"رئيس دولة البرازيل الإسلامية"
(زومبي)
"كان هؤلاء المسلمون الأفارقة يشكلون عنصرًا نشيطا مبدعًا، ويمكن أن نقول إنهم من أنبل مَنْ دخل إلى البرازيل خُلُقًا".
(جلبير تو فريري)
قبل أن نستعرض قصة هذا القائد الإسلامي العظيم الذي أقام دولة الإسلام في البرازيل، أستأذن القارئ الكريم لكي نستعرض سويةً بعض المعلومات التاريخية التي ستعطينا صورة بسيطة عن خلفية الموضوع:
فبعد دخول الأوروبيين البيض النصارى إلى الأمريكتين الشمالية والجنوبية، قسَّم الأوروبيون الأراضي الجديدة بيينهم على النحو التالي: أمريكا الشمالية بيد الإنجليز والفرنسيين، والجنوبية بين البرتغاليين والإسبان.
والحقيقة أن الفرق بين تلك القوى الأوروبية أن فرنسا وإنجلترا قررا البقاء في أمريكا الشمالية والاستيطان فيها، فكان شعارهم مع السكان الأصليين هو: "الهندي الجيد هو الهندي الميت فقط"!
أما الصليبيون الإسبان والبرتغاليون فلم يقرروا الاستيطان هناك، فكان شعارهم في أمريكا الجنوبية: "اقتل ثم انهب ثم انقل"!
وربما يُفسر لنا هذا الفرق الكبير بين اقتصاديات أمريكا وكندا من جهة وبين اقتصاديات دول أمريكا الجنوبية الفقيرة.
أمَّا أمريكا الشمالية فسنتعرض قصتها لاحقًا بالتفصيل في غير ما موضع.
وأما الجنوبية فقد تقاسمتها البرتغال وإسبانيا على النحو التالي: تأخذ البرتغال أرض البرازيل الواسعة والغنية.
وتأخذ إسبانيا بقية الدول، وفعلًا احتلت البرتغال البرازيل بقوة النار، وقامت بقتل السكان الأصليين هناك لكي تنهب خيراتهم، وكانت عملية النَّهب الواسعة لنقل أهرامات الذهب إلى البرتغال تحتاج إلى مزيد من الأيدي العاملة.
فقاموا بالهجوم على سواحل الدول الإسلامية في الغرب الأفريقي، لكي يدخلوا على القُرى الآمنة في منتصف الليل، ليأسروا جميع سكان القرية بشباكهم كالحيوانات، ومن ثم ينقلونهم في سجون في قيعان السفن إلى البرازيل.
حتى وصلت أفواج العبيد المسلمين إلى البرازيل لأول مرة عام 1538م، ولم تمضِ 40 سنة حتى نقل إليها 14 ألف مسلم مستضعف والسكان لا يزيدون على 57 ألفًا.
وفي السنوات التالية أخذ البرتغاليون يزيدون من أعدادهم إذ جلبوا من أنغولا وحدها 642 ألف مسلم زنجي، وجاءوا بجُلّ هؤلاء الأفارقة المسلمين من غرب أفريقيا.
وتؤكد الوثائق التاريخية المحفوظة في المتاحف البرازيلية، أن أكثرية المنحدرين من الأفارقة الذين جاءوا "كعبيد" إلى البرازيل هم من جذور إسلامية، وأنهم كانوا يقرأون القرآن باللغة العربية، فتعرَّض هؤلاء المسلمون لحملات قاسية من التنصير، قبل أن يحاول بعضهم الثورة عليهم.
ولكن البرتغاليين قمعوا هذه الثورات وأرغموا مَنْ بقي من المسلمين على التَّنَصُّر بقوة النار والحديد.
وعندما ظَنَّ الصليبيون أنهم أطفأوا نار الإسلام في البرازيل إلى الأبد، خرج من بين رماد تلك النار بطل إسلامي عظيم اسمه (زومبي)، فأشعلها نارًا للانتفاضة الشعبية الإسلامية في جميع أرجاء البرازيل.
فقام هذا القائد الإسلامي البطل ومَنْ معه من شيوخ الإسلام بالتوجه إلى أفراد الشعب المُضطهد والمُستعبد، يعظونهم ويرشدونهم ويفقهونهم في الدين، وينزلون معهم الأكواخ ويعلمونهم القرآن ومبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء.
وبعد أن ازداد عددهم، وقويت عزيمتهم، أعلن الزعيم زومبي قيام "دولة البرازيل الإسلامية" عام 1643م، وأعلن في البند الأول في دستورها أن الحرية هي أساس الحكم.
فأعلنت البرتغال الحرب على تلك الدولة الإسلامية الناشئة، فانتصرت قوات القائد الإسلامي زومبي عليهم المرة تلو الأخرى.
فتوسَّعت الدولة الإسلامية بشكل كبير، فاحتل البطل زومبي أكثر من عشرين موقعًا لولاية "باهاية" البرازيلية.
واستمرت هذه الدولة الإسلامية البرازيلية لأكثر من 50 عامًا قدَّم فيها المسلمون الأحرار أروع صور الإباء والصمود.
فقد أظهر السُّود المسلمون فنونًا من التضحيات الجليلة جعلتهم يصمدون أمام البرتغاليين، عندها قرر إمبراطور البرتغال أن يتدخل شخصيًا ليُنهِي هذا الحُلُم الإسلامي الوليد قبل أن ينتشر أكثر فأكثر.
فأرسلت البحرية الإمبراطورية آخر ما توصلت إليه آلة القتل البرتغالية ليحاصروا الثوار المسلمين عام 1695م، قبل أن يستشهدوا واحدًا تلو الآخر!
وإذا كان زومبي قد وقف في وجه الصليبيين في أقصى غرب الكرة الأرضية في البرازيل، فإن هناك زومبي آخر وقف في وجه أولئك المجرمين في أقصى شرق الكرة الأرضية في الفلبين
فلم يدمر سفن الصليبيين فحسب، بل قتل بيديه الاثنتين القائد الأعلى للبحرية الإسبانية الصليبيية: القسيس البرتغالي الذي سمَّى الغرب مضيق ماجلان على اسمه!
يتبع...
يتبع إن شاء الله...