أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: خطبة الجمعة (حقوق اليتيم) الجمعة 07 أبريل 2017, 5:54 am | |
| خطبة جمعة (حقوق اليتيم) =============== الحمد لله الذي منّ علينا بنعمٍ عظيمة، أهمّها أن جعلنا مُسلمين، فقد خصّنا بخير دينٍ شُرع، وخيرِ نبيّ أُرسل، وخيرِ كِتابٍ أُنزل..
أشهد أن لا إله إلا الله.. الرحمن الرحيم.. وأشهدُ أن محمداً -صلى الله عليه وسلم- عبده ورسوله، وصفيهُ من خلقهِ وخليلهُ.
أما بعد أيها الأحبة فإنّ خُطبتنا اليوم عن اليتيم وحقوقِهِ في الإسلام.. وهذا الموضوع يجب أن نتحدث فيه، في ظل ما نُشاهدُهُ ونسمعه، عن أدعياء الحضارة، وأدعياء السلام، وأدعياء العدل من الغرب.
فكما تعلمون، عند كُلِّ مُصيبةٍ تَحُلُّ بقوم، في مشرقِ الأرض أو مغربِها، فإن أصحاب الضمائر الميتة يتسارعون لسرقة الأطفال الأيتام..
فلا يهزهم رؤية أشلاء أبائهم..
ولا تُثنيهم أمهاتهم المدفونات تحت الأنقاض..
فهل ننسى ما فعلوا بأطفال إندونيسيا عندما ضربها إعصار تسونامي؟
وأطفال ألبانيا، وأطفال السودان والصومال مُستغلين أوضاع الحرب هناك؟
وهل ننسى ما فعلوا بأطفال هاييتي؟
لقد اعترفت اليونيسيف أن آلاف الأطفال يُباعون في أوروبا سنوياً.
بل إن صحيفة يديعوت الصهيونية قد اعترفت أن البعثة الطبية الإسرائيلية إلى هاييتي -البعثة الطبية التي هي مكان العلاج والشفقة والرحمة- كانت تسرق أعضاء الأطفال الموتى والمصابين.
وفي تقرير لليونيسيف عن سرقة أيتام هاييتي ما ترجمته: (إن ضمير أوروبا غير نقي في هذا المجال).
وجُلّكُم شاهد وسمع ذلك.
تستغلّون من أَلَمَّت بهِ ضائقةٌ أو اجتاحتهِ مُصيبة؟
أين العهدُ والميثاق الذي أخذهُ رَبُّكم تبارك وتعالى منكم؟
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ}.
توليتم وأعرضتم، فبعتم الأيتام بيعاً.. ولكن الله رَبُّكم ليس بغافل.. وما كان ربّك نسياً.
الأيتام.. الذين رفع ربُّنا جل جلاله مكانتهم، فربط عبادته وتوحيدُه بالإحسان إليهم فقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ}.
اليتيم.. الذي حثّت الشريعة الإسلامية على رعايته وحفظه والإحسان إليه، فَوَرَدَ ذلك في القرآن الكريم أكثر من عشرين مرّة.
منها قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ}.
بل إن من يَدُعُّ اليتيمَ ويطرُدُهُ ويدفَعُهُ وصفه القرآن بأشنع الصفات، وصفه بأنه يُكذّبُ بالدّين..
قال تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}.
أيها الأحبة إن الإسلام، الإسلام الذي هو الدّينُ الكامل.. الدين القويم، الذي جاء لإصلاح المجتمعات على كلّ الأصعدة قد شرع لليتيم حُقوقاً، فقد أمر بالإحسان إليه، وعدم نَهْرِهِ أو قَهْرِه.
قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ}.
وأمر بالعدل بينه وبين غيره من الأولاد، قال تعالى: {وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْط}.
وأمر بأطعامه، وسدّ حاجته، قال الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}.
كما حَرَّمَ أكل ماله وجعل ذلك من الكبائر، قال تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}، وقال تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا}.
كما حذّر الله تعالى آكليه أشد التحذير فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً}.
وأيضاً إذا حضر الأيتامُ قسمةً، هم ليسوا بوارثين فيها، حثَّنا على إعطائهم منها، جبراً لهم، فلا يَجدوا في أنفسهم شيئاً فيشعروا بالنقص، قال تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً}.
فإذا ما بلغ الأطفال اليتامى الرشد والفهم، وَجَبَ رَدُّ أموالهم إليهم، قال تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا}.
كما حثّ على استثمار أموال اليتيم حتى لا تنتهي بالنفقة، فقد رُويَ في الحديث: (ألا مَنْ وَلِيَ يتيماً له مال فليتَّجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصَّدقة).
أيها الأحبة الكرام إن المتتبع لأحاديث الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- وتشريعاته في التعامل مع اليتيم يلمسُ عظمة هذا الدين.. وعظمةَ نبيّهِ.. وعظمة شرعه..
فرعاية اليتيم وكفالته طريقٌ سهلٌ وسريع إلى الجنة، اسمعوا إليه -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: (مَنْ ضَمَّ يَتيماً، لَهُ أو لغيرِهِ، حتى يُغْنِيَهُ الله عنه، وجبت له الجنة).
وفي رواية: (مَنْ كَفِلَ يتيماً له، ذو قرابة أولا قرابة له، فأنا وهو في الجنة كهاتين وضم إصبعيه).
وفي رواية أخرى: (ومَنْ كفل يتيماً أو أرملةً، أظلّهُ اللهُ في ظلِّه، وأدخله جنته).
وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ آوى يتيماً أو يتيمين ثم صبر واحتسب كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى).
كما أن كفالته طريقاً للنجاة من النار، فقد رُويَ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (والذي بعثني بالحق، لا يُعَذّبُ الله تعالى يوم القيامة مَنْ رحِم اليتيم، وألان له الكلام، ورَحِمَ يُتْمَهُ وضَعْفَهُ).
بل وتدبَّروا أيها الأحبة هذا الحديث، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أنا أولُ مَنْ يقرعَ بابَ الجنة) فالجنة أيها الأحبة مُحَرَّمةٌ على كل أحدٍ حتى يدخلها الحبيبُ -صلى الله عليه وسلم-.
(أنا أول مَنْ يقرعُ بابَ الجنةِ، إلا أنّي أرى امرأةً تُبادِرُني) يعني هناكَ امرأةً تُريدُ أن تُسابق الحبيبُ -صلى الله عليه وسلم- في الدخول إلى الجنة، (فأقول لها: ما لكِ؟ ومَنْ أنتِ؟ فتقول: أنا امرأةٌ قَعَدْتُ على أيتام لِي).
امرأةٌ ماتَ زوجُها.. ففرّغت نفسها لتربيةِ أولادها الأيتام تربيةً تُرضي اللهَ تعالى.
مَنٍزِلتها أن تُسابق الحبيبُ إلى الجنة.. ما أعظمه من دين.
الله أكبر إن دينَ مُحمدٍ… وكتابهُ أقوى وأقومُ قيلاً لا تذكُروا الكُتُبَ السوالفَ عندهُ… طلع الصباحُ فأطفئوا القنديلاً
إنها أعظم الرَّحمات إنها أعظم المنازل للأيتام، الذين هم في أمَسِّ الحاجة إلى الرَّحمة والحنان.
أقولُ قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية: الحمد لله نعم أيها الناس لقد حضَّ الإسلام على رعاية اليتيم، وعدم تركه محتاجاً، فقد روى ابن ماجة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خَيْرُ بَيْتٍ في المسلمينَ، بَيْتٌ فيهِ يَتيمٌ يُحْسَنُ إِليه، وَشَرُّ بَيٍتٍ في المسلمينَ بَيْتٌ فيه يَتِيمٌ يُساءُ إِليه).
بل إن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كان لا يأكلُ طعاماً إلا وعلى مائدتِهِ يتيماً.
أيها الأحبة: جاء رجلٌ إلى الحبيب -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله إني أشكو من قسوةٍ في قلبي، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إن أردتَ تَلْيينَ قَلْبَكَ فَأَطْعِم المسكينَ وامسح رَأسَ اليتيم).
ما أعظمكَ يا مُعلم البشرية.. ما أعظمَكَ يا رسول الله.. يا مَنْ وُلدتَ يتيماً فآواكَ ربُّكَ.
وُلِدَ اليتيمُ لِيُنقذَ الأيتامُ من…بؤس الحياة إذا رمى الحدثان وُلدَ اليتيمُ لُنقذَ الفقراءِ من…ظُلمِ الغَنيّ، ويُبعدُ الحرمان وتعلّم الحُكماءُ من نفحاتِهِ…شتى المعارِفِ وارتوى الظمآن
كم من الأيتام عندنا، وجبَ أن لا ننساهم؟
اللهم صَلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.. وبارك على محمد.. وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد... الدعاء... |
|