حكم القراءة من المصحف في صلاة التراويح
السؤال:
ما حكم القراءة من المصحف في صلاة التراويح بالنسبة للإمام، وكذلك بالنسبة للمأموم الذي يحمل المصحف خلف إمامه ليتابع القراءة؟
الجواب:
يجوز للإمام أن يقرأ في صلاة التراويح من المصحف؛ لفعل ذكوان مع أمنا عائشة رضي الله عنها؛ إذ كانت تصلي التراويح خلف مولاها ذكوان، وكان ذكوان يقرأ من المصحف، ففعل الصحابة حجة -لا شك- طالما أنه اشتهر بين الصحابة.
لكن هناك استدراك على هذه الإجابة، ألا وهو: أن القراءة من المصحف سبب في تفلّت القرآن من الصدور، أي: من صدور حفظة القرآن، وأضف إلى ذلك أن من لم يحفظ لا يحفظ، ولذا يترتب على هذه الظاهرة تراجع مستوى الحفظ، فنقول: لا ينبغي أن نفعل هذا إلا إذا احتجنا إليه في أضيق الظروف، وعلى الحافظ أن يقرأ من حفظه وهذا هو الأولى، إلا إذا لم يوجد حافظ فلا بأس.
وأما المأموم فلا يجوز له أن يحمل المصحف خلف الإمام، لاسيما إذا كان الإمام يقرأ من مصحف، فالإمام يقرأ من المصحف وأنت تمسك بالمصحف لماذا؟! يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: من السنة أن يضع المصلي اليد اليمنى على اليسرى على صدره، فإذا أمسك بالمصحف فقد أخل بهذه السنة.
لكن العلماء جوّزوا ذلك إذا كان الإمام يقرأ من حفظه، بحيث يقف المأموم خلف الإمام مباشرة، فيفتح عليه إذا أخطأ، وما يحدث الآن من أن يمسك كل المأمومين المصاحف فهذه بدعة لا ينبغي أن تكون، والله تعالى أعلم.
حكم صيام يوم الجمعة إذا وافق يوم عرفة أو يوم عاشوراء
السؤال:
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إفراد يوم الجمعة بصيام، فهل إذا وافق يوم الجمعة يوم عرفة أو يوم عاشوراء يجوز إفراده بالصيام؟
الجواب:
نعم يجوز إفراد يوم الجمعة أو السبت إذا وافق يوم عرفة أو عاشوراء؛ لأن العلة ليست صيام يوم الجمعة وإنما العلة صيام يوم عرفة أو يوم عاشوراء، وقد أبدع وأجاد في هذه المسألة العلامة ابن حجر في فتح الباري، فمن أراد أن يتوسع في البحث فعليه الرجوع إلى فتح الباري، وفتح الباري هو كتاب طيب جداً، رغم أن هناك ملاحظات على مؤلفه في باب الأسماء والصفات، فهناك من العلماء من تتبع تأويل الصفات في بعض المواطن لابن حجر، وقد قيل للشوكاني في اليمن: اشرح لنا البخاري.
والشوكاني هو صاحب كتاب فتح القدير في التفسير، وصاحب كتاب نيل الأوطار في الفقه، وهو عالم من علماء الأمة، فقال لهم معرضاً: لا هجرة بعد الفتح.
يريد أنَّه بعد فتح الباري لا ينبغي لأحد أن يشرح البخاري، وقد كان على الأمة دين للبخاري أسقطه عنها ابن حجر العسقلاني المصري ولا فخر، وقد ظل ربع قرن وهو يشرح صحيح البخاري، ويوم أن أتم الشرح أقام وليمة فاستضاف لها العلماء والأمراء وكلّفت حوالي خمسمائة دينار كما قيل.
حكم الجمع في النية بين الفرض والنفل
السؤال:
هل يجوز الجمع في النية بين الفرض والنافلة، بمعنى: لو أن امرأة عليها قضاء أيام من رمضان، وتريد أن تصوم ستاً من شوال بنية واحدة، فهل هذا جائز؟
الجواب:
لا يجوز، فالقضاء له نية مستقلة، وصيام النافلة له نية مستقلة، وقد سبق أن قلنا: إن رأي الجمهور أن القضاء مقدم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال)، إذاً: فيشترط أولاً أن يصوم رمضان، لأن الذي عليه قضاء ما صام رمضان بعد، ولم يوف الجزء الأول من الحديث، فالذي عليه قضاء لابد أن يقضي ما فاته من رمضان أولاً ثم يصوم بعد ذلك إن شاء، وإن لم يصم فلا شيء عليه، لأن صيام الست من شوال سنة، من فعلها أثيب عليها ومن لم يفعلها فلا شيء عليه، والله تعالى أعلم.
حكم صوم المرأة النافلة بدون إذن زوجها
السؤال:
هناك بعض النساء يحرصن على الخير -زادهن الله تبارك وتعالى حرصاً- لكن قد تصوم المرأة بغير إذن زوجها حرصاً على الخير، كأن تصوم -مثلاً- الست من شوال، أو أن تكثر الصيام في شعبان، فهل هذا جائز؟
الجواب:
لا يجوز للمرأة المسلمة التقية أن تصوم صيام النافلة دون أن تستأذن الزوج، إلا إذا كان مسافراً أو غائباً عنها فعند ذلك يجوز، حتى قال العلماء: إن أذن لها فصامت ثم في وسط النهار أرادها لنفسه بجماع فعليها أن تستجيب لأمره؛ لأن عدم استجابتها قد تعرضه إلى الفتنة، فلابد أن تعلم المرأة المسلمة التقية أن حسن تبعّلها لزوجها وإعطاء الزوج حقه في الفراش أفضل من صيام النافلة ومن قيام الليل عند الله عز وجل؛ لأنها تعطيه حقاً يغض به بصره، ويحفظ به فرجه، وهذا أمر مقرر ينبغي أن ننبه إليه، والله تعالى أعلم.
حكم بيع الفوانيس واللعب التي تحتوي على الغناء
السؤال:
هل يجوز أن أبيع الفوانيس التي تغني، كلعب الأطفال مثلاً؟
الجواب:
لا يجوز أن تبيع فانوساً فيه غناء؛ لأن الغناء حرام، ولكن ستجد من الرءوس الكبيرة أو من علماء كبار من يقول: أنا أحب أن أستمع لسيدة الغناء ولا حرج! أما تستحي من نفسك؟! أما تستحي من الناس يا عبد الله؟!
يقول الله تعالى:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا [لقمان: 6]، قال ابن مسعود : والله إنه الغناء، ويقول ربنا سبحانه: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ [النجم: 59-61]، قال المفسّرون: معنى: سامدون، أي: مغنون، تقول العرب: أسمد لنا، أي: غن لنا، والأدلة على حرمة الغناء كثيرة.
وقد تجد من يستدل لجوازه بقول فلان أو علان، وهذا لا اعتبار لرأيه أمام النصوص الشرعية، وبالله عليكم ماذا يسمع من الغناء؟! وماذا حصدت الأمة من الغناء؟!
زنا وفواحش واختلاط؟! وماذا يقولون في الغناء؟ ويا ليته كلام طيب وحسن، لكنه حرام كله، فلم يحكموا العقول.
ألم يسمعوا ما يقول أحدهم:
جئت لا أدري؟! إذاً في هذه الحالة هو حمار، لأن الله عز وجل يقول: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]، وهو يقول: أنا لا أعرف لماذا أتيت؟!
وآخر يقول:
قدر أحمق الخطى! فيصف القدر بأنه أحمق، وربنا يقول: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر: 49] فهل بعد هذا زندقة واضحة بينة؟!
وأخرى تقول:
لا تقل: شئنا، فإن الحظ شاء! فهل الحظ يشاء؟! وهل للحظ مشيئة؟! فهي أثبتت للحظ مشيئة.
وهابط رابع يقول:
كتاب حياتي يا عين ما شفت زيه كتاب
الفرح في سطرين والباقي كله عذاب
نسأل الله أن يعذّبه، نظر إلى كتاب حياته ثم تبيّن له هذا، نسأل الله العافية.
وآخر يقول:
حب الرسول يابا دوبني دوب
جالي بمنامي يابا لبّسني توب
فهل هذا هو حب النبي صلى الله عليه وسلم عندهم؟! جاء في المنام وألبسه ثوباً! إن الرسول منكم براء، يا قوم! أليس منكم رجل رشيد؟!
وكذلك الفانوس الذي فيه أذان لا يجوز أن يستخدم كلعبة في يد الأطفال، فيفتحه وربما يغلقه في وسط الأذان، وأيضاً كما يكتب البعض على السيارة أسماء الله عز وجل، أو آية: بِاِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا [هود: 41]، وقد يذهب إلى سوق البهائم فتضع البهيمة قدمها فوق هذه الآية، وربما تغوطت عليها، فهل هذا يجوز؟! وأيضاً يكتبون على الحوائط آيات قرآنية، فإذا نزل المطر فربما انمحى حرف فيتغير المعنى، إذاً لابد أن نحترم حدود الله عز وجل.
ومن العجب أيضاً -بل ومما لا يجوز- أن يبدأ السحور بالضرب على الطبل، وربما قد تطول بنا الأيام فيبدأ السحور بالدق على البيانو! وهذا كله لا يجوز شرعاً.
بيان ما يلزم أن يخرج في صدقة الفطر
السؤال:
ما هو الرأي الراجح فيما تخرج منه زكاة الفطر؟
الجواب:
الرأي الراجح فيها للعلماء:
أن تخرج عيناً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجها عيناً، وكان في مقدوره أن يخرجها نقوداً، إذ كان في زمنه العملة موجودة، لكنه ما جوّز لأحد أن يخرجها، ويخرجها المسلم من غالب قوت أهل البلد، وربما يقول قائل: إن الأنفع للفقير هو المال! لا، فأنت لا تعلم الأنفع وإنما الذي يعلم الأنفع هو الله سبحانه وتعالى، فزكاة المال مال، وزكاة الزروع زروع، ولا يمكن لأحد أن يخرج زكاة الزروع مالاً، وزكاة المال زروعاً، فلماذا لا نستعيض في زكاة الزروع بالمال، ونستعيض في زكاة الفطر بالمال؟!
إذاً نحن نتوقف عند النص، يقول ابن عمر: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من بر...)، وما ذكر القيمة أبداً، وهذا رأي الحنابلة والشافعية والمالكية، وقد اجتهد أبو حنيفة فقال بجواز القيمة لمصلحة الفقير، وهو اجتهاد مردود.
ولا يظن أحد أن الذي يخرجها عيناً لابد أن يكون عنده أرض، بل له أن يشتري أرزاً أو غيره ويخرجه، أو يعطي من يخرج الزكاة فيخرجها، وهكذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، واقرأ في حديث أبي هريرة عند البخاري إذ يقول فيه: (وكّلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ صدقة الفطر)، أي: جمع الزكاة، وأقام أبو هريرة حارساً عليها، ومعلوم أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يحرس حبوباً لا مالاً، وهذا لا شك فيه، وهذا هو الرأي الراجح كما ذكرنا، والله تعالى أعلم.
بيان من تجب عليه زكاة الفطر وموضع دفعها
السؤال:
على من تفرض زكاة الفطر، وهل يجوز دفعها لأقارب فقراء يعيشون في غير بلدتهم؟
الجواب:
زكاة الفطر تجب على كل مسلم صام رمضان، عن نفسه وعمن يعول، فإذا كان عنده أب أو أم يعيشون معه في بيت واحد وهو ينفق عليهم، فيلزمه إخراج الزكاة عنهم، وعن كل من يعولهم وينفق عليهم، وتخرج قبل صلاة العيد، لأن من السنة: أن تؤخر إلى آخر رمضان، لا أن يبكر بها، حتى إن بعض العلماء قال: إن أخرجت قبل عشرين يوماً فلا تجزئ، ومن السنة أيضاً أن تخرج في المكان الذي أنت فيه، فكل بلد يخرجونها في مكانهم الذي هم فيه، وهذا هو الأصل، والله تعالى أعلم.
سنن العيد
السؤال:
ما هي سنن العيد التي ينبغي لنا أن نعملها في يوم العيد؟
الجواب:
إذا ثبت هلال شوال أصبحت تلك الليلة من ليالي شوال، وبها ينقضي رمضان ولا صلاة تراويح في جماعة، وإنما هناك تهجد في الليل فرادى.
وأما حديث فضل قيام ليلة العيد فقد قال عنه الشيخ الألباني رحمه الله: حديث ضعيف، ولفظه: (من قام ليلة العيد أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب).
وصلاة العيد سنة مؤكدة عند البعض، وواجبة عند البعض، وتصلى في العراء، أي: في الخلاء، فيجتمع الناس في مصلى واحد، لا كما يفعله بعض الناس اليوم، فتجد أهل المنطقة الواحدة يقيمون أكثر من مصلى، وهذا لا يجوز، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع كل المسلمين في مصلى واحد، ويترك مسجده صلى الله عليه وسلم ويصلي بالمسلمين في الفضاء (الجبَّانة).
ولذلك كان الأولى أن نقلل عدد هذه الأماكن طالما أن المكان الآخر يتّسع، لكن للأسف تجد بعض المسلمين ممن يلعب بهم الشيطان يصلون في مكان صغير جداً، ويترك المكان المتسع مع المسلمين، ويفتح المكبر من الفجر ويظل يكبر، ويظن أنه يقيم السنة، فيا عبد الله! اتق الله فأنت تشتت كلمة المسلمين.
ومن سنن العيد:
أن تخرج النساء الحيض ليشهدن الخير، مع اعتزالهن المصلى؛ لحديث أم عطية: (أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نخرج العواتق والحيض...).
وأيضاً من السنن:
التكبير، فيبدأ من الليل وحتى خروج الإمام للصلاة، وهذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم، أي: أن يكون الإمام هو آخر من يخرج إلى المصلى، لكن لو خرج الإمام على القوم انقطع التكبير، لذلك كان هو آخر من يخرج إلى المصلى.
وكذلك من سنن العيد:
أنه يسن له بعد صلاة الفجر أن يأكل تمرات، حتى يميّز بين الصيام وبين الفطر، لحديث أنس عند البخاري: أنه كان صلى الله عليه وسلم في عيد الفطر يأكل تمرات قبل أن يذهب إلى المصلى، وهذه من السنن الغائبة في حياة المسلمين، ويمكن للإنسان أن يحيي هذه السنة، فيأخذ اثنين كيلو تمر ويوزعها بعد الفجر للناس في المساجد، حتى يعلم الناس أن هذه سنة قد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن السنن أيضاً:
الغسل، ولبس أجمل الثياب، والتطيب، والتبكير إلى المصلى، والتكبير وهو خارج إلى المصلى، وفي المصلى كذلك، لكن لا يكون بصورة جماعية، وإنما يكبر كل واحد لوحده، فيقول هذا: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، وهذا يقول: الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، لا أن ينقسم المصلون إلى قسمين: قسم ينتهي وقسم يبدأ، فهذا غير وارد عن النبي عليه الصلاة والسلام، والسنة أن يكبّر كل بمفرده، حيث يختلط التكبير كما كان يفعل النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه.
وكيفية صلاة العيد
أن يكبر سبع تكبيرات في الركعة الأولى، وخمس تكبيرات في الركعة الثانية، ويقرأ في الأولى بسبح والثانية بالغاشية كما كان يفعل النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يخطب بهم الإمام خطبة العيد، وكان عليه الصلاة والسلام بعد أن يخطب في الرجال يخطب في النساء في عيد الفطر وعيد الأضحى، فيعظ النساء موعظة خاصة، لذا من فقه الإمام أن يتوجه بالنصيحة إلى النساء، ولا يجوز -بحجة العيد- الاختلاط، لأن بعض النساء الفاضلات قد تأتي إلى المصلى وهي لابسة بنطلوناً وملابس شفافة وكذلك متعطرة، ولا أدري لماذا جاءت بهذه الطريقة إلى المصلى؟
فنحن في غنى عنها، فإن خرجت لتفتن الناس فلا تخرج أصلاً من بيتها، لذلك كان من الفقه أيضاً أن نجعل للنساء مدخلاً خاصاً وللرجال مدخلاً خاصاً، بحيث ينطلق هؤلاء من طريق وهؤلاء من طريق آخر بدلاً من هذا الاختلاط.
ومن السنن كذلك:
مخالفة الطريق، أي: إن جاء من طريق إلى المصلى فيُسن له أن يعود من طريق مخالف كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن الأخطاء الشائعة في يوم العيد
أن بعض المسلمين يقول: طالما أنه عيد فيُسن لنا أن نسمع فيه الغناء، لحديث (يا أبا بكر! دعهما فإنه يوم عيد)، بهذا يُطلقون لأنفسهم وشهواتهم أن يستمعوا إلى الغناء الهابط والطبل والمزمار، وهذا كله مما لا يرضي الله عز وجل، لكن يجوز لنا أن نفرح بالضوابط الشرعية، والله تعالى أعلم.