أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: بحث: حل مشكلة الأيتام ضمن تعاليم الإسلام الأحد 02 أبريل 2017, 8:04 am | |
| جامعــــــــــــة القــــــــــــدس كليـــــة الدراســــات العليــــا دراســات إسلاميــة معاصرة بحث حول حل مشكلة الأيتام ضمــــن تعاليــــم الإســـــلام إعداد الطالبة: فايزة أحمد يوسف صيام إشراف الدكتور: شفيق عياش ضمن مساق: إسلام ومشكلات معاصرة 1427هـ -2006م ------------------ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
وبعد: فقد كُلِّفتُ بعمل بحث في مادة الإسلام والمشكلات المعاصرة من الأستاذ الفاضل الدكتور شفيق عياش، فاخترت مشكلة الأيتام، وهي مشكلة مهمة تسترعي انتباه القائمين على الشؤون الاجتماعية والتربوية والنفسية كثيراً، وتوضع في سلم أولوياتهم، فمشكلة الأيتام مشكلة قديمة حديثة، فقديماً كان اليتيم مظلوماً، يُؤكل ماله، ويُهان، ويُحتقر، واليوم يُعاني اليتيم -وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة في العالم الإسلامي عامة- يعاني اليتيم من صعوبات مالية، ومشكلات نفسية، نتيجة لتغير البيئة الاجتماعية.
فبعد أن كان اليتيم ضمن رعاية والديه، أصبح -وربما بدون مقدمات- فاقداً للأب الرَّاعي والحامي، فاقداً الحنان والعطف والإحسان، مما يؤثر على نفسية الطفل وواقع حياته وقد يقوده هذا الوضع الجديد إلى التشرُّد أو التسوُّل بعد ما عانى الفقر والحرمان، هذا بالإضافة إلى ما يعانيه من مشاكل نفسية كالخوف والقلق والاضطراب والحزن العميق.
وأنا كمربية للأطفال في عملي المهني أحتاج لمعرفة الكثير مِمَّا يُعانيه الأطفال في ظروفهم الحياتية المختلفة، ويُعَدُّ اليتم أحد أهم الظروف الصعبة التي يُعاني منها الأطفال.
والإسلام بمنهجه القويم وتشريعاته الغرَّاء وتوجيهاته السديدة اعتنى عنايةً فائقة باليتيم فأمر بإكرامه ورعايته وكفالته والقيام بشؤونه فأعاد له إنسانيته وكرامته وأمر بإيصال حقوقه من غير منّ ولا أذى، كما أمر بالقسط معه وعدم ظلمه فحفظ له حقوقه المالية وميراثه، وأمر بأن يكون له وصياً، وأن يُعطى سهماً من الفيء والغنيمة.
فكان من نتائج هذه التوجيهات أن اعتنى المسلمون أفراداً وجماعات بالأيتام وقامت في بلاد المسلمين مؤسسات ترعى شؤونهم عامة وتحضنهم، وأمر مَنْ يقوم عليه بتربيته وتعليمه وبإشباعه بالحب والعطف والحنان، كل هذا أعاد لليتيم وضعه اللائق به إنسانياً.
وقد اتبعت خلال عملي في هذا البحث المنهج التاريخي الوثائقي والذي يعنى بدراسة مشكلة حصلت في الماضي، ثم المنهج التحليلي لبعض النصوص واستنباط الدلالات منها، كما وبرز المنهج الاستقرائي من خلال تقصي النصوص التي تحدثت عن أحكام الأيتام في كتاب الله تعالى.
وقد قسمت هذا البحث إلى مقدمة وخمسة مباحث، اشتملت المقدمة على أهمية الموضوع ومشكلة البحث، والباعث على اختيار، والخطة التفصيلية فيه، والعقبات التي واجهتني خلال كتابته.
وأما المبحث الأول فهو عن موت الأب وتأثيراته، وفيه: عن تصور الطفل لأبيه، وبعض الأعراض التي تظهر على الطفل بسبب موت أحد أحبته، ثم تعريف اليتيم في اللغة وفي اصطلاح الفقهاء، ومتى ينقضي يتم اليتيم؟
والمبحث الثاني: وضع اليتيم قبل الإسلام، تحدثت فيه عما كان يعانيه اليتيم من ظلم واحتقار.
وأما المبحث الثالث: ففيه التوجيهات القرآنية لرعاية الأيتام، وكيف كانت التوجيهات في السور المكية، ثم رعاية اليتيم في السور المدنية، واشتمل المبحث على قسم خاص بعناية القرآن باليتيمات.
والمبحث الرابع: التوجيهات النبوية لرعاية الأيتام، ذكرت فيه بعض النصوص النبوية ثم قمت باستخراج بعض الدلالات منها.
والمبحث الخامس: نتائج هذه التوجيهات، فقد كان من نتائج هذه التوجيهات أن عاش أيتام لا كالأيتام، ثم ذكرت في هذا المبحث نموذج واقعي على رعاية الأيتام.
وكانت الخاتمة التي تضمَّنت نتائج البحث مختصرة وبعض التوصيات، أتبعتها بقائمة المصادر والمراجع في هذا البحث، ثم فهرس المحتويات.
أما المشكلة التي واجهتني خلال كتابة هذا البحث فهي مشكلة الوقت المُحدَّد، فكم كنت أتمنى أن يكون هناك وقتاً أطول أستطيع من خلاله تغطية الموضوع وجوانبه المختلفة بشكل أكبر وأفضل، ولكن أرجو من الله تعالى أن يجعل بما قدمته وأعددته كفاية، وأن يجعل عملي هذا في ميزان حسناتي، وإن أصبت فبفضل من الله عليّ، وإن أخطأت فمني وإليّ. كتبته: فايزة أحمد سليم 25 رجب 1427هـ. 19 آب 2006 م. *************** المبحث الأول: موت الأب وتأثيراته تصور الطفل لأبيه: إن الطفل ينظر إلى والده على أنه رب الأسرة المسؤول عنها والآمر الناهي فيها، ثم هو القدوة الصالحة التي يحب تقليدها، وهو الذي يقوم بتوفير المتطلبات، يشعر من خلاله بالأمن والحماية، وهومصدر الانضباط والانتظام، ومصدر الثواب والعقاب، وهو مع هذا الصديق والرفيق والجليس والأنيس، وأخيراً فإن الأب هو البطل والرب والسيد، مصدر إعجاب الطفل وشعوره بالفخر والاعتزاز، لذلك نراه يهتم لهذه الأمور كثيراً بأبيه، ويحسب لها حساباً.
تأثير الموت على الطفل: يؤثر موت الأقارب وخاصة أحد الوالدين على الطفل بشدة، فيشعر الطفل المميّز بالأسى والحزن العميق، ويصل به الأمر إلى الشعور باليأس والإحباط، أو قد يصل به الأمر إلى الرغبة في الانتقام.
ويكون حزنه بمستوى سنه واعتقاده، ومدى ارتباطه بوالديه، ويؤثر عليه الموت سلباً، ويظهر ذلك جلياً إما بشعور كبير بالنقص لضعف الموارد وعدم تلبية الرغبات، وإما بالإفراط بالتدليل لتعويضه عمن فقد، وبالتالي تدمير حياة الطفل واضطراب وضعه بشكل عام.
ويعتبر موت الأب -خاصة- خسارة للطفل، ويختلف حجم هذه الخسارة باختلاف السن والإدراك والفهم والذكاء والجنس، مع العلم بأن المحيطين بالطفل قد يكون لهم أكبر الأثر في التخفيف -كثيراً- من هذا الشعور.
بعض الأعراض التي تظهر على الطفل بسبب موت أحد أحبته: 1- الأعراض الحياتية: ومنها: فقدان الشهية والنشاط،سوء التغذية، ذبول الجسم، التوتر، اصفرار البشرة، الكآبة، القلق وعدم النوم، التعرض للإصابة بالأمراض.
2- الأعراض الذهنية والنفسية: والموت له تأثير على ذهن الطفل وذكائه وإمكانية حدوث انخفاض مستوى الذكاء، وهبوط المستوى الدراسي، وتغير في الرؤية والأهداف، ويصاب الطفل بالسلوك غير المتزن، والاختلال النفسي، وظهور أعراض أخرى: كقضم الأظافر ومص الإبهام والتبول اللاإرادي والحسد والخوف والخجل والشعور بعقدة الحقارة والكذب والإحساس بالقلق إلى غير ذلك.
3- الأعراض العاطفية: وهي عديدة أما أهمها فهي: الاضطراب والشعور بانعدام الأمن، الهيجان الشديد، والحساسية المفرطة، وسرعة الغضب، والانطواء على النفس والشعور بالكآبة، والعنف والعدوان.
4- أعراض سلوكية: يمكن لموت الأب أن يؤثر أحيانا على السلوك، ويظهر ذلك من خلال: عدم الانسجام مع المحيطين به وأفراد أسرته، والعصيان والتمرد، والاضطراب في التعامل والعلاقات، والتكبر والرياء لكي يلفت أنظار الآخرين ويكسب دعمهم، وربما إهمال النظافة وعدم الاهتمام بالشكل والمظهر.
يقول الشيخ عبد الله ناصح علوان: "ومن العوامل الأساسية في انحراف الولد: مصيبة اليتم التي تعتري الصغار وهم في زهرة العمر، ومقتبل الحياة، هذا اليتيم الذي مات أبوه وهو صغير، إذا لم يجد اليد الحانية التي تحنو إليه، والقلب الرحيم الذي يعطف عليه، وإذا لم يجد من الأوصياء المعاملة الحسنة التي ترفق به، والرعاية الكاملة التي ترفع من مستواه، والمعونة التامة التي تسد جوعته، فلا شك أن هذا اليتيم سيدرج نحو الانحراف، ويخطو شيئاً فشيئاً نحو الإجرام ، بل سيصبح في المستقبل أداة هدم وتخريب لكيان الأمة، وتمزيقاً لوحدتها، وإشاعة الفوضى والانحلال بين أبنائها".
نعم إن الأب تدفعه فطرته إلى رعاية ولده، ويقوم بواجبه على أتم وجه حتى لو لم يتجه إليه أمر بذلك، ولكن ماذا يحصل إذا غاب الأب؟ إن أموراً كثيرة تتغيّر، ومن ثَمَّ جاءت الإرشادات لرعاية الأيتام حتى لا يحصل رد فعل معاكس من قِبَل اليتيم تجاه المجتمع.
إن المجتمع عليه واجب في رعاية الأبناء بشكل عام، ولكن هذا الواجب يتضاعف إذا فقد هذا الابن أباه، وواجب عليه تطبيق كل ما جاء في كتاب الله تعالى، وما أرشدت إليه سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، إذ فيهما الحل الكامل والشامل لمشكلة اليتيم.
ولكن وقبل الخوض في منهج الإسلام في حل المشكلة أود أن أوضح معنى اليتيم في اللغة وفي اصطلاح الفقهاء، مع الإشارة إلى وقت انقضاء يتم اليتيم.
اليتيم في اللغة: يقال: يتم يُتماً: انفرد، و الصبي أو الولد: فقد أباه قبل البلوغ، و الصغير من الحيوان أو البهائم: ماتت أمه أو انقطع عنها، و الفرخ: فقد أحد أبويه.
فهو يتيم، ويتمان والجمع يتامى وأيتام.
فاليتم في اللغة له معاني منها: الانفراد والفقد والانقطاع وكلها معاني تؤثر على وضع اليتيم المادي والمعنوي على حد سواء، وبمعنى آخر فاليتم له أعظم الأثر على نفس اليتيم وبالتالي ينعكس على سلوكه.
اليتيم في اصطلاح الفقهاء: يعرف اليتيم عند الفقهاء بأنه اسم لمن مات أبوه ولم يبلغ الحلم، وهذا لا يتعرض للفقر والغنا.
قال الله سبحانه وتعالى: "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا" النساء (10)، قد سموا يتامى وإن كان لهم مال، فكل صغير مات أبوه يدخل تحت الوصية ومن لا فلا.
متى ينقضي يتم اليتيم؟ أخرج مسلم في صحيحه قال: أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن خمس خلال فقال ابن عباس لولا أن أكتم علما ما كتبت إليه، وكان من الأسئلة: ومتى ينقضي يتم اليتيم؟ فكتب إليه ابن عباس: وكتبت تسألني: متى ينقضي يتم اليتيم؟ فلعمري إن الرجل لتنبت لحيته وإنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف العطاء منها، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم.
والمعنى-كما قال الإمام النووي في شرحه للحديث: "ومعنى هذا متى ينقضي حكم اليتم ويستقل بالتصرف في ماله؟ وأما نفس اليتم فينقضي بالبلوغ، وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لا يتم بعد الحلم ) وفي هذا دليل للشافعي ومالك وجماهير العلماء أن حكم اليتم لا ينقطع بمجرد البلوغ ولا بعلو السن بل لابد أن يظهر منه الرشد في دينه وماله، وقال أبو حنيفة: إذا بلغ خمساً وعشرين سنة زال عنه وصار رشيداً يتصرف في ماله ويجب تسليمه إليه وإن كان غير ضابط له" وسيأتي لهذا مزيد بيان في مبحث لاحق -إن شاء الله تعالى-.
المبحث الثاني: وضع اليتيم قبل الإسلام إن أي مجتمع لا يلتزم أبناؤه بالأحكام الربانية تجده قد ضيّع الحقوق الشرعية المطلوبة منه للضعفاء، فلا رحمة ولا شفقة في قلوب أبنائه للمضطهدين، ولا رعاية فيه للمستضعفين، وقد أشارت نصوص عديدة في كتب سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- (وهو اليتيم في قومه) إلى ما كان يعانيه اليتيم -بشكل عام- من ظلم مجحف، واحتقار مهين، وازدراء لوضعه.
ومن ذلك ما تحكيه لنا حليمة السعدية مرضعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قالت: "... حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتأباه ، إذا قيل لها: إنه يتيم، وذلك أنا إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي، فكنا نقول: يتيم!! وما عسى أن تصنع أمه وجده؟ فكنا نكرهه لذلك، فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعاً غيري، فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي: والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعاً، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه، قال لا عليكِ أن تفعلي، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة، قالت: فذهبت إليه فأخذته، وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره".
إذن فحليمة السعدية لم ترض بمحمد -صلى الله عليه وسلم- بداية ليتمه، ثم إنها رضيت به بعدما فقدت الأمل بأخذ غيره، وكذلك كل النساء المرضعات لم يقبلن بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، فما عسى أن تقدم أرملة لابنها اليتيم؟ بل ما عسى أن تقدم من تحف وهدايا ومكافئات لمن يقوم على إرضاعه؟
إن هذه الأم عاجزة عن دفع مستلزمات الحياة الجديدة، فلا فائدة مرجوة منها، فكانت النتيجة الطبيعية الرغبة عن ابنها لولا أن منَّ الله تعالى على حليمة بهذا الشرف العظيم، فأكرمها الله بالبركة والرزق الوفير.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 01 أبريل 2022, 9:30 pm عدل 1 مرات |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: بحث: حل مشكلة الأيتام ضمن تعاليم الإسلام الأحد 02 أبريل 2017, 8:09 am | |
| ومن الوقائع الدالة على منزلة اليتيم عند أهل مكة أيضاً: ما رواه ابن عباس أن الكفار قالوا لما بعث محمد -صلى الله عليه وسلم-: إن الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً، وقالوا: ما وجد الله مَنْ يرسله إلا يتيم أبي طالب، فنزلت أكان للناس -يعني أهل مكة- عجباً، فكفار مكة يتعجبون لإرسال الله تعالى لنبي يتيم، ولا ينظرون -لأن قلوبهم مقفلة- إلى هذا اليتيم، ما هي ميزاته؟ ولم يسألوا أنفسهم لماذا استحق هذا التكريم من الله الكريم، إن في شخصية محمد -صلى الله عليه وسلم- من الميزات العظيمة والأخلاق الكريمة ما استحق فيه الرسالة وزيادة.
وليست هذه هي الحادثة الوحيدة الفريدة، بل إن الكلمة تتكرر في حياتهم وبمناسبات شتى، تذكر كتب التفاسير والسيرة النبوية المطهرة طرفاً منها فقد روى البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر خديجة بنت خويلد، وكان أبوها يرغب عن أن يزوجه، فصنعت طعاماً وشراباً فدعت أباها ونفراً من قريش، فطعموا وشربوا حتى ثملوا، فقالت خديجة رضي الله عنها لأبيها: إن محمداً يخطبني فزوجه، فزوجها إياه فخلقته وألبسته حلة، وكانوا يصنعون بالآباء إذا زوجوا بناتهم فلما سري عنه السُّكر نظر فإذا هو مخلق عليه حلة، فقال ما شأني؟ قالت: زوجتني محمد بن عبد الله، فقال: أنا أزوج يتيم أبي طالب؟ فقال: لا لعمري، فقالت خديجة: أما تستحي تريد أن تسفه نفسك ثم قريش تخبر الناس أنك كنت سكران، فلم تزل به حتى أقر.
فيا للعجب محمد بن عبد الله لا يقبل به زوجا لابنة، لا لعيب خلقي أو خُلقي، وإنما ليتمه -صلى الله عليه وسلم-، فهل اليتم عيب يحاسب عليه الإنسان، لدرجة أن يسأل الأب سؤاله الإنكاري الذي يحمل معنى التحقير: "أنا أزوج يتيم أبي طالب"؟
ثم موقف آخر يدل على النظرة نفسها، فقد طاف أبو جهل -عليه اللعنة- ومعه الوليد بن المغيرة ليلةً بالبيت، فتحدثا في شأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال أبو جهل: والله إني لأعلم أنه لصادق فقال له: مه وما دلّك على ذلك؟ قال: يا أبا عبد شمس كنا نسميه في صباه الصادق الأمين فلما تم عقله وكمل رشده نسميه الكذاب الخائن، والله إني لأعلم أنه لصادق، قال: فما يمنعك أن تصدقه وتؤمن به؟ قال: تتحدث عني بنات قريش أني قد اتبعت يتيم أبي طالب من أجل كسرة؟ واللات والعزى إن اتبعته أبداً.
كبر وتعاظم، احتقار وازدراء لأكرم بشر خلقه الله لا لشيءٍ إلا لفقده الأب وهو جنين لم يولد بعد، فما هو الذنب الذي اقترفه؟ إن الواجب في مثل هذه الحالة كان يحتم أن تتجه القلوب بالرحمة والشفقة، أن تأخذ بيد هذا اليتيم بدل التنقيص من شأنه، ولكن أنّى ذلك وعلى القلوب أقفالها؟
يقول الإمام السرخسي معلقا على قولهم يتيم أبي طالب: "والذي روى أن الكفار كانوا يسمون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتيم أبي طالب بعد المبعث قد كانوا يقصدون الاستخفاف به لا أنه في الحال يتيم، قيل هذا لطف من الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم- فإنهم كانوا يشتمون يتيماً وهو لم يكن يتيماً، ولا تتناوله تلك الشتمة، كما روي أنهم كانوا يسمونه مذمماً ويشتمون مذمماً، وهو كان مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- فلا تتناوله تلك الشتمة فهذا مثله".
إذن فاليتيم قبل الإسلام كان إذا تكلم لا يُسمع منه، وإذا خطب لا يُنكح، ثم إنه لا يُؤبه به ولا يُحترم، ثم إن مما يدل على ما كان يعانيه اليتيم من ظلم وأكل لماله ما ذكره جعفر بن أبي طالب للنجاشي -رضي الله عنهما- وهو في أرض الحبشة: فقد روت أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة، قالت: "ثم لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها حين جاء النجاشي - فذكر الحديث بطوله"، وقال في الحديث، قالت وكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب قال له: "أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله وتوحيده، ولنعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأن نعبد الله لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، قالت فعدَّد عليه أمور الإسلام، فصدَّقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من ثم الله، فعبدنا الله وحده ولم نشرك به، وحرَّمنا ما حرَّم علينا، وأحللنا ما أحلَّ لنا"، ثم ذكر باقي الحديث.
وكلامه يدل أولاً على أن القوي فيهم كان يأكل الضعيف، وأنهم يقطعون الأرحام ويأكلون أموال الأيتام، ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهاهم عن أكل مال اليتيم، وهذا كله في الفترة المكية بل في بداية الدعوة، بمعنى أن رعاية الأيتام في ظل الإسلام كانت من الأيام الأولى لبعثة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-.
*ثم إن نظرة في أسباب نزول بعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن أحكام الأيتام يظهر لنا هذا الظلم: ففي الآية الثانية من سورة النساء، وفي قوله تعالى: "وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدَّلوا الخبيث بالطيب" سورة النساء (2)، وتعني: لا تتبدلوا الشاة السمينة من مال اليتيم بالهزيلة، ولا الدرهم الطيب بالمزيف، وكانوا في الجاهلية لعدم الدين لا يتحرجون عن أموال اليتامى، فكانوا يأخذون الطيب والجيد من أموال اليتامى، ويبدلونه بالرديئ من أموالهم، ويقولون اسم باسم ورأس برأس، فنهاهم الله عن ذلك، هذا قول سعيد بن المسيب والزهري والسدي والضحاك وهو ظاهر.
وفي الآية الثالثة من السورة نفسها عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قول الله تبارك وتعالى:" وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء" النساء (3) قالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن.
وفي الآية (127) دليل ثالث من نفس السورة: ففي البخاري عن عائشة رضي الله عنها: "ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن" النساء (127) إلى قوله وترغبون أن تنكحوهن، قالت عائشة: هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها فأشركته في ماله حتى في العذق، فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلاً فيشركه في ماله بما شركته، فيعضلها فنزلت هذه الآية، وكذلك رواه مسلم عن أبي كريب.
وهكذا يظهر من خلال هذا العرض ومن خلال الاطلاع على أسباب نزول الآيات الكريمات أن المجتمع المكي قبل الإسلام قد ظلم اليتيم ذكراً كان أو أنثى، وحرمه من حقوقه في العيش بحياة كريمة.
المبحث الثالث: التوجيهات القرآنية لرعاية الأيتام عني الإسلام بالأيتام عناية كبيرة وأولاهم رعاية خاصة، حتى إنه قد ساهم مساهمة فعالة في حل مشكلاتهم، وقد سار هذا الموضوع في خطين: الأول خط التوجيهات القرآنية، والثاني خط التوجيهات النبوية، وما ذاك إلا لأن منهجه يقوم على احترام الإنسان والتعاون على البر والإحسان، وجعل الأمرين من مبادئ الإيمان، قال الله تعالى: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى..." النساء آية (36)، فهذه الآية قد ربطت بين الإيمان بالله تعالى لا شريك له وبين الإحسان إلى الوالدين والقرابة واليتامى والمساكين والجيران.
بدأت الآية بالتوحيد أساس الدين وانتهت بالإحسان إلى ما ملكت الأيمان، وهذه آية عامة جمعت في ثناياها الكثير، ولكنها ليست الآية الوحيدة في هذا المجال، فقد كثرت التوجيهات القرآنية في السور المكية والسور المدنية، أذكر بعضها حتى نكون على علم ودراية بطريقة القرآن في حل مشكلة الأيتام.
رعاية الأيتام في السور المكية: ورد في سورة الفجر قوله تعالى:" كلا بل لا تكرمون اليتيم: (آية:17) وهي إخبار عن ما كانوا يصنعونه، قال الشوكاني: "أي بل لكم أفعال هي أقبح مما ذكر وهي أنكم تتركون إكرام اليتيم فتأكلون ماله وتمنعونه من فضل أموالكم" قال مقاتل: نزلت في قدامة بن مظعون وكان يتيماً في حجر أمية بن خلف.
وفي سورة الضحى:" ألم يجدك يتيمًا فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلاً فأغنى فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث" (الآيات:6-11) ومعنى: "فأما اليتيم فلا تقهر" أي كما كنت يتيماً فآواك الله فلا تقهر اليتيم أي لا تذله وتنهره وتهنه، ولكن أحسن إليه وتلطَّف به، قال قتادة: كن لليتيم كالأب الرحيم.
وفي سورة الماعون:" أرأيت الذي يكذب بالدين * فذلك الذي يدع اليتيم" الآيات (1-2)، يقول فهذا الذي يكذب بالدين هو الذي يدفع اليتيم عن حقه ويظلمه، يقال منه دععت فلاناً عن حقه فأنا أدعه دعاً، قال ابن كثير: يدع اليتيم أي هو الذي يقهر اليتيم ويظلمه حقه ولا يطعمه ولا يحسن إليه.
وفي سورة البلد: "فلا اقتحم العقبة وما أدرك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيمًا ذا مقربة أو مسكينًا ذا متربة" الآيات (11-16)، قال الإمام ابن قدامة في المغني: "وتستحب الصدقة على ذي القرابة لقول الله تعالى: "يتيمًا ذا مقربة" البلد.
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة) وهذا حديث حسن.
وسألت زينب امرأة عبد الله بن مسعود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل ينفعها أن تضع صدقتها في زوجها وبني أخ لها يتامى؟ قال: "نعم لها أجران أجر القرابة وأجر الصدقة" رواه النسائي.
وهكذا تتنزل الآيات الكريمة تترى مؤكدة ذاتية اليتيم، محققه وجوده ضمن أفراد المجتمع، فإذا ما استقر وضعه وأخذ مكانه، كان الحديث عن حقوقه مجدياً بعد الاقتناع بوجود كائناً حياً.
وقد تحدثت الآيات المكية -في آخر ما نزل فيها- عن ماله الذي يجب أن يُصان حتى يبلغ أشده، وهذه مرحلة جديدة في إعداده تمهيداً للمرحلة التالية المتعلقة بتفصيل وضعه والتي تكفلت بها الآيات المدنية بعد.
ففي سورة الأنعام (152) وسورة الإسراء (34) يتكرر قوله تعالى:" ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن" قال ابن عباس: لما نزلت: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن" سورة الأنعام الآية.
عزلوا أموال اليتامى حتى جعل الطعام يفسد واللحم ينتن، فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فنزلت "وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح" سورة البقرة الآية (220)، قال فخالطوهم، رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحديث أخرجه أيضاً الحاكم وصححه وفي إسناده عطاء بن السائب وقد تفرد بوصله وفيه مقال.
ومعنى:" ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن" أي بالخصلة التي هي أحسن وهي ما فيه صلاحه وتثميره وتحصيل الربح له حتى يبلغ أشده بأن يحتلم.
لقد كان الحديث قبل ذلك عن يتيم لا يكرم، بل إنه يتعرض للإهانة التي تجرح إحساسه فهو ضائع يبحث عن وجوده فيتقدم الإسلام ليعينه على تحقيقه، ودار الحديث أيضاً عن إطعام اليتيم والإحسان إليه لكن حديث الآيتين الأخيرتين يدور حول (مال) اليتيم بعد أن ثبت وجوده فعلاً، وصار ذا مال ينبغي الحفاظ عليه حتى يبلغ رشده، وتبرز صورة اليتيم في الذهن وقد استوى على سوقه كعضو فعال، صاحب يد عليا يمكن أن تعطى وتسهم في بناء المجتمع وبنفس القوة التي دعا القرآن بها إلى صون ذاته.
رعاية اليتيم في السور المدنية: لقد اختلف الخطاب في موضوع رعاية الأيتام في السور المدنية عما كان عليه في السور المكية، فبعد أن تأسست القاعدة العامة في السور المكية وسارت بالتدرج المعروف بالتشريع الإسلامي، صار من الممكن الحديث عن جوانب أخرى لهذه العناية والرعاية.
والتي كان من صورها: 1. ضمان حقه في الميراث بعد أن لم يكن. 2. تعيين وصي يرعى مصالحة محكوم بقواعد لا يحيد عنها. 3. وجوب إعطاء اليتيم سهماً من الفيء والغنيمة. 4. استحسان إهدائه شيئا من التركة إذا حضر.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 01 أبريل 2022, 9:31 pm عدل 1 مرات |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: بحث: حل مشكلة الأيتام ضمن تعاليم الإسلام الأحد 02 أبريل 2017, 8:13 am | |
| أولاً: ضمان حقه في الميراث: وقد وردت عدة آيات كريمة تحرم أكل أموال اليتامى ظلما لتؤسس لضمان حقه في الميراث، ومن ذلك: قوله تعالى:" وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوبًا كبيرًا وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع" سورة النساء (2-3).
وقوله:" إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا إنما يأكلون في بطونهم نارًا وسيصلون سعيرًا" النساء (10).
وقوله:" ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح" البقرة (220).
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ثم لما أنزل الله عز وجل: "ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن "و "إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلمًا" إلى قوله سعيرًا، قال: انطلق مَنْ كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، يفضل الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فيرمي به، فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله عز وجل:" يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم"... إلى عزيز حكيم"، فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم، هذا حديث صحيح ولم يخرجاه وإنما أخرجه أئمتنا.
فانظر إلى التحرج والمراقبة لأوامر الله والخوف من مخالفة أمره عند الصحابة -رضوان الله عليهم- والتي من خلالها استحقوا مدح الله لهم:" الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه" الزمر (18)، إن هذه الطاعة هي التي ولَّدت الإحساس بالمسؤولية، وبالتالي أصبح حل مشكلة الأيتام واقعاً ملموساً في جيل الصحابة.
وروى عبد بن حميد من طريق السدي عَمَّنْ حدَّثه عن ابن عباس قال: المخالطة أن تشرب من لبنه ويشرب من لبنك وتأكل من قصعته ويأكل من قصعتك والله يعلم المفسد من المصلح: مَنْ يتعمَّد أكل مال اليتيم ومَنْ يتجنَّبه.
وفي قوله تعالى: " وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا ومن كان غنيًا فليستعفف ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فاشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبًا" النساء (آية : 6).
قال القرطبي: ومعنى "ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا" ليس يريد أن أكل مالهم من غير إسراف جائز فيكون له دليل خطاب، بل المراد ولا تأكلوا أموالهم فإنه إسراف، فنهى الله سبحانه وتعالى الأوصياء عن أكل أموال اليتامى بغير الواجب المباح لهم.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: "قول الله عز وجل في مال اليتيم: "ومَن كان غنيًا فليستعفف" إنما أراد بالاستعفاف أن لا يأكل منه شيئاً.
وذهب مالك وأصحابه إلى أنه يجوز للفقير المحتاج أن يأكل من مال اليتيم بقدر اشتغاله به وخدمته فيه وقيامه عليه وإلا فلا يسوغ له أن يأكل منه إلا ما لا ثمن له ولا قدر لقيمته مثل اللبن في الموضع الذي لا ثمن له فيه ومثل الفاكهة من حائطه ومن أهل العلم مَنْ أجاز له أن يأكل منه على وجه السلف ومنهم من أجاز له أن يأكل منه ويكتسي بقدر حاجته وما تدعوا إليه الضرورة وليس عليه رد ذلك.
ويُعرف الرشد كما قال ابن قدامة: "باختباره لقول الله تعالى: "وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح" يعني اختبروهم كقوله تعالى: "ليبلوكم أيكم أحسن عملاً" الملك (2) أي يختبركم، واختباره بتفويض التصرفات التي يتصرف فيها أمثاله، فإن كان من أولاد التجار فوض إليه البيع والشراء فإذا تكررت منه فلم يغبن ولم يضيع ما في يديه فهو رشيد، وإن كان من أولاد الدهاقين والكبراء الذين يصان أمثالهم عن الأسواق رفعت إليه نفقة مدة لينفقها في مصالحه فإن كان قيما بذلك يصرفها في مواقعها ويستوفي على وكيله ويستقصى عليه فهو رشيد.
والمرأة يفوض إليها ما يفوض إلى ربة البيت من استئجار الغزَّالات وتوكيلها في شراء الكتان وأشباه ذلك فإن وجدت ضابطة لما في يديها مستوفية من وكيلها فهي رشيدة.
إن هذه الآيات في كتاب الله تعالى هي الضمان لليتامى ولأموالهم من أن يبادر إليها الطمّاعون الجشعون، وفيها الأمان والرحمة والإحسان، وإلا تعرَّض آكل مال اليتيم للعذاب الشديد والتهديد الأكيد من الله تعالى.
ثانياً: تعيين وصي يرعى مصالحه محكوم بقواعد لا يحيد عنها: إن الصغار بالجملة صنفان ذكور وإناث وكل واحد من هؤلاء إما ذو أب، وإما ذو وصي، وإما مهمل وهم الذين يبلغون ولا وصي لهم ولا أب، فالمهمل هو الذي لم يجد من يقوم بشؤونه، وهذا يضيع حقه ولا يجد من يعينه، وذو الأب أبوه يرعى شؤونه ويكفيه ما يريد، وذو الوصي مثل اليتيم الذي يجد من يرعى شؤونه، وهذا يحفظ ماله ويصلح حاله.
قال الإمام ابن تيمية: "وصي اليتيم وناظر الوقف ووكيل الرجل في ماله عليه أن يتصرف له بالأصلح فالأصلح كما قال الله تعالى:" ولا تقربوا مال اليتم إلا بالتى هى أحسن" الأنعام (152)، ولم يقل إلا بالتي هي حسنة، حتى إن اليتيم إذا لم يكن له وصي فإن القاضي هو الذي يرعى شؤونه.
قال السرخسي: "أن ولاية النظر في مال اليتيم للقاضي إذا لم يكن وصي لعجز اليتيم عن النظر لنفسه".
ثالثاً: وجوب إعطاء اليتيم سهماً من الفيء والغنيمة جعل الله لليتامى سهما من خُمس الغنيمة بقوله تبارك وتعالى:" واعلموا أنما غنمتم من شيءٍ فأنَّ لله خُمُسَهُ وللرسول ولذي القربى واليتامى" الأنفال (41)، وقال تبارك وتعالى: "ما أفاء الله على رسوله من أهل القُرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى" الحشر (7 ) وأراد به المحتاجين منهم دون الأغنياء.
إن في إعطاء الأيتام نسبة معينة من الغنائم أو مما أفاء الله على المسلمين لهو جديرٌ بأن يحلّ كل مشاكل الأيتام المادية، فلا فقر ولا حاجة، ولا تسول ولا تشرد، ويبقى اليتيم بهذا إنساناً له كرامته، يشعر أنه عزيز النفس، وإذا حُلَّت مشاكله المادية حُلَّ كثير من مشاكله النفسية والشعورية والسلوكية والعاطفية.
رابعاً: استحسان إهدائه شيئاً من التركة إذا حضر: قال الله تعالى:" وإذا حضر القِسْمَةَ أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولًا معروفاً" النساء (8 ).
قال الإمام القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: "قال ابن عباس: أمر الله المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم ويتاماهم ومساكينهم من الوصية، فإن لم تكن وصية وصل لهم من الميراث.
قال النحاس: فهذا أحسن ما قيل في الآية أن يكون على الندب والترغيب في فعل الخير والشكر لله عزوجل.
وقالت طائفة: هذا الرضخ واجب على جهة الفرض، تعطى الورثة لهذه الأصناف ما طابت به نفوسهم كالماعون والثوب الخلق وما خف، حكى هذا القول ابن عطية والقشيري والصحيح أن هذا على الندب".
وسواء كان الأمر على الوجوب أم على الندب فهو يدل على منهج قويم وخلق نبيل، يصل إليه من يعامل الأيتام بمثل هذا الأمر مما ينعكس إيجابا على نفسية اليتيم ويساهم في حل مشاكله المادية والمعنوية على حدٍ سواء.
عناية القرآن باليتيمات: هذه الأحكام التي ذكرت هي للذكور والإناث على حد سواء، ولا خصوصية لأحدهما إلا بفروع بسيطة، ولكن هناك ما يختص بالإناث ولا يشاركها فيه الذكور، ومن ذلك قوله تعالى:" ويستفتونك في النساء قل اللهُ يفتيكم فيهنَّ وما يُتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تُؤتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وترغبون أن تنكحُوهُنَّ والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليمًا" النساء (آية:127).
فعن مجاهد في الآية قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء شيئاً، كانوا يقولون لا يغزون ولا يغنمون خيراً ففرض الله لهن الميراث حقاً واجباً.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم في الآية قال: كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة لم يُعطوها ميراثها وحبسوها من التزويج حتى تموت فيرثونها، فأنزل الله هذا وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة في قوله:" ويستفتونك في النساء... إلى قوله: وترغبون أن تنكحوهن"، قالت: هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها قد شركته في ماله حتى في العذق فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلاً فتشركه في ماله بما شركته فيعضلها.
ظلم وحيف، ونظرة دونية للأنثى، وتقدير للإنسان بحجم إنتاجه، فالذي لا يغزو ولا يغنم لا يستحق شيئاً من المال، هذه هي نظرة الجاهلية للمرأة، ويزيد البؤس إذا كانت يتيمة، فلا حامي لها ولا مدافع عن حقوقها، ويأتي الإسلام بتشريعاته الغرَّاء ليرفع عنها الظلم فتشرق شمسها بعد أن كسفت قرون طويلة.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 01 أبريل 2022, 9:31 pm عدل 1 مرات |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: بحث: حل مشكلة الأيتام ضمن تعاليم الإسلام الأحد 02 أبريل 2017, 8:19 am | |
| المبحث الرابع: التوجيهات النبوية لرعاية الأيتام وتأتي أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتوجيهاته لتمثل المصدر الثاني لرعاية الأيتام -كما هي المصدر الثاني لجميع التشريعات- وتزخر كتب السنة قاطبة بمجموعة من التوجيهات النبوية، والتي تعطي حلاً ناجعاً لمشكلة الأيتام، وقد اخترت بعضاً منها من مجموعة من المصادر.
فمن ذلك: • ما ورد في البخاري عن سهل -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشاربإصبعيه السبابة والوسطى)، فهذه أعلى منزلة يصلها إنسان، فلا منزلة في الجنة خير منها.
• وفي مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خير نساء ركبن الإبل... نساء قريش أحناه على يتيم في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده)، أثبت لهن الخيرية بسببين، الأول: الحنو على اليتيم، والثاني: الرعاية للزوج.
• وفيه أيضاً،عن أبي هريرة عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: (السَّاعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال وكالقائم لا يفتر وكالصائم لا يفطر)، شبَّه السَّاعي على الأرملة والمسكين بالمجاهد وبالقائم وبالصائم، فيا نعم العمل يعمله المسلم ليصل به إلى أعلى الدرجات.
والأرملة قد يكون لها أيتام فيسعى عليهم كما يسعى على أمهم، وقد يكون المسكين يتيماً فيكون السعي عليه سعي على مسكين ويتيم في آن.
• وفي المسند عن أبي هريرة أن رجلاً شكا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قسوة قلبه فقال: (امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين) رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، إن المسح على رأس اليتيم من الأعمال التي ينال بها العبد رضا الله تعالى، وهي في نفس الوقت لها أثر حسن على إصلاح قسوة قلبه، حتى استحبها الكثير من العلماء.
• وعند ابن حبان عن أبى ذر قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تتولين مال يتيم ولا تتأمرن على اثنين)، لقد كان من وصيته -صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر ألا يتولى مال يتيم، لأن هذه الولاية أمانة، والأمانة أكثر ما تحتاج إليه القوة، وأبو ذر -رضي الله عنه- ضعيف فقد يعجز عن حمل الأمانة.
• وفي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (خير بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُحسَنُ إليه وشرُّ بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُسَاءُ إليه)، أثبت الخيرية مرة أخرى -ولكن في هذه المرة- للبيت الذي فيه يتيمٌ يُكرَم ويُحسَنُ إليه، وفي المقابل فشرُّ بيتٍ بيتٌ فيه يتيمٌ يُسَاءُ إليه.
• وعند الحاكم: وكان في الكتاب إن أكبر الكبائر ثم الله يوم القيامة الإشراك بالله وقتل النفس المؤمنة بغير حق والفرار يوم الزحف وعقوق الوالدين ورمي المحصنة وتعلم السحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم وهذه السبع الموبقات التي توصل صاحبها إلى النار -والعياذ بالله-، ومنها أكل مال اليتيم.
وما كانت كل هذه التوجيهات النبوية الشريفة لولا ما كان يعانيه اليتيم قبل الإسلام من مشاكل متعددة، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد عانى منها طوال حياته، فأحس بالظلم الشديد من نظرة المجتمع إليه، فحرص أشد الحرص على رد الاعتبار إلى اليتيم، ورغَّبَ في كفالته ورعايته، وشدَّد على حصوله على حقوقه كاملة غير منقوصة، فكان في هذه التوجيهات -بالإضافة إلى ما سبق من توجيهات قرآنية- الحل الأمثل لمشكلة الأيتام، فسارت حياة اليتيم في ظل الإسلام على نهج جديد وفريد، عاش فيه اليتيم عزيزاً كريماً، مُصاناً محفوظاً، بعيداً عن التوترات النفسية والمشكلات المادية.
وظهر في المجتمع المسلم نماذج فريدة من العلماء والفقهاء والقُرَّاء والكُبراء مِمَّنْ عاشوا أيتاماً -ولكن بفضل الله أولاً ثم بجهود الملتزمين بشرع الله ثانياً- زالت مشاكلهم فكانوا من الأئمة الذين يُقتدى بهم وتُقتفى آثارهم؛ وستكون الكتابة عن بعض النماذج في المبحث التالي -إن شاء الله-.
المبحث الخامس نتائج هذه التوجيهات أيتام لا كالأيتام ما أحوجنا في هذا المبحث أن نتعرف على نماذج لأيتام كان لرعايتهم الرشيدة أعظم الأثر على حياتهم العامة والخاصة، حتى أصبحوا بفضل الله أولاً ثم بجهود مَنْ تكفَّلهم ورعاهم ثانياً رواداً وقادةً وسادةً، فاقوا مَنْ تَرَبَّوْا بأحضان آبائهم وأمهاتهم، ولا يغيب عن البال هنا إمام البشرية وسيد الخلق أجمعين سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي مات أبوه وهو في بطن أمه فلم يكن -كما قال العقاد: "بالمدلل الذي يقتل فيه التدليل ملكة الجِدِّ والإرادة والاستقلال، وليس هو بالمهجور المنبوذ الذي تقتل فيه العزلة روح الأمل وعزة النفس، وسليقة الطموح والعطف على الآخرين" حتى لقد كان يُتْمُهُ آيةً من آيات الله سبحانه".
وكانت مريم الصِّديقة آيةً أخرى من آيات الله بعد أن كفّلها الله تعالى زكريا، فكانت أفضل امرأة خلقها الله على مر التاريخ.
والأمثلة كثيرة، فكم من يتيم حاز الشرف والمكانة لأنه نشأ في بيت رسول -صلى الله عليه وسلم-، فهذا أنس بن مالك -رضي الله عنه- خادم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-تأتي به أمُّهُ لينال شرف الخدمة، وقد ترجم البخاري: باب استخدام اليتيم في السَّفر والحضر إذا كان صلاحاً له، ونظر الأم أو زوجها لليتيم، أورد فيه حديث أنس قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة وليس له خادم فأخذ أبو طلحة بيدي فانطلق بي... الحديث، وأبو طلحة كان زوج أم سليم والدة أنس ورد في بعض الروايات الإشارة أن أم سليم هي التي أحضرته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أول ما قدم المدينة.
وتذكر لنا أم سلمة في قصة زواجها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: أتاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكلَّمني وبيننا حجاب فخطبني، فقلت وما تريد إلي؟ ما أقول هذا إلا رغبة لك عن نفسي، إني امرأة قد أدبر من سني وإني أم أيتام وأنا شديدة الغيرة وأنت يا رسول الله تجمع النساء، قال: أما الغيرة فيُذهبُها اللهُ وأما السن فأنا أكبر منك وأما أيتامك فعلى الله وعلى رسوله، فأذنت فتزوجني.
هكذا تكون رعاية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للأرامل والأيتام في المجتمع المسلم، فيعتبر نفسه -صلى الله عليه وسلم- أبا للأيتام بعد أبيهم، يحفظهم ويرعى شؤونهم، ويعلمهم ويربيهم؛ ويظهر لنا من رعايته وتأديبه -صلى الله عليه وسلم- لأحد أبنائها -عمر- أن قال يوماً: كنت في حجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا غلام سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مِمَّا يليك، فما زالت تلك طعمتي بعد.
وأبناء الشهداء كان لهم مكانة خاصة عنده -صلى الله عليه وسلم- فها هو يرعى أبناء جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- بعدما استُشهد أبوهم، فعن ابن عباس قال: لمَّا جاء نعي جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنهم أجمعين- دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على أسماء بنت عميس فوضع عبد الله ومحمد ابني جعفر على فخذه ثم قال: "إن جبريل أخبرني أن الله استشهد جعفراً وأن له جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة، ثم قال: اللهم اخلف جعفراً في ولده" رواه الطبراني وفيه عمر بن هرون وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات، وعن عبد الله بن جعفر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (هنيئاً لك يا عبد الله بن جعفر، أبوك يطير مع الملائكة في السماء) رواه الطبراني وإسناده حسن.
إن الوصي على اليتيم أو حتى زوج الأم يمكن أن يقوم مكان الأب، أما أن يستغل سطوته على اليتيم فيعتبره عبداً عنده فهذا ما لا يقبل به عقلٌ ولا دين.
ثم إن كُتُبَ السِّيَر تحكي لنا كيف كانت رعاية الزبير بن العوام من قبل أمه، فقد كانت أمُّه صفية بنت عبد المطلب تضربه ضرباً شديداً وهو يتيم، فقيل لها قتلتِهِ أهلكتِهِ، فقالت: إنما أضربه لكي يدب، ويجر الجيش ذا الجلب... قال وكسر يد غلام ذات يوم فجيء بالغلام إلى صفية فقيل لها ذلك فقالت: كيف وجدت وبراً أقطاً أم تمراً أم مشمعلاً صقراً.
ثم لا ننسى من الأئمة الأعلام: الشَّافعي الذي نشأ يتيماً ثم أصبح في العلم أشهر من نار على علم، انتقل مع أمه وعمره سنتان من غزة هاشم إلى مكة المكرمة، فأصبح بفضل الله إمام مذهب يقتدي به أهل السنة وعلمائهم.
ومن القُرَّاء حفص بن سليمان، فقد كان أعلم أصحاب عاصم بقراءته، وهو ابن امرأته وربيبه، ومن طريقه قراءة أهل المشرق، فأهل المشرق غالباً يقرؤون بقراءة حفص عن عاصم، حفص الربيب، وعاصم زوج أمه الذي علمه القرآن، فنال من الفضل درجات ودرجات.
وقد ورد في حديث نبوي شريف أجر الأم التي تُربي أيتامها ولا تتزوج، فعن عوف بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أنا وامرأة سعفاء الخدَّين آمت عن زوجها فصبرت على ولدها كهاتين في الجنة).
قال الخطابي: السَّفعاء هي التي تغيَّر لونها إلى الكُمُودة والسَّواد من طول الأيمة، كأنه مأخوذ من سفع النار وهو أن يصيب لفحها شيئاً فيسود مكانه، يريد بذلك عليه السلام أن هذه المرأة قد حبست نفسها على أولادها ولم تتزوج فتحتاج إلى أن تتزين وتصنع نفسها لزوجها، انتهى.
نعم إن مسؤولية ثقيلة كبيرة تقع على الأمهات، فلو تمكنت أن تضبط نفسها لكانت أباً وأماً لولدها في نفس الوقت، توجهه نحو الخير والصلاح؛ وبالمقابل إن تزوجت الصالح وأحسنت الاختيار كان زوج الأم أباً للأيتام، يمنحهم العطف والحنان، ويعوضهم عن فقد الأب والحرمان، فيُديم عليهم الأمن والأمان، وبالتالي ينال المنزلة الرفيعة في جنة الرحمن، ويكون فيها جاراً للنبي العدنان -صلى الله عليه وسلم-.
ثم تذكر لنا كُتُبُ التفسير والفقه من نتائج التوجيهات القرآنية والنبوية لرعاية الأيتام الشيء الكثير: فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: ألا إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة الولي من مال اليتيم إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت.
وروى منصور عن الحسن أن يتيماً كان يحضر طعام ابن عمر فدعا ذات يوم بطعامه وطلب اليتيم فلم يجده وجاءه بعد ما فرغ ابن عمر من طعامه، فلم يجد الطعام فدعا له بسويق وعسل، فقال دونك هذا، فوالله ما غبن، قال الحسن: وابن عمر والله ما غبن.
وقال الشافعي: وأحب مسح رأس اليتيم ودهنه وإكرامه، وأن لا يُنهر ولا يُقهر فإن الله عز وجل قد أوصى به.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الجمعة 01 أبريل 2022, 9:32 pm عدل 1 مرات |
|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: بحث: حل مشكلة الأيتام ضمن تعاليم الإسلام الأحد 02 أبريل 2017, 8:33 am | |
| نموذج واقعي على رعاية الأيتام: جمعية المسجد الأقصى المبارك نموذج حي في مدينة القدس للعمل مع الأيتام، تأسَّست عام 1989م، وكان لها عدة أهداف منها، أولا: خيرية, وثانيا: تعليمية, وثالثا: نشاطات رياضية, ولا زالت إلى اليوم تعمل على تحقيق الهدفين الأولين, فمدرسة الهُدى بفروعها في مدينة القدس تُعد من أفضل المدارس الخاصة والتي تهتم بموضوع التربية والتعليم الديني, ورعاية الأيتام فيها عمل جليل خيّر يقوم عليه ثُلَةٌ قليلة العدد كبيرة الآمال من أبناء القدس, وقد زرت هذه الجمعية في مقرها الكائن في البلدة القديمة يوم الأحد (6/8/2006م), وأجريت مع المسؤول عنها الشيخ حسن البراغيثي -حفظه الله- لقاءً اطلعت منه على مُجريات الأمور في هذه الجمعية، وكيف تسير في ظل هذه الظروف الصعبة, ومصادر تمويلها ,والمشكلات التي تواجهها, وقد أطلعني -حفظه الله- على مستندات ووثائق رسمية يشبه العمل فيها إلى حد كبير العمل المؤسسي الذي يديره مجموعة كبيرة من الموظفين من مدققي حسابات ومعاونين وعاملين على جمع المعلومات ودراسة الحالات دراسة اجتماعية وافية, إلا أن الغريب أن العاملين فيها رسمياً لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة, ولا يتقاضون راتباً شهرياً ولا حتى سهم "العاملين عليها" المعروف في مصارف الزكاة، يُعطى بعضهم إكرامية بسيطة, وهم فرحون بهذا العمل يحتسبون خطاهم في سبيل الله.
أما عن العمل مع الأيتام فأفاد الشيخ حسن إلى أنه بدأ عام 1990م، أي بعد عام تقريباً من افتتاح الجمعية, وبدأ بتقديم الرعاية لعشرة أيتام, وأما الآن فالعمل يتم ضمن حدود (100) عائلة فيها أيتام, بعض هذه العائلات يزيد عدد الأيتام فيها على الخمسة أفراد, وقد رأيت كشفاً لعائلة مكونة من عشرة أفراد، وهكذا.
وأما مصادر هذه المساعدات المُقدَّمة فهي داخلية تماماً, فلا تتقاضى الجمعية أية مساعدات خارجية مطلقاً, فهناك الكثير من الناس ومن أهل الخير منهم مَنْ يتقدم بصدقاته وزكواته وأضاحيه إلى هذه الجمعية، بل إن بعضهم يدفع مبلغاً شهرياً وهو (100) شيكلا باسم كفالة يتيم.
والجمعية تقوم بكفالة الأيتام في مناطق الضفة الغربية خاصة مع أنها مقدسية العاملين مقدسية المنشأ والوجود, وذلك لأن أهل القدس في الغالب يتقاضون مخصصات شهرية من التأمين الوطني, تدفع للأرامل والأيتام والمسنين, فهم ليسوا بحاجة إلى هذه الرعاية, وقد لاحظت من خلال اطلاعي على الكشف أن العائلات المقدسية لا تساوي نسبة 5% تقريباً من مجموع العائلات.
والجمعية تنفق - فوق ما تدفعه لكل يتيم من مخصص شهري يتراوح بين (100) شيكلاً وبين (300) شيكلاً، أو أحياناً أكثر إذا تطلب الوضع ذلك، تنفق على ما يعرف بالمساعدات الموسمية, وهي:
(1) كسوة اليتيم (مشروع كسوة عيد الفطر), وتقوم الجمعية بدراسة مقاسات ملابس العيد لكل يتيم, وتشمل (الحذاء ,الجاكيت ,القميص ,البنطلون ,الملابس الداخلية) ثم تقدر الثمن وتقوم بتغطية الموضوع.
(2) المونة: (وهي في عيد الأضحى), وتُصرف لكل عائلة المبلغ الذي يتناسب مع حالة فقرها لتؤمن لها المواد اللازمة, وقد رأيت في الكشوفات وصولاً من مؤسسة فتيحة في العيزرية, أفاد الشيخ حسن أن صاحبها رجل فاضل, يقوم بصرف ما تحتاجه كل أسرة وما يحدَّد لها بأسعار مخفضة, فيُعطى اليتيم بطاقة بقيمة (150) شيكلاً مثلاً, ويذهب إلى المؤسسة المذكورة ويأخذ ما يحتاجه, بشرط أن تكون من الحاجات الأساسية؛ ثم تقوم الجمعية في هذا العيد بتوزيع لحوم الأضاحي, فبعض المحسنين يقدم أضحيته إلى الجمعية لتقوم هي بتوزيعها, ويتم التوزيع فعلاً على العائلات, ثم إذا حصل نقص في هذا الموضوع تقوم الجمعية بمواردها المالية الموجودة بذبح ما تيسر لتكملة التوزيع.
(3) مشروع الحقائب المدرسية -ويكون في مثل هذا الوقت من العام- حيث يُهدى لكل يتيم حقيبة مدرسية مع بداية العام الدراسي, ليبدأ عامه فرحاً مسروراً بحقيبته الجديدة كباقي الأطفال.
هذه هي المشاريع الأساسية التي تقوم بها الجمعية باستمرار لرعاية اليتيم، بالإضافة -كما أشرت سابقاً- إلى مبلغ شهري يُصرف لكل يتيم حسب ما تقتضيه حالته.
ولكن هناك أموراً أخرى قد يحتاجها اليتيم أحياناً مثل أن يُصاب بمرض ويحتاج إلى رعاية صحية، فهنا تقوم الجمعية بواجبها تجاهه وتصرف له بعض ما يحتاجه لهذا الأمر حسب الإمكانات.
أما السِّن التي تتم فيها الرعاية فهي من عمر يوم واحدٍ إلى خمس عشرة سنة, ثم بعد ذلك يتولَّى شؤون نفسه؛ فبإمكانه أن يعمل ويساعد إخوته وأمه أو يدرس إن أراد, وقد تصرف الجمعية لبعض الطلاب مساعدة باسم (مساعدة لطالب علم) ولكن هذا الباب لم يُفتح على مصراعيه لأنه يحتاج إلى إمكانات كبيرة لا تستطيعها الجمعية -وخاصة في المرحلة الجامعية- وبالتالي يمكن أن يتوجه إلى بعض المؤسسات المعنية الأخرى كاتحاد الجمعيات الخيرية.
الجمعية وضمن نشاطها لا تقف عند هذا الحد من الأيتام, بل قد تزيد من الأعداد في مواسم الخير -كرمضان مثلاً- لكثرة ما يتدفق عليها من معونات ومساعدات، وهؤلاء لا يتم إدراجهم ضمن أيتام الجمعية المُسجلين رسمياً فيها لأن الإمكانات محدودة والمصاريف كثيرة تحتاج بالوضع الطبيعي إلى (15-16) ألف شيكلاً شهرياً.
وبما أن المسؤول عن الجمعية من أهل العلم الشَّرعي فقد أفاد أن رعاية الأيتام تدخل ضمن مصرف الفقراء والمساكين من مصارف الزكاة وأشار إلى أنه لا يُقدِّم الرعاية إلا للأيتام الفقراء في آن واحد.
وقد اطَّلعت في الجمعية على طريقة العمل المنظمة: فلكل عائلة ملف يُحفظ فيه الأوراق الثبوتية اللازمة كشهادة الوفاة, وشهادات ميلاد الأيتام، ووضع العائلة المعيشي، ثم ملاحظات خاصة عن العائلة تُسَجَّل ضمن زيارة خاصة للعائلة, يطّلع فيها الموظف على الحاجات الضرورية التي تحتاجها العائلة، وبالإضافة إلى ما تقدَّم ذكره, فقد تحتاج عائلة ثلاجة أو غاز أو غير ذلك من الأساسيات، وبالتالي تقوم الجمعية بتوفير ذلك لها؛ ثم إن هناك وصولاً رسميةً تُعطى للمتبرعين، وبطاقات للمُونة وأخرى للحوم الأضاحي باسم الأيتام تُصرف في أوقاتها ومن مصادر الجمعية.
وقد تَم تقسيم الملفات في الجمعية إلى ثلاث مراتب, فمرتبة أولى يُرمز إليها برمز (أ)، فهؤلاء الذين لا يملكون شيئاً حقيقةً, ويُقدَّمُون في كل شيء على غيرهم, ومرتبة ثانية متوسطة ويُرمز لها برمز (ب), ومرتبة ثالثة لا تحتاج الكثير بل قد تكتفي بما هو متوفر لديها فيُرمز لها برمز (جـ).
وبما أن العمل تطوعي فإن للجمعية مندوبين في مناطق عدة مثل: نابلس وغيرها من الأماكن البعيدة, ففيها يكون العمل ضمن وسائل الاتصالات، وبعد الانتهاء تُرسل المعونات لتوزيعها, وهؤلاء المندوبون لا يتقاضون أي راتب.
إن جمعية المسجد الأقصى المبارك وهي تفخر بما تقوم به في المسجد الأقصى قد حقَّقت أهدافها التعليمية والخيرية, وهي تعتبر أن كل هدف من الأهداف منفصل تمام الانفصال عن الآخر, فللتعليم موارده الخاصة, ولرعاية الأيتام مواردها، ولا يجوز أن تدخل أموال الزكاة في غير مصارفها, فلا يجوز أن تُصرف على التعليم مثلاً.
وأخيراً فإن هذه الجمعية تعاني أحياناً من بعض المشكلات, وخاصة في الفترات التي يقلُ فيها تدفق الأموال فتنقص الموارد, ومن المشكلات كذلك أن بعض الناس يدفع لكفالة اليتيم عدة أشهر ثم ينقطع، وهذا يؤثر سلباً على إمكانات الجمعية, التي تعتمد بشكل أساسي على المعونات الداخلية من أهل الخير والمحسنين.
نعم لقد كانت هذه الجمعة نتاجاً طبيعياً للتوجيهات الحاضَّة على رعاية الأيتام في القرآن والسنة، والتي كما اتضح سابقاً تعتني بالنواحي المادية فضلاً عن الرَّاحة النفسية التي توفرها، فجزى الله القائمين عليها خير الجزاء، وجعل جهودهم في موازين أعمالهم، وبارك الله فيها إنه جواد كريم.
الخاتمة وإلى هنا ينتهي الكلام عن هذه المشكلة، لنجد الحل الجذري لها في التوجيهات الإسلامية، يضاف إليها -كما يقول علماء التربية- محاولة لتفهيم الطفل لحقيقة الموت، وتقديم مشاعر المواساة والمساعدة، وضرورة إظهار المحبة، وغرس الأمل في قلبه، مع النظر إليه كأي طفل آخر، بعيداً عن الأساليب الخاطئة في التربية كالتدليل أو الإشعار بالخوف والقلق والإحباط، أو القسوة والشدة.
إن الطفل يكتسب الحب من خلال الدِّفئ الأسري، وإن أيَّ حِرمَان من هذا الحب سيؤدي إلى انعكاسات سلبية على شخصية الطفل وحياته، تبدأ من الانحراف الجزئي وتنتهي بالانحراف الخطير المُدمّر، ومن هنا كان لابد من عرض بعض التوصيات.
التوصيات 1 - عدم المبالغة في رعاية الطفل اليتيم، فإن الأم أحيانا تُضاعف جهدها لتلبية كل احتياجاته حتى لا تظهر أنها غير قادرة على رعايته وبالتالي يقوم الطفل باستغلال الوضع ويفرض الطلبات التي لا تنتهي، فتُصاب الأم بالإحباط كنتيجة طبيعية مما تُعانيه من الواقع الجديد مِمَّا يسبب عدم القدرة على الاستمرار.
2 - إن اليتيم بحاجة إلى رعاية خاصة -غير الشفقة والحماية الزائدة- إن اليتيم بحاجة إلى احترام حقوقه.
3 - من الأيتام مَنْ يُعاني صُعوبة في تأمين المستلزمات الضرورية مثل أجرة المسكن ومصاريف التعليم والصحة... وهؤلاء يحتاجون أيادي بيضاء تؤمِّن لهم هذه المستلزمات.
4 - ضرورة دمج الأيتام في الحياة العامة، كأن تُفتح لهم مشاريع صغيرة، أو يُدَرَّبُونَ على مهارات أو أشغال يدوية، حتى لا يُصبحون مستقبلاً مِمَّنْ يُعاني من مشكلة التشرُّد أو التسوُّل.
5 - ضرورة تسلح اليتيم بسلاح العلم أو التدريب المناسب -ولو كانت هناك صعوبات مالية- حتى يُحقِّق ذاته، ولا يشعر بأنه منبوذ في المجتمع.
6 - هناك عدة أمور تجب على المقتدرين حتى يكونوا قد أدَّوا جزءاً من واجبهم أمام هذه المشكلة، ومنها: المشاركة في مشاريع كفالة الأيتام, ودعم مؤسسات الرعاية الخاصة بهم، ثم العمل على تطوير هذه المؤسسات والهيئات النشطة في مجال رعاية الأيتام لتشتمل على المشاريع الإنتاجية المدرة للدخل.
7 - وأخيراً فإنه يوجد الآلاف من الأيتام الذين لا يجدون المَعيل ولا الكفيل، وهؤلاء في أمَسِّ الحاجة للمساعدة حتى تُسَد احتياجاتهم، ولا يخفى ما يُعانونه من بؤس وشقاءٍ وتشرُّد.
واللهَ أسأل أن يتجاوز عن الخطأ وأن يوفق للصواب فهو الهادي إلى سواء الصراط؛ سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
قائمة المصادر والمراجع 1. القرآن الكريم 2. أنيس ،د0إبراهيم وآخرون ، المعجم الوسيط ،ط (2) ، دار إحياء التراث. 3. البيهقي ، أبو بكر أحمد بن الحسين (- 458 هـ )، سنن البيهقي الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا ، مكتبة دار الباز ، مكة المكرمة ، 1994 م. 4. ابن تيمية ، أحمد بن عبد الحليم (- 728 هـ) ، مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ، جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم ،مكتبة ابن تيمية. 5. الحاكم ،أبو عبد الله محمد بن عبد الله (- 405هـ) ، المستدرك على الصحيحين، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا،ط(1) ،دار الكتب العلمية ،بيروت ، 1990 م. 6. ابن حبان البستي ، محمد بن حبان بن أحمد ( - 354 هـ) ، صحيح ابن حبان ، تحقيق : شعيب الأرنؤوط ، ط(2) ،مؤسسة الرسالة ، بيروت ، 1993م. 7. ابن حجر العسقلاني ، أحمد بن علي (-852هـ) ، فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، ط(2) ، دار المعرفة ، بيروت. 8. ابن خزيمة ، محمد بن إسحق النيسابوري ( -311 هـ ) ، صحيح ابن خزيمة ، تحقيق : د0 محمد مصطفى الأعظمي ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، 1970م. 9. ابن رشد القرطبي ، محمد بن أحمد (- 595هـ) ، بداية المجتهد ونهاية المقتصد ،دار الفكر ، بيروت. 10. السرخسي ،شمس الدين محمد بن أبي سهل ،المبسوط ،دار المعرفة ،بيروت ،1986 م 11. الشافعي ،محمد بن إدريس (-205هـ) ، الأم ،ط (2) ،دار المعرفة ، بيروت ، 1973م 12. الشوكاني ،محمد بن علي (- 1255هـ) ، نيل الأوطار، دار الجيل ، بيروت ، 1973 م 13. الشوكاني ،محمد بن علي ، فتح القدير، ط (1) ، دار الفكر ، بيروت ، 1983 م 14. الطبري ،أبو جعفر محمد بن جرير (-310 هـ) ، تفسير الطبري ، دار الفكر ، بيروت ، 1984م. 15. العظيم آبادي ، أبو الطيب محمد شمس الحق ، عون المعبود في سنن أبي داود ، ط (2)، دار الكتب العلمية ، بيروت، 1994 م. 16. علوان ،عبدالله ناصح ،تربية الأولاد في الإسلام ،ط (3)،دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع ،حلب ، بيروت ،1981. 17. عمارة، محمود محمد،تربية الأولاد في الإسلام من الكتاب والسنة ، مكتبة الإيمان، المنصورة 18. القائمي ، د0علي ، دور الأب في التربية ، ط (1) ، دار النبلاء ، بيروت ، 1994م 19. ابن قدامة ،أبو محمد عبدالله بن أحمد (-620هـ) ، المغني ،ط (1) ،دار الفكر ،بيروت ، 1984 م 20. القرطبي ، أبو عبد الله محمد بن أحمد ،(- 671) ، الجامع لأحكام القرآن ، تحقيق : أحمد البردوني ، ط (2) ، دار الشعب القاهرة ، 1952 م 21. الكاساني ، علاء الدين (- 587 هـ )، بدائع الصنائع، ط ( 2) ،بيروت ،1982 م 22. ابن كثير ، أبو الفداء إسماعيل بن عمر (- 774هـ) ، تفسير ابن كثير، دار الفكر ،بيروت ، 1980م 23. ابن ماجه ، محمد بن يزيد القزويني ( - 275 هـ) ، سنن ابن ماجه ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر ، بيروت 24. المباركفوري ، أبو العلا ، محمد عبد الرحمن (-1353هـ ) ، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ، دار الكتب العلمية ، بيروت 25. مسلم ، أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري (261 هـ)، صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت 26. المغربي ،محمد بن عبد الرحمن (- 954 هـ ) ، مواهب الجليل ، ط(2) ، دار الفكر ، بيروت ، 1977م 27. النووي ،أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري (- 676هـ )، صحيح مسلم بشرح النووي، دار الكتب العلمية ، بيروت 28. ابن هشام ، أبو محمد عبد الملك (- 213 هـ )، سيرة النبي –صلى الله عليه وسلم- ،تحقيق : محمد محي الدين عبد الحميد ،دار الفكر ،1981 م 29. الهيتمي ، علي بن أبي بكر (- 807 هـ) ، مجمع الزوائد ، دار الريان ودار الكتاب العربي ، القاهرة وبيروت ، 1986 م
فهرس المحتويات الموضوع المقدمة المبحث الأول: موت الأب وتأثيراته • تصور الطفل لأبيه • بعض الأعراض التي تظهر على الطفل بسبب موت أحد أحبته • اليتيم في اللغة • اليتيم في اصطلاح الفقهاء • متى ينقضي يتم اليتيم؟ المبحث الثاني: وضع اليتيم قبل الإسلام المبحث الثالث: التوجيهات القرآنية لرعاية الأيتام • رعاية الأيتام في السور المكية • رعاية اليتيم في السور المدنية • عناية القرآن باليتيمات المبحث الرابع: التوجيهات النبوية لرعاية الأيتام المبحث الخامس: نتائج هذه التوجيهات • أيتام لا كالأيتام • نموذج واقعي على رعاية الأيتام الخاتمة قائمة المصادر والمراجع فهرس المحتويات
|
|