أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: الباب السادس والعشرون والسابع والغشرون: ما جاء في التنزيل من العطف على الضمير المرفوع الخميس 22 أكتوبر 2015, 11:32 pm | |
| الباب السادس والعشرون والسابع والغشرون: ما جاء في التنزيل من العطف على الضمير المرفوع ---------------------------------------------------------------------------------------------- وقد أكد بعض ذلك وبعضه لم يؤكد فمن ذلك قوله: اسكن أنت وزوجك الجنة عطف وزوجك على الضمير في اسكن بعد ما أكد بقوله أنت. وقال: فاذهب أنت وربك فأكد. وقال: سميتموها أنتم وآباؤكم. ومما أكد من ذلك من غير تأكيد بأنت ولكن بشيء آخر: قوله: فأجمعوا أمركم وشركاؤكم فيمن رفع أكد بالمفعول دون أنتم و المفعول يقوم مقام أنتم ثم عطف على قوله: وشركاؤكم. ومن ذلك: فاستقم كما أمرت ومن تاب معك معطوفاً على الضمير في استقم وقام قوله كما أمرت مقام التأكيد ويجوز أن يكون من في موضع النصب مفعولاً معه. ومن ذلك قوله: جنات عدن يدخلونها ومن صلح يجوز في من الرفع والنصب على ما تقدم. وقد قلنا في حذف المضاف: مذهب أبي علي في من أن التقدير: ودخول من صلح من آبائهم وأزواجهم. فأما قوله تعالى: ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى. فقد قال أبو علي في التذكرة: قوله: هو مرتفع بالابتداء وليس بمحمول على الضمير الذي في استوى. فإن قلت: فإن استوى يقتضي فاعلين ألا ترى أنك تقول: استوى زيد وعمرو فإن هذا المفعول يكون على ضربين: الأول: ما ذكرنا. والثاني: أن تقتصر به على فاعل واحد كقوله: على العرش استوى وإذا احتمل ذا لم يكن لمن زعم أن الضمير المرفوع يعطف عليه من غير أن يؤكد دلالة في هذه الآية لاحتمالها غير ما ذكر وهو ما حملناه عليه. وهذا القائل هو الفراء لأنه قال: المعنى: استوى النبي وجبريل عليهما السلام بالأفق الأعلى ليلة المعراج حين أسري به صلى الله عليه وآله. ومنه قوله تعالى: إذا كنا تراباً وآباؤنا عطف آباؤنا على الضمير في كنا لمكان قوله: تراباً. وأما قوله: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين فيمن رفع العين. وجوز فيه أبو علي: أن يكون العين مرفوعاً على الابتداء والجار خبر وجوز أن يكون محمولاً على موضع أن وجوز أن يكون رفعاً عطفاً على الضمير الذي في الظرف وإن لم يؤكد. كما جاء ما أشركنا ولا آباؤنا فعطف آباؤنا على الضمير الذي في أشركنا كما قال: ولم يؤكده فكذا هاهنا. فإن قلت: إن لا يقوم مقام التأكيد فقد قال في الجواب: إنما يقوم لا مقام التأكيد إن كانت قبل الواو فأما إذا جاءت بعد الواو لم تقم مقام التأكيد ألا ترى أن التأكيد في الآي التي تلونا قبل الواو نحو: اسكن أنت وزوجك وقوله: فاستقم كما أمرت. وهذا من أبي علي استدراك على البصريين قاطبة لا سيما وسيبويه قال في الآية الأولى: إن قوله: ولا آباؤنا بمنزلة: قمت أنت وزيد فلا يرى العطف على المضمر إلا بعد التأكيد والتأكيد بأنت وأنا أو ما يقوم مقامهما من المفعول وغيره. ولم يروا التأكيد بقولهم نفس فلم يجيزوا: قمت نفسك وزيد كما أجازوا: قمت أنت وزيد وقمتم أجمعون وزيد. قالوا: لأن النفس اسم متصرف تدخلها العوامل بخلاف: أنت وأجمعين. وقد يقع في التأكيد بها ليس في بعض كلامهم كقولهم: هند خرجت نفسها فيكون كقولك: خرجت هي نفسها فيكون تأكيداً لهي ويقال: هند خرجت نفسها فتكون الفاعلة كما تقول: خرجت جاريتها والمعنيان مختلفان فلم يجر مجرى أجمعين. ومن هنا قال أبو علي: لو قلت جاءوني أنفسهم لم يحسن حتى تؤكد فتقول: جاءوني هم أنفسهم لمل ذكرنا. فلم يحسن لذلك أن تحمله على الضمير حتى تؤكد يعني حتى تقول: قمت أنت نفسك وزيد. ولو قلت: مررت بك نفسك جاز تأكيد الكاف بالنفس لأنك كأنك قلت: مررت بنفسك ولم تذكر المؤكد بخلاف العطف إذ لا يجوز: مررت بك وزيد. وإن قلت: جاءوني أنفسهم لا يجوز لأن المضمر المتصل في غاية الضعف والمؤكد متبوع فيكون أقوى من التأكيد وهنا النفس أقوى من المضمر فلا يكون تابعاً له فإذا انفصل المضمر جاز أن تكون النفس تابعاً له بمنزلة الأسماء الأجنبية أو بقيت بعدها بمنزلة أخرى بخلاف المتصل إذ ليس بعدها منزلة أخرى. وقد ذكر سيبويه امتناع تأكيد المضمر بالنفس في ثلاثة مواضع في حد أسماء الأفعال. وفي حد الأحرف الخمسة. وفي حد علامات المضمرين. ومن ذلك قوله تعالى: أسلمت وجهي لله ومن اتبعن فمن رفع عطف على التاء. ومنه إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة رفع عطف على الضمير في تقوم. ومن ذلك قوله: لا أملك إلا نفسي وأخي أخي عطف على الضمير في لا أملك. وإن شئت كان مبتدأ والتقدير: وأخي كذلك فحذف الخبر ولا يكون جراً بالعطف على الياء لأنه مضمر مجرور. ما جاء في التنزيل لحقت إن التي للشرط ما ولحقت النون فعل الشرط فمن ذلك قوله تعالى: فإما يأتينكم مني هدىً فمن تبع هداي. وقال: فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون أو نرينك. وقال: فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك. وقال: وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك في السورتين. قال أبو إسحاق: إعراب إما في هذا الموضع إعراب حرف الشرط والجزاء لأن الجزاء إذا جاء في الفعل معه النون الثقيلة والخفيفة لزمه ما وفتح ما قبل النون في يأتينكم لسكون الياء وسكون النون الأولى. قال أبو علي: ليس الشرط والجزاء من مواضع النونين إنما يدخلان على الأمر والنهي وما أشبههما من غير الواجب. وفي قوله لأن الجزاء إذا جاء في الفعل معه النون الثقيلة والخفيفة ما يوهم أنه من مواضعهما في الكلام في الكلام وأن دخولها مساغاً فيه وإنما يلحق الشرط في ضرورة الشعر كقوله: من يثقفن منهم فليس بآيب أبداً وقتل بني قتيبة شافي وكذلك الجزاء كقوله: وهذا كقوله: يحسبه الجاهل ما لم يعلما وإن في الجزاء أمثل لأنه بغير الواجب أشبه ألا ترى أنه خبر غير مبت كسائر الأخبار. وفي هذا الكلام شيء آخر وهو أن قوله: الجزاء إذا جاء في الفعل معه النون الخفيفة والثقيلة لزمه ما يوهم أن ما لزمت لدخول النون وأن لحاق النون سبب لحاق ما والأمر بعكس ذلك وخلافه لأن السبب الذي له دخلت النون الشرط في قوله: فإما يأتينكم مني هدى فإما ترين من البشر أحداً وإما تعرضن عنهم ونحو ذلك عند النحويين إنما هو لحاق ما أول الفعل بعد إن فلذلك صار موضعاً للتنوين بعد أن لم يكن لهما موضع. وإنما كان كذلك عند سيبويه وأصحابه لمشابهة فعل الشرط بلحاق ما به بعد إن دون أخواتها الفعل المقسم عليه ولمشابهة كل واحد منهما صاحبه في معنى التوكيد بهما فسبب لحاق النون دخول ما على ما يذهب إليه النحويون وكان لزوم النون فعل الشرط الوجه لدخول الحرف قبله إذا كان في خبر غير مبت. فإن قيل: لم لزمت النون فعل الشرط مع إن إذا لحقتها ما دون سائر أخواتها وهلا لزمت سائر أفعال الشرط إذا دخلت على حرف المجازاة ما كما لزمته مع إن إذ ما ذكروه من الشبه ليفعلن موجود في سائر الحروف وقد جاء: أينما تكونوا يدرككم الموت وأينما تكونوا يأت بكم الله وأيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى وكل ذلك لا نون فيه الجواب في ذلك: أن النون لم تلحق الشرط مع سائر حروف الجزاء كما لحقت مع إن لاختلاف موضعي ما المؤكدة وذلك أنه قد استقبح أن يؤكد الحرف ولا يؤكد الفعل وله من الرتبة والمزية على الحرف ما للاسم على الفعل فلما أكد الحرف والفعل أشد تمكناً منه قبح ترك تأكيده مع تأكيد الحرف وليس سائر حروف الجزاء مثل إن في هذا الموضع لأنها أسماء وهي حروف فلا تنكر أن تؤكد هي دون شروطها. ألا ترى أن للاسم من القدمة على الفعل ما للفعل على الحرف فيقبح لذلك ترك توكيد الفعل مع الاسم كما قبح ترك توكيده مع الحرف. فإن قلت: فما الذي يدل على أن التوكيد لاحق للحرف وما ننكر أن يكون لحاقه للفعل دون الجزاء فيكون الفعل مؤكداً من أوله إلى آخره مثل ليفعلن فالذي يدل على لحاقه حرف الجزاء دون الشرط أن الوقف عليه وأن أحداً لم يقف على إن وحدها في نحو: وإما تخافن من قوم خيانة فيستأنفوا ما مع الفعل كما استأنفوا بلا مع الفعل كقوله: لا أقسم بيوم القيامة. ويدل أيضاً على لحاقها للحرف دون الفعل: أنها قد لحقت الحروف أيضاً في نحو: ألا لتما هذا الحمام لنا وفي الإدغام أيضاً تقوية لأن الكلمة لو نوي بها الانفصال جاز فيها الإظهار كما جاز في من ما وما أشبهه. وكل هذا يدل على أن التأكيد لاحق للحرف وإذا أكد الحرف الذي لا يستقل إلا بالفعل بعد إن لا يؤكد الفعل فافترق فعل شرط إن وفعل شرط سائر الحروف في لزوم النون لها مع ما لاقترانهما فيما ذكرنا. فهذا الذي ذكرناه يصلح أن يحتج به من زعم أن النون لازمة للشرط إذا لحقت ما إن الجزاء. وقد قال أبو العباس وخالفه في ذلك سيبويه فقال: إن ما إذا لحقت إن الجزاء تبعه الفعل منوناً بإحدى النونين وغير منون بهما كما أن سائر الحروف كذلك. وإذا لم يلزم النون مع إن كما لم يلزم في الحروف الأخر نحو: أينما تكونوا لم يلزم على قوله الفصل بينهما كما لزم في قول من زعم أن النون لازمة. وقد استقصينا الخلاف في هذا والله أعلم. |
|