في بيتنا مشكلة
في بيتنا مشكلة Ocia2132
* زواج بلا حب سفينة بلا مرفأ:
مضى على زواجي سنتان وأكثر ولكن بلا طعم ولا لون، فلست بالمطلق ولا بالمقرب إذ لم أحبها فأقبلها ولم أبغضها فأسرحها، والحمد لله على كل حال.     

زوجتي امرأة مستورة الحالة ليس فيها ما يجذب وفيها ما ينفر، حيث البرود العاطفي وضعف الحيوية مع فترات الحزن المتكرر في حياتها لم تملأ عاطفتي، ولم أندفع إليها وإذا أبعدت عني لا أسأل عنها، وإن حضرت لا أنطلق معها في الحديث ولا أستمتع معها برحلة أو خلوة، ولباسها لا يغريني ومعاملتي لها سطحية مبنية على المجاملة والمسايرة.

لدي مخزون كبير من الحب والحنان والإمتاع لكن ليس تجاهها ونظري يجول هنا وهناك وأدافع فأنا ملتزم والحمد لله ولكني ذو خيال، ومولع بالجمال وهي باهتة الجمال كثيرة الشكاوى والآلام وفيها ثقل طينة كما يُقال.

وضعي هذا من أول زواجي بها حيث لم أنطلق في حياتي معها وكأن الانطلاق النفسي مشروط بانتهاء هذا الهم مع هذه الزوجة وفي داخلي نية مبيتة للطلاق، ولكن إن فكرت بالطلاق ترددت ورهبت وتوقفت، وإن أشير علي بالبقاء عليها أعرضت، صارت عندي زوجة لطبخ الطعام وقضاء الوطر فقط لا حب ولا أنس ولا متعة، لا حياة زوجية حقيقية.

في نفسي تساؤلات كثيرة حول علاقتي بها ومعاناتي معها.
- لماذا أبقى طول هذه المدة دون اتخاذ قرار حاسم؟
- هل السبب في المشكلة منها أم مني أم من الجميع؟
- هل المشكلة في عدم الحب أم في اختلاف الطباع بيننا؟
- هل عدم الحب جعلني أنظر إلى مساوئها أم مساؤها جعلتني لا أحبها؟
- نفسيتي متعبة وذهني مشوش، حتى زملائي بدؤوا يلاحظون ذلك علي لا أرغب الولد منها ولكنه جاء بمشيئة الله وتقديره.

فتور الحب:
أنا متزوجة منذ أكثر من عشر سنوات، وكانت حياتنا الزوجية قبل الإنجاب تقوم على الحب المتبادل وتحفها السعادة والاستقرار وبدأت المشكلة بعد أن أنجبنا عددًا من الأطفال، وتضاعفت مسؤولياتي المنزلية فلاحظت فتور تلك العلاقة إن لم أقل ذهاب الحب وتراجع المودة، فصار زوجي يكثر الشكوى من إهمال البيت والأطفال وإهمال نفسي، فصرت أهتم أكثر بشؤون البيت والأطفال فيلومني على إهمال نفسي، بل إهماله هو وإذا أعطيت نفسي وجمالي ومكياجي وقتاً إضافيّاً لكي أنال إعجابه وأعيده إلى دائرة الحب والرضا، كان ذلك على حساب البيت، والأطفال وبصراحة هذه الأعباء ثقيلة علي خصوصًا وأن ضيوفه كثيرون، لا سيما أهله وأقاربه فأنا في حيرة من أمري ولا أخفي عليك بأنني أغار عليه بشدة فإذا كررت الشكوى من تعب المنزل أخشى أحد الأمرين، إما أن يأتي بخادمة وأنت تعلمين نافذة الشر التي تفتحها الخادمات ويصعب إغلاقها، وإما أن يأتي بزوجة ثانية وهذه أدهى وأمر، بصراحة أن أحبه حبّاً شديداً وأغار عليه حتى من أقرب الأقربين لكنني الآن عاجزة عن إعادته إلى حيز الإعجاب والاستقرار مثلما كان سابقًا، أو ربما أكون قد فقدت الجاذبية بحكم الولادات المتكررة وأعباء المنزل وما تركته المشاكل من هم لا شك أن آثارها طالت ملامحي أفيدوني؟..

يبدو واضحًا أن مشكلتك مركبة ومتعددة الجوانب غير أنها في غاية السهولة واليسر وحلها بين يديك أنت وحدك وليس لدى أحد سواك، أولاً: أحب أن أعرف هل الولادات الكثيرة التي تحدثت عنها كانت دون رغبة زوجك؟ أم أنه يفضل ذلك؟ فإذا كانت على غير رغبته فليس معك حق وإلا فيجب أن يتفهم هو أعباءك وظروفك، أما كثرة الضيوف وخدمتهم فهذه لا أعتقد أنها تمنعك من الالتفات لنفسك والاهتمام بالمظهر الذي يجذب الزوج بل يجب أن تكوني قد استوعبت الأشياء التي يحبها والتي تناسب مزاجه وتملين إليها، فجاذبية الزوجة لدي زوجها لا يغني عنها الاهتمام بشؤون المنزل، بما لا يعجب زوجها من ملابس أو مكياج أو دون ذلك لأن التفريط في هذه الأخيرة يعني بكل صراحة تفريطاً في الزوج، أما خوفك من شرور الخادمات ومشاكلهن فيمكن تبديده بأن الخادمة ستكون تحت إشرافك وتحكمك، فمنذ الوهلة الأولى لابد أن تعويدها على نظام ليس فيه تجاوز لحدود الشرع والعرف وتراقبينها عن كثب، ولا يوجد بعد ذلك ما يدعو للقلق فالكثير من البيوت التي فيها أعباء كثيرة بها خادمات وليس بها مشاكل.

أمَّا الجانب الثاني من خوفك ألا وهو الزواج من أخرى فأنت تعلمين أن الرجل إذا قرر ذلك واقتنع به وصمم عليه فليس هناك ما يثنيه، فقط ينحصر دورك في الأشياء التي تحول بينه وبين التفكير في الزوجة الثانية، فتتحسسي كل ما يستهويه ويريح باله ويشرح صدره من مأكل ومشرب وملبس وحديث ومؤانسة حتى تكسبيه إلى جانبك فالمشكلة ليست صعبة أبدًا.. وفقك الله..

لا تيأسي من حسن معاملة زوجك:
أنا فتاة عاطفية مرهفة الحس، كنت أتمنى أن أتزوج رجلًا يملأ فراغي النفسي ويشبعني دفئاً عاطفيّاً، ولكني تزوجت رجلًا شحيحاً بعواطفه وكلماته لا يعرف الهدية ولا الكلمة الطيبة، بل شحيح بما له أيضًا ومع ذلك لو غضب مرة من سوء خلقه معي لا يعتذر لي، ولو جلست شهرًا كاملاً، وأشعر أن قلبي معه أصبح صحراء قاحلة يدمرها الجفاف، كم أنا عطشى ولولا الإيمان بالله والخوف منه لبحثت عمن يرويني حبّاً واهتمامًا.. ماذا أفعل معه وماذا أفعل بنفسي التي دمرها الحزن والقلق، أسمعوني كلمات تدفعني إلى الصبر أو دلوني على شيء يحل مشكلتي؟

استوقفتني رسالتك كثيرًا وتعاطفت معك وتلمست مدى تعطشك إلى الحنان والاهتمام والحب والذي هو أمنية كل زوج وزوجة، ولكن من الواضح في رسالتك أن المشكلة تكمن في اختلاف شخصيتك وشخصية زوجك فأنت تميلين إلى الرومانسية والشاعرية، وزوجك عقلاني يميل إلى الحرص، وأنا لا أنكر عليك احتياجاتك التي ذكرتها، ولكن من فضل الله أن الحياة الزوجية لا تبنى فقط على الحب والمشاعر، فيمكن في كثير من الأحيان لأحد الطرفين أن يعيش مع الآخر إذا توفرت أمور وحاجات أخرى من الطرف الآخر ونصيحتي لك:
- ألا تيأسي من العطاء وحسن معاملة الزوج.
-  عامليه بالحسنى فالمعاملة الحسنة تولد مثلها.
- لابد من فتح باب الحوار البناء بينكما والابتعاد عن اللوم والنقد، والإفصاح عن مشاعرك له بأسلوب هادئ، ولابد من تقبل مشاعر الطرف الآخر حتى وإن كانت مخالفة لما عندك.
- لابد من محاولة شغل وقتك بما يفيد قدر استطاعتك حتى تنشغلي عن هذا الأمر ولو قليلًا، فالحياة الزوجية على كل حال هي جزء من حياتنا وليست كل الحياة.
- حاولي أن تضعي أهدافك لإنجاح هذه العلاقة، واليقين بأن الله معك ولن يخيب جهدك.
- حاولي أن تري الجوانب الإيجابية في هذه العلاقة، وأن تبتعدي عن التركيز على سلبيات زوجك ومحاولة تقليصها.
- استعيني بالصبر الجميل والصلاة والدعاء وحسن التوكل واليقين بأن ما يحدث لك ما هو إلا بتقدير الله، وإنه لم يقدره عبثًا، والإنسان مهما بلغ علمه فهو لا يدري أين الخير وما هو الأنسب له {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة: 216].

إلى متى... سيظل يعتذر؟
لا أدري كيف أعرض مشكلتي التي بدأت منذ حوالي العام، كدرت علي حياتي وحرمتني النوم والسعادة والابتسامة، أنا زوجة وأم لثلاث أولاد كنت أتباهى بزوجي أمام الأخريات وأراهن على أن أزواجهن لا يملكون جزءًا من المليون من أخلاقه وإخلاصه ومحبته كان عيني التي أرى بها ولساني الذي أتكلم به وعقلي الذي أفكر فيه، وأعتذر على الإسهاب حيث أريد أن أوصل إليك حجم صدمتي ومعاناتي فبعد كل ما ذكرت أفاجأ بأن هذا الملاك يخونني!! اكتشف ذلك قدرًا حيث اعتقد أنني خرجت للتسوق بينما توجهت للمطبخ لأخذ بعض الحاجيات ثم عدت مسرعة لغرفة النوم لألقي عليه نظرة حب فإذا به يحادث فتاة ويسمعها كلمات الغزل والحب.. صدمت وأغمي علي ومنذ ذلك الوقت وأنا في عذاب متواصل، لقد اعتذر لي وتوسل، وترجاني أن أسماحه على غلطته الأولى والأخيرة، ولكني الآن وقد مر عام أجد نفسي عاجزة عن أن أغفر له هذه الجريمة التي ارتكبها في حقي.. أصارحك بأنني أتوق إليه، أشتاق لكلامه للجلوس معه، لأحضانه ولكني أتراجع وأتعامل معه بما يمليه علي واجبي نحوه، أما غير ذلك فليس من حقه والآن أتساءل: إلى متى نظل هكذا؟ وهل ستمر حياتي على هذا المنوال؟ هل أسامحه وهو يعتذر يومياً وبأشكال متعددة من خلال كلمة، هدية، ابتسامة.. أرجوك: أنا حزينة!

غاليتي... وأنا أيضًا أتساءل إلى متى؟ وهل تظنين أنك ستصمدين وتستمرين في حياتك على هذا المنوال؟ وهل سيظل هو فيما تبقى من حياته يعتذر إلى ما لا نهاية؟!

من الخطأ أن نتصور أحباءنا ملائكة ولا يختلفون عن بقية البشر بل ضعفاء في بعض المواقف بفعل مؤثرات خارجية قد تكون ظروفًا أو أناسًا أو انفعالات لذلك أتمنى أن تفكري بطريقة منطقية تحفظ لك حياتك الزوجية وسعادة واستقرار أولادك الذين مررت على ذكرهم في رسالتك مرور الكرام وكان الأجدر أن يكونوا محور أي قرار تتخذينه فلهم مثل مالك من حق في هذه الحياة التي حكمت عليها بالموت البطيء.. حكمي عقلك وسيطري على مشاعر الغضب وتذكري أن زوجك إنسان كغيره من البشر قد يضعف ويغرر به وقد يدفع للخيانة، وأنا لا أخليه من الذنب ولكن أريد أن أوجهك لأسلوبٍ معين تتعاملين معه من خلاله وتنظرين إلى الحياة بواقعية نصيحتي أن تغفري له وتبدئي صفحة جديدة ولعلك بذلك تجعلينه يدين لك بمزيد من الحب والإخلاص مدى الحياة.

زوجتي والنظافة...
إنني متزوج منذ خمس سنوات أحب زوجتي ومرتاح بالمعيشة معها ولكن فيها طبع يضايقني جدًّا وهو عدم اهتمامها بنظافتها الشخصية.. فأنا حينما أعود من عملي يكون كل شيء بالبيت نظيفاً وجاهزًا والأطفال على خير حال، ولكن زوجتي لا تهتم بنفسها.. فهي تجتهد بالفعل بالبيت وبخدمتي وخدمة الأولاد وتهمل نفسها، وقد سئمت من هذا الوضع مع تقديري لجهودها وإعجابي بخلقها وقد سعيت لحل ذلك فحدثتها مرة وأحضرت لها بعض الأشرطة والكتيبات، فلمست تغيرًا ولكنه ذهب سريعًا وعادت لوضعها الأول... ما الحل فأنا لا أود أن أخبرها فهي لن تهتم ولكني أتمنى أن يكتمل هذا الجانب فيها؟

بادئ ذي بدء لابد أن تعلم أن نشدان الكمال في المرأة أمر محال فاستمتع بها على عوج، ولذا فإن عدم اهتمام زوجتك بنظافتها الشخصية ينبغي أن لا يقلقك كثيرًا، لا سيما وهي قائمة بخدمتك على أكمل وجه، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي الآخر» إذا ثبت هذا فإني أوصيك لعلاج هذا الخلل في زوجتك أن تستمر في نصحك لها تلميحًا وتصريحًا بضرورة الاهتمام بنظافتها الشخصية وعنايتها بمظهرها وأناقتها، كما ينبغي أن تعلم أن تقصيرها في هذا الأمر لا يمكن أن يزول في يوم أو يومين نظرًا لاعتيادها عليه ولذا فهي بحاجة إلى تذكيرها مرات عديدة لتتأكد أهمية ذلك في نفسها وتستقيم عليه، كما أوصيك بإهدائها الأشرطة والكتيبات النافعة لتزيد من إيمانها من ناحية ولكي تعالج من خلالها جوانب نقصها من ناحية أخرى، وليكن مع هذه الكتيبات زجاج طيب وشيء من أدوات الزينة بين الحين والآخر، مع حثها على التطيب والتجمل بها كما عليك أن تكون قدوة لها في ذلك فتهتم بنظافتك وزينتك كما كان ابن عباس رضي الله عنهما يفعل وكان يقول: إنهن يحببن أن نتزين لهن كما نحب أن يتزين لنا.

الحياة الزوجية فن يحتاج إلى تدريب!!
العلاقات الزوجية الناجحة هل هي فطرة أم فن يكتسب؟ وهل تعتقد أننا نعد أبناءنا وبناتنا ليكونوا أزواجًا ناجحين؟ وكيف ننجح في ذلك؟

قد يكون للفطرة دور في إنجاح العلاقات الزوجية ولكن بنسبة لا تزيد عن عشرين أو ثلاثين في المائة، وكثيرًا ما لا يتجاوز نسبة دورها العشرة في المائة، بينما أرى أن كونها فناً مكتسبًا لا يقل دوره عن سبعين في المائة، وقد يتجاوز التسعين في المائة في أحايين كثيرة.

وأصل إلى الجزء الثاني من سؤالك فيما إذا كنا نعد أبناءنا وبناتنا ليكونوا أزواجًا ناجحين لأقول: للأسف الشديد فإن قليلًا جداً من الآباء والأمهات يعدون أبناءهم لذلك، بل حتى هؤلاء الذين يعدون أبناءهم للزواج لا يتجاوز إعدادهم لهم إرشادات عاجلة وتوجيهات عابرة، بينما الزواج حياة مشتركة تحتاج أن يفهم كل من الزوجين نفسية الآخر فهماً مفصلًا دقيقًا، وكيف يتعامل إزاء كل تصرف يصدر عن صاحبه وكل كلمة ينطلق بها لسانه.     

أمَّا كيف ننجح في ذلك فبشرح كل ما ينبغي بيانه للأبناء والبنات عن طبيعة الحياة الزوجية، وما تحتاجه إلى صبر طويل وكبير، وأنها مسؤوليات وواجبات قبل أن تكون لذائذ ومبهجات، ومتعاً ومسرات، وأن الأجور الأخروية المترتبة عليها عظيمة وجزيلة.

على الأب ألا يدع موقفًا في حياته إلا ويجعل منه إضاءة لابنه، فحين يسمع أمه كلمة طيبة، يقول لابنه: المرأة يا ولدي تحتاج ثناء زوجها عليها وتقديره لها.. فلا تبخل بعد أن تتزوج بالكلمات الطيبة تسمعها زوجتك.. وكذلك الأم لا تفوت موقفًا دون أن تجعل منه مناسبة لتوجيه ابنتها، فمثلًا إذا ما حصرت على التعجيل في إعداد طعام الغداء قبل وصول زوجها، تلتفت إلى ابنتها قائلة: الرجال يا ابنتي يحبون أن يجدوا طعامهم جاهزًا فور عودتهم إلى البيت ويحبون أن يجدوا زوجاتهم في استقبالهم وغير مشغولات عنهم بأي عمل.     

قل لها إني أحبك...!!
أنا امرأة متزوجة منذ خمس سنوات ولي أطفال، زوجي طيب وأخلاقه حسنة، ولكنه لا يعبر لي بالكلام عن حبه أو مودته، وحينما أسأله عن سبب ذلك يقول: إنه لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره وأحيانًا يستحي من ذلك مع أنني أعبر له باستمرار ولكن هذا لا يؤثر وأنا أظن أن التعبير مهم بجانب حسن المعاملة وجودة المعاشرة فهذا لا يغني عن هذا فما توجيهكم...؟!

لا شك أن البوح بما يكنه كلا الزوجين للآخر من حب وشوق من موجبات زيادة الألفة والمودة بينهما، ومما يبعث السعادة والطمأنينة في قلبيهما.. ولكن قد يحول دون الإفضاء بتلك المشاعر والعواطف شدة خجل أو عدم قدرة التعبير أو غيرها من الأسباب النفسية، وعندئذ ينظر إلى واقع الحال فأحيانًا تغني النظرات عن الكثير من الكلمات، وقد تفوق الإشارات بليغ العبارات، وأصدق من ذلك كله حسن العشرة وطيب الصحبة، فإنها الترجمة العملية لما استقر في القلب من حب وتقدير، وما دمت قد ذكرت أن زوجك يعاشرك بالمعروف من خلال حسن أخلاقه وطيب سجاياه فاعلمي أنه يحبك كثيرًا وإن لم يتكلم بهذا، ولهذا لا داعي للقلق لمجرد عدم ذكره ذلك لا سيما وقد اعتذر إليك بعدم قدرته على التعبير عن عواطفه، وأحب أن أكشف معاشر النساء سرًّا من أسرار عالم الرجال وهو أن فئة ليست بالقليلة من الرجال لا يتقنون الكلام العاطفي ولا يستطيعون تخطي بعض الحواجز النفسية التي تمنعهم من أن يقول أحدهم لزوجته: إني أحبك! وأرى أن هذا مخالف لما كان عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يكشف عن عواطفه ومشاعره لزوجته، وكان يقول: «أحب الناس إليَّ عائشة» [صحيح الجامع]، ولا شك أن إبداء المرء للآخرين ما يكنه لهم من حب من أقوى أسباب الألفة، كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر ذلك الرجل الذي قال له إني أحب فلانًا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هل أخبرته؟» قال لا.. قال: «أذهب فأخبره» بل صح عنه عليه أفضل الصلاة والسلام أنه قال: «إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره أنه أحبه» [صححه الألباني]، أقول فما المانع من استخدام الأسلوب مع زوجته كي يبدد الجفاف ويرطب اليبوسة التي قرحت قلب زوجته بصمته وانغلاقه على نفسه.

كيف أتخلص من الغضب؟
أنا امرأة متزوجة منذ عامين ومشكلتي أنني سريعة الانفعال والأسوأ من ذلك أنني أعجز عن حبس مشاعري في صدري، فبمجرد وقوع خلاف بيني وبين زوجي لا يهدأ لي بال ولا يقر لي قرار إلا حينما أحدث شقيقتي أو صديقتي بما حصل، فأجد متنفسًا عما في قلبي من هموم فتهدأ أعصابي وأعود لحالتي الطبيعية، وأنا أفضل التخلص من حالة الشكوى هذه فكيف؟ مع العلم أنني في حياتي الزوجية أشعر بالوفاق والوئام، ولكن لابد من وجود منغصات بين فترة وأخرى..؟

لابد أن تعلمي أن أصل مشكلتك هي سرعة الانفعال (الغضب) وليس التشكي للآخرين لأن الأخيرة نتيجة الأولى، ولذا فإني أنصحك بمجاهدة نفسك حتى تتغلبي عليها وتخضعيها للحق في غضبها ورضاها، ولعل من الأمور التي يستعان بها في علاج الغضب وسرعة الانفعال:
البعد عن أسباب الخلاف وذلك بإيثار طاعة الزوج على رغبات النفس طاعة لله عزَّ وجلَّ، تمامًا كما يمتنع الصائم عن شهوات نفسه حال صومه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «المرأة إذا صَلَّتْ خمسها، وصامت شهرها، وأحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت» [حسنة الألباني].

الزمي السكوت عند الغضب حتى لا تنطقي كلامًا تندمين عليه، ولذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا غضب أحدكم فليسكت» [صححه الألباني].

اتركي المكان الذي أنت فيه كأن تنتقلي من الصالة إلى الغرفة أو بالعكس، والمهم أن تتحولي عن موقع الشجار، ولذلك خرج علي -رضي الله عنه- عند خلافه مع فاطمة إلى المسجد: «من كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة» [صحيح الجامع].

أمَّا ما يتعلق بإخبارك لأختك والقريبات بما حصل من مشكلات مع زوجك، فلا شك أنه خلاف ما ينبغي أن تتصف به المرأة الصالحة من كتمان لأسرار بيتها وعدم إفشائها إلا لمصلحة شرعية كأخذ المشورة والنصيحة ممن ترجى نصيحته ويوثق بمشورته.. وأرى أن تلجئي إلى الله بكثرة الذكر والدعاء قال نبي الله يعقوب : {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ} [يوسف: 86] كما عليك أن تكثري من الاستعاذة كي يذهب غيظك وتنطفئ جمرة غضبك وتهدأ نفسك، عن سلمان ابن صرد قال: كنت جالسًا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ورجلان يستبان فاحمر وجه أحدهما وانتفخت أوداجه فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» [رواه البخاري]، والله تعالى أعلم.

زوجي طيب ولكن...
إنني متزوجة منذ عدة أشهر وزوجي طيب، ولكن يضايقني منه أمر وهو أنه في بعض الأحيان يستخدم معي بعض الألفاظ النابية أو الدعاء علي في أمور بسيطة جدًّا، بل حتى أحياناً يستخدم هذه العبارات وهو فرح مسرور وذلك بدون أي تقصير مني إنني أتضايق جدًّا من طريقته وأبكي بكاءً مريرًا، بل أصبحت أشعر بالنفور منه وأخشى إن صارحته أن يتحول الأمر لعناد دائم فأهدم بيتي بيدي خاصة أنني أنتظر مولودي الأول بعد شهرين فهل دللتموني على الحل المناسب...؟

إن المصارحة بين الزوجين من أهم أسباب سعادتهما، والكثير من الأزواج لا يلتفتون لأهمية المصارحة، ولا سيما في أول سنة من الزواج ولذا تتفاقم السلبيات وتكثر المنغصات التي تنفر أحدهما من الآخر دون أن يستطيع أحدهما أن يصارح بها الآخر، وأرى أنك قد جعلت حواجز وهمية تحول بينك وبين مصارحة زوجك وبالغت في النتائج المترتبة على هذه المصارحة دون مسوغ معقول، ولذا أنصحك باستغلال أسرع فرصة مناسبة لتفضي إليه بما في قلبك، وما تكنين له من حب واحترام شارحة له حسن عشرته لك ثم أخبريه بأسلوبك اللبق أن يتجنب الألفاظ النابية والكلمات الجارحة التي تكدر صفو حبك له وتنغص عليك سعادتك معه مذكرة له بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء» وفقكم الله لما يحب ويرضى وجمع بين قلبيكما بالتقوى.

مرض الوسواس:
لي أربعة أعوام متزوجة، وأعاني من عدم الاستقرار في حياتي بسبب «شك» زوجي وسوء ظنه، وأنا والحمد لله في بيت محافظ وحريصة على أداء الفروض والحجاب، فلا يوجد أصلًا سبب يجعله يشك في، ولكنه في زيادة مستمرة في الشك، حتى أنه الآن مثلًا حينما يكون خارج البيت ويرجع يدخل للبيت ويقف وقتًا طويلًا في الحوش يتصنت علينا أنا وأطفالي، حتى الهاتف إذا خرج من البيت يقفل عليه، وبعد إلحاحي عليه بدأ يتركه ولكن يضع فيه جهاز تسجيل المكالمات.. إذا ذهبت لزيارة أهلي يتصل كثيرًا يسأل عني، إذا جاء أحد يزروني بالبيت يتصل ويرجع للبيت كل ساعة وأخرى، الرجل يزيد في حالة «الشك» ويضيق علي دائمًا الحصار داخل البيت وخارجه، والآن أنا أفكر بجد بطلب الطلاق فوالله كأني أعيش في سجن.. فبماذا تشيرون علي جزاكم الله خيرًا؟

إن غلو الزوج في الغيرة على أهل بيته يؤدي به إلى سوء الظن بهم والتجسس عليهم من غير سبب يدعو لذلك، وهذا أمر يبغضه الله عزَّ وجلَّ كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- «إن من الغيرة ما يحبه الله ومن الغيرة ما يبغضه الله، فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة» [حسنه الألباني] وقد يسترسل الزوج في غلوه على حد الوسوسة فيصبح كل همه تتبع حركات زوجته وسكناتها ويحمل على أسوأ محمل كلامهما وتصرفاتها ولا يرتاح إلا إذا تصنت وتجسس وراقب وتابع ليتأكد من عفة أهله!! وياليته ينتهي عندما لا يجد ما يقدح عرضه، بل يستمر في ظنونه وأوهامه يتعب نفسه ويجرح مشاعر زوجته.

والذي أوصيك به أن تكوني عونًا لزوجك في معاناته وذلك بالصبر عليه واحتمال سوء ظنه بك ومساعدته على التخلص من وساوس الشيطان وهمزاته، وذلك بتذكيره بالله والإكثار من ذكره والاستعاذة به من الشيطان كما قال تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [الأعراف: 200] وحاولي باستمرار إقناعه باجتناب هذه التصرفات التي تسبب كراهيتك له ونفرتك منه وأحب أن أبين لك أن بعض الأزواج ممن أصيبوا بمثل هذا النوع من الوسوسة يشعرون في داخلهم أنهم ظالمون لزوجاتهم بسوء ظنهم بهن دون مسوغ، ولكنهم لا يستطيعون التخلص من وسوسة الشيطان وهمزاته ولذلك فإني أدعوك مرة أخرى للوقوف مع زوجك في معاناته، ولا تفكري أبدًا في الطلاق فالشيطان حريص على التفريق بينكما بمثل هذه العوائق، فاصبري واحتسبي أثابك الله وسددك..

يمنعني من زيارة أهلي!!
زوجي طيب ولكنه.. لا يسمح لي بزيارة أهلي إلا قليلًا، مع أنه باستمرار مشغول خارج البيت وبيت أهلي قريب من بيتي، ولا أعلم سبب رفضه، فأنا أملُّ كثيرًا حينما أجلس بمفردي وأشتاق لرؤية أهلي، وهو يخرج لوقت طويلٍ أحيانًا يتجاوز الثماني ساعات متواصلة.. أقوم بأداء أعمالي المنزلية وأحاول الاستفادة من وقتي ولكن أملُّ ولي سبعة أشهر متزوجة؟

نحتاج أن نعرف -أيتها الأخت- ماذا تقصدين بالقليل فقد يكون القليل عندك كثيرًا عند غيرك وأرجو أن لا تكوني من النساء اللاتي يردن من أزواجهن أن يسمحوا لهن بزيارة أهلهن كل يوم بحجة الفراغ ودفع الملل، الذي تشعرين به حالة مؤقتة بإذن الله ناتجة عن قلة الأعمال المنزلية والواجبات الأسرية وسيتلاشى هذا الفراغ عندما ترزقين بالأبناء، وعندها ستُشْغلين بتدبير شؤونهم ورعايتهم وتربيتهم فالذي أراه أن تستغلي هذه الفترة من حياتك الزوجية (فترة ما قبل الإنجاب) بحفظ كتاب الله والتفقه في دينك والتقرب إلى الله عزَّ وجلَّ بالصلاة والذكر والاستماع إلى الدروس والمحاضرات عبر إذاعة القرآن الكريم أو من خلال الأشرطة المسجلة وتطالعي المجلات الإسلامية لا سيما المجلات التي خصصت بعض صفحاتها لعرض قضايا المرأة، ولا بأس أن تتصلي بأهلك عبر الهاتف إذا شعرت بالملل وأرى أن تروحي عن نفسك أو أن تطمئني على أهلك بشرط أن لا تسرفي في استعمال الهاتف... ومع هذا كله حاولي إقناع زوجك بحاجتك لزيارة أهلك، وأنا على يقين أنه سيقبل بذلك إن أحسن أسلوب والذي غلبت به الكثير من النساء ذوي الألباب من الرجال كما أخبر بذلك الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- همسة في أذن زوجك.

لا ينبغي للزوج أن يضيق على زوجته في زيارتها لأهلها إلى حد القطيعة، لأن في ذلك حملًا لزوجته على مخالفته وكرهه والنفرة منه، لا سيما إذا كانت وحيدة في البيت، وكان الزوج كثير الغياب عن بيته وقد أمر الله عزَّ وجلَّ الزوج بحسن العشرة لزوجته وليس منعها من زيارة والديها.. والله تعالى أعلم.

الحياة الميتة...
إن مسمى الحياة الميتة على حياتي الزوجية هي أفضل اسم.. أنا والحمد لله ملتزمة وحريصة على تطبيق تعاليم ديننا، وزوجي محافظ على الصلاة ولكنه ليس حريصًا على غير ذلك، ولهذا فنحن ليس لنا هموم ولا أهداف مشتركة فكما يقولون «أنا في وادٍ وهو في وادٍ آخر».. لأجل هذا فنحن لا نتناقش في كثير من الأمور لأن مبادئنا ونظرتنا تختلف عن بعض، وكل واحد منا يحترم مشاعر الآخر، فأنا مثلًا أسمع ما أريد من أشرطة القرآن والمحاضرات ولكن لوحدي، فإذا جاء زوجي توقفت عن الاستماع وهو يستمع لما يريد من أشرطة الغناء، فإذا جئت عنده أغلقه، وقس على هذا أمورًا كثيرة، زوجي طلب مني أن لا أعطيه شريطًا ولا كتابًا ولا أنصحه فكل واحد يعيش حسب هواه.. المشكلة أن حياتنا ميتة، وأنا قلقة على أطفالي الصغار إذا كبروا وبدؤوا يفهمون فكيف يفرقون بين الصواب والخطأ؟ هل الأفضل لي أن أنفصل أم أستمر وماذا أفعل... أرشدوني أنا محتارة جدًّا؟

إن ما تعانين منه اليوم إنما هو ثمرة تقصيرك بالأمس حيث رضيت الزواج برجل ضعيف في إيمانه مقصر في دينه وخالفت التوجيهات الربانية والتوصيات النبوية في الحث على أهمية صلاح الزوج واستقامة حاله حيث قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} [النور: 32] وقال سبحانه: {وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور: 26] وجاءت السنة النبوية لتؤكد على هذه القضية حيث قال عليه الصلاة والسلام: «إذا أتاكم من ترضون دينه فزوجوه...» وكم من الصالحات اللائي كن شعلة من الحماس في الدعوة تزوجن ليكملن نصف دينهن – كما تقول العامة- فأصبحن بعد زواجهن برجال غير ملتزمين بربع دين أو أقل من ذلك!!

حيث فترن عن الطاعة وخالطن المعصية فزلت أقدام بعد ثبوتها، نعوذ بالله من الحور بعد الكور، ولذا فعلى جميع الأخوات أن يتثبتن ويتحرين في السؤال عن دين الخاطب ومدى صلاحه وتقواه، لأن الزواج عشرة دنيوية وعبادة ربانية، كما أنه أيضًا في الغالب رابطة أخروية حيث يجمع الله عزَّ وجلَّ الزوجة بزوجها الصالح في الجنة لتكون زوجة له قال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} [الرعد: 23] وقال سبحانه: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُون} [الزخرف: 70].

زوجي لا يصلي.. وإذا نصحته غضب؟
مشكلتي فعلا مشكلة وإن كانت حدود الشكوى فيها لا تتعدى ثلاث كلمات (زوجي لا يصلي) مع محاولتي الدائمة للنصح ولكنه أصبح يطلب مني أن لا أفتح معه هذا الموضوع بأي شكل كان..فإن حاولت غضب وتوعد.. ماذا أفعل وعندي منه أربعة أطفال والخامس بالطريق؟

ترك الصلاة تهاونًا وتكاسلًا كفر أكبر على القول الراجح من أقوال أهل العلم لما ثبت عن جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» [رواه أهل السنن بإسناد صحيح] وعليه فلا يجوز لك البقاء معه، لأن الكافر لا يحل للمسلمة أن تبقى معه قال الله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] فلا يجوز لك أن تمكنيه من نفسك لأن عقد النكاح بينكما منفسخ حتى يتوب ويعود إلى الإسلام فحيئذ تبقى الزوجية.. فإن قالت المرأة: ليس لي من ينفق علي ولا على أولادي إلا زوجي الذي لا يصلي فماذا أفعل؟

قلنا لها: لا يجوز البقاء مع هذا الزوج ولو كان حالك كما ذكرت وأما الأولاد فالزوج ملزم بالإنفاق عليهم قبل الطلاق وبعده.. وأما أنت فلك قول الله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3] وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه».  
نسأل الله له ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق للتوبة النصوح.

لا تهدمي صرحك العامر بمعول صغير!!
أعاني من مشاكل مع أهل زوجي ولا أعرف كيف أحلها حتى أني بدأت أكرههم وأشك أن زوجي هو السبب لأنه يجبرني على الجلوس معهم والذهاب معهم، كما أنهم يذهبون معي لأي مكان وأنا أحب الاستقلالية، وأيضًا أم زوجي تحب أن تتدخل في خصوصياتنا لكني أحاول ألا أتيح لها المجال مع شكي في أن زوجي يتكلم معها في وقت أنا غير موجودة فيه، فهي دائمًا في اتصال مع زوجي وتتبع أخباره بل تعرف أخبارًا لا أعرفها أنا، ودائمًا تحب أن تخرج معه إلى أي مكان مع أن عندها سائقًا، ومع ذلك فهي دائمًا ما تقول أنه مقصر معهم، مع أني بالعكس أول مرة أرى ولدًا مع أمه هكذا، خصوصًا بعد الزواج فلا أعلم ما السبب؟ ولا أعرف كيف أتصرف مع زوجي وأهله؟ علمًا بأني أسكن مع أهله في بيتهم في دور وحدي، والآن لي ولد عمره شهران، لكني أحب أن أجلس معهم وهم يتأذون من ذلك، أرجو الرد في أسرع وقت لأن مشاكلي بدأت تزيد يومًا بعد يوم ولا أعرف كيف أتصرف دلوني على الحل النهائي الذي يقرر حياتي ومستقبلي؟!

أختي الكريمة قرأت رسالتك عدة مرات فلم أجد بحمد الله أي مشكلة بينك وبين زوجك، فحينها اطمأنت نفسي إلى صرح الحب بينكما ما زال على نقائه وصفائه أدام الله عليكم نعمته.

ثانيًا: أن هذه المشكلات التي ذكرتها في رسالتك ينبغي أن لا تتجاوز قدرها وحجمها فمن الطبيعي أن أم الزوج في الغالب تحرص على ابنها بعد زواجه خشية أن تحتل زوجته قلب ابنها!! ولذا فهي دائمًا ما تحرص على محادثته والذهاب معه، وهو عين ما ذُكِر في رسالتك، وثقي تمامًا أنها أعراض ستذهب حينما تقتنع الأم أن أبنها ما زال يكن لها الحب، وربما لا نستطيع أن نلومها لأنها ربما سمعت يومًا من الأيام ذكريات أليمة تحكي عقوق الأبناء لأمهاتهم بعد الزواج...

ثالثًا: إن كان من وصية لك فهي تتلخص في هذه الأمور:
• لا تتسرب الشكوك إلى قلبك في عدم ثقتك بزوجك واحمدي الله على ما أنت فيه، فأنت تتقلبين في نعم كثيرة من الزواج المبارك إلى الولد الصالح إن شاء الله، وينبغي أن تقدري ظروف زوجك في طريقته هذه إذ هو يحاول جاهدًا أن يعطي حق الجميع.

• عليك أن تتعاملي مع أم زوجك المعاملة الحسنة، وهناك أشياء لا تكلف شيئًا كالسؤال عن الحال والهدية الرمزية ونحو ذلك، حينها ستطمئن الأم إلى أن ابنها لن يتغير عليها وسيسود الصفاء والحب بعدها.

• في أحيان تلجأ بعض الأخوات إذا أرادت أن تستقل في منزل عن أهل زوجها إلى اختلاق بعض المشاكل حتى تتحقق أمنيتها – ولا أظنك من هذا النوع- وربما تبالغ في ذلك حتى يصل الأمر إلى الخصام الشديد، الذي لا يؤمن أن تكون عاقبته الطلاق وحينها تهدم تلك المرأة صرحًا عامرًا بمعول صغير!!

• جلسات المكاشفة في لحظات الصفاء أمان بإذن الله من سوء الفهم والتقدير فما أجمل أن تذكري زوجك بحقوق أهله وأنك تقدرين ظروفه وإن أهله منك على العين والرأس ولا يمنع أن تبدي بعض الملاحظات التي ترين ضرورة طرحها كقولك عنه: إنه يطلع أمه على بعض الأسرار.     

• ختامًا - أذكرك بقصة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- مع زوجته عائشة حينما أرسلت إحدى نسائه صحفة فيها طعام، وكان عليه الصلاة والسلام في بيت عائشة فغضبت عائشة رضي الله عنها وضربت يد الخادم فسقطت الصفحة وانكسرت فما كان منه -صلى الله عليه وسلم- إلا أن اعتذر لعائشة وقال لمن حوله: «غارت أمكم» وأمر عائشة أن تعطي بدلًا عنها وانتهى الأمر حينئذ.. فتأملي فعلة الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يكبر المشكلة ويعظمها وإنما بسط الموضوع إلى حد الطرافة حفاظًا منه عليه الصلاة والسلام على هذا الصرح المبارك، وتفهماً للظروف ولا عجب فهو سيد البشر...

ونحن دائمًا ما ننفخ في المشاكل الصغيرة حتى تكون كبيرة مزمنة ثم نحشر السعادة فيها مع العلم أن هناك جوانب مشرقة في حياتنا لم نسعد بها -أسعدك الله في الدنيا والآخرة-.

ثم لا تنسي اللجوء إلى الله عزَّ وجلَّ بكل ما يهمك من أمر دينك ودنياك وقولي في أوقات الإجابة «اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي».

واستني بمالها حين حرمني الناس:
ليس لدي مشكلة إلا بعض المال تبقى من المهر وهو محفوظ عندي الآن وعندما علم في بداية زواجنا أنه لا يزال في المهر بقية حاول أن يطلبه مني بطريقة مؤدبه نتيجة لديون عليه، إلا أنني كنت أتهرب من الموضوع خوفًا مما أسمع من الذين حولي وبعد مرور سنة على زواجنا، بت أفكر في أمر المال دوماً وهو مبلغ لا يتجاوز عشرة آلاف، أحيانًا كثيرة أفكر في ديونه المتراكمة فأشفق عليه وأفكر في إعطائها إياه رحمة به من هذه الديون من جهة ومن جهة أخرى علَّ الله أن يغفر لي تقصيري في حقه بسبب تفريجي لبعض كربته، وأحيانًا أخرى أفكرى في شراء بعض الأجهزة الكهربائية التي تنقصني في البيت ولازلت في حاجة لها وعندما أطلبها منه يعتذر بهذه الديون، وأحيانًا أجزم أن أدخرها للمستقبل حين نبني بيت مالك بإذن الله فيحتاج حينها المال حاجة حقيقية فأسعفه بهذا المال، لم أستقر على شيء ولا أدري أين الصواب.

- الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وصحبه وبعد فإن كان زوجك من الصالحين الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا، فإني أوصيك بتنفيس كربته وقضاء حاجته ومساعدته بما تجود به نفسك من بقية مهرك وغيره، ولك من الله الأجر العظيم والثواب الجزيل، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة» [رواه أحمد وغيره وصححه الألباني].

وقد سألت زينب رضي الله عنها امرأة عبد الله بن مسعود ومعها امرأة أخرى من الأنصار أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصدقة على الزوج فقال -صلى الله عليه وسلم-: «لها أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة» [متفق عليه واللفظ لمسلم]، هذا هو أجر الآخرة أما الدنيا فاعلمي أن مساعدتك لزوجك من أكبر أسباب زيادة محبته وتعلقه بك، ألم تري كيف كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يذكر فضل خديجة؟ كان يذكر مشاركتها له في محنته وشدته وفي ابتلائه وكربته بل ظل يحبها حتى بعد موتها حبًّا غارت منه عائشة رضي الله عنها، وهي أحب نسائه، حتى قالت ذات يوم: «ما غرت على أحد من نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- ما غرت على خديجة وما رأيتها ولكن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن ذكر خديجة، قلت: وكأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول لها: «إنها كانت وكانت» [رواه البخاري].

وجاءت رواية الإمام أحمد في مسنده لكي يفسر ماذا يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «كانت وكانت» حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: «آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني وواستني بمالها إذ حرمني الناس (وهذا هو الشاهد) ورزقني الله منها الولد».

أيتها الأخت كوني كخديجة رضي الله عنها في مشاركتها لزوجها في أحاسيسه ومشاعره ومقاسمته همومه وأحزانه بنفسك ومالك ودعائك سدد الله خطاك ورعاك.