالتخفيض يصل إلى ستين في المائة والتقسيط مريح جداً لا يتعدى ثلاث تسعات متجاورة, ولا يحتاج إلى كفيل ومثل هذه التصفية لن تتكرر مرة أخرى, وإذا اشتريت ثلاث قطع فالرابعة مجاناً, ولنا في كل يوم متسوق لا يدفع ثمن مشترواته, والمسابقات تستعر والسيارات قد شمَّرت عن عجلاتها أمام المحل في زهو, تدغدغ مشاعر المساكين, الذين يجذبهم الإغراء ويخدعهم البريق ويظل أحدهم يجري وراء كل نور من أشعة الليزر التي تشق عنان السماء, لعله يحظى بصفقة العمر, فيشتري أضعاف ما كان ينوي شراءه, فتصبح التخفيضات ترفيعات, وتعود أغنية التوفير رجع نواح.
أما النساء فيا لها من رحلة يومية مريرة, تقضي فيها المرأة ساعات طوالاً, ركضاً وراء الموديلات الجديدة, لا يقر لها قرار حتى تذرع السوق كله, كي لا تصف إحدى الصديقات محلاً فتخجل أنها لم تقم بزيارته, أما محرمها إذا كان معها فهو مجرد حمال جاء معها ليخفف عنها عبء الأثقال, ليس له رأي ذو بال , بل إن المرأة هي التي تقوم بمفاصلة البائع وهو أخرس ينتظر الأمر بدفع النقود!!
ويقضي الأمر حين تغيب تيم *** ولا يستأمرون وهم حضور
وهي لا تأبه به ولا بحالته المادية ولا بأس عندها إذا استدان, فالمهم ألا تعود إلا بما غلا سعره وندر وجوده لتكتمل لها كل عناصر المباهاة أمام الأخريات هذا غير الذي تكذب فيه وتتباهى بما ليس عندها حتى لا تغلبها واحدة منهن," والمتشبِّع بما لم يُعط كلابس ثوبي زور " كما روى الشيخان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولفتة أخيرة في قضية التسوق أسألك -أخي الصائم- هذا السؤال: لماذا لا يحمي وطيس تسوقنا إلا في العشر الأواخر التي كان ينبغي فيها أن نتفرغ للعبادة, ألم نكن نعلم بقدوم العيد من أول الشهر بل قبل هلاله؟.
لقد تعودنا أن نلوم أنفسنا على تأجيلنا شراء اللوازم المدرسية إلى أن تفتح المدارس وعلى تأجيلنا المذاكرة إلى قرب الامتحان وعلى تأجيلنا الاستعداد للمناسبات الشرعية والاجتماعية إلى حين قدومها وفي كل مرة نعزم على تلافي ذلك مستقبلاً, ولكننا نعود إلى التأجيل مرة أخرى.. فمتى نأخذ بالحزم والعزم؟
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 5:53 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545
| موضوع: المصارحة الثالثة والعشرون: (لا تشوه ابتسامتك) الجمعة 16 يونيو 2017, 6:25 pm | |
| المصارحة الثالثة والعشرون: (لا تشوه ابتسامتك) أخي الصائم.. إننا مهما قلنا في الصيام من أثر صحي وأثر اجتماعي بالغ النفع فإن ذلك لا يعني أبداً أن ننسى أنه عبادة محضة لله تعالى, جاء لتربية النفوس على التقوى ومراقبة الخالق سبحانه في جميع السلوكيات, لأن حقيقة الصيام خفية لا يعلمها إلا الله وحده.
عزيزي القارئ.. إن مما قد يفهمه بعض الصائمين خطأ, حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: " والذي نفسُ مُحَمَّدٍ بيدهِ لخلوفُ فم الصَّائِمِ أطيب عند اللهِ من ريح المِسْكِ " الذي رواه الشيخان.
ظانين أن وجود هذه الرائحة في فم الصائم مما يطلب ويحافظ على وجوده, وهو غير مراد في الحقيقة, ولكنها بشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم للصائمين بأن ما يحصل لهم من جراء الصوم من آثار تبدو كريهة للناس هي عند الله عظيمة الشأن, لأنها وقعت في مرضاته وبسبب طاعته.
وهذا مثل دم الشهيد, الذي يأتي به يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك مع أن مرأى الدم كريه للنفس الإنسانية.
والذي ينبغي التنبه له أن رائحة الخلوف في فم الصائم هي ليست من فمه وإنما هي من جوفه, ولذلك فإن تنظيف الأسنان لا يؤثر في وجودها أصلاً وإنما قد يثير السواك الطيب رائحة حسنة تغالب شيئاً من تلك الرائحة.
وإن عزوف بعض الصائمين عن السواك من أجل إبقاء رائحة الخلوف أمر مخالف لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم, الذي رآه الصحابة رضي الله عنهم يستاك ما لا يحصى وهو صائم, دون تحديد بقبل الزوال أو بعده, فالسواك سنة محببة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بقي متمسكاً بها حتى آخر رمق من حياته, وهو مطهرة للفم مرضاة للرب, ولا يؤثر في الصيام حتى وإن كان له طعم طبيعي في الفم وأثر يسير في الريق والأولى أن يتخلص من أثر تنظيفه, حتى لا يبتلع وسخه.
بل لا بأس باستخدام فرشاة الأسنان والمعجون إذا ضمن عدم ابتلاعه, ولا يؤثر الدم اليسير الذي قد يخرج من اللثة, وإن كان الأولى أن يجعل استخدامه لهما بعد الإفطار وبعد السحور قبل أذان الفجر احتياطاً.
أخي الصائم.. لست فقيهاً يريد بيان الأحكام لك, ولكني مثلك أحب النظافة وإن ابتسامتنا للآخرين مهما كانت صادقة شفافة المشاعر تظل مشوهة إذا كانت أسناننا غير نظيفة، وبدل أن تكون الابتسامة في وجوه إخواننا صدقات نرجو ثوابها فإنها ربما تكون مثار اشمئزاز وسخرية.
ومثل ذلك يقال في الغُسل فإن السلف رحمهم الله كانوا يغتسلون كل ليلة استعداداً منهم للاجتماع في المساجد للصلاة في رمضان خصوصاً, حباً منهم أن يقفوا أمام مولاهم وهم في خير حال, قد طهرت قلوبهم وأجسادهم وملابسهم.
فالمسلم صاحب ذوق رفيع, تعلم من دينه أن يكون طاهراً نظيفاً, للغسل والوضوء والطهارة عموماً في دينه آيات وسنن وأبواب وفصول.
وكما أننا نتضايق حين يقف إلى جوارنا أحد المصلين في المسجد ما يقرب من ساعة أو أكثر ورائحته تفوح بدخان السجائر أو بدخان التدفئة, أو برائحة العرق أو الطبخ, فإننا يجب علينا أن نراعي ذلك مع غيرنا, بل مع ملائكة الرحمن الذين يتأذون مما يتأذى منه ابن آدم, وقد منع الرسول صلى الله عليه وسلم من أكل بصلاً أو ثوماً وظهرت فيهما رائحتهما من حضور صلاة الجماعة حرصاً على أذواق الآخرين ونفسياتهم, وصدق الله العظيم القائل: ( وإنك لعلى خلق عظيم ) (القلم: 4).
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 5:54 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545
| موضوع: المصارحة الرابعة والعشرون: (أطفالنا في رمضان) الجمعة 16 يونيو 2017, 6:30 pm | |
| المصارحة الرابعة والعشرون: (أطفالنا في رمضان) أخي الصائم.. إن من الظواهر الاجتماعية التي تنتشر في رمضان انشغال الآباء والأمهات عن تربية أطفالهم بالتسوق أو الزيارات اليومية في الديوانيات أو إعداد موائد الطعام أو حتى بقراءة القرآن الكريم في المساجد وإهمالهم في الشوارع أو أمام الشاشات المفتوحة على كل محطات الدنيا دون رقابة أو اهتمام كل ذلك من أجل التخلص من ضوضائهم ومشكلاتهم التي لا تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد.
وينتج ذلك نشوء سلوكيات جديدة غالباً ما تكون ضارة تبقى آثارها عليهم بعد ذلك في حياتهم العلمية والعملية.
فأما الشوارع والأرصفة فهي بيئة غير مضمونة في سلامة الخُلُق أو العلاقات, بل قد تقود إلى ما لا تُحمد عقباه من الجرائم الخُلقية والجنائية لا قدَّر الله, وقد يُستغل هؤلاء الأطفال من أصحاب السوء في تحقيق رغبات خطيرة من الناحية الأمنية ولا سيما ترويج المخدرات أو التدريب على السرقات من أجل الحصول على المال.
وأما الشاشة التلفازية المفتوحة على جميع القنوات فهي كبيرة الخطر على الطفل خصوصاً فلقد لاحظ الخبراء على الأطفال خاصة أنهم مغرمون بمشاهدة التلفاز، (( فقد كشفت بعض الدراسات أن أغلب الأطفال وكثيراً من الكبار يميلون إلى أن يقبلوا -بدون تساؤل- جميع المعلومات التي تظهر في الأفلام وتبدو واقعية, ويتذكروا تلك المواد بشكل أفضل )) كما يقول الباحث بلومري: ( عن أبناؤنا بين وسائل الإعلام وأخلاق الإسلام لمنى يكن ).
كما أثبتت دراسات أخرى أن التلفاز غير كثيراً من ترتيباتنا الاجتماعية والتربوية, وأن الأطفال بالذات يحبون أن يتصفوا بصفات البطل الذي يشاهدونه ولو كان غير سوي في خلقه وسمته.
يقول الدكتور سبوك في التلفاز: (( أكاد أحطم جهاز التلفاز أحياناً لأعبر عن ثورتي وضيقي عندما أرى طفلي يحملق مشدوهاً أمام مشهد غرامي حاد يعتدي على بكارة طفولته, أو عندما يعرض سلسلة مثيرة عن الجريمة وكيفية القيام بها وأسلوب تنفيذها وابتكارها )).
ويقول: (( لا يمكن أن تجتمع الأمهات في حديث عن الأطفال دون أن يعلو وجه أكثر من أم حالة الحزن والغضب, لأن التلفاز يسرق من الأبناء وقت المذاكرة ويمنع المراهقين من القراءة المفيدة )).
ويقول: هناك عدد من رجال القضاء والمحللين النفسيين يؤكدون أنه عندما يتم سؤال أحد الشباب المنحرف عن فكرة الجريمة فإن الإجابة تكون من رواية بوليسية أو من برنامج في التلفزيون أو من فيلم في السينما))، وفي دراسة جادة شملت ألفي طالب تتفاوت أعمارهم بين التاسعة والثامنة عشر, تبيَّن أن الذين يمضون وقتاً طويلاً في مشاهدة التلفاز يعانون انخفاضاً حاداً في اللياقة البدنية بسبب تناول المواد الغذائية مع الاسترخاء أثناء المشاهدة, كما تزيد اضطرابات النوم لدى الأطفال مثل الكوابيس, والأرق, والتوتر النفسي والخوف من الظلمة والأشباح.
وكان ينبغي -أخي الصائم- أن نستغل شهر رمضان في تربية أطفالنا, ونمنحهم جزءاً من أوقاتنا فنصحبهم إلى المساجد وإلى حضور دروس العلم فيها ونقيم لهم ما يتناسب مع أعمارهم من برامج داخل المنزل, ونوجههم إلى القراءة النافعة, أو ممارسة الهوايات المفضلة لديهم, والتي تسهم في بنائهم التربوي والسلوكي.
ومن العجيب حقاً أن ترى من يمنع أولاده عن الصيام بحجة أنهم صغار السن في هذا الجو اللطيف حتى بلغ ببعضهم أن يوهم أطفاله الحريصين على الصيام أسوة الكبار أنه يكفيهم ليكونوا صائمين أن يمتنعوا عن الوجبات الرئيسة مثلاً, وأما الأكلات الخفيفة وشرب الماء القليل فإنه لا يؤثر على الصيام, ونحو ذلك من أكاذيب لا تليق بنا في تربية أطفالنا, ولا أدري ما الحال إذا اكتشفوا الأكذوبة بعد حين؟!
وقد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يعللون أطفالهم بالألعاب إذا طلبوا الأكل حتى يحين موعد الإفطار, فهل لنا فيهم أسوة حسنة..؟! هذا ما أرجوه من نفسي ومنك أخي الصائم.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 5:54 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545 العمر : 72
| موضوع: المصارحة الخامسة والعشرون: (بوح إلى زوج شرود) الجمعة 16 يونيو 2017, 6:47 pm | |
| المصارحة الخامسة والعشرون: (بوح إلى زوج شرود) أخي الصائم.. أرجو أن تدعني أن أصارحك بحديث ظل يعتلج في صدري أكثر من سنتين أو ثلاث, وكنت أؤجل الحديث عنه, حتى عزمت اليوم على البوح به.
إنه ليس بَوْحِي أنا بل بَوْحُ زوجتك وأطفالك حديث كل فرد منهم إذا خلا بنفسه, ونجيهم إذا تجالسوا, إنهم يحسون بأنهم وقعوا بين فكي كماشة, ترفعت أخلاقهم عن غيبة الناس فكيف بأبيهم وأحبوك فكرهوا كل كلمة تخدش شخصيتك في نفوسهم وهابوك فتيبست الكلمات على أطراف ألسنتهم فجئت أنوب عنهم فهل ستهبني بعض وقتك؟
إنهم يقولون إنك لا تقصر معهم في مطعم ولا ملبس, أسكنتهم ما يليق بمثلهم, وحرصت على تسجيلهم في التعليم كغيرهم, ولكنهم لا يزالون يبحثون عنك في البيت منذ أمد, فلا يجدونك إلا لماماً, فأنت لا تسألهم عن صحتهم ولا تعرف أصدقاءهم, وتجهل مستواهم في دراستهم فقدوا فيك الأنس والحنان الذي لا يظنون أن أحد من الناس يمكنه أن يعوضهم عنه مثلك.
وحين دخل شهر رمضان المبارك, أملوا أن يحظوا بمجالستك فخاب ظنهم فلولا جلسة الإفطار السريعة, والتي يعقبها سكوت متواصل لمشاهدة التلفاز لما رأوك وهي جلسة ليست محسوبة لك عندهم لأنهم يعلمون أن جلوسك ليس لهم.
لقد كادت أعصابي تتمزق حين سمعت أحدهم بعد أن رأى أباً يجلس مع أولاده يحكي لهم قصة, سمعته يقول لأمه: لماذا كل الأولاد يجلس معهم أبوهم إلا نحن؟!
بل لقد ذرفت عيني حين قرأت حادثة تقول: إن أحد الأبناء وقف على باب المنزل ينتظر والده وحينما عاد بادره بالسؤال: والدي كم تعطيك المؤسسة على عملك في اليوم الواحد, فانتهره الأب وعبس في وجهه, ووبخه على مثل هذا السؤال الفضولي, فانكفأ الطفل على نفسه يبكي وانسحب يبكي ذليلاً إلى غرفته.
وبعد أن وعى الأب لخطأه, جلس إلى ولده وقال له: لماذا يا ولدي بادرتني بهذا السؤال قبل أن أرتاح من تعبي, وأنا للتو قد حضرت ولكن قل لي لماذا تسأل هذا السؤال فقال له: أجبني أولاً, فقال له: مائة ريال, فأطرق الطفل ثم قال: هل يمكن أن تقرضني خمسين ريالاً فقال الأب ولماذا؟ فأجاب الطفل: لأني جمعت من مصروفي خمسين ريالاً فأريد أن أكمل لك المائة لأشتري من المؤسسة يوماً واحداً تجلسه معنا.
فاستعبر الأب وبكى, وعلم مدى تقصيره الشديد مع أطفاله بل وزوجته الصبور.
أخي الصائم: إن بعض الآباء يقسمون أخلاقهم نصفين بين أصدقائهم وأفراد عائلتهم فالابتسامة الفرحة والطلاقة في الوجه والتسامح في الخطأ ودماثة الخلق ولطف المعاشرة وطول المجالسة كل ذلك يكون للأصدقاء في الديوانيات والمنتزهات والعبوس والغضب والتوتر الشديد والمحاسبة الدقيقة والشكوى من ضيق الوقت والتبرم بكل شيء للزوجة والأولاد!!
فهل هذا من الإنصاف في شيء؟!!
أخي الصائم: كأني بزوجة مثل صاحبنا تود أن تنفجر يوماً فتقول: دعني أبح بالذي كتمت من حرق *** ولا تلمني إذا نالــتــك أشقـــاها كـــم دافعتني إلى بوح لتعتقني *** لكنني خوف هــجر منــك أنهـــاها لا تستطيــع فســاتيني وأســـورتي *** وما تلألأ فــي كــفي ومــا تاها أن تشتري من خيالي لحظة خطرت *** فيها رؤاك ولو عزت مزاياها ولا ألذ بضحكات الصغار وكــم *** وددت والله لو أسقيــــك أحــــلاها متى تؤوب إلى دنياي يا حلمــــي *** وتتقي في بقايـــــا عبـــرتي الله وكفكفت بيمين الحب مدمعها *** وسافرت في عروقي نــار شكـــواها
فهل سافرت في عروقك أنت أيضاً -أيها الزوج الشرود- شكراً لك على إنصاتك لبوحي, وبقي أن تصغي لبوح كل فرد من أفراد أسرتك منفرداً, ومجتمعاً.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 5:57 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545 العمر : 72
| موضوع: المصارحة السادسة والعشرون: (ماذا بعد العيد؟) الجمعة 16 يونيو 2017, 6:53 pm | |
| المصارحة السادسة والعشرون: (ماذا بعد العيد؟) أخي الصائم.. اقتضت دورة الفصول أن يستضيفنا رمضان ونحن نعيش الأيام الأخيرة من دراسة الفصل الأول, وهي أيام تحصيل وتركيز لجميع المعلومات التي اشترك في حمل هم استيعابها المدرسة والمنزل مع الطالب.
والذي يخشى من حدوثه أن يكون جو العشر الأواخر من رمضان والعيد من أسباب نكوص الطلاب عن التحصيل والمذاكرة الجادة لما يجري فيهما من برامج عبادية أو اجتماعية وخاصة متعددة وشيقة.
والأمر جد وليس بالهزل فليس بعد العيد إلا الاختبار, وبه يتعلق مستقبل أبنائنا وبناتنا, فإذا رققنا قلوبنا أمام تضرعاتهم المصطنعة بأنها إجازة لا ينبغي أن تشغل بالعمل أو المذاكرة فقد ندفع معهم الثمن باهظاً بعد ذلك وقدم نندم ولات ساعة مندم.
فالحزم هو سيد الأخلاق في هذا الموضع على حد قول بعضهم: فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً *** فليقس أحياناً على مَنْ يرحم
أخي الصائم.. ليس أمامك إلا أن تقوم بالخطوات الآتية من أجل إنقاذ فصل دراسي كامل من الانهيار وضياع الثمرة وذلك بتهيئة الجو المناسب للمذاكرة والتحصيل في بيتك بالوسائل الآتية: أولاً: إشاعة روح الإيجابية بين الأولاد والتفاؤل، والامتناع عن التهديد بالرسوب والفشل ومحاولة معالجة الخوف بالاستعداد الجيد للامتحان والتشاؤم بالتوكل على الله.
ثانياً: استخدام الحوافز المؤقتة على الإنجاز المرحلي في المذاكرة، والوعد بالنهائية والوفاء بها, حتى يتم التغلب على دواعي الاسترخاء والتأجيل.
ثالثاً: توزيع أوقات المذاكرة, وجعل وقت راحة تقدم فيه الأم -مثلاً- طبقاً لذيذاً تجلس فيه الأسرة كلها لتناوله, ووقت للزيارة, ووقت للعب.
رابعاً: إبعاد الطلاب عن جو المشاحنات المنزلية, وعدم تكليفهم بأية أعمال خلال الاختبارات.
خامساً: المشاركة معهم في المذاكرة أحياناً فيما يصعب عليهم، ولكن دون إشعارهم بالاتكالية الدائمة على الوالدين أو أحدهما.
سادساً: تعليمهم التنظيم في حياتهم كلها, فالنوم والأكل والمذاكرة واللعب لكل منها وقت خاص لا يطغى به على الآخر ولا ننسى أن السهر المتهور عدو التفوق.
سابعاً: الرسالة العقلية, فالإنسان يعطي الاهتمام لما يشاهده يومياً أكثر مما يشاهده أسبوعياً وهكذا, ويكون ذلك من خلال وضع رسالة معينة أمام عيني الطالب لمدة أسبوع لقضية ينساها أو يتساهل فيها, وهي سبب تأخره الدراسي.
ويمكن هنا أن نعالج قضية كراهية بعض المواد بمثل عبارة:
( ما أسهل الرياضيات ).
أخي الصائم.. اغرس في نفوس أولادك حب التفوق لا النجاح فقط, إذ لا مكان في عصرنا للضعفاء ومن أبرز وسائل الوصول إلى قمته التوكل على الله ثم إتقان العمل: ( إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه ) ودليل حصولنا عليه أننا حققنا ما يتناسب مع إمكاناتنا من الهدف المحدد.
أخي الصائم.. أتمنى لأولادك كما أتمنى لأولادي التوفيق والتفوق في جميع تجارتهم في الحياة.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 5:59 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545 العمر : 72
| موضوع: المصارحة السابعة والعشرون: (أجمل النسيان) الجمعة 16 يونيو 2017, 6:57 pm | |
| المصارحة السابعة والعشرون: (أجمل النسيان) أخي الصائم.. حديثي إليك هنا قديم متجدد, قد يرى المتفائلون أنه قُتِلَ بحثاً كما يُقال ولكني أراه من أهم ما ينبغي أن يُعالج لاسيما في رمضان بل بالقرب من أجواء عيد الفطر المبارك.
إنها ظاهرة غير صحية تلك التي فشت في بعض الأسر وأدَّت إلى غير قليل من التدابر والتشاحن المتوارث حتى أصبح بعض الأبناء يرثون عداوات سلفت لا يعرفون لها سبباً.
ولقد عجبت حين رأيت أحدهم يتوقف أمام رجلين ويطيل فيهما النظر ثم يقول لهما: أأنتما أخوان فأجاب أحدهما: نعم بل شقيقان فأخذ يحملق بشراهة ويقول: عجباً!! فسألاه عن مصدر عجبه فأجاب: يظهر عليكم أنكما متفقان ومتماسكان وأنا اليوم لا أكاد أرى أخوين على قلب واحد.
لتقل: إنها مبالغة من هذا الرجل, ولكنها حتماً تشي بغير قليل من وجود هذه الظاهرة في المجتمع.
ولعل من أبرز الأسباب المؤدية إلى فشو القطيعة: فشل الآباء في الربط بين قلوب الأولاد وجعل بعضهم يرى أن الآخر هو شخصه الثاني, الذي يحرص على مصلحته ومستقبله ومثل هذا ينبغي أن يبدأ في فترات حياتهم الأولى ثم تتدرج معهم كلما تقدمت بهم الأعمار وهمهم واحد وفرحهم واحد.
وأما على مستوى الأسر الكبيرة فإنه يجب أن يكون هناك عنصر قيادي بينها يكون هو كبير الأسرة وعميدها ترى فيه من الخصال الكريمة ما يستحق به أن يطاع ويستشار فيجمع شتاتها وترجع إليه في فرحها وترحها ويكون نجدة المستغيث وملاذ المحتاج منهم.
وإن غياب مثل هذا العنصر يُعد من أبرز أسباب ضعف البناء الداخلي لكل أسرة ومن ثم تصدعها وفشو الخلافات بينها.
إن المرء منا قد يغفر للغريب الذنب الذي لا يغفره للقريب فلماذا؟
ألأنه يبحث عن مصلحة يجدها عند البعيد ولا يراها عند ذي الرحم؟
أم لأن القريب بحكم طول الصحبة وسقوط الكلفة سقط حقه من الاحترام والتقدير بل حتى من المجاملة؟!
أم لأننا لانجد الفرصة لكي نشبع طمع نفوسنا في إرضاخ الآخرين لآرائنا إلا على أقربائنا، لأننا نأمن العواقب معهم؟!
إن علينا أن نقبل العذر ممن يعتذر وأن نقابل القطيعة بالوصل, ف " ليس المواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها ".
إن أسرة الإنسان وأرحامه هم عُدَّتَهُ وسنده وهم قوته ومفزعه.
فمهما كانت أصالة الأصدقاء ونبلهم فإنهم لن يصلوا -في النوائب- في مستوى تحنن الأرحام واستعدادهم, ومهما تجذرت العداوات والخلافات بين الأرحام فلابد من العود -ولو بعد أمد- إلى لأم الجراح, وإعادة العلائق, بينما قد تدوم القطيعة بين الغرباء أبد الدهر لأنه لا يوجد عنصر -كالدم- يستطيع أن يشد المتقاطعين ولو بعد أجيال.
إن صلة الرحم -أخي الصائم- عظيمة البركة فهي: طاعة للرحمن وبركة في الأرزاق والأعمار ومن أسباب التوفيق في الحياة ودفع الأذى، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سرَّه أن يُمد له في عمره ويُوسع له في رزقه ويُدفع عنه ميتة السُّوء فليتق الله وليصل رحمه".
إن رمضان والقرب من العيد تعد فرصة عظيمة لأجمل نسيان في الوجود, وهو نسيان أخطاء أرحامك في حقك, لتعود القلوب صافية نقية كما كانت.
فهلا عزمت -أخي الصائم- أن تطوي كل ما قد تراكم في قلبك عبر السنين بينك وبين أرحامك وأن تبدأ حياة جديدة غير منغصة بالحقد على أحد, فما أشقى الحُسَّاد وما أشد مرض الحاقدين!
عافاني الله وإياك من أمراض القلب وآفاته, حتى نستقبل عيدنا المبارك إن شاء الله, ونحن في أحسن حال وأطهر قلب وأكرم نفس.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 6:00 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545 العمر : 72
| موضوع: المصارحة الثامنة والعشرون: (قبل الوداع) الجمعة 16 يونيو 2017, 11:52 pm | |
| المصارحة الثامنة والعشرون: (قبل الوداع) أخي الصائم.. هل لي -أخي الصائم- بعد أن أكثرت عليك من الحديث أن تسمح لي بأن أخاطب شهرنا الكريم..
لله أنت يا شهر الصوم والخير, ما أخف ظلك! وما أسرع خطاك! حللت كالضيف الحبيب, وسرعان ما تحزم حقائبك لتتركنا مع ذكريات جميلة وكأن آخر يوم منك أول يوم استقبلناك فيه, حينها التفتت القلوب قبل الأنظار وأشعلنا مشاعرنا حباً وشوقاً إليك لا لأننا نثق في أعمالنا, ولكن لأننا نرجو فيك رحمة ربنا.
نعنو وجوها للإله وتستحي *** في صومنــــا الأقوال والأفعال حتى إذا أزف الوداع وأوشكت *** نذر الفراق على الربا تنهال عشناك شوقاً لا يزول وفرحة *** لا تنتــــهي وإن انتهت آجال
مَنْ لنا بمثل شهرنا يوقظ فينا ما غفا ويستحث ما ركد فيا أيها الراحل العزيز تمهل.. فلا تزال همهمات الوداع تئن في قلوبنا.. تقول: يا أنس المصلين, ترى هل سنبقى على هذه الصلة الحميمة ببيوت الله بعدك؟
يا كهف المساكين, وقد وجدوا فيك النفوس سمحة معطية ترى هل ستستمر تلك النفوس في نداها وجودها؟
يا مدرسة النابهين, ترى هل ستبقى دروسك المثلى نابضة في حياتهم حتى تعود إليهم بإذن الله؟
يا روح العباد, ومزرعة الطائعين وروضة التائبين وجنة المتقين.. ها أنت ذا تستدبرنا وتمضي, فنعود بعدك نراجع حساباتنا.. فمن الناس مَنْ لم يذق لذة صيامك وإن امتنع عن المفطرات, يبيت على المحرمات المخزيات, وينام عن الواجبات الصالحات فرغم أنفه إن رحلت ولم يغفر له..
رمضــان رب فــم تمنــع عــن شـراب أو طعام ظن الصيام عن الغذاء هو الحقيقة في الصيام وهــو على الأعراض ينهشها ويقطع كالحمام يا ليته إذ صــام صــام عــن النمــائم والحـرام
فلمثل هذا أن يسكب على نفسه دموع الحسرات وأن يعزي أكثر من لو أن حبيباً له مات.
ومن الناس مَنْ كنت له واحة خضراء, زرع فجنى وأخذ واستزاد تعلم من صومه أن النفس تصبر عما اعتادته إذا أرادت, وأن الجسد الذي صبر عن الشهوة المباحة في زمن محدود لديه الاستطاعة أن يصبر عن الشهوة المحرمة في كل وقت, وتعلم أن روح الصيام هي التقوى التي تعيد إلى الإنسان إنسانيته التي يفتقدها أحيانا إذا أطلت رغبة أو رهبة فعزم على أن يعيشك في سائر أيامه:
إذا ما المرء صام عن الدنايا *** فكل شهوره شهر الصيام
هكذا ينبغي أن يكون المسلم فكل خير تلقاه من شهر الصيام يجب أن يحظى منه بالديمومة والاستمرار وكل عادة سيئة أقلع عنها يجب ألا يعود إليها مروءة وشيمة وعزيمة وقبل كل ذلك ديناً وتقوى.
فإلى اللقاء يا شهر الصوم.. إلى اللقاء إن شاء الله في عام مقبل.. لئـن فنيت أيــامك الغر بغتة *** فما الحزن من قلبي عليك بفان.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الخميس 22 أبريل 2021, 6:01 pm عدل 1 مرات |
| | | أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52545 العمر : 72
| موضوع: المصارحة الأخيرة: (العيد وآثاره على إصلاح ذات البين) السبت 17 يونيو 2017, 3:48 am | |
| المصارحة الأخيرة: (العيد وآثاره على إصلاح ذات البين) أخي القارئ.. أي البشائر أزفها إليك, وقد بلَّغك اللهُ صيام شهر الخير كله أفضل من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " مَنْ صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه " رواه الشيخان.
وها قد بلغت الفرحة الأولى وتهيأت للفرحة الأخرى بعد عمر مديد إن شاء الله: " للصائم فرحتان فرحة عند فطره, وفرحة عند لقاء ربه ", فجمعت بفضل الله وكرمه بين سعادتي الدنيا والآخرة.
وكما عشنا في شهر الصوم سعادة العبادة , فها قد تلألأت أنوار العيد الذي يهل علينا بسعادة أخرى, تنشأ من تبادل التهاني الصافية والحب الصادق الحب الذي يجعل النفس المتعنتة شهوراً طوالاً تنصاع.. فتسامح, تسامح حتى من ظلمها ورفض الاعتراف بظلمه والاعتذار منها فضلاً عمن أخطأ وثاب إلى الحق واعتذر.
وما أجمل التسامح يوم العيد, ما أجمل أن يكون غُسل القلوب وغُسل الأبدان بماء واحد فلا يخرج المرء من داره إلا وقد خلا قلبه من كدر الأحقاد قد تتابعت على قلبه آيات العفو كالبرد على الظمأ: ( وإذا ما غضبوا هم يغفرون ) (الشورى: 37), ( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ) (الشورى: 43), فيهتف قد صبرت وغفرت.
فارتاحت نفسه من إلحاح الثأر الجهول, وهدأت أعصابه بعد أن انطفأت النار, وترمد الجمر وانطوت صفحة سوداء -بإذن الله- إلى الأبد.
لترتفع راية العز بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم: " ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً, وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ".
وعيد الفطر له خصوصية اجتماعية عجيبة, هي زكاة الفطر التي شرعت على كل فرد يملك ثمنها في المجتمع بدون استثناء, لتؤدي في صبيحة العيد قبل الصلاة أو قبله بيوم أو يومين لتكون طهرة للصائم زكاة عن بدنه، وطعمة للمسكين في يوم يتمنى فيه أن يكفي عن مدِّ يده, وهو ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: " اغنوهم بها عن السؤال في ذلك اليوم ".
دين عظيم هذا الذي يراعي مشاعر جميع أفراده في يوم فرحهم ويشيع بينهم نوعاً من التكافل الإنساني الفريد هدفه أن يكون إحساسهم بالعيد واحداً, فالفقير يزداد حبه لأخيه الغني ويتمنى له المزيد من الخير لأنه عطف عليه ولم يتجاهل مشاعره, والغني ستختفي عن عينيه مظاهر البؤس والفاقة التي ربما تكدر عليه هناءته ليعيش المجتمع كله شعوراً متآلفاً متناغماً.
أخي الصائم.. ها قد بلغنا نهاية مشوارنا الدافئ كنت فيه حريصاً على أن أمسك بزمام قلمي عن الزلل وأنا أناجيك خشية أن تجد في نفسك علي شيئاً فسامحني فإن من كثر كلامه لا بد أن يزل لسانه, وقد تحدثت إليك كثيراً فكن ممن مدحهم الله بقوله: ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) (الزمر: 18).
وإني كما حزنت على فراق شهر رمضان, فأني حزين على فراقك ولكنها الدنيا لا تجمع إلا لتفرق وإني قد استودعتك خطرات من نفسي, سمِّها هدايا, أو نصائح أو تجارب, سمِّها ما شئت, ولكني أرجوك لا تنسها ولا تنسني من دعوة صالحة في ظهر الغيب.
أستودعك الله تعالى في آخر هذه المصارحات راجياً من الله تعالى أن نكون مِمَّنْ صلُحت أعمالهم وقُبلت دعواتهم وكُتبوا من عُتقاء اللهِ في هذا الشهر الكريم من النَّار وتقبَّل تحيات. أخيك / خالد بن سعــود الحليبي الأحساء 31982 ص. ب: 8876 |
| | | | مصارحات رمضانية | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |