منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 قصـــة اليتيمـــان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

قصـــة اليتيمـــان Empty
مُساهمةموضوع: قصـــة اليتيمـــان   قصـــة اليتيمـــان Emptyالسبت 01 أبريل 2017, 8:33 am

قصـــة اليتيمـــان 1073075-288-k343879

قصـــة اليتيمـــان 18374555

قصة اليتيمــــــــــــــــــان
للشيـخ: علي الطنطـاوي
=============
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله...

وبعد:
اليتيم جرح غائر, لكنه لا يمنع من الصعود والسمو, ولعلماء الأمة منذ قديم الزمان معاناة مع اليتم لم تحجبهم عن العلم وطلبه والسير في طريقه فإن الله -عز وجل- هو الكافل وهو الرازق وهو الحافظ.

الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- يحكي لنا قصة مؤثرة فيقول:
أحس (ماجد) أنه لم يفهم شيئًا مما يقرأ، وأن عينيه تبصران الحروف وتريان الكلم ولكن عقله لا يدرك معناها، إنه لا يفكر في الدرس، إنه يفكر في هذه المجرمة وما جرَّت عليه من نكد، وكيف نغَّصت حياته وحياة أخته المسكينة، وجعلتها جحيمًا مستعرًا.

ونظر في (المفكرة) فإذا بينه وبين الامتحان أسبوع واحد، ولابد له من القراءة والاستعداد، فكيف يقرأ، وكيف يستعد؟ وأنى له الهدوء والاستقرار في هذا البيت، وهذه المرأة تطارده وتؤذيه، ولا تدعه يستريح لحظةً، وإذا هي كفَّت عنه انصرفت إلى أخته تصبُّ عليها ويلاتها؟... هل يرضى لنفسه أن يرسب في أول سنة من سني الثانوية وقد كان (في الابتدائي) المجلَّى دائمًا بين رفاقه، والأول في صفه؟

وإنه لفي تفكيره, وإذا به يسمع صوت العاصفة...
وإن العاصفة لتمر بالحقل مرة في الشهر فتكسر الأغصان، وتقصف الفروع، ثم تجيء الأمطار فتروي الأرض، ثم تطلع الشمس، فتنمي الغصن الذي انكسر، وتبنت معه غصنًا جديدا، وعاصفة الدار تهب كل ساعة، فتكسر قلبه، وقلب أخته الطفلة ذات السنوات الست، ثم لا تجبر هذا الكسر أبدا...

فكانت عاصفة الحقل أرحم وأرق قلبًا وأكثر إنسانية من هذه المرأة التي يرونها جميلة حلوة تسبي القلوب...

وما هي إلا الحية في لينها ونقشها، وفي سمها، ومكرها.

لقد سمع سبها وشتمها وصوت يدها-شلت يدها-وهي تقع على يد الطفلة البريئة، فلم يستطع القعود، ولم يكن يقدر على أن يقوم لحمايتها خوفًا من أبيه، من هذا الرجل الذي حالف امرأته الجديدة، وعاونها على حرب هذه المسكينة، وتجريعها غصص الحياة قبل أن تدري ما الحياة...

فوقف ينظر من (الشباك) فرأى أخته مستندة إلى الجدار تبكي منكسرة حزينة، وكانت مصفرة الوجه بالية الثوب، وإلى جانبها أختها الصغرى، طافحة الوجه صحةً، بارقة العينين ظفرًا وتغلبًا، مزهوة بثيابها الغالية...

فشعر بقلبه يثب إلى عينيه ويسيل دموعًا، ما ذنب هذه الطفلة حتى تسام هذا العذاب؟ أما كانت فرحة أبيه وزينة حياته؟ أما كانت أعز إنسان عليه؟

فمالها الآن صارت ذليلة بغيضة، لا تسمع في هذا البيت إلا السب والانتهار، أما التدليل فلأختها التي تصغر عنها سنتين، الترف لها، كأنما هي البنت المفردة، على حين قد صارت  هي خادمة في بيت أبيها، بل هي شر من خادمة، فالخادم قد يلقى أناسًا لهم قلوب، وفي قلوبهم دين، فيعاملونها كأولادهم، وأبوها هي لم يبق في صدره قلب؛ ليكون في قلبه شرف مما دفعه أن يعامل ابنته -ابنة صلبه- معاملة الخادمة الذليلة، لقد كتب الله على هذه الطفلة أن تكون يتيمة الأبوين، إذ ماتت أمها فلم يبق لها أم، ومات ضمير أبيها فلم يبق لها أب!

وسمع صوت خالته (امرأة الأب تدعى في الشام خالة) تناديها: (تعالي ولك يا خنزيرة – ولك كلمة شامية محرفة عن كلمة ويلك تردد دائمًا).

وكان هذا هو اسمها عندها (الخنزيرة) لم تكن تناديها إلا به، فإذا جاء أبوها فهي البنت، تعالي يا بنت، روحي يا بنت! أما أختها فهي الحبيبة، فين أنت يا حبيبتي؟ تعالي يا عيني!

وعاد الصوت يزمجر في الدار، ألا تسمعين أختك تبكي؟ انظري الذي تريده فهاتيه لها! ألا تجاوبين؟ هل أنت خرساء؟ قولي: ماذا تريدين؟

فأجابت المسكينة بصوت خائف: إنها تريد الشوكولاتة...

ولماذا بقيت واقفةً مثل الدبة؟. اذهبي فأعطيها ما تريد!

فوقفت المسكينة، ولم تدر كيف تبين لها أن القطعة الباقية هي لها.

لقد اشترى أبوها البارحة كفا من الشوكولاتة، أعطاه لابنته الصغيرة فأكلته، وأختها تنظر إليها، فتضايقت من نظراتها فرمت إليها بقطعة منه، كما يرمي الإنسان باللقمة للهرة التي تحدق فيها وهو يأكل، وأخذت المسكينة القطعة فرحة، ولم تجرؤ أن تأكلها على اشتهائها إياها، فخبأتها، وجعلت تذهب إليها كل ساعة فتراها وتطمئن عليها، وغلبتها شهوتها مرة فقضمت منها قضمة بطرف أسنانها، فرأتها أختها المدللة فبكت طالبة الشكولاتة.

ولك يا شقية فين الشكولاتة؟

فسكتت... ولكنت الصغرى قالت: هناك يا ماما عندها، أخذتها الشقية مني!

واستاقت المرأة ابنتها وابنة زوجها، كما يساق المتهم إلى التحقيق، فلما ضبطت متلبسة بالجرم المشهود، ورأت خالتها الشكولاتة معها حل البلاء الأعظم.

يا سارقة يا شقية هكذا علمتك أمك... تسرقين ما ليس لك؟

وكان ماجد يحتمل كل شيء إلا الإساءة إلى ذكرى أمه، فلما سمعها تذكرها، لم يتمالك نفسه أن صاح بها:
أنا لا أسمح لك أن تتكلمي عن أمي.

فتشمرت له واستعدت... وكانت تتعمد إذلاله وإيذاءه دائمًا، فكان يحتمل صامتًا، لا يبدو عليه أنه يحفل بها أو يأبه لها، فكان ذلك يغيظها منه، وتتمنى أن تجد سبيلاً إلى شفاء غيظها منه، وها هي ذي قد وجدتها..

لا تسمح لي؟ أرجوك يا سعادة البك اسمح لي أنا في عرضك... آه! ألا يكفي أني أتعب وأنصب؛ لأقدم لك طعامك وأقوم على خدمتك، وأنت لا تنفع لشيء إلا الكتابة في هذا الدفتر الأسود. لقد ضاع تعبي معك أيها اللئيم، ولكن ليس بعجيب أنت ابن أمك... قلت لك كفي عن ذكر أمي، وإلا أسكتك.

واقترب منها، فصرخت الخبيثة، وولولت وأسمعت الجيران...

تريد أن تضربني؟ آه يا خاين، يا منكر الجميل، ولي... يا ناس يا عالم، الحقوني يا أخواتي...

وجمعت الجيران، وتسلل ماجد إلى غرفته، أي إلى الزاوية التي سموها غرفة، وخصوه بها لتتخلص سيدة الدار من رؤيته دائمًا في وجهها!
* * *
ودخل الأب المساء وكان عابسًا على عادته باسرًا لا يبتسم في وجود أولاده؛ لئلا يجترئوا عليه، فتسوء تربيتهم، وتفسد أخلاقهم، ولم يكن كذلك قبل، ولكنه استنَّ لنفسه هذه السنة من يوم حضرت إلى الدار هذه الأفعى، وصبت سمها في جسمه، ووضعت في ذهنه أن ماجدًا وأخته ولدان مدللان، فاسدان لا يصلحهما إلا الشدة والقسوة...

وكانت خبيثة إذا دنا موعد رواحه إلى الدار، تخلع ثيابها وتلبس ثيابًا جديدة، كما تخلع عنها ذلك الوجه الشيطاني وتلبس وجها فيه سمات الطهر والطفولة، صنعه لها مكرها وخبثها، ولا تنسى أن تنظف البنتين وتلبسهما ثيابا متشابهة كيلا يحس الأب بأنها تفضل ابنتها على ابنته..

دخل فاستقبلته المحبة الجميلة، والمشوقة المخلصة، ولكنها وضعت في وجهها لونا من الألم البريء تبدو معه كأنها المظلومة المسكينة، ولحقته إلى المخدع تساعده على إبدال حلته، هنالك روت له قصة مكذوبة مشوهة، فملأت صدره غضبًا وحنقًا على أولاده، فخرج وهو لا يبصر ما أمامه، ودعا بالبنت فجاءت خائفة تمشي مشية المسوق إلى الموت، ووقفت أمامه كأنها الحمل المهزول بين يدي النمر. فقعد على كرسي عال، كأنه قوس المحكمة وأوقفها أمامه كالمتهم الذي قامت الأدلة على إجرامه، وأفهمها قبح السرقة، وعنفها وزجرها..

وهو ينظر إلى ولده ماجد شزرا، وكانت نظراته متوعدة منذرة بالشر، ولم يسع ماجد السكوت وهو يسمع اتهام أخته بالسرقة، وهي بريئة منها، فأقبل على أبيه يريد أن يشرح له الأمر، فتعجل بذلك الشر على نفسه.

انفجر البركان، وزلزلت الدار زلزالها، وأرعد فيها صوت الأب المغضوب المهتاج:
تريد أن تضرب خالتك يا قليل الحياء، يا معدوم التربية، يا شقي؟ حسبت أنك إذ بلغت الرابعة عشر قد أصبحت رجلاً؟ وهل يضرب الرجل خالته؟ إنني أكسر يدك يا شقي؟

والله يا بابا مو صحيح...

ووقاحة أيضًا؟ أما بقي عندك أدب أبدًا؟ أتكذب خالتك؟

أنا لا أكذبها، ولكنها تقول أشياء ليست صحيحة.

عند ذلك وثب الأب، وانحط بقوته، وغلظته، وما أترعت به نفسه من مكر زوجته، انحط على الغلام، وأقبل يضربه ضرب مجنون ذاهب الرشد، ولم يشف غيظ نفسه بضربه؛ فأخذ الدفتر الأسود الذي أودعه دروسه كلها، فمزقه تمزيقًا... ثم تركه هو وأخته بلا عشاء عقوبة لهما وزجراً...
* * *
تعشى الزوجان وابنتهما، وأويا إلى مخدعهما، والغلام جاثم مكانه ينظر إلى قطع الدفتر الذي أفنى فيه لياليه، وعاف لأجله طعامه ومنامه، والذي وضع فيه نور عينيه، وربيع عمره، وبنى عليه أمله ومستقبله... ثم قام يجمع قطعه كما تجمع الأم أشلاء ولدها الذي طوحت به قنبلة...

فإذا هو آلاف لا سبيل إلى جمعها، ولا تعود دفترًا يقرأ فيه إلا إذا عادت هذه الأشلاء بشرًا سويًا يتكلم ويمشي...

فأيقن أنه قد رسب في الامتحان، وقد أضاع سنته، وعظم عليه الأمر، ولم تعد أعصابه تحتمل هذا الظلم، وأحس كأن الدنيا تدور به وزاغ بصره، وجعلت أيامه تكر راجعة أمام عينيه كما يكر فيلم السينما...

رأى ذلك الوجه الحبيب، وجه أمه، وابتسامتها التي كانت تنسيه آلام الدنيا، وصدرها الذي كان يفزع إليه من خطوب الدهر، رآها في صحتها وشبابها، ورأى البيت وما فيه من السلم والهدوء والحب، ورأى أباه أبًا حقيقًيا تفيض به روح الأبوة من عينيه الحانيتين، ويديه الممتلئتين أبدا بالطُّرف واللطف، ولسانه الرطب بكل جميل من القول محبب من الكلام...

ويكر الفيلم، ويرى أمه مريضةً فلا يهتم بمرضها، ويحسبه مرضًا عارضا... ثم يرى الدار والاضطراب ظاهر فيها، والحزن باد على وجوه أهلها، ويسمع البكاء والنحيب، ويجدهم يبتعدون به، ويخفون النبأ عنه، ولكنه يفهم أن أمه قد ماتت.

ماتت؟ إنها كلمة تمر عليه مرا هينا فلا يأبه به، وكان قد سمع بالموت، وقرأ عنه في الكتب، ولكنه لم يره من قريب ولم يدخل داره، ولم يذقه في حبيب ولا نسيب، غير أن الأيام سرعان ما علمته ما هو الموت حين صحا صبيحة الغد على بكاء أخته الحلوة المحببة إلى أمها، والتي كانت محببة تلك الأيام إلى أبيها، ففتح عينيه فلم يجد أمه إلى جانبها لترضعها، وتضمها إلى صدرها، واشتد بكاء البنت.

وطفق الولد ينادي: ماما... ثم جفا فراشه، وقام يبحث عنها، فوجد أباه وجمعا من قريباته، يبكون هم أيضا... فسألهم: أين أمي؟

فلم يجيبوه... حين أراد الغدو على المدرسة، فناداها فلم تأت لتعد له حقيبته، وتلبسه ثيابه، ولم تقف لوداعه وراء الباب تقبله، وتوصيه ألا يخاصم أحدا، وألا يلعب في الأزقة، ثم إذا ابتعد عادت تناديه؛ لتكرر تقبيله وتوصيته، وحين عاد من المدرسة فوجد امرأةً غريبة ترضع أخته...

لماذا ترضعها امرأة غريبة؟ وأين ماما؟!

ويكرر الفيلم، ويرى أباه رفيقا به حانيًا عليه يحاول أن يكون له ولأخته أمًا وأبًا، ولكن هذا الأب تبدل من ذلك اليوم المشؤوم، ورأى ذلك اليوم المشؤوم، يوم قال له أبوه: ستأتيك يا ماجد أم جديدة...

أم جديدة؟ هذا شيء لم يسمع به، إنه يعرف كيف تجيء أخت جديدة، إن أمه تلدها من بطنها، أما هذه الأم فمن أين تولد؟ وانتظر وجاءت الأم الجديدة، وكانت حلوةً، ثيابها جميلة، وخدودها بلون الشفق، وشفاهها حمر، ليست كشفاه الناس، وعجب من لون شفاهها، ولكنه لم يحببها ولم يمل إليها، وكانت في أيامها الأولى رقيقة لطيفة، كالغرسة الصغيرة، فلما مرت الأيام واستقرت في الأرض، ومدت فيها جذورها، صارت يابسة كجذع الدوحة، وإن كانت تخدع الرائين بورقها الطري وزهرها الجميل...

ولما ولدت هذه البنت انقلبت شيطانة على صورة أفعى مختبئةً في جلد امرأة جميلة. والعياذ بالله من المرأة الجميلة إذا كانت في حقيقتها شيطانية على صورة أفعى!

وانطمست صور الماضي الحبيب، واضمحل الفيلم، ولم يبق منه إلا هذه الصورة البشعة المقيتة، ورآها تكبر وتعظم حتى أحاطت به، وملأت حياته، وحجبت عنه ضياء الذكرى ونور الأمل...

وسمع قهقهةً فانتفض، وأحس كأن رنينها طلقات (متر اليوز) قد سقط رصاصه في فؤاده، وكانت قهقهة هذه المرأة التي أخذت مكان أمه يتخللها صليل ضحك أبيه...

وأنصت فإذا هو يسمع بكاء خافتًا حزينًا مستمرًا، فذكر أخته التي نسيها، وذكره جوعه بأن المسكينة قد باتت بلا عشاء، ولعلها قد بقيت بلا غداءٍ أيضًا، فإن هذه المجرمة تشغلها النهار كله في خدمتها وخدمة ابنتها، وتقفل دونها غرفة الطعام، فلا تعطيها إلا كسرة من الخبز، وتذهب فتطعم ابنتها خفيةً، فإذا جاء الأب العشية، ولبست أمامه وجهها البريء...

شكت إليه مرض البنت وضعفها:
مسكينة هذه البنت، إنها لا تتغذى... انظر إلى جسمها، ألا تريها الطبيب؟... ولكن ماذا يصنع لها الطبيب، إنها عنيدة سيئة الخلق... أدعوها للطعام فلا تأكل، وعنادها سيقضي على صحتها...

فيناديها أبوها ويقول لها:

ولك يا بنت ما هذا العناد؟ كلي وإلا كسرت رأسك!

فتتقدم لتأكل فترى المرأة... تنظر من وراء أبيها نظرة الوعيد، وترى وجهها قد انقلب حتى صار كوجه الضبع، فتخاف وترتد...

فتقول المرأة لزوجها: ألم أقل لك، إنها عنيدة تحتاج إلى تربية؟

فيهز رأسه، ويكتفي من تربيتها بضربها على وجهها، وشد أذنها، وطردها من الغرفة، ويكون ذلك عشاها كل عشية! تذكر ماجد أخته فقام إليها فرفعها، وضمها إلى صدره.

مالك؟ لماذا تبكين؟ اسكتي يا حبيبتي.

قالت: جوعانة.

جوعانة؟ من أين يأتيها بالطعام؟ وقام يفتش...

فأسعده الحظ فوجد باب غرفة الطعام مفتوحًا، وعهده به يقفل دائمًا، ووجد على المائدة بقايا العشاء فحملها إليها، فأكلتها فرحة بها، مقبلة عليها، كأنها لم تكن من قبل الابنة المدللة، المحبوبة، التي لا يرد لها طلبًا، لو طلبت طلبًا، ولا يخيب لها رجاء، وآلمه أن يراها تفرح إذا أكلت بقايا أختها وأبيها، يسرقها لها سرقة من غرفة الطعام، وعادت صور الماضي، فتدفقت على نفسه، وطغت عليها ورجعت صورة أمه فتمثلت له، وسمعها تناديه...

لقد تجسم هذا الخيال الذي كان يراه دائمًا ماثلاً في نفسه حتى رده إلى الماضي وأنساه حاضره... ولم يعد يرى في أخته البنت اليتيمة المظلومة، وإنما يراها الطفلة المحبوبة التي تجد أمًا تعطف عليها، وتحبها...

ونسى دفتره الممزق، ومستقبله الضائع، وحياته المرة، وطفق يصغي إلى نداء الماضي في أذنيه.. إلى صوت أمه...

- قومي يا حبيبتي، ألا تسمعين صوت أمك؟ تعالي نروح عند ماما!

فأجفلت البنت وارتاعت؛ لأنها لم تكن تعرف لها أمًا إلا هذه المرأة المجرمة... وخافت منها، وأبت أن تذهب إليها.

لقد كان من جناية هذه المرأة أنها شوهت في نفس الطفلة أجمل صورة عرفها الإنسان صورة الأم!

- تعالي نروح عند ماما الحلوة: أمك... إنها هناك في محل جميل: في الجنة... ألا تسمعين صوتها؟

وحملها بين يديه، وفتح الباب، ومضى بها... يحدوه هذا الصوت الذي يرن في أذنيه حلوًا عذبًا، إلى المكان الذي فيه أمه!
* * *
وقرأ الناس في الجرائد ضحى الغد أن العسس وجدوا في المقبرة طفلة هزيلة في السادسة من عمرها، وولدًا في الرابعة عشرة، قد حملا إلى المستشفى؛ لأن البنت مشرفة على الموت، قد نال منها الجوع والبرد والفزع، ولا يمكن أن تنجو إلا بأعجوبة من أعاجيب القدر، أما الغلام فهو يهذي في حمَّته، يذكر الامتحان، والدفتر الأسود، وأمه التي تناديه، والمرأة التي تشبه الأفعى!



قصـــة اليتيمـــان 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
قصـــة اليتيمـــان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصـــة مســـــافر 

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأســـــــــرة والــطــفـــــــــــل :: يوم اليتيم العالمي-
انتقل الى: