منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 "الخليفة الناسك" (هارون الرشيد)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

"الخليفة الناسك" (هارون الرشيد) Empty
مُساهمةموضوع: "الخليفة الناسك" (هارون الرشيد)   "الخليفة الناسك" (هارون الرشيد) Emptyالإثنين 06 فبراير 2017, 10:36 am

"الخليفة الناسك" (هارون الرشيد) %D8%A3%D9%8A%D9%86_%D8%AF%D9%81%D9%86_%D9%87%D8%A7%D8%B1%D9%88%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF

ألف الحج والجهاد فما ... من سفرتين في كل عامِ
"الخليفة الناسك"
(هارون الرشيد)

"من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الرًّوم قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه لا ما تسمعه"

كلّما تقدَّمت أكثر في هذا الكتاب، أدركت عِظمَ حجمِ الكارثة التاريخية التي حلّت علينا جميعًا!

أعترف أنني ما كنت أحسب الخليفة العباسي هارون الرشيد -وإلى وقتٍ قريب- إلا سِكِّيرًا ماجنًا ليس له هَمٌ في الدُّنيا إلى مُعاقرة الخمر والاستمتاع باللذات الدنيئة!

فلقد كنت كغيري مِمَّنْ نالتهم سهام غُزاة التاريخ لا أكاد أسمع باسم هارون الرشيد بالذات، إلا ويدور في خلدي بما رسمه لنا أولئك الغُزاة عن تلك الليالي الماجنة في قصور بغداد، والتي تزينها الرقصات الرشيقة من قِبَلِ الجواري الحِسَان اللاتي ترقصن بدورهن على أنغام الموسيقى.

في الوقت الذي يحمل فيه غِلمانٌ صغارٌ أباريق من خمرٍ تزيد من مُجون الخليفة ووزرائه، والذين علّت أصوات قهقهاتهم حتى وصلت إلى خارج أسوار بغداد!

لذلك أعتقد أن الوقت قد حان لكي نعترف أننا وقعنا بالفعل في شباك غُزاة التاريخ، بل إنني أرى أنه ينبغي علينا أن تكون لدينا الشجاعة الكافية لكي نعترف أننا هُزمنا في الحرب التاريخية التي شُنَّت علينا خلال المائة أو المائتين عامٍ الماضية.

وهذا ليس عيبًا أبدًا، فمعرفة الخطأ هي بداية عملية تصحيح المسيرة، فإن كان غُزاة التاريخ قد انتصروا بدون أدنى شك في جولتهم السابقة، فإنهم بدءوا يواجهون في السنوات الأخيرة بالتحديد، رجالًا أبطالًا حملوا راية الجرح والتعديل لتاريخ هذه الأمة المجيدة.

ليُعيدوا كتابة تاريخها من جديد، وليُخلِّصوها من الشَّوائب التي علِقت بها من قِبَلِ المستشرقين وعملائهم، ليتغيَّر بذلك مسار رُحَى المعركة التاريخية الشرسة بيننا وبينهم لصالح هذه الأمة.

وإن كنّا نسلّم بأن ذلك التغيير ما زال بطيئًا إلى حد الآن، إلا أن المهم أن يستمر الجميع في عمله، فدَرْبُ الألف ميل يبدأ بخطوة، فمَنْ كان يستطيع الكتابة فليكتب شيئًا يساهم به في تلك الحرب الشرسة، ومَنْ قرأ شيئا فليبلغه لأهله وزملائه.

فيا مَنْ تطلبون الجهاد وتصرخون من أجله، هذه هي ساحتكم، فليس الجهاد أن تحمل رشاشاً لتقتل به الأبرياء، وليس الجهاد أن تُلقي بنفسك وبأمتك إلى التَّهلُكة.

بل الجهاد هو أن تنصر أمَّتك، والأمَّة الآن تحتاج إلى رجالٍ صادقين، وإلى نساءٍ صادقات، يصحح كل منهم تلك المفاهيم التاريخية الخاطئة التي تعلّمناها في مدارسنا، أو شاهدناها في إعلامنا.

ولعلكم ستعجبون الآن عند اضطلاعكم على القصة الحقيقية للتاريخ الحميد، للخليفة الرَّشيد، والمُجاهد الصِّنديد، والمُقاتل العتيد، البطل الإسلامي المجيد: هارون الرَّشيد رحمه اللَّه تعالى وأسكنه فسيح جناته.

وهذا الخليفة العباسي الهاشمي العظيم كان على العكس تمامًا من الصورة التي أشاعها غُزاة التاريخ عنه، فقد كان رحمه اللَّه من أكثر خلفاء الإسلام جهادًا وغزوًا واهتمامًا بالعلم والعُلماء، وليس كما يدَّعي الغُزاة أنه كان منشغلًا بالجواري والخمر والسُّكر.

فكتب التاريخ الإسلامي الأصلية مليئة بمواقف رائعة للرَّشيد في نُصرة الإسلام والمسلمين، وزاخرة بمواقف زُهده وورعه وتقواه، بل إن هارون الرشيد كان معروفًا أنه "الخليفة الذي يحجُّ عامًا ويغزو في سبيل الله عامًا"!

فقد كان رحمه اللَّه دَيِّنًا مُحافظًا على التكاليف الشَّرعيَّة، وصفه مؤرخو الإسلام أنه كان يصلّي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدُّنيا، ويتصدَّق من ماله الخاص بدون حساب، ولا يتخلف عن الحج إلا إذا كان مشغولًا بالغزو والجهاد.

بل إن جمعًا كبيرًا من العلماء كانوا يذكرون أن هارون الرَّشيد كان من أكثر الناس تقريبًا للعلماء، ومن أشد الناس بُكاءً عند سماعه للمواعظ، فقد قال عنه الإمام العظيم (أبو معاوية الضرير): "ما ذكرتُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بين يدي الرَّشيد إلا قال صلى اللَّه على سيدي، ورويت له حديثه: وددت أني أقاتل في سبيل اللَّه فأقتل ثم أحيى ثم أقتل فبكى حتى انتحب".

بل إن أبا معاوية الضرير (الذي كان ضريرًا بالفعل) روى قصة عجيبة عن هارون الرَّشيد الذي كان يملكها من الصين إلى الأطلنطي فقال: "صَبَّ على يَدَيَّ بعد الأكل شَخْصٌ لا أعرفه فقال الرَّشيد: أتدري مَنٍ يَصُبُّ عليك قلت: لا. قال: أنا إجلالاً للعِلْم!".

وكان علماء الأمة يبادلونه نفس التقدير.

فقد رُويَ عن (الفُضيل بن عياض! أنه قال:
"ما من نفس تموت أشد علي موتاً من أمير المؤمنين هارون، ولوددت أن اللَّه زاد من عمري في عمره".

وقال الإمام (منصور ابن عمار):
"ما رأيت أغزر دمعًا عند الذَّكر من ثلاثة: الفضيل بن عياض والرَّشيد وآخر".

وقد قال له العالم الرباني الفضيل ذات مرة:
"يا حسن الوجه (وقد كان الرشيد جميلًا جدًا) أنت المسئول عن هذه الأمَّة، فجعل هارونُ يبكى ويشهق حتى كاد يُغمى عليه".

ورُوي أن (ابن السماك) دخل على الرشيد يومًا فاستسقى فأتى بكوز فلما أخذه قال:
"على رسلك يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟" قال هارون: "بنصف ملكي" فلما شربها قال له: "أسألك لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها؟" فقال هارون: "بجميع ملكي!" عندها نظر العالم الجليل إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد وقال له: "إن مُلكًا قيمته شربة ماء وبَوْلَةٌ، لجديرٌ أن لا يُنافسَ فيه!" فبكى هارونُ الرَّشيد بكاءً شديداً حتى أشفق عليه مَنْ حوله.

وعلى الرغم من ورع الرشيد وتفرّغه للعبادة وقيام الليل، فإنه لم يُهمل شئون الدولة الإسلامية البتَّة، فقد كان عهد الخليفة العباسي العظيم هارونُ الرَّشيد أعظم عهدٍ في تاريخ الدول الإسلامية على الإطلاق من ناحية الازدهار الاقتصادي، والتقدُّم العلمي المُبهر، والتطور الحضاري العظيم.

فقد أنشأ هارونُ الرَّشيد بمشورة من زوجته الصالحة المجاهدة (زبيدة) طرقًاً ممتدةً توصل بلاد المسلمين بمكّة والمدينة، وأقام على جوانب هذه الطرق الفنادق المجانية لزوار الحرم.

كما أنشأ الرَّشيدُ أول جامعةٍ علمية في تاريخ البشرية أسماها: "بيت الحكمة"، وزوَّدها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من مختلف بقاع الأرض كالهند وفارس والأناضول واليونان، وكانت تضم غرفًاً عديدةً تمتد بينها أروقة طويلة، خُصِّصت بعضها للكتب، وبعضها للمحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين والمترجمين والمجلدين.

وكان الرَّشيدُ يشرف عليها شخصيًا هو وكبار رجال دولته، فكانوا يقفون وراء هذه النهضة بكل ما أوتوا من قوة (قارن ذلك بصورة سهرات الأنس التي صوَّرها الإعلام عن الخليفة ووزراءه!).

فكانوا يصلون أهل العلم والدين بالصِّلات الواسعة، ويبذلون لهم الأموال تشجيعًا لهم، وكان الرَّشيدُ نفسه يميل إلى أهل الأدب والفقه والعلم، ويتواضع لهم حتى إنه كان يَصَبُّ الماء في مجالسه على أيديهم بعد الأكل.

فغدت حاضرة الرَّشيد "بغداد" قبلةً لطلاب العلم من جميع البلاد، ليجدوا فيها كبار الفقهاء والمحدثين والقراء واللغويين وعلماء الرياضيات والترجمة وعلوم الطبيعة والفلك.

وكانت المساجد تحتضن دروسهم وحلقاتهم العلمية التي كان كثير منها أشبه بالمدارس العليا، من حيث غزارة العلم، ودقة التخصص، وحرية الرأي والمناقشة، وثراء الجدل والحوار (قارن ذلك بحال المساجد هذه الأيام!).

وأُنفق الرَّشيدُ الأموال الطائلة في النهوض بالدولة الإسلامية العظمى، وتنافس كبار رجال الدولة في إقامة المشروعات كحفر الترع والأنهار، وبناء الحياض، وتشييد المساجد، وإقامة القصور، وتعبيد الطرق.

بل إن الخليفة الإسلامي العظيم هارون الرَّشيد وضع بنفسه خطة علمية متكاملة، وميزانية ضخمة، لحفر قناةٍ بحريةٍ عملاقة، تربط بين البحر الأبيض المتوسط (بحر الروم) والبحر الأحمر (بحر القلزم)، إلا أنه رحمه اللَّه وجزاه كل خير خشيَ أن يفتح المجال بذلك للروم للعبور من خلال تلك القناة، فتكون مكة والمدينة في متناول أيديهم. (وبذلك يكون هارون الرشيد هو صاحب فكرة إنشاء "قناة السويس" قبل أن تُنسب بعد ذلك بألف عام للص الفرنسي "فرديناندو ديليسبس" والذي سرق أموالها بعد ذلك لسنواتٍ طوال!).

أما "بغداد" فقد أصبحت قبلة الدُّنيا، وأصبحت معروفة في عهد الرَّشيد باسم "مدينة السَّلام"، فقد حظيت هذه المدينة التي بناها العباسيون حاضرة العالم بنصيب وافرٍ من العناية والاهتمام من قِبَلِ الخليفة الرَّشيد وكبار رجال دولته الأبطال، حتى بلغت في عهده قمة مجدها وتألقها، فاتسع عمرانها.

فزاد عدد سكانها حتى بلغ نحو مليون نسمة (وقد كانت أعلى نسبة سكان لمدينة في العالم بأسره، تلتها مدينة إسلامية ثانية هي قرطبة الأندلسية، وإشبيلية الإسلامية في المركز الثالث على مستوى العالم).

فبُنيت في بغداد المساجد الضخمة، والمدارس المتنوعة، والمعاهد العلمية المتطورة، والقصور الفخمة، والأبنية الرائعة التي امتدت على جانبي دجلة، فأصبحت بغداد من اتساعها كأنها مدن متلاصقة، فصارت أكبر مركز للتجارة الحرة في العالم، حيث كانت تأتيها البضائع من الصين والهند وأوروبا وأفريقيا، فهاجر إليها فقراء النصارى واليهود، فاستقبلهم المسلمون بكل تسامحٍ ديني (سيتعامل هؤلاء فيما بعد مع هولاكو لإسقاط بغداد وقتل أهلها المسلمين الذين استقبلوهم!!!).

كما جذبت بغداد الأطباءَ والمهندسين وسائر الصناع، فأصبحت بغداد في عهد الرشيد المدينة الأولى في العالم بأسره من حيث التقدم الحضاري والتفوق العلمي والازدهار السكاني والعمراني، في ذات الوقت الذي كانت فيه مدنًا مثل باريس ولندن وبرلين غارقة في أوحال الظلام والتخلف الحضاري الرهيب!

أما في مجال الجهاد... فحدِّث ولا حرج!

فهذا الخليفة الإسلامي العملاق والذي صوَّروه لنا وكأنه طبَّالٌ راقص، لم يكن من أعظم فاتحي المسلمين فحسب، بل كان من أعظم فاتحي البشرية على الإطلاق، فلا (نابليون) الذي تتغنى به فرنسا، ولا (تشرشل) الذي يفتخر به الإنجليز، ولا حتى (الإسكندر المقدوني) نفسه كانوا يملكون نصف ما ملكه الرَّشيدُ رحمه اللَّه.

فقد حكمها الرَّشيدُ من صينها إلى مغربها، ومن صحرائها الكبرى في قلب أفريقيا إلى قوقازها في مجاهل أوروبا، والعجيب أن هارون الرشيد تمكَّن من إدارة هذه الإمبراطورية الضخمة، المختلفة البيئات، والمتعددة العادات والتقاليد، وهو في سن الـ 25 فقط!

آخذين في عين الاعتبار صعوبة وسائل الاتصال والمواصلات في ذلك الوقت المبكر من التاريخ.

فقد قام الرَّشيدُ بتنظيم الثغور المُطلّة على بلاد الرُّوم على نحو لم يُعرف من قبل، وعَمَّرَ الرَّشيد بعض مدن الثغور، وأنشأ الرَّشيدُ مدينةً جديدةً عُرفت باسم "الهارونية" على الثغور.

وأعاد الرَّشيدُ إلى الأسطول الإسلامي نشاطه وحيويته، ليواصل ويدعم جهاده مع الرُّوم ويسيطر على المِلاحة في البحر المتوسط، فأقام دارًا لصناعة السُّفن، وفكر في ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط كما أسلفنا.

وفي عهد الرَّشيد عاد المسلمون إلى غزو سواحل أوروبا، ففتحوا بعض الجُزُر واتخذوها قاعدة لهم، مثلما كان الحال في زمن الأمويين طيّبي الذِّكر، فأعاد الرَّشيدُ فتح "رودس" في جنوب إيطاليا سنة 175هـ - 791م، وأغارت الأساطيل الهارونية على "أقريطش" (كريت) و"قبرص" سنة 195هـ - 806م.

واضطرت دولة الرُّوم أمام ضربات الرَّشيد المتلاحقة إلى طلب الهُدنة والمصالحة، فعقدت (إيريني) ملكة الرُّوم صُلحًا مع الرَّشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة 181هـ - 797م، حتى قتلها متمردٌ اسمه (نقفور) واستولى على الحكم في بلاد الروم، 186هـ -802م.

وما إن تسلَّم هذا الإمبراطور الأحمق الأخرق الحُكمَ حتى بعث برسالةٍ وقحةٍ إلى أعظم إمبراطور في الدُّنيا خليفة الدولة الإسلامية أمير المؤمنين هارون الرَّشيد يقول فيها: "من نقفور ملك الرُّوم إلى ملك العرب (لم يذكر اسم الرَّشيد!)، أما بعد... فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك من أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك!

فما إن فرغ الخليفة هارون من قراءة تلك الرسالة الوقحة حتى ثارت ثائرته، واحمر وجهه الأبيض (وقد كان هارون الرَّشيد رحمه اللَّه مثل جده رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحمَّر وجهه الأبيض ساعة الغضب).

فتناول هارونُ الرَّشيدُ الرسالة وكتب على ظهرها بعزَّة العربي القُرشي، وشهامة المُسلم المُوحِّد:
"من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الرُّوم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه لا ما تسمع!".

فانطلق هذا الصقر العربي المسلم بنفسه إلى مدينة الرُّوم، بجيشٍ ما عرفت الأرض مثله،، حتى وصل "هرقلة" وهي مدينة بالقرب من "القسطنطينية"، فدكَّها دكًا جعل منها نسيًا منسيًا، فلم يبق منها إلا اسمها وبقايا ذكريات!

فحرقها عن بكرة أبيها، وانطلق بعدها بسرعة يريد إزالة العاصمة "القسطنطينية" من على وجه الأرض، فأسرع الكلب نقفور بالكنوز والمجوهرات يحملها بنفسه إلى هارون الرَّشيد، يستحلفه بمحبته لنبي اللَّه عيسى أن يقبل منه هذه الكنوز كجزية، بعد أن صار يناديه بأمير المؤمنين.

فرفض هارون ذلك، واشترط عليه لقبول تلك الكنوز كجزية أن يطلق سراح كل المسلمين من سجونه أولًا، فما كان من كلب الرُّوم إلا أن أطلق سراح آلاف الأسرى من السُّجون الصليبية، فلم يبقَ شخصٌ يوحِّد اللَّه في أي سجن رومي بفضل هذا البطل الإسلامي العملاق هارونُ الرَّشيد، والذي استُشهد وهو في طريقه للجهاد في بلاد الشرق، وهو في سن -المفاجأة الكبرى- 46 سنة فقط!!!

فرحمك اللَّه يا أبا الأمين، أيها الأسدُ الهاشمي العربي، وجزاك اللَّهُ كل خير لما قدَّمته للإسلام، وأعاننا اللَّه أن نُعطيك حقّك في التاريخ، وأن ندفع عنك الشًّبهات، فمثلك أحقُّ أن يُنصر، ومثلنا أحقُّ أن يَنصر.

فجزاك اللَّه كل خير لما قدَّمته أنت وأمثالك لأمَّةِ الإسلام!

وقبل أن نترك هذا العظيم، لكي ننتقل إلى عظيم إسلامي آخر، ينبغي عليَّ أن أذكر على وجه السُّرعة أمرين اثنين أرى أنهما من الأهمية بمكان:
(أولهما) أن هناك قصة شهيرة يرددها بكل أسف المسلمون وهم يظنُّون أنها قصة تدعو للفخر والاعتزاز، هذه القصة هي قصة هدية هارون الرَّشيد للملك الألماني (شرلمان).

ومختصر هذه القصة:
أن الرَّشيد بعث لشارلمان بهدية عبارة عن ساعة ضخمة، ليتعجَّب منها ذلك الملك الأوروبي ويظنُّها أنها مسكونة بالجن، وهذه القصة وإن كانت تبدو أنها قصة تبين مدى الرُّقي العلمي الذي وصل إليه المسلمون، إلا أنني أعتبرها من أخبث القصص التي انتشرت بين المسلمين.

وسبب ذلك أنَّ مَنْ رَوَّجَ لهذه القصة بَيَّنَ أن سبب الهدية هو دعم الرَّشيد لشارلمان الصليبي في قتاله للخلافة الأموية في الأندلس!

وهذا إفكٌ واضح، وشرٌ فاضح، فأي تحالفٍ هذا الذي يعقده مجاهدٌ بتدين الرَّشيد مع صليبي مثل شارلمان؟!

وأي قوةٍ يرجوها إمبراطور مثل هارونُ الرَّشيد من ملكٍ من ملوك أوروبا المظلمة؟!

فلو أراد الرشيد أن يستولي على الأندلس بأسرها من أيدي أبناء عمومته الأمويين، لاستولى عليها بلمح البصر، بل إنه لو كان يرى في أوروبا نفسها ما يستحق عناء غزوها في ذلك الوقت المظلم، لما أبقى فيها مدينة من دون أن يضمَّها إلى إدارة بغداد المركزية.

ولقد بحثتُ شخصيًا عن مصدر هذه المعلومة، والحمد للَّه صدقت توقعاتي، فهذه المعلومة مصدرها الوحيد مستشرقة ألمانية تُدعى (زيغريد هونكه)!

(ثانيهما) أكثر من تكرر ذكرهم في هذا الكتاب: "قوم كالعادة"، والذين مللت شخصيًا من ذكرهم وذكر خياناتهم، فواللَّه لا أقصد أبدًا تكرار قصص خياناتهم في هذا الكتاب، لكنني ما بحثت في قصة من قصص الإسلام إلا ووجدت خيانة شيعية مغروسة في قلبها!

وكأن القوم قد رضعوا الغدر رضاعة!

فالخطأ الوحيد الذي ارتكبه الرَّشيدُ في خِضَمِ هذه السِّيرة العظيمة هو أنه آمن للشيعة، فجعل لأحدهم منصبًا وزارياً، المشكلة ليس في ما فعله الرَّشيد رحمه اللَّه الذي رُبَّمَا أراد أن يُعطي أولئك الخونة فرصة ليُصلحوا بها ماضيهم القذر المليء بالخيانات.

بل المشكلة تكمن في الجريمة التي فعلها الوزير نفسه!

والتي نقلها رواة الشيعة أنفسهم، كالعالم الشيعي الملقب بصدر الحكماء ورئيس العلماء (نعمة اللَّه الجزائري) في كتابه المعروف "الأنوار النعمانية" (2/ 308 طبعة تبريز إيران)، و (محسن المعلم) في كتابه "النصب والنواصب" (ص 622 ط دار الهادي - بيروت) ونصها: "وفي الروايات أن علي ابن يقطين وهو وزير هارون الرَّشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين (يعني بهم مسلمين سُنيين!)، وكان من خواص الشيعة، فأمر غلمانه فهدموا سقف الحبس على المحبوسين فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل تقريبًا، فأرادوا الخلاص من تبعات دمائهم فأرسل إلى الإمام مولانا الكاظم فكتب -عليه السلام- إلى جواب كتابه، بأنك لو كنت تقدمت إلي قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم، وحيث إنك لم تتقدم إليَّ فَكَفِر عن كل رجل قتلته منهم بتيس والتيس خير منه!". (وهذه الرواية ذكرها علماء الشيعة يستدلون بها على جواز قتل الناصبي، والناصبي بتعريف الشيعة: هو كل مَنْ لا يعترف بأن الحُسين ونسله (من شاه زنان الفارسية!) لديهم قدرة كونية على الخلق وعلم الغيب.

ويعني ذلك بالمختصر المفيد أن دمي ودمك مستباحٌ من قِبل أولئك الإرهابيين شريطة أن يضحوا عن كلِّ واحدٍ منّا بتيس!

وبعد الرشيد... نظل مع العباسيين أيضًا، ولكننا هذا المرة لن نستخدم قطار (الخُلود الإسلامي)، أو طائرة (ابن فرناس)، أو سفينة (بيري رئيس) أو جمال (ابن تاشفين) للوصول إلى بطلنا الإسلامي القادم، فلقد حان الوقت لكي نستخدم وسيلة نقل جديدة هي "الزلاجات الجليدية" لنصل بها إلى بطلنا القادم، لكي نسبر أغوار مغامراته العجيبة في القطب الشمالي.
حيث الثلوج المتراكمة، والبحيرات الجليدية.
فمَنْ يكون ذلك المغامر العباسي الذي ألهم خيال السينما الأمريكية بمغامراته الشيّقة، وحكاياته العجيبة؟

يتبع...
يتبع إن شاء الله...



"الخليفة الناسك" (هارون الرشيد) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
"الخليفة الناسك" (هارون الرشيد)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لمحة عن هارون الرشيد
» "الخليفة الذي ضحى بالمُلك من أجل فلسطين" (عبد الحميد الثاني)
» النظام الاجتماعي في عهد هارون الرشيد
» (6) خيانة الوزير الشيعي علي بن يقطين في عهد هارون الرشيد
» تذكير الناسك بأسرار المناسك

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: 100 من عظماء الإسلام-
انتقل الى: