تفسير سورة الفاتحة (01)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {1} الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {2} الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ {3} مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ {4} إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {5} اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7}

التفسير لغة :
الشرح والبيان .

واصطلاحاً :
شرح كلام الله ليفهم مراده تعالى منه فيطاع في أمره ونهيه ويؤخذ بهدايته وارشاده . ويعتبر بقصصه ويتعظ بمواعظه .

السورة :
السورة قطعة من كتاب الله تشتمل على ثلاث آيات فأكثر . وسور القرآن الكريم مائة وأربع عشرة سورة أطولها (البقرة ) وأقصرها ( الكوثر ) .

الفاتحة :
فاتحة كل شيء بدايته وفاتحة القرآن الكريم الحمد لله رب العالمين ولذا سميت الفاتحة . ولها أسماء كثيرة منها أم القرآن . والسبع المثاني وأم الكتاب والصلاة .

مكية :
المكي من السور هو: ما نزل بمكة والمدني منه ما نزل بالمدينة . والسور المكية غالبها يدور على بيان العقيدة وتقريرها والاحتجاج بها وضرب المثل لبيانها وتثبيتها .

وأعظم أركان العقيدة :
توحيد الله تعالى في عبادته , وإثبات نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وتقرير مبدأ الميعاد والدار الآخرة .
والسور المدنية يكثر فيها التشريع وبيان الأحكام من حلال وحرام .

الآيات :
جمع آية وهي لغة : العلامة .

وفي القرآن :
جملة من كلام الله تعالى تحمل الهدى للناس بدلالتها على وجود الله تعالى وقدرته وعلمه , وعلى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته .
وآيات القرآن الكريم ست آلاف ومائتا آية وزيادة .
وآيات الفاتحة سبع .

الاستــعاذة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

شرح الكلمات
الاستعاذة : قول العبد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
أعوذ : أستجير وأتحصن
بالله : برب كل شيء والقادر على كل شيء والعليم بكل شيء وإله الأولين والآخرين .
الشيطان : إبليس لعنه الله
الرجيم : المرجوم المبعد المطرود من كل رحمة وخير .

معنى الاستعاذة :
أستجير وأتحصن بالله ربي من الشيطان الرجيم أن يلبس على قراءتي . أو يضلني فأهلك وأشقى .

حكم الاستعاذة :
يسن لكل من يريد قراءة شيء من القرآن سورة فأكثر أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يقرأ . كما يستحب لمن غضب , أو خطر بباله خاطر سوء أن يستعيذ كذلك .

{ بسم ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } * { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

البَسْملة
{ بسم الله الرحمن الرحيم }

شرح الكلمات:
البسملة : قول العبد: بسم الله الرحمن الرحيم.
الاسم : لفظ جُعل علامة على مُسَمَّى يعرف به ويتميّز عن غيره.
{ الله } : إسم علم على ذات الربّ تبارك وتعالى يُعرف به.
{ الرحمن } : اسم من أسماء الله تعالى مشتق من الرحمة دال على كثرتها فيه تعالى.
{ الرحيم } : إسم وصفة لله تعالى مشتق من الرحمة ومعناه ذو الرحمة بعباده المفيضها عليهم في الدنيا والآخرة.

معنى البسملة:
ابتدىء قراءتى متبركاً باسم الله الرحمن الرحيم مستعيناً به عز وجل.

حكم البسملة:
مشروع للعبد مطلوبٌ منه أن يُبَسْمِل عند قراءة كل سورة من كتاب الله تعالى الا عند قراءة سورة التوبة فإنه لا يبسمل وان كان فى الصلاة المفروضة يبسمل سراً إن كانت الصلاة جهرية.
ويسن للعبد أن يقول باسم الله. عند الأكل والشرب، ولبس الثوب. وعند دخول المسجد والخروج منه، وعند الركوب. وعند كل أمر ذى بال.
كما يجب عليه أن يقول بسم الله والله أكبر عند الذبح والنحر.

الَحْمدُ لله رب العَالمِينَ

شرح الكلمات:
{ الحمـد }: الوصف بالجميل، والثناء به على المحمود ذى الفضائل والفواضل كالمدح والشكر.
{ للـه }: اللام حرف جر ومعناها الاستحقاق أى أن الله مستحق لجميع المحامد والله علم على ذات الرب تبارك وتعالى.
{ الـرب }: السيد المالك المصلح المعبود بحق جل جلاله.
{ العالميـن }: جمع عالم وهو كل ما سوى الله تعالى، كعالم الملائكة وعالم الجن وعالم الانس وعالم الحيوان، وعالم النبات.

معنى الآية:
يخبر تعالى أن جميع أنواع المحامد من صفات الجلال والكمال هى له وحده دون من سواه؛ إذ هو رب كل شىء وخالقه ومالكه.
وأن علينا أن نحمده ونثنى عليه بذلك

{ ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }

تقدم شرح هاتين الكلمتين في البسملة. وأنهما اسمان وصف بهما اسم الجلالة " الله " فى قوله: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ثناءً على الله تعالى لاستحقاقه الحمد كلّه

{ مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ }

شرح الكلمات:
{ مَالِك }: المالك: صاحب الملك المتصرف كيف يشاء.
{ مَلِكِ }: الملك ذو السلطان الآمر الناهى المعطى المانع بلا ممانع ولا منازع.
{ يومَ الدين }: يوم الجزاء وهو يوم القيامة حيث يجزى الله كل نفس ما كسبت

معنى الآية:
تمجيد لله تعالى بأنه المالك لكل ما فى يوم القيامة حيث لا تملك نفس لنفس شيئاً والملكُ الذى لا مَلِكَ يوم القيامة سواه.

هداية الآيات:
فى هذه الآيات الثلاث من الهداية ما يلى:
1- أن الله تعالى يحب الحمد فلذا حمد تعالى نفسه وأمر عباده به.
2- أن المدح يكون لمقتضٍ. وإلا فهو باطل وزور فالله تعالى لما حمد نفسه ذكر مقتضى الحمد وهو كونه ربّ العالمين والرحمن الرحيم ومالك يوم الدين

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }

شرح الكلمات:
{ إياك }:ضمير نصب يخاطب به الواحد.
{ نعبـد }:نطيع ما غاية الذل لك والتعظيم والحب
{ نستعين }: نطلب عونك لنا على طاعتك

معنى الآية:
علَّمنا الله تعالى كيف نتوسل إليه فى قبولدعائنا فقال احمدا الله واثنوا عليه ومجدوه، والتزموا له بأن تعبدوه وحده ولا تشركوا به وتستعينوه ولا تستعينوا بغيره.

من هداية هذه الآية ما يلي:
1- آداب الدعاء حيث يقدم السائل بين يدى دعائه حمد الله والثناء عليه وتمجيده. وزادت السنة الصلاة على النبىّ [صلى الله عليه وسلم]، ثم يسأل حاجته فإنه يستجاب له.
2- أن لا يعبد غير ربه. وأن لا يستعينه إلاّ هو سبحانه وتعالى

{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }

شرح الكلمات:
{ إهدنا }: أرشدنا وأدم هدايتنا
{ الصراط }: الطريق الموصل إلى رضاك وجنّتك وهو الإسلام لك
{ المستقيم }: الذى لا ميل فيه عن الحق ولا زيغ عن الهدى.

معنى الآية:
بتعليم من الله تعالى يقول العبد فى جملة إخوانه المؤمنين سائلا ربّه بعد أن توسل إليه بحمده والثناء عليه وتمجيده، ومعاهدته أن لا يَعْبدَ هو واخوانه المؤمنون إلا هو، وان لا يستعينوا إلا به. يسألونه أن يُديم هدايتهم للإسلام حتى لا ينقطعوا عنه.

من هداية الآية:
الترغيب فى دعاء الله والتضرع إليه وفى الحديث الدعاء هو العبادة

{ صِرَاطَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ٱلضَّآلِّينَ }
{ صرَاطَ الذينَ أنْعَمتَ عَلَيهِم }

شرح الكلمات
{ الصراط }: تقدم بيانه.
{ الذين أنعمت عليهم }: هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، وكل من أنعم الله عليهم بالإيمان به تعالى ومعرفته، ومعرفة محابه، ومساخطه، والتوفيق لفعل المحاب وترك المكاره.

معنى الآية:
لما سأل المؤمن له ولاخوانه الهداية الى الصراط المستقيم، وكان الصراط مجملاً بيّنه بقوله صراط الذين أنعمت عليهم وهو المنهج القويم المفضى بالعبد إلى رضوان الله تعالى والجنة وهو الاسلام القائم على الإيمان والعلم والعمل مع اجتناب الشرك والمعاصى.

هداية الآية:
من هداية الآية ما يلى:

1- الاعتراف بالنعمة.
2- طلب حسن القدوة.

{ غير المَغْضُوبِ عَلَيـهَمْ ولاَ الضَّـالِّينَ }

شـرح الكلمـات:
{ غيـر }: لفظ يستثنى به كإلاّ.
{ المغضوب عليهم }: من غضب الله تعالى عليهم لكفرهم وافسادهم فى الأرض كاليهود.
{ الضـاليـن }: من اخطأوا طريق الحق فعبدوا الله بما لم يشرعه كالنصارى.

معنى الآية:
لما سأل المؤمن ربَّه الصراط المستقيم وبينه بأنه صراط من أنعم عليهم بنعمة الإيمان والعلم والعمل. ومبالغة فى طلب الهداية إلى الحق، وخوفاً من الغواية استثنى كلاً من طريق المغضوب عليهم، والضالين.

هداية الآية:
من هداية الآية:

الترغيب في سلوك سبيل الصالحين: والترهيب من سلوك سبيل الغاوين.

ـ [تنبيه أول]:
كلمة آمين ليست من الفاتحة: ويستحب أن يقولها الإمام إذا قرأ الفاتحة يمد بها صوته ويقولها المأموم، والمنفرد كذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أمن الإِمام فأمنوا أي قولوا آمين بمعنى اللهم استجب دعاءنا، ويستحب الجهر بها؛ لحديث ابن ماجة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال آمين حتى يسمعها أهل الصف الأول فيترج بها المسجد.

[تنبيه ثان]:
قراءة الفاتحة واجبة في كل ركعة من الصلاة، أمَّا المنفرد والإِمام فلا خلاف في ذلك، وأمَّا المأموم فإن الجمهور من الفقهاء على أنه يسن له قراءة ويكون مخصصاً لعموم حديث: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب.