| رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 17 سبتمبر 2015, 1:14 am | |
| رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) كتبها الأستاذ الدكتـــور: صالح بن علي أبو عرَّاد أستاذ التربية الإسلاميـة في كــلـيـة الـتـربـيـــــة جامعة الملك خالد (أبها) 1436هـ / 2015م الناشر موقع صيد الفوائد Saaid.net ---------------------------- بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الكاتب: الحمد لله مستحق الحمد في كل وقتٍ وحين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ الأمين، وعلى آله الطاهرين وصحابته الغر الميامين، وعلى التابعين وتابع التابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد؛ فأكتب هذه الرسائل التربوية لضيوف الرحمان القادمين إلى أرض الحرمين الشريفين من كل مكان، مُذكِّرًا فيها بجملةٍ من النصائح والتوجيهات والإرشادات التربوية والتوعوية التي يحتاج الحاج والمعتمر والزائر المسلم لمعرفتها والاطلاع على ما جاء فيها ليكون عمله صحيحًا ومقبولاً (بإذن الله تعالى)، وليكون نسكه كاملاً ومتوافقًا مع ما صحَّ عن مُعلم الناس الخير (صلى الله عليه وسلّم) في هذا الشأن دونما تحريفٍ أو تعديلٍ أو تعطيلٍ أو تبديل . أما هذه الرسائل فقد كتبتها على فتراتٍ متفاوتة، وفي مناسباتٍ مختلفة، وكنت قد قدّمت بعضًا منها عبر بعض البرامج الإذاعية التي كانت تستهدف توعية ضيوف الرحمان عند أدائهم لمشاعر الحج والعُمرة والزيارة، وقد بدى ليَّ أن أجمعها في كتابٍ واحدٍ يمكن للراغبين من إخواني المسلمين أن يطَّلعوا على محتواه في قالبٍ تذكيريٍ هدفت من خلاله إلى تُذكير نفسي وتُذكير إخواني المسلمين بما اشتملت عليه هذه الرسائل من مضامين تربويةٍ وتوعويةٍ يُمكن أن تكون عونًا لنا جميعًا على طاعة الله تعالى ولاسيما أنها كُتبت بطريقةٍ سهلة التناول، فلعل قارئًا أو سامعًا يجد فيها نفعًا وفائدة فيجود علينا بدعوةٍ صالحةٍ في ظهر الغيب فيتقبلها الله تعالى منه، وينفعنا بها في الدين والدنيا . وختامًا؛ أسأل الله تعالى أن يتقبل مني هذا العمل، وأن يجعله في موازين حسناتي وحسنات والديّ (رحمهما الله تعالى)، وأن يرزقني دعوةً صالحةً بظهر الغيب من أخٍ صالحٍ يجود بها مخلصًا في ساعةٍ من ليلٍ أو نهار . كما أسأل الله (جل جلاله) أن يكتب لمن كان سببًا في كتابة هذا الكتاب وطباعته ونشره وتوزيعه عظيم الأجر وجزيل الثواب، وصلى الله وسلّم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين . ---------------------------------- أخوكم الأستاذ الدكتور/ صالح بن علي أبو عرَّاد أستاذ التربية الإسلامية بكلية التربية جامعة الملك خالد في أبها E.mail:abuarrad@gmail.com أبها في 24 جمادى الأولى 1436هـ ------------------------------------------ ( 1 ) إرشادات وتوجيهات للدعاة في موسم الحج: الحمد لله الذي له العظمة والكمال والدوام، والصلاة والسلام على من خصّه الله بأكمل قربٍ وأرفع مقام، وعلى آله وصحبه الأئمة الأعلام، أما بعد: فيتحمّل العُلماء والدُعاة وطلبة العلم مسؤوليةً عظيمةً في توجيه الحُجاج وإرشادهم إلى الكيفية الصحيحة لأداء المناسك، من خلال قيامهم بمهمة الدعوة إلى الله على علمٍ وبصيرة، ولاسيما في موسم الحج الذي تكثُر مسائله وأحكامه، وتتجدد ظروفه وأحواله، وتكثُر فيه المخالفات والبدع والأخطاء التي تحتاج إلى تصحيحٍ وتوضيحٍ وبيان، وفيما يلي بعض التوجيهات التي لا غنى عنها لمن يقوم بهذه المسؤولية العظيمة. ويأتي من أبرزها: أولاً: أن يضع الداعية نصب عينيه فضل الدعوة إلى الله تعالى وشرفها وعظيمِ منزلتها فيحتسب في ذلك الأجر عند الله تعالى، لاسيما أن الله تعالى يقول: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" (سورة فصلت: 33) . ثانيًا: أن يعرف الداعية طبيعة هذه المسؤولية حتى يتمكن من القيام بها خير قيام، وأن يعلم أنه سيواجه أصنافًا مختلفةً، وطوائف مُتعددةً من الناس، وأن لكلٍ منهم مشربٌ خاص وتوجهٌ معينٌ يختلف عن الآخر؛ الأمر الذي يوجب عليه مراعاة ذلك كله في دعوته، والعمل على الموازنة بين المصالح والمفاسد، وأن يحرص في دعوته على مبدأ التيسير على الناس، ومراعاة مبدأ اختلاف أحوالهم وظروفهم ومفاهيمهم . ثالثًا: أن يُراجع الداعية قبل موسم الحج مجموعة المسائل والأحكام الخاصة بالحج والعُمرة مراجعةً دقيقةً حتى يُتقنها ويضبطها، ولاسيما أنها مسائل متشابهة؛ فوجب أن يكون على علمٍ وبصيرةٍ فيما يدعو إليه . رابعًا: أن يحرص الداعية على التأني في الإجابة على أسئلة واستفسارات الناس، وعدم التعجُل في الإجابة حتى يفهم السؤال فهمًا جيدًا، ثم يستعين بالله تعالى في إيراد الإجابة الواضحة التي لا ريب فيها ولا شك ولا قصور . خامسًا: أن يغتنم الداعية هذا الموسم العظيم وهذا الاجتماع العالمي في بيان الحق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير قولاً وعملاً، والحث على التحلي بالأخلاق الحسنة والآداب الكريمة، وكشف دعاوى أهل الباطل والفساد، والتحذير من مختلف المُشكلات والتحديات التي تواجه الإسلام والمسلمين في كل مكانٍ . سادسًا: أن يتصف الداعية إلى الله تعالى بالأخلاق الحسنة والصفات الحميدة، التي يأتي من أهمها: الإخلاص، والصبر على جهل السائلين وعفويتهم، والاجتهاد في الرفق بهم، والحلم عند مخاطبتهم، والتلطف في نصحهم وتوجيههم، وأن تكون دعوته بأُسلوبٍ لطيفٍ وحسن، دونما غِلظة أو فظاظة أو تعنيف، واحتساب الأجر في ذلك كله من الله تعالى . سابعًا: أن يوجِّه الآخرين إلى سؤال أهل العلم الموثوق في دينهم وأمانتهم، والحرص على معرفة الكيفية الصحيحة لأداء المناسك والشعائر المختلفة، والابتعاد عن البدع والضلالات، وتصحيح الأخطاء التي يقع فيها كثيرٌ من الحجاج بقصدٍ أو بغير قصد . وختامًا: أسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين عامةً، وحجاج بيت الله خاصةً إلى ما يُحبه ويرضاه من القول والعمل، وأن يتقبل من الجميع، إنه سميعٌ مجيب .
عدل سابقا من قبل أحمـــــد لبـــــن في الخميس 17 سبتمبر 2015, 7:11 am عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: من معاني الحج و أسراره الخميس 17 سبتمبر 2015, 1:24 am | |
| من معاني الحج و أسراره الحمد لله الذي شرّع لعباده من الأعمال ما يُكفِّر به سيئاتهم ويرفعُ به درجاتهم، والصلاة والسلام على من أرسله ربه رحمةً للعالمين، وحجةً على الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد: فالحج عبادة افترضها الله تعالى على عباده مرةً واحدةً في العمر لمن استطاع منهم، وهو مدرسةٌ عظيمة تربي النفوس على الكثير من المعاني والدروس والعبر، كما أن فيه أسرارًا عظيمة ومعاني جليلة، فقد جمع الله للحج حُرمتين هما: (حُرمة الزمان وحُرمة المكان). وجعل فيه كثيرًا من الأسرار حيث تتلخص فيه معظم العبادات والطاعات والقُرَبات إلى الله عز وجل، ففيه تحقيقٌ لتقوى الله وتعظيمٌ لشعائره، وفيه تتجلى صورة التوحيد الخالص لله تعالى عقيدةً وهدفًا، وفيه تحقيقٌ للعبودية التامة لله سبحانه، والطاعة والاستجابة، كما أن فيه من الصلاة مناجاة الرب جلَّ جلاله، واستشعار عظمة الوقوف بين يديه سبحانه وتعالى، وفيه من الزكاة معنى التضحية بالمال وبذله في سبيل الله عامة . وفيه من الصيام الصبرُ على المتاعب والمشاق في السفر والتنقل ونحو ذلك، وفيه من الجهاد مجاهدة النفس من أجل الوصول إلى تمام طاعة الله ومرضاته، وفيه تحقيقٌ للاتباع والاقتداء بهدي النبي (صلى الله عليه وسلم) في أداء المناسك والشعائر والطاعات . وفي خروج الحاج من بلده مُسافرًا إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج تذكيرٌ له بسفره المحتوم إلى الدار الآخرة . وفي ارتداء الحاج ملابس الإحرام استشعارٌ لمعنى التجرد من مظاهر الدنيا وزيفها، وتحقيقٌ لوحدة الشكل والمظهر . وفي التلبية تنبيهٌ للنفس وإيقاظٌ لمقاصد الحج وأعظمها إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، والاستجابة لنداء الحق تبارك وتعالى في قوله تعالى: "وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" (سورة الحج: 27) . كما أن في الوقوف على صعيد عرفاتٍ الطاهر تذكيرٌ للحُجاج بموقف الخلائق يوم القيامة، وفي الحج استشعارٌ لعظمة رمي الجمرات وما في ذلك من الحكم التي تُدللُ على عداوة الشيطان وعدم الاستجابة لوساوسه . وفي الحج كثيرٌ من القُربات والطاعات كإراقة الدماء وذبح الهدي والأضاحي امتثالاً وتعظيمًا لمناسك الله تعالى، وتوسعة على العباد، وتذكرًا لسنة أبينا إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم . يُضاف إلى ذلك ما في الحج من معاني التوكلٌ على الله تعالى حق التوكل، وتربيةٌ النفوس المؤمنة على مكارم الأخلاق وجميل الطباع، وتعويدها على الترقي والترفع عن الشهوات والنزوات والرغبات ، وحثها على مراقبة الله تعالى وتقواه في كل شأنٍ من شؤون الحياة من خلال الاستمرار في محاسبة الذات، والحرص على ضبط الأعصاب، وكظم الغيظ مهما تعرض الإنسان للمضايقات أو المزاحمات أو نحو ذلك من المتاعب والمشاق . وليس هذا فحسب؛ ففي الحج دروسٌ تربي النفوس على الإقبال على الله تعالى، والمُسارعة إلى التوبة والندم والاستغفار، والخشوع والبُكاء، والعزم على مراجعة النفس وتصحيح المسيرة . وختامًا: وفق الله الجميع لما يُحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: الحج رفقٌ وسكينةٌ وخشوع الخميس 17 سبتمبر 2015, 1:29 am | |
| الحج رفقٌ وسكينةٌ وخشوع الحمد لله الذي ولي الصالحين، ولا عدوان إلاّ على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، نبينا محمدٍ بن عبد الله الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد: فكلنا يعلم أن شريعة الإسلام تفرض على المسلم أن يكون رحيمًا، ومحبًا، وشفيقًا، ومتعاونًا مع جميع إخوانه الحجاج، لاسيما كبار السن والضعفاء منهم؛ فهم في أمس الحاجة إلى مدِّ يد العون والمساعدة لهم أثناء أداء مناسك الحج، وخاصة أثناء رمي الجمرات، وعند التنقل بين المشاعر، وعند الطواف بالبيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة ؛ لذا فإن على المسلم أن يكون رفيقًا بإخوانه الحجاج، وأن يكون سهلاً ولينًا في تعامله معهم، وأن يحرص على كف أذاه عنهم؛ فقد صحَّ عن أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه) أنه قال: قالوا: يا رسول الله، أي الإسلام أفضل؟ قال: "مَنْ سلم المسلمون من لسانه ويده" (رواه البخاري، الحديث رقم 11، ص 5) . وكم هو مؤسفٌ ومؤلمٌ أن يُرى بعض الحجاج وهم يؤدون مناسك حجهم بعنفٍ شديدٍ، ويسيرون إليها بشكلٍ جماعيٍ لا خشوع فيه، ولا سكينة، ولا تذلل لله سبحانه وتعالى، وهذا خطأٌ كبيرٌ وفعلٌ شائنٌ لا يُقره شرعٌ، ولا يقبله عقلٌ، ولا يرضاه خُلق؛ لأنه يؤدي -بلا شك- إلى إيذاء الآخرين، والإضرار بالضعفاء منهم ، ولاسيما العجزة والنساء والأطفال، وهو ما نهى عنه النبي (صلى الله عليه وسلّم) الذي صحَّ عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمه أنها قالت: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) يرمي الجمرة من بطن الوادي، وهو راكبٌ يُكبر مع كل حصاة، ورجلٌ من خلفه يستره، فسألت عن الرجل؟ فقالوا: الفضل بن العباس، وازدحم الناس، فقال النبي (صلى الله عليه وسلّم): "يا أيها الناس، لا يقتل بعضكم بعضًا" (رواه أبو داؤد، الحديث رقم 1966، ص 301) . فكان على الحاج المسلم أن يتقي الله تعالى في إخوانه الحُجاج، وأن يحرص على أداء نسكه بإخلاصٍ، وخشوعٍ، وسكينة، وهدوءٍ، وامتثالٍ واتباعٍ واقتداءٍ بهدي رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) الذي كان يُحب الرفق في كل شأنه، ولا سبيل إلى ذلك إلاّ بأن يهتم الحاج بضبط نفسه، والتحكم في جوارحه وانفعالاته وتصرفاته، وأن يُحاول كظم غيظه ما استطاع، وأن يحرص على تجنب الخصام والجدال مع الآخرين، وألاّ يقول إلا القول الحسن الجميل عملاً بقوله تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً" (البقرة: من الآية 83) . كما أن مما يُعين على ذلك أن يتفرغ المسلم لأداء نُسكه على الوجه الأكمل والأمثل، وألاّ ينشغل عن ذلك الفضل بما لا فائدة فيه ولا نفع منه من الأقوال والأفعال الدنيوية الأُخرى التي تضيع فيها كثيرٌ من الأوقات، وأن يحرص على جعل عبادته وطاعته وحجه خالصًا لله تعالى حتى يفوز بالأجر والثواب الذي صحّ عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه قال فيه: سمعت النبي (صلى الله عليه وسلّم) يقول: "مَنْ حج لله فلم يرفث، ولم يفسُق رجع كيوم ولدته أُمه" (رواه البخاري، الحديث رقم 1521، ص 247) . وختامًا: أسأل الله تعالى أن يوفق ضيوف الرحمن لأداء مشاعرهم وإكمال نُسكهم على الوجه الذي يرضاه لهم، وأن يكتبنا جميعًا من المُحسنين، والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: الحج يُسرٌ ولطف لا هلاكٌ وعنف الخميس 17 سبتمبر 2015, 1:39 am | |
| الحج يُسرٌ ولطف لا هلاكٌ وعنف الحمد لله الذي خلق كل شيءٍ فقدّره تقديرًا، وأكرم الإنسان وفضله على كثيرٍ ممن خلق تفضيلاً، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ أبلغ الخلق بيانًا وأصدقهم قيلاً، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، أما بعد: فالحج حدث إسلامي عالمي، يجتمع فيه ملايين البشر من كل البقاع ومختلف الأجناس الذين جاءوا من كل مكانٍ على سطح الكرة الأرضية مُلبين ومُجيبين لأذان خليل الرحمن عليه السلام، وهم يرجون رحمة الله تعالى وثوابه، ويطمعون في عفوه وغُفرانه، ويأملون في ما أعده سبحانه وتعالى لهم من عظيم الأجر وجزيل الثواب . ولأن مثل هذا التجمع العالمي الكبير لا يمكن أن يخلو من بعض المشكلات؛ فإن مشكلة الزحام في المشاعر المقدسة من أخطر هذه المشكلات وأكثرها تكرارًا, وخاصة أثناء أداء رمي الجمرات التي تُعد أكثر مناسك الحج تكرارًا، وأشدها خطورة ولاسيما عند غياب الوعي الصحيح والتوجيه اللازم . من هنا، فإن على الإنسان المسلم أن يتقي الله تعالى في نفسه وإخوانه الحُجاج، وأن يراعي أحوالهم وظروفهم بعدم التضييق عليهم، أو مزاحمتهم، أو مدافعتهم ، ولاسيما إذا كان صاحب صحةٍ وقوةٍ وعافيةٍ ونشاط، وأن يعمل على اجتناب الأماكن التي قد يزدحم فيها الحُجاج قدر استطاعته، وأن يحرص على عدم الاقتراب منها أو الدخول فيها لما قد يترتب على ذلك من المخاطر والمتاعب التي لا ينتج عنها -في الغالب- سوى الحسرة والندامة (لا سمح الله) . وخيرُ توجيهٍ يمكن أن يُنصحُ به الحاج في مثل هذه الأحوال أن يعلم علم اليقين أن في تعريض النفوس للإيذاء والمخاطر مخالفةٌ لما أمر به الله تعالى، ومجانبةٌ لتوجيهات الدين وتعاليمه، فقد قال سبحانه في كتابه العزيز: "وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" (سورة البقرة: من الآية 195) . فيا أخي الحاج: ليكن في علمك أن في ذلك التوجيه الإلهي العظيم أمرٌ صريحٌ بعدم تكليف النفس ما لا يجب عليها أو ما لا تُطيقه من الأعمال والعبادات والطاعات، كما أن في ذلك توجيهٌ للمسلم بأن يكون ذكيًا فطنًا، وحريصًا على عدم تعريض نفسه للمخاطر أو التهلُكة أو الضرر أو الإيذاء ولو كان ذلك مجرد أمرٍ محتمل الوقوع . كما أن من أبرز وأهم سمات الإنسان المسلم الواعي الفطن أن يكون قناصًا للفرص، ومتحريًا للأوقات المناسبة لأداء الشعائر بسهولةٍ ويُسر، ودونما زحامٍ أو تعب أو مشقة أو مضايقةٍ للآخرين، لاسيما أن في تعاليم وتوجيهات ديننا الحنيف فُسحةٌ وسعةٌ في هذا الأمر -ولله الحمد- انطلاقًا من معنى قوله جل في عُلاه: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" (سورة البقرة: من الآية 185) . فيا أخي الحاج: إياك والزحام، والحذر من تعريض نفسك أو غيرك للمخاطر والمشاق والمتاعب؛ وأعلم (بارك الله فيك) أن في ذلك تجاوزٌ ومُخالفةٌ لتعاليم الدين، ومنافاةٌ لآدابه، ومعارضةٌ لتوجيهاته؛ ولاسيما أننا نعلم جميعًا أن الله تعالى يأمر باليسر وينهى عن العسر في كل شأنٍ من شؤون الحياة . وختامًا: أسأل الله تعالى لحُجاج بيته الحرام العون والقبول، وأن يجعل حجهم مبرورًا، وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا، والحمد لله رب العالمين .
عدل سابقا من قبل أحمـــــد لبـــــن في الخميس 17 سبتمبر 2015, 1:48 am عدل 1 مرات |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: الحج محبةٌ للخير الخميس 17 سبتمبر 2015, 1:47 am | |
| الحج محبةٌ للخير الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ بن عبدالله الأمين، وعلى آله الطاهرين وصحابته الطيبين الطاهرين، وعلى التابعين وتابع التابعين، أما بعد: فيُعدُّ الحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة أحد الأركان الخمسة التي بُني عليها دين الإسلام، وهو فريضةٌ افترضها الله جلَّ وعلا على عباده مرةً واحدةً في العُمر لمن استطاع منهم بدنيًا وماليًا لقوله تعالى: ]وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً[ (آل عمران: من الآية: 97) . ولقوله جل في عُلاه: ]وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ[ (الحج: 27) . ولما صحَّ عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) فقال: "يا أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج، فحجوا" (مسلم، ج 2، الحديث رقم 1237، ص 795) . من هنا، فإن على كل مسلمٍ أن يحب الخير لإخوانه المسلمين الذين يفدون إلى بلاد الحرمين لأداء شعائر الحج والعمرة، انطلاقًا من مبدأ محبة المسلم لأخيه المسلم، وأن يعمل على إتاحة الفرصة للآخرين من إخوانه المسلمين الذين لم يسبق أن تيسرت لهم فرصة أداء مناسك الحج والعمرة والزيارة، والذين هم في شوقٍ شديدٍ إلى ذلك، وفي حاجةٍ ماسةٍ إلى مساهمة إخوانهم في تحقيق هذا الأمل الذي تنشده أنفسهم، وتهفوا إليه أفئدتهم . وليعلم المُسلم أن في ذلك السلوك الكريم بعدًا تربويًا اجتماعيًا يتمثل في أن ذلك الشعور الصادق كفيلٌ -إن شاء الله تعالى- بتخليص الإنسان المسلم من بعض الصفات السيئة كصفة الأنانية وحُب الذات، كما أنه كفيلٌ بتحقيق المعنى الحقيقي لانتماء الفرد المسلم إلى مجتمعه الإسلامي الكبير الذي يعيش فيه وينتمي إليه، ويتفاعل مع أعضائه فيفرح لفرحهم، ويتألم لألمهم، ويحبُ لهم ما يُحب لنفسه، وهي صفةٌ من صفات كمال الإيمان، وخصلةٌ من خصال الخير التي حثنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف؛ فقد صحَّ في الحديث عن أنس (رضي الله عنه)، أن النبي (صلى الله عليه وسلّم) قال: "لا يؤمن أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يُحب لنفسه" (البخاري، الحديث رقم 13، ص 5) . فيا مَنْ تستطيعون إتاحة الفرصة لغيركم من إخوانكم المسلمين بأية صورةٍ من الصور حتى يؤدوا فريضة الحج وشعائره، بادروا إلى ذلك العمل الكريم، واحتسبوا فيه الأجر والثواب عند الله تعالى، ولا تبخلوا بمد يد العون والمساعدة لمن يُريد أداء فريضة الحج من عباد الله ماديًا ومعنويًا؛ فإن في ذلك أجرٌ عظيمٌ، وثوابٌ كبيرٌ، ولاسيما أنه بابٌ من أبواب الخير والإحسان التي تنطلق من منطلق أن الأعمال بالنيات كما أخبر بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم، إضافةً إلى أننا نعلم جميعًا أن الله تعالى لا يُضيع أجر من أحسن عملاً . وختامًا: أسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لحُب الخير، وفعل الخير، وقول الخير، والدلالة على الخير، وأن يتقبل من الجميع ما يُقدمونه وما يبذلونه في سبيل تيسير الحج لضيوف الرحمن من كل مكان، والعون على أداء مناسكه والقيام بشعائره على النحو الذي يرضاه الله تعالى. والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 17 سبتمبر 2015, 7:19 am | |
| مناسبة الحج موسمٌ للطاعات الحمد لله الذي منّ على عباده بمواسم الخيرات، ووفق من شاء منهم فيها لعمل الطاعات واغتنام الأوقات، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ المصطفى على جميع الخلائق والبريات، أما بعد: فإن من عظمة دين الإسلام أن جعل الله تعالى لعباده مواسم للخير يتسابق فيها عباده الصالحين إلى عمل الطاعات والاستكثار من الخيرات والحرص على القربات . ولأن تلك المواسم تكون بمثابة المحطات التي يتم فيها التزود من جرعات الإيمان؛ فإن عبادتي الحج والعُمرة تأتيان من أفضل العبادات وأعظمها أجرًا وثوابًا؛ حيث يغفر الله تعالى بهما ذنوب العبد، ويكفِّر عن خطاياه، لما صحّ عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) قال: "العُمرة إلى العُمرة كفارةٌ لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة" (البخاري، الحديث رقم: 1773، ص 351) . وليس هذا فحسب ففي عبادة الحج -على وجه الخصوص- منافع عظيمة وفوائد جمة، فهو إلى جانب كونه الركن الخامس من أركان الإسلام يُعد من أفضل الأعمال الصالحة التي يتقرب بها المسلم إلى مولاه جل في عُلاه؛ فقد ورد أنه جهادٌ لا قتال فيه، وأنه يمحق الذنوب، وأن ثوابه الجنة، وأنه عبادةٌ جامعةٌ لما يشتمل عليه من عباداتٍ قوليةٍ، وبدنيةٍ، وماليةٍ، وفكرية . ولأنه عبادةٌ تتميز بشرف المكان، وشرف الزمان، وشرف الأفعال، من هنا، فإن على المسلمين الذين أكرمهم الله تعالى بالوصول إلى هذه المشاعر المقدسة، أن يغتنموا أوقاتهم خلال فترة الحج وأداء المناسك في طاعة الله سبحانه، والتقرب إليه بكثرة العبادات القولية والفعلية، كالإكثار من قراءة القرآن الكريم وتلاوته وتدبره، والمحافظة على ترديد الأذكار التي ثبتت وصحّت عن معلم الناس الخير (صلى الله عليه وسلّم)، والمُحافظة على صلاة الجماعة مع المسلمين، وكثرة الدعاء الصالح للنفس والأهل والإخوان خاصةً، وللمسلمين عامةً، والإكثار من الصلاة والسلام على النبي محمدٍ (صلى الله عليه وسلّم)، والتصدق ولو باليسير من الكسب الطيب، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقيام بواجب النصيحة للمسلمين، وغض البصر عن ما حرّم الله، وعدم إيذاء المسلمين بالقول أو العمل، وحفظ اللسان من الخوض فيما لا نفع فيه ولا فائدة منه . يُضاف إلى ذلك أن على الحاج أن يستشعر أنه في مناسبة عظيمة، وفي بقاعٍ مقدسة، وأيامٍ مباركةٍ يُضاعف الله تعالى فيها الأجر والثواب لمن عمروا أوقاتهم بالطاعات وشغلوها بالأعمال الصالحة التي شرعها الله تعالى لعباده، فقد جاء عن ابن عباسٍ (رضي الله عنهما) أن النبي (صلى الله عليه وسلّم) قال: "ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ (يعني أيامَ العشر)، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهادُ في سبيل الله؟ قال: ولا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجعْ من ذلك بشيء" (ابن حبان، ج 3، الحديث رقم 324، ص 30) . وختامًا: أسأل الله تعالى أن يُبارك لنا في الأوقات، وأن يغفر لنا الزلات، وأن يوفقنا لعمل الطاعات، وترك المنكرات، والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 17 سبتمبر 2015, 7:27 am | |
| من مخالفات الزائرين للمسجد النبوي الحمد لله القائل: "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا"، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ الذي شرع للأُمة زيارة مسجده الشريف، ورتّب على ذلك الأجر العظيم والثواب العميم، أما بعد: فإن زيارة المسجد النبوي في المدينة المنورة من الأعمال الصالحة المُستحبة للمسلم لعظيم أجر الصلاة في هذا المسجد الذي ورد أن الصلاة فيه خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، لما صحَّ عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم): "صلاةٌ في مسجدي هذا، خـيرُ من ألف صلاةٍ في غيره من المساجد؛ إلا الـمسجد الحرام" (رواه مسلم، الحديث رقم 3375، ص 583) . ونظرًا لما يُلاحظ من انتشار بعض الأخطاء والمخالفات التي يقوم بها بعض الزائرين للمسجد النبوي، وخاصةً عند زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وسلّم) وصاحبيه -رضي الله عنهما- والسلام عليهم. فإن هناك بعض المخالفات التي يجب التنبيه إليها، والتحذير من الوقوع فيها، ومنها: 1= اعتقاد بعض الحُجاج أن أداء فريضة الحج لا يتم إلا بزيارة قبر النبي (صلى الله عليه وسلّم) في المسجد النبوي بالمدينة المنورة، وهذا خطأ شائع وغير صحيحٍ أبدًا ؛ فليست زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وسلّم) من أركان الحج، ولا من واجباته وسننه، وقد بيَّن العلماء أن ما ورد في هذا الشأن من أحاديث غير صحيحة أبدًا . 2= اعتقاد بعض الحجاج أن سفرهم إلى المدينة المنورة يكون لأجل زيارة قبر النبي (صلى الله عليه وسلّم) وصاحبيه، وهذا غير صحيح؛ فشد الرحال لا يجوز أن يكون إلا إلى المسجد النبوي لفضل الصلاة فيه؛ فقد صحَّ عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم): "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى" (رواه البخاري، الحديث رقم 1189، ص 190) . 3= ما يفعله بعض الجهلة والعوام من التمسُح بالجدران والقضبان المحيطة بالقبر والتبرك بذلك، ومناداة الرسول (صلى الله عليه وسلّم) ودعائه، ومحاولة الطواف بقبره ونحو ذلك، وهنا نُنبه إلى أن كل ذلك مخالفٌ لتعاليم الإسلام وهدي النبوة، وأنه من البدع والضلالات التي يُخشى على الإنسان بسببها من الوقوع في الشرك، والعياذ بالله . 4= استقبال بعض الزائرين القبر عند الدعاء ظنًّا منهم أن ذلك من دواعي الإجابة؛ وهذا خطأٌ شائعٌ ومخالفٌ لسنة الرسول (صلى الله عليه وسلّم)، إذ إن على المسلم أن يستقبل القبلة عند الدعاء ولو كان القبر خلفه أو على جانبه . 5= زيارة بعض الأماكن التي يزعُم الكثير من عوام الناس جـهلاً أنها من آثـار الرسـول (صلى الله عليه وسلّم) وأصحابه الكرام على وجه التعبد والتبرك بها، وهذا غير صحيحٍ وغير جائزٍ شرعًا، والأولى عدم القيام به أو الحرص عليه لعدم ثبوت ذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا أحدٍ من أصحابه الكرام . وختامًا: أسأل الله تعالى أن يُلهمنا الصواب، وأن يوفقنا جميعًا لإتباع هدي نبيه محمد (صلى الله عليه وسلّم)، الذي يُقربنا إلى طاعة الله ورضاه، والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: الحج واحترام النظام السبت 19 سبتمبر 2015, 12:10 am | |
| الحج واحترام النظام الحمد لله الذي خلق فسوى والذي قدّر فهدى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى والمُعلم المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى، أما بعد: فإن من أبرز معاني الحج تدريب النفس البشرية خلال رحلة الحج على الالتزام بالنظام والانضباط السلوكي الذي -لا شك- أن له أثرًا كبيرًا في إنجاح هذا الموسم العظيم من خلال الحرص على الالتزام الفردي والجماعي بالتعليمات والإرشادات التي تُنظم مراحل تنقل الحجيج بين المشاعر المقدسة، والبُعد عن الفوضى والعشوائية والزحام، والحرص على إتباع إرشادات السلامة، والمشاركة الفردية والجماعية في التنظيم، والعمل على التوعية الشاملة الصحيحة التي تكفل -بإذن الله تعالى- لكل من التزم بها أداء شعائر الحج ومناسكه أداءً سليمًا. وإذا أمعنا النظر في تعاليم وتوجيهات وإرشادات ديننا الإسلامي الحنيف؛ فإننا سنجد أنها قد حثت على احترام النظام، ودعت إلى المُحافظة عليه، وعملت من خلال التربية الإسلامية على تفعيل هذه القيمة السلوكية العظيمة التي تُعد في المجتمع المُسلم مبدأ وشعارًا ينادي به الجميع ويتفهمونه، ثم يعملون على تحويله إلى سلوكٍ تربويٍ يمارسونه في حياتهم اليومية، ويتخلقون به في كل شأنٍ من شؤون حياتهم . وانطلاقًا من هذا المضمون التربوي العظيم وهذا المعنى التدريبي السامي؛ فإن على كل فردٍ في المجتمع المُسلم أن يُعنى عنايةً خاصةً بمسؤولياته المختلفة تجاه مجتمعه المسلم الذي ينتمي إليه، وأن يستشعر أهمية الواجب الملقى عليه في كل شأنٍ من شؤون الحياة مهما كان يسيرًا تحقيقًا لما صحَّ عن عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) أنه قال: سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) يقول: "كلكم راعٍ ومسؤولٌ عن رعيته" (البخاري، الحديث رقم 5200، ص 930) . من هنا، فإن على الحاج أن يجتهد في احترام النظام ومراعاة أولوياته، وأن يحرص على عدم الإخلال به بأي صورةٍ من الصور، ولاسيما في ترتيبه لأعمال ومشاعر الحج؛ فلا يصح أن يأتي بفعلٍ قبل وقته كأن يسعى قبل الطواف، ولا أن يرمي الجمرات قبل أن يقف بعرفات، وهكذا لأن ترتيب أعمال الحج جزءٌ لا يتجزأ من تمامه وكماله، كما أنها مدعاةٌ لقبوله بإذن الله تعالى وكسب أجره وثوابه . وليس هذا فحسب؛ فعلى الحاج أن يحرص على إتباع إرشادات الجهات المسؤولة عن التنظيم ، وبخاصة عند التنقل بين المشاعر المقدسة، وأن يكون الحاج قدوةً حسنةً في ذهابه وإيابه، وأسوةً طيبةً لمن حوله في القول والعمل والمظهر والتعامل، وأن يكون مُلتزمًا ومتحليًا بالأخلاق الفاضلة، والقيم والمبادئ والمُثل الكريمة، لأنها خير ما يتصف به المسلم، بدليل ما جاء عن أسامة بن شريك أنه قال: شهدتُ الأعراب يسألون النبي (صلى الله عليه وسلّم) قالوا: يا رسول الله! ما خير ما أُعطي العبد؟ قال: "خُلُقٌ حسنٌ" (رواه ابن ماجة، الحديث رقم 3436، ص 575) . وختامًا: أسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لصالح القول، وجميل العمل، وأن يرزقهم الرضا والقبول، وأن يكتب لهم الأجر والثواب، وصلى الله وسلّم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) السبت 19 سبتمبر 2015, 12:19 am | |
| من مخالفات الحاجَّات والمُعتمرات الحمد لله الذي جعل فريضة الحج قائمةً على الاستطاعة، والصلاة والسلام على من في التمسُك بهديه عبادةٌ وطاعة، أما بعد: فمما لاشك فيه أن هناك الكثير من الأخطاء والتجاوزات التي يقع فيها الحُجاج والمعتمرين بقصدٍ منهم أو بغير قصد؛ ولذلك فإن الواجب علينا جميعًا العمل على نشر التوعية الإسلامية الصحيحة لبيان هذه الأخطاء، والتحذير من الوقوع فيها ولاسيما لأولئك الذين يعتقدون أنها جزءٌ من مناسك أو مشاعر الحج، وأن الإخلال بها سيؤثر على تمام حجهم وكمال نُسكهم . ويأتي من تلك الأخطاء الشائعة ما تقع فيه بعض الأخوات من الحاجات أو المعتمرات دون قصدٍ منهن في الغالب؛ حيث يُلاحظ من تلك الأخطاء كشف كثيرٍ من النساء المعتمرات والحاجات لوجوههن بحضرة الرجال غير المحارم سواءً عند الطواف، أو السعي، أو عند تنقلهن في المشاعر بحجة أنهن محرماتٍ، وهذا أمرٌ لا يجوز أبدًا؛ فالمرأة المحرمة يجب عليها تغطية وجهها عندما تكون بحضرة الرجال غير المحارم لما في ذلك من الالتزام بتعاليم الدين الحنيف، والمحافظة على الستر والعفاف، والتخلق بخُلق الحياء، ولما جاء عن أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) أنها قالت: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) محرماتٍ، فإذا حاذونا سدَلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفنا" (رواه البيهقي وابن خُزيمة وصححه الحاكم) . كما أن من مخالفات النساء في الحج ما يُلاحظ من قيام بعضهن بلبس الثياب التي يكون فيها تشبهٌ بالرجال، وهو أمرٌ منهيٌ عنه؛ فالمرأة ليس لها لباسٌ خاصٌ بالإحرام، كما هو الحال عند الرجال، ثم لأن التشبه منهيٌ عنه مطلقًا، لما صحَّ عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- أنه قال: "لعنَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلّم) المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال" (رواه البخاري، الحديث رقم 5885، ص 1036) . ويتبع لذلك لبس المرأة المُحرمة للقفازين في اليدين والانتقاب ؛ وهذا خطأ منتشرٌ يقع فيه كثيرٌ من النساء، والسُنَّة عدم لبسهما، لأن النبي (صلى الله عليه وسلّم) نهى عن ذلك، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي (صلى الله عليه وسلّم) قال: "المُحرمة لا تنتقبُ، ولا تلبسُ القُفّازين" (رواه أبو داوود، الحديث رقم 1825، ص 280) . إلا أن هذا لا يعني أن تكشف المرأة عن وجهها في كل الأحوال؛ بل إن عليها تغطيةُ وجهها عندما تكون بحضرة الرجال الأجانب، وعند مخافة الفتنة . وليس هذا فحسب، فإن من النساء المُحرمات من يرفعن أصواتهن بالتلبية، وهذا مخالفٌ لما أورده بعض أهل العلم الذين استحبوا عدم رفع المرأة صوتها بالتلبية؛ إلا بمقدار ما تُسمع به نفسها لما في ذلك من مراعاةٍ لحُرمتها، ومُحافظةٍ على عفافها، وصونٍ لكرامتها . وختامًا: أسأل الله تعالى لنا ولأخواتنا الحاجات التوفيق والسدّاد، والهداية والرشاد، والحمد لله رب العباد . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) السبت 19 سبتمبر 2015, 12:25 am | |
| من الأخطاء والمُخالفات عند أداء المناسك ( 1 ) الحمد لله الذي جعل في الحلال غُنيةٌ عن الحرام، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ بن عبد الله المعلم الإمام، وعلى آله وصحبه الأماجد الكرام، أما بعد: فإن مما يؤسف له أن وجدت عند كثيرٍ من عوام الناس بعض الاعتقادات الباطلة، والعادات المُخالفة للشرع، الأمر الذي جعلهم يحرصون على القيام بأداء بعض العبادات المُحدثة ويقصدون بها التقرُب إلى الله تعالى، وهي في حقيقتها مخالفاتٌ وبدعٌ وأمورٌ باطلةٌ لا تقوم على دليلٍ ولا مستندٍ شرعي. ومن صور ذلك ما يلي: أولاً: زيارة بعض الأماكن التي لم تُشرع زيارتها على سبيل التعبد ، مثل غار حراء في جبل النور، والغار الواقع في جبل ثور، والمكان الذي يُعتقد أنه مكان مولد النبي (صلى الله عليه وسلّم)، وغير ذلك من الأماكن والآثار والبقاع التي لا حقيقة لما يقال عن كثيرٍ منها، ولا مزية توجبُ زيارتها، أو قصدها للصلاة أو الدعاء عندها، أو غير ذلك من أنواع العبادة، ثم لأن ذلك من جملة البدع المحدثة، فلم يثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلّم) وأصحابه الكرام أنهم فعلوا ذلك؛ إضافةً إلى أن في تعظيم الآثار، وتقديس البقاع والأماكن، والتقرب إلى الله تعالى بذلك وسيلةٌ من وسائل الشرك والعياذ بالله . ثانيًا: تخصيص كل شوط من أشواط الطواف أو السعي بدعاءٍ معين، والاعتماد على ما يتداوله بعض الحجاج والمعتمرين من كتيباتٍ وأدعيةٍ لم يُنزل الله بها من سلطان، ولم تثبت عن الرسول (صلى الله عليه وسلّم)، والصحيح أن على الحاج أو المعتمر الاشتغال في طوافه وسعيه بذكر الله سبحانه وتعالى، أو تلاوة القرآن الكريم، أو الدعاء الصالح لنفسه وللمسلمين، فلم يثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلّم) أنه خصص دعاءً لكل شوط أو نحو ذلك؛ سوى ما صحَّ عن عبد الله بن السائب عن أبيه -رضي الله عنهم- أنه قال: سمعتُ النبي (صلى الله عليه وسلّم) يقول ما بين الركن اليماني والحِجْر: "ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار" (رواه الحاكم، ج 2، الحديث رقم 3098، ص 3042) . ثالثًا: رفع الصوت بالدعاء أو ترديد الدعاء الجماعي أثناء الطواف أو السعي بشكلٍ يُشوش على الآخرين، ويقطعُ خشوعهم، وهذا خطأ كبيرٌ؛ فإن من آداب الدعاء المناجاة والخشية، والخشوع والانكسار وليس الصراخ والصياح والإزعاج . رابعًا: الانشغال بلقط الحصى من مزدلفة ظنًا من البعض أن الجمار لا تجمع إلاَّ من مزدلفة فقط، وهذا فهمٌ غير صحيح؛ لأن للحاج جمع الحصى من أي مكان في منى، ويكفي أن يلقط من مزدلفة سبع حصياتٍ لرمي جمرة العقبة في يوم النحر فقط . خامسًا: الغفلة عن الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الصُغرى، والجمرة الوسطى؛ فقد ثبت أن النبي (صلى الله عليه وسلّم) كان يقف بعد رميهما مستقبلاً القبلة، ويرفع يديه ثم يدعو دعاءً طويلاً . وبعد؛ فليست هذه المخالفات إلا جزءٌ من كلٍ، وسوف نستكمل -بإذن الله تعالى- في الحلقة التالية حديثنا عنها سائلين الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لاتباع هدي حبيبنا مـحمدٍ (صلى الله عليه وسلّم)، وأن يرزقنا الرضا والقبول، والله الهادي إلى سواء السبيل . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) السبت 19 سبتمبر 2015, 12:30 am | |
| من الأخطاء والمُخالفات عند أداء المناسك ( 2 ) الحمد لله حق حمده، وصلى الله وسلّم على رسوله وعبده، أما بعد: فهناك بعض الأخطاء والمُخالفات التي يرتكبها بعض الحُجاج بغير قصدٍ منهم في الغالب، والتي نتجت بطبيعة الحال عن الجهل، أو التقليد، أو عدم الحرص على معرفة كيفية أداء النُسك على الوجه الصحيح . ومن هذه المخالفات ما يلي: أولاً: الإصرارُ على أداء ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام مع الإطالة في القراءة والركوع والسجود، وهذا مخالفٌ للسُنَّة؛ فقد كان (صلى الله عليه وسلّم) كما ثبت عنه يُخففُ هاتين الركعتين خلف المقام، ثم إن العلماء قد أفتوا بجواز أداء هاتين الركعتين في أي مكان من الحرم عند الزحام . ثانيًا: الاكتفاء بقص بعض الشعرات من أطراف ووسط شعر الرأس، وهذا من أبرز الأخطاء الشائعة عند الكثيرين الذين لا يعلمون أن قص تلك الشعرات لا يكفي، ولا يحصل به التحلل من الإحرام؛ إذ إن الصحيح أن يعُم التقصير جميع شعر الرأس للرجل المُحرم، وأن خيراً من التقصير حلاقة شعر الرأس كاملاً، فإن النبي (صلى الله عليه وسلّم) دعا للمحلِّقين ثلاثًا، وللمقصرين مرةً واحدة، لما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي (صلى الله عليه وسلّم)، في حجة الوداع "دعا للمحلقين ثلاثًا وللمقصرين مرة" (رواه مسلم، الحديث رقم 3150، ص 548) . أما المرأة فتقص من كل ظفيرةٍ من ظفائرها قدر أنملة أي (قدر رأس الأصبع)، وهذا يكفي إن شـاء الله تعالى لـما ثبت عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسـول الله (صلى الله عليه وسلّم): "ليس على النساء الحلقُ، إنما على النساءُ التقصير" (رواه أبو داود، الحديث رقم 1985، ص 303) . ثالثًا: حلق اللحى عند حلق شعر الرأس أو التقصير منه، وهذا خطأ كبير، ومخالفةٌ صريحةٌ لهدي النبي (صلى الله عليه وسلّم) الذي أمر بإعفاء اللحى وعدم حلقها . رابعًا: رفع الصوت بالدعاء أو ترديد الدعاء الجماعي في الطواف والسعي بشكلٍ يُشوش على الآخرين، ويقطعُ خشوعهم، وهذا خطأ كبيرٌ؛ فإن من آداب الدعاء المناجاة والخشية، والخشوع والانكسار وعدم الصراخ والصياح والإزعاج . خامسًا: الانشغال بلقط الحصى من مزدلفة ظنًا من البعض أن الحصيات التي تُستخدم لرمي الجمرات لا تُجمع إلاّ من مزدلفة فقط وهذا غير صحيح . سادسًا: الخطأ في فهم معنى التعجل؛ إذ إن من الناس من يحسب أن اليومين المسموح بالتعجل فيهما هما اليوم العاشر واليوم الحادي عشر، وهذا من الخطأ الذي يكثُر الوقوع فيه والصحيح أن اليومان هما: اليوم الحادي عشر واليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة . سابعًا: المكوث بمكة بعد طواف الوداع لفترة زمنية طويلة، وهذا مخالفٌ لأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلّم)، مع مراعاة أنه لا بأس -كما قال أهل العلم- بالإقامة اليسيرة لأداء الصلاة، أو انتظار الرفقة، أو إصلاح عطلٍ في السيارة، أو شراء ما لابد منه، ولكن إذا طال المقام؛ فإن الأحوط إعادةُ طواف الوداع . وختامًا: أسأل الله تعالى أن يُلهمنا الصواب في القول والعمل والنية، وأن يوفقنا جميعًا لاتباع هدي نبيه محمد (صلى الله عليه وسلّم)، والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) السبت 19 سبتمبر 2015, 12:42 am | |
| حياة المسلم عبادة الحمد لله جعل حياة الإنسان المسلم طاعاتٍ وعبادات، والصلاة والسلام على النبي الذي أشرق الكون بنور رسالته بعد الظُلمات، أما بعد: فتمتاز حياة الإنسان المسلم بأنها زاخرةٌ بالأعمال الصالحة، والعبادات المشروعة التي تجعل المسلم في عبادةٍ مُستمرةٍ، وتحوِّل حياته كلَّها إلى قولٍ طيبٍ وعملٍ صالحٍ، وسعيٍ دؤوبٍ إلى الله جلَّ في عُلاه دونما كللٍ أو مللٍ أو فتورٍ أو انقطاع . وانطلاقًا من ذلك فإن حياة الإنسان المسلم لا تكاد تنقطع من أداء نوعٍ من أنواع العبادة التي تُقرِّبُه من الله تعالى؛ فهو مكلفٌ بخمس صلواتٍ في اليوم والليلة، وصلاة الجمعة في الأسبوع مرةً واحدة، وصيام شهر رمضان المبارك في كل عام، وما أن يفرغ من ذلك حتى يُستحب له صيام ستةِ أيامٍ من شهر شوال، وهناك صيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر، ثم تأتي الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة فيكون للعمل الصالح فيها قبولٌ عظيمٌ عند الله تعالى . وليس هذا فحسب، فهناك عبادة الحج وأداء المناسك، وصيام يوم عرفة لغير الحاج، ثم صيام يوم عاشوراء ويومٍ قبله أو بعده، إضافةً إلى الحثُّ على الصدقة والبر والإحسان، والإكثار من العبادات التطوعية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقول أو العمل أو النية، إلى غير ذلك من أنواع العبادات والطاعات والقربات القولية والفعلية التي تجعل من حياة المسلم حياةً طيبةً زاخرةً بالعبادات المستمرة ومُرتبطةً بها بشكلٍ مُتجددٍ دائمٍ يؤكده قول الحق سبحانه: "فإذا فرغت فانصب" . من هنا، فإن الواجب على الحاج أن يحرص على اغتنام وقته في أداء العبادات، والإكثار من الطاعات سواءً في مكان إقامته في مكة المكرمة، أو في مشعر منى، أو عرفات، أو مزدلفة، أو في الحرم المكي، وأن يجتنب ضياع الأوقات وصرفها فيما لا فائدة منه ولا نفع فيه كالأحاديث الدنيوية، والانشغال بالأكل والشرب، والإكثار من النوم، والتجول في الأسواق، ونحو ذلك . كما أن على الحاج أن يغتنم موسم الحج في الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وتعليم الجاهل من إخوانه المسلمين إذا كان ممن رُزق علمًا نافعًا . وأن يجتهد في عمل الخير للمسلمين عامةً سواءً أكان ذلك الخير قوليًا أو فعليًا، فيُساعد المحتاج، ويرفق بالضعيف، ويُطعم الجائع، ويُرشد الضال, ويمد يد العون لمن يحتاج إلى ذلك، وعليه ألاّ يغفل عن الدعاء الصالح لنفسه، ولأهله، ولأولاده، ولوالديه، ولإخوانه المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها . كما أن من أوجه العبادات التي يمكن للحاج أن يؤديها فيكسب أجرها أن يُعلم آيةً، أو يُبلغ حديثًا، أو يأمر بمعروفٍ، أو ينهى عن منكرٍ، أو يُذكِّر غافلاً، أو يعظ عاصيًا، أو يقضي دينًا، أو يصل رحِمًا، أو يُكرم ضيفًا، أو يسقي ظامئًا، أو ينصح مخطئًا، أو يستر عيبًا، أو ينصر مظلومًا، أو يُنفق مالاً، أو يوزِّع مطويةً، أو يُجِّل شيخًا، أو يوقّر عالمًا، إلى غير ذلك من أعمال البر التي ينال بها صاحبها الكثير من الأجر متى صلُحت النية بإذن الله تعالى . وختامًا: نسأل الله تعالى لحجاج بيته حجًا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا، والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) السبت 19 سبتمبر 2015, 12:46 am | |
| من آداب المسلم في موسم الحج الحمد لله الذي خلق فقدّر، والذي شرع فيسَّر، والصلاة والسلام على نبيه الطاهر المُطهر، أما بعد: فإن من المعلوم بالضرورة أن هناك آدابًا لا بُد من مراعاتها والتحلي بها في حياة الإنسان المسلم عامةً، وفي موسم الحج خاصة لما فيها من تحقيقٍ لمعنى التمسك بتعاليم الدين، ولزوم سنة النبي محمدٍ (صلى الله عليه وسلّم)، كأن يحرص الحاج على التلطف بمن حوله من إخوانه الحجاج والمصلين وبخاصةٍ أثناء الطواف بالبيت الحرام، أو السعي بين الصفا والمروة، وعند تقبيل الحجر الأسود؛ فإن كثيرًا من الناس قد يقع في المحظور ليأتي بسنةٍ من السنن وهذا مخالفٌ لهدي النبوة وآدابها . وعلى الحاج عدم تخطي الرقاب في الحرم الشريف، والحذر من إيذاء المصلين، فإن الله تعالى يقول في كتابه العزيز: "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً" (الأحزاب: 58) . كما أن على الحاج أن يحذر من النظر إلى النساء، أو الصلاة بجوارهن، أو الاحتكاك بهن لما في ذلك من المخالفة لتعاليم الدين الحنيف، ولأن ذلك مما يجب على المسلم اجتنابه، وبخاصة في بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة التي يُفترض أن تكون مواطن لتعظيم شعائر الله تعالى، والتي هي سبيلٌ لحصول تقوى القلوب كما قال تعالى: "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ" (سورة الحج: 32) . ويأتي من الصور التي تتنافى مع آداب الإسلام أن يقوم بعض الحُجاج أو المعتمرين بإغلاق أبواب الحرم ومداخله وطرقاته بحُجة أدائهم للصلاة فيها، أو النوم، أو الجلوس للراحة . كما أن مما يؤسف له أن يكون هناك من لا يتوانى عن تلويث حرم الله الكريم ببقايا الأطعمة أو المشروبات، أو بشيءٍ من القاذورات والأوساخ؛ وهذا كله من العبث وكفر النعم، وعدم تعظيم شعائر الله . كما أن من الآداب الكريمة أن يكون الحاج حسن التعامل مع إخوانه المسلمين الذين يُشاركونه موسم الحج زمانًا ومكانًا، وتربطه بهم رابطة الأخوة الإيمانية المتمثلة في قوله تعالى: }إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ{ (سورة الحجرات: من الآية 10). وأن يتخلق معهم بالأخلاق الحسنة، وأن يُحسن مصاحبتهم ورفقتهم، وأن يحاول التعايش معهم، وأن يتحمل ما قد يحصل منهم من أخطاء أو نحو ذلك بأن يتعامل مع كل موقفٍ في حدود وضوابط الأخوة الإيمانية التي جمعتهم جميعًا في هذه البقاع الطاهرة ضيوفـًا للرحمن في حرم الله الآمن يطلبون رحمته ويسألون غفرانه . ويأتي من الآداب أن يترفع الحاج عن بعض أفعال الجُهال كرمي الجمرات بالحجارة الكبيرة أو القوارير أو النعال، أو نحو ذلك، أو رفع الصوت بالذكر الجماعي حتى يُصبح إزعاجًا للآخرين، أو الدعاء بشكلٍ جماعيٍ مزعج يُشوش على الآخرين، أو رفع الشعارات الدنيوية الزائفة، أو ترديد النداءات الحزبية أو المذهبية أو القومية، أو تنظيم المسيرات الجماهيرية، ونحو ذلك من الأفعال التي تتنافى مع تعاليم الدين، أو تتعارض مع مبادئ وقيم الآداب الإسلامية . وختامًا: نسأله سبحانه وتعالى أن يرزقنا لقول وعمل الصالحات، والتوفيق للطاعات والقُربات، والبُعد عن المعاصي والخطيئات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) السبت 19 سبتمبر 2015, 12:58 am | |
| من فضائل مكة المكرمة الحمد لله الذي جعل مكة المكرمة حرمًا آمنًا وبلدًا مُقدسًا، والصلاة والسلام على من وصفها بخير أرض الله وأحبها إلى نفسه (صلى الله عليه وسلّم)، أما بعد: فمن المعلوم أن الله تعالى خصَّ بعض الأماكن بمُميزاتٍ وفضائل لم تكن لغيرها من البلاد، فكان فضل (مكة المُكرمة) على سائر البلاد واضحًا ومعلومًا حينما جعلها الله تعالى حرًمًا آمنًا وجعل البيت الحرام فيها مثابةً للعالمين وأمنًا للخائفين، وفي ذلك يقول سبحانه: "وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً" (سورة البقرة: من الآية 125) . وقد تحدث كثيرٌ من أهل العلم عن فضائل مكة المكرمة وشريف منزلتها وعظيم قدرها والنصوص في ذلك كثيرةٌ، ولو لم يكن فيها غير أنها مهبط الوحي، ومنزل القرآن الكريم، وأنها البلد الآمن الأمين، والبلد الحرام، وهي قبلة المسلمين، ومهوى أفئدتهم في كل زمانٍ وأي مكان ، كما أنها أشرف البقاع وأحبها إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) فعن عدي بن الحمراء -رضي الله عنه- أنه قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الحزوّرة، وهو يقول: "والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله -وفي رواية: [إليّ]، ولولا أني أُخرجت منك ما خَرجت" (صحيح الجامع: 7089) . إلى غير ذلك مما تحدث فيه أهل العلم في أكثر من موضع؛ الأمر الذي يجعل مكة المكرمة تحظى بمنزلةٍ رفيعةٍ ومكانةٍ ساميةٍ في نفوس المسلمين في كل زمانٍ ومكان . ومما تختزنه كُتب تراثنا الإسلامي في هذا الشأن ما جاء في رسالة الحسن البصري عن فضائل مكة المكرمة أنه قال: "ما أعلم على وجه الأرض بلدةً تُرفع فيها الحسنات من أنواع البِر كلّ واحدةٍ بمائة ألف إلاّ بمكة، وما أعلم بلدةً على وجه الأرض يُتصدّق بدرهمٍ واحدٍ يُكتب بمائة ألف درهمٍ إلاّ بمكة، وما أعلم بلدةً على وجه الأرض أنّ مسَّ شيءٍ يكون تكفيرًا لخطاياه وانحطاطًا لذنوبه كما ينحطُ الورق من الشجر إلاّ بمكة (ويقصد بذلك استلام الحجر الأسود والركن اليماني من الكعبة المُشرّفة)، وما أعلم بلدةً على وجه الأرض إذا دعا أحدٌ بدعاءٍ أمَّنت له الملائكة فيقولون: آمين.. آمين إلاّ بمكة حول بيت الله تعالى، وما أعلم بلدةً على وجه الأرض صدر إليها جميع النبيين والمرسلين خاصةً إلاّ بمكة" . فيا عباد الله، ويا ضيوف الرحمان، تذكّروا -بارك الله فيكم- أنكم في خير البقاع وأشرف الأماكن على وجه الأرض، وأن عليكم استشعار شرف المكان والزمان، والحرص على تعظيم شعائر الله تعالى قولاً وعملاً ونيةً، والاجتهاد في عمل الصالحات، والإكثار من العبادات، والتقرب إلى الله تعالى بأكبر قدرٍ مُمكنٍ من الطاعات والقربات، واجتناب المعاصي والذنوب والخطيئات . وختامًا: نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم جميعًا لكل قولٍ سديدٍ، وعملٍ رشيد، وأن يرزقنا تعظيم حرماته بأن نعرف لمكة المكرمة وما فيها من المشاعر المقدسة حقها المشروع من التعامل الحسن الذي نكون به من عباد الله الصالحين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) السبت 19 سبتمبر 2015, 1:07 am | |
| من فضائل المدينة المنورة الحمد لله الذي حبّب المدينة المنورة لأهل الإيمان، والصلاة والسلام على من وصفها بمأرز الإيمان في آخر الزمان، أما بعد: فتحظى (المدينة المنورة) بمكانةٍ جليلةٍ بين مدن العالم الإسلامي منذ ظهور الإسلام وحتى وقتنا الحاضر، فهي مدينةٌ مباركة لدعاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) لها ولأهلها بالبركة فقد صحَّ عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "اللهم بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم، ومُدِّهم"، يعني أهل المدينة. (رواه البخاري، الحديث رقم 2130، ص 342) . كما أن لها قدسيتها وخصوصيتها المتميزة عند المسلمين في كل زمانٍ ومكان؛ فهي: مدينة رسول الله، ودار الهجرة، ومهبط الوحي، وهي طيبة الطيبة، كما أنها مثوى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وفيها (المسجد النبوي الشريف) الذي تُعد الصلاة فيه خيرٌ من ألف صلاةٍ في غيره إلا المسجد الحرام، لما صحَّ عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلّم): "صلاةٌ في مسجدي هذا، خـيرُ من ألف صلاةٍ في غيره من المساجد؛ إلا الـمسجد الحرام" (رواه مسلم، الحديث رقم 3375، ص 583) . يُضاف إلى ذلك أن (المدينة المنورة) تُعد نواة المجتمع الإسلامي الأول ومركز قيامه، ومنطلق الجيوش الإسلامية الفاتحة التي نشرت دين الإسلام وبلغته إلى مشارق الأرض ومغاربها، وهي عاصمة الإسلام الأولى وداره ومقره إلى قيام الساعة، كما أنها المدينة التي يجتمع فيها الكثير من المعالم التاريخية ذات الدلالات والمعاني المختلفة في تاريخ وتُراث الإسلام والمسلمين . وقد ورد في فضل المدينة المنورة أحاديث نبوية مُتعددة تبيِّن جوانب مختلفة من هذه الفضائل التي يأتي من أبرزها أن النبي (صلى الله عليه وسلم) دعا لأهلها بزيادة البركة في مُدهِم وصَاعِهم، ومضاعفة ثواب الأعمال الصالحة فيها من صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ ونحوها . ومن فضائلها منع دخول الكفار إليها كما هو الحال في مكة المكرمة، واستحباب المجاورة فيها لما يترتب على تلك المجاورة من نيل الدرجات ومزيد الكرامات، والحث على العيش فيها حتى الموت لما في ذلك من الفضل الذي صحَّ عن ابن عمر (رضي الله عنهما) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها، فإني أشفع لمن يموت بها" (رواه الترمذي، الحديث رقم 3917، ص 879) . ومما سبق يُمكن أن نخلُص إلى أن للمدينة المنورة مكانةً عالميةً تتمتع بها وتتميز عن سائر البلدان والمدن، وهذا يقتضي أن تكون لها حُرمةً خاصةً، وآدابًا ينبغي على المقيم بها والزائر لها أن يُراعيها وأن يلتزم بها لما يترتب عليها من تعظيمها واحترامها والقيام بما يجب على المسلم نحوها، إضافةً إلى أن في ذلك ترقيةٌ للسلوك الاجتماعي عند الإنسان المسلم من جهة، وتقويةٍ لنسيج الوحدة الإسلامية بين أبناء الأُمة في كل شأنٍ من شوؤن الحياة . وختامًا: نسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعًا ممن يعرف للمدينة المنورة عظيم مكانتها، ويُراعي حرمتها، ويتأدب بآدابها، ويغتنم فرصة وجوده فيها لعمل الصالحات والتقرب إلى الله بالطاعات، والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 08 أكتوبر 2015, 5:20 pm | |
| من صور إيذاء المصلين في المساجد الحمد لله القائل: "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" (سورة الجن: 18) . والصلاة والسلام على خير من صلى وصام وطاف بالبيت الحرام نبينا محمدٍ المعلم الإمام، وعلى آله وصحبه الكرام. أما بعد؛ فكلنا يعلم ما لبيوت الله في الأرض من منزلةٍ عظيمةٍ ومكانةٍ ساميةٍ في نفوس المسلمين الذين يحترمونها ويجلونها، ويعتنون بها عناية كبرى انطلاقًا من كونها شعار الإسلام، ورمز المجتمع المسلم، ومكان اجتماع المسلمين لذكر الله سبحانه وأداء فرائضه اليومية، ولذلك فإن المسلم لا يأتي إليها إلا وقد تطهر واستعد للوقوف بين يدي الله جل وعلا في خشوع وخضوع يسأله من فضله ويستعيذ به من عذابه . وإذا كان هذا هو حال المسلمين في مساجدهم فإن هناك بعض المصلين الذين يأتون إلى المساجد فيؤذون -بغير قصدٍ منهم- من فيه من عباد الله من الملائكة والمصلين بما ينبعثُ منهم من روائح كريهةٍ ومؤذيةٍ ناتجةٍ عن أكل بعض الأطعمة ذات الروائح القوية كالبصل أو الثوم أو الكراث، ونحوها مما يؤذي المصلين الآخرين ويُضايقهم؛ ناسين أو متناسين أن في ذلك الأمر نهيٌ صحيحٌ وصريحٌ من النبي (صلى الله عليه وسلّم) الذي صحّ عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما)، أنه (صلى الله عليه وسلّم)، قال: "من أكل ثومًا أو بصلاً فليعتزلنا ـأوـ فليعتزل مسجدنا أو ليقعد في بيته" (رواه البخاري، الحديث رقم 855، ص 138) . كما صحَّ عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) قال: "من أكل من هذه البقلة، (أي الثوم) -وقال مرةً: "من أكل البصل والثوم و الكراث- فلا يقربنَّ مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم" (رواه مسلم، الحديث رقم 1254، ص 227) . وقد تكون الروائح منبعثةً من الملابس التي يرتدونها كالجوارب المتعفنة، أو ملابس العمل المتسخة، أو بعض الملابس الداخلية، ونحو ذلك مما يحصل في العادة من أصحاب بعض المهن الذين يُهملون العناية بملبسهم وزينتهم وكأنهم لم يسمعوا بقوله تعالى: "يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" (سورة الأعراف: 31). وليس هذا فحسب، فهناك صورٌ مختلفة لإيذاء المصلين إذ إن من الناس من يؤذي المصلين برائحة (الدُخان) المؤذية التي تنبعث منه ومن ملابسه أو ما في حُكمه مما يتعاطاه بعض الناس كالشيشة ونحوها، كما أن هناك من يدخل المسجد وهو يحمل الحذاء بيده حتى يضعها أمامه، وربما كان في الصفوف المتقدمة غير مبالٍ بقدسية المسجد، وغير مراعٍ لمشاعر المصلين الآخرين . وهكذا تتعدد الصور المؤسفة التي يتم من خلالها إيذاء المصلين في بيوت الله بقصدٍ أو بغير قصد؛ فلماذا -يا عباد الله- تنتشر مثل هذه المظاهر المزعجة الخاطئة؟! ولماذا لا تُحترم بيوت الله في الأرض، فنعمل جميعًا على طهارتها، ونظافتها، وتطييبها، والعناية بها بشكلٍ دائمٍ ومستمر؟ وختامًا: نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته وحُسن عبادته، والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 08 أكتوبر 2015, 5:23 pm | |
| ذكر الله تعالى وفضله الحمد لله الذي أذن للمؤمنين بذكره ، والصلاة والسلام على خير من ذكر ربه في سره وعلنه ، نبينا محمدٍ بن عبد الله الأمين ، وعلى آله وصحبه والتابعين ، أما بعد : فمن المعلوم أن لذكر الله سبحانه وتعالى تأثيرًا عظيمًا في حياة المسلم الدنيوية والأُخروية ، فبذكره ( جل وعلا ) تطمئن القلوب ، وتُحط الخطايا والذنوب ، وتزول القسوة من النفوس ، ويُحصِّن الله الذاكر من الشيطان وجنده ، وما شُرعت الأعمال الصالحة ومنها الحج والعُمرة إلا لإقامة ذكر الله سبحانه وتعالى ، فهو خير الأعمال ، وأزكاها عند الله سبحانه ، وأرفعها درجة ، وهو خيرٌ للعبد من إنفاق الذهب والفضة والجهاد في سبيل الله تعالى لما جاء في الحديث عن ذلك ، وقد أمر الله جل وعلا عباده بكثرة الذكر لأنه سبيل الفلاح ، فقال سبحانه: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ( سورة الجمعة : من الآية 10 ) . وثبت في الحديث الصحيح عن أبي موسى ( رضي الله عنه ) ، أن النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) ، قال: "مثلُ الذي يُذكرُ الله ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت" ( رواه البخاري ، الحديث رقم 6407 ، ص 1112 ) . وممَّا يؤسفُ له أن كثيرًا من الناس يغفلون أو يتغافلون عن هذا الفضل العظيم ، ويفرِّطون فيه حينما لا يهتمون به ، ولا يعطونه بعض وقتهم ؛ فما أن تنتهي الصلاة حتى تراهم يتقافزون من أماكنهم في صفوف المصلين متوجهين إلى خارج المسجد ، وكأنهم لم يعلموا ولم يسمعوا بقوله ( صلى الله عليه وسلّم ): "خصلتان - أو خَلتان - لا يُحافظ عليهما عبدٌ مسلمٌ إلا دخل الجنة ، هما يسيرٌ ، ومن يعمل بهما قليل : يُسبح في دُبُر كل صلاة عشراً ، ويحمد عشراً ، ويُكبِّر عشراً ، فذلك خمسون ومئةٌ باللسان ، وألفٌ وخمس مئةٍ في الميزان" ( رواه أبو داوود ، الحديث رقم 5056 ، ص 758 ) . وقوله ( صلى الله عليه وسلّم ) في حديثٍ آخر: "معقباتٌ لا يخيبُ قائلُهن ، أو فاعلهُنَّ دبر كل صلاةٍ مكتوبةٍ ، ثلاثاً وثلاثين تسبيحة ، وثلاثاً وثلاثين تحميدة، وأربعًا وثلاثين تكبيرة" (رواه مسلم، الحديث رقم 1349 ، ص 242 ) . ومن الضروري أن يعلم الجميع أن ذكر الله تعالى غير محصورٍ في مجرد التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير ؛ فله العديد من الكيفيات والصيغ المختلفة التي بيّنتها الأحاديث النبوية الصحيحة ، وهناك قراءة بعض السور والآيات القرآنية الكريمة التي يترتب على الإتيان بها والـمُحافظة عليها في أوقاتٍ معينةٍ عظيم الأجر وجـزيل الثواب للعبد مـصداقًـا لقوله تعالى: "وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" ( سورة الأحزاب : من الآية 35 ) . وليس هذا فحسب ؛ فلذِكر الله تعالى منافع نفسيةٍ عظيمةٍ لما يُدخله على نفس الذاكر من الهدوء والسكينة ، ولما يترتب على الإتيان به من حصول الطمأنينة التي يقول فيها الحق جل في عُلاه: "الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" ( سورة الرعد : 28 ) . وختامًا: نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لصالح القول والعمل ، كما نسأله جل في عُلاه أن يجعلنا من الذاكرين الله تعالى كثيرًا والذاكرات ، والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 08 أكتوبر 2015, 5:25 pm | |
| من منافع الحج الحمد لله الذي فرض على المستطيعين من عباده حج البيت الحرام ، والصلاة والسلام على خير معلمٍ وإمام ، وعلى آله وصحبه الكرام ، أما بعد: فللحج منافع عظيمة لا تكاد تُحصى كما أخبر الله تعالى في كتابه الكريم بقوله سبحانه: "لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ" ( سورة الحج : من الآية 28 ) . وهي منافع شاملة وجامعة إذ إن فيها المنافع الدنيوية والمنافع الأُخروية ؛ فالحج من أفضل الأعمال عند الله تعالى ولاسيما أن الحج المبرور كما جاء في الحديث النبوي الشريف ليس له جزاءٌ إلا الجنة ، ويأتي من منافع الحج أنه فرصةٌ لعمل الخيرات والطاعات ، وتقديم القُربات ، ومضاعفة الحسنات ، وتكفير الذنوب والخطايا والسيئات . كما أن من منافع الحج أنه عبادةٌ يجتمع فيها من الفضائل مالا يجتمع في غيرها من العبادات والطاعات الأُخرى ؛ فهو عبادةٌ تشتمل على المنافع والعبادات البدنية كزيارة المسجد الحرام والصلاة فيه ، والطواف بالكعبة المشرّفة ، والسعي بين الصفا والمروة ، والوقوف بعرفة ، والمبيت بمزدلفة ، ورمي الجمار ، وذبح الهدي والأضاحي ، والحلق أو التقصير ، وغيرها . كما أنه يشتمل على المنافع والعبادات المالية مثل نفقة الحج وتكاليفه ، وثـمن الهدي أو الأُضحية ، وما قد يُقدمه الحاج في أوجه البِر الأُخرى من النفقات والصدقات . وهناك المنافع والعبادات القولية كالتلبية ، وترديد الأذكار ، والدعاء ، والتكبير ، وتلاوة القرآن الكريم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإفشاء السلام ، والدعوة إلى الله ، وإسداء النصيحة ، والتوجيه والإرشاد ، ونحوها . ويشتمل الحج على المنافع والعبادات السلوكية كتربية النفس على الصبر ، والاحتمال ، والتواضع ، والتسامح ، والمساواة ، ولين الجانب ، والبذل ، والعطاء . وهناك العبادات والمنافع الاجتماعية التي يأتي من أبرزها زيادة أواصر الأُخوة الإيمانية بين المسلمين ، واجتماعهم الأخوي على صعيد واحدٍ في زمنٍ واحد ، وترسيخ مبادئ الولاء والبراء بينهم ، ونحو ذلك . كما أن في الحج منفعةٌ عظيمةٌ تتمثل في كونه مناسبةُ سنويةٌ مُتكررةٌ لتجديد معنى وحدة الأمة واتحادها ولم شملها ، وانتشالها من التيه والتفكُّك ، وفيه توحيد للأمة تحت راية الإسلام ، وتذكيرٌ لها بأن الطريق إلى توحيدها وجمعها ليس له طريق غير طريق " لبيك اللهم لبيك " . ويأتي من المنافع الدينية للحج أنه يعمل على ربط المسلم علميًا وعمليًا بهدي القرآن الكريم وسُنة النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم سواءً أكانت ( قوليةً أم عملية ) ، والتي لا غنى عن معرفتها والتفقه فيها للحاج حتى يتمكن من أداء نُسكه على الوجه الصحيح الذي جاءت به آيات الكتاب وأحاديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) . وليس هذا فحسب ، فهناك الكثير من المنافع الدنيوية التي تحصل في الحج كأن يكون موسمًا للكثير من أنواع التجارة المباحة التي يستفيد منها الناس من خلال عمليات التبادل التجاري للسلع المختلفة ، والبيع ، والشراء ، والتكسُب الحلال ، وتبادل الخبرات في هذا الشأن ، ونحو ذلك . وختامًا: أسأل الله تعالى أن يجعل لنا من منافع الحج نصيبًا نسعدُ به في الدنيا ونفرحُ به في الآخرة ، والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 08 أكتوبر 2015, 5:31 pm | |
| الإحرام في الحج الحمد لله رب الأرباب ، منشئ السحاب، مُعتق الرقاب، مُسبب الأسباب، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، شفيع المذنبين، وحبيب رب العالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد: فيُعدُّ الإحرام أحد شروط صحة أداء الحج، ويُقصد به أن يلبس الحاج أو المعتمر بعد الاغتسال قطعتين من القماش الذي لا مخيط فيه، بحيث يكون أحدهما إزارًا يستر النصف الأسفل، والثاني رداء ًيستر النصف الأعلى كاملاً، والأفضل أن يكونا أبيضين للرجال؛ أما المرأة فلها أن تلبس ما شاءت من الثياب الساترة، وأن تحذر التشبه بالرجال أو التبرج أو نحو ذلك، وأن لا تُخصص للعمرة لونًا معينًا فإن ذلك غير وارد. وعلى من لبس ملابس الإحرام ألا ينسى سُنة التطيب عن الإحرام في الرأس واللحية، لـما جاء في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها) أنها قالت: "كنت أُطيب رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) لإحرامه حين يُـحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت" (رواه البخاري، الحديث رقم 1539، ص 249). كما أن للمُحرم أن يُصلي ركعتين بعد الإحرام بنية سنة الوضوء، وأن ينوي الإحرام بالعمرة أو الحج، وأن يجهر بها قائلاً: "لبيك عمرةً" أو "لبيك حجًا"، أو "لبيك اللهم عمرة"، أو "لبيك اللهم حجًا". وهنا تجدر الإشارة إلى أن على النساء عدم الجهر بالنية أو التلبية، كما أن من يُسر الإسلام وسماحته أن أباح للمحرم عندما يخاف من عائق يعوق إتمام نسكه أن يشترط عند إحرامه، فيقول: ((إن حبسني حابسٌ فمحلي حيث حبستني))، وعند ذلك يُـشرع للمحـرم البدء في التلبية الـمشروعة الثابتة، فقد ورد عن ابن عمرٍ -رضي الله عنهما- أن تلبية رسـول الله (صلى الله عليه وسلّم): "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والمُلك، لا شريك لك" (رواه البخاري، الحديث رقم 1549، ص 251). كما أن للمسلم أن يرفع الصوت بالتلبية، وأن يحرص على الإكثار منها حتى يبدأ الطواف بالبيت الحرام، أما النساء فلهن أن يُلبين بصوتٍ منخفض. وهنا يجب على المحرم أن يجتنب جميع محظورات الإحرام؛ فلا يأخذ من شعره أو أظفاره شيئا، ولا يتطيب بعد الإحرام في بدنه أو إحرامه، ولا يقتل الصيد، ولا يُغطي رأسه بغطاءٍ ملاصق، ولا يقطع شيئًا من شجر الحرم ونباته الأخضر، ولا يلتقط لقطته إلا لتعريفها، ولا يُباشر زوجه بشهوةٍ سواءً أكان ذلك باللمس أو التقبيل أو نحوهما، ولا يلبس المخيط سواءً أكان ذلك قميصًا، أو ثوبًا، أو سروالاً، أو عمامةً، أو خفًا، أو نحوها، وعلى المرأة ألاَّ تلبس النقاب أو البرقع أو نحوهما. وألاَّ تلبس القُفازين في يديها لورود النهي عن ذلك؛ إلا أن من الواجب عليها متى كانت بحضرة رجالٍ أجانب أن تُغطي وجهها بالخمار ونحوه. كما أن مما ينبغي التنبيه عليه أنه لا بأس للمُحرم بلبس النعلين، والخاتم غير المذهب، وسماعة الأذن، والنظارة الطبية أو الشمسية، والساعة، والحزام، ولا بأس له بتغيـير ملابس الإحرام وغسلها وتنظيفها، وغسل الرأس والبدن، ونحو ذلك مما بيّنه أهل العلم في هذا الشأن. وختامًا: نسأل الله تعالى التوفيق والسدّاد والهداية والرشاد، والحمد لله رب العباد. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 08 أكتوبر 2015, 5:33 pm | |
| من معاني الإحرام الحمد لله العزيز الغفور ، والصلاة والسلام على أتقى آمرٍ وأبر مأمور ، أما بعد: فليس الإحرام مجرد رداءٍ يلبسه المُحرم أثناء أدائه لنُسُكه ، كما أنه ليس مجرد شعارٍ يميز الحاج و المعتمر عن غيرهما من الناس ؛ ولكنه عبادةٌ يؤديها المسلم إتباعًا واقتداءً ، فهو نية الدخول في الحج أو العمرة أو فيهما معًا ، ويكون الإحرام - في الغالب - من المواقيت ( وهي الأماكن ) التي عينها النبي ( صلى الله عليه وسلّم ) ليُحرم منها من أراد الحج أو العُمرة ، وعلى الرغم من كونه عبادة إلا أن له منافع أُخرى يأتي من أبرزها ما يلي: أولاً ) أن في تجرد المحرم من ثيابه دلالةٌ على تجرُده في رحلة الحج من متاع الدنيا وزينتها وهو ما يُمكن ملاحظته عندما يطرح الجميع ما عليهم من الملابس والثياب ، ويتخلصون من كل أنواع الزينة المباحة ليكون مظهرهم واحدًا وزيهم متشابهًا في تلك الرحلة التي لا يبتغون فيها سوى مرضاة الله تعالى وعفوه وغُفرانه . ثانيًا ) أن في ارتداء الحاج أو المعتمر للباس الإحرام دلالةٌ على أن المحرم يكون في أعلى درجات التذلُل والخُضوع حين وقوفه بين يدي الله تعالى ، وحين الطواف ببيته المعظم ، وعند السعي بين الصفا والمروة ، وعند الوقوف بالمشاعر المقدّسة والتنقل بينها . ثالثًا ) أن في الإحرام مساواةٌ بين الحُجاج في ملبسهم الموحد الذي يؤدون الفريضة فيه ، فلا فرق فيه بين غني وفقير ، ولا بين أبيض ولا أسود ، ولا كبير ولا صغير ، زيهم واحد ، وربهم واحد ، وقبلتهم واحدة ، وشعارهم الذي يرددونه واحد . رابعًا ) أن في تجريد معظم أعضاء جسم الإنسان من الثياب عند لبس الإحرام تعريضًا للرأس ، والرقبة ، واليدين ، والساقين ، للهواء الطلق ، ولأشعة الشمس ، وغيرها من الظروف الجوية التي لها أثرٌ واضحٌ في إكساب الجسم شيئًا من النشاط والحيوية ؛ حيث يستريح فيها الجسم ويسترجع قواه ، ويستعيد نشاطه عند تعرض مسام الجسم للهواء الطلق ونحو ذلك مما لا يتحقق في حياة الإنسان العادية . خامسًا ) أن في الإحرام مدعاةٌ للنظافة الشخصية ؛ إذ إن الحاج أو المُعتمر عندما يعزم على الإحرام فإنه يُسن له تنظيف جسمه ، والاغتسال ، والتطيب وفي ذلك منافعٌ عظيمةً تتمثل في تخليص الجسم مما قد يُسبب له الأذى مثل: الشعر الطويل سواءً في رأسه أو شاربه ، والأظفار ، وشعر العانة ، وشعر الإبطين ، ونحو ذلك مما قد يكون مظنة اجتماع الجراثيم والميكروبات والقذر ونحوه . كما أن آثار الحركة الكثيرة في الحج قد تتسببُ في تحمل بعض أعضاء الجسم للغبار والأتربة ، وخروج العرق ، وهذا قد يسُد مسام الغُدد العرقية فيؤدي إلى بعض الأمراض الجلدية ، وبقاء بعض النفايات السامة داخل الجسم ؛ الأمر الذي يوجب على الحاج أن يعتني بتنظيف أعضاء جسمه ، وتخليصها من تلك الأتربة والغبار والعرق ونحوه . سادسًا ) أن في الإحرام من المواقيت وقبل الوصول إلى حرم الله الآمن تربيةٌ للإنسان على استشعار عظمة هذا الحرم ، وأنه قد أقبل إلى مكانٍ مُقدسٍ ، فعليه أن يستحضر ذلك ، وأن يدخل في معاهدة سلامٍ مع هذا المكان بمن فيه من الناس ، وما فيه من المخلوقات والكائنات الأُخرى ؛ لأنه يكون بدخوله ذلك في حرم الله وحماه الآمن الذي قال فيه تعالى: "وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً" ( سورة آل عمران : من الآية 97 ) . وختامًا: أسأل الله تعالى أن يتقبل من عباده حجهم ودعاءهم واستغفارهم ، وأن يُيسر لهم إتمام مناسكهم على النحو الذي يُرضيه سبحانه ، والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 08 أكتوبر 2015, 5:38 pm | |
| ظاهرة الافتراش في الحج ومساوئها الحمد لله الذي أرشد إلى تقوى القلوب بتعظيم المشاعر ، والصلاة والسلام على من اهتدى بهديه الأكابر و الأصاغر ، أما بعد : فلا شك أن موسم الحج يُعد اجتماعًا إيمانيًا مباركًا للملايين من المسلمين الذين يفدون إلى هذه البقاع الطاهرة لأداء هذه الفريضة المباركة التي تجمع أُناسًا من بقاعٍ شتى ، ولغاتٍ مختلفة ، وعاداتٍ وتقاليد وثقافاتٍ متباينة ؛ الأمر الذي ينتج عنه بعض المشكلات الكبرى التي يأتي من أبرزها و أخطرها ظاهرة الافتراش التي تُعد من أبرز المشكلات التي تظهر بوضوح في موسم الحج من كل عام ، ولاسيما في مشعر منى ، حيث يكثر انتشار هذه الظاهرة تحت الجسور ، وفي الشوارع ، وعلى الأرصفة ؛ وبين المخيمات بشكلٍ عشوائيٍ يترتب على وجوده الكثير من المتاعب والمُشكلات التي تكون نتائجها ( في الغالب ) مؤسفةً ومؤلمة للجميع لا سمح الله ، وعلى الرغم من كونها ظاهرةً سلبيةً إلا أنها تتكررُ كل عامٍ ، وعلى وجه الخُصوص في المنطقة المُجاورة للجمرات ، والطُرق المؤدية إلى جسر الجمرات بمنطقة منى . وهنا نُشير إلى أن من أهم المساوئ والسلبيات التي غالبًا ما تنتج عن هذه الظاهرة الخاطئة ما يلي : = أولاً / أن ظاهرة الافتراش تتسبب في إعاقة حركة السير في المناطق التي تنتشر فيها سواءً للحجاج الذين يؤدون مناسكهم ، أو لبعض آليات ومركبات الجهات الرسمية التي تُقدِّم الخدمات للحجاج كالمستشفيات ، والدفاع المدني ، والهلال الأحمر ، والإسعاف ، ونحوها ؛ الأمر الذي يحول دون تقديم الكثير من الخدمات عند حصول ما يستدعي وجودها . = ثانيًا / أن ظاهرة الافتراش بشكلها العشوائي يُتيح الفرصة لأعدادٍ كبيرةٍ من المُتخلفين عن السفر ، والذين لا يحملون تصاريح لأداء مناسك الحج فيندسُّون بين الحُجاج ومن ثم يُسهمون في مُضايقتهم ومزاحمتهم وعرقلة سيرهم ، وفي ذلك ما فيه من المخاطر الكبيرة واحتمال وقوع الكوارث المؤسفة التي لا تُحمد عقباها لا سمح الله . = ثالثًا / أن ظاهرة الافتراش سببٌ رئيسٌ في انتشار بعض ألوان الجرائم كالسرقات وفقدان الممتلكات ونحو ذلك من المخاصمات والمنازعات التي عادةً ما يقوم بها ضعاف الأنفس نتيجةً للفوضى والعشوائية . = رابعًا / أن ظاهرة الافتراش تؤدي إلى حصول الزحام الشديد ، وربما تكون سببًا في حصول التدافع بين أفواج الحجاج الذين يتنقلون بين المشاعر ، كما أنه قد يترتب عليها سقوط بعض الحجاج على الأرض ولاسيما من النساء والأطفال وكبار السن ، أو تعثرهم في المفترشين وأمتعتهم الأمر الذي تنتج عنه كثيرٌ من الحوادث المؤلمة والمناظر المؤسفة . = خامسًا / أن ظاهرة الافتراش تؤدي بطبيعة الحال إلى انعدام النظافة ، وانتشار المخلفات التي تُُحيط بالمفترشين من كل مكان ، الأمر الذي لابُد وأن ينتج عنه حصول الكثير من المخاطر الصحية والبيئية ، وانتشار العدوى ببعض الأمراض ، وغير ذلك مما يؤثر على سلامة الحجاج واحتمال تعريضهم للخطر لا سمح الله . فيا عباد الله : لنحذر من هذه الظاهرة السلبية ، ولنحرص جميعًا على معالجتها ، والإسهام الإيجابي في القضاء عليها حتى نسلّم جميعًا من مضارها و مخاطرها ، والله تعالى نسأل أن ينفعنا جميعًا بما نقول ونسمع ونقرأ ، والحمد لله رب العالمين . |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 08 أكتوبر 2015, 6:02 pm | |
| من الأبعاد التربوية للحج (1) الحمد لله الذي افترض على القادرين من عباده الحج إلى بيته الحرام، وجعل ذلك أحد أركان الإسلام، والصلاة والسلام على أفضل مرسلٍ وأكمل إمام. أما بعد: فإن الحج ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة، وفريضةٌ افترضها الله تعالى على عباده لمن استطاع إليه سبيلا. وهو إلى جانب ذلك مؤتمرٌ تربويٌ وموسمٌ تعليميٌ ينبغي على الأمة المسلمة أن تستفيد منه بشكلٍ دوريٍ، وأن تخرج منه في كل عامٍ بأكبر قدرٍ من الفوائد والمنافع التي يمكن أن تترتب على مختلف الأبعاد التربوية لهذه الفريضة العظيمة التي تنعكس آثارها ونتائجها على سلوك وتربية الإنسان المسلم بخاصة، وحياة المجتمع الإسلامي بعامة. ولعل من أبرز الأبعاد التربوية لفريضة الحج ما يلي: أولاً/ تربية الإنسان المسلم على تعظيم حرمات الله جل وعلا: فعلى المسلم الذي يأتي حاجًا أو معتمرًا إلى هذه البقاع المقدسة أن يعظم حرمات الله، وأن يعرف لهذه المشاعر حقها، فيخلص العبادة فيها لله وحده لا شريك له، وأن يعلم أنه بمجرد دخوله إلى الديار المقدسة إنما يدخل في معاهدة سلام مع الوجود كله، لأن الله تعالى أمر عبادة بأن يكون حرَمُه أمنًا، والمعنى الذي يُشير إليه هذا الوصف يقتضي أن يكون من دخله آمنًا على نفسه وعرضه وماله؛ وليس هذا فحسب، بل إن الحيوان والنبات وما في حكمهما يشترك في هذه المعاهدة الأمنية التي يؤكدها قوله تعالى: }وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً{ (سورة آل عمران: من الآية 97). وهذا فيه بُعدٌ تربويٌ إنسانيٌ يفرض على الحاج والمعتمر أن يكون في رحلته إلى هذه الديار المقدسة عاقدًا العزم على تعظيم حرمات الله تعالى، وعدم إيذاء من فيها من الكائنات، وما فيها من المكونات لما يترتب على ذلك من الوعيد الشديد بالعذاب الأليم الذي جاء في معنى قوله تعالى: }ومن يُرد فيه بإلحادٍ بظُلمٍ نُذِقه من عذابٍ أليم{ (سورة الحج: 25). ثانيًا/ تحقيق معنى الإخلاص الكامل لله وحده لا شريك له وهو ما يمكن أن يتحقق للإنسان المسلم عندما يقصد هذه الديار المقدسة متجردًا من كل الأغراض الدنيوية والغايات الحياتية، وعندما تكون غايته مُتمثلةً في طاعة الله والامتثال لأمره، والطمع في مرضاته جل جلاله. وهذا فيه بُعدٌ تربوي ذاتي يتمثل في أهمية تربية النفس البشرية على إخلاص النية وصلاح الطوية في مُختلف الأقوال والأعمال فرديةً كانت أو جماعية. ثالثًا/ تربية الإنسان المسلم على الامتثال والإتباع لهدي سيدنا محمدٍ (صلى الله عليه وسلّم) الذي صح عنه أنه قال: "خذوا عني مناسككم". ولا يكون هذا الإتباع للسنة النبوية إلا بسؤال أهل العلم الموثوق في دينهم وأمانتهم، ومعرفة الكيفية الصحيحة لأداء المناسك والشعائر المختلفة، والابتعاد عن البدع والضلالات، وتصحيح الأخطاء التي يقع فيها كثيرٌ من الحجاج بقصدٍ أو بغير قصد. وهنا بعدٌ تربويٌ روحيٌ عظيمٌ يتمثل في أن تمام العمل لا يمكن أن يتحقق على الوجه الصحيح إلا إذا كان موافقًا للمنهج الرباني المستمد من كتاب الله العظيم، وسنة الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ إضافةً إلى صحة وسلامة الإتباع لهدي النبوة ومنهجها الصحيح الذي لا شك فيه ولا ريب. وفّق الله الجميع لكل قولٍ سديد، وفعلٍ رشيد، والحمد لله رب العالمين. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 08 أكتوبر 2015, 6:07 pm | |
| من الأبعاد التربوية للحج ( 2 ) الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد: فاستكمالاً لما سبق الحديث عنه حول أبرز الأبعاد التربوية لفريضة الحج. نُشير إلى بعض هذه الأبعاد فيما يلي: رابعًا/ تدريب النفس البشرية خلال رحلة الحج على الالتزام بالنظام والانضباط السلوكي لما يترتب على ذلك من إنجاح هذا الموسم الإيماني العظيم، عن طريق الالتزام الفردي والجماعي بالتعليمات التنظيمية، والبُعد عن الفوضى والعشوائية، والحرص على إتباع إرشادات السلامة، والمشاركة الفردية والجماعية في التنظيم، والحرص على التوعية الشاملة الصحيحة التي تكفل -بإذن الله تعالى- لكل من التزم بها أداء شعائر الحج ومناسكه أداءً سليمًا. وفي هذا بُعدٌ تربويٌ تنظيمي يُربي النفوس على الدقة والنظام، والالتزام بهما في مختلف شؤون الحياة. خامسًا/ تربية المسلم نفسه على حسن التعامل مع إخوانه المسلمين من الحجاج والمعتمرين الذين تربطه بهم رابطة الأخوة الإيمانية المتمثلة في قوله تعالى: }إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ{ (سورة الحجرات: من الآية 10). وفي هذا بُعدٌ تربوي أخلاقي يفرض على الحاج والمعتمر والزائر أن يحسن التعامل مع إخوانه الحجاج، وأن يتخلق معهم بالأخلاق الحسنة، وأن يُحسن مصاحبتهم ومعايشتهم، وأن يتحمل ما قد يحصل منهم من أخطاء أو نحو ذلك بأن يتعامل مع الموقف في حدود وضوابط الأخوة الإيمانية التي جمعتهم جميعًا في هذه البقاع الطاهرة ضيوفًا للرحمن في حرم الله الآمن يطلبون رحمته ويرجون غفرانه. سادسًا/ تربية الإنسان المسلم على حب الخير للجميع انطلاقـًا من مبدأ محبة المسلم لأخيه المسلم، والعمل على إتاحة الفرصة لآخرين من المسلمين الذين لم يسبق أن تيسرت لهم فرصة أداء مناسك الحج والعمرة والزيارة، والذين هم في شوقٍ شديدٍ وحاجةٍ ماسةٍ إلى مساهمة إخوانهم في تحقيق هذا الأمل الذي تنشده أنفسهم، وتهفوا إليه أفئدتهم. وهذا فيه بعدٌ تربويٌ اجتماعيٌ يتمثل في تحقيق انتماء الفرد المسلم إلى مجتمعه الإسلامي الذي يعيش فيه، ويتفاعل مع من فيه وما فيه، فيفرح لفرحهم ويتألم لألمهم. سابعًا/ تربية الإنسان المسلم على مبدأ الانتماء للأُمة المسلمة، وهو بُعدٌ تربويٌ يتجسد في أبهى صوره وأجمل معانيه عندما يلتقي الملايين من أبناء الإسلام في هذه البقاع المقدسة، مُستجيبين لأمر الله تعالى، ومُتحملين في سبيل ذلك ألوانًا من المتاعب والمشقات، ومُضحين في سبيل الوصول إليها بتضحياتٍ كثيرةٍ تؤكد كلها على وحدة الأمة المسلمة، وقوة الرابطة الإيمانية بينهم. ثامنًا/ تربية المسلم على اغتنام الوقت وحُسن استثماره فيما يُقربه إلى الله تعالى ولاسيما أن الوقت هو الحياة، فكان لزامًا على الحاج أن يحرص على وقته من الضياع، وأن يلتزم بمواعيده في حله وترحاله، وأن يكون دقيقًا و مُنضبطًا في كل شأنه حتى يكون عمله كاملاً وتامًا بإذن الله تعالى. وختامًا: أسأل الله تعالى أن يتقبل من عباده، وأن يجعل حجهم مبرورًا، وسعيهم مشكورًا، وذنوبهم مغفورةً، إنه سميع مجيب. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 08 أكتوبر 2015, 6:14 pm | |
| من أخطاء الحُجاج في يوم عرفة الحمد لله الذي فضل يوم عرفة على سائر أيام العام، وأكمل فيه الدين وأتمَّ الإنعام، والصلاة والسلام على خير الخلق والأنام، نبينا محمدٍ بن عبد الله السيد الإمام، وعلى آله وصحبه الكرام. أما بعد: فيوم عرفة هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهو يومٌ عظيم جاء في فضله أنه خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمس، وأنه يوم العتق من النار، وأنه يوم المباهاة، وهو يوم تتوافد فيه جموع الحجيج إلى صعيد عرفات للوقوف به منذ طلوع الشمس حتى غروبها، وعلى الرغم من عظيم منزلة هذا اليوم وكريم أجره وثوابه إلاّ أن هناك عددًا من الأخطاء والمُخالفات التي قد تحصل من بعض الحجاج سواءً أكانت بقصدٍ أو بدون قصد.. ومنها: أولاً: النزول خارج حدود عرفة وعدم تقصي حدودها، وهذا خطأ قد يُبطل الحج؛ لأن من وقف خارج حدود عرفة فاته الحج، حيث إن الوقوف بعرفة ركنٌ لا يصح الحج بدونه. ثانيًا: استقبال الجبل المُسمى (جبل الرحمة) في عرفات عند الدعاء ولو كانت القبلة خلف ظهر الداعي أو عن يمينه أو شماله، وهذا كله مخالف للسُنَّة؛ إذ إن على الحاج أن يستقبل القبلة عند الدعاء، ولا بأس أن يجعل الجبل بين يديه تجاه القبلة. ثالثًا / اعتقاد البعض بوجوب صعود الجبل والصلاة في أعلاه، وهذا أمرٌ لم يثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فعله، وما تزاحمُ الناس على الجبل والتعبد بالصعود إليه إلا بدعةٌ محدثةٌ؛ إضافةً إلى ما قد يترتب على ذلك من المشقة والخطر وتعريض النفس للهلاك. رابعًا: الانشغال في يوم عرفة بما لا فائدة منه سواءً أكان ذلك قوليًا أم عمليًا، وصرفُ الوقت فيما لا نفع فيه كالأحاديث الدنيوية، والانشغال بالطعام والشراب، والإكثار من النوم؛ وهذا كله مخالفٌ للسُنَّة التي تحث المسلم على التفرغ في هذا اليوم المُبارك للإكثار من العبادة والتقرب إلى الله تعالى بالدعاء، والذكر، وتلاوة القرآن الكريم، والصلاة النافلة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن تقديم صلاة العصر مع الظهر للحُجاج في هذا اليوم جاء لإتاحة الفرصة لهم حتى يتفرغوا لعبادة الله بقية النهار، والانشغال بطاعته حتى تغرب الشمس. خامسًا: الانصراف من عرفة قبل غروب الشمس، وهذا مخالفٌ للسُنَّة؛ فمن خرج من حدود عرفة قبل الغروب ولم يرجع، فقد ترك واجبًا من واجبات الحج، وعليه فدية. سادسًا: الاندفاع الشديد والإسراع بالخروج من عرفة إلى مزدلفة مع ما يصاحب ذلك من الفوضى، والإزعاج، والعشوائية، وانعدام السكينة، وحصول الخصام بين الناس، وهذا كله مخالفٌ للسُنَّة النبوية التي ثبت عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- أنه قال: إنه دفع مع النبي (صلى الله عليه وسلّم) يوم عرفة فسمع النبي (صلى الله عليه وسلم) وراءه زجرًا شديدًا وضربًا للإبل، فأشار بسوطه إليهم وقال: "أيها الناس، عليكم بالسكينة، فإن البِرَّ ليس بالإيضاع" (أي السرعة) (رواه البخاري، الحديث رقم 1671، ص 271). سابعًا: تأخير صلاة المغرب والعشاء حتى يتم الوصول إلى مزدلفة الأمر الذي قد يستدعي خروج الوقت، وهذا خطأ، فينبغي أن تُصلى المغرب والعشاء جمعًا ولو في الطريق ولكن قبل خروج وقتها، ولو لم يصل الحاج إلى مزدلفة. وختامًا: أبتهل إلى الله تعالى أن يوفق الجميع لما يُحبه ويرضاه من القول والعمل، والحمد لله رب العالمين. |
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52580 العمر : 72
| موضوع: رد: رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) الخميس 08 أكتوبر 2015, 6:21 pm | |
| من أخطاء الطواف بالكعبة المُشرفة الحمد لله الذي جعل بيته الحرام مثابةً للناس وأمنًا، والصلاة والسلام على من أمره الله بأن يولي وجهه شطر المسجد الحرام، وعلى آله وصحبه الكرام. أما بعد: فيكون الطواف بالكعبة المُشرفة سبعة أشواطٍ، بحيث يجعل الطائف الكعبة على يساره، وهو عبادةٌ عظيمة وجليلة يقوم بها المسلم سواءً أكان حاجًا أم معتمرًا أم متطوعًا، وقد جاء في فضلها عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أن النبي (صلى الله عليه وسلّم) قال: "الطواف حول البيت مثلُ الصلاة؛ إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلَّم فيه فلا يتكلمنَّ إلا بخير" (الترمذي، الحديث رقم 960، ص 230). ويأتي من أبرز المخالفات التي يقع فيها بعض الناس عند طوافهم بالكعبة ما يلي: أولاً: البدء بالطواف قبل محاذاة الحجر الأسود، أو بدءاً من على مستوى باب الكعبة، وهذا خطأ وغلو، لأن السُنَّة بدء الطواف باستلام الحجر الأسود إن تمكن المسلم من ذلك أو الاكتفاء بالإشارة إليه فقط. ثانيًا: عدم الطواف بالبيت كاملاً كأن يُطافُ بالكعبة وحدها، ولا يُطاف بحِجر إسماعيل معها؛ وهذا خطأ كبيرٌ، فالحِجرُ جزءٌ من الكعبة، ولا يصح الطواف بدونه، ومن وقع في ذلك فعليه الإعادة. ثالثًا: تقبيل الركن اليماني من الكعبة، والسُنَّة مسحُه باليد اليمنى إن تيسر ذلك ، فإن لم يتيسر فعلى الطائف أن يمضي دون الإشارة إليه أو الوقوف عنده. رابعًا: المزاحمة، والمشاتمة، ورفع الصوت، والمدافعة، وربما إيذاءُ الغير من أجل تقبيل الحجر الأسود، وهذا أمرٌ مخالفٌ للسُنَّة النبوية وتعاليم الدين الحنيف. خامسًا: التمسح بالحجر الأسود أو التبرك به، أو التمسح بحيطان وأركان الكعبة، أو كسوتها، أو بالمقام ونحوها. وهذا مُخالفٌ لسُنَّة النبي (صلى الله عليه وسلّم) وهديه الكريم الذي لم يصح أنه مَسحَ سوى الركن اليماني باليد اليمنى ، والحجر الأسود من الكعبة عند استلامه . سادسًا: تخصيص كل شوط من أشواط الطواف أو السعي بدعاءٍ معين، والاعتماد على ما يتداوله بعض الحجاج والمعتمرين من كتيباتٍ وأدعيةٍ لم يُنزل الله بها من سلطان ، فلم يثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلّم) أنه خصص دعاءً لكل شوط أو نحو ذلك؛ سوى ما صحَّ عن عبد الله بن السائب عن أبيه -رضي الله عنهم- أنه قال: سمعتُ النبي (صلى الله عليه وسلّم) يقول ما بين الركن اليماني والحِجْر: "ربنا آتنا في الدنيا حسنةً ، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار" (رواه الحاكم، ج 2، الحديث رقم 3098، ص3042). سابعًا: ترديد الأدعية الجماعية خلف من يدعو بشكلٍ مُزعجٍ، وأصواتٍ مرتفعة، تُذهبُ الخشوع، وتُشوش على الطائفين؛ إضافةً إلى أن في ذلك مخالفةً للسُنَّة، فالمشروع أن يدعو كل شخص لنفسه، ولمن شاء بدون رفع الصوت. ثامنًا: الوقوف عند محاذاة الحجر الأسود والتكبير ثلاثًا، وهذا خطأٌ شائعٌ، ومدعاةٌ لحدوث الزحام في ذلك المكان، ويترتب عليه تعطيل حركة الطواف، والصحيح أن على الطائف أن يُكبر مرةً واحدةً وهو سائرٌ بدون وقوفٍ أو تعطيلٍ للآخرين. وختامًا: وفق الله الجميع لما يُحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
|
| |
| رسائل تربوية إلى ضيوف الرحمن (30 رسالة) | |
|