ضيف الحلقة :
الشيخ الدكتور عصام الحميدان
موضوع المحاضرة :
أخلاقيات المهنة من منظور إسلامي
أقول أيها الأخوة أن العلاقة وثيقة جداً بين أخلاقيات المهنة والشريعة الإسلامية لأن الإسلام هو دين شامل لحياة المسلم والرسول صلى الله عليه وسلم وهو المشرع قد زاول العمل والمهنة وزاول أخلاقيات وأمر بها أيضاً على التحديد ومارس كثيراً من الأنظمة الإدارية لذلك كتبت عدة كتب في هذا الموضوع من ضمنها ما كتبه الدكتور محمد البرعي الإدارة في التراث الإسلامي وكتاب أخر في نفس الموضوع.
فالقرآن الكريم ذكر عدة وظائف مارسها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والسنة النبوية حافلة بكثير من الأمثلة في العمل وأخلاقيات العمل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام منهم من كان يعمل لحسابه ومنهم من كان يعمل موظفاً يمارس مع أم الوظيفة ويأخذ على ذلك مكافئة أو راتب فمن الأنبياء مثلاً الذين كانوا يعملون لحسابهم داود عليه السلام كان يعمل الدروع التي كانت تقي الناس في الحروب وكما قال الله سبحانه وتعالى وعلمناه صنعة لأبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون وذكر أن نوح عليه السلام كان يعمل في النجارة وإن كان ذلك لم يذكر في القرآن الكريم ولكن صناعته للسفينة بشكل متقن وسفينة عظيمة تصمد أمام الأمواج العاتية دليل على خبرته في صناعة السفن والنجارة وكذلك يعني عدة أنبياء ذكرت مهن لهم في القرآن الكريم ومنهم من كان يعمل موظفاً كما كان يعمل يوسف عليه السلام موظفاً أو عاملاً في حكومة كمسئول كما قال الله سبحانه وتعالى قال أجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم فكان على خزائن الأرض مدة من الزمن وخزائن الأرض يعني مسئول مالية أو وزير مالية أو مسئول خزانة وبعد ذلك ترقى في الوظيفة حتى أصبح رئيساً للوزراء وهو ما يسمى في ذلك العصر بالعزيز بدليل أن أخوت يوسف لما أتوا ودخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأصبح عزيزاً والعزيز معناه رئيس وزراء في حكومة أو في حكم ملك كفار وليس مسلم ولكن كان بيده الحل والعقد يعني يوسف عليه السلام
ولذلك قال القرطبي رحمه الله معلقاً على هذه الآية الكريمة قال القرطبي رحمه الله في تفسيره يوسف عليه السلام إنما طلب الولاة لأنه علم أنه لا أحد يقوم مقامه في العدل والإصلاح وتوصيل الفقراء إلى حقوقهم فأرى أن ذلك فرضاً متعين عليه فأنه لم يكن هناك غيره وهكذا الحكم اليوم هذا كلام القرطبي وهكذا الحكم اليوم لو علم إنسان من نفسه أنه يقوم بالحق في القضاء أو الحسبة ولم يكن هناك من يصلح ولا يقوم مقامه لتعين ذلك عليه تعين يعني أصبح فرض عين عليه ووجب أن يتولاها ولا يسأل ذلك لا يقول أنا لا يعني أطلب الولاة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول إن لنعطي هذا الأمر من طلبه ولا ينبغي ولا يجوز للإنسان أن يتقدم لطلب المناصب الدنيوية وأبو زر ضري الله عنه عندما جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وطلب الإمارة ضرب على كتفه صلى الله عليه وسلم وقال يا أبا زر أنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة وفي حديث أخر سأل رجل لولايته فقال له صلى الله عليه وسلم إن لا نولي هذا الأمر من سأله لكن هذا يحمل على حال معينة يحمل على سيرة الشخص والوضع الذي فيه البلد فلو علم أنه كما قال القرطبي وغيره من العلماء لو علم أنه لن يقوم أحد بهذا بسد هذه الثغرة وجب أن يتولاها ويسأل ذلك ويخبر بصفاته التي يستحقها من العلم والكفاية وغير ذلك آيات قرآنية كثيرة لا أستطيع أن يعني أذكر كلام المفسرين فيها كلها ومن هذه الآيات قوله سبحانه وتعالى:
إن الله يأمرون أن تأودا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمة يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيرا لا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأملي الأمر منكم هذه الآية تنزلت في قصة مفتاح الكعبة سبب نزول الآية يعني حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة فاتحاً وجد الأصنام طبعاً حول الكعبة وأخذ يهدمها ودخل الكعبة فوجد فيها أصنام ورسومات على الكعبة لأن الذي بنا الكعبة كان أحد المشاركين في البنيان نجار نصراني فرسم صليب ورسم عيسى ورسم مريم ورسم أشياء ورسم إبراهيم يستقسم بالأزلام والعياذ بالله فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يمسح الرسومات ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ثم ثقال لما صلى ركعتين وخرج الناس قال أتوني بالمفتاح مفتاح الكعبة ليسلمه لأحد القريشين فقام العباس فقال يا رسول الله أعطنا المفتاح إضافة إلى الرفادة والسقاية أعطنا السدانة فقال صلى الله عليه وسلم اليوم يوم فاء وبر أين عثمان ابن طلحة الذي كان عند المفتاح أساساً فقام العثمان فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم المفتاح وقال خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها عنكم إلا ظالم ولم يزل مفتاح الكعبة عندهم حتى يومنا هذا إن الله يأمركم فنزلت الآية إن الله يأمركم أن تأدوا الأمانات إلى أهلها وهو دليل على وجوب توليت الولايات لأهلها قال صلى الله عليه وسلم إذا وسد إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قيل يا رسول الله وكيف إضاعتها قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة وهذا دليل على وجوب توليت الولايات لأصحابها طبعاً هناك دراسات كثيرة ومعاهد كثيرة تتكلم عن أخلاقيات المهنة في العالم الغربي أمريكا وأوربا .
هناك أكثر من خمسة مئة مقرر تدرسي في أمريكا وخمسة وعشرين كتاب وثلاث مجلات وستة عشر مركز بحث كلها تتكلم عن أخلاقيات المهنة من وجهة نظرهم الإدارية ونحن عندنا في الشريعة الإسلامية تأصيل لذلك وضبطت للممارسات الإدارية والأخلاقية في المهنة حتى نمنع الحزازات بين الموظفين نمنع المصلحية بين الإدارات وبين المدير والموظفين نمنع الرشوة نمنع السرقة والخيانة وغير ذلك من الصفات ولذلك أهتم العلماء رحمهم الله علماء السلف بمثل هذا الموضوع تبعاً لاهتمام أولياء أمر المسلمين منذ عهد الخلفاء الراشدين بل منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم حيث أن الرسول عليه الصلاة والسلام اشتغل في التجارة واشتغل في الرعي فقال صلى الله عليه وسلم ما من نبي إلا رعى الغنم قيل وأنت يا رسول الله قال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة فكان يعمل الرعي ويأخذ أجراً واشتغل في التجارة وقال اشتغلت في مال خديجة بسفرتين على قلوس يعني على الشابة من الإبل أعطته ناقة متوسطة السن نتيجة اشتغاله يعني برحلتين في التجارة واشتغل في التجارة مع السائب ابن السائب رضي الله عنه فقال له كنت نعم الشريك لا تداري ولا تماري يعني النبي عليه الصلاة والسلام كان مشترك مع السائب في بعض الأعمال التجارية ولكن لم يكن يداري ولا يماري في الأجرة وهناك في القرآن الكريم أكثر من مئة وخمسة آية تتحدث عن العمل والوظيفة والمهنة وهذا دليل على أن الإسلام يشمل كل مجالات حياة المسلم وهناك حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام يعني يمدح فيه من يعمل بل القرآن الكريم انظروا قول الله سبحانه وتعالى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فانظروا كيف قدم من يضرب في الأرض مبتغاً فضلاً على من يقاتل في سبيل الله وعلق على هذا القرطبي رحمه الله فقال إن الله سبحانه وتعالى جعل المجاهدين والمشتغلين بالتجارة بالحلال في منزلة واحدة والرسول عليه الصلاة والسالم كان جالساً مع أصحابه يوماً فمر رجل يمشي بنشاط فقال الصحابة رضي الله تعالى عنهم لو كان هذا النشاط في سبيل الله يعني في الجهاد فلم يترك النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وإنما علق عليه مباشراً فقال إن كان خرج يسعى يعني هذا الرجل على ولده صغاراً فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى عن أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله وإن كان خرج رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان ورآه الطبراني بسند صحيح عن كعب ابن حجر رضي الله تعالى عنه يعني الخارج من أجل أعفاف نفسه أو من أجل أبناءه وأسرته هو أيضاً في سبيل الله إذا نوى هذه النية الصالحة وهذا دليل على أن العمل يمكن أن يكون عبادة لله سبحانه وتعالى والنبي عليه الصلاة والسلام كما قلنا عمل في التجارة وقال :
ما أكل أحد طعام قط خيراً من أن يأكل من عمل يده لذلك كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يعملون في مهن مختلفة منهم من كان يعمل لنفسه كتاجر ومنهم من كان يعمل موظفاً ومن الذين اشتغلوا في وظائف على عهد النبي عليه الصلاة والسلام مصعب ابن عمير ومعاذ ابن جبل عملوا في التعليم بتكليف من النبي عليه الصلاة والسلام ليس تطوعاً تكليف بلال مثلاً بلال لم يكن مؤذناً متطوعاً وإنما كان مكلفاً بأذان من النبي صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة كان مكلفاً بأخذ الجزية القضاء علي ابن أبي طالب ومعاذ ابن جبل كانوا مكلفين بالقضاء لا يستطيعون الاعتذار ومن الصحابة من كان يعمل لنفسه مثل أبو بكر كان تاجراً وعبد الرحمن ابن عوف كان تاجراً وعثمان رضي الله عنه كان يتاجر بالثياب وطلحة ابن عبد الله كان يعمل في الثياب وعثمان ابن طلحة كان عمل في الخياطة وعلي ابن حاتم كان يعمل في الصيد هذه مهن مختلفة وليست مهنة من هذه المهن أفضل من الأخرى إنما هي تنوع في المجتمع الإسلامي ولذلك المجتمع المسلم يجب أن يكون فيه تنوع في الوظائف من الناس من يعمل في التعليم من الناس من يعمل في التجارة من الناس من يعمل في الزراعة وإن كان العلماء السابقون من السلف الصالح رحمهم الله اختلفوا أي المهن أفضل الزراعة أم التجارة من العلماء من فضل التجارة قالوا لأن الرسول اشتغل في التجارة ولم يشتغل في الزراعة ومن العلماء من فضل الزراعة لأن التجارة فيها شبها لدخول المال الحرام ومخاطرة وأيضاً فإن الزراعة فيها توكل على الله سبحانه وتعالى أكثر من التجارة حيث أن الإنسان يبذل البزر وينتظر الثمرة من الله سبحانه وتعالى وقد تثمر وقد لا تثمر ففيها توكل أكثر ولكن الصحيح أنه لا بد من وجود الزراعة في المجتمع الإسلامي ولا بد من وجود التجارة والمهم هو النية الصالحة أن ينوي الإنسان أعفاف نفسه ونفع المسلمين وبذلك تكون يكون عمله عبادة بل حتى الموظف في الشركة والذي يتوجه إلى المؤسسة متى ما كانت نيته أو يتوجه إلى دائرة حكومية متى ما كانت نيته نفع المسلمين والتزم بالأخلاق الإسلامية فإن شاء الله فأنه يكون قائم على أمر عبادة الفقرة الأخرى هي مبادئ الإسلام الخاصة بالعمل قبل أخلاق المهنة مبادئ الإسلام الخاصة بالعمل قبل أن أذكر مبادئ الإسلام هناك معلومة مهمة ومفيدة في موضوع أخلاق المهنة أولاً الموظف الوظيفة أين نجدها في كتب الفقه في أي باب في أي باب من أبواب الفقه نجد الوظيفة في المعاملات طيب في التجارة يعني في المعاملات طيب في أي فرع من فروع المعاملات تفضل الإيجارة أحسنت في الإيجارة كل الموظفين في القطاع العام الحكومي أو في القطاع الخاص هم أجراء لأنهم يعملون عملاً بأجر والأجير نوعان في الفقه الإسلامي أجير خاص وأجير مشترك الأجير الخاص :
هو الشخص الذي يعمل لجهة معينة سواء كانت دولة أو مؤسسة أو شركة فكل الموظفين الذين يعملون في الدولة هم أجراء خاصين والذين يعملون في الشركات والمؤسسات هم أجراء خاصين إذاً من هو الأجير المشترك الأجير المشترك :
هو الذي يعمل لكل الناس يعني عنده حرفة أو مهنة أو دكان ويعمل لكل الناس بأجرة كالخياط والخباز والحداد وأحكام الأجير المشترك تختلف عن أحكام الأجير الخاص في الفقه الإسلامي إذاً التكيف الفقهي للوظيفة هو إيجارة التكيف الفقهي للوظيفة يساوي إيجارة ما هي المبادئ التي يحتاجها هذا الأجير أو الموظف في الإسلام أولاً يجب أن يكون العمل مباحاً فلا يجوز العمل في وظيفة شرعاًُ لا يجوز العمل في وظيفة محرمة وهذه فائدة التأصيل الإسلامي لأخلاقيات المهنة لأن الغرب والشرق لا يراعون هذا الجانب أهم شيء الربح المادي بغض النظر عن الحلال والحرام فلا يجوز العمل إذاً في وظيفة تقوم على الحرام أو نشاط يقوم على الحرام فلا يجوز العمل في مصانع الخمور أو التدخين أو الصور النسائية الفاضحة المتبرجة والربا ويعني صناعة الأصنام والتماثيل كل ذلك محرم أي شيء محرم شرعاً لا يجوز أن يكون قائم العمل عليه لأنه يخالف الشريعة الإسلامية ويتحمل طبعاً صاحب العمل والموظف الإثم بمثل هذا العمل فالإنسان لذلك يتحرى الحلال في الوظيفة الضابط الثاني أو المبدأ الثاني أن يكون العمل نافعاً غير ضار لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا ضرر ولا ضرار فلا يجوز العمل في يعني في عمل أو في شركة أو في هيئة تنتج أشياء ضارة بالناس مثلاً سواء كان الضرر حسي أو معنوي كالضرر الفكري والإلحاد والتشويش الفكري في العقيدة الإسلامية أو المخدرات مثلاً الأمر الثالث تولي الأكفاء هذا مبدأ مهم من مبادئ الوظيفة في الإسلام تولية الأكفاء وهذا كما قلت في القرآن الكريم إن الله يأمركم أنة تودوا الأمانة إلى أهلها وقال اجعلني على خزائن الأرض إن حفيظ عليم والكفاءة هي أيضاً يعني منصوص عليها في نظام الخدمة المدنية في المملكة العربية السعودية المادة الأولى من النظام الخدمة المدنية تقول الجدارة هي الأساس في اختيار الموظفين لشغل الوظيفة العامة الجدارة هي الأساس في اختيار الموظفين لشغل الوظيفة العامة والجدارة تمثل مجموع عناصر وصفات ذاتية في الشخص تتصل بالكفاءة الفنية والكفاءة الإدارية والمواظبة وحسن السلوك وغير ذلك من الملائمات التي المتروكة لتقدير الإدارة فإذاً الجدارة لا بد منها وهي الكفاءة إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة لذلك أصحاب الأعمال العامة والخاصة طبعاً العامة قد يختلف الوضع عفواً الخاصة يعني أصحاب الشركات والمؤسسات يعني واحد صاحب مؤسسة واحد صاحب شركة أراد أن يوظف في مؤسسته أحد أقاربه وهو يعلم أنه غير يعني كفء لهذا العمل ولكن من باب المساعدة وكذا هل يلام على ذلك لا يلام لأنه حر في أمواله وهو حريص على مصلحة نفسه إلا في حالات في حالات تتدخل الدولة في تصرف أصحاب الشركات وهي حالة أيش نعم من الخدمة أي نعم بعد من المساهمة نعم في حالة الحجر تتدخل الدولة بأن تحجر على الشركة والمؤسسة وقد تضطر لإغلاقها متى ما كان صاحب الشركة مديناً بأموال كثيرة وهو يبعثر الأموال ولا يسدد ديونه والرسول صلى الله عليه وسلم يقول مطلع غني ظل وقال لي الواجد يحل عرضه وعقوبته فإذا هناك أصحاب الديون سيشتكون على هذا كيف هذا قاعد يفتح مشاريع وعاقد يعمل أشياء غير مهمة ونحن ننتظر ديون الحالة عليه فتتدخل الدولة في هذه الحالة ولكن إذا كان ليس عليه حجر فهو سيوظف من يشاء ولو كان غير كفء ولكن في الوظيفة العامة لا بد من الجدارة ولا بد من الاختبار لأنه هذه مصلحة المسلمين ولذلك كان عمر رضي الله تعالى عنه يقول للناس انتظروا إلى هذا الكلام الحقيقة نستفيد منه بليغ وأنا أتمنى أتمنى أن يقوم أحد الباحثين بتجميع نظام عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في الإدارة نظام عمر عمر قام بعدة إبداعات و أوليات في الإدارة بدأ بها هو أنشأ ديواناً للناس أنشأ داراً للسجن أنشأ نظاماً خاصاً بأرض السواد أنشأ نظاماً خاصاً بالجيش و مقدار ذهابه إلى هذا لما عس في المدينة كان يفتش أحوال الناس و يتفقدهم فمر و سمع امرأة تتكلم في البيت و تقول تطاول هذا الليل و أسود جانبه و أرقني ألا خليلاً ألاعبه
فوالله لولا الله تخشى عواقبه لحرك من هذا السرير جوانبه فسأل من هذه المرأة و لماذا تقول هذا الكلام قالوا إن زوجها خرج في الجهاد من الذي أرسله للجهاد عمر إذاً عمر تسبب في فتنة للنساء و الآن يحاسب نفسه أنا سببت مشكلة فسأل النساء كم تصبر المرأة عن زوجها فسأل النساء يعني سأل فقالوا تصبر يعني أربعة أشهر ثلاثة أشهر فقرر مدة معينة و سن ذلك النظام و عدة أمور إدارية كان من ضمن الأمور الإدارية مثلاً مبدأ من أين لك هذا كان عمر يحاسب الولاة و العمال الذين يرسلهم من أين و هذا المبدأ يسمى اليوم في بعض الدول مبدأ كشف الثروة الشخصية للمسئولين فالمسئول لا بد أن يقدم كشفاً بحسابه بثروته الشخصية قبل توليته المنصب و بعد ما يشتغل في المنصب سنة سنتين ثلاث أربع يقدم كشفاً بثروته الشخصية فيقارن بين الكشف الأول و الكشف الثاني إذا صار الكشف الثاني زائد يسأل ما سبب هذه الزيادة هل سببها هو أمور خاصة يعني شركات خاصة أصلاً موجودة أو عنده زراعة أو تجارة أو إلى آخره أو سببها المنصب عمر رضي الله عنه عندما أرسل أبو هريرة إلى البحرين يعني المنطقة الشرقية كان أبو هريرة أمير المنطقة الشرقية فقدم إلى المدينة و معه عشرة آلاف دينار و سلم على أمير المؤمنين فقال له من أين لك هذا يا عدو الله و عدو كتابه قال لست بعدو الله ولا بعدو كتابه و لكني عدو من عاداهما قال فمن أين لك هذا قال خيل نتجت عنده خيل و تكاثرت و غلة رقيق لي عنده عبيد يشتغلون و يجيبون له أموال و طبعاً العبيد هم و ما يملكونه و ما يعطون به له و أعطية تتابعت من أمير المؤمنين فسأل عمر و تحقق فوجدوه كما قال أبو هريرة فسكت عنه ثم بعد عدة أشهر دعاه ليوليه على البحرين فاعتذر أبو هريرة قال لما اعتذرت أو لما تعتذر عن الإمارة و قد تولاها يوسف عليه السلام فقال يوسف نبي ابن نبي ابن نبي و أما أنا أبو هريرة ابن أميمة يعني أنا لست بمنزلة يوسف عليه السلام و إني أخاف خمساً قال ما تخاف قال أخاف أن يشتم عرضي و يضرب ظهري و يؤخذ مالي و ألا أؤدي الحقوق أو كما ورد عندنا شاهد أن المحاسبة مبدأ إسلامي و هذا جزء من تولية الأكفاء قال عمر أرأيتم لو وليت عليكم خير من أعلم ثم أمرتهم بالعدل فيكم أكون قد قضيت ما علي يعني اخترت واحد من أفضل الناس ووليته على أمر و أمرته و وصيته بالعدل هل هذا يكفي في رأيكم قالوا نعم قال لا حتى أنظر في عمله أعمل بما أمرته أم لا رضي الله عنه و من تولية الأكفاء أن عمر لما تولى إمارة المؤمنين كان أمير الجيش من كان أمير الجيش خالد بن الوليد فعزله معروفة قصة عزل خالد عزله و ولى أبا عبيدة رضي الله تعالى عنه طبعاً في عدة أسباب يعني من أهم الأسباب لعزل خالد الذي ورد عن عمر أنه حتى لا يتعلق الناس بشخصية خالد و يعتقدون أن الانتصارات التي تحصل للجيش الإسلامي سببها خالد ابن الوليد و لكن هناك سبب آخر ذكره شيخ الإسلام ابن تيمي رحمه الله و هو أن يقول ابن تيمي رحمه الله في السياسة الشرعية إن خالداً كان شديداً كعمر بن الخطاب و أبا عبيدة كان ليناً كأبي بكر و كان الأصلح لكل منهما أن يولي من ولاه ليكون أمره معتدلاً واضح يعني حكمة أن يولي كل واحد من يناسبه حتى لا يشقوا على الناس لأنه لو كان أمير الجيش خالد و أمير المؤمنين عمر سيحصل مشقة على الجيش لأنهم دائماً يأخذون بالعزم أبو بكر كان لين و أبو عبيدة لين فكان الأنسب أن يكون لكل واحد من ولاه أما بالنسبة لأخلاقيات المهنة التي سنبدأ بها الآن هذه كلها مقدمات فهي ننطلق من الآية القرآنية إن خير من استأجرت القوي الأمين الحقيقة أنا نظرت في القرآن الكريم فوجدت أن هاتين الصفتين تقترنان دائماً قال الله سبحانه و تعالى ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين قوي وأمين وقال سبحانه و تعالى إنك اليوم لدينا مكين أمين قوي أمين وقال سبحانه وتعالى أما من ظلم في حق ذي القرنين الملك الصالح أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاب النكرة و هذه القوة و قال بعد ذلك ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة هذه هي الأمانة تعفف عن أموال الناس فكان قوياً أميناً ذو القرنين و كذلك سليمان كان ملكاً نبياً قوياً أميناً و من قوته قوله ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذاباً شديداً هذه قوة و الأمانة في قوله أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون أمين رشوة هذه التي قدمتها بلقيس رشوة و هي كانت تريد أن تختبر سليمان هل يقبل الهدية فيكون ملك يعني الرشوة أو لا يقبلها فيكون نبي فلما جاء سليمان قال أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم فلتأتينهم بجنون لا قبل لهم من فلما سار بالجنود و أظهر ملكه لها أسلمت لله رب العالمين فكان متعففاً لا يقبل الرشوة طيب إذا تعذر أن يكون الرجل طبعاً عمر كان يستعيذ بالله من جلد الفاجر و عجز الثقة لاحظ هنا القوة والأمانة أبو ذر كان أمين لكن كان ضعيف أبو ذر رضي الله عنه كان أميناً و لكنه كان ضعيفاً لا يصلح للولاية و من الناس من يكون قوياً و لكنه لا يكون أميناً و لذلك كان يستعيذ عمر بالله من جلد الفاجر يعني قوة الفاجر و عجز الثقة ضعف الثقة
فإذا لم يوجد إنسان يجمع بين الصفتين فيستعمل الأصلح منهما في وظيفته الأصلح في وظيفته يعني مثلاً لو قلنا وجدنا قوي فاجر و أمين ضعيف و نريد أن نولي أحدهما على الجيش من الذي يصلح القوي سئل الإمام أحمد هذا السؤال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله سئل هذا السؤال قيل له الرجلان يكونان أميران في الغزو أحدهما قوي فاجر و الآخر صالح ضعيف مع أيهما يغزا قال أما الفاجر فقوته للمسلمين و فجوره على نفسه و أما الصالح الضعيف فصلاحه لنفسه و ضعفه على المسلمين فيغزا مع القوي الفاجر هذا من فقه الإمام أحمد الصفة الأولى القوة والقوة أنواع قوة فكرية وقوة جسدية وقوة في الرأي مواجه الجمهور وكل ما يحتاجه الموظف الشريف الموظف يحتاج إلى القوة الجسدية ليقوم بمهام العمل التي تتطلب الحضور والانصراف وكتابة ونشاط ما يكون يعني مريض فلا يستطيع أن يقوم بالعمل و لا يكون أيضاً ضعيفاً في الرأي فلا يبدع و لا يعني يقدم اقتراحات و لا يطور العمل و لا يكون ضعيفاً أيضاً في شخصيته فلا يستطيع مواجهة الجمهور فلذلك يقول ابن تيمي رحمه الله القوة في كل ولاية بحسبها فالقوة في إمارة الحرب ترجع إلى شجاعة القلب و الخبرة في الحروب و المخادعة فيها و القوة في الحكم بين الناس ترجع إلى العلم بالعدل و القدرة على تنفيذ الأحكام و القوة مثلاً في العلم تتضمن فقه الأحاديث و فقه القرآن الكريم كل يعني جانب له قوة القوة في التدريس القوة في التدريس تعتمد على قوة الشخصية و إتقان المادة و كذا فكل قوة في وظيفة تحددها و النبي صلى الله عليه و سلم يقول إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه و قال إن الله كتب الإحسان على كل شيء و قال المتنبي الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول و هي المحل الثاني يعني الرأي أول و الشجاعة المحل الثاني و إذا هما اجتمعا لنفس حرة يعني الشجاعة و الرأي و إذا هما اجتمعا لنفس حرة بلغت من العلياء كل مكان أما الصفة الثانية و الواسعة في معناها فهي الأمانة و الأمانة ناءت بها السموات و الأرض و اعتذرت منها و حملها الإنسان أنه كان ظلوماً جهولا و من ظلمه و جهله حمل الأمانة لأنه لم يكن يعلم عظم الأمانة لذلك لم يستطع حمل الأمانة بشكل كامل إلا من وفقه الله سبحانه و تعالى و مع ذلك يكون في حمله ضعف فالأمانة من لم يؤد الأمانة كان خائناً قال النبي صلى الله عليه و سلم لا إيمان لمن لا أمانة له المجال الأول من مجالات الأمانة الأمانة في المال و هذا مجال واسع زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الخيل و الأنعام بالحرف و قال سبحانه و إنه لحب الخيل لشديد و قال سبحانه و إنه و تحبون المال حباً جماً لذلك الإنسان قد يفتن بالمال إذا كان مسئولا عن أموال للدولة أو قد يتساهل في التصرف في الأموال و الرشوة من المجالات التي يخطئ فيها الناس في الوظائف فيتساهل يأخذ الرشوة و يسميها إكرامية يسميها يعني خدمة أو كذا يعني قد لا مثل ما قالت بلقيس إني مرسلة إليهم بإيش بهدية قد يتلمس لها اسماً آخر لكي يلتمس لنفسه العذر مع أنها رشوة فلا يجوز تلقي الرشاوى في الوظائف العامة و الوظائف الخاصة على العمل الذي يؤديه الإنسان و الذي هو مكلف به أساساً يعني هذا هو عمله ووظيفته فلماذا يأخذ على ذلك أموالاً مقابل أن يؤدي العمل يقول لا أؤدي العمل إلا بأن تدفع هذا لا يجوز و هذا سحت و النبي صلى الله عليه و سلم يقول كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ثم هذه الأموال أيها الأخوة أموال للدولة لبيت مال المسلمين فالذي يأكل يأكل من مال الفقراء يأكل من مال المحتاجين مال أيتام قال الله سبحانه و تعالى في حق اليهود سماعون للكذب أكالون للسحت وقال صلى الله عليه و سلم لعن الله الراشي و المرتشي الرسول عليه الصلاة و السلام كان عنده عمال و واحد منهم يقال له ابن اللتبية و الحديث في البخاري أرسله النبي صلى الله عليه و سلم لجمع الصدقات و الزكاة فجمعها و جاء و أداها بأمانة و لكن قال :
هذا الزكاة التي طلبتها مني يا رسول الله بأمانة و كان عنده حقيبة أو شيء و قال و هذا هدية أهديت إلي أثناء ما كنت أجمع واحد أعطاه هدية فغضب النبي صلى الله عليه و سلم و قال ضع الهدية مع الزكاة و انتظرني في المسجد فأذن رجل في الناس اجتمعوا الرسول عنده بيان يريد أن يخطب خطبة عامة فاجتمع الناس في المسجد و منهم هذا الرجل فقال صلى الله عليه و سلم ما بال الرجل استعمله على العمل فيذهب و يأتي و يقول هذا لكم و هذا أهدي إلي و لم يذكر اسمه طبعاً أفلا يجلس في بيت أبيه و أمه فينظر أيهدى إليه أم لا الذي أعطاه هدية ماذا يريد نعم يريد مصلحة يريد في المرة الثانية أن يراعيه أو يكون في بينهم علاقة شخصية لا ألفياً أحداً منكم يوم القيامة بأتي يحمل بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيّعر أي إنسان يتلقى رشوة في الدنيا على عمل من أعمال وظيفته فيأتي يحملها على ظهره يوم القيامة عمارة أو مزرعة أو مال أو ذهب أو حيوانات أو غير ذلك و قد يتوصل الإنسان إلى الرشوة عن طريق أهله و زوجته أو أبنائه ذلك واحد من عمال عمر أهدى إلى عمر أهدى إلى امرأة عمر نمرقتين سجادة فدخل عمر و وجد في البيت سجادة فقال من أين هذه السجادة اشتريتها قالت بعث بها إلي فلان قال قاتله الله لما أراد لما أراد حاجة فلم يستطعها من قبلي أتاني من قبل أهلي فجذبها جبذاً شديداً من تحت من كان جالساً عليها و أخرجها من بيته و فرقها بين امرأتين فقيرتين من الأنصار هذه آفة أن تتحول المصالح في القطاعات و في المؤسسات و في الوظائف لخدمة شخص أو مسئول و ليبس لخدمة عامة الناس هذه آفة يجب أن تحارب لذلك يقول الشاعر الذي يمثل هذا المسئول الذي يخدم و يحول الإدارة إلى محل لخدمته هو يقول خلقت مديراً و الإدارة في دمي أمثلها بالقلب و الروح و الفم و سر نجاحي في الإدارة أنني أسير على نهج صريح و مبهم أحكم في كل الأمور و أرتضي مزاجي و ما أحلاه من متحكم أنا مركزي لا أطيق تصرفاً لغيري و لم يعرض علي و يعلم و من كان آلياً فذاك مقدم لدي و ذو الإبداع غير مقدم و كل اقتراح لم أكن مصدراً له يؤول إلى ركن من الدرج مظلم و من يكن بصاماً يبصم على كلامي يعني و من يكن بصاماً يناسب شرعتي و من يرم الترفيع في الحال يبصم و كل خدوم للرئيس أعزه و من قدم الخدمات للبيت يخدم و كل شريك في المزاج يروقني و كل شريك في المصالح ملهم و يعجبني المداح يمثل دائماً أمامي بغير المدح لم يتكلم و أنزع للثرثار عن كل غافل يبوح بتقدير إلي منظم قياس أداء المرء عندي ولاؤه و تأييد فعلي أو قبول تحكمي فتلك مقاييس برأيي جميلة مبادئ نهج في الإدارة محكم على ضوئها يلقى الموظف حظه على شكل تقرير لديه ململم فيجزى بترفيع و منح علاوة و يحظى بتمجيد العزيز المكرم إلى كل أقراني أسوق مبادئي بفضل مزاجي صرت خير معلم هذا المدير الفاشل الذي يعمل لنفسه لا لمصالح المسلمين من الخيانة في الأموال الاختلاس الاختلاس من الأدوات العهد و الأموال السائلة لا يجوز للموظف و لا المسئول أن يستعمل الأغراض العمل في أشيائه الشخصية لأنها وضعت لمصلحة العمل لا لمصلحة الشخص فالأجهزة و السيارات والأوراق و الأقلام و غير ذلك من أشياء العمل يجب استخدامها في العمل و التورع عن استخدام شيء منها في المصالح الشخصية .