الأربعون في الـحــــج والعمرة
محـمـد بن عـبــد الله بن أحمــد
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
==================
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله أصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فهذا هو الجزء الثالث من سلسلة (الأربعينيات) وهي سلسلة تجمع أربعين حديثاً صحيحاً في موضوع مفرد.
والهدف من هذه سلسلة:
- تقريب السنة النبوية للجميع.
- تعزيز مكانة السنة في النفوس، والحث على العمل بها.
وقد خصصت هذا الجزء للأحاديث المتعلقة بـ: الحج والعمرة.
راجياً أن يسهم في:
- تذكير الحجاج والمعتمرين بما يساعدهم على حسن أداء العبادة وتمام الاستفادة منها.
- أن يعين إخواني طلبة العلم والدعاة على أداء رسالتهم –التوعوية- حيث يقرب لهم مادة أولية من ميراث النبوة، ومن أجل ذلك وضعت لكل حديث عنوانا يبرز المقصود من إيراده، ويلخص موضوعه، وفي تبويب العلماء الذي أوردته في توثيق النص إضافة وزيادة.
وفقنا الله لحسن الاقتداء وصالح العمل، وجعلنا ممن وعى السنة فعمل بها وبلغها.
والحمد لله رب العالمين.
أخوكم
محمد بن عبد الله بن أحمد
******************
فضائل الحج:
أ- الحج المبرور:
1- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنَّة)) متفق عليه.
ب- شرط المغفرة:
2- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((مَن حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)) البخاري.
ج- العمرة في رمضان:
3- عن عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لامرأة من الأنصار: ((ما منعك أن تحجي معنا؟). قالت كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه -لزوجها وابنها- وترك ناضحا ننضح عليه. قال: (فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تعدل حجة أو حجة معي)) متفق عليه.
د- جهاد النساء:
4- عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: ((لا. لكن أفضل الجهاد حج مبرور)) رواه البخاري.
من مقاصد الحج:
أ- التذكير بالتوحيد والتربية عليه:
5- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) متفق عليه.
ب- إقامة ذكر الله:
6- عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار: لإقامة ذكر الله» رواه أبو داود والترمذي.
ج- إحياء شعائر الحنيفية:
7- عن يزيد بن شيبان -رضي الله عنه- قال: «أتانا ابن مربع الأنصاري -ونحن وقوف بالموقف- مكانا يباعده عمرو - فقال: إني رسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليكم، يقول لكم: كونوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم عليه السلام». رواه أهل السنن.
د - مخالفة المشركين:
8- عن عمرو بن ميمون قال: شهدت عمر -رضي الله عنه- صلى بجمع الصبح ثم وقف فقال: ((إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- خالفهم ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس)) رواه البخاري.
الدين بالاتباع لا بالرأي:
9- عن عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- انه طاف مع معاوية –رضي الله عنه- بالبيت فجعل معاوية يستلم الأركان كلها، فقال له ابن عباس: لِمَ تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلمهما؟ فقال معاوية: ليس شيء من البيت مهجوراً. فقال ابن عباس: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} فقال معاوية صدقت)) رواه أحمد وأصله في الصحيحين.
الاقتداء بالرسول –صلى الله عليه وسلم-:
10- عن جابر –رضي الله عنهما- قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: ((لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)) رواه مسلم.
أصول حجة النبي صلى الله عليه وسلم:
11- عن محمد بن على بن الحسين. قال دخلنا على جابر بن عبد الله فقلت أخبرني عن حجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فقال بيده فعقد تسعاً فقال إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبى بكر فأرسلت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي».
فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مد بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شيء عملنا به فأهل بالتوحيد «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك».
وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهم شيئا منه ولزم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلبيته قال جابر -رضي الله عنه- لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم نفذ إلى مقام إبراهيم -عليه السلام- فقرأ: (واتخذوا من مقام إبراهيم مُصلى) فجعل المقام بينه وبين البيت فكان... يقرأ في الركعتين: (قل هو الله أحد) و (قل يا أيها الكافرون) ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) «أبدأ بما بدأ الله به».
فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده».
ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال « لو أنى استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة ».
قال - فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن كان معه هدى فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه. فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله. وأنتم تسألون عنى فما أنتم قائلون؟». قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: «اللهم اشهد اللهم اشهد». ثلاث مرات ثم أذّن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئاً ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى: «أيها الناس السكينة السكينة».
كلما أتى جبلاً من الجبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلّى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئاً ثم اضطجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى طلع الفجر وصلى الفجر -حين تبين له الصبح- بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس... حتى أتى بطن محسر فحرك قليلاً ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثاً وستين بيده ثم أعطى علياً فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال «انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم». فناولوه دلواً فشرب منه)) رواه مسلم.
التفقه في أحكام المناسك:
12-عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان قبل التروية بيوم خطب الناس فأخبرهم بمناسكهم. رواه ابن خزيمة والحاكم.
نهاية الغلو:
13- عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غداة العقبة، وهو على راحلته: «هات، القط لي، فلقطت حصيات من حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده، قال: بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين، فإنما هلك مَنْ كان قبلكم بالغلو في الدين» رواه النسائي وابن ماجه.
تواضع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحفظه حقوق الآخرين:
14- أ- عن ثمامة بن عبد الله بن أنس قال: حج أنس على رحل ولم يكن شحيحاً وحدَّث: ((أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حج على رحل وكانت زاملته)) رواه البخاري –تعليقاً- وابن حبان.
15- ب- عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء إلى السقاية فاستسقى فقال العباس يا فضل اذهب إلى أمك فأت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشراب من عندها. فقال (اسقني). قال يا رسول الله إنهم يجعلون أيديهم فيه. قال (اسقني). فشرب منه ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها فقال: ((اعملوا فإنكم على عمل صالح)). ثم قال: ((لولا أن تغلبوا لنزلت حتى أضع الحبل على هذه، يعني عاتقه وأشار إلى عاتقه)) رواه البخاري.
لماذا ترك الرسول –صلى الله عليه وسلم- النافلة ليلة مزدلفة؟:
16- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: ((جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين المغرب والعشاء بجمع كل واحدة منهما بإقامة ولم يسبح بينهما ولا على إثر كل واحدة منهما)) رواه البخاري.
الأمر بالمعروف وتعليم الجاهل:
17- عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده إلى إنسان بسير أو بخيط أو بشيء غير ذلك فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال: (قده بيده)) رواه البخاري.
لنعلن شعار الحج:
18- عن خلاد بن السائب عن أبيه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أتاني جبرائيل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية)) رواه أصحاب السنن -زاد ابن ماجه-: ((فإنها شعار الحج)).
ملازمة التلبية:
19- عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: ((أن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- كان ردف النبي -صلى الله عليه وسلم- من عرفة إلى المزدلفة ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، قال: فكلاهما قالا لم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يلبي حتى رمى جمرة العقبة)) متفق عليه –وهذا لفظ البخاري-.
الدعاء الدعاء:
20- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلاً ويدعو ويرفع يديه ويقوم طويلاً ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ثم ينصرف، فيقول: هكذا رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يفعله. رواه البخاري.
يتبع إن شاء الله...