أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: "الهدف القادم لغُزَاةِ التَّاريخ" (البُخَاري) الإثنين 06 فبراير 2017, 7:18 am | |
| "الهدف القادم لغُزَاةِ التَّاريخ" (البُخَاري)
"ما تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مثل هذا الرجل" (إمام الأئمة ابن خزيمة)
تعجَّبَ تلاميذ إحدى الكتاتيب الصغيرة الواقعة في إحدى مدن خراسان من أمر طفلٍ يتيمٍ دون العاشرة كان يأتي إلى الكتّاب من دون ورقةٍ أو قلم، فقد كان شيخ الكُتّاب يروي عليهم أحاديثَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيُسارعون هم إلى تدوينها، إلا ذلك الطفل فلم يكن يكتب شيئًا على الإطلاق!
ومرَّت الأيام وهذا الطفل على حاله تلك، يأتي في صمت، ويعود في صمت، حتى جاء ذلك اليوم الذي سَخِرَ فيه التلاميذ من هذا الطفل الغريب، وعيَّروه بأنه لا يكتب شيئًا.
فنظر الطفل الصغير إليهم نظرة الواثق وقال لهم: أخْرِجُوا كراريسكم لأرَاجِعَهَا لكم!
فأخرج التلاميذ كراريسهم وهم ينظرون بدهشة لهذا الطفل الصغير الذي بدأ يُراجع لهم الأحاديث التي كتبوها على مدى أشهر، حديثاً.. حديثاً.. وهم يطابقون صحتها في كتبهم، فراجع لهم هذا الطفل الصغير الذي لم يبلغ العاشرة من عمره 15000 حديثٍ بمتونها وأسانيدها!!!
لقد كان هذا الطفل الأعْجُوبة يُدعى (محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ابن بردزبه)، وهو نفسه الذي سيُطلق عليه بعد ذلك بسنوات قليلة وإلى يوم القيامة اسم: الإِمام البُخَاري!
والحقيقة أنني عثرت على روايةٍ عجيبةٍ في خِضَمِ إبحاري في سيرة الإِمام البُخَاري قد تفسر لنا سرّ تلك الذاكرة العجيبة التي كان يتمتع بها البخاري.
تقول هذه الرواية أن البُخَاريَّ كان قد عَمِيَ في صِغَرِهِ، ففقد بصره بالكليَّة، فأخذت أمَّهُ تبكي على ابنها الوحيد بكاءً شديدًا وتدعو اللَّه أن يُعيد له بصره.
وفي ليلة من الليالي رأت تلك الأم الصَّالحة في المنام نبي اللَّه إبراهيم الخليل عليه السلام فقال لها: يا هذه قد رَدَّ اللَّهُ على ابنك بصره!
فاستيقظت الأم من نومها وأسرعت إلى طفلها لتجد أن بصره قد عاد إليه!
الشاهد في هذه الرواية أمران، الأول هو أن سر ذاكرة البخاري القوية يكمن في فقده لبصره في طفولته، فالمعلوم طبيًا أن هناك خاصية عجيبة خلقها اللَّه في جسم الإنسان، ألا وهي خاصية "التعويض الوظيفي" وتنص على أن الجسم البشري إذا ما فقد حاسة من حواسه، فإن قوة الحواس الأخرى تزيد بشكل يعمل على سد الثغرة الحسيَّة التي نتجت عن فقده لتلك الحاسة.
وهذا ما يفسر قوة السمع والحفظ للطفل الأعمى، أما في حالة البخاري فقد اكتسب دماغه أثناء عماه تلك الخاصية الاستثنائية على ما يبدو، ثم ردّ اللَّهُ عليه بصره، فصار البخاري يجمع بين ذاكرة الأعمى، ونظر المبصر، فأصبح إنسانًا استثنائيًا!
أما الشاهد الثاني فهو أن البخاري مختارٌ من اللَّه الذي هيأه لهذه المهمة الخطيرة، مهمة حفظ وحي السماء الذي جاء على صورة أحاديث رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-، فهناك خطأ شائع لدى البعض ممن يعتقدون بأن اللَّه تكفَّل بحفظ القرآن فقط بقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}، فالذكر هو الوحي الإلهي الذي نزل على صورة القرآن أو الأحاديث القدسية أو أحاديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي لم يكن ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)}.
وحفظ هذا الذكر يتطلب رجالاً يحفظون القرآن كعثمان ابن عفان، ويحفظون الأحاديث كالبخاري ومسلم، ويحفظون سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسيرة أصحابه -رضي الله عنهم- الذين حفظوا لنا القرآن والسنة: وهذا ما قام به أئمة المؤرخين من أمثال الطبري وابن كثير.
ويتطلب أيضًا رجالًا مثلي ومثلك يقومون بالدفاع عن سيرة أولئك كلهم، والذين نقلوا الإِسلام لنا، والذين لو استطاع غزاة التاريخ أن ينالوا من سمعتهم وسيرتهم، لسقط هذا الدين بالكلية، ولأصبحنا أنا وأنت مجرد قطيعٍ بلا راعي!
وهذا بالضبط ما نحاول صنعه في هذه السطور القليلة، فليس الغرض من هذا الكتاب مجرد سرد الحكايات والقصص المسلية، بل الهدف الأساسي منه هو الدفاع عن دين اللَّه في هذه الفترة الزمنية الحرجة التي يحاول فيها غزاة التاريخ أن ينالوا من دين اللَّه بالهجوم على ثوابته ورموزه بعد أن عجزوا لمئات السنين من أن يتخلصوا من المسلمين أنفسهم بعد ما قضوا مئات السنين يحاولون ذلك بمجازرهم ومذابحهم، فما وجدوا إلا ازديادًا لأعداد المسلمين رغم كل ذلك!
فهناك ظاهرة طفت على السطح في السنوات الأخيرة بالذات، أحسب أنني لم أسمع بظهورها في تاريخ المتقدمين أو المتأخرين، لقد خرج علينا أناسٌ من بني جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، وينتسبون إلى الإِسلام، بل ويدعون التقوى والصلاح، ليطعنوا بالبخاري وصحيحه بالذات، والذي يعتبر أصح كتابٍ على وجه الأرض بعد كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
ولو علم هؤلاء المنافقون أن الإِمام البخاري قضى 16 عامًا من زهرة شبابه في كتابة هذا الكتاب فقط لما تجرأوا على جريمتهم تلك، بل الأخطر من ذلك أنه ظهرت في الآونة الأخيرة مجموعة خطيرة من المنافقين ممن يُسمّون بـ "القرآنيين" هؤلاء المجرمون لا يطعنون في البخاري فحسب، بل لا يعترفون بالسنة النبوية أصلًا، ويدّعون كذبًا وبهتانًا أن المصدر الوحيد للتشريع الإِسلامي هو القرآن فقط، وأن أحاديث المصطفى كانت تخص الصحابة فقط.
وإلى أولئك السفلة الذين يعلمون أننا نعلم أنهم يكذبون أقول: ألم يقل اللَّه سبحانه وتعالى في القرآن الذي تتشدقون به: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، فهل طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- تكون بغير الإلتزام بأحاديثه؟! أم أننا يجب أن نذهب إلى قبره لكي ننتظر منه الأوامر؟!!
فقبحًا لكم ماذا أبقيتم لنا من هذا الدين؟ وأي دين تتبعون يا عبّاد الدولار؟ والغريب أن الفضائيات صارت تعطي كل من يطعن بالبخاري بالتحديد المجال الواسع لبث سمومه على عامة المسلمين!
فصار كل من هبَّ ودبَّ يطعن في البخاري، وكأن الإِمام البخاري كان طفلًا يلعب معهم في رياض الأطفال!
فاللَّه اللَّه في البخاري، واللَّه اللَّه في الدفاع عن السُّنَّة التي حفظها لنا الإِمام!
وإذا كان اللَّه قد أخرج لأمة النبي العربي رجلًا فارسيًا ليحفظ لها أحاديث رسولهم الصحيحة بعد موته بـ 200 عام، فإن اللَّه سبحانه تعالى أخرج للمسلمين من على قمم جبال البلقان في أوروبا رجلًا ألبانيًا حمل راية الجرح والتعديل للأحاديث النبوية بعد 1300 عام من موت النبي، ليصبح هذا الرجل الأوروبي بكل استحقاق "محدِّث الأمة"! يتبع. . . يتبع إن شاء الله... |
|