| وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأظلمت المدينة | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأظلمت المدينة الإثنين 04 يناير 2016, 10:24 am | |
| وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأظلمت المدينة كتبه: نزار عبد القادر بن محمد الريان النعلاواني العسقلاني فلسطين المغتصبة - غزة 1428هـ تقديم الأستاذ: الشيخ محمد بن صالح طه ---------------------------------------- من مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إدارة الشؤون الإسلامية بتمويل الإدارة العامة للأوقاف دولة قطر ----------------- بَينَ يَدَيِ الْكِتَابِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْقَائِلِ -جَلَّ وَعَلا-: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} فَنِعْمَ الْعِدْلَانِ وَنِعْمَتِ الْعِلَاوَةُ!! كَمَا قَالَ الْفَارُوقُ.
وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الرَّحْمَةِ الْمُهْدَاةِ لِلْعَالَمِينَ، الَّذِي مَا مَاتَ حَتَّى تَرَكَ أُمَّته عَلَى مِثْلِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ، وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ، وَصَحَابَتِهِ الْمُجَاهِدِينَ، وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِذَا كَانَ الأَثَرُ عَنْ أَبِي السِّبْطَيْنِ يَقُولُ: (إِذَا مَاتَ الْعَالِمُ .. انثَلَمَ فِي الإِسْلَامِ ثَلْمَةٌ، وَلَا يَسُدُّهَا شَيْءٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (1) وَإِذَا كَانَ تَرْجُمَانُ الْقُرْآنِ فَسَّرَ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}، قَالَ: مَوْتُ عُلَمَائِهَا.. فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الْمُرْتَفِعُ إِلَى الرَّفِيقِ الأَعْلَى هُوَ الرَّحْمَةُ الْمُهْدَاةُ لِلْعَالَمِينَ، وَقَائِدُ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ إِلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟!
لَا شَكَّ أَنَّهَا كَانَتْ مُصِيبَةً فِي الدِّينِ لَيْسَ وَرَاءَهَا مَرْمَىً، وَفَتْحَةً فِي الإِسْلَامِ لَا يُوجَدُ فِي الْكَوْنِ كُلِّهِ مَنْ يَقْوَى عَلَى سَدِّهَا، وَلِذَا وَرَدَتِ الآثَارُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ تَقُولُ مَا مُؤَدَّاهُ: إِنَّا مَا أَضْجَعْنَا رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَبْرِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا.
هَذَا؛ وَإِنَّ مِمَّا أَرْسَلَ عَلَيْهِ الدُّكْتُورُ نِزَارُ الرَّيَّانُ إِضَاءَةً بَيَانِيَّةً، وَأَشِعَّةً بَلَاغِيّهً.. قِصَّةَ مَرَضِ سَيِّدِنَا أَبِي الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَاتِهِ، وَمَا رَافَقَهُمَا مِنْ تَفَاعُلَاتٍ وَأَحْدَاثٍ.
وَلَقَدْ وُفِّقَ -رَعَاهُ اللهُ تَعَالَى- فِي اصْطِفَاءِ الْخَطِّ الْعَرِيضِ لِهَذَا الْحَدَثِ الْجَلَلِ؛ حَيْثُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ عُنْوَانَ: "وَأَظْلَمَتِ الْمَدِينَةُ".
وَهَذَا الْبَحْثُ عَلَى صِغَرِ حَجْمِهِ، وَقِلَّةِ صَفَحَاتِهِ، يَتَمَيَّزُ بِالخَصَائِصِ التَّالِيَةِ: • إِنَّ المُسْتَنَدَاتِ الْحَدِيثيَّةَ الَّتِي ارْتَكَزَ عَلَيْهَا الْمُؤَلِّفُ كُلَّهَا بِلَا اسْتِثْنَاءٍ وَثَائِقُ خَبَرِيَّةٌ ثَابِتةٌ؛ إِذْ هِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالحُسْنِ، فَهِيَ مُنْتَقَاةٌ مُصَفَّاةٌ، مُخَرَّجَةٌ تَخْرِيجًا عِلْمِيًّا، وَمُبَرَّأَةٌ مِنْ وَصْمَةِ الضَّعْفِ وَالْوَضْعِ، وَلَا غَرْوَ؛ فَمُحَبِّرُ هَذَا البَحْثِ مِنْ أَهْلِ التَّخَصُّصِ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ.
وَإِذَا كَانَ النَّاظِمُ الْقَدِيمُ قَدْ قَالَ فِي "أُرْجُوزَتهِ": وَلْيَعْلَمِ الطَّالِبُ أَنَّ السِّيَرَا ... تَجْمَعُ مَا صَحَّ وَمَا قَدْ أُنْكِرَا (2)
فَإِنَّ هَذَا الْبَحْثَ -وَهُوَ جُزْءٌ أَخِيرٌ مِنَ السِّيرَةِ الْعَطِرَةِ- رَفَلَ فِي حُلَلِ الصِّحَّةِ وَالْمَتَانَةِ، وَلَبِسَ بُرْدَيِ الأَصَالَةِ وَالأَنَاقَةِ، فَلَمْ تَشُنْهُ نَكَارَةٌ، وَلَمْ يَنْخُرْ فِي سُطُورِهِ الضَّعْفُ.
• يَرَاعَةُ الدُّكْتُورِ نِزَارِ الرَّيَانِ كَانَتْ تَمُجُّ صِدْقَ الأَحَاسِيسِ، وَتَنْقُسُ الصُّورَةَ الْبَاطِنَةَ لِلْكَاتِبِ، بَلْ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ تَقِيٍّ، فَكَانَتْ مَدَامِعُ الْقَلْبِ تَسِيلُ عَلَى الطُّرُوسِ عَبَرَاتٍ دَامِيَةً، وَتَبَدَّتِ الأَلْفَاظُ مُتَوَاصِلَةَ الأَحْزَانِ، مُتَجَهِّمَةَ الْمَعَالِمِ، وَمَا زَادَتْهَا الْمِسْحَةُ الأَدَبِيَّةُ إِلاَّ وَابِلًا مِنَ الأَنَّاتِ وَالآهَاتِ، تَتَدَفَّقُ مِنْ عَاطِفَةٍ جَيَّاشَةٍ بِالإِيمَانِ الرَّاسِخِ بِالْحُبِّ؛ لِذَلِكَ كَانَ عَرْضُ الْمَرَضِ وَالْوَفَاةِ نَاصِعًا بِالحَقَائِقِ كَامِلَةً، وَمَا كَادَ أَنْ يَفِيَ بِحَقِّ هَذَا المُصَابِ العَظِيمِ لَوْلَا تَمَوُّجُ العَاطِفَةِ وَتَفَاعُلُهَا الصَّادِقُ.
• لَا مِرَاءَ أَنَّ الْبَحْثَ هُوَ حَلْقَةٌ أَخِيرَةٌ مِنَ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَيْضًا لَا جِدَالَ أَنَّ هَذِهِ الْحَلْقَةَ مُنْتَثِرةٌ أَجْزَاؤُهَا فِي كُتُبِ السِّيَرِ وَبُطُونِ التَّوَارِيخِ، إِلاَّ أَنِّي -بِحَسَبِ عِلْمِي- لَمْ أَرَ مَنْ خَصَّ هَذِهِ الحَلْقَةَ بِالتَّأْلِيفِ اسْتِقْلَالًا، وَلَا مَنْ أَحْكَمَ الْكَلَامَ عَلَى الْمَوْضُوعِ إِحْكَامًا يَلِيقُ بِمَقَامِ صَاحِبِ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ مِنْ حَيْثُ جَمْعُ الرِّوَايَاتِ وَانْتِقَاؤُهَا، وَضَمُّ الْمُتَنَاثِرِ وَعَرْضُ النَّتَائِجِ، وَتَقْيِيدُ الأَوَابِدِ، وَتَرْصِيعُ الْبَحْثِ بِالْفَوَائِدِ، وَالتَّفَنُّنُ فِي تَسَلْسُلِ الأَحْدَاثِ دُونَ تَرْكِ فَجَوَاتٍ تُخَفِّفُ مِنَ الْوَطْأَةِ، أَوْ تُبَدِّدُ ذَلِكَ التَّفَاعُلَ الإِيمَانِيَّ، فَكَأَنَّ فِكْرَهُ وَيرَاعَتَهُ يَدْفَعَانِ الْمُتَابِعَ دَفْعًا مُنْكَرًا إِلَى ارْتشَافِ الْبَحْثِ حَتَّى الثُّمَالَةِ، وَهَذَا نَهْجُ الْمُوَفَّقِينَ الَّذِينَ بَلَغُوا الشَّأْوَ الْقَصِيَّ فِي الإِحْسَانِ وَالإِتْقَانِ.
• كَأَنَّ فَلْسَفَةَ اصْطِفَائِهِ لِهَذَا الْبَحْثِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ نَجَمَتْ مِنْ ذَلِكَ الظُّلْمِ الْمُتَرَاكِمِ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَى إِخْوَتِنَا الْفِلَسْطِينِيِّينَ، وَاحْتِكَاكِهِ بِقَوَافِلِ الشُّهَدَاءِ الَّتِي تَرْتَفِعُ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى عَلْيَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ وَالنَّعِيمِ السَّرْمَدِيِّ، وَرُضُوخِ الْمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ لِلتَّسَلُّطِ الأَمْرِيكِيِّ الصُّهْيُونِيِّ، فَتَمَخَّضَ عَنْ هَذِهِ الْمُكَابَدَاتِ هَذِهِ النَّفَثَاتُ الإِيمَانِيَّةُ، فَإِنَّ فِيهَا عَزَاءً وَعَزَاءً، وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَوْفِيقًا.
وَصَنِيعُ الدُّكْتُورِ نِزَارٍ امْتِثَالٌ لِلتَّوْجِيهِ النَّبَوِيِّ الآمِرِ بِالتَّعَزِّي بِمُصِيبَتِنَا بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَفِي الحَدِيثِ المَرْفُوعِ: "إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ مُصِيبَةٌ.. فَلْيَذْكُرْ مُصِيبَتَهُ بِي، فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ" (3)، وَفِي لَفْظٍ لِابْنِ مَاجَهْ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ؛ أَيُّمَا أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ أُصِيبَ بِمُصيبَةٍ.. فَلْيَتَعَزَّ بِمُصِيِبَتِهِ بِي عَنِ الْمُصِيبَةِ الَتَّي تُصِيبُهُ بِغَيْري؛ فَإِنَّ أَحَدًا مِنْ أُمَّتِي لَنْ يُصَاب بِمُصيبَةٍ بَعْدِي أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُصِيبَتِي" (4).
وَهَذَا تَوْفِيقٌ ظَاهِرٌ مِنْ الْمَوْلَي -تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ- لِلْمُؤَلِّفِ، فَهَنِيئًا لَهُ إِتْقَانَهُ لِلْبَحْثِ, وَتَنْقِيَتَهُ مِنْ شَوَائِبِ الضَّعْفِ, وَإِصَابَتَهُ السُّنَّةَ فِي التَّعَزِّي بِالْمُصِيبَةِ العُظْمَي, وَتَذْكِيرِ النَّاسِ بِهَا فِي هَذَا الْعَصْرِ الْمُتَمَوِّجِ بِجَلَائِلِ الْمَصائِبِ, وَكَثْرَةِ الْهَرْجِ.
وَبَعْدُ: فَإِنَّ دَارَ الْمِنْهَاجِ إِذْ تُخْرِجُ هَذَا الْبَحْثَ اللَّطِيفَ فِي ثَوْبٍ قَشِيبٍ, وَإخْرَاجٍ فَنِّيٍّ مُتَمَيِّزٍ.. لَتَهِيبُ بِالأُمَّةِ الإسْلَامِيَّةِ الَّتِي اصْطَلَتْ بِنِيرَانِ الْفُرْقَةِ وَالْغُرْبَةِ, وَتَدَاعِي الأُمَمِ عَلَيْهَا أَنْ تَقَرَأَ هَذَا الْبَحْثَ وَأَضْرَابَهُ؛ لِتَتَعَزَّي فِي مُصِيبَتِهَا, وَتَنْهَضَ مِنْ كَبْوَتِهَا, وَتَنْشَطَ لِلاحْتِكَامِ فِي كُلِّ جَلِيلٍ وَحَقِيرٍ إِلَي الْمَصْدَرَيْنِ النَّيِّريْنِ: كِتَابِ الله الْفُرقَانِ, وَسُنَّةِ الْمَأْمُورِ بِالْبَيَانِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتٌ. الناشر ----------------- تَقْدِيمٌ: كَتَبَهُ مَشْكُورًا أُسْتَاذِي وَشَيْخِي أَبُو أَيْمَنَ طَهَ الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى المَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ، وَاهْتَدَى بِهَدْيِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ لَشَرَفٌ أَنْ يَطْلُبَ مِنِّي أَيُّ شَخْصٍ كِتَابَةَ تَقْدِيم لِكِتَابِهِ، ويُصْبِحُ هَذَا الشَّرَفُ عَظِيمًا عِنْدَمَا يَطْلُبُ ذَلِكَ عَالِمٌ فَاضِلٌ كَالدُّكْتُورِ نِزَارٍ رَيَّانَ.
وَيَزْدَادُ هَذَا الشَّرَفُ لِيُصْبِحَ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً عِنْدَمَا يُخَاطِبُنِي بِهَذَا النِّدَاءِ الْحَبِيبِ: (الْوَالِدُ الْمُرَبِّي)، فَحَيَّا اللهُ هَذَا الأَخَ الطَّيِّبَ، وَزَادَهُ بِرًّا وَتَوَاضُعًا.
وَيَبْلُغُ هَذَا الشَّرَفُ الذِّرْوَةَ عِنْدَمَا يَكُونُ التَّقْدِيمُ لِكِتَابٍ عَنِ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، هَذَا الْكِتَابُ -"وَأَظْلَمَتِ المَدِينَةُ"- الصَّغِيرُ فِي حَجْمِهِ، الْقَلِيلُ فِي صَفَحَاتِهِ.. هُوَ الْكَبِيرُ وَزْنُهُ، الْكَثِيرُ فِي نَفْعِهِ وَفَائِدَتِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ.
لَقَدْ كَانَ الْمُؤَلِّفُ مُوَفَّقًا عُمُومًا، وَفي اخْتيَار الْعُنْوَان بصفَةٍ خَاصَّةٍ؛ إِذْ صَوَّرَ بِدِقَّةٍ حُزْنَ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِهَا عَلَى فِرَاقِ سَيِّدِ الْخَلْقِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَكِنَّ الْحَقِيقَةَ الَّتِي لَا مِرَاءَ فِيهَا: أَنَّ هَذَا الرَّاحِلَ الْكَريمَ صَلَوَاتُ رَبِّنَا وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ تَرَكَ وَرَاءَهُ نُورًا وَضيَاءً لِلعَالَمِينَ حَتَّى يَرِثَ اللهُ الأرْضَ وَمَنْ عَليْهَا.
وَلَا يَفُوتُني أَنْ أُؤَكِّدَ أَنَّ هَذَا الْكتَابَ الثَّمينَ هُوَ منَ الْمُؤَلَّفَات النَّادِرَةِ فِي زَمَانِنا، الخَالِيَةِ مِنَ الأَخْطَاءِ اللُّغَوِيَّةِ، وَالأحَاديث الْمَوْضُوعَةَ والضَّعِيفَةِ.
جَزَى اللهُ أَخَانَا الْحَبِيبَ (أَبَا بِلَالٍ) فَضِيلَةَ الشَّيْخِ الأُسْتَاذِ الدُّكْتُورِ نِزَارٍ، عَلَى مَا قَدَّمَ مِنْ خَيْرٍ، وَبَذَلَ مِنْ جُهْدٍ، وَأَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَعُمَّ نَفْعُهُ، وَأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ مَا يُقَدِّمُهُ في ميزَان حَسَنَاتِهِ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ قُدْوَةً لِلْكُتَّابِ وَالمُتَحَدِّثِينَ، فَيَحْرِصُوا عَلَى الدِّقَّةِ وَالضَّبْطِ، وَخَاصَّةً عِنْدَ الاسْتِشْهَادِ بِالآيَاتِ وَالأَحَادِيثِ، وَأَنْ يَكُونَ الاهْتِمَامُ بِالْكَيْفِ لَا بِالْكَمِّ.
وَاللهُ الْمُوَفِّقُ، وَالْهَادِي إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَآخِرُ دَعْوَانا أن الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ. الأُسْتَاذُ الشَّيْخُ: مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ طَهَ فِلَسْطِينُ. غَزَّةُ. الْبُرَيْجُ (20) ربيع الأول (1428هـ) --------------------------------- مُقَدِّمَةُ البَاحِثِ "وَأَظْلَمَتِ المَدِينةُ" عُنْوَانُ دِرَاسَةٍ تَعْرِضُ الأَحَادِيثَ وَالآثَارَ الوَارِدَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأَصْحَابِهِ، أَوْرَدَهَا الْبَاحِثُ فِي مَطَالِبَ مُتَرْجَمَةٍ، تَابَعَ فِيهَا مَا حَدَثَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُنْذُ بَدَأَ ظُهُورُ المَرَضِ عَلَيْهِ، حَتَّى قَبَضَهُ رَبُّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَيْهِ.
وَبَلَغَتْ رِوَايَاتُ البَحْثِ مِئَةً وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيثًا (5)، وَفِيهَا تَكْرَارٌ وَتَقْطِيعٌ اقْتَضَتْهُ طَبِيعَةُ الدَّرْسِ المَوْضُوعِيِّ، الَّذِي يُرَادُ مِنْهُ الاسْتِفَادَةُ مِنَ الحَدِيثِ فِي مَوَاطِنَ عِدَّةٍ، غَيْرَ أَنَّ الْمُكَرَّرَ فِي البَحْثِ لَا يُشَكِّلُ ظَاهِرَةً بَيِّنَةً.
وَاكْتَفَى البَاحِثُ بِالْحَدِيثِ المَقْبُولِ: الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ بِشِقَّيْهِمَا، وَلَمْ يَذْكُرْ حَدِيثًا وَاحِدًا ضَعِيفًا فِيمَا يَعْلَمُ، وَحَكَمَ عَلَى الأَحَادِيثِ، اللَّهُمَّ إِلاَّ "الصَّحِيحَيْنِ"، فَحُكْمُهُمَا مَعْلُومٌ.
وَصَدَّرَ الْحَاشِيَةَ بِالْحُكْمِ عَلَى الْحَدِيثِ بِخَطٍّ غَلِيظٍ؛ لِيُعْلَمَ مِنْ سَرِيعِ النَّظْرَةِ حُكْمُهُ.
وَقَلَّ أَنْ تَجِدَ الاقْتِصَارَ عَلَى الْخَبَرِ الْمَقْبُولِ فِي كُتُبِ الرِّقَاقِ.
وَكُتِبَتْ هَذِهِ الدِّرَاسَةُ فِي الْجَامِعَةِ الإِسْلَامِيَّةِ بِكُلِّيَّةِ أُصُولِ الدِّينِ، قِسْمِ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ وَعُلُومِهِ، بِفِلَسْطِينَ، وَقُدِّمَتْ ضِمْنَ مَجْمُوعَةٍ مِنَ الْبُحُوثِ لِلتَّرْقِيَةِ الْعِلْمِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ بِفَضْلِ اللهِ تَعَالَى وَمِنَّتِهِ سَنَةَ (1417هـ)، وَأَعَادَ الْبَاحِثُ النَّظَرَ فِيهِ بُغْيَةَ نَشْرِهِ بَيْنَ النَّاسِ، بَعْدَ النَّشْرِ الْعِلْمِيِّ الْخَاصِّ.
وَعَلَيْهِ: فَقَدْ تَمَّ التَّعْدِيلُ فِيهِ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْطِنٍ، وَحَذَفَ الْبَاحِثُ مِنْهُ بَعْضَ الأَحَادِيثِ الَّتِي تَبَيَّنَ لَهُ ضَعْفُهَا، مَعَ حُكْمِ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهَا بِالْقَبُولِ (6)، وَأَضَافَ إِلَيْهِ بَعْضَهَا، وَغَيَّرَ فِي طَبَعَاتِ بَعْضِ مَصَادِرِهِ، مِمَّا فتحَ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَنُشِرَ أَخِيرًا.
وَاخْتِيَارُ الْبَاحِثِ عُنْوَانَ الدِّرَاسَةِ: "وَأَظْلَمَتِ الْمَدِينةُ" قَبَسٌ مِنْ حَدِيثِ أَنسَ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ- حِينَ يَقُولُ عَنِ الْمَدِينَةِ: إِنَّهَا (أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ) (7) سَاعَةَ وَارَى حَبِيبَنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التُّرَابُ.
وَبَلَغَتِ الدِّرَاسَةُ: اثْنَيْ عَشَرَ مَطْلَبًا، وَخَاتِمَةً.
• فِي الْمَطْلَبِ الأَوَّلِ: الأَمَارَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى اقْتِرَابِ أَجَلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بَيَّنَ الْبَاحِثُ فِيهَا الأَحَادِيثَ وَالآثَارَ الْوَاردَةَ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى دُنُوِّ أَجَلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهِيَ الأَخْبَارُ الَّتِي فَهِمَ مِنْهَا الصَّحَابَةُ قُرْبَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
• وَفِي الْمَطْلَبِ الثَّانِي: تَلَطُّفُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَصْحَابِهِ فِي إِطْلَاعِهِمْ عَلَى خَبَرِ وَفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَفِي هَذَا الْمَطْلَبِ إِشَارَاتٌ نَبَوِيَّةٌ خَفِيفَةٌ؛ مَا بَيْنَ هَمْسَةٍ وَسَكْنَةٍ، وَنَظْرَةٍ وَسَكْتَةٍ، يَفْهَمُ مِنْهَا الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: أَنَّهُ أَجَلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ حَضَرَ، وَأَنَّهُ يُوشِكُ الفِرَاقُ أَنْ يَصْدَعَ بَيْنَ الرِّفَاقِ، وَيَكْثُرُ فِي هَذَا الشَّأْنِ إِيحَاءُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَيَقِلُّ فِيهِ صَرِيحُ الْكَلَامِ.
وَفِي النَّفْسِ أَشْيَاءٌ وَفِيكَ فِطَانَةٌ ... سُكُوتي بَيَانٌ عِنْدَهَا وَخِطَابُ
وَمَا إِشْفَاقُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتَرَفُّقُهُ فِي إِخْبَارِهِمْ.. إِلَّا لِأَنَّ ألأَصْحَابَ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ- لَمْ يَكُونُوا يَتَصَوَّرُونَ وَفَاةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ يَكُنْ يَخْطُرُ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ.
وَرَغْمَ رِقَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي تَهْيِئَةِ أَصْحَابِهِ لِخَبَرِ وَفَاتِهِ، وَتَيْسِيرِهِ عَلَيْهِمْ، وَتَتَابُعِ الآيَاتِ فِيهِ.. إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْهَشُونَ بِالْبُكَاءِ، وَيَذْرِفُونَ الدَّمْعَ، ويكْثُرُ شَهِيقُهُمْ وَالْحنِينُ كُلَّمَا سَمِعُوا مِنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
• أَمَّا الْمَطْلَبُ الثَّالِثُ: فَقَدْ تَحَدَّثَ فِيهِ الْبَاحِثُ عَنْ تَطَلُّعِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَيْتِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا-؛ لِيُمَرَّضَ فِيهِ عِنْدَهَا، وَلِيَكُونَ قَرِيبًا مِنْهَا؛ فَهِيَ الْحَبِيبَةُ الَّتِي يُوشِكُ الْمَوْتُ أَنْ يَذْهَبَ بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهَا.
فَقَدْ تَاقَتْ نَفْسُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا، لِأُنْسِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا، وَلِحُبِّهِ إِيَّاهَا أَكْثَرَ مِنْ بَقِيةِ أَزْوَاجِهِ؛ وَلِذَلِكَ اسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَزْوَاجَهُ، فَأَذِن لَهُ فِدَاهُ أَبي وَأُمِّي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
• وَفِي الْمَطْلَبِ الرَّابعٍ: يَذْكُرُ الْبَاحِثُ آخِرَ الْخُطَبِ النَّبَوِيَّةِ، وَقَدِ اسْتَشْعَرَ الصَّحَابَةُ مِنْهَا رَضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمُ الْحَقِيقَةَ، وَقَدْ كَانُوا لَا يَصبِرُونَ عَلَى فِرَاقِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاعَةً، فَكَيْفَ وَقَدْ صَارَ الْفِرَاقُ إِلَى يوم الْحَشْرِ؟!
• وفي الْمَطْلَبَ الْخَامِسَ: يَرْجِعُ الْبَاحِثُ إِلَى بَيْتِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا، فَيَدْنُو أَكْثَرَ وَيَقْتَرِبُ، لِيَنْقُلَ لَنَا آخِرَ الأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ آنَذَاكَ.
• وفي الْمَطْلَبُ السَّادِسُ: فَقَدْ كَانَ لِآخِرِ الصَّلَوَاتِ النَّبَوِيَّةِ بِالْمُسْلِمِينَ، وَوَصِيتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُسْلِمِينَ بِالصَّلَاةِ خَيْرًا.
• وفِي الْمَطْلَبِ السَّابِعِ: جَاءَ احْتِضَارُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِيهِ وَصَايَاهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي احتضَارِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، يَغَصُّ بِذِكْرِهَا الذَّاكِرُونَ، وَيَشْهَقُ مِنْ لَوْعَتِهَا الْمُحِبُّونَ.
• وفي الْمَطْلَبُ الثَّامِنُ: يَهْمِسُ فِي قُلُوبِنَا آخِرَ الْكَلِمَاتِ النَّبَوِيَّةِ الْخَاتَمَةِ، مِثْلَ اخْتِيَارِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّفِيقَ الأَعْلَى، فتكُونُ آخِرَ مَا يُسْمَعُ مِنْ خَنِينٍ.
• وَفي الْمَطْلَبِ التَّاسِعِ: اخْتَارَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الدَّارَ الآخِرَةَ، كَمَا أفادَتْ الأَحَادِيثُ، وَتَعَجَّلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّحِيلَ، مُسْتَوْدِعًا اللهَ تَعَالَى الإِسْلَامَ وَالأُمَّةَ.
• وفي الْمَطْلَبُ الْعَاشِرُ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لِبيانِ أثرِ الْوَفَاةِ عَلَى الأَصْحَابِ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُمْ، وَكَيْفَ عَقِرَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَبِمَ خَطَبَ النَّاسَ حِينَهَا، وَكَيْفَ كَانَتِ الرَّوَاسِي الْجِبَالُ مَوَاقِفُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَدِ اهْتَزَّتِ الأَرْضُ، وَمَادَتْ بِالنَّاسِ أَطْرَافُهَا، غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أُولئِكَ النَّاسِ.
• وفِي الْمَطْلَبِ الْحَادِي عَشَرَ: غُسْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَفَنِهِ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَدَفْنِهِ وإجْنَانِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَبَيَّنَ حَيْرَةَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ حَتَّى سَمِعُوا هَاتِفًا يَهْتِفُ بِهِمْ، فَعَلَى مَا كَانَ مِنْ هُتَافٍ مَضَوْا فِي هَذَا الأَمْرِ وَهُمْ يَتَثَاقَلُونَ، لَا يَتَعَجَّلُونَ دَفْنَهُ وَفِرَاقَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَيَوَدُّونَ لَوْ أَنَّهُ بَقِيَ مَعَهُمْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى غُسْلَهُمْ وَكَفَنَهُمْ وإجْنَانَهُمْ.
• وفي الْمَطْلَبُ الثَّانِي عَشَر: بُكَاءِ الصَّحَابَةِ كُلَّمَا تَذَكَّرُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدَ ذَلِكَ.
شَكَوْتُ إِلَى قَلْبِي الْفِرَاقَ فَقَالَ لِي ... مِنَ الآنَ فَايْئَسْ لَا أَغُرُّكَ بِالصَّبْرِ
فَإِنَّا للهِ وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَوَفَاةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَثٌ عَظِيمٌ، لَا يَأْتِي عَلَى فُؤَادٍ إِلَّا أَتَى عَلَيْهِ، وَاهْتَزَّ وَوَجِلَ، وَتَذَكَّرَ رَبَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَتَعَجَّلَ الدَّارَ الآخِرَةَ حَتَّى يَلْقَى الأَحِبَّة؛ مُحَمَّدًا وَصَحْبَهُ.
فَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا محمد كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ فِي الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ أَفْضَلَ وَأَكْثَرَ وَأَزْكَى مَا صَلَّى عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَزَكَّانَا وَإِيَّاكُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَفضلَ مَا زَكَّى أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ بِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ.
وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَجَزَاهُ اللهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَزَى مُرْسَلاً عَمَّنْ أُرْسِلَ إِليْهِ، فصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّى عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (8). ----------------------------------------- وكتبه: نِزَار بْن عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الريَّانُ فِلَسطِينُ الْمُغْتَصَبةُ، غَزَّةُ، مُعَسكَرُ جَبَاليَا شَوَّالُ (1417هـ) وَتَمَّتْ مُرَاجَعَتُهُ فِي رَبِيعٍ الآخِرِ (1428هـ).
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 30 مارس 2021, 12:37 am عدل 2 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: رَابِعًا: آخِرُ الْخُطَبِ النَّبَوِيَّةِ الثلاثاء 05 يناير 2016, 1:20 am | |
| رَابِعًا: آخِرُ الْخُطَبِ النَّبَوِيَّةِ
------------------------ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: 24 - خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِمِلْحَفَةٍ قَدْ عَصَّبَ بِعِصَابَةٍ دَسْمَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ النَّاسَ يَكْثُرُونَ وَيَقِلُّ الأَنْصَارُ حَتَّى يَكُونُوا فِي النَاسِ بِمَنْزِلَةِ الْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، فَمَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ شَيْئًا يَضُرُّ فِيهِ قَوْمًا وَيَنْفَعُ فِيهِ آخَرِينَ.. فَلْيَقْبَلْ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزْ عَنْ مُسِيئهِمْ". فَكَانَ آخِرَ مَجْلِسٍ جَلَسَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (51). 25 - وَيَرْوِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ حَدِيثًا فِيهِ جُزْءٌ مِنْ خُطْبَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَذَاكَ، قَالَ رَضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ وَقَالَ: "إِنَّ اللهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَا عِنْدَ اللهِ" قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَعَجِبْنَا لِبُكَائِهِ أَنْ يُخْبِرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ عَبْدٍ خُيِّرَ! فَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هُوَ الْمُخَيَّرَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَعْلَمَنَا. وَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي خُطْبَتِهِ: "إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلكِنْ أُخُوَّةُ الإسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَّا سُدَّ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ" (52). قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ حَدِيثَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا فِي صَبِّ الْقِرَبِ السَّبع: (إنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ فِي مَرَضِهِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِيهِ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ") (53) رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْكَ أَبَا بَكْرٍ وَأَنْتَ تَبْكِي صَاحِبَكَ يَوْمَ وَضَعَ ابْنُ أِبي مُعَيْطٍ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَتَبْكِيهِ يَوْمَ الْغَارِ، وَتَلْتَزِمُهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَتُؤَازِرُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتُرَافِقُهُ فِي الْخَنْدَقِ، وَتُصَاحِبُهُ فِي تَبُوكَ، وَتَمْضِي مَعَهُ فِي كُلِّ مُهِمَّةٍ وَمُلِمَّةٍ. كَيْفَ لَا يَبْكِيهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَدِ انْقَطَعَ عَنْهُ خَبَرُ السَّمَاءِ؟! بَلْ كَيْفَ لَا تَبْكِيهِ الْعُيُونُ كُلَّ حِينٍ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-؟! أَسْتَوْدِعُ اللهَ مَنْ بِالْبَيْنِ وَدَّعَنِي ... يَوْمَ الْفِرَاقِ وَدَمْعُ الْعَيْنِ سَاكِبَةٌ وَهَلْ فِرَاقٌ كَفِرَاقِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟! ---------------- الهــــــــوامــش ----------------- (51) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلَامِ (4/ 204) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (3628). (52) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "سُدُّوا الأَبْوَابَ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ" (5/ 4) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (3654). (53) فَتْحُ الْبَارِي: (8/ 142).
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 30 مارس 2021, 12:39 am عدل 2 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: سَادِسًا: آخِرُ الصَّلَوَاتِ وَالْوَصِيَّةُ بِالصَّلَاةِ الثلاثاء 05 يناير 2016, 1:39 am | |
| سَادِسًا: آخِرُ الصَّلَوَاتِ وَالْوَصِيَّةُ بِالصَّلَاةِ وَيَخْرُجُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِيُصَلِّيَ بِالْمُسْلِمِينَ صَلَاتَهُ الأَخِيرَةَ، إِنَّهَا آخِرُ صَلَاةٍ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ آيَاتٍ تُتْلَى بِصَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَمَا تَرْوِيهَا أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ.
32 - قَالَتْ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: (سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِـ"الْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا"، ثُمَّ مَا صَلَّى لَنَا بَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ) (60).
كَانَتْ تِلْكَ صَلَاتَهُ الأَخِيرَةَ بِالْمُسْلِمِينَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ وَصْفُ حَالَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَتْ: (خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ فِي مَرَضِهِ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ فَقَرَأَ بِـ"الْمُرْسَلَاتِ" فَمَا صَلَّاهَا بَعْدُ حَتَّى لَقِيَ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ-) (61)، وَيَثْقُلُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَهُمُّهُ أَمْرُ صَلَاةِ الْمُسْلِمِينَ.
33 - قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا فَقُلْتُ: أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَتْ: بَلَى، ثَقُلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ؟"، قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنتظِرُونَكَ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ"، قَالَتْ: فَفَعَلنَا، فَاغتَسَل فَذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغمِيَ عَليْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَصَلَّى النَّاسُ؟"، قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنتظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ"، قالتْ: فَقَعَدَ فاغتَسَل، ثمَّ ذهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغمِيَ عَليْهِ، ثمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ؟"، قُلْنَا: لَا، هُمْ يَنتظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: "ضَعُوا لِي مَاءً فِي الْمِخْضَبِ"، فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: "أَصَلَّى النَّاسُ؟" فَقُلْنَا: لَا، هُمْ يَنتظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَالنَّاسُ عُكُوفٌ فِي الْمَسْجِدِ يَنتظِرُونَ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا: يَا عُمَرُ، صَلِّ بِالنَّاسِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَنْتَ أَحَقُّ بِذَلِكَ، فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ تِلْكَ الأَيَّامَ (62).
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى تَقُولُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: لَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَضهُ الَذِي مَاتَ فِيهِ، فحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأُذِّنَ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ، إِذَا قَامَ فِي مَقَامِكَ، لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، وَأَعَادَ، فَأَعَادُوا لَهُ، فَأَعَادَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّكنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ" فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَصَلَّى (63).
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ بَيَانُ الْقَائِلِ الْمُبْهَمِ: 34 - مَرِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ فَقَالَ: "مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ" قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: إِنَّهُ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إِذَا قَامَ مَقَامَكَ، لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ (64).
35 - وَيَرْوِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ بَعْضَ مَا وَقَعَ لَهُمْ فِي تِلْكَ الْفَتْرَةِ مِنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولُ: (إِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الإِثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سِتْرَ الْحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الْفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَارِجٌ إِلَى الصَّلَاةِ (65)، (فَكَادَ الْنَّاسُ أَنْ يَضْطَرِبُوا) (66)، فَأَشَارَ إِلَيْنَا الْنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ، وَأَرْخَى الْسِّتْرَ) (67).
36 - وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ؛ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ ألْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ، فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَأَمَّا السُّجُودُ، فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ" (68).
37 - وَتُحَدِّثُنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِلْكَ الفَتْرَةَ فَتَقُولُ: (وَالَّذِي ذَهَبَ بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ مَا تَرَكَهُمَا حَتَى لَقِيَ اللهَ، وَمَا لَقِيَ اللهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنِ الصَّلَاةِ، وَكَانَ يُصَلِّي كَثيِرًا مِنْ صَلَاتِهِ قَاعِدًا؛ تَعْنِي: الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّيهِمَا، وَلَا يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِهِ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ) (69).
وَبَيَّنَتْ رِوَايَةٌ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ قَدْ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ جَالِسًا.
قَالَتْ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: (فَوَجَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَأَنِّي أَنْظُرُ رِجْلَيْهِ تَخُطَّانِ مِنَ الْوَجَعِ) (70) (فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ يَؤُمُّ النَّاسَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ، اسْتَأْخَرَ) (71) (فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنْ مَكَانَكَ، ثُمَّ أُتِيَ بِهِ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِهِ) (72) (حِذَاءَ أَبِي بَكْرٍ)، (فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ) (73). ------------------ الهـــــــــوامـــش ------------------ (60) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَاتِهِ (6/ 9) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (4429). (61) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ" كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ (2/ 112) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (308). (62) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الأَذَانِ، بَابُ إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ (1/ 138) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (687). (63) صَحِيحُ البُخَارِيِّ، كِتَابُ الأَذَانِ، بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ (1/ 138) رَقْمُ الحَدِيثِ: (687). (64) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كتَابُ الأَذَانِ، بَابٌ: الرَّجُلُ يَأْتَمُّ بِالإِمَامِ وَيَأْتَمُّ النَّاسُ بِالْمَأْمُومِ (1/ 144) رَقْمُ الحَدِيثِ: (713). (65) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الأَذَانِ، بَابٌ: أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ (1/ 136) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (680)، وَمُصَنَّفُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (5/ 433) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (9754). (66) الزِّيَادَةُ صَحِيحَةٌ مِنْ كِتَابِ "الشَّمَائِلُ الْمُحَمَّدِيَّةُ" للِتِّرْمِذِيِّ، (ص 327) طَبَعَتْهُ مُؤَسَّسَةُ الْكُتُبِ الثَّقَافِيَّةُ بِبَيْرُوتَ، تَحْقِيقُ: سَيِّدِ عَبَّاسٍ الْجَلِيمِيِّ، وَسَيُشَارُ لَهُ حَيْثُ يَرِدُ: "الشَّمَائِلُ الْمُحَمَّدِيَّةُ" رَقْمُ الْحَدِيثِ: (386). (67) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الأَذَانِ، بَاب: أَهْلُ الْعِلْمِ والْفَضْلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ (1/ 136) رَقْمُ الْحَديِثِ: (680)، وَ"مُصَنَّفُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ" (5/ 433) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (9754). (68) صَحِيحُ مُسْلِمٍ، كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (1/ 348) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (479). (69) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ، بَابُ مَا يُصَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ مِنَ الْفَوَائِتِ وَنَحْوِهَا (1/ 121) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (590). (70) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الأَذَانِ، بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ (1/ 133) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (664). (71) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الأَذَانِ، بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ (1/ 137) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (683). (72) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الأَذَانِ، بَابُ حَدِّ الْمَرِيضِ أَنْ يَشْهَدَ الْجَمَاعَةَ (1/ 133) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (664). (73) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الأَذَانِ، بَابُ مَنْ قَامَ إِلَى جَنْبِ الإِمَامِ لِعِلَّةٍ (1/ 137) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (683).
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 30 مارس 2021, 12:40 am عدل 2 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: تَاسِعًا: الدَّارُ الآخِرَةُ الثلاثاء 05 يناير 2016, 1:59 am | |
| تَاسِعًا: الدَّارُ الآخِرَةُ -------------------- يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (107).
كَانَتْ تِلْكَ الآيَةُ بَعْضَ الْبَشَائِرِ الَّتِي تَحْدُو النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رِحْلَتِهِ إِلَى الدَّارِ الآخِرَةِ وَهُوَ يُوَدعُّ دَارَ الدُّنْيَا.
57 - وَيَرْوِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ.. أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ" (108).
58 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ" (109).
59 - وَعن أَبِي مُوَيْهِبَةَ رضِيَ الله تعَالى عنه مَوْلَى رسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: أَنْبَهَنِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: "يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ؛ إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ"، فَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا الْبَقِيعَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ طَوِيلًا ثمَّ قَالَ: "لِيَهْنِ لَكُمْ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ مِمَّا أَصْبَحَ فِيهِ النَّاسُ، أَقْبَلَتِ الْفِتَنُ كَقِطَع اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يَتْبَعُ آخِرُهَا أَوَّلَهَا، الآخِرَةُ شَرٌّ مِنَ الأولى، يَا أبَا مُوَيْهِبَةَ؛ إِنِّي قَدْ أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خزائِنِ الدُّنيَا وَالخلد فِيهَا ثُمَّ الْجَنَّةَ، فَخُيِّرْتُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ لِقَاءِ رَبِّي وَالْجَنَّةِ"، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأبِي أنتَ وَأمِّي، فخذ مَفاتِيحَ خزائِنِ الدُّنيَا وَالخُلْدَ فِيهَا ثمَّ الجَنَّةَ، فقالَ: "وَاللهِ يَا أبَا مُوَيْهِبَة؛ لقدِ اخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَالْجَنَّةَ"، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلمَّا أصبح، ابْتُدِئَ بِوَجَعِهِ الَّذِي قَبَضَهُ اللهُ فِيهِ (110).
وَيَأْتِي يَوْمُ الإِثْنَيْنِ، أَثْقَلُ الأَيَّامِ فِي ذَاكِرَةِ الأُمَّةِ عَلَى الأُمَّةِ، يَوْمَ قُبِضَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَوْمَ انتقَلَ مُخْتَارًا إِلَى الرَّفِيقِ الأَعْلَى.
65 - وَيَأْتِي يَوْمُ الإِثْنَيْنِ (فَبَيْنَمَا الْمُسْلِمُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الإِثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي لَهُمْ، لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ تَبَسَّمَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَضْحَكُ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلَاتِهِمْ؛ فَرَحًا بِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتكمْ، ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ) (111).
وَأَرْخَى السِّتْرَ، فَكَانَتْ آخِرَ ابْتِسَامَةٍ يَرَاهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
61 - وَكَانَ (آخِرَ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَأوَّلَ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ) (112) كَمَا كَانَتْ تَقُولُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا.
62 - (وَتُوُفِّيَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وبيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ موته) (113).
63 - (ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُولُ: "فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى" حَتَّى قُبِضَ، وَمَالَتْ يَدُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) (114) (فَمَاتَ) (115) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
64 - وَيَنتقِلُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الرَّفِيقِ الأَعْلَى، طَابَ حَيًّا وَطَابَ مَيِّتًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (116)، وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ، أَكْثَرَ الأيَّامِ ظُلْمَةً وَشِدَّةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ، يَوْمَ مَاتَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
65 - قَالَ: "فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟" قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: يَوْمُ الإِثْنَيْنِ، قَالَ: "أَرْجُو فِيمَا بَيْني وَبَيْنَ اللَّيْلِ" (117).
وَتَصْمُتُ الدُّنْيَا، وَيَسْكُنُ الْكَوْنُ، وَتَهْدَأُ الأَصْوَاتُ، فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا، هِيَ آخِرُ النَّظَرَاتِ، هِيَ آخِرُ الْخَلَجَاتِ، وَيَمُوتُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَيَنْقَطِعُ خَبَرُ السَّمَاءِ.
وَيَنْقَطِعُ خَبَرُ السَّمَاءِ، وَيَتَوَقَّفُ جِبْرِيلُ عَنْ أَمْرٍ عَزِيزٍ، جِدِّ عَزِيزٍ؛ أَشْرَقَتْ بِهِ الأَرْضُ، وَسَعِدَتْ بِهِ السَّمَاوَاتُ، إِنَّهُ وَحْيُ السَّمَاءِ.
وَيَقَعُ الْحَدَثُ الْجَلَلُ بِمَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَيَبْكِي الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَيُسْكَب دَمْعُ أَبي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَيَعْقِرُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَتَصِيرُ الْوَفَاةُ حَقِيقَةً، وَتَذُوقُ بُيُوتُ الْمَدِينَةِ كُلُّهَا طَعْمَ الْمَوْتِ مُصِيبَةً، وُيحَاوِلُ الأَحِبَّةُ دَفْعَ خَبَرِ مَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَا يُصَدِّقُونَ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ مَاتَ. --------------------- الهــــــــــوامــــش --------------------- (107) سُورَةُ الْقَصَصِ، الآيَةُ: (83). (108) صَحِيحُ الْبُخَارِي، كِتَابُ الرِّقَاقِ، بَابٌ: مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ .. أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ (8/ 106) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (6507). (109) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَاتِهِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] (6/ 10) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (4437) (6/ 10) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (4437). (110) إسنَادُهُ حَسَنٌ، انْظُرْ: "دَلَائِلُ النُّبُوَّةِ وَمَعْرِفَةُ أَحْوَالِ صَاحِبِ الشَرِيعَةِ" (7/ 162) لأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيِّ. (111) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَنسٍ، كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ مَرَضِ النَبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَاتِهِ وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] (6/ 12) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (4448). (112) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَاتِهِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] (6/ 13) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (4451). (113) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ووفَاتهَ وقول اللهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] (6/ 14) رَقْمُ الحِديث: (4459). (114) صَحيحُ الْبُخَارْيِّ, عَنْ عَائِشَةَ، كتَابُ الْمَغَازي، بَابُ مَرَض النَبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَاتِهِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] (6/ 14) رَقْمُ الْحَديث: (4449). (115) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَفَاتِهِ وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] (6/ 13) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (4450). (116) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، مِنْ كَلَامِ أَبِي بَكْر رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمَّا قَبَّلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابٌ (5/ 6) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (3667). (117) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَوْتِ يَوْمِ الإثْنَيْنِ (2/ 102) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1387).
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 30 مارس 2021, 12:42 am عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| |
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: حَادِيَ عَشَرَ: غُسْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتكفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ الثلاثاء 05 يناير 2016, 2:35 am | |
| حَادِيَ عَشَرَ: غُسْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَتكفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ ------------------------------------------------------------------------ ذَهَلَ الصَّحَابَةُ لِمَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ يَكُنْ لَدَيْهِمْ دَلِيلٌ لِمَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ، وَصُدِمُوا لِمَوْتهِ، فَالْخَبَرُ أَكْبَرُ مِنْ أكابِرِهِمْ.
فَهَذَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا تُقِلُّهُ قَدَمَاهُ، وَأَبُو بَكْرٍ يَبْكِي، وَيُعْلِنُ الْحَقِيقَةَ وَحْدَهُ، وَيَتَحَمَّلُهَا، وَيَحْمِلُ النَّاسَ عَلَيْهَا.
مَاتَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَتَزْدَحِمُ الأَحْدَاثُ عَلَى الْكِرَامِ، فَالْمَدِينَةُ لَا زَالَتْ تَشْتَمِلُ عَلَى الَّذِينَ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ مِمَّنْ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْكُفْرَ، وَالْعَرَبُ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَالْجَيْشُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ يَتَجَهَّزُ لِغَزْوِ الشَّامِ، وَالنَّاسُ مَا أَلِفَتِ الْحُكْمَ، وَمَا اعْتَادَتِ النِّظَامَ، وَمَا جَرَوْا عَلَى مَذَاهِبِ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ قَبْلَ أَنْ يَمْتَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ بِالدِّينِ الْجَدِيدِ.
وَدَهِشَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِهَذَا الأَمْرِ الْهَائِلِ، فَانْشَغَلُوا فِي جَمْعِ صَفِّ النَّاسِ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ يُصَلِّي لَهُمْ صَلَاتَهُمْ، وَيَقُومُ عَلَى حَاجَاتِهِمْ، وَيَجْمَعُهُمْ عَلَى قَلْبٍ وَاحِدٍ، وَكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَانتهَى الصَّحَابَةُ مِنْ ذَلِكَ الأَمْرِ، وَتَوَلَّى أَبُو بَكْرٍ مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ التفَتُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ مِنْ أَجْلِ غُسْلِهِ وَتَكْفِينهِ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ، فَالْحَقِيقَةُ الْمُرَّةُ لَابُدَّ مِنْ تَجَرُّعِهَا.
وَحَارَ الصَّحَابَةُ فِي أَمْرِ غُسْلِهِ وَدَفْنِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
80 - تَقُولُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: (لَمَّا أَرَادُوا غَسْلَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالُوا: وَاللهِ؛ مَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ ثِيَابِهِ كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا أَمْ نَغْسِلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ؟ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا، أَلْقَى اللهُ عَلَيْهِمُ النَّوْمَ حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَذَقْنُهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّم مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: أَنِ اغْسِلُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ) (145).
81 - وَرَوَى سَالِمُ بْنُ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَمَرَهُمْ أَنْ يُغَسِّلَهُ بَنُو أَبِيهِ (146).
فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَغَسَلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ، يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ، وُيدَلِّكُونَهُ بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ.
82 - وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا تَقُولُ: (لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، مَا غَسَلَهُ إِلَّا نِسَاؤُهُ) (147).
83 - وَيَرْوِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنَّهُ لَمَّا غَسَّلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ذَهَبَ يَلْتَمِسُ مِنْهُ مَا يَلْتَمِسُ مِنَ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَقَالَ: (بِأَبِي، الطَّيِّبُ، طِبْتَ حَيًّا، وَطِبْتَ مَيِّتًا) (148).
وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ تَفَقَّدَ كَفَنَهُ وَهُوَ يَنْزِعُ.
84 - فَنَظَرَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى ثَوْبٍ عَلَيْهِ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ بِهِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفَرَانٍ فَقَالَ: "اغْسِلُوا ثَوْبِي هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ فَكَفِّنُوني فِيهَا" قُلْتُ: إِنَّ هَذَا خَلَقٌ، قَالَ: "إِنَّ الْحَيَّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنَ الْمَيِّتِ" (149).
85 - وَكُفِّنَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ثَوْبٍ نَجْرَانِيٍّ وَرَيْطَتَيْنِ (150).
86 - وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: (كُفِّنَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَةٍ بِيضٍ سَحُوليَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهِنَّ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ) (151).
وَأَشْكَلَ عَلَى النَّاسِ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُفِّنَ فِي بُرْدٍ يَمَانِيٍّ، وَهُوَ الْحُلَّةُ أَوِ الْحِبَرَةُ (152)، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا:
87 - (قَدْ أُتِيَ بِالْبُرْدِ، وَلكِنَّهُمْ رَدُّوهُ وَلَمْ يُكَفِّنُوهُ فِيهِ) (153).
88 - ثُمَّ (أُدْرِجَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُلَّةٍ يَمَنِيَّةٍ كَانَتْ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، ثُمَّ نُزِعَتْ عَنْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) (154).
89 - (فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فَقَالَ: لأَحْبِسَنَّهَا حَتَّى أُكَفِّنَ فِيهَا نَفْسِي) (155).
وَلِذَلِكَ ذَكَرُوا لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا مَا ذَكَرُوا فَأَنْكَرَتْهُ وَقَالَتْ:
90 - (أَمَّا الْحُلَّةُ، فَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اشْتُرِيَتْ لَهُ لِيُكَفَّنَ فِيهَا؛ فَتُرِكَتِ الْحُلَّةُ) (156).
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: (رُوِيَ فِي كَفَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رِوَايَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا أَصَحُّ الأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي كَفَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) (157).
وَبَدَأَ النَّاسُ يُجَهِّزُونَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ. - إِنَّهَا صَلَاةُ الْوَدَاعِ وَفِي الضَّرِيحِ وَفِي الأَكفَانِ أَحْزَانُ. - إِنَّهَا صَلَاةُ الْوَدَاعِ وَفِي الْوَدَاعِ وَفِي الإِجْنَانِ أَشْجَانُ. - إِنَّهَا صَلَاةُ الْوَدَاعِ وَإِنَّ الْوَدَاعَ لِمَنْ تُحِبُّ قَلِيلٌ. - إِنَّهَا صَلَاةُ الْوَدَاعِ وَإِنَّهُ الرَّحِيلُ إِلَى الدَّارِ الآخِرَةِ. - إِنَّهَا الأُمَّةُ الثَّكلَى بِوَفَاةِ نَبِيِّهَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. - إِنَّهَا صَلَاةُ الْوَدَاعِ، فَوَدِّعْ فُؤَادَكَ تَوْدِيعَ الْفِرَاقِ مِنْ سَيِّدِ الأَنْبِيَاءِ.
91 - فَقَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ أَيُصَلَّى عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: نَعَمْ). فَقَالُوا: وَكَيْفَ؟ قَالَ: (يَدْخُلُ قَوْمٌ فَيُكَبِّرُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَدْعُونَ ثُمَّ يَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَدْخُلُ قَوْمٌ فَيُكَبِّرُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَدْعُونَ ثمَّ يَخْرُجُونَ، حَتَّى يَدْخُلَ النَّاسُ) (158).
92 - (فَكَانُوا يَدْخُلُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنَ الْبَابِ الآخَر) (159).
(وَصَلَّى النَّاسُ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا لا يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ) (160).
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: (وَأَمَّا صَلَاةُ النَّاسِ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا .. فَمُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ النَّقْلِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) (161).
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: (وَهَذَا الْصَّنِيْعُ -وَهُوَ صَلَاتُهُمْ عَلَيْهِ فُرَادَى لَمْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ عَلَيْهِ- أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ) (162).
لَقَدْ صَارَ الأَمْرُ حَقِيقَةً كُبْرَى، مَاتَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَهَلْ تُصدِّقُ أُمِّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُنَّ لَنْ يَرَيْنَهُ بَعْدَ الْيَوْمِ؟
اللَّيْلُ يَكْسُو الْمَدِينَةَ بِالْبُكَاءِ وَبِالدُّمُوعِ، تَجْرِي سَوَاكِبُ دَمْعِهَا نَحْوَ اللِّحَى، نَحْوَ الْخُدُودِ.
هَذِي الفوَاطِمُ كُلُّهُنَّ وَعَائِشَةُ.
هَذِي الْحَبيبَةُ بَضْعَةُ الْمُخْتَارِ تَنْدُبُ سَيِّدِي.
هَذَا النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ سَجَّتْهُ أمُّ المُؤْمِنِينَ بِحِبَرَةٍ كَفَنِ الوَدَاعِ.
وَبَضْعَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبْكِيهِ، وَتَنْدُبُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبَاهَا.
هَا هُنَّ أُمِّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ يَبْكِينَ النَّبِيَّ الْحَبِيبَ الْغَالِيَ.
وَنَامَ الصِّبْيَةُ الصِّغَارُ، وَأَرَّقَتِ الْمَدَامِعُ سَائِرَ النَّاسِ.
93 - (قَالُوا: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ؛ أَيُدْفَنُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: نعمْ، قَالُوا: أَيْنَ؟ قَالَ: فِي الْمَكَانِ الَّذِي قَبَضَ اللهُ فِيهِ رُوحَهَ) (163) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
هَا هِيَ الْفُؤُوسُ تَشُقُّهُمَا مَعًا، وَتَصْدَعُهُمَا مَعًا؛ قُلُوبَ الصَّالِحِينَ، وَالأَرْضَ الَّتِي تَضُمُّ إِلَيْهَا سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ أَجْمَعِينَ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ الإِمَامُ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ: (الَّذِي أَلْحَدَ قَبْرَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو طَلْحَةَ) (164).
94 - عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: (مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ لَيْلَةَ الأَرْبِعَاءِ) (165).
وَاكْتَسَتِ الْمَدِينَةُ بِالْحُزْنِ الْمُعَتَّقِ، وَتَفَتَّقَتِ الْقُلُوبُ بِالأَسَى، وَاللَّيْلُ يُقَطِّعُهُ وَقع الْمَسَاحِي وَالْكَرَازِينِ.
وَكَانَ وَقْعُ الْمَسَاحِي فِي الْمَوْطِنِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ:
95 - سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَيْئًا مَا نَسِيتُهُ، قَالَ: "مَا قَبَضَ اللهُ نَبِيًّا إِلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُدْفَنَ فِيهِ" ادْفِنُوهُ فِي مَوْضِعِ فِرَاشِهِ (166).
96 - (فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ) (167) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
97 - (وَلُحِدَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَحْدًا، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا) (168).
98 - (وَجُعِلَ تَحْتَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ دُفِنَ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ) (169).
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: (جُعِلَ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ) (170).
99 - قَالَ شُقْرَانُ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنه: (أَنَا وَاللهِ طَرَحْتُ القَطِيفَةَ تَحْتَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْقَبْرِ) (171).
100 - (وَوُضِعَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي لَحْدِهِ) (172).
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: 101 - (إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُلْحِدَ، وَنُصِبَ عَلَيْهِ الْلَّبِنُ نَصْبًا) (173).
102 - (وَوَلِيَ دَفْنَهُ وَإِجْنَانَهُ مِنْ دُونِ النَّاسِ أَرْبَعَةٌ: عَلِيٌّ، وَالْعَبَّاسُ، وَالْفَضْلُ، وَصَالِحٌ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) (174).
وَصَارَ اللَّحْدُ سُنَّةً، وَاقْتَدَى بِهِ أَصْحَاُبهُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ.
قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: 103 - (الْحِدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ الْلَّبِنَ نَصْبًا، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) (175).
وَكَانَ اللَّحْدُ وِفْقَ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
104 - "الْلَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا" (176).
وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: 105 - (إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُلْحِدَ، وَنُصِبَ عَلَيْهِ اللَّبِنُ نَصْبًا) (177).
106 - قَالَ الْمُغِيرَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: (قَدْ بَقِيَ مِنْ رِجْلَيْهِ شَيْءٌ لَمْ يُصْلِحُوهُ، قَالُوا: فَادْخُلْ فَأَصْلِحْهُ، فَدَخَلَ، وَأَدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَّ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: أَهِيلُوا عَلَيَّ التُّرَابَ، فَأَهَالُوا عَلَيْهِ التُّرَابَ حَتَّى بَلَغَ أَنْصَافَ سَاقَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَكَانَ يَقُولُ: أَنَا أَحْدَثُكُمْ عَهْدًا بِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) (178).
أَهِيلُوا عَلَيَّ التُّرَابَ، أَهِيلُوا عَلَيَّ التُّرَابَ، فَكَأَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ جِوَارِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ دُفِنَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
دُفِنَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَتُصَدِّقُونَ؟! دُفِنَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَكَيْفَ طَابَتِ النُّفُوسُ أَنْ تَحْثُوَ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التُّرَابَ؟!
107 - (وَرُفِعَ قَبْرُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الأَرْضِ نَحْوًا مِنْ شِبْرٍ) (179).
وَتَحَقَّقَتْ رُؤْيَا عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا، وَدُفِنَ فِي بَيْتِهَا الْقَمَرُ الأَوَّلُ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا:
108 - (رَأَيْتُ كَأَنَّ ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطَتْ فِي حُجْرَتِي، فَسَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ؛ إِنْ تَصْدُقْ رُؤْيَاكِ، يُدْفَنْ فِي بَيْتِكِ خَيْرُ أَهْلِ ألأَرْضِ ثَلَاثَةٌ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدُفِنَ، قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: يَا عَائِشَةُ؛ هَذَا خَيْرُ أَقْمَارِكِ، وَهُوَ أَحَدُهَا) (180).
109 - قَالَ أَنسٌ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: (مَا نَفَضْنَا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الأَيْدِيَ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا) (181).
وَهُوَ مَا أَكَّدَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ، وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ:
110 - (كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنَّمَا وَجْهُنَا وَاحِدٌ، لَمَّا قُبِضَ، نَظَرْنَا هَكَذَا وَهَكَذَا) (182).
وِيَتَفَقَّدَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ بَيْتُ فَاطِمَةَ الْزَّهرَاءِ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَ:
111 - (فَلَمَّا دَفَنَّاه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَرَرْتُ بِمَنْزِلِ فَاطِمَةَ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهَا، فَقَالَتْ: يَا أَنَسُ؛ أَطَابَتْ نُفُوسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التُّرَابَ؟!) (183).
وَحَثُوا الْتُّرَابَ أَيَا فَاطِمُ، ودَفِنَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَوَقَعَ الْفِرَاقُ، وانْفَصَمَتِ الْعُرَى، وَأَظْلَمَتِ آطَامُ الْمَدينَة، كَمَا أَخْبَرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِىَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ.
112 - (فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فيه، أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ) (184)، (فَمَا رَأيْتُ يَوْمًا قَطُّ أَظْلَمَ وَلا أَقْبَحَ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِ) (185).
113 - (وَتُوُفِّيَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ) (186) وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ (187).
وَوَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ (188).
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: (الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ عُمُرَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ وَفَاتِهِ كَانَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَة) (189). ------------------- الهــــــــوامــــش ------------------- (145) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ" (3/ 196) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (3141) كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ فِي سَتْرِ الْمَيِّتِ عِنْدَ غُسْلِهِ، وَفِي إِسْنَادِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ الإِمَامُ فِي السِّيَرِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ. (146) إسْنَادُهُ صَحِيح، انْظُرْ: "الشَمَائِلُ الْمُحَمدِيَّةُ" (ص: 338) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (397). (147) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ أِبي دَاوُدَ" (3/ 196) رَقْمُ الحَدِيثِ: (3141) كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ فِي سَتْرِ المَّيتِّ عِنْدَ غُسْلِهِ، وَفِي إِسْنَادِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ الإِمَامُ فِي السِّيَرِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِالْسَّمَاعِ. (148) إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ ابْنِ مَاجَهْ" وَاللَّفْظُ لَهُ، كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (1/ 471) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1467)، وَ"مُسْتَدْرَكُ الْحَاكِمِ" عَنْ عَلِي رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ (1/ 62). (149) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَوْتِ يَوْمِ الإِثْنَيْنِ (2/ 102) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1387) قَالَ فِي الْفَتْحِ (3/ 253): (الْخَلَقُ: غَيْرُ جَدِيدٍ، وَرَدْعُ الزَّعْفَرَانِ: زَعْفَرَانٌ لُطِّخَ بِالْثَّوْبِ لَكِنْ لَمْ يَعُمَّهُ). (150) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، انْظُرْ: "صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانٍ" كِتَابُ التَّارِيخ، بَابُ وَفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (14/ 598) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (6630). وَالرَّيْطَتَانِ: مُثَنَّى رَيْطَةٍ، وَهِيَ كُلُّ مَلَاءَةٍ لَيْسَتْ بِلَفْقَيْنِ، وَقِيلَ: كُلُّ ثَوْبٍ رَقِيقٍ لَيِّنٍ، وَالْجَمْعُ: رِيَطٌ، وَرِيَاطٌ، انْظُرْ: "النِّهَايَةُ فِي الْغَرِيبِ" (2/ 289). (151) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ الثِّيَابِ الْبِيضِ لِلْكَفَنِ (2/ 75) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1264) وَ"صَحِيحُ مُسْلِمٍ" وَاللَّفْظُ لَهُ (2/ 649) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (941). وَالْسَّحُولِيَّةُ: يُرْوَى بِفَتْحِ الْسِّينِ وَضَمَّهَا؛ فَالْفَتْحُ مَنْسُوبٌ إِلَى السَّحُولِ، وَهُوَ القَصَّارُ؛ لأَنَّهُ يَسْحَلُهَا؛ أَيْ: يَغْسِلُهَا، أَوْ إِلَى سَحُولٍ، قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ، تُحْمَلُ مِنْهَا هَذه الثِّيَابُ، وَأَمَّا بِالضَّمِّ، فَهُوَ جَمْعُ سَحْلٍ، وَهُوَ الْثَّوْبُ الأَبْيَضُ النَّقِيُّ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ قُطْنٍ، وَفِيهِ شُذُوذٌ؛ لأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى الْجَمْعِ، وَالْكُرْسُفُ: الْقُطْنُ. انْظُرْ: "النِّهَايَةُ فِي الْغَرِيبِ" (2/ 347) و"المِنْهَاجُ" لِلنَّوَوِيِّ (7/ 7). (152) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ ابْنِ مَاجَه" (1/ 472) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1469). (153) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ الترمِذِيِّ" كِتَابُ الجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي كَفَنِ النَبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (3/ 321) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (996) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. (154) صَحِيحُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَائِشَةَ، كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ فِي كَفَنِ الْمَيِّتِ (2/ 650) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (941) الْمُتَابَعَةُ (46). (155) صَحِيحُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَائِشَةَ، كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ فِي كَفَنِ الْمَيِّتِ (2/ 649) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (941) الْمُتَابَعَةُ (45). (156) صَحِيحُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَائِشَةَ، كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ فِي كَفَنِ الْمَيّتِ (2/ 649) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (941) المُتَابَعَةُ (45). (157) "سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ" (3/ 322). (158) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ الصَّحَابِيِّ، انْظُرْ: "الشَّمَائِلُ الْمُحَمَّدِيَّةُ" (ص 338) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (397). (159) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "مُسْنَدُ أَحْمَدَ" (5/ 81) عَنْ أَبِي عَسِيبٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. (160) قَالَهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأ" (1/ 231) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (27). (161) الْتَّمْهِيدُ لِمَا في الْمُوَطَّإِ مِنَ الْمَعَانِي وَالأَسَانِيِد، لأَبِي عُمَرَ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْنَّمْرِيِّ، مَوْلِدُهَ سَنَةَ (368هـ) وَوَفَاتُهُ سَنَةَ (463هـ) الْمَشْهُورِ: بِابَنِ عَبْدِ الْبَرِّ، (26) جُزْءًا، تَحْقِيقُ: مُصْطَفَي أَحْمَدَ الْعَلَويِّ، وَحَقَّقَ هَذَا الْجُزْءَ سَعِيدُ أَحْمَدَ أَعْرَابٍ، تُوُفِّيَ سَنَةَ (1424هـ) طَبَعَتْهُ المَكْتَبَةُ الْمَلَكِيَّةُ بِالرِّبَاطِ سَنَةَ (1967م) وسَيُشَار لَهُ عِنْدَ وُرُودِهِ: "الْتَّمْهِيدُ" (24/ 397). (162) الْبِدَايَةُ وَالْنِّهَايَةُ، لأَبِي الفِدَاءِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ الْقُرَشِيِّ الْدِّمَشْقِيِّ، مَوْلِدُهُ سَنَةَ (701هـ) وَوَفَاتُهُ سَنَةَ (774هـ) طَبَعَتْهُ مَكْتَبَةُ الْمَعَارِفِ بِبَيْرُوتَ، فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءًا مَجْمُوعَةٍ فِي سَبْعَةِ مُجَلَّدَاتٍ، وَسَيُشَارُ لَهُ عِنْدَ وُرُودِهِ: "الْبِدَايَةُ وَالْنِّهَايَةُ" (5/ 265). (163) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ الصَّحَابِيِّ، انْظُرْ: "الْشَّمَائِلُ الْمُحَمَّدِيَّةُ" (ص 338) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (397). (164) إسْنَادُهُ حَسَن، مَوْقُوفٌ عَلَى الْبَاقِرِ، انْظُرْ: "سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ" كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ يُلْقَى تَحْتَ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ (3/ 365) رَقْمُ الحَدِيثِ: (1047) وَأَشَارَ إِلَيْهِ الأَلْبَانِيُّ، مَوْلدُهُ سَنَةَ (1333هـ) وَوَفَاتُهُ سَنَةَ (1420هـ) فِي "مُخْتَصَرُ الْشَّمَائِلِ" (ص 198) قَالَ: الَّذِي حَفَرَ الْقَبْرَ هُوَ أَبُو طَلْحَةَ. (165) إسْنَادُهُ حَسَنٌ، انْظُرْ: "مُسْنَدُ أَحْمَدَ" (6/ 274). (166) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، عَنْ عَائِشَةَ، انْظُرْ: "سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ" كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ آخَرُ (3/ 338) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1018). (167) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، عَنْ سَالِمِ بنِ عُبَيْدٍ الصَّحَابِيِّ، انْظُرْ: "الْشَّمَائِلُ الْمُحَمَّدِيَّةُ" (ص 338) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (397). (168) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، عَنْ عَلِيٍّ، انْظُرْ: "سُنَنُ ابْنِ مَاجَه" كِتَابُ الجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (1/ 471) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1467) وَ"مُسْتَدْرَكُ الْحَاكِمِ" وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ (1/ 62). (169) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، انْظُرْ: "سُنَنُ النَسَائِيِّ" كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ وَضْعِ الثَّوْبِ فِي اللَّحْدِ (4/ 81) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (2012) وَاللَّفْظُ لَهُ. (170) صَحِيحُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ جَعْلِ الْقَطِيفَةِ فِي الْقَبْرِ (2/ 665) رَقْمُ الْحَدِيثِ (967). (171) إسْنَادُهُ حَسَنٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ" كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ يُلْقَى تَحْتَ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ (3/ 365) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1047) وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. (172) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "مُسْنَدُ أَحْمَدَ" (5/ 81) عَنْ أَبِي عَسِيبٍ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ- مَوْلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. (173) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانٍ" كِتَابُ التَّارِيخِ، بَابُ وَفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (14/ 602) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (6635). (174) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ ابْنِ مَاجَه" كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي غُسْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (1/ 471) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1467)، وَ"مُسْتَدْرَكُ الْحَاكِمِ" وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ (1/ 62). (175) صَحِيحُ مُسْلِمٍ، كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابٌ فِي الْلَّحْدِ وَنَصْبِ اللَّبِنِ عَلَى الْمَيِّتِ (2/ 665) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (966). (176) إسْنَادُهُ حَسَن، انْظُرْ: "سُنَنُ الْتِّرْمِذِيِّ" كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا" (3/ 363) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1045). (177) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانٍ" كِتَابُ الْتَارِيخِ، بَابُ وَفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (14/ 602) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (6635). (178) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "مُسْنَدُ أَحْمَدَ" (5/ 81) عَنْ حَدِيثِ أَبِي عَسِيبٍ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ- مَوْلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. (179) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، انْظُرْ: "صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانٍ" كِتَابُ التَّارِيخِ، بَابُ وَفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (14/ 602) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (6635). (180) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "مُسْتَدْرَكُ الْحَاكِمِ كِتَابُ الْمَغَازِي وَالسَّرَايَا (3/ 62). (181) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ ابْنِ مَاجَه" كِتَابُ الجَنَائِزِ، بَابُ ذِكْرِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (1/ 522) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1631). (182) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ ابْنِ مَاجَه" كِتَابُ الجَنَائِزِ، بَابُ ذِكْرِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (1/ 523) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1633). (183) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "صَحِيحُ ابْنُ حِبَّانٍ" كِتَابُ الْتَّارِيخِ، بَابُ وَفَاتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (14/ 592) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (6622). وَالْلَّفْظُ لَهُ، وَمِثْلُهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (6/ 15) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (4462). (184) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ" كِتَابُ الْمَنَاقِبِ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بَابٌ فِي فَضْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (5/ 588) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (3618) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ. (185) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "مُسْنَدُ أَحْمَدَ" (4/ 205). (186) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (6/ 15) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (4466). (187) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ" كِتَابُ الْمَنَاقِبِ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بَابٌ فِي سِنِّ النَبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمْ كَانَ حِينَ مَاتَ (5/ 605) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (3651) وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. (188) إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ" كِتَابُ الْمَنَاقِبِ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بَابٌ فِي سِنِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَمْ كَانَ حِينَ مَاتَ (5/ 605) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (3652). (189) فَتْحُ الْبَارِي (8/ 151).
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 30 مارس 2021, 12:43 am عدل 2 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: ثَانِيَ عَشَرَ: الْبُكَاءُ مِنَ الْفِرَاقِ الثلاثاء 05 يناير 2016, 6:22 am | |
| ثَانِيَ عَشَرَ: الْبُكَاءُ مِنَ الْفِرَاقِ ----------------------------- حَانَ الْفِرَاقُ وَهَذَا الْحُزْنُ يُشْجِينِي ... يُبْكِي الأَحِبَّةَ فِي طَيْبَةَ وُيبْكِينِي
وَيَبْكِي الصَّحَابَةُ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا بَدَتْ عَلَيْهِ عَلَامَاتُ الْوَفَاةِ وَأَمَارَاتُهُا.
وَبَكَى الأَنْصَارُ حِينَ حَجَبَهُمْ مَرَضُهُ عَنْ رُؤْيَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَكَتْ فَاطِمَةُ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَسَائِرُ الْمُسْلِمِينَ.
وَبَكَى أَبُو بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ- وَهُوَ يُقَبِّلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَسَالَتْ دُمُوعُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا كَاللُّؤْلُؤِ كُلَّمَا تَذَكَّرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَحِينَ تَسْمَعُ أُمُّ الْفَضْلِ وَلَدَهَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- يَقْرَأُ: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} تَقُولُ وَقَدْ هَيَّجَتْهَا الذِّكْرَيَاتُ:
114 - (يَا بُنَيَّ؛ وَاللهِ لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ؛ إِنَّهَا لآخِرُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقْرَأُ بِهَا فِي الْمَغْرِبِ) (190).
وَبَكَتْ أُمُّ أَيْمَنَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا لَمَّا زَارَهَا الصَّاحِبَانِ، وَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ.
وَلَا زَالَتْ تَنتظِمُ حَبَّاتُ اللُّؤْلُؤِ عَلَى وُجُوهِ الْعَابِدِينَ كُلَّمَا تَذَكَّرُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: (انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَيْهَا، بَكَتْ، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ، فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا) (191).
وَبَعْدَ سَنَةٍ ثَقِيلَةِ الْخُطُوَاتِ، خَلَتْ فِيهَا الدُّرُوبُ مِنْ حَبِيبِنَا مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَلَا أُحُدٌ يَشْرُفُ بِهِ، وَلَا الْعَقِيقُ، وَلَا الْعَوَالِي الْغَالِيَاتُ، يَصْعَدُ أَبُو بَكْرٍ الْمِنْبَرَ يَوْمًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ شَيْئا، فَيَتَذَكَّرُ حَدِيثًا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُهُ فَيَقُولُ:
115 - (قَدْ عَلِمْتُمْ مَا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الأَوَّلِ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ أَعَادَهَا، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ أَعَادَهَا، ثُمَّ بَكَى) (192). وَيَبْكِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُوَ يَتَذَكَّرُ حَبِيبَهُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَيَقُولُ وَهُوَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ مَرَّةً:
116 - (يَوْمُ الْخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟! ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى)، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر: يَا بْنَ عَبَّاسٍ؛ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ؟ قَالَ: (اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَعُهُ) (193) ثُمَّ تَحْبِسُهُ الْعَبَرَاتُ وَلَا يَسْتَطِيعُ الْكَلَامَ، وَجَعَلَتْ دُمُوعُهُ تَسِيلُ (حَتَّى رَأَيْتُ عَلَى خَدَّيْهِ كَأَنَّهَا نِظَامُ اللُّؤْلُؤِ) (194).
فَهَلِ انْقَطَعَ عَنِ اللُّؤْلُؤِ نِظَامُهَا؟!
تَقُولُ عُيُونُ الْعَابِدِينَ وَأَفْئِدَتُهُمْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، بَلْ بِكُلِّ الْعَالَمِينَ وَمَا فِي الْكَوْنِ يَا حَبِيبَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ-.
فَكَيْفَ كَانَ حَالُ الأَصْحَابِ وَهُمْ يَمُرُّونَ بِالْبِقَاعِ وَالْمَوَاطِنِ الَّتِي عَاشُوا مَعَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، وَنَزَلَ الْوَحْيُ فِيهَا، وَدَارَتْ رَحَى الْحَقِّ تَدْرُسُ مَعَالِمَ الشِّرْكِ فِيهَا، كَيْفَ كَانَ كُلُّ ذَلِكَ؟!
كَيْفَ كَانَ صَوْتُ بِلَالٍ يَرْفَعُ الأَذَانَ لَا يَسْمَعُهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟! وَهَلْ لَا زَالَ الْمَاءُ عَذْبًا؟! أَوَ بَقِيَتِ الْسَّمَاءُ صَافِيَةً؟! فَقَدْ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَهَلْ حِينَ نَادَى الْمُنَادِي فِي النَّاسِ: أَنْ مَاتَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، اكْتَحَلَتْ بِالنَّوْمِ الْعُيُونُ؟!
وَكَيْفَ كَانَتِ الْحَبِيبَةُ عَائِشَةُ وَالْبَضْعَةُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا؟!
كَيْفَ كَانَ الصَّاحِبَانِ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟! كَيْفَ كَانَ عُثْمَانُ؟! وَكَيْفَ كَانَ عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَأَبْنَاءُ جَعْفَرٍ؟! كَيْفَ كَانَ الْحِبُّ بْنُ الْحِبِّ؟!
وَكَيْفَ مَضَتِ الأَيَّامُ الثِّقَالُ عَلَى الْغَالِيَةِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ شُهُورًا سِتَّةً وَهِيَ تَنتظِرُ الْوُصولَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ؟! مَا هَوَّنَهَا عَلَيْهَا غَيْرُ تِلْكَ الْبِشَارَةِ أَنَّهَا أَوَّلُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَإِنَّمَا كَانَ الصَّبْرُ بِانْتِظَارِ الاجْتِمَاعِ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَتُلَخِّصُ كَلِمَاتُ الصَّحَابَةِ عِنْدَ الْوَفَاةِ الْحِكَايَةَ كُلَّهَا، فَإِنَّمَا يَطِيبُ الْمَوْتُ بِاجْتِمَاعِ الأَحِبَةِ: مُحَمَّدٍ وَحِزْبِهِ.
117 - فَقَدْ كَانَ آخِرَ كَلَامِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: (الْيَوْمَ نَلْقَى الأَحِبَّةَ: مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ) (195).
118 - وَهَاكَ قِصَّةَ ابْنِ عَبَّاس رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مَعَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا وَهِيَ تَجُودُ بِنَفْسِهَا وَتَمُوتُ، يَرْوِيهَا مَوْلَاهَا ذَكْوَانُ قَالَ: (اسْتَأذَنَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَمُوتُ وَعِنْدَهَا ابْنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكِ وَهُوَ مِنْ خَيْرِ بَنِيكِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: أَبْشِرِي يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللهِ مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ يَذْهَبَ عَنْكِ كُلُّ أَذَىً وَنَصَبٍ وَتَلْقَيِ الأَحِبَّةَ: مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ .. إِلَّا أَنْ تُفَارِقَ رُوحُكِ جَسَدَكِ) (196).
إِذًا هُنَاكَ الْمُلْتَقَى ... عِنْدَ الْحَبِيبِ الْمُصْطَفَى فِي دَارِ خُلْدٍ مَا بِهَا ... إِلَّا السَّعَادَةُ وَالرِّضَا
وَلَقَدْ فَقِهَ هَذَا الأَمْرَ شِبْلٌ مِنْ أَبْنَاءِ حَارَتنَا كَانَ قَدِ اسْتُشْهِدَ وَالِدُهُ وَعَمَّاهُ خِلَالَ عَامَيْنِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ وَهُوَ يَحْتَفِي بِشُهَدَاءِ أُسْرَتِهِ وَالْمَسْجِدِ: أَيُّهَا الشُّهَدَاءُ؛ لَقَدْ حَبَّبْتُمْ إِلَيْنَا الآخِرَةَ، وَشَوَّقْتُمُونَا إِلَيْهَا، فَمَتَى يَكُونُ اللِّقَاءُ؟! ------------------- الهـــــــوامـــش ------------------- (190) صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، كِتَابُ الأَذَانِ، بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ (1/ 152) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (763). (191) صَحِيحُ مُسْلِمٍ، انْظُرِ الْحَدِيثَ رَقْمُ (51) فِي هَذِهِ الدِّرَاسَةِ. (192) إسْنَادُهُ حَسَن، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، انْظُرْ: "مُسْنَدُ أَبِي يَعْلَى" (1/ 75) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (74). (193) صَحِيحُ مُسْلِمٍ، كِتَابُ الْوَصِيَّةِ، بَابُ تَرْكِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ (3/ 1257) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1637). (194) صَحِيحُ مُسْلِمٍ، كِتَابُ الْوَصِيَّةِ، بَابُ تَرْكِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ (3/ 1259) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (1637) الْمُتَابَعَةُ (21). (195) إسْنَادُهُ حَسَنٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، انْظُرْ: "الْمُعْجَمُ الأَوْسَطُ" (6/ 301) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (6471). (196) إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "مُسْنَدُ أَحْمَدَ" (1/ 349). (197) يَصْلُحُ حَدِيثُ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: (لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ، أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ) تَأْصِيلًا مُبَكِّرًا لِوَصْفِ الْمَدِينَةِ بِـ (الْمُنَوَّرَةِ)، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ، انْظُرْ: "سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ" كِتَابُ الْمَنَاقِبِ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بَابٌ فِي فَضْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (5/ 588) رَقْمُ الْحَدِيثِ: (3618) وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ.
عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 30 مارس 2021, 12:44 am عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52644 العمر : 72
| موضوع: الخَــــــــاتِمَةُ الثلاثاء 05 يناير 2016, 6:29 am | |
| الخَــــــــاتِمَةُ كَانَتْ هَذِهِ الْجَوْلَةُ الْحَزِينَةُ مَعَ وَفَاةِ السَّيِّدِ النَّبِيِّ أَبِي الْقَاسِمِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، طَافَ فِيهَا الْبَاحِثُ مَعَ الصَّحَابَةِ فِي أَرْجَاءِ الْمَدِينَةِ؛ فِي عَوَالِيهَا وَثَنَايَاهَا، فِي مَسَاجِدِهَا وَمَنَازِلِ الْوَحْيِ فِيهَا، فِي آطَامِهَا وَحَوَائِطِهَا، فِي الْبَقِيعِ، فِي الْحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ، فِي كُلِّ مَكَانٍ فِي الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُنَوَّرَةِ (197).
وَشَاهَدَ الْقَارِئُ فِي هَذَا الْبَحْثِ آخِرَ الأَحْدَاثِ وَأَحَرَّهَا، وَأَقْرَبَهَا إِلَى النُّفُوسِ وَأَشَدَّهَا، وَاسْتَمَعَ إِلَى الْهَمَسَاتِ النَّبَوِيَّةِ الأَخِيرَةِ، وَإِلَى الْمُنَاجَاةِ الْخَاتِمَةِ.
وَعِشْنَا مَعَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمُ الْحَدَثَ الْعَظِيمَ، وَالْجُرْحَ الأَلِيمَ؛ وَفَاةَ النَّبِيِّ الأَعْظَمِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَرَأَيْنَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا، وَعَائِشَةَ وَفَاطِمَةَ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
وَسَمِعْنَا عِتَابَ الزَّهْرَاءِ الْمُسْلِمِينَ: كَيْفَ طَابَتْ نُفُوسُكُمْ أَنْ تُهِيلُوا التُّرَابَ عَلَى أَبي الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟!
وَيَعْلَمُ اللهُ أَنَّ مِثْلَ هَذِي الدِّرَاسَةِ مِنْ أَثْقَلِ أَنْوَاعِ الدِّرَاسَاتِ عَلَى النُّفُوسِ الْمُسْلِمَةِ، فَهَلْ مَاتَ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَقًّا؟! مَا صَدَّقَهَا عُمَرُ، وَلَمْ تُصَدِّقْ عَائِشَةُ، وَدَفَعَتْ أُمِّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ الْخَبَرَ.
مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَفِي النَّاسِ مَنْ يَهْتِفُ كُلَّ لَحْظَةٍ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ.
مَا مَاتَ سَيِّدُ سَادَةِ الشُّهَدَاءِ وَالشُّهَدَاءُ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ.
مَا مَاتَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالأُمَّةُ بَلَغَتْ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَسَارَتْ بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كُلِّ آفَاقِ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ.
يَا سَيِّدَ الْعُبَّادِ؛ قَدْ بَزَغَ الْهِلَالُ، نَفَرَتْ رَكَائِبُ زَحْفِنَا نَحْوَ الْيَمِينِ وَمِنْ شِمَالٍ، هَذِي الْمَدَائِنُ أَسْلَمَتْ، وَعَفَا الصَّبَا أَثَرَ الضَّلَالِ.
لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمُونَ تَطِيرُ بِهِمْ أَشْوَاقُهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُنَوَّرَةِ تُنَاجِيهِمْ وَتُحَادِيهِمْ.
هَذِي الْعَوَالِي وَالنَّسَايِمُ مِنْ رُبَى طَيْبَةَ تُهَادِي، تَهْفُو إِلَيْكَ مَعَ الأَصَايِلِ مِنْ مَآذِنِنَا تُنَادِي، تَمْضِي بِنَا أَحْلَامُنَا فِي اللَّيْلِ فِي وَقْتِ السَّحَرِ، نَحْوَ الْمَدِينَةِ رَوْضَةِ الْمُخْتَارِ تُشْرِقُ كَالقَمَرِ.
يَا أَيُّهَا الْعُبَّادُ؛ آهٍ لَوْ أَنَّ أَنْجَشَةً أَتَى، يَحْدُو بِنَا لِلْمُلْتَقَى، لِلْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ يَحْوِينَا، وَيَحْوِي الذِّكْرَيَاتِ، يَا أَيُّهَا الْعُبَّادُ، آهٍ.
يَا سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، يَا سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ أَشْرَقَتْ فِي كُلِّ وَادٍ.
نَادَى الْمُنَادِي مِنْ رُبَى طَيْبَةَ بِلَالُ، وَمَضَتْ رَكَائِبُ زَحْفِنَا مُتَضَمِّخِينَ الْمِسْكَ مِنْ طِيبِ الْفِعَالِ.
سَيّدِي أَبَا الْقَاسِمِ؛ "وَأَظْلَمَتِ الْمَدِينةُ" لَمَّا طَوَاكَ الثَّرَى، فَلَا عَاشَ مَنْ لَمْ يَعِشْ لِرِسَالَتِكَ رِسَالَةِ السَّمَاءِ.
سَيِّدِي رَسُولَ اللهِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ فِي الأَوَّلِينَ، سَلَامٌ عَلَيْكَ فِي الآخِرِينَ، سَلَامٌ عَلَيْكَ.. سَيِّدِي أَبَا الْقَاسِمِ يَا حَبِيبَ قَلْبِي، وَيَا حَبِيبَ رَبِّي، عَلَيْكَ السَّلَامُ.. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. |
|
| |
| وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأظلمت المدينة | |
|