| كتاب فتاوى رمضانية "كامل" | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: كتاب فتاوى رمضانية كامل الأربعاء 11 أغسطس 2010, 11:23 am | |
| فتاوى رمضانية من إصدارات موقع (الإسلام اليوم)فضل الصوم وحكمة مشروعيته نصيحة بمناسبة شهر رمضان السؤال: ما هي الكلمة التي توجهونها للأمة الإسلامية بمناسبة شهر رمضان؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإني أنصح إخواني المسلمين في كل مكان، بمناسبة دخول شهر رمضان المبارك بتقوى الله عز وجل، والمسابقة إلى كل خير، والتواصي بالحق والصبر عليه، والتعاون على البر والتقوى، والحذر من كل ما حرم الله من سائر المعاصي في كل مكان وزمان ولا سيما في هذا الشهر الكريم، لأنه شهر عظيم، تضاعف فيه الأعمال الصالحات، وتغفر فيه الخطايا لمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً. لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين". وقوله – صلى الله عليه وسلم – " الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم". وقوله – صلى الله عليه وسلم -: كل عمل ابن آدم له؛ الحسنة بعشرة أمثالها إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك". وكان – صلى الله عليه وسلم – يبشر أصحابه، بدخول رمضان يقول لهم: "أتاكم شهر رمضان، شهر بركة، ينزل الله فيه الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، ويباهي الله بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله" . وقال عليه الصلاة والسلام: "من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" . والأحاديث في فضل شهر رمضان والترغيب في مضاعفة العمل فيه كثيرة. فأوصي إخواني المسلمين: بالاستقامة في أيامه ولياليه، والمنافسة في جميع أعمال الخير، ومن ذلك الإكثار من قراءة القرآن الكريم بالتدبر والتعقل، والإكثار من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار، وسؤال الله الجنة والتعوذ به من النار وسائر الدعوات الطيبة. كما أوصي إخواني أيضاً: بالإكثار من الصدقة ومواساة الفقراء والمساكين، والعناية بإخراج الزكاة وصرفها في مستحقيها، مع العناية بالدعوة إلى الله سبحانه وتعليم الجاهل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن، مع الحذر من جميع السيئات ولزوم التوبة والاستقامة على الحق، عملاً بقوله سبحانه: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" الآية [النور: 31]. وقوله عز وجل: "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [الأحقاف:13-14]. وفق الله الجميع لما يرضيه، وأعاذ الجميع من مضلات الفتن ونزغات الشيطان، إنه جواد كريم. [مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى (3/147-148)]. رمضان... وأحكام قد تخفى السؤال: أريد كلمة موجزة عن شهر رمضان وأحكامه يمكن قراءتها على عامة الناس لعل الله ينفع بها. أو تصويرها وتوزيعها عليهم . المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: لقد ثبت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان ، ويخبرهم عليه الصلاة والسلام أنه شهر تفتح فيه أبواب الرحمة وأبواب الجنة وتغلق فيه أبواب جهنم وتغل فيه الشياطين ، ويقول -صلى الله عليه وسلم- : " إذا كانت أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب ، وصفدت الشياطين ، وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة " ويقول عليه الصلاة والسلام : " جاءكم شهر رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينـزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء ، ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله " ويقول عليه الصلاة والسلام : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " ويقول عليه الصلاة والسلام : يقول الله – عز وجل - : " كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي . للصائم فرحتان فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " والأحاديث في فضل صيام رمضان وقيامه وفضل جنس الصوم كثيرة . فينبغي للمؤمن أن ينتهز هذه الفرصة وهي ما مَنَّ الله به عليه من إدراك شهر رمضان فيسارع إلى الطاعات ، ويحذر السيئات ، ويجتهد في أداء ما افترض الله عليه ولا سيما الصلوات الخمس ، فإنها عمود الإسلام وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين ، فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة عليها وأداؤها في أوقاتها بخشوع وطمأنينة. ومن أهم واجباتها في حق الرجال ؛ أداؤها في الجماعة في بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه كما قال عز وجل : " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين " وقال تعالى : " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " وقال عز وجل : " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون " إلى أن قال عز وجل : " والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون ، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون " وقال النبي – صلى الله عليه وسلم - : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر " . وأهم الفرائض بعد الصلاة أداء الزكاة كما قال عز وجل : " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة " ، وقال تعالى : " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون " ، وقد دَلَّ كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم على أن من لم يؤد زكاة ماله يعذب به يوم القيامة . وأهم الأمور بعد الصلاة والزكاة صيام رمضان ، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة المذكورة في قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " بُنِي الإسلام على خمس ؛ شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت " ، ويجب على المسلم أن يصون صيامه وقيامه عما حرم الله عليه من الأقوال والأعمال؛ لأن المقصود بالصيام هو طاعة الله سبحانه ، وتعظيم حرماته ، وجهاد النفس على مخالفة هواها في طاعة مولاها ، وتعويدها الصبر عما حرم الله ، وليس المقصود مجرد ترك الطعام والشرب وسائر المفطرات ، ولهذا صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : " الصيام جُنَّة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل إني صائم " ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من لم يَدَع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " . فعلم بهذه النصوص وغيرها أن الواجب على الصائم الحذر من كل ما حَرَّم الله عليه والمحافظة على كل ما أوجب الله عليه ، وبذلك يرجى له المغفرة والعتق من النار وقبول الصيام والقيام. وهناك أمور قد تخفى على بعض الناس، منها : أن الواجب على المسلم أن يصوم إيماناً واحتساباً لا رياء ولا سمعة ولا تقليداً للناس أو متابعة لأهله أو أهل بلده ، بل الواجب عليه أن يكون الحامل له على الصوم هو إيمانه بأن الله قد فرض عليه ذلك ، واحتسابه الأجر عند ربه في ذلك ، وهكذا قيام رمضان يجب أن يفعله المسلم إيماناً واحتساباً لا لسبب آخر ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " . ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس : ما قد يعرض للصائم من جراح أو رعاف أو قيء أو ذهاب الماء أو البنـزين إلى حلقه بغير اختياره ، فكل هذه الأمور لا تفسد الصوم ، لكن من تعمد القيء فسد صومه لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " من ذَرَعه القيء فلا قضاء عليه ، ومن استقاء فعليه القضاء " . ومن ذلك : ما قد يعرض للصائم من تأخير غسل الجنابة إلى طلوع الفجر ، وما يعرض لبعض النساء من تأخر غسل الحيض أو النفاس إلى طلوع الفجر، إذا رأت الطهر قبل الفجر ، فإنه يلزمها الصوم ، ولا مانع من تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر ، ولكن ليس لها تأخيره إلى ما بعد طلوع الفجر ، ولكن ليس لها تأخيره إلى طلوع الشمس، بل يجب عليها أن تغتسل وتصلي الفجر قبل طلوع الشمس، وهكذا الجنب ليس له تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الشمس ؛ بل يجب عليه أن يغتسل ويصلي الفجر قبل طلوع الشمس ، ويجب على الرجل المبادرة بذلك حتى يدرك صلاة الفجر مع الجماعة . ومن الأمور التي لا تفسد الصوم : تحليل الدم ، وضرب الإبر ، غير التي يقصد بها التغذية ،لكن تأخير ذلك إلى الليل أولى وأحوط إذا تيسر ذلك ؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم- " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " وقوله عليه الصلاة والسلام:"من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". ومن الأمور التي يخفى حكمها على بعض الناس : عدم الاطمئنان في الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة ، وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على أن الاطمئنان ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة بدونه ، وهو الركود في الصلاة والخشوع فيها وعدم العجلة حتى يرجع كل فقار إلى مكانه . وكثير من الناس يصلي في رمضان صلاة التراويح صلاة لا يعقلها ولا يطمئن فيها بل ينقرها نقراً ، وهذه الصلاة على هذا الوجه باطلة ، وصاحبها آثم غير مأجور . ومن الأمور التي قد يخفى حكمها على بعض الناس : ظَنُّ بعضهم أن التراويح لا يجوز نقصها عن عشرين ركعة ، وظن بعضهم أنه لا يجوز أن يزاد فيها على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة ، وهذا كله ظن في غير محله بل هو خطأ مخالف للأدلة . وقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على أن صلاة الليل موسع فيها فليس فيها حد محدود لا تجوز مخالفته ، بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، وربما صلى ثلاث عشرة ركعة ، وربما صلى أقل من ذلك في رمضان وفي غيره . ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل قال : " مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى" متفق على صحته. ولم يحدد ركعات معينة لا في رمضان ولا في غيره ولهذا صلى الصحابة – رضي الله عنهم – في عهد عمر – رضي الله عنه – في بعض الأحيان ثلاثاً وعشرين ركعة ، وفي بعضها إحدى عشرة ركعة ، كل ذلك ثبت عن عمر – رضي الله عنه – وعن الصحابة في عهده . وكان بعض السلف يصلي في رمضان ستاً وثلاثين ركعة ويوتر بثلاث ، وبعضهم يصلي إحدى وأربعين ، ذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وغيره من أهل العلم ، كما ذكر رحمة الله عليه أن الأمر في ذلك واسع ، وذكر أيضاً أن الأفضل لمن أطال القراءة والركوع والسجود أن يقلل العدد، ومن خفف القراءة والركوع والسجود زاد في العدد، هذا معنى كلامه رحمه الله ومن تأمل سنته صلى الله عليه وسلم علم أن الأفضل في هذا كله هو صلاة إحدى عشرة ركعة ، أو ثلاث عشرة ركعة في رمضان وغيره ؛ لكون ذلك هو الموافق لفعل النبي – صلى الله عليه وسلم – في غالب أحواله ، ولأنه أرفق بالمصلين وأقرب إلى الخشوع والطمأنينة ومن زاد فلا حرج ولا كراهية كما سبق . والأفضل لمن صلى مع الإمام في قيام رمضان ألاّ ينصرف إلا مع الإمام ؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - :" إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة " ويشرع لجميع المسلمين الاجتهاد في أنواع العبادة في هذا الشهر الكريم من صلاة النافلة ، وقراءة القرآن بالتدبر والتعقل والإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار والدعوات الشرعية ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله – عز وجل – ومواساة الفقراء والمساكين ، والاجتهاد في بر الوالدين ، وصلة الرحم ، وإكرام الجار ، وعيادة المريض ، وغير ذلك من أنواع الخير ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق : "ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله " . ولمِا روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه" ولقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : " عمرة في رمضان تعدل حجة . أو قال حجة معي " . والأحاديث والآثار الدالة على شرعية المسابقة والمنافسة في أنواع الخير في هذا الشهر الكريم كثيرة والله المسؤول أن يوفقنا وسائر المسلمين لكل ما فيه رضاه ، وأن يتقبل صيامنا وقيامنا ، ويصلح أحوالنا ويعيذنا جميعاً من مضلات الفتن ، كما نسأله سبحانه أن يصلح قادة المسلمين، ويجمع كلمتهم على الحق إنه ولي ذلك والقادر عليه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . صيام الصبي السؤال: هل يؤمر الصبي الذي لم يبلغ الخامسة عشر بالصيام كما في الصلاة؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: نعم يُؤْمر الصِّبيان الذين لم يَبْلُغوا بالصيام إذا أطاقوه كما كان الصَّحابة – رضي الله عنهم – يفعلون ذلك بصبيانهم. وقد نصَّ أهل العلم على أن الولي يَأمُر من له ولاية عليه من الصغار بالصوم من أجل أن يتمرنوا عليه ويألفوه وتنطبع أُصول الإسلام في نُفُوسهم حتى تكون كالغريزة لهم. ولكن إذا كان يشق عليهم أو يضرهم فإنهم لا يلزمون بذلك، وإنني أنبه هنا على مسألة يفعلها بعض الآباء أو الأمهات وهي منع صبيانهم من الصيام، على خلاف ما كان الصَّحابة – رضي الله عنهم – يفعلون، يدَّعُون أنهم يمنعون هؤلاء الصِّبيان رحمة بهم وإشفاقاً عليهم، والحقيقة أن رحمة الصِّبيان أمرهم بشرائع الإسلام وتعويدهم عليها وتأليفهم لها. فإن هذا بلا شك من حسن التربية وتمام الرعاية. وقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قوله: "إنَّ الرَّجُل رَاع فِي أَهْل بَيْتِه وَمَسْئُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ" البخاري (893)، ومسلم (1829)، والذي ينبغي على أولياء الأمور بالنسبة لمن ولاهم الله عليه من الأهل والصغار أن يتقوا الله تعالى فيهم وأن يأمروهم بما أمروا أن يأمروهم به من شرائع الإسلام. [الفتاوى لابن عثيمين – كتاب الدعوة (1/145 –146)]. معنى الصيام السؤال: سئل فضيلة الشيخ/ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين حفظه الله. ما معنى الصيام لغة وشرعاً؟ الجواب: فأجاب: الصيام لغة: مجرد الإمساك. فكل إمساك تسميه العرب صوما حتى الإمساك عن الكلام يسمى صوماً. قال تعالى: "فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً" الآية [مريم: 26]. والإمساك عن الحركة يسمى صياماً كما في قول الشاعر: خَيْلٌ صِيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تَعلُك اللُّجُما وشرعاً: الإمساك بنية عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس. ويعرفه بعضهم بأنه: إمساك مخصوص في وقت مخصوص من شخص مخصوص عن أشياء مخصوصة. [فتاوى رمضان (1/27 –28)]. شبهة ضعف الإنتاج الاقتصادي في رمضان السؤال: ينظر بعض الناس إلى أن الصوم في رمضان يُضعف حركة الإنتاج الاقتصادي، كيف تجيب على هذه الشبهة؟ وما هي وجهة نظرك في هذه المسألة؟ المجيب د.خالد بن سعود الحليبي الجواب: أخي الصائم .. لعلك تشاركني العجب من قوم جعلوا صيامهم حجة لهم وعذرا عن تقصيرهم في أداء واجباتهم على الوجه الحسن ، فعللوا تأخرهم في قدومهم إلى وظائفهم بأنهم كانوا نائمين ، ونوم الصائم عبادة !! ، وعللوا تراخيهم عن إتقان أعمالهم بأنهم مرهقون بسبب الجوع أو العطش ، وللصائم الحق في أن يخفف عنه من جهد العمل ومشقته، وعللوا خروجهم المبكر قبل أن يستوفي وقت العمل حقه، بأنهم محتاجون لقضاء بعض اللوازم للإفطار!! وعللوا تذمرهم من المراجعين، وسلاطة ألسنتهم على الناس بأنهم - أستغفر الله - صائمون !! فيا ليت شعري كيف يفسر هؤلاء أثر الصيام على أنفسهم، وكيف يفصلونه على قدود مشتهياتهم ؟! رمضان شهر العمل والبذل والعطاء، لا شهر الكسل والخور والضعف ، شهر وقعت فيه أكبر الانتصارات في الإسلام في القديم والحديث ، فلم يكن عائقا عن أداء مهمة ، ولا داعيا للتقاعس عن إتقان عمل؛ "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" أخرجه أبو يعلى (4386) من حديث عائشة – رضي الله عنها. وانظر السلسلة الصحيحة (1113). حديث جليل لا يختلف مراده بتغير الأزمان، وقاعدة عظيمة لا تختل بظرف طارئ، كيف والصوم عبادة تؤدى لله، هدفها الأول تربية التقوى في النفس المؤمنة، يقول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" [البقرة:183]. والتقوى وازع إيماني عميق الجذور، إذا تغلغل في النفس كان حاجزا مانعا لها عن كل ما يسخط الله، ودافعا قويا لها إلى كل ما يحب الله، والإتقان مما يحب الله ، وهو من صفات الكمال التي اتصف بها عز وجل ، قال تعالى : (صنع الله الذي أتقن كل شئ) [النمل:88] . فأول ثمرة متوخاة من تقوى الله تعالى في العمل ، مراقبته - عز وجل - في كل الساعات التي تمضيها ـ أخي الموظف الصائم ـ وأنت تمارس عملك ، بأن تكون في مرضاة الله ، وألا تضيع منها دقيقة واحدة في غير ما يخص وظيفتك ، وأن تنشط لمهامك بوعي تام، وأن تكون في موقعك ينبوع أخلاق ؛ ونهر عطاء ؛ تتدفق بكل خير على مراجعيك دون تذمر منهم أو مشقة عليهم ، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به" أخرجه مسلم (1828) من حديث عائشة – رضي الله عنها -. وصح عنه; قوله : "وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" أخرجه البخاري (1894)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -. تخيل معي لو أن كل صائم منا حمل هذه الراية البيضاء ، إذن لبكى الشيطان بكاء مرا !! لأننا أفشلنا أكبر مؤامرة خطط لها من أجل إفساد عبادتنا ، وذات بيننا . فما رأيك ـ أخي الصائم ـ أن تحمل الراية معي لنكون في كوكبة الصابرين ، ونواجه كل مُتَحَدٍّ لمشاعرنا ، أو مستفزٍّ لأعصابنا بهذا الهتاف الإيماني : (( إني امرؤ صائم )) بل فلنحاول أن نناصح زملاءنا في العمل ، ونذكرهم إذا رأينا منهم بعض ظواهر هذه الممارسات الخاطئة .. فلعلنا نفوز باستجابة ... ودعوة … ومثوبة . ترك صيام رمضان تهاوناً السؤال: ما حكم المسلم الذي أهمل أداء فريضة الصوم بدون عذر شرعي لعدة سنوات؟ مع التزامه بأداء الفرائض الأخرى، هل يكون عليه قضاء أو كفارة؟ وكيف يقضي كل هذه الشهور إن كان عليه قضاء؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: حكم من ترك صوم رمضان وهو مكلف من الرجال والنساء أنه قد عصى الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، وأتى كبيرة من كبائر الذنوب، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وعليه القضاء لكل ما ترك، مع إطعام مسكين عن كل يوم إن كان قادراً على الإطعام، وإن كان فقيراً لا يستطيع الإطعام كفاه القضاء والتوبة؛ لأن صوم رمضان فرض عظيم، قد كتبه الله على المسلمين المكلفين، وأخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه أحد أركان الإسلام الخمسة. والواجب تعزيره على ذلك، وتأديبه بما يردعه إذا رفع أمره إلى ولي الأمر أو إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. هذا إذا كان لا يجحد وجوب صيام رمضان، أما إن جحد وجوب صوم رمضان، فإنه يكون بذلك: كافراً مكذباً لله ورسوله – صلى الله عليه وسلم -، يستتاب من جهة ولي الأمر بواسطة المحاكم الشرعية، فإن تاب وإلا وجب قتله لأجل الردة، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه" خرجه البخاري في "صحيحه". أما إن ترك الصوم من أجل المرض أو السفر فلا حرج عليه في ذلك. والواجب عليه القضاء إذا صح من مرضه أو قدم من سفره؛ لقول الله عز وجل: "ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر" [البقرة: 185]، والله ولي التوفيق. [مجموع فتاوى ابن باز رحمه الله تعالى (3/219-220)]
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: كتاب فتاوى رمضانية "كامل" الأربعاء 11 أغسطس 2010, 11:36 am | |
| إثبات دخول رمضان السؤال: ما هي الطريقة الشرعية التي يثبت بها دخول الشهر؟ وهل يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية في ثبوت الشهر وخروجه؟ وهل يجوز للمسلم أن يستعمل ما يسمى (بالدربيل) في رؤية الهلال؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: الطريقة الشرعية لثبوت دخول الشهر أن يتراءى الناس الهلال، وينبغي أن يكون ذلك ممن يوثق به في دينه وفي قوة نظره، فإذا رأوه وجب العمل بمقتضى هذه الرؤية صوماً إن كان الهلال هلال رمضان وإفطاراً إن كان الهلال هلال شوال، ولا يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية إذا لم تكن رؤية، فإن كانت هناك رؤية ولو عن طريق المراصد الفلكية فإنها معتبرة، لعموم قوله النبي – صلى الله عليه وسلم – (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) رواه البخاري (1900)، ومسلم (1080). أما الحساب: فإنه لا يجوز العمل به ولا الاعتماد عليه. وأما استعمال ما يسمى (بالدربيل)، وهو المنظار المقرب في رؤية الهلال فلا بأس به، ولكن ليس بواجب؛ لأن الظاهر من السنة أن الاعتماد على الرؤية المعتادة لا على غيرها، ولكن لو استعمل فرأى الشهر من يوثق به فإنه يعمل بهذه الرؤية، وقد كان الناس قديماً يستعملون ذلك، حيث كانوا يصعدون على (المنائر) في ليلة الثلاثين من شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان فيتراءونه بواسطة هذا المنظار، على كل حال: متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه يجب العمل بمقتضى هذه الرؤية لعموم قوله – صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا". [الفتاوى لابن عثيمين – كتاب الدعوة (1/150-151)]. صيام من يطول نهارهم أو يقصر جداً السؤال: كيف يصنع من يطول نهارهم إلى إحدى وعشرين ساعة؟ هل يقدرون قدراً للصيام؟ وماذا يصنع من يكون نهارهم قصيراً جداً؟ وكذلك من يستمر عندهم النهار ستة أشهر والليل ستة أشهر؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: من عندهم ليل ونهار في ظرف أربع وعشرين ساعة فإنهم يصومون نهاره سواء كان قصيراً أو طويلاً ويكفيهم ذلك والحمد لله ولو كان النهار قصيراً. أما من طال عندهم النهار أو الليل أكثر من ذلك كستة أشهر؛ فإنهم يقدرون للصيام وللصلاة قدرهما، كما أمر النبي – صلى الله عليه وسلم -، بذلك في يوم الدجال الذي كسنة، وهكذا يومه الذي كشهر أو كأسبوع، يقدر للصلاة قدرها في ذلك، انظر مسلم (2937). وقد نظر مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة في هذه المسألة وأصدر القرار رقم 61 وتاريخ 12/4/1398هـ ونصه ما يلي: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد: فقد عرض على مجلس هيئة كبار العلماء في الدورة الثانية عشرة المنعقدة بالرياض في الأيام الأولى من شهر ربيع الآخر عام 1398هـ كتاب معالي الأمين العام لرابطة العالمي الإسلامي بمكة المكرمة رقم 555 وتاريخ 16/1/1398هـ المتضمن ما جاء في خطاب رئيس رابطة الجمعيات الإسلامية في مدينة (مالو) بالسويد الذي يفيد فيه بأن الدول الاسكندنافية يطول فيها النهار في الصيف ويقصر في الشتاء نظراً لوضعها الجغرافي، كما أن المناطق الشمالية منها لا تغيب عنها الشمس إطلاقاً في الصيف، وعكسه في الشتاء، ويسأل المسلمون فيها عن كيفية الإفطار والإمساك في رمضان، وكذلك كيفية ضبط أوقات الصلوات في هذه البلدان، ويرجو معاليه إصدار فتوى في ذلك ليزودهم بها ا.هـ. وعرض على المجلس أيضاً ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ونقول أخرى عن الفقهاء في الموضوع، وبعد الاطلاع والدراسة والمناقشة قرر المجلس ما يلي: أولاً: من كان يقيم في بلاد يتمايز فيها الليل من النهار بطلوع فجر وغروب شمس - إلا أن نهارها يطول جداً في الصيف، ويقصر في الشتاء - وجب عليه أن يصلي الصلوات في أوقاتها المعروفة شرعاً. لعموم قوله تعالى: "أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً" [الإسراء:78]، وقوله تعالى: "إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً" [النساء:103]. ولما ثبت عن بريدة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أن رجلاً سأله عن وقت الصلاة، فقال له: "صل معنا هذين" يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالاً فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني أمره فأبرد بالظهر، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعدما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها ثم قال: "أين السائل عن وقت الصلاة؟" فقال الرجل: أنا يا رسول الله، قال: "وقت صلاتكم بين ما رأيتم" رواه مسلم (613). وعن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس، فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان" أخرجه مسلم في صحيحه (612). إلى غير ذلك من الأحاديث التي وردت في تحديد أوقات الصلوات الخمس قولاً وفعلاً، ولم تفرق بين طول النهار وقصره وطول الليل وقصره ما دامت أوقات الصلوات متمايزة بالعلامات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا بالنسبة لتحديد أوقات صلاتهم وأما بالنسبة لتحديد أوقات صيامهم شهر رمضان. فعلى المكلفين أن يمسكوا كل يوم منه عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في بلادهم ما دام النهار يتمايز في بلادهم عن الليل، وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة، ويحل لهم الطعام والشراب والجماع ونحوها في ليلهم فقط وإن كان قصيراً فإن شريعة الإسلام عامة للناس في جميع البلاد. وقد قال الله تعالى: "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ" الآية [البقرة: 187]. ومن عجز عن إتمام صوم يوم لطوله أو علم بالأمارات أو التجربة أو إخبار طبيب أمين حاذق، أو غلب على ظنه أن الصوم يفضي إلى إهلاكه أو مرضه مرضاً شديداً، أو يفضي إلى زيادة مرضه أو بطء برئه أفطر، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهر تمكن فيه من القضاء. قال تعال: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" الآية [البقرة: 185]. وقال الله تعالى: "لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا" [البقرة: 286]. وقال: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ" الآيه،[الحج: 78]. ثانياً: من كان يقيم في بلاد لا تغيب عنها الشمس صيفاً، ولا تطلع فيها الشمس شتاء أو في بلاد يستمر نهارها إلى ستة أشهر، ويستمر ليلها ستة أشهر مثلاً، وجب عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة، وأن يقدروا لها أوقاتها، ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض. لما ثبت في حديث الإسراء والمعراج من أن الله تعالى فرض على هذه الأمة خمسين صلاة كل يوم وليلة فلم يزل النبي – صلى الله عليه وسلم – يسأل ربه التخفيف حتى قال: "يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة ..." إلى آخره، انظر مسلم (162). ولما ثبت من حديث طلحة بن عبيد الله – رضي الله عنه – قال: "جاء رجل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "خمس صلوات في اليوم والليلة" ، فقال: هل علي غيرهن؟ قال: "لا، إلا أن تطوع ..." الحديث البخاري (46)، ومسلم (11). ولما ثبت من حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: "نهينا أن نسأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع فجاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد أتانا رسولك فزعم أنك تزعم أن الله أرسلك قال: صدق" إلى أن قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا قال: "صدق"، قال: فبالذي أرسلك. آلله أمرك بهذا قال: "نعم ..." الحديث مسلم (12). وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم – حدث أصحابه عن المسيح الدجال، فقالوا: ما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوما: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم" ، فقيل: يا رسول الله! اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا، اقدروا له قدره"، مسلم (2937). فلم يعتبر اليوم الذي كسنة يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم، فيجب على المسلمين في البلاد المسؤول عن تحديد أوقات الصلوات فيها أن يحددوا أوقات صلاتهم معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إليهم يتمايز فيها الليل من النهار وتعرف فيها أوقات الصلوات الخمس بعلاماتها الشرعية في كل أربع وعشرين ساعة. وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان، وعليهم أن يقدروا لصيامهم ويحددوا بدء شهر رمضان ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع فجر كل يوم وغروب شمسه في أقرب البلاد إليهم يتميز فيها الليل من النهار، ويكون مجموعهما أربعاً وعشرين ساعة لما تقدم في حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – عن المسيح الدجال وإرشاده أصحابه فيه عن كيفية تحديد أوقات الصلوات فيه، إذ لا فارق في ذلك بين الصوم والصلاة. والله ولي التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. "هيئة كبار العلماء" [تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام لسماحة الشيخ ابن باز (164 – 169)]. رمضان واختلاف المطالع السؤال: تواجهنا في نيوزلاندا مشكلة كل عام، وهي بخصوص رؤية هلال رمضان، فبعض الإخوة يصومون مع بلاد الحرمين؛ لعدم الثقة في اللجنة هنا، فإننا لا نراهم يتحرون الرؤية، ولكن نراهم ينتظرون مكالمة تأتيهم من بلدهم تخبرهم بأن يصوموا أو لا، وهنا الشباب افترق، فمنهم من يصوم معهم، ومنهم من يصوم مع السعودية، ودائما يكونون هنا متأخرين، فأفيدونا جزاكم الله كل خير، وبماذا تنصحوننا؟ علماً أني في نيوزلندة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. المجيب د. عبد الله بن المحفوظ بن بيه الجواب: الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: مسألة الهلال مسألة اختلف العلماء فيها بين قائل أن رؤية الهلال إذا ثبتت في بلد من البلاد تعم جميع الأقطار، وهذا ما ذهب إليه بعض المالكية حيث يقول خليل: وعم إن نقل بهما عنهما " أي: عم جميع الأقطار إذا نقل بعدلين عن عدلين، فإذا رؤي وثبت الهلال في مكان ما فإن هذه الرؤية تعم. القول الثاني: هو أن الأقطار المتنائية لا يثبت الهلال في بعضها برؤية البعض الآخر، وهذا ما ذهب إليه كثير من العلماء أيضاً، وهو مبني على حديث ابن عباس – رضي الله عنهما - وهو في مسلم (1087) – وبوب عليه النووي : باب بيان أن لكل بلدٍ رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال ببلدٍ يثبت حكمه لما بعد عنهم – بإسناده عن كريب، أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية – رضي الله عنه – بالشام، قالت: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهلَّ عليَّ رمضان وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية –رضي الله عنه-، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل الثلاثين، أو نراه، فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية –رضي الله عنه- وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. وحينئذٍ لا يعمل بالرؤية البعيدة، وبخاصة إذا كان البلدان لا يشتركان في ليل واحد، بحيث أنه ينقضي الليل في أحدهما قبل وصوله إلى المكان الآخر، ففي المسألة خلاف بين العلماء، وحتى في المجامع الفقهية، حيث قرر المجمع الفقهي بأن الاعتبار بالرؤية، وأنه يستأنس فقط بالحساب الفلكي الذي يعتمد على سير القمر وعلاقة القمر بالأرض وبالشمس. القول الثاني: يقول إن الحساب قطعي وأنه يعتمد عليه، فهو يثبت الحساب على هذا الهلال، وهذا ما ذهب إليه المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء. فالمسألة واسعة إن شاء الله، فيمكنهم أن يصوموا إذا شاؤوا مع السعودية أو مع أي بلد آخر إذا ثبتت الرؤية فيه ثبوتاً شرعياً، كما يمكنهم أن يتحروا الهلال في بلدتهم أو في مكان قريب من بلدهم، حيث قلنا إن تنائي الأقطار يمنع من اعتبار الرؤية في مكان آخر، مع الاستعانة بالفلك وبالمراصد أيضاً، ففي هذا الزمان تطور هذا العلم تطوراً كبيراً، بحيث كما يقول البعض: إن الإبرة إذا أرسلت في الجو يمكن الاهتداء إليها، فكيف بالقمر الذي يكون قد ولد أو خرج من الاقتران، وخرج من شعاع الشمس، أي: بعد ساعتين أو ثلاث ساعات من خروجه من شعاع الشمس فإنه يرى، إذا كان خرج منه في وقت يمكن أن يرى في ذلك المكان. إذاً فالمسألة واسعة، نرجو من المسلمين ألا يختلفوا، فمن منهم قلد من يقول: إن تنائي الأقطار مانع من الاتباع فإنه قد قلد قولاً قوياً، ومن قلد كذلك القول الذي يقول بأن رؤية أي بلد تنسحب على البلد الآخر فهو قول أيضاً جيد، ومن استأنس وبحث عن الحساب الفلكي ليثبت به أو ليؤكد به رؤيته فهذا أيضاً دليل جديد قد يساعد كثيراً على الترجيح. إلا أنه إذا رئي الهلال قطعاً وقال الحساب الفلكي إنه لا يرى فحينئذ لا نعتمد على الحساب الفلكي، خلافاً للمجلس الأوربي الذي قال بالاعتماد على الفلك حينئذ، إذا رأته مستفيضة أي جماعة كبيرة فإننا نقدم الرؤية على الحساب الفلكي. هذا باختصار ما نراه في هذه المسألة، ونوصي بعدم الافتراق وعدم الاختلاف، وأن يتباحثوا فيما بينهم، ويتفقوا على إحدى الطرق التي ذكرناها، فكلها منصوصة في كتب أهل العلم. هل نتبع مكة في رؤية الهلال؟ السؤال: نحن نعيش في هونج كونج، ويومنا يبدأ قبل خمس ساعات من مكة، نحن نرى القمر هنا ثم نعمد إلى الصوم، أو نعلن العيد، وغالباً نتأخر يوماً عن مكة، هل نتبع مكة في إعلان الصيام والعيد؟ أو نتطلع لرؤية الهلال إذا تبعنا مكة سنؤدي العيد والتراويح قبلها بخمس ساعات سيكون من الصعب أداء صلاة التراويح عند إعلان الرؤية في مكة (إعلان الرؤية في مكة في الثامنة مساء، وفي هونج كونج الواحدة صباحاً)، أرجو التوجيه، ماذا نفعل؟. المجيب د. يوسف بن أحمد القاسم الجواب: الحمد لله وحده، وبعد: فهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، كما لا يخفى، والأرجح من الأقوال: أن لكل بلد رؤيته، لا سيما مع اختلاف المطالع كما هي الحال في اختلاف المطالع بين الصين وبين المملكة العربية السعودية؛ يدل لهذا الحديث عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما- في صحيح مسلم (1087)، عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية- رضي الله عنهما- بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهل على رمضان، وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا، وصام معاوية – رضي الله عنه- فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: "لا، هكذا أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم-"، قال النووي في شرح صحيح مسلم (7/197): "....إنما لم يعمل ابن عباس –رضي الله عنهما- بخبر كريب...لأن الرؤية لم يثبت حكمها في حق البعيد" ا.هـ. وعلى كل حال، فالمهم ألا يكون هذا الأمر سبباً في الفرقة والشقاق، كما هي الحال في واقع بعض الجاليات المسلمة في بلاد الكفر، وللأسف، بل الواجب أن يتفق عوام المسلمين هناك مع علمائهم، وإذا كان المسلمون في الصين سيتبعون ما تكون عليه الرؤية في مكة، بناء على توجيه أهل العلم منهم، فإنهم متى ما أعلنوا أن رمضان قد ثبت بتلك الرؤية فإنه يشرع لهم صلاة التراويح، ولو في وقت متأخر من الليل؛ لأن صلاة القيام لا ينتهي وقتها إلا بطلوع الفجر، ولو صلاها كلٌّ في بيته تلك الليلة فالأمر واسع بحمد الله، والله –تعالى- أعلم. أصناف الناس في الصوم أداء وقضاء على من يجب الصيام؟ السؤال: على من يجب صيام رمضان؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: الصيام يجب أداءً على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم خال من الموانع. فهذه ستة أوصاف: مسلم. بالغ. عاقل. قادر. مقيم. خالٍ من الموانع. فأما الكافر: فلا يجب عليه الصوم ولا غيره من العبادات. ومعنى قولنا: "لا يجب عليه الصوم" أنه لا يلزم به حال كفره، ولا يلزمه قضاؤه بعد إسلامه، لأن الكافر لا تقبل منه العبادة حال كفره، لقوله تعالى: "وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ" الآية،[التوبة:54] . ولا يلزمه قضاء العبادة إذا أسلم لقوله تعالى: "قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ" الآية [الأنفال: 38]. لكنه يعاقب على ما تركه من واجبات، حال كفره؛ لقوله تعالى عن أصحاب اليمين وهم يتساءلون عن المجرمين: " مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ*حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ"[المدثر:42-47]. فذكرهم: ترك الصلاة وإطعام المسكين من أسباب دخولهم النار؛ يدل على أن لذلك تأثيراً في دخولهم النار. بل إن الكافر يعاقب على كل ما يتمتع به من نعم الله من طعام وشراب ولباس لقول الله تعالى: " لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"[المائدة:93]. فنفي الجناح عن المؤمنين فيما طعموا يدل على ثبوت الجناح على غير المؤمنين فيما طعموا. ولقوله تعالى: "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ" الآية [الأعراف: 32]. فقوله: " لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ" يدل على أن الحكم في غير المؤمنين يختلف عن الحكم في المؤمنين. ولكن إذا أسلم الكافر في أثناء رمضان، لم يلزمه قضاء ما سبق إسلامه، فإذا أسلم في ليلة الخامس عشر مثلاً، فالأيام الأربعة عشر لا يلزمه قضاؤها. وإذا أسلم في أثناء اليوم لزمه الإمساك دون القضاء، فإذا أسلم عند زوال الشمس مثلاً، قلنا له: أمسك بقية يومك ولا يلزمك القضاء؛ فنأمره بالإمساك؛ لأنه صار من أهل الوجوب ولا نأمره بالقضاء؛ لأنه قام بما وجب عليه وهو الإمساك من حين أسلم، ومن قام بما يجب عليه لم يكلف بإعادة العبادة مرة ثانية. أما العقل: وهو الوصف الثاني للوجوب: فالعقل هو ما يحصل به الميزة: أي التمييز بين الأشياء، فإذا لم يكن الإنسان عاقلاً فإنه لا صوم عليه كما أنه لا يجب عليه شيء من العبادة سوى الزكاة. ومن هذا النوع – أي: ممن ليس له عقل – أن يبلغ الإنسان سناً يسقط معه التمييز، وهو ما يعرف عند العامة بالهذرات، فلا يلزم المهذري صوم، ولا يلزم عنه إطعام؛ لأنه ليس من أهل الوجوب. أما الوصف الثالث: فهو البلوغ. ويحصل البلوغ بواحد من أمور ثلاثة: 1. إما بأن يتم الإنسان خمس عشرة سنة. 2. أو أن تنبت العانة، وهي الشعر الخشن الذي يكون عند القبل. 3. أو ينزل المني بلذة سواء كان ذلك باحتلام أو بيقظة. 4. وتزيد المرأة أمراً رابعاً هو: الحيض، فإذا حاضت المرأة بلغت. وعلى هذا: فمن تم له خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى، فقد بلغ. ومن نبتت عانته ولو قبل خمس عشرة سنة من ذكر أو أنثى، فقد بلغ. ومن أنزل منيًّا بلذة من ذكر أو أنثى ولو قبل خمس عشرة سنة، فقد بلغ. ومن حاضت ولو قبل خمس عشرة سنة، فقد بلغت. وربما تحيض المرأة وهي بنت عشر سنين. وهنا يجب التنبه لهذه المسألة التي يغفل عنها كثير من الناس، فإن بعض النساء تحيض مبكرة ولا تدري أنه يلزمها الصوم وغيره من العبادات التي يتوقف وجوبها على البلوغ؛ لأن كثيراً من الناس يظن أن البلوغ عند تمام خمس عشرة سنة! وهذا ظن لا أصل له! فإذا لم يكن الإنسان بالغاً، فإن الصوم لا يجب عليه، ولكن ذكر أهل العلم أن الولي مأمور بأن يأمر موليه الصغير من ذكر أو أنثى بالصوم ليعتاده حتى يتمرن عليه ويسهل عليه إذا بلغ، وهذا ما كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلونه، فإنهم كانوا يصومون أولادهم الصغار حتى إن الواحد منهم ليبكي فيعطى لعبة من العهن يتلهى بها حتى تغرب الشمس. وأما الوصف الرابع: فهو أن يكون الإنسان قادراً على الصوم. أي يستطيع أن يصوم بلا مشقة، فإن كان غير قادر فلا صوم عليه. ولكن غير القادر ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: أن يكون عجزه عن الصوم مستمراً دائماً كالكبير والمريض مرضاً لا يرجى برؤه، فهذا يطعم عن كل يوم مسكيناً، فإذا كان الشهر ثلاثين يوما أطعم ثلاثين مسكيناً، وإذا كان الشهر تسعة وعشرين يوماً أطعم تسعة وعشرين مسكيناً، وللإطعام كيفيتان: الكيفية الأولى: أن يخرج حبًّا من أرز أو بر، وقدره ربع صاع بصاع النبي – صلى الله عليه وسلم – أي خمس صاع بالصاع المعروف هنا ويساوي كيلوين وأربعين جراماً بالبر الجيد الرزين، يعني أنك إذا وزنت من البر الرزين الدجن ما يبلغ كيلوين وأربعين جراماً فإن هذا صاع بصاع النبي – صلى الله عليه وسلم - ، والصاع بصاع النبي – صلى الله عليه وسلم – أربعة أمداد، فيكفي لأربعة مساكين. ويحسن في هذه الحال: أن تجعل معه إذا دفعته إلى الفقير أن تجعل معه شيئاً يؤدمه من لحم أو غيره حسب ما تقتضيه الحال والعرف. وأما الوجه الثاني من الإطعام: فأن يصنع طعاماً يكفي لثلاثين فقيراً أو تسعة وعشرين فقيراً حسب الشهر ويدعوهم إليه كما ذكر ذلك عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – حين كبر، ولا يجوز أن يطعم شخصاً واحداً مقدار ما يكفي الثلاثين أو التسعة والعشرين؛ لأنه لابد أن يكون عن كل يوم مسكين. أما القسم الثاني من العجز عن الصوم: فهو العجز الذي يرجى زواله وهو العجز الطارئ، كمرض حدث للإنسان أثناء الصوم، وكان يشق عليه أن يصوم، فنقول له: أفطر واقض يوماً مكانه؛ لقول الله تعالى: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" الآية [البقرة: من 184]. أما الوصف الخامس: فهو أن يكون مقيماً، وضده مسافر. المسافر: وهو الذي فارق وطنه لا يلزمه الصوم لقوله تعالى: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" . ولكن الأفضل أن يصوم إلا أن يشق عليه فالأفضل الفطر؛ لقول أبي الدرداء رضي الله عنه: كنا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في يوم شديد الحر وما فينا صائم إلا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعبد الله بن رواحة. أما إذا شق عليه الصوم؛ فإنه يفطر ولابد؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – شكي إليه أن الناس قد شق عليهم الصيام فأفطر، ثم قيل له: إن بعض الناس قد صام فقال: "أولئك العصاة، أولئك العصاة" . أما الوصف السادس: فهو أن يكون خالياً من الموانع. أي: من موانع الوجوب، وهذا يختص بالمرأة، فيشترط في وجوب الصوم عليها أداءً ألاّ تكون حائضاً ولا نفساء. فإن كانت حائضاً أو نفساء: لم يلزمها الصوم، وإنما تقضي بدل الأيام التي أفطرت؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – مقراً ذلك: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"، فإذا حاضت المرأة فلا صوم عليها وتقضي في أيام أخر. وهنا مسألتان ينبغي التفطن لهما: المسألة الأولى: أن بعض النساء تطهر في آخر الليل، وتعلم أنها طهرت ولكنها لا تصوم ذلك اليوم ظناً منها أنها إذا لم تغتسل لم يصح صومها وليس الأمر كذلك، بل صومها يصح وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر. وأما المسألة الثانية: فهي أن بعض النساء تكون صائمة فإذا غربت الشمس وأفطرت جاءها الحيض قبل أن تصلي المغرب، فبعض النساء تقول: إنه إذا أتاها الحيض بعد الفطر وقبل صلاة المغرب فإن صومها ذلك النهار يفسد وكذلك بعض النساء يبالغ أيضاً ويقول: إذا جاءها قبل صلاة العشاء فإن صومها ذلك اليوم يفسد وكل هذا ليس بصحيح. فالمرأة إذا غربت الشمس، وهي لم تر الحيض خارجاً فصومها صحيح حتى لو خرج بعد غروب الشمس بلحظة واحدة فصومها صحيح. وهذه ستة أوصاف إذا اجتمعت في الإنسان وجب عليه صوم رمضان أداء ولا يحل له أن يفطر، فإن تخلف واحد منها فعلى ما تقدم. [فقه العبادات لابن عثيمين. ص:173- 178]. متى يجب الصيام على الفتاة؟ السؤال: متى يجب الصيام على الفتاة؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين الجواب: يجب الصيام على الفتاة متى بلغت سن التكليف، ويحصل البلوغ بتمام خمس عشرة سنة، أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، أو بإنزال المني المعروف، أو بالحيض، أو بالحمل، فمتى حصل بعض هذه الأشياء لزمها الصيام ولو كانت بنت عشر سنين فإن الكثير من الإناث قد تحيض في العاشرة أو الحادية عشرة من عمرها؛ فيتساهل أهلها ويظنونها صغيرة فلا يلزمونها بالصيام، وهذا خطأ فإن الفتاة إذا حاضت فقد بلغت مبلغ النساء وجرى عليها قلم التكليف، والله أعلم. [فتاوى الصيام لابن جبرين ص: (33-34)]. مريض لا يستطيع الصيام السؤال: لي أخ وجب عليه الصيام، وهو في سن الثالثة عشرة تقريباً، وهو يعاني من مرض نقص في نسبة الأملاح، ويجب عليه أخذ دواء مدى حياته، وهو تقريباً يأخذه كل ست ساعات وإلا يعاني من نقص، وربما يدخل المستشفى إذا لم يأخذه، ولا أدري مدى تحمله حقيقة، ولكن بعض الأطباء يقولون: إنه لا يستطيع، وهو لم يصم رمضان، فلا أدري ماذا عليه أن يفعل؟ وهل كل رمضان لا يصومه على مدى الحياة؟ وهل يأثم؟. المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فكما هو معلوم أن البلوغ يحصل بالنسبة للذكر بأحد ثلاثة أمور: بلوغ خمس عشرة سنة، أو الاحتلام، أو ظهور الشعر الخشن حول القبل، فأيَّ من هذه الثلاثة سبق فالحكم له. هذا وقد ذكرت أن أخاك وجب عليه، وهو في سن الثالثة عشرة لعله بلغ بالاحتلام، أو بظهور الشعر الخشن حول القبل، على كل ما دام وجب عليه الصيام وهو مريض، وقد قرر الأطباء أنه لا يستطيع الصوم، وأنه بحاجة إلى استعمال الدواء في كل ست ساعات، فهذا له حكم المريض الذي لا يستطيع الصوم فلا يجب عليه الصوم، بل يفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً، ويستمر على هذا مادام على تلك الحالة ولا إثم عليه؛ لأنه معذور لمرضه الذي لا يستطيع الصوم معه، ومتى ما شافاه الله وزال عنه المرض فإنه يعود إلى الصوم في مستقبل حياته، وما مضى لا شيء عليه فيه إلا الإطعام -كما تقدم- ، والله أعلم . مريض بالسكر ،كيف يصوم ؟ السؤال: أنا مريض بمرض السكر ، وأتناول إبر الأنسولين ، ومستوى السكر لدي ما بين (250) إلى (400) أحياناً ، وأيضاً مريض بالكلى وضغط الدم – شفانا الله وإياكم – هل أًصوم رمضان أم أفطر ؟ وما هي الكفارة ؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين الجواب: إذا كنت لا تستطيع الصيام ، وقرر الأطباء أن الصيام يضرك ، وأن المرض لا يرجى برؤه فعليك الإطعام عن كل يوم مسكيناً من البر أو التمر أو الأرز ، نصف صاع لكل يوم للمساكين جميعاً أو مفرقة . (اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين فتوى (217) ص (158) ) . صيام المريض السؤال: رجل كبير السن، أصيب بمرض الشلل في نصف جسمه، ولا يقدر على الصيام، وإذا صام اشتد عليه المرض فما حكمه؟ المجيب: عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: إذا قرر الأطباء المختصون أن مرضك هذا من الأمراض التي لا يرجى برؤها فالواجب عليك إطعام مسكين عن كل يوم من أيام رمضان ولا صوم عليك، ومقدار ذلك نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو أرز أو غيرهما، وإذا غديته أو عشيته كفى ذلك. أما إن قرروا أنه يرجى برؤه فلا يجب عليك إطعام، وإنما يجب عليك قضاء الصيام إذا شفاك الله من المرض، لقول الله سبحانه: "وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" الآية [البقرة:185]، وأسأل الله أن يمن عليك بالشفاء من كل سوء، وأن يجعل ما أصابك طهوراً وتكفيراً من الذنوب، وأن يمنحك الصبر الجميل والاحتساب إنه خير مسؤول. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز (3/234، 235)]. لا يستطيع الصوم ولا الإطعام فما الحكم؟ السؤال: لدينا رجل كبير في السن أسلم - ولله الحمد- لكن لبعض الأمراض التي يعاني منها لم يستطع الصيام في رمضان، وهو فقير جداً، وأحياناً يبحث في محلات القمامة عن ثياب يلبسها، أو أشياء يستخدمها، وقد وزع راتبه التقاعدي في عدة أشياء فمعاشه يذهب لأقساط شقته، وللوازم منـزله، ولا يبقى منه شيء ليدفع الكفارة، ونحن نقوم بالصدقة عليه كثيراً، فهل يلزمه شيء؟. المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك الجواب: هذا الرجل الذي أسلم على كبر سنه، وقلة ذات يده جدير بالإحسان إليه، والرعاية التي تسدُّ حاجاته، وتحفظ كرامته عن التبذل بالبحث عن حوائجه في المزابل والقمامات كما ورد في السؤال، بل ينبغي لمن عرف حاله من المسلمين أن يغنوه عن ذلك، وما دام أنه لا يستطيع الصوم لكبر سنه ومرضه، فإنه لا يلزمه إلا الإطعام، فإن حصل له من صدقات المسلمين ما يستطيع أن يطعم منه فعليه ذلك، وإن لم يحصل له إلا ما يكفيه بخاصة نفسه، فلا شيء عليه لقوله – تعالى- : " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها " [البقرة: 286]، وقوله-تعالى-:"فاتقوا الله ما استطعتم"[التغابن: 16]، وقوله – تعالى-: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" [البقرة: 185] ، نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على دينه . صوم من يشق عليه الصيام السؤال: رجل كبير السن، أصيب بمرض الشلل في نصف جسمه، ولا يقدر على الصيام، وإذا صام اشتد عليه المرض، فما حكمه؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: إذا قرر الأطباء المختصون أن مرضك هذا من الأمراض التي لا يرجى برؤها فالواجب عليك إطعام مسكين عن كل يوم من أيام رمضان ولا صوم عليك، ومقدار ذلك نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو أرز أو غيرهما، وإذا غديته أو عشيته كفى ذلك. أما إن قرروا أنه يرجى برؤه فلا يجب عليك إطعام، وإنما يجب عليك قضاء الصيام إذا شفاك الله من المرض؛ لقول الله –سبحانه-:"ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر" [البقرة:185] وأسأل الله أن يمنَّ عليك بالشفاء من كل سوء، وأن يجعل ما أصابك طهوراً وتكفيراً من الذنوب، وأن يمنحك الصبر الجميل والاحتساب إنه خير مسؤول، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [مجموع فتاوى سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز –رحمه الله- (3/234-235)]. دفع المريض فدية لصيامه السؤال: مريض بالسكر وبمرض في المعدة وبمرض نفسي أيضاً – شفاه الله – ولم يستطع الصيام، ولكنه يدفع نقوداً كفارة عنه؛ فهل يكفي هذا؟ أم علي شيء آخر؟ المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان الجواب: تذكر أيها السائل أنك مصاب بالأمراض التي لا تستطيع معها الصيام، وأنك تدفع كفارة من النقود. نقول: شفاك الله مما أصابك وأعانك على أداء ما افترض الله عليها، أما إفطارك من أجل المرض؛فهذا شيء صحيح لا حرج فيه؛ لأن الله سبحانه وتعالى رخص للمريض أن يفطر إذا كان الصيام يشق عليه أو يضاعف المرض، وأمره أن يقضي الأيام التي أفطرها في فترة أخرى "فعدة من أيام أخر" [البقرة:184]. هذا إذا كان المرض يرجى زواله، أو خفته في بعض الأحيان؛ بحيث يستطيع أن يقضي في فترة أخرى. أما إذا كان المرض مستمراً ومزمناً لا يرجى برؤه؛ فإنه يتعين عليه الإطعام لقوله تعالى: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" [البقرة: 184]. ومنهم المريض الذي مرضه مزمن. والإطعام لا يكون بالنقود كما ذكرت، وإنما يكون الإطعام بدفع الطعام الذي هو قوت البلد؛ بأن تدفع عن كل يوم نصف الصاع من قوت البلد المعتاد. ونصف الصاع يبلغ الكيلو والنصف تقريباً. فعليك أن تدفع طعاماً من قوت البلد بهذا المقدار الذي ذكرنا عن كل يوم، ولا تدفع النقود؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" [البقرة: 184]؛ نص على الطعام. [المنتقى من فتاوى الشيخ صالح بن فوزان (3/140)].
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: كتاب فتاوى رمضانية "كامل" الأربعاء 11 أغسطس 2010, 11:58 am | |
| مسافر قدم مفطراً فهل يمسك ؟ السؤال: مسافر أفطر في سفره وعندما يصل إلى محل إقامته أيمسك أم ليس عليه حرج في الأكل، وما الدليل؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: الفطر في السفر رخصة جعلها الله توسعة لعباده ، فإذا زال سبب الرخصة زالت الرخصة معه ، فمن وصل إلى بلده من سفره نهاراً وجب عليه أن يمسك لدخوله في عموم قوله تعالى :"فمن شهد منكم الشهر فليصمه ". وبالله التوفيق . السفر في رمضان السؤال: أيهما أفضل في رمضان للمسافر الصوم أو الفطر؟ وما هي مسافة القصر؟ وهل إذا أنشأ السفر من يومه يفطر؟ وهل يفطر السفار من المكارية والتجار والجمال والملاح وراكب البحر؟ وما الفرق بين سفر الطاعة، وسفر المعصية؟ المجيب شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الجواب: الحمد لله: الفطر للمسافر جائز باتفاق المسلمين، سواء كان سفر حج، أو جهاد، أو تجارة أو نحو ذلك من الأسفار التي لا يكرهها الله ورسوله عليه الصلاة والسلام. وتنازعوا في سفر المعصية، كالذي يسافر ليقطع الطريق ونحو ذلك، على قولين مشهورين، كما تنازعوا في قصر الصلاة. فأما السفر الذي تقصر فيه الصلاة: فإنه يجوز فيه الفطر مع القضاء باتفاق الأئمة، ويجوز الفطر للمسافر باتفاق الأمة، سواء كان قادراً على الصيام أو عاجزاً، وسواء شق عليه الصوم، أو لم يشق، بحيث لو كان مسافراً في الظل والماء ومعه من يخدمه جاز له الفطر والقصر. ومن قال: إن الفطر لا يجوز إلا لمن عجز عن الصيام فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وكذلك من أنكر على المفطر، فإنه يستتاب من ذلك. ومن قال: إن المفطر عليه إثم، فإنه يستتاب من ذلك، فإن هذه الأحوال خلاف كتاب الله، وخلاف سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وخلاف إجماع الأمة وهكذا السنة للمسافر أنه يصلي الرباعية ركعتين، والقصر أفضل له من التربيع عند الأئمة الأربعة: كمذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد والشافعي في أصح قوليه. ولم تتنازع الأمة في جواز الفطر للمسافر؛ بل تنازعوا في جواز الصيام للمسافر: فذهب طائفة من السلف والخلف إلى أن الصائم في السفر كالمفطر في الحضر، وأنه إذا صام لم يجزه بل عليه أن يقضي. ويروى هذا عن عبد الرحمن بن عوف، وأبي هريرة – رضي الله عنه -، وغيرهما من السلف، وهو مذهب أهل الظاهر. وفي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "ليس من البر الصوم في السفر"، لكن مذهب الأئمة الأربعة أنه يجوز للمسافر أن يصوم، وأن يفطر. كما في الصحيحين عن أنس قال: "كنا نسافر مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في رمضان فمنا الصائم، ومنا المفطر، فلا يعيب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم". وقد قال الله تعالى: "وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" الآية،[البقرة:185]. وفي المسند عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تؤتى معصيته" . وفي الصحيحين ما معناه: "أن رجلاً قال للنبي – صلى الله عليه وسلم -: إني رجل أكثر الصوم أفأصوم في السفر؟ فقال: "إن أفطرت فحسن، وإن صمت فلا بأس". وفي حديث آخر "خياركم الذين في السفر يقصرون ويفطرون". أما مقدار السفر الذي يقصر فيه ويفطر: فمذهب مالك والشافعي وأحمد أنه مسيرة يومين قاصدين بسير الإبل والأقدام، وهو ستة عشر فرسخا، كما بين مكة وعسفان، ومكة وجدة، وقال أبو حنيفة: "مسيرة ثلاثة أيام". وقال طائفة من السلف والخلف: بل يقصر ويفطر في أقل من يومين. وهذا قول قوي، فإنه قد ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يصلي بعرفة، ومزدلفة ومنى، يقصر الصلاة، وخلفه أهل مكة وغيرهم يصلون بصلاته، لم يأمر أحداً منهم بإتمام الصلاة. وإذا سافر في أثناء يوم، فهل يجوز له الفطر؟ على قولين مشهورين للعلماء، هما روايتان عن أحمد. أظهرهما: إنه يجوز ذلك. كما ثبت في السنن أن من الصحابة – رضوان الله عليهم - من كان يفطر إذا خرج من يومه، ويذكر أن ذلك سنة النبي – صلى الله عليه وسلم –. وقد ثبت في الصحيح عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه نوى الصوم في السفر، ثم إنه دعا بماء فأفطر، والناس ينظرون إليه. وأما اليوم الثاني: فيفطر فيه بلا ريب، وإن كان مقدار سفره يومين في مذهب جمهور الأئمة والأمة. وأما إذا قدم المسافر في أثناء يوم ففي وجوب الإمساك عليه نزاع مشهور بين العلماء؛ لكن عليه القضاء سواء أمسك أو لم يمسك. ويفطر من عادته السفر، إذا كان له بلد يأوي إليه، كالتاجر الجلاب الذي يجلب الطعام، وغيره من السلع، وكالمكاري الذي يكري دوابه من الجلاب وغيرهم، وكالبريد الذي يسافر في مصالح المسلمين، ونحوهم. وكذلك الملاح الذي له مكان في البر يسكنه. فأما من كان معه في السفينة امرأته، وجميع مصالحه، ولا يزال مسافراً فهذا لا يقصر، ولا يفطر. وأهل البادية: كأعراب العرب، والأكراد، والترك، وغيرهم الذين يشتون في مكان، ويصيفون في مكان، إذا كانوا في حال ظعنهم من المشتى إلى المصيف، ومن المصيف إلى المشتى: فإنهم يقصرون. وأما إذا نزلوا بمشتاهم، ومصيفهم، لم يفطروا، ولم يقصروا. وإن كانوا يتتبعون المراعي، والله أعلم. [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (25/209 – 213)]. الصوم أو الفطر للمسافر السؤال: إذا سافر المسلم فما الأفضل له في سفره: الفطر أم الصيام؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين الجواب: المسألة فيها ثلاثة أقوال: القول الأول: وهو ما يميل إليه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – أن الفطر في كل حال أفضل لكل مسافر. وعلته: أن الصوم قد أبطله بعض العلماء، فذكر عن بعض الظاهرية أنهم يلزمون المسافر إذا صام في سفره أن يقضي أيام سفره؛ لأن الله يقول: "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ"[البقرة:184] فكل من كان مسافراً يصوم عدة أيام سفره سواء أفطر أم لم يفطر. ورد الجمهور على هذا الاستدلال وقالوا: إن الآية فيها تقدير، وتقديرها: "من كان على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر" وأما إذا كان على سفر وصام فلا يلزمه عدة، فكأن شيخ الإسلام يقول: الصوم في السفر فيه خلاف فهناك من يبطله، فاختار أن الفطر أفضل خروجاً من الخلاف؛ لأنه ليس هناك خلاف أن الفطر جائز وأما الصوم ففيه خلاف. قال: فلأجل الخروج من الخلاف فأنا أختار أن الفطر أفضل، سواء وجدت مشقة أم لم توجد، ولكن شيخ الإسلام يقيسه على زمانه؛ فزمانه يناسبه الفطر في كل حال لغلبة المشقة. القول الثاني: أن الصوم أفضل بكل حال ولو مع المشقة والفطر جائز، واستدل أصحاب هذا القول بحديث جابر – رضي الله عنه – قال: كنا في سفر وفي حر شديد حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعبد الله بن رواحة – رضي الله عنه -. وقالوا: إن اختيار النبي – صلى الله عليه وسلم – للصوم في هذا الحر الشديد يدل على أنه أفضل حتى ولو مع المشقة، ولكن نحمل الحديث إما: أ. على أنه خاص بالنبي – صلى الله عليه وسلم -. ب. على أن النبي – صلى الله عليه وسلم - وثق من نفسه بالصبر ولهذا لم يصوموا كلهم. القول الثالث: وهو أرجحها – إن شاء الله – أن الصوم مع عدم المشقة أفضل والفطر مع المشقة أفضل. والدليل عليه: أنه – صلى الله عليه وسلم – لما خرج إلى مكة في حجة الوداع صام هو وصحابته في رمضان حتى بلغوا عسفان أي صاموا نحو ثمانية أيام، فلما بلغوا ذلك قيل للرسول – صلى الله عليه وسلم – إن الناس قد شق عليهم الصيام، فعند ذلك أفطر، وفي رواية أنه قال للذين لم يفطروا: "إنكم قد قربتم من عدوكم والفطر أقوى لكم" وبلغه أن أناساً قد شق عليهم الصيام ولم يفطروا فقال: "أولئك العصاة" فإن هذا دليل على أن الصوم مع عدم المشقة أفضل ومع المشقة، فالفطر أفضل مع أن الكل جائز، كما ثبت في حديث أنس – رضي الله عنه - وغيره قال: كنا نسافر مع النبي – صلى الله عليه وسلم – فمنا الصائم ومنا المفطر، فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم. [فتاوى الصيام لابن جبرين ص: (78-79)]. المرأة إذا أجهضت في الشهر الثاني ؟ السؤال: امرأة حامل في الشهر الثاني، أجهضت وأجري لها عملية تنظيف، هل تصوم وتصلي؟ وإذا كان الجواب بـ(لا) فمتى تصلي؟ المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: ما دام الإجهاض في الشهر الثاني، فليس لهذه المرأة أحكام النفاس ، بل تجب عليها الصلاة والصيام، والدم نجاسة فتغسل أثره وتتوضأ وتصلي، وإذا شقَّ عليها صلاة كل فريضة في وقتها فلها أن تجمع الظهر والعصر في وقت أحدهما، وأن تجمع المغرب والعشاء في وقت إحداهما ، وإذا شقَّ عليها الصيام بوجود النزيف فلها أن تفطر لمرضها وتقضي، وإذا صامت فصيامها صحيح؛ لأن هذا الدم لا يمنع الصيام. استعمال أدوية لتأخير الحيض في رمضان السؤال: هل يجوز استعمال حبوب منع الحمل لتأخير الحيض عند المرأة في شهر رمـضان ؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: لا حرج في ذلك ؛ لما فيه من المصلحة للمرأة في صومها مع الناس وعدم القضاء ، مع مراعاة عدم الضرر منها ؛ لأن بعض النساء تضرهن الحبوب. مجموع فتاوى الشيخ/ عبدالعزيز بن باز –رحمه الله- ،الجزء الخامس عشر ، ص (201) . الصوم وضعف البنية السؤال: منذ سنتين لا أستطيع الصيام بسبب ديوني المترتبة علي حيث أصاب بهبوط في الضغط، كما أني أعمل خارج المنزل صباحاً مما يجعل صيامي صعباً وأشعر بآلام في الرأس شديدة، مع العلم أني أصوم رمضان وأشعر بهذا الإحساس بادئ الأمر ثم أتعود، ولكن في غير رمضان أعاني كثيراً وأدفع كفارة ما أفطرت، أرجو أن تفيدوني هل حرام لأني لا أصوم، أو ليس بإمكاني الصوم لاحقاً لأن جسمي ضعيف وبنيتي ضعيفة؟ ولكم جزيل الشكر. المجيب د. أحمد بن محمد الخضيري الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الكريم. يمكنك أن تؤجلي الصيام الواجب عليك قضاءً إلى الوقت الذي لا يشق عليك فيه الصيام، مثل أيام الشتاء، أو الأيام التي تشعرين فيها بالنشاط والقوة، ويمكنك أن تفرقي الأيام على حسب ما تطيقين، والله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، واحرصي على أن تنتهي من صيام هذه الأيام قبل حلول رمضان القادم؛ من أجل ألا تكثر عليك الأيام التي يجب قضاؤها، فيصعب عليك القضاء بعد ذلك. صوم المعتوه وفاقد الذاكرة... السؤال: هل يجب الصيام على فاقد الذاكرة والمعتوه والصبي والمجنون؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: إن الله –سبحانه وتعالى- أوجب على المرء العبادات إذا كان أهلاً للوجوب بأن يكون ذا عقل يدرك به الأشياء، وأما من لا عقل له، فإنه لا تلزمه العبادات، وبهذا لا تلزم المجنون، ولا تلزم الصغير الذي لا يميز، وهذا من رحمة الله –سبحانه وتعالى-، ومثله المعتوه الذي أُصيب بعقله على وجه لم يبلغ حد الجنون. ومثله أيضاً: الكبير الذي بلغ فقدان الذاكرة كما قال هذا السائل، فإنه لا يجب عليه صوم ولا صلاة ولا طهارة؛ لأن فاقد الذاكرة هو بمنزلة الصبي الذي لم يميز، فتسقط عنه التكاليف فلا يلزم بطهارة، ولا يلزم بصلاة، ولا يلزم أيضاً بصيام. وأما الواجبات المالية، فإنها تجب في ماله وإن كان في هذه الحال، فالزكاة مثلاً يجب على من يتولى أمره أن يخرجها من مال هذا الرجل الذي بلغ هذا الحد؛ لأن وجوب الزكاة يتعلق بالمال كما قال الله –تعالى-:"خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" [التوبة:103]، قال:"خذ من أموالهم" ولم يقل خذ منهم. وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- لمعاذ حينما بعثه إلى اليمن:"أعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم". فقال:"صدقة في أموالهم" فبين أنها في المال وإن كانت تؤخذ من صاحب المال. وعلى كل حال: الواجبات المالية لا تسقط عن شخص هذه حاله. أما العبادات البدنية كالصلاة والطهارة والصوم؛ فإنها تسقط عن مثل هذا الرجل لأنه لا يعقل. وأما من زال عقله بإغماء من مرض فإنه لا تجب عليه الصلاة على قول أكثر أهل العلم، فإذا أُغمي على المريض لمدة يوم أو يومين فلا قضاء عليه؛ لأنه ليس له عقل وليس كالنائم الذي قال فيه الرسول –عليه الصلاة والسلام-:"من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها"؛ لأن النائم معه إدراك بمعنى أنه يستطيع أن يستيقظ إذا أوقظ وأما هذا المغمى عليه فإنه لا يستطيع أن يفيق إذا أوقظ هذا إذا كان الإغماء ليس بسبب منه. أما إذا كان الإغماء بسبب منه كالذي أغمي عليه من البنج فإنه يقضي الصلاة التي مضت عليه وهو في حالة الغيبوبة. [فتاوى الشيخ: محمد بن عثيمين –رحمه الله- (1/490-491)]. النية في الصوم إفطار الصائم بالنية! السؤال: كنا في مجلس علم (دورة أسبوعية لحفظ القرآن الكريم وفي أحد أيام العشر من ذي الحجة)، وكان أغلب الحاضرات صائمات، وكذا ملقية الدرس، وقد كانت تشرح جزئية معينة، فأذن المؤذن لصلاة المغرب فقالت: ( إذا ممكن يا أخوات أفطروا بالنية، واعتبروا الأذان بعد ربع ساعة، وركِّزوا معي الآن)، وحينما مرّرنا شيئاً من التميرات بيننا تضايقت كثيراً، وقالت بأن هذا يتنافى مع آداب مجلس العلم، ولم تنهِ الدرس إلا بعد ربع ساعة تقريباً من الأذان، وحينما ناقشتها في ذلك قالت: إنه دفع لأعلى المفسدتين (وهي ضياع التركيز على هذه المعلومة) بأدناهما وهي تأخير الإفطار، فأحببت التأكد من ذلك، وما أصل الإفطار بالنية؟ وهل له مستند شرعي؟ علماً أن الدرس من بعد صلاة العصر وحتى صلاة العشاء . المجيب د. أحمد بن محمد الخليل الجواب: كان الأولى -فيما أرى- المبادرة إلى الإفطار؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" البخاري(8957)، ومسلم(8098) متفق عليه، ولأن المبادرة إلى الفطر تفوت بخلاف الدرس فإنه يمكن استدراكه فيما بعد، والإفطار بالنية إنما يكون عند عدم وجود الطعام، أما مع وجود أكل أو شرب فإن الإفطار بالنية لا أصل له وليس بمشروع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- "كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن رطبات فتمرات، فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء" الترمذي(696)، وأبو داود(2356)، وغيرهما، وقال الألباني حسن صحيح، كما قال أنس بن مالك -رضي الله عنه- . وعلى كل حال مثل هذه الأمور ينبغي استعمال الرفق فيها، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: " ما كان الرفق في شيء إلا زانه " مسلم(2594). هل العزم على الفطر مفطِّر؟ السؤال: مرضت قبل يوم، وعند صلاة الفجر لم أستطع القيام في الركعة الأولى، وجلست وأحسست بدوخة ونويت الفطر وبعد الصلاة عزمت على الشرب، ولكن ولله الحمد عندما وصلت البيت نمت إلى الظهر، وأحسست بالتحسن وواصلت الصيام. والسؤال: هل علي إثم أو كفارة لعزمي على الفطر ولم أفطر؟ أفتونا مأجورين. المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فما دمت أنك قد نويت الفطر بعد طلوع الفجر فقد فسد صومك؛ لأن في ذلك قطع لنية الصوم التي تشترط استدامتها حتى غروب الشمس. أما الإثم فلا؛ لأنك قد نويت الفطر وعزمت على الشرب لمرضك، لا لشهوة في نفسك. ويجب عليك أن تقضي ذلك اليوم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. الجمع بين نية النذر وصوم رمضان السؤال: هل يجزئ صيام النذر في رمضان بأن أنوي نيتين: نية صيام رمضان وقضاء النذر؟ وجزاكم الله خيراً. المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: لا يجوز لك أن تنوي مع صيام رمضان صيام النذر أو واجب آخر. هل من نوى الإفطار يفطر؟ السؤال: قولهم: ومن نوى الإفطار أفطر، هل هو وجيه؟ المجيب عبد الرحمن السعدي الجواب: نعم هو وجيه، وذلك أن الصيام مركب من حقيقتين: النية وترك جميع المفطرات، فإذا نوى الإفطار، فقد اختلت الحقيقة الأولى وهي أعظم مقومات العبادة، فالأعمال كلها لا تقوم إلا بها. ومعنى قولهم: أفطر، معناه: أنه حكم له بعدم الصيام، لا بمنزلة الآكل والشارب، كما فسروا مرادهم. ولذلك لو نوى الإفطار وهو في نفل، ثم بعد ذلك أراد أن ينوي الصيام قبل أن يحدث شيئاً من المفطرات، جاز له ذلك، لكن أجره وصيامه المثاب عليه من وقت نيته فقط، وإن كان الذي نوى الإفطار في فرض، فإن ذلك اليوم لا يجزئه ولو أعاد النية قبل أن يفعل مفطراً، لأن الفرض شرطه أن النية تشمل جميعه من طلوع فجره إلى غروب شمسه، بخلاف النفل. وها هنا فائدة يحسن التنبيه عليها، وهي أن قطع نية العبادة نوعان: نوع لا يضره شيء: وذلك بعد كمال العبادة، فلو نوى قطع الصلاة بعد فراغها أو الصيام، أو الزكاة، أو الحج أو غيرها بعد الفراغ ، لم يضر لأنها وقعت وحلت محلها، ومثلها لو نوى قطع نية طهارة الحدث الأكبر أو الأصغر بعد فراغه من طهارته، لم تنتقض طهارته. والنوع الثاني: قطع نية العبادة في حال تلبسه بها، كقطعه نية الصلاة وهو فيها، والصيام وهو فيه، أو الطهارة وهو فيها، فهذا لا تصح عبادته ومتى عرفت الفرق بين الأمرين، زال عنك الإشكال. [الفتاوى السعدية للشيخ عبد الرحمن السعدي (228 – 229)]. نية الصيام السؤال: هل نية الصيام كافية عن نية صوم كل يوم على حدة؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: من المعلوم أن كل شخص يقوم في آخر الليل ويتسحر، فإنه قد أراد الصوم ولا شك في هذا، لأن كل عاقل يفعل الشيء باختياره لا يمكن أن يفعله إلا بإرادة. والإرادة هي النية، فالإنسان لا يأكل في آخر الليل إلا من أجل الصوم، ولو كان مراده مجرد الأكل لم يكن من عادته أن يأكل في هذا الوقت. فهذه هي النية ولكن يحتاج إلى مثل هذا السؤال فيما لو قدر أن شخصاً نام قبل غروب الشمس في رمضان وبقي نائماً لم يوقظه أحد حتى طلع الفجر من اليوم التالي فإنه لم ينو من الليل لصوم اليوم التالي فهل نقول إن صومه اليوم التالي صوم صحيح بناء على النية السابقة؟ أو نقول: إن صومه غير صحيح لأنه لم ينوه من ليلته؟ نقول: إن صومه صحيح لأن القول الراجح أن نية صيام رمضان في أوله كافية؛ فلا يحتاج إلى تجديد النية لكل يوم؛ اللهم إلا أن يوجد سبب يبيح الفطر فيفطر في أثناء الشهر فحينئذ لابد من نية جديدة لاستئناف الصوم. [الفتاوى لابن عثيمين، كتاب الدعوة (1/144-145)]. تبييت النية في الصيام السؤال: لم أجزم بتبييت النية من الليل. فقلت في نفسي إن شاء الله سأصوم غير جازم، وأخبرت بأنه لا بد من تبييت النية الجازمة للفريضة، فهل يصح لي في هذه الحالة الصوم وجزاكم الله خيراً. المجيب د. سليمان بن وائل التويجري الجواب: صيام الواجب لا بد فيه من تبييت النية من الليل، بمعنى أن الإنسان يصوم ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس كاملاً بنية ويكون قد نوى أن يصوم هذا اليوم جميعه من طلوع فجره إلى غروب شمسه، وأما صيام النفل فإن الإنسان إذا لم يتعاط شيئاً من المفطرات بعد طلوع الفجر، ونوى الصيام بعد ذلك صح منه وأجزأه. ما يفسد الصوم وما لا يفسده العادة السرية في نهار رمضان السؤال: إذا تحركت شهوة المسلم في نهار رمضان ولم يجد طريقاً إلا أن يستمني فهل يبطل صومه، وهل عليه قضاء أو كفارة في هذه الحالة ؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: الاستمناء في رمضان وغيره حرام، لا يجوز فعله؛ لقوله تعالى : " والذين هم لفروجهم حافظون ، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " . وعلى من فعله في نهار رمضان وهو صائم أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي صيام ذلك اليوم الذي فعله فيه، ولا كفارة لأن الكفارة إنما وردت في الجماع خاصة. (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى (2192) الجزء العاشر ص (256) ). الاكتحال وقطرة العين للصائم السؤال: ما حكم الاكتحال والقطرة والمرهم في العين؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: لا بأس للصائم أن يكتحل وأن يقطر في عينيه وأن يقطر كذلك في أذنيه؛ حتى وإن وجد طعمه في حلقه، فإنه لا يفطر بهذا، لأنه ليس بأكل ولا شرب ولا بمعنى الأكل والشرب، والدليل إنما جاء في منع الأكل والشرب فلا يلحق بهما ما ليس في معناهما، وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -، وهو الصواب. [فقه العبادات لابن عثيمين (ص: 191 – 192)]. الحقنة الشرجية للصائم السؤال: ما حكم أخذ الحقنة الشرجية عند الصائم للحاجة؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: حكمها عدم الحرج في ذلك إذا احتاج إليها المريض في أصح قولي العلماء، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وجمع كثير من أهل العلم لعدم مشابهتها للأكل والشرب. [تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام ابن باز رحمه الله تعالى (ص: 182)]. الحقن والمغذي والتحليل في نهار رمضان السؤال: هل الإبر والحقن العلاجية في نهار رمضان تؤثر على الصيام؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: الإبر العلاجية قسمان أحدهما ما يقصد به التغذية ويستغنى به عن الأكل والشرب لأنها بمعناه، فتكون مفطرة لأن نصوص الشرع إذا وجد المعنى الذي تشتمل عليه في صورة من الصور حكم على هذه الصورة بحكم ذلك النص، أما القسم الثاني وهو الإبر التي لا تغذي أي لا يستغنى بها عن الأكل والشرب فهذه لا تفطر لأنه لا ينالها النص لفظاً ولا معنى، فهي ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، والأصل صحة الصيام حتى يثبت ما يفسده بمقتضى الدليل الشرعي. [ابن عثيمين رحمه الله تعالى كتاب الدعوة (3/55)]. هل يفسد الصيام إدخال المنظار في المعدة ؟ السؤال: عملت والدتي فحصا يسمى المنظار، وقد تم إدخاله من الفم إلى المعدة، وقبل أن يعملوا لها هذا الفحص وضعوا لها مخدَّرًا موضعيًا (بخاخ في بداية الحلق) وكإجراء تحرزي وضعوا المغذَّي من دون تدفقه داخل الجسم ، ( أي مقفَّل) فما حكم صيامها ؟ جزاكم الله خيراً . المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه، وبعد . فالجواب أن إدخال المنظار إلى المعدة - فقط - للكشف لا يضر الصيام، فالصيام صحيح وأيضاً البخاخ في الحلق لا يضر، فهو مثل البخاخ الذي يستعمله المصاب بالربو ،فلا يضر الصيام؛ لأن إدخال المنظار وكذا البخاخ بالحلق ليس بأكل أو شرب ولا بمعناهما، فالصيام معهما صحيح، والله أعلم . هل تقضي ذلك اليوم؟ السؤال: أنا أستخدم حبوب منع الحمل، وعندما بدأ رمضان قمت بشبك الحبوب أي استخدمت شريط حبوب ثان لكي لا تأتيني الدورة في رمضان ولكي أصوم مع الناس وأقرأ القرآن، وأكثر من الصلاة، وكذلك صلاة التراويح، وغيره من التزود بالطاعات التي تمنعني الدورة من أدائها، وفي أحد الأيام وأنا صائمة قمت وتوضأت لصلاة العصر وصليت، وبقيت على وضوئي وصليت به المغرب، وبعد المغرب بحوالي نصف ساعة ذهبت للحمام ووجدت الدورة قد أتتني ولم أحس بأعراضها، مثل المغص، سؤالي أثابكم الله، هل أقضي ذلك اليوم أم لا؟ مع العلم أنه لا يوجد لدي ظن يغلب على الآخر، أي هل أتت بعد المغرب أم قبله، وإذا قضيت ذلك اليوم من باب الاحتياط هل علي شيء؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. المجيب د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أولاً: لا يشرع لك أخذ الحبوب لقطع الدورة في رمضان، فإنك معذورة وقت نزول الدم عذراً شرعياً، ويكتب لك – إن شاء الله – أجر ما كنت تفعلينه عند عدم وجود الدم، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد أو سافر كتب الله –تعالى- له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً" صحيح الجامع (1/200). ثانياً: لا يلزمك قضاء ذلك اليوم الذي ورد في السؤال؛ لعدم اليقين في حصول الدم فيه، بل الأمر مجرد شك، والشك لا اعتبار به هنا؛ لأنه في مقابل الأصل، والأصل صحة صوم ذلك اليوم الذي صمتيه. والله أعلم. هل للصائم وضع أدوية في فمه للعلاج السؤال: السلام عليكم. ما الحكم في وضع أدوية داخل الفم لمعالجة الجروح في اللسان أو الجهة الداخلية من الشفة أثناء الصيام؟ مع الأخذ بكافة الاحتياطات والحذر من عدم وصول هذا الدواء إلى داخل الحلق. لكن يصل تأثير هذا الدواء إلى المعدة. هل ذلك يفسد الصيام؟. المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وضع العلاج في فم الصائم لا يعد من المفطرات، وهذا بشرط أن يتحاشى وصول شيء من هذا الدواء إلى المعدة، والأولى له هو تأخير هذا الأمر إلى ما بعد الإفطار؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث لقيط بن صبرة قال: " وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا " أخرجه الخمسة: أحمد (16383)، وأبو داود (142)، والترمذي (788)، وابن ماجه (407)، والنسائي (87) بإسناد صحيح. فلولا أن المبالغة تؤثر في الصوم لما نهى عنها النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولأن هذا قد يكون ذريعة إلى وصول شيء من هذا الدواء إلى جوف الصائم، لذا فالأولى له هو تأخير هذا الأمر إلى ما بعد الإفطار. أما إن وصل شيء من هذا الدواء إلى المعدة فقد أفطر بذلك. والله أعلم. المريض بالفشل الكُلوي ، كيف يصوم ؟ السؤال: أنا مريضة بفشل كلوي ، ويستلزم مرضي هذا تناول علاج في أوقات مختلفة، ولا سيما بعد إجرائي لعملية زرع كلى ، حيث نصحني الأطباء بالمداومة على العلاج وإلا تعرضت للخطر ، وحيث إنني - والحمد لله- مسلمة، وأريد أن أصوم شهر رمضان ، ولكن مرضي يمنعني لظروف تناول الدواء في الصباح والظهر والليل ، وكل اثنتي عشرة ساعة . لذا أرجو إفتائي في هذا الأمر ، وما هي كفارة صيامي الواجب عليَّ أداؤها حال عدم تمكني من الصوم ؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين الجواب: فحيث إن الأطباء مسلمون مختصون ، وقد اتفقوا على تقرير واحد ، وأن الصوم يضر بالعملية ، وأن الفطر واجب حفاظاً على الصحة ، فلا مانع من الإفطار ثم القضاء عند القدرة ، فإن قرروا أن الصوم لا يناسب أبداً ودائماً ، فلا بد من الكفارة ، وهي إطعام مسكين عن كل يوم . (اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين فتوى رقم (213) ص (155) ) . بخّاخ الربو لا يفطّـر السؤال: في بعض الصيدليات بخاخ يستعمله بعض مرضى الربو ، فهل يجوز للصائم استعماله في نهار رمضان ؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: استعمال هذا البخاخ جائز للصائم، سواء كان صيامه في رمضان أم في غير رمضان ؛ وذلك لأن هذا البخاخ لا يصل إلى المعدة، وإنما يصل إلى القصبات الهوائية فتنفتح؛ لما فيه من خاصية، ويتنفس الإنسان تنفساً عادياً بعد ذلك، فليس هو بمعنى الأكل والشرب، ولا أكلاً ولا شرباً يصل إلى المعدة. ومعلوم أن الأصل صحة الصوم حتى يوجد دليل على الفساد من كتاب، أو سُنّة، أو إجماع، أو قياس صحيح . (كتاب الدعوة ، الجزء الخامس ، ص 169)
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: كتاب فتاوى رمضانية "كامل" الأربعاء 11 أغسطس 2010, 5:15 pm | |
|
غسيل الكلى السؤال: يوجد بعض المرضى شفاهم الله تتعطل كلاهم عن العمل مما يضطرهم إلى ما يسمى بالغسيل؛ ويتمثل في استخدام كلية صناعية تقوم بتطهير الدم وتنقيته من الشوائب، وذلك في الأسبوع مرتين أو ثلاثة، بحيث يخرج دم الإنسان كله من جسده بأنبوب آخر بعد التنقية، مع أنه يضاف للدم داخل الكلية الصناعية بعض المواد المطهرة، ولولا هذا العمل - بإذن الله - تعالى لتعرضت حياة الإنسان للموت بسبب تعطل الكلى، فهذا الأمر ضروري. والسؤال: هل يؤثر الغسيل على الصيام إذا كان الإنسان صائماً؟ علماً بأن هذا ضرورة بالنسبة له ويشق عليه أن يفطر ويقضي وجسمه لا يستفيد سوى تنقية الدم من الشوائب، وقد كثر التساؤل – أرجو من سماحتكم الإفادة، جزاكم الله خيراً. المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: جرت الكتابة لكل من: سعادة مدير مستشفى الملك فيصل التخصصي بالخطاب رقم 1756/2 في 14/8/1406هـ وسعادة مدير مستشفى القوات المسلحة بالرياض بالخطاب رقم 1757/2 في 4/8/1406هـ؛ للإفادة عن صفة وواقع غسيل الكلى، وعن خلطه بالمواد الكيماوية، وهل تشتمل على نوع من الغذاء. وقد وردت الإجابة منهما بالخطاب رقم 5693 في 27/8/1406هـ ورقم 10/16/7807 في 19/8/1406هـ، بما مضمونه: أن غسيل الكلى عبارة عن إخراج دم المريض إلى آلة (كلية صناعية) تتولى تنقيته ثم إعادته إلى الجسم بعد ذلك، وأنه تتم إضافة بعض المواد الكيماوية والغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم. وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء والوقوف على حقيقة الغسيل الكلوي بواسطة أهل الخبرة أفتت اللجنة بأن الغسيل المذكور للكلى يفسد الصيام. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الجزء 10 ص: 189 – 191] القيء للصائم السؤال: ما حكم القيء في نهار شهر رمضان هل يبطل صومي بذلك؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – عن سؤال مشابه لسؤالك نذكر لك فيما يلي السؤال والإجابة. سؤالي عن القيء في رمضان هل يفطر؟. الجـواب: إذا قاء الإنسان متعمداً فإنه يفطر، وإن قاء بغير عمد فإنه لا يفطر، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض" أخرجه أبو داود (2480)، والترمذي (720). فإن غلبك القيء فإنك لا تفطر، فلو أحس الإنسان بأن معدته تموج وأنها سيخرج ما فيها، فهل نقول: يجب عليك أن تمنعه؟ أو تجذبه؟ لا، لكن نقول: قف موقفاً حيادياً، لا تستقيء ولا تمنع، لأنك إن استقيت أفطرت، وإن منعت تضررت، فدعه إذا خرج بغير فعل منك، فإنه لا يضرك ولا تفطر بذلك. ابتلاع النخامة للصائم السؤال: ما حكم ابتلاع النخامة؟ ومتى يفطر الصائم إذا ابتلعها؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين الجواب: يحرم على الصائم بلغ النخامة، وذلك لاستقذارها، والنخامة تارة تنزل من الرأس إلى الحلق، وتارة تخرج من الصدر. وفي كلتا الحالتين: فإنه يحرم على الصائم ابتلاعها. فإن أخرجها من صدره مثلاً ثم وصلت إلى فمه ثم أعادها، ففي هذه الحالة تكون مفطرة؛ لأنه قد ابتلع شيئاً له جرم مع التمكن من إلقائها، ومع كراهة ابتلاعها حتى لغير الصائم فهي مستقذرة طبعاً. أما إن نزلت إلى حلقه وابتلعها مع ريقه فلا يفطر بها، مع تحريم ابتلاعها في الصيام. [فتاوى الصيام لابن جبرين، ص: 87]. بلع الصائم للريق السؤال: هل يجوز لي في نهار رمضان وأنا صائم أن أبلع ريقي أم أنه يفطر المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن سؤال مشابه لسؤالك نذكر لك فيما يلي السؤال والجواب: السـؤال: ما حكم ابتلاع الريق للصائم؟ الجـواب: ابتلاع الصائم ريقه لا يفسد صومه ولو كثر ذلك وتتابع في المسجد وغيره، ولكن إذا كان بلغماً غليظاً كالنخاعة فلا تبلعه، بل أبصقه في منديل ونحوه،وإذا كنت في المسجد. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. هل يكره السواك في نهار رمضان؟ السؤال: ما حكم السواك في نهار رمضان ؟ وما معنى حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – فيما معناه " لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك " فهل معنى هذا أن الصائم يكره عليه السواك في نهار رمضان ؟ المجيب عبدالرحمن بن عبدالعزيز المجيدل الجواب: معنى الحديث أن رائحة الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، وهذا الطيب يشمل الدنيا والآخرة، وذلك أنه ناشئ عن طاعة الله –سبحانه– ورائحة الفم تصدر من المعدة لخلوها من الطعام، فالسواك لا يؤثر في تلك الرائحة ولا يزيلها، وقد جاء في مدح السواك أنه مطهرة للفم ومرضاة للرب، فهو مرضاة للرب في كل وقت، وفي الصحيح قوله –صلى الله عليه وسلم-: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" أخرجه البخاري (887)، ومسلم (252) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - وهو عام في كل الشهور فيشمل رمضان وغيره، وأما حديث" إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي" أي بعد الزوال فهو حديث ضعيف انظر السلسلة الضعيفة (401). الصيام وضرورة استعمال الدواء السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخي مريض بمرض شبيه بالقولون، يسمى (كرون). وهو عبارة عن التهاب في المعدة وفقد الكثير من وزنه، ما يقارب 20 كيلو أو أكثر وهو الآن مجبر على أخذ الدواء في وقته. وعندما يقلل من نسبة الأدوية تسوء حالته كثيراً وهو يبلغ الآن 16 سنة، فماذا يفعل في رمضان هل يطعم عن كل يوم ويقضي بعد ذلك علماً بأن المرض قد يطول، أفيدونا رحمكم الله. المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي الجواب: إذا قرر طبيبان مسلمان أن أخاك يجب أن يأخذ الدواء في مواعيده وأن صيامه يضره فلا بأس بفطره، ثم يقضي ما أفطره من أيام إن كان هناك أمل في شفائه، وإن لم يكن ثم أمل في الشفاء بل هو مرض مزمن أي دائم فإن عليه الإطعام عن كل يوم يفطره لقوله تعالى: "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" [البقرة: 184]. بلع الصائم ريقه عند التسوك السؤال: هل بلع ريق الصائم الذي به آثار السواك مبطل للصيام؟. المجيب د. سليمان بن وائل التويجري الجواب: إذا كان السواك له طعم بأن يكون السواك جديداً، فكونه يبلع ريقه، وفيه طعم السواك هذا بلع لشيء من السواك، وعلى هذا فإنه يفطَّر، أما إذا كان السواك لا طعم له، وليس فيه مادة تتعدى فإن استعمال السواك سنة للصائم في كل وقت، ولكن إذا كان هناك شيء يتحلل من السواك ويبتلعه الإنسان فإنه يفطَّره، ولا يجوز له أن يبتلعه، بل يجب عليه أن يلفظه ويتخلص منه. استعمال الصائم لمعطر الفم السؤال: يوجد في الصيدليات معطر خاص بالفم، وهو عبارة عن بخاخ، فهل يجوز استعماله خلال نهار رمضان لإزالة الرائحة من الفم؟. المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان الجواب: يكفي عن استعمال البخاخ للفم في حالة الصيام استعمال السواك الذي حث عليه – صلى الله عليه وسلم-، وإذا استعمل البخاخ ولم يصل شيء إلى حلقه، فلا بأس به، مع أن رائحة فم الصائم الناتجة عن الصيام ينبغي أن لا تكره، لأنها أثر طاعة ومحبوبة لله عز وجل، وفي الحديث: "خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" أخرجه البخاري (7492)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - . استعمال المسواك بنكهات مختلفة السؤال: ما حكم استعمال المسواك بنكهات مختلفة كالليمون وغيره في نهار رمضان؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري الجواب: لا يجوز استعمال المسواك بنكهات الليمون؛ لأنها مطعمة به، فإذا بلعه الصائم أفطر؛ لأن الليمون ونحوه من الفواكه والخضروات مفطر إذا وجد الصائم طعمه في حلقه. تذوق الصائم للطعام السؤال: بعض الناس ، أي العلماء أجازوا لتذوق للمرأة الطعام في الصيام إذا كانت تريد أن تعرف مدى صلاحية الطعام ، هل هذا صحيح وقالوا : بشرط ألاّ يصل الطعام إلى الحلق . المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: لا حرج في تذوق الإنسان للطعام في نهار الصيام عند الحاجة ، وصيامه صحيح إذا لم يتعمد ابتلاع شيء منه . (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى (9845) الجزء العاشر ص (332) ). تبرع الصائم بالدم السؤال: ما الحكم إذا خرج من الصائم دم كالرعاف ونحوه؟ وهل يجوز للصائم التبرع بدمه أو سحب شيء منه للتحليل؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: خروج الدم من الصائم كالرعاف والاستحاضة ونحوهما لا يفسد الصوم، وإنما يفسد الصوم الحيض والنفاس والحجامة. ولا حرج على الصائم في تحليل الدم عند الحاجة إلى ذلك، ولا يفسد الصوم بذلك. أما التبرع بالدم فالأحوط تأجيله إلى ما بعد الإفطار، لأنه في الغالب يكون كثيراً، فيشبه الحجامة. والله ولي التوفيق. [مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (3/253)]. تقبيل الزوجة في نهار رمضان السؤال: إذا قبل الرجل امرأته في نهار رمضان أو داعبها، هل يفسد صومه أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله. المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً الجواب: تقبيل الرجل امرأته ومداعبته لها ومباشرته لها بغير الجماع وهو صائم كل ذلك جائز ولا حرج فيه؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقبل وهو صائم ويباشر وهو صائم، ولكن إن خشي الصائم الوقوع فيما حرم الله عليه لكونه سريع الشهوة، كره له ذلك، فإن أمنى لزمه الإمساك والقضاء ولا كفارة عليه، عند جمهور أهل العلم، أما المذي فلا يفسد به الصوم في أصح قولي العلماء، لأن الأصل السلامة وعدم بطلان الصوم، ولأنه يشق التحرز منه، والله ولي التوفيق. [الفتاوى لابن باز رحمه الله تعالى، كتاب الدعوة (2/164-165)]. كفارة الجماع في نهار رمضان السؤال: قبل عشرين سنة تقريباً جامعني زوجي في رمضان بعد صلاة الفجر ، وكنت صغيرة في السن لا أحسن أن أقول : (لا) في وجهه ، وربما كنت ضعيفة الإيمان آنذاك ، والآن وقد بدأت الإحساس بالذنب فقد سألت زوجي عما فعله لتكفير ذلك ، فقـال لي : إنه أعطى إحدى الجمعيات الخيرية مبلغ كفارة إطعام ستين مسكيناً، وعندما سألته أن الكفارة بالتتالي هي : عتق رقبة ، أو صيام شهريين متتابعين ، أو إطعام ستين مسكيناً ردَّ بقوله : إنه لا يقدر على الأولى لاستحالتها حالياً ، ولا الثانية لظروف عمله ، وصعوبة التكفير بالصيام لوجود الآخرين في فطر ، ولأن الأعمال في غير رمضان لا تقلص ساعات دوامها لذا ومع التوبة النصوح - إن شاء الله - اكتفى بالخيار الثالث أملاً أن يتقبل الله منا جميعاً . والسؤال هو مع قدرتي على الصيام - إن شاء الله - هل إذا مرضت ، أو أتتني العادة الشهرية أواصل لإكمال ما تبقى من صيامي ، وإذا تعبت من الصيام هل لي التصدق على ستين مسكيناً والتكفير عن هذا الذنب ؟ المجيب أ.د. سليمان بن فهد العيسى الجواب: ليس لك العدول عن الصيام إلى الإطعام إلا في حال عدم الاستطاعة . ومجرد التعب من الصيام ليس بمبرر للانتقال إلى الإطعام . ولك أن تصومي الشهرين في وقت الشتاء حيث برودة الطقس ، وقصر النهار . هذا وإذا سافرت ، أو مرضت ، أو أتتك العادة الشهرية ، أو النفاس فتفطري في كل ذلك ، تم تكملي صيامك إذ هذا عذر شرعي لا يقطع التتابع ، هذا إذا كنت مطاوعة لزوجك في الجماع وعالمة بتحريمه ، أما إذا كنت مكرهة ، أو جاهلة بالتحريم فلا شيء عليك عند كثير من أهل العلم . أما بالنسبة لزوجك فعليه الصيام أيضاً ما دام لا يجد رقبة ، ولا يجوز له العدول إلى الإطعام إلا عند عدم استطاعة الصوم ، هذا وظروف عمله ، وصعوبة الصيام ليسا بمبررين للعدول إلى الصيام ، وله أن يصوم في وقت الشتاء كما تقدم تفصيله . والله أعلم . الجماع في نهار رمضان السؤال: في شهر رمضان المبارك أطغتني شهوتي على زوجتي بعد صلاة الفجر وجامعتها فما الحكم ؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: حيث ذكر المستفتي أنه أطغته شهوته فجامع زوجته بعد الفجر في رمضان فالواجب عليه عتق رقبة فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً لكل مسكين مـد ( بُرّ ) وعليه قضاء اليوم بدلاً عن ذلك اليوم ، وأما المرأة فإن كانت مطاوعة فحكمها حكم الرجل ، وإن كانت مكرهة فليس عليها إلا القضاء . والأصل في وجوب الكفارة على الرجل : ما رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – قال بينما نحن جلوس عند النبي – صلى الله عليه وسلم – إذ جاءه رجل فقال : يا رسول الله هلكت قال : " مالك ؟ " قال : وقعت على امرأتي وأنا صائم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " هل تجد رقبة تعتقها " قال :لا ، قال :" فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين " قال : لا ، قال : " فهل تجد إطعام ستين مسكيناً ؟ " قال : لا ، قال : فمكث النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : فبينما نحن على ذلك أتي النبي – صلى الله عليه وسلم – بعرق فيه تمر – والعرق المكتل – فقال : " أين السائل ؟ " فقال : أنا ، فقال : " خذه فتصدق به " . أما إيجاب قضاء يوم مكان اليوم الذي جامع زوجته فيه لما في رواية أبي داود وابن ماجه :" وصم يوماً مكانه " . وأما إيجاب الكفارة والقضاء على المرأة إذا كانت مطاوعة ؛ فلأنها في معنى الرجل ، وأما عدم إيجاب الكفارة عليها في حال الإكراه ؛ فلعموم قوله صلى الله عليه وسلم – : " عُفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " الاحتلام في نهار رمضان السؤال: سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله -. السـؤال: إذا احتلم الصائم في نهار رمضان هل يبطل صومه أم لا؟ وهل تجب عليه المبادرة بالغسل؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: الاحتلام لا يبطل الصوم لأنه ليس باختيار الصائم وعليه أن يغتسل غسل الجنابة؛ إذا رأى الماء؛ وهو المني. ولو احتلم بعد صلاة الفجر وأخر الغسل إلى وقت صلاة الظهر فلا بأس .. وهكذا لو جامع أهله في الليل ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر لم يكن عليه حرج في ذلك فقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يصبح جنباً من جماع ثم يغتسل ويصوم، انظر ما رواه البخاري (1926)، ومسلم (1109) من حديث عائشة وأم سلمة – رضي الله عنهما -. وهكذا الحائض والنفساء لو طهرتا في الليل ولم تغتسلا إلا بعد طلوع الفجر لم يكن عليهما بأس في ذلك وصومهما صحيح .. ولكن لا يجوز لهما ولا للجنب تأخير الغسل أو الصلاة إلى طلوع الشمس بل يجب على الجميع البدار بالغسل قبل طلوع الشمس حتى يؤدوا الصلاة في وقتها. وعلى الرجل أن يبادر بالغسل من الجنابة قبل صلاة الفجر حتى يتمكن من الصلاة في الجماعة ... والله ولي التوفيق. [فتاوى رمضان 2/441] باشر فأنزل في نهار رمضان السؤال: أنا موظف مقيم بإحدى المدن، وتزوجت منذ ستة شهور تقريباً، وزوجتي تقيم مؤقتاً مع أهلي في منطقة تبعد تقريباً خمسمئة كلم، ولا أستطيع الذهاب إلا يومي الخميس والجمعة؛ لأنه ليست لدي إجازة، ولا أستطيع أن أفتح بيتاً ، حيث إن ظروفي وظروف أهلي المادية لا تسمح بذلك، فقمت في رمضان وزرت أهلي، وفي نهار رمضان نمت مع زوجتي حيث إن الشيطان حرَّك غريزتي وغريزتها، ولمس فرجي فرجها ونزل مني المني حيث إنني لم أفطر، فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيراً. المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: في المسألة تفصيل: أولاً: بالنسبة لزوجتك: فإن كنت قد باشرتها من غير أن يلتقي الختانان وتتغيَّبَ الحشفة حتى أنزلتْ هي، فليس عليها سوى القضاء، وينبغي لها الإكثار من الندم والاستغفار والتنفُّل بصالح الأعمال، عسى الله أن يمحو حوبتها ويقبل توبتها. وإن كنتَ قد باشرتها من دون إيلاج فلم تُنـزِل هي فليس عليها قضاء، وصومها صحيح، اللهم إلا إذا أفطرتْ في ذلك اليوم بأكل أو شرب، أو قطعت نية صومها لظنها فساد صومها، فعليها حينئذ القضاء. وإن كنتَ قد جامعتها بحيث التقى الختانان وتغيَّـبت الحشفة، فعليها ـ إن كانت مختارة غير مُكرَهةٍ ـ القضاءُ مع عتق رقبة، فإنْ لم تجد فعليها صيامُ شهرين متتابعين، ولا يقطع التتابع إن تخللها حيضٌ أو نفاس، فهذا أمر قد كتبه الله عليها ولا اختيار لها فيه. ثانياً: بالنسبة لك: فسواء باشرتَ أو جامعتَ فليس عليك شيءٌ سوى قضاء ذلك اليوم، وليس عليك كفارة الجماع مطلقاً؛ لأنك في حكم المسافر ـ كما يظهر من إفادتك ـ، وللمسافر أن يفطر بما يشاء، إن شاء بالأكل أو الشرب، وإن شاء بالجماع (بشرط أن تكون زوجتُه ممن يجوز لها الفطر في نهار رمضان بغير عذر الحيض)، ولا يشترط أن يتقدم جماعَه أكلٌ أو شربٌ. لكن عليك التوبة والاستغفار والإكثار من النوافل؛ لأنك باشرت زوجتك في زمن لا يحل لها الفطر فيه، فتسبَّبتَ في إفساد صومها. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . الاستمناء في نهار رمضان السؤال: أنا شاب مَنَّ الله علي بالتوبة إن شاء الله، حيث كنت في سن المراهقة لا أستطيع مسك نفسي عن العادة السرية في بعض أيام رمضان. ماذا أفعل وهل أقضي هذه الأيام مع أنني لا أعلم عددها؟ وجزاكم الله خيراً . المجيب د. فيحان بن شالي المطيري الجواب: هذا العمل الذي قمت به مخالف للشرع بل هو محرم باتفاق أهل العلم؛ لأن الله – عز وجل – حصر قضاء الشهوة في الزوجة والمملوكة، وذكر أن من طلب قضاء الوطر في غير هذين فقد بغى وطغى، وبما أن الله قد منَّ عليك بالتوبة فأسأل الله لي ولك الثبات حتى الممات. أما الأيام من رمضان التي عملت فيها العادة السرية فهذا يحتاج إلى تفصيل، وهو أن يقال إذا كنت مصلياً في ذلك الوقت فعليك أن تجتهد في معرفة قدر الأيام وتقضيها ولا كفارة عليك، إلا أن تكون قد أخرت القضاء إلى رمضان القادم والذي بعده وهكذا الذي مضى مع القدرة على ذلك، فتطعم عن كل يوم مسكيناً بعدد الأيام لكل مسكين نصف صاع، أما إذا لم تكن مصلياً حال استعمالك العادة السرية فلا قضاء عليك؛ لأن تارك الصلاة كافر عند كثير من أهل العلم. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. سافر بزوجته في نهار رمضان لأجل أن يأتيها السؤال: رجل كان يجامع زوجته في نهار رمضان، ولكن بعد أن يشرب قليلاً من الماء، مع العلم أنهما سافرا لمكان يبعد عن بيتهم أو سكنهم مسافة 90 كيلو فماذا عليهما؟ سبب هذا العمل هو قوة الشهوة والخوف من الحرام، مع العلم أن هذا العمل كان في أول شهر لهما بعد عقد القران. المجيب د. سليمان بن وائل التويجري الجواب: أولاً: أنصح أي شاب وشابة ألا يكون دخول الإنسان بزوجته قبيل دخول شهر رمضان، وإنما يؤخره إلى شوال لئلا يحصل منهما مثل ما حصل لهذا السائل. ثانياً: الواجب على الإنسان إذا كان يعرف من نفسه الشهوة، ألا يبيت مع زوجته وقت الصيام، وإنما يجعل له فراشاً ولها فراشاً، دفعاً لهذه المغريات. ثالثا: هذا الإنسان إذا كان فطره حصل وقت السفر الشرعي كما ذكر مما يبيح الفطر في حدود تسعين كيلو متر أو قريباً منها فإن هذا الفطر صحيح ولا يترتب عليه ضرر؛ لأن الإنسان المسافر يجوز له أن يفطر فإذا أنه أفطر بأكل أو شرب أو جماع فلا إثم عليه ولا وزر، ويقضي هذا اليوم. وبعض أهل العلم قالوا: إن الإنسان إذا سافر لأجل أن يفطر فإن سفره هذا يعتبر سفر معصية ومحرم، بخلاف الإنسان الذي سافر ثم أفطر، وسفره كان لغرض من الأغراض المشروعة ويحل له حينئذ الفطر، أما الإنسان الذي سافر لأجل أن يفطر فإن سفره هذا يعتبر مقصوداً به قصداً أولياً أن يحصل له انتهاك حرمة الشهر، فمنع من هذا كثير من أهل العلم، وعلى كل فالذي يجب على الإنسان أن يتقي الله تعالى، وأن يحتاط لمثل هذه الأمور ولا يعرض نفسه للوقوع فيما حرم الله، فإن الوطء في نهار رمضان، من غير عذر شرعي يبيح له الفطر كالسفر والمرض - يعتبر من الكبائر العظام، ويترتب عليه أنه يلزمه قضاء هذا اليوم، ويلزمه الكفارة وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، ونسأل الله – جل وعلا – للجميع الهداية والتوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الصائم حين يسب أو يشتم السؤال: في رمضان إذا غضب الإنسان من شيء وفي حالة غضبه نهر أو شتم فهل يبطل ذلك صيامه أم لا ؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: لا يبطل ذلك صومه ، ولكنه ينقص أجره فعلى المسلم أن يضبط نفسه ويحفظ لسانه من السب والشتم والغيبة والنميمة ونحو ذلك مما حرم الله في الصيام وغيره ، وفي الصيام أشد وآكد محافظة على كمال صيامه ، وبعداً عما يؤذي الناس ، ويكون سبباً في الفتنة والبغضاء والفرقة ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - :" فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يسخب ، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم " . (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى(7825) الجزء العاشر ص (332)). النية الجازمة للفطر دون أكل أو شرب السؤال: هل يفطر الصائم بالنية الجازمة للفطر دون أكل أو شرب؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: من المعلوم أن الصوم جامع بين النية والترك، فينوي الإنسان بصومه التقرب إلى الله – عز وجل – بترك المفطرات، فإذا عزم على أنه قطع صومه فعلاً فإن الصوم ينقطع، ولكنه إذا كان في رمضان يجب عليه الإمساك حتى تغيب الشمس، لأن كل من أفطر في رمضان بغير عذر لزمه الإمساك والقضاء، وأما إذا لم يعزم ولكن تردد فموضع خلاف بين العلماء، منهم من قال: إن صومه يبطل لأن التردد ينافي العزم، ومنهم من قال: إنه لا يبطل لأن الأصل بقاء نية الصوم حتى يعزم على تركها وإزالتها. [فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين (1/474 –475)] الأفضل تقديم السحور على الاغتسال للجنابة السؤال: إذا قرب الفجر في رمضان وعلي غسل جنابة ولا يكفي الوقت للغسل وأكلة السحور فهل أقدم الاغتسال ويفوتني السحور أم أقدم السحور ولا أغتسل إلا بعد الفجر؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين الجواب: الأفضل أن يقدم السحور لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "تسحروا فإن في السحور بركة" البخاري (1923)، ومسلم (1095)، ويؤخر الاغتسال؛ لأن وقته واسع فإذا طلع الفجر وهو لم يغتسل اغتسل وصلى ولم يضر ذلك بصومه. فقد ثبت عن عائشة وأم سلمة – رضي الله تعالى عنهما -: "أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم" رواه البخاري (1925) ومسلم (1109). [فتاوى الصيام لابن جبرين (ص:68)]. كفارة من زنت في نهار رمضان السؤال: ما كفارة من زنت في نهار رمضان ؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري الجواب: الحمد لله وبعد ، ينبغي لمن تعاطى الزنا – والعياذ بالله – في رمضان أو غيره أن يستتر بستر الله عليه وألاّ يفشي سره لأحد مع الاجتهاد الحثيث التام في التوبة والاستغفار وأن يكثر من الانطراح بين يدي الله – تعالى – طالباً العفو والصفح الجميل كما يُشرع ويتأكد -في حقه خاصة- الإكثار من العمل الصالح ونوافل العبادات قال الله – تعالى- : " إن الحسنات يذهبن السيئات " [هود 114]وثبت عنه – عليه الصلاة السلام- أنه قال : " ... وأتبع السيئة الحسنة تمحها ..." رواه أحمد (21354) والترمذي(1987) والدارمي (2833) . ولا ريب أن الزنا كبيرة من كبائر الذنوب بل من أكبر الكبائر كما ثبت في الصحيح من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه – قال رجل : يا رسول الله أي الذنب أكبر عند الله ؟ قال : أن تدعو لله نداً وهو خلقك ، قال: ثم أيّ، قال : أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك ،قال : ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك – الحديث وهذا لفظ مسلم (86)، وفي الصحيحين ( البخاري 6810، ومسلم 57) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال عليه الصلاة السلام : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن .. " الحديث . ولذا افترض الله الحد الشرعي المغلظ على من وقع في الزنا وهو محصن ألا وهو الرجم بالحجارة حتى الموت وفرض الجلد مئة جلدة وتغريب عام على من تعاطى الزنا وهو بكر من الذكور والإناث على خلاف في هذه المسألة ليس هذا مكان بحثه . والحاصل أن من ابتلي بهذا الفعل الشنيع سيما في الزمن الشريف كرمضان ونحوه فعليه أن يجتهد بالتوبة النصوح وشروطها خمسة : 01الإخلاص 02 أن تكون في زمن الإمهال أي قبل الغرغرة وهي وصول الروح إلى الحلقوم وهذا في حق آحاد الناس أما عمومهم فلهوقت آخر وهو طلوع الشمس من مغربها كما هي دلالة القرآن وسُنة نبينا محمد -عليه السلام -. 03 الإقلاع عن الذنب إقلاعاً تاماً . 04 الندم على ما حصل منه من التفريط والاجتراء على حدود الله . 05 العزم الأكيد الصادق بعدم العودة إلى الذنب ثانية . والله نسأل أن يحفظنا والمسلمين كافة من مجاوزة حدوده أو تعاطي أسباب غضبه إنه جواد كريم . والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه . أحمر الشفاه هل يفسد الصيام ؟ السؤال: هل أحمر الشفاه يبطل الصوم ؟ المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: إذا كان على الشفة الخارجية ، ولا يدخل الفم ، ولا يصل الحلق منه شيء فلا بأس به . العادة السرية في نهار رمضان السؤال: إذا تحركت شهوة المسلم في نهار رمضان ولم يجد طريقاً إلا أن يستمني فهل يبطل صومه ، وهل عليه قضاء أو كفارة في هذه الحالة ؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: الاستمناء في رمضان وغيره حرام ، لا يجوز فعله ؛ لقوله تعالى : " والذين هم لفروجهم حافظون ، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " . وعلى من فعله في نهار رمضان وهو صائم أن يتوب إلى الله ، وأن يقضي صيام ذلك اليوم الذي فعله فيه ، ولا كفارة لأن الكفارة إنما وردت في الجماع خاصة. (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى (2192) الجزء العاشر ص (256) ). السباحة في نهار رمضان السؤال: أ : هل تجوز السباحة في رمضان ؟ ب : هل إذا جرح الإنسان في رمضان في يده أو قدمه – مثلاً- فهل هذا يفسد الصيام ؟ ج :هل إذا أخذ الإنسان بعض العطور ووضعها في جسمه فهل هذا يفسد الصيام؟ د :هل الشتم والسب يفسد الصيام ؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: أ.تجوز السباحة في نهار رمضان، ولكن ينبغي للسابح أن يتحفظ من دخول الماء إلى جوفه. ب. إذا جرح الصائم في يده أو قدمه وخرج منه دم فإنه لا يفطر بذلك. ج. إذا طيب الصائم جسمه أو ثوبه بطيب فإنه لا يفطر بذلك لكن لو استعطاه في أنفه فإنه يفطر. د.لا يجوز الشتم أو السب لا من الصائم ولا من غيره ولكن يتأكد تحريمه بالنسبة للصائم وإذا وقع منه وهو صائم فإنه لا يفطر ولكنه يأثم. (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى (6483) الجزء العاشر ص (280)). الإفطار قبل الأذان وبعد الغروب السؤال: بعض الإخوة يفطرون في رمضان بعد غياب قرص الشمس وذهاب ضوئها عن الجبال العالية، فهل هذا جائز؟ مع العلم أن أذان المغرب يتأخر أكثر من عشر دقائق عن هذا الوقت الذي يفطرون فيه، وحجتهم أن من السنة الإسراع بالإفطار، وأن المؤذنين لا يراعون مغيب الشمس، إنما يؤذنون حسب التوقيت الفلكي المكتوب في المفكرات. المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد: إذا كان إفطارهم بعد غياب الشمس فصيامهم صحيح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلِ مِنْ هاَهُنَا، وأَدْبَرَ النَّهَارُ مِن هاَهُنَا، وغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ" متفق عليه، انظر صحيح البخاري (1954) ، وصحيح مسلم (1100). ولا يحسن الخلاف في مثل هذا، وإنما الأحسن التأكد من غروب الشمس، ويكون الفطر في العموم لا لبعض الناس دون بعض، فالخلاف شر، والاتفاق على الحق رحمة وسعادة. والله أعلم. السفر للصيام في بلد نهاره قصير السؤال: هل يجوز أن يسافر الصائم من بلده الحار إلى بلد بارد أو إلى بلد نهاره قصير؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: فأجاب: لا حرج عليه في ذلك إذا كان قادراً على هذا الشيء، فإنه لا حرج أن يفعل؛ لأن هذا من فعل ما يخفف العبادة عليه، وفعل ما يخفف العبادة عليه أمر مطلوب. وقد كان النبي – عليه الصلاة والسلام – يصب على رأسه الماء من العطش أو من الحر وهو صائم. انظر: أبو داود (2365)، وأحمد (15903). وكان ابن عمر رضي الله عنه يبل ثوبه وهو صائم. وذكر عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان عنده حوض من الماء ينزل فيه وهو صائم. كل هذا من أجل تخفيف أعباء العبادة، وكلما خفت العبادة على المرء كان أنشط لفعلها، وفعلها وهو مطمئن مستريح. ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن يصلي الإنسان وهو حاقن؛ أي محصور بالبول فقال عليه الصلاة والسلام: "لا يصلي بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان" مسلم (560). كل ذلك من أجل أن يؤدي الإنسان العبادة وهو مستريح مطمئن مقبل على ربه. وعلى هذا: فلا مانع من أن يبقى الصائم حول المكيف، وفي غرفة باردة، وما أشبه ذلك. فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين (1/505 – 506).
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: كتاب فتاوى رمضانية "كامل" الأربعاء 11 أغسطس 2010, 5:44 pm | |
| استجلاب الدورة الشهرية السؤال: السلام عليكم. أختي تبعث إليكم وتقول: إنها في الثامنة عشرة من عمرها كانت في رمضان تتعمد أن تحمل أوزاناً ثقيلة لإنزال الدورة الشهرية، وبالفعل تنزل، وهي تسأل هل هي تعمدت في أن تفطر؟ وما هي الكفارة؟. المجيب د. خالد بن علي المشيقح الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: إذا كانت هذه المرأة تحمل هذه الأشياء لكي ينزل عليها دم الدورة وتفطر فإنها آثمة، ولا يجوز لها ذلك لما فيه من التحيل على إبطال العبادة، وعليها أن تتوب إلى الله – عز وجل- وأن تقضي هذا اليوم. استخدام الصائم للاصق النيكوتين السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سُئلت عن مانع التدخين، وهو عبارة عن لاصق يحتوي على كمية قليلة من النيكوتين تدخل إلى الجسم عبر مسامات الجلد لتساعده على ترك التدخين، وهي على مراحل تقل نسبة النيكوتين في كل مرحلة تدريجيًّا حتى يقلع عن التدخين نهائيًّا، السؤال هل استخدام الصائم لهذا اللاصق يعد مفطرًا؟ المجيب د. عبدالرحمن بن أحمد بن فايع الجرعي الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. هذه المادة المسماة بالنيكوتين ليست قائمة مقام الطعام أو الشراب، ولم تؤخذ عن طريق ينفذ إلى الجوف بشكل مباشر، فلا يظهر لي أنها مفطِّرة. والله أعلم. مسائل الشك والنسيان صوم يوم الشك السؤال: مازال الناس يختلفون في أمر صوم رمضان؛ فبعضهم يصوم لرؤية الهلال ويفطر لرؤيته؛ أخذاً بقوله – صلى الله عليه وسلم –: "إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له" وبعضهم يصوم قبل رؤيته، ويوافق صومهم يوم طلوع هلال رمضان، والحال أن ذلك خلاف ظاهر الحديث وقد أشكل علينا الأمر، فأفتونا مأجورين. المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: من صام يوم الثلاثين من شعبان دون ثبوت الرؤية الشرعية ووافق صومه ذلك اليوم أول دخول رمضان فلا يجزئه؛ لكونه لم يبن صومه على أساس شرعي، ولأنه يوم الشك، وقد دلت السنة الصحيحة على تحريم صومه، وعليه قضاؤه، قال ابن قدامة رحمه الله في ذلك: وعن أحمد رواية ثالثة: لا يجب ولا يجزئه عن رمضان إن صامه، وهو قول أكثر أهل العلم؛ منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي ومن تبعهم؛ لما روى أبو هريرة –رضي الله عنه - قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين" رواه البخاري، وعن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين" رواه مسلم، وقد صح أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى عن صوم يوم الشك متفق عليه، وهذا يوم شك؛ ولأن الأصل بقاء شعبان فلا ينتقل عنه بالشك (انتهى) المغني. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 10/117-118] الصائم يأكل أو يشرب ناسياً السؤال: ما حكم من أكل أو شرب في نهار الصيام ناسيا؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: ليس عليه بأس وصومه صحيح لقول الله – سبحانه – آخر سورة البقرة "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" [البقرة: 286]. وصح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن الله – سبحانه – قال: "قد فعلت" ولما ثبت عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه" متفق على صحته. وهكذا لو جامع ناسياً فصومه صحيح في أصح قولي العلماء للآية الكريمة ولهذا الحديث الشريف، ولقوله – صلى الله عليه وسلم -: " من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء عليه ولا كفارة" خرجه الحاج وصححه. وهذا اللفظ يعم الجماع وغيره من المفطرات إذا فعلها الصائم ناسياً، وهذا من رحمة الله وفضله وإحسانه، فله الحمد والشكر على ذلك. [تحفة الأخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام لسماحة الشيخ ابن باز ص: 176]. إذا أكل الصائم ناسيا فهل ينبه؟ السؤال: إذا رؤي صائم يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسياً فهل يذكر أم لا؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: من رأى صائماً يأكل أو يشرب في نهار رمضان فإنه يجب عليه أن يذكره لقوله – صلى الله عليه وسلم – حين سها في صلاته: "فإذا نسيت فذكروني"، والإنسان الناسي معذور لنسيانه، لأن الإنسان الذاكر الذي يعلم أن هذا الفعل مبطل لصومه ولم يدله عليه يكون مقصراً لأن هذا أخوه فيجب أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه. والحاصل: أن من رأى صائماً يأكل أو يشرب في نهار رمضان ناسياً فإنه يذكره، وعلى الصائم أن يمتنع من الأكل فوراً. ولا يجوز له أن يتمادى في أكله أو شربه، بل لو كان في فمه ماء أو شيء من طعام فإنه يجب عليه أن يلفظه، ولا يجوز له ابتلاعه بعد أن ذكر أو ذُكِّر أنه صائم. وإنني بهذه المناسبة أود أن أبين أن المفطرات التي تفطر الصائم، لا تفطره في ثلاث حالات: (1) إذا كان ناسياً (2) إذا كان جاهلاً. (3) وإذا كان غير قاصد. فإذا نسي فأكل أو شرب فصومه تام لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه". وإذا أكل أو شرب يظن أن الفجر لم يطلع أو يظن أن الشمس قد غربت ثم تبين أن الأمر خلاف ظنه فإن صومه صحيح لحديث أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما – قالت: "أفطرنا في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – في يوم غيم ثم طلعت الشمس، ولم يأمرهم النبي – صلى الله عليه وسلم – بالقضاء". ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به ولو أمرهم به، لنقل إلينا لأنه إذا أمرهم به صار من شريعة الله، وشريعة الله لابد أن تكون محفوظة بالغة إلى يوم القيامة. وكذلك إذا لم يقصد فعل ما يفطر فإنه لا يفطر، كما لو تمضمض فنزل الماء إلى جوفه فإنه لا يفطر بذلك لأنه غير قاصد. وكما لو احتلم وهو صائم فأنزل فإنه لا يفسد صومه لأنه نائم غير قاصد وقد قال الله – عز وجل -: "وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ" [الأحزاب: 5]. [الفتاوى لابن عثيمين كتاب الدعوة (1/164-166)]. ما يستحب للصائم وما يكره ترك السحور مع بدء الأذان السؤال: هل يجب علينا الكف عن السحور عند بدء أذان الفجر، أم يجوز لنا الأكل والشرب حتى ينتهي المؤذن؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: إذا كان المؤذن معروفاً بأنه لا ينادي إلا على الصبح فإنه يجب الكف عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من حين يؤذن. أما إذا كان الأذان بالظن والتحري حسب التقاويم فإنه لا حرج في الشرب أو الأكل وقت الأذان، لما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". قال الراوي في آخر هذا الحديث: "وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت" متفق على صحته. والأحوط للمؤمن والمؤمنة الحرص على إنهاء السحور قبل الفجر عملاً بقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" وقوله – صلى الله عليه وسلم - "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". أما إذا علم أن المؤذن ينادي بليل لتنبيه الناس على قرب الفجر، كفعل بلال فإنه لا حرج في الأكل والشرب حتى ينادي المؤذنون الذين يؤذنون على الصبح عملاً بالحديث المذكور. [تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام، لسماحة الشيخ ابن باز ص: (170)] غسل الفم بعد السحور السؤال: هل يجب غسل الفم بعد السحور وفي حالة ما إذا تسحرت ونمت إلى الصباح ولم أغسل الفم هل عليّ القضاء أم لا ؟ المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: لا يجب غسل الفم بعد السحور، وإنما تستحسن المضمضة من باب النظافة لتطهير الفم مما علق فيه من أثر الطعام. والمستحب يا أخي تأخير السحور إلى قبيل الفجر وبعده القيام إلى صلاة الفجر ، الرجال في المسجد مع المسلمين، والنساء في البيوت كما هي سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فلم يكن بين صلاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- صلاة الفجر والسحور إلا قليل؛ قدر ما يقرأ الرجل خمسين أو ستين آية كما نقل لنا ذلك زيد بن ثابت – رضي الله عنه -، في صحيح البخاري (575)، وصحيح مسلم (1097). الفطر أم متابعة المؤذن؟ السؤال: هل هناك دعاء مأثور عن النبي – صلى الله عليه وسلم - عند وقت الإفطار وما هو وقته؟ وهل يتابع الصائم المؤذن في الأذان أم يستمر في فطره؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: نقول إن وقت الإفطار موطن إجابة للدعاء لأنه في آخر العبادة ولأن الإنسان أشد ما يكون غالباً من ضعف النفس عند إفطاره. وكلما كان الإنسان أضعف نفساً وأرق قلباً كان أقرب إلى الإنابة والإخبات إلى الله عز وجل. والدعاء المأثور: "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت". ومنه أيضاً قول النبي عليه الصلاة والسلام: "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله". وهذان الحديثان، وإن كان فيهما ضعف لكن بعض أهل العلم حسنهما. وعلى كل حال: فإذا دعوت بذلك، أو بغيره عند الإفطار فإنه موطن إجابة، وأما إجابة المؤذن وأنت تفطر فنعم مشروعة؛ لأن قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول" يشمل كل حال من الأحوال إلا ما دل الدليل على استثنائه، والذي دل على استثنائه إذا كان يصلي وسمع المؤذن؛ لأن في الصلاة شغلا، كما جاء به الحديث. على أن شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمة الله عليه – يقول: إن الإنسان يجيب المؤذن ولو كان في الصلاة لعموم الحديث، ولأن إجابة المؤذن ذكر مشروع ولو أن الإنسان عطس وهو يصلي يقول: الحمد لله، ولو بشر بولد أو بنجاح ولد وهو يصلي يقول: الحمد لله، نعم يقول الحمد لله ولا بأس، وإذا أصابك نزغ من الشيطان وفتح عليك باب الوساوس فتستعيذ بالله منه وأنت تصلي. لذا نأخذ من هذا قاعدة: وهو أن كل ذكر وجد سببه في الصلاة فإنه يقال؛ لأن هذه الحوادث يمكن أن نأخذ منها عند التتبع قاعدة. لكن مسألة إجابة المؤذن – وشيخ الإسلام ابن تيمية يقول بها – أنا في نفسي منها شيء، لماذا؟ لأن إجابة المؤذن طويلة توجب انشغال الإنسان في صلاته انشغالاً كثيراً والصلاة لها ذكر خاص لا ينبغي الشغل عنه. فنقول: إذا كنت تفطر وسمعت الأذان تجيب المؤذن. بل قد نقول: إنه يتأكد عليك أكثر لأنك تتمتع الآن بنعمة الله وجزاء هذه النعمة الشكر ومن الشكر إجابة المؤذن فتجيب المؤذن ولو كنت تأكل ولا حرج عليك في هذا. وإذا فرغت من إجابة المؤذن فصل على النبي – صلى الله عليه وسلم – وقل: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته. [فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين (1/531 – 532)]. تقديم الأذان في رمضان السؤال: ما حكم الذين يتقدمون في الأذان في رمضان؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: الذين يتقدَّمون في الأذان في أيام الصوم يتسرعون في أذان الفجر ويزعمون أنهم يحتاطون بذلك للصيام وهم في ذلك مخطئون لسببين: السبب الأول: أن الاحتياط في العبادة هو لزوم ما جاء به الشرع، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: "كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر" وما قال حتى يقرب طلوع الفجر، إذاً فالاحتياط للمؤذنين: أن لا يؤذنوا حتى يطلع الفجر. السبب الثاني: قد أخطأ هؤلاء المؤذنون الذين يؤذنون للفجر قبل طلوع الفجر، وزعموا أنهم يحتاطون لأمر احتياطهم فيه غير صحيح، لكنهم يفرطون في أمر يجب عليهم الاحتياط له وهو صلاة الفجر، فإنهم إذا أذنوا قبل طلوع الفجر صلى الناس وخصوصاً الذين لا يصلون في المساجد من نساء أو معذورين عن الجماعة صلاة الفجر، وحينئذ يكون أداؤهم لصلاة الفجر قبل وقتها. وهذا خطأ عظيم!! لهذا أوجه النصيحة لإخواني المؤذنين أن لا يؤذنوا إلا إذا تبين الصبح وظهر لهم، فإذا ظهر لهم سواء شاهدوا بأعينهم أو علموه بالحساب الدقيق فإنهم يؤذنون، وينبغي للمرء أن يكون مستعداً للإمساك قبل الفجر خلاف ما يفعله بعض الناس إذا قرب الفجر جداً قدم سحوره زاعماً أن هذا هو أمر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بتأخير السحور، ولكن ليس بصحيح فإن تأخير السحور إنما ينبغي إلى وقت يتمكن الإنسان فيه من التسحر قبل طلوع الفجر، والله أعلم. [فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين (1/529 – 530)]. هل السحور واجب؟ السؤال: هل السحور واجب؟ وما المراد بالبركة في قوله – صلى الله عليه وسلم -: فإن في السحور بركة"؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين الجواب: السحور هو الأكلة قبيل الإمساك وهو مستحب، يقول عليه الصلاة والسلام: "تسحروا فإن في السحور بركة" البخاري (1923)، ومسلم (1095). والأمر في قوله: "تسحروا" للإرشاد، ولأجل ذلك علله بالبركة التي هي كثرة الخير. وروي أنه – صلى الله عليه وسلم – ترك السحور لما كان يواصل، فدل على أنه ليس بفرض، ومن الأحاديث الدالة على استحباب السحور: أنه – صلى الله عليه وسلم – أمر أصحابه – رضوان الله عليهم – أن يتسحروا ولو بتمرة أو بمذقة لبن حتى يتم الامتثال. ويقول – صلى الله عليه وسلم -: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر" مسلم (1096). والمراد بالبركة التي في الحديث أن الذي يتسحر يبارك له في عمله فيوفق لأن يعمل أعمالاً صالحة في ذلك اليوم، بحيث إن الصيام لا يثقله عن أداء الصلوات، ولا يثقله عن الأذكار وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بخلاف ما إذا ترك السحور فإن الصيام يثقله عن الأعمال الصالحة لقلة الأكل، ولكونه ما عهد الأكل إلا في أول الليل. [فتاوى الصيام، لابن جبرين ص: (16 –17)]. تعجيل الفطر في رمضان السؤال: السلام عليكم. إخوة الإيمان: وبعد: أريد أن أسأل في ما يخص تعجيل الإفطار في رمضان الكريم، وقد وردت أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثيرة في هذا الباب، ومن جراء هذا السؤال قد وقع عندنا خلاف كبير في هذه المسألة منهم من ذهب إلى أنه بعد غياب قرص الشمس يباشر الإفطار مستنداً إلى حديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- إذا رأيتم قرص الشمس غرب فقد أفطر الصائم، والجمع الكبير من المسلمين العلماء والمتعلمون ذهب إلى حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم- وهو ذهاب النهار وإتيان الليل وغياب قرص الشمس، أفيدونا وفصلوا لنا في هذه المسألة رحمكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. المجيب د. محمد بن عبد الله القناص الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. السنة للصائم أن يعجل الفطر إذا تحقق من غروب الشمس، ففي الصحيحين [ البخاري ح ( 1954 )، ومسلم ح ( 1100 )] من حديث عمر -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ". وفي الصحيحين [البخاري ح ( 1955 ) ومسلم ح ( 1101 )] من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَفَرٍ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَمَّا غَرَبَتْ الشَّمْسُ قَالَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ يَا فُلَانُ قُمْ فَاجْدَحْ لَنَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: لَوْ أَمْسَيْتَ قَالَ انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَلَوْ أَمْسَيْتَ قَال:َ" انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا"، قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، قَالَ: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا"، فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ فَشَرِبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ.، وفي هذين الحديثين دليل على استحباب تعجيل الفطر، وأنه لا يجب إمساك جزء من الليل مطلقاً بل متى تحقق غروب الشمس حل الفطر، وقد ترجم عليهما البخاري بقوله: باب متى يحل فطر الصائم، وأفطر أبو سعيد الخدري حين غاب قرص الشمس " قال الحافظ ابن حجر: غرض هذه الترجمة الإشارة إلى أنه هل يجب إمساك جزء من الليل لتحقق مضي النهار أم لا وظاهر صنيعه يقتضي ترجيح الثاني لذكره أثر أبي سعيد في الترجمة، لكن محله إذا تحقق غروب الشمس" [فتح الباري (4/196)]. القضاء والكفارة عليها قضاء أيام من رمضان ولا تعلم عددها السؤال: أفطرت في رمضان أياماً لا أعلم عددها بالضبط ربما 4 أو 5 أو 6، وذلك حينما كنت في أول سني البلوغ ظناً مني أن الحائض عدتها يجب أن تكون سبعة أيام كاملة، أي أنني كنت آكل وأشرب وأنا قد طهرت من الدورة حتى أكمل عدة سبعة الأيام . سؤالي هو أنني لم أقضها ولا أعلم عددها فكيف أتصرف ؟ المجيب د. سعد بن تركي الخثلان الجواب: المكلّف إذا أفطر أياماً من رمضان بعد سن التكليف فإن الواجب عليه قضاؤها ولو بعد مضي مدة طويلة ، والأخت السائلة تذكر أنها أفطرت أياماً من رمضان بعد سن البلوغ ولم تقضها حتى الآن فنقول : الواجب عليك المبادرة إلى قضائها في أسرع وقت ،وأما عددها فتبني على اليقين تحقيقاً لبراءة الذمة، فإذا ا كنت تشكين هل هي أربعة أيام أو خمسة أو ستة فاجعليها ستة، وأما الإطعام فلا يجب عليك إطعام لكونك جاهلة بالحكم . عليها قضاء أيام من رمضان وتخشى على جنينها السؤال: عليَّ قضاء أيام من رمضان الماضي ، وأخرته . وأنا الآن حامل في الشهر التاسع، وقد قضيت بعض هذه الأيام أثناء الحمل فأحسست بمشقة وخفت على الجنين ،وأخشى أن يدخل رمضان القادم قبل أن أتمكن من القضاء . فهل يكفيني الإطعام عن الأيـام المتبقية؟ أفيدوني وفقكم الله تعالى . المجيب د. الشريف حمزة بن حسين الفعر الجواب: عليك صيام الأيام المتبقية ولو بعد رمضان ولا حرج عليك "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" ومثلك مثل المريض الذي يفطر فإنه يقضي متى ما استطاع، ولا يجزئك الإطعام عن الأيام التي لم تقضيها إلاّ إذا عجزت عن الصوم بالكليّة . كان يفطر في بعض أيام رمضان، فما يجب عليه؟ السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: أنا الآن رجل تائب، وبما أننا في هذه الأيام المباركة وأردت أن أسأل سؤالاً أخذ حيرة شديدة في نفسي؛ ألا وهو: كنت في الأيام الخوالي من بداية فترة البلوغ لا أصوم بعض أيام رمضان والعياذ بالله، ولا أدري كم يوماً أفطرت، طبعاً كنت أفطر بدون أي عذر، وأعرف حكمه في الإسلام، ولكن ما سبيل النجاة جزاكم الله خيراً؟ وماذا علي أن أفعل وأنا الآن رجل تائب إلى الله سبحانه وتعالى؟ وجزاكم الله خيراً. المجيب د.أحمد بن محمد الخليل الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله الذي وفَّقك للتوبة ونسأل الله لنا ولك الثبات. إذا كنت تفطر متعمداً من غير عذر فهذا محل خلاف بين أهل العلم، فقيل إن من أفطر متعمداً بدون عذر فعليه التوبة فقط دون القضاء، لأن عمله من الكبائر فالقضاء لا يكون مقبولاً منه، فعليه كما سبق التوبة والإكثار من الأعمال الصالحة. وقال بعض العلماء بل عليه القضاء مع التوبة لعموم الأدلة على وجوب القضاء. وإذا أردت أن تحتاط وتصوم القضاء ولا تدري كم يوماً أفطرت، فإنك تجتهد وتتحرى في عدد تلك الأيام ثم تصوم عدد الأيام التي ترجح عندك ترك صومها، ولا شيء عليك بعد ذلك، والله أعلم. قضاء الصوم عن الوالد المتوفى السؤال: توفي أبي في العشر الأواخر من رمضان تقريباً منذ ست سنين –رحمه الله- وعليه عشرة أيام تقريباً، سؤالي: هل أصوم عنه؟ وإذا كان الجواب: نعم، هل يكون الصيام لي براً أم ماذا؟ وجزاكم الله خيراً. المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: إذا كان قد فطر هذه الأيام لمرض، واستمر معه المرض حتى توفاه الله فلا قضاء، ولا إطعام لأنه لم يتمكن من القضاء، فأما إن شفي بعد فطره وأمكنه القضاء ولم يقض ثم مات فيصوم عنه وليه، أو يطعم عنه عن كل يوم مسكيناً. عليها صوم نذر ، فهل تصوم وهي حامل ؟ السؤال: زوجتي نذرت أن تصوم شهراً كاملاً إذا تحقق أمر ما ، ولما تحقق صامت أسبوعاً، ولكني منعتها من الصيام؛ لأنها حامل، فماذا يجب عليها؟ المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري الجواب: ينظر إن كانت نذرت شهراً وأطلقت، أي: لم تنوِ التتابع، فيجزؤها أن تصوم ثلاثين يوماً ولو متفرقة ، وإن كانت نوت صوم شهر متتابعاً فلا بد أن تستأنف من جديد، وتصوم شهر كاملاً متتابعاً، وهي مخيّرة بين أن تصوم ثلاثين يومـاً متتابعـة، وبين أن تصـوم بحسب الهلال، و لا يجزؤها أن تصوم شهر رمضان عن نذرها ، والله أعلم. فطر يوم العيد، وأيام التشريق هل يقطع تتابع صوم الكفارة؟ السؤال: إذا كان علي كفارة صيام شهرين متتابعين عن الفطر بالجماع في نهار رمضان فهل يجب علي الفطر يوم العيد وأيام التشريق? أم أنه يجب صومها حتى لا ينقطع التتابع ؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: إن كان عليه صيام شهرين متتابعين فإنه لا يجوز له أن يصوم الأيام المحرم صومها كيومي العيدين، وإذا كان هذا كذلك فإن توقفه عن الصيام هو بأمر الله عز وجل . ومثل أيام العيد في تحريم صومها أيام التشريق، فإنه لم يرخّص في صيامها إلا لمن لم يجد الهدي كما في البخاري عن ابن عمر، وعائشة موقوفاً عليهما . وعليه فيواصل صيامه بعد أيام التشريق مباشرة، ويتمّ ما بقي عليه ولا ينقطع بذلك تتابع الأيام والله أعلم . تأخير قضاء رمضان السؤال: زوجتي أتتها العادة الشهرية في شهر رمضان المبارك من العام الماضي، فأفطرت مدة 5 أيام من الشهر، وبعدها حملت ولم تتمكن من القضاء خشية أن يؤثر صومها على الجنين، وقبل ما يقارب الشهر ونصف وضعت المولود والحمد لله، وبعد انقضاء فترة النفاس لم يتبق إلا أيام معدودات قبل رمضان، والخشية أن لا تستطيع قضاءها، وذلك خوفا من أن يؤثر الصيام على الرضاعة، ونظراً لاقتراب الشهر المبارك أفيدونا ما العمل أثابكم الله؟ ولكم جزيل الشكر. المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: الواجب عليها القضاء قبل رمضان القادم، فإن جاء رمضان وهي لم تقض فتصوم رمضان الحاضر وبعده – إن شاء الله – تبادر بالقضاء بنية القضاء للأيام السابقة، وإذا كان التأخير لعذر كما ذكرت فليس عليها سوى القضاء، وإذا كان التأخير تساهلاً حتى جاء رمضان الثاني فعليها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، فإذا كانت الأيام خمسة أيام فتطعم خمسة مساكين مع القضاء، لكل مسكين كيلو ونصف من قوت البلد. عليّ أيام من رمضان لا أذكر عددها السؤال: أفطرت في إحدى السنوات الأيام التي تأتي فيها الدورة الشهرية، ولم أتمكن من الصيام حتى الآن ، وقد مضى عليَّ سنوات كثيرة، وأود أن أقضي ما عليَّ من دين الصيام ، ولكن لا أعرف كم عدد الأيام التي عليَّ ، فماذا أفعل ؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: ثلاثة أمور: الأمر الأول: التوبة إلى الله من هذا التأخير ، والندم على ما مضى من التساهل ، والعزم على ألا تعودي لمثل هذا ؛ لأن الله يقول : " وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون" ، وهذا التأخير معصية ، والتوبة إلى الله من ذلك واجبة. الأمر الثاني: البدار بالصوم على حسب الظن ، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، فالذي تظنين أنك تركتيه من أيام عليك أن تقضيه ، فإذا ظننت أنها عشرة فصومي عشرة أيام ، وإذا ظننت أنها أكثر أو أقل فصومي على مقتضى ظنك ؛ لقول الله –سبحانه- : "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" وقوله -عز وجل-:"فاتقوا الله ما استطعتم". الأمر الثالث: إطعام مسكين عن كل يوم إذا كنت تقدرين على ذلك يصرف كله ولو لمسكين واحد ، فإن كنت فقيرة لا تستطيعين الإطعام ، فلا شيء عليك في ذلك سوى الصوم والتوبة، والإطعام الواجب عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد ، ومقداره كيلو ونصف في حق من قدر على ذلك. مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لشيخ/عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- ، الجزء الخامس عشر ، ص (342). أفطر في رمضان بغير عذر السؤال: في شهر رمضان المبارك في العام قبل الماضي، أي: قبل سنتين أفطرت في بعض الأيام لعذر غير شرعي، والآن قد مضى حوالي سنتين، ولا أدري كم عدد الأيام التي أفطرتها على وجه التحديد؛ لكي أقضيها، وماذا يجب علي في القضاء؟ وإذا كان يجب علي إطعام مسكين، فما هو الطعام المعتبر في الكفارة؟ وما مقداره؟ المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: يحرم على المسلم أن يفطر من رمضان ولو يوماً واحداً دون عذر شرعي، وعليه المبادرة بالتوبة، ويرى بعض العلماء أن من أفطر دون عذر لا يصح منه القضاء، ويرى بعضهم أن عليه القضاء وإطعام مسكيناً عن كل يوم أخَّر قضاءه لأكثر من سنة دون عذر، فعليك المبادرة بالتوبة إلى الله –جل وعـلا-، وقضاء تلك الأيام. وإذا كنت لا تدري كم عددها فعليك بالاحتياط حتى تعلم أنك قضيت الواجب عليك أو أكثر، وعليك إطعام مسكين عن كل يوم أُخّر قضاؤه لأكثر من سنة دون عذر، وإطعام المسكين نصف الصاع، أي: كيلو ونصف من قوت البلد من الأرز أو التمر أو البر، أو غيرها عن كل يوم. تأخير قضاء رمضان السؤال: زوجتي عليها صيام أربعة أيام من رمضان السابق لم تقضها، هل عند قضائها يتوجب عليها إطعام ستين مسكيناً عن كل يوم أم لا؟ جزاكم الله خيراً. المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: إذا كانت هذه الأيام في رمضان القريب الذي لم يمر عليه حول، فليس عليها إلا القضاء فقط، وإذا كانت هذه الأيام من رمضان الذي مضى عليها أكثر من حول، كأن تكون من رمضان عام 1421 أو ما قبله، وتأخر القضاء لعذر كمرض، أو حمل، أو رضاع، فكذلك ليس عليها إلا القضاء فقط، أما إذا كانت هذه الأيام من رمضان عام 1421 أو ما قبله، وكان تأخير القضاء بدون عذر، فعليها القضاء وإطعام مسكين واحد فقط عن كل يوم، وقدر الإطعام نصف صاع، أي: كيلو ونصف عن كل يوم أُخِّر قضاؤه لأكثر من سنة، فإذا كانت أربعة أيام فعليها إطعام أربعة مساكين، أي: ستة كيلوات من قوت البلد. كيف أقضي الدين والصوم؟ السؤال: مند حوالي ست سنوات وأنا أعاني من مرض مزمن لم يفهم الأطباء مسبباته، ولا علاج له. لم أصُم منذ ذلك الوقت؛ لأن الأطباء أمروني بذلك، وسؤالي هو: كيف أقضي الدين الذي على كاهلي، وربما لن أستطيع أن أصوم مرة أخرى؟. المجيب د. سليمان بن وائل التويجري الجواب: الإنسان إذا كان مريضاً ولا يستطيع قضاء هذا الصوم، ومرضه مستمر مزمن -كما جاء في السؤال- فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً، فشهر رمضان إذا كان ثلاثين يوماً يطعم (45)كيلو من طعام البلد الذي يعيش فيه، إذا كان طعامهم قمحاً يخرج قمحاً، وإذا كان طعامهم أرزاً يخرج أرزاً، المهم أن ينفق عن كل يوم طعام مسكين، سواء أخرجها دفعة واحدة وأعطاها أسرة أو أسراً، أو كل يوم في يومه، فالأمر فيه سعة ولا شيء عليه –إن شاء الله-. تقديم القضاء على صوم الست السؤال: هل يجوز صيام ستة من شوال قبل صيام ما علينا من قضاء رمضان؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: قد اختلف العلماء في ذلك، والصواب أن المشروع تقديم القضاء على صوم الست وغيرها من صيام النفل؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" خرجه مسلم في صحيحه. ومن قدم الست على القضاء لم يتبعها رمضان، وإنما أتبعها بعض رمضان، ولأن القضاء فرض، وصيام الست تطوع، والفرض أولى بالاهتمام والعناية. وبالله التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات ابن باز رحمه الله تعالى (15/392)]. مات وعليه صوم السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: رجل كان مريضاً لفترة طويلة وكان يقدر على الصوم ولكن في آخر سنتين من عمره اشتد عليه مرضه فلم يصم شهر رمضان في هاتين السنتين من عمره وأبنائه موجودون فذكرهم في آخر سنة من عمره أنه لم يصم ثم مات فما حكمه؟ وهل عليه شيء؟ المجيب د. خالد بن علي المشيقح الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: لا يخلو مرض هذا الرجل من أمرين: الأول: أن يكون مرضاً لا يرجى برؤه فهذا يجب على ورثته أن يطعموا من تركته إن خلف تركة مسكيناً عن كل يوم ترك صيامه، أو يصوموا عنه وهذا مستحب أي الصيام عنه. الثاني: أن يكون مرضاً يرجى برؤه فإن لم يقدر على القضاء لاستمرار مرضه حتى مات فلا شيء عليه لقوله تعالى: "فعدة من أيام أخرى" [البقرة:185]. وهذا لم يقدر على عدة من أيام أخر. وإن قدر ولم يقض فيستحب لأوليائه أن يصوموا عنه. وبالله التوفيق. أدلة وصول ثواب الصيام للميت السؤال: ما هو دليل وصول الصيام للميت؟ المجيب د. عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين الجواب: إذا كان عليه صيام، فإن دليله قوله – صلى الله عليه وسلم - : "من مات وعليه صيامٌ صام عنه وليه" رواه البخاري (1952)، ومسلم (1147) من حديث عائشة – رضي الله عنها- وهذا عام في صيام الفرض وفي صيام النذر، وكذلك جاء في قصة المرأة التي ركبت البحر وقالت: إن نجاني الله من هذا البحر فلله علي أن أصوم شهراً فسألت بنتها النبي – صلى الله عليه وسلم – فأمرها أن تصوم عنها، وشبه ذلك بالدين ، " لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟" قالت: نعم، قال: "فدين الله أحق أن يقضى" انظر ما رواه أبو داود (3310)، وغيره من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- وأما بقية التطوعات فإنها تلحق بذلك إذا نوى أن أجر هذا الصيام لميته، أو كما لو نوى أن أجر هذه الحجة أو العمرة لميته يصله ذلك. أفطر متعمداً فما الحكم؟ السؤال: رجل عندما كان في الخدمة العسكرية أفطر عمداً أياماً من شهر رمضان بسبب نظام الثكنة الصارم وقلة الطعام في وجبة الفطور في أغلب الأحيان، فهل تجب عليه الكفارة؟ أم ليس عليه إلا القضاء؟ وجزاكم الله خيراً. المجيب د. عبدالله بن ناصر السلمي الجواب: إذا كان قد أفطر بالأكل والشرب ونحو ذلك، فإنما يجب عليه الكفارة إذا كان قد جاء رمضان الآخر وهو لم يصم، ويطعم عن كل يوم مسكين كما أفتى بذلك ابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهم، ويصوم الأيام التي تركها، وإن كان قد جاءه رمضان الثاني وهو لم يصمها، فإنه يجب عليه مع الصيام أن يطعم عن كل يوم مسكيناً وهذا في حق ما لو أفطر في كل شيء ما عدا الجماع، أما لو أفطر بالجماع فإنه تجب عليه الكفارة المغلظة، وهي كفارة الظهار مع قضاء الصيام والتوبة، والله أعلم. قطع التتابع في صيام الكفارة السؤال: رجل عليه كفارة قتل الخطأ، وهي صيام شهرين متتابعين؛ لعدم القدرة على عتق الرقبة، والسؤال هو: إذا صادف التتابع يوم عيد الأضحى وأيام التشريق فماذا يعمل الرجل؟ أيفطر يوم العيد ويتابع صومه، أم يفطر يوم العيد وأيام التشريق؟. وما هي الحالات التي يجوز له فيها ترك التتابع دون الإخلال بكفارته؟ وجزاكم الله خيراً. المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: إذا كان على المسلم كفارة عن قتل الخطأ فعليه الكفارة على الترتيب أولاً: عتق رقبة ، فإن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، ولا يؤثر على التتابع إفطاره يوم عيد الفطر أو عيد الأضحى ؛ لأن الفطر فيهما واجب ، فلو ابتدأ الكفارة من شعبان ثم دخل رمضان يصوم رمضان ولا يؤثر على تتابع الكفارة، ويفطر يوم العيد ولا يؤثر على تتابع الكفارة، ثم يكمل صيام ستين يوماً (شهرين) ، وكذا إذا بدأ بالصيام قبل دخول شهر ذي الحجة فإن عليه أن يفطر يوم عيد الأضحى ؛ لأن فطره واجب ويحرم صيامه، وأما أيام التشريق فقال بعض العلماء: إذا أفطرها انقطع التتابع ؛ لأنه لا يجب فطرها كيوم النحر، وبعض العلماء قال: يفطرها ؛ لأنه يكره صيامها، ولعل الأولى أن يصومها لئلا ينقطع عليه التتابع؛ لأنه يصح صيامها عن من لم يجد هدياً، يصوم الثلاثة الأيام في الحج التي هي يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ؛ لأنه رخص له في ذلك إذا لم يجد هدياً. فالأولى أن يصوم أيام التشريق، وكذلك بالنسبة للمرأة لا يقطع التتابع إذا أفطرت لحيض أو أفطرت لنفاس، وكذا الرجل والمرأة لا يقطع التتابع إذا أفطر من أجل مرض يبيح له الفطر أو أفطر من أجل سفر يبيح له الفطر في رمضان، وكل ما أباح له الفطر في رمضان له أن يفطره في صيام الكفارة، ولا يقطع عليه التتابع . قضاء الصوم عن الميت السؤال: لقد توفي والدي – رحمه الله – بعد مرض لازمه طوال شهر رمضان فحال بينه وبين الصيام، فكيف لأولاده القضاء عنه مع العلم أنهم ستة، خمسة أبناء وبنت وزوجته؟ أي إن كان القضاء بالصوم فكيف تقسَّم الأيام بينهم؟ وهل يصح أن يصوموها في أيام متزامنة، وإن لزمهم إطعامٌ فكيف يكون، وهل نطعم بما ترك من مال فيكون أفضل له؟. المجيب د.أحمد بن محمد الخليل الجواب: إذا كان هذا المرض مما يرجى زواله وبرؤه لكن قدَّر الله أن يستمر به المرض حتى مات فهذا لا شيء عليه مطلقاً؛ لأن الواجب عليه القضاء ومات قبل أن يدركه، أما إذا كان المرض مما لا يرجى زواله فالواجب إخراج عن كل يوم نحو كيلو ونصف من الرز أو التمر أو أي طعام مما جرت العادة بأكله عندكم، ويكون الإطعام من مال الميت. رحم الله أموات المسلمين أجمعين. الكفارة بالإطعام مع استطاعة الصيام السؤال: رجل وقع على زوجته في نهار رمضان، ويريد أن يطعم ستين مسكيناً مع أنه يستطيع الصيام، وهل على زوجته كفارة مثله، مع أنها أطاعته في هذه المخالفة؟. المجيب د. سليمان بن وائل التويجري الجواب: أولاً ينبغي للإنسان أن يتقي الله – تعالى – في صيامه، وأن يعلم أن صيام رمضان ركن من أركان الإسلام، وأن الواجب عليه أن يبتعد عما ينقضه من المفطرات، فإذا كان وقع على زوجته في نهار رمضان فإن الواجب عليه هو عتق رقبة، وإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإذا أطعم وهو يستطيع الصيام فإن إطعامه لا يعتد به ولا يعتبر، وكأنه لم يطعم وهو أدرى بنفسه، وزوجته إذا كانت مطاوعة له غير مكرهة فإنه يلزمها أيضاً الكفارة مثله، وعليها عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً .
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: كتاب فتاوى رمضانية "كامل" الأربعاء 11 أغسطس 2010, 5:59 pm | |
| التوبة من الفطر في رمضان السؤال: أنا شاب مَنَّ الله علي بالهداية؛ ولله الحمد والمنة، وقبل الالتزام كنت لا أصوم في رمضان إلا بعض الأيام، غفلة وتهاوناً وعصياناً، فهل أقضي وقد مر علي وأنا في الالتزام سنتان؟ المجيب د. رياض بن محمد المسيميري الجواب: قد أسعدني كثيراً أن مَنّ الله –تعالى- عليك بالهداية والالتزام، وإني لأشاركك من أعماق قلبي شعورك بالرضا والطمأنينة يوم اكتشفت الطريق الصحيح إلى سعادة الدنيا ونعيم الآخرة، فأبشر – رعاك الله - بانشراح الصدر، وبهجة القلب، وعزة النفس في كنف الله ورعايته. ثم اعلم –حفظك الله- أن ما سألت عنه يحتاج إلى شيء من التفصيل، فإن كنت قد تركت مع الصوم الصلاة –لا سمح الله- فلا داعي لقضاء الصوم؛ لأن ترك الصلاة بالكلية ردة عن الإسلام نفسه، لا ينفع معه صوم، ولا زكاة، ولا حج. وإن كنت فاعلاً للصلاة مؤدياً لها في أوقاتها بانتظام فتركت شيئاً من الصيام، فعليك بالتوبة النصوح، والإكثار من الحسنات ونوافل العبادات مع قضاء عدد الأيام التي أفطرتها، فإن لم تعلم عددها فاجتهد في تقديرها وزد عليها احتياطاً، ثم اعلم –أعانك الله- أنه لا يشترط قضاؤها متتابعة، بل حسب الوسع والطاقة، ولو في أوقات العطل وأيام البرد مع الحذر –حماك الله- من التسويف وكثرة التأجيل. قال ابن قدامة في (المغني 4/366): "لا يختلف القضاء بالعذر وعدمه" ا.هـ. هذا والله المسؤول أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يجعل لنا من أمرنا رشداً، ونستودعك الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم. لم تقض ما أفطرت أيام حيضتها السؤال: أمي كانت تفطر في رمضان وقت دورتها منذ حوالي أربعين سنة، ولم تكن تقضي هذه الأيام لجهلها ولعدم علمها بالوجوب واستمر الحال قرابة ثمانية رمضانات، ثم علمت بالوجوب منذ حوالي ثلاثين سنة، ولكنها لم تقض الأيام السابقة، مع العلم أنها تصوم أيام الاثنين والخميس منذ حوالي أربع سنوات طوال العام، وعمرها الآن ستون سنة، فماذا يجب عليها؟ وإن كان هناك إطعام فكيف يوزع؟ وهل يعطى لأهل البيت الواحد دفعة واحدة؟ أفتونا مأجورين. المجيب د.أحمد بن محمد الخليل الجواب: الذي يظهر أن عليها قضاء تلك الأيام؛ لأن هذا الأمر مشهور ومعروف بين المسلمين –أي وجوب القضاء على التي تفطر بسبب العادة الشهرية- وقد تساهلت جداً في عدم السؤال عن مثل هذا، ثم إنها لما علمت بالوجوب لم تقض أيضاً وهذا مما يدل على تساهلها. فإن كانت لا تستطيع الصيام الآن لكبرها وعجزها عن الصوم، فعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً نصف كيلو وعشر غرامات من طعام البلد كالأرز ونحوه، والله أعلم. صيام القضاء يوم عرفة السؤال: أفطرت يوماً من رمضان لشدة المرض، فهل يجوز لي أن أقضيه يوم عرفة يوم الحج؟ علماً بأني قد صمته. المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: إذا كنت صمت يوم عرفة قضاء عن اليوم الذي أفطرته من رمضان فإنه يجزئك قضاء عن اليوم الذي فطرته، لكن الأفضل أن يقضي الإنسان ما عليه من الصوم في غير يوم عرفة؛ ليتفرغ فيه للذكر والدعاء ونحوهما من النسك إذا كان حاجاً، ويصومه تطوعاً إذا كان غير حاج، فيجمع بذلك بين فضيلة التطوع بالصوم يوم عرفة، وفريضة القضاء في يوم آخر، وخروجاً من الخلاف في كراهة القضاء في تسعة الأيام الأولى من شهر ذي الحجة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/398)]. هل يقضي عن أمه صيام رمضان؟ السؤال: شيخي الفاضل.. أمي عليها دين صيام ثمانية أشهر من رمضان، أعاقها المرض المتزامن مع مجيء كل رمضان، والسؤال: ما العمل؟ هل أقضيه عنها؟ أذهبوا حيرتي جزاكم الله خيراً. المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: إذا كانت تستطيع القضاء ولو لم يكن بالتتابع فعليها القضاء، وإذا أيست من القدرة على القضاء فعليها أن تطعم عن كل يوم مسكيناً، لكل مسكين كيلو ونصف من قوت البلد. والله أعلم. الفدية بدل الصيام السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد: علي صيام شهرين بسبب الحمل والرضاعة، وقدرتي الجسدية لا تعينني على ذلك، حيث إني مصابة بمرض في القلب، فهل أستطيع أن أخرج الفدية بدلا من الصيام؟ وهل يجوز أن أنفق هذه الفدية في إطعام أسرتي؟ حيث إني لست مكلفة بالإنفاق عليهم، أم أنه يجب أن أنفقها على المساكين؟ وجزاكم الله خيراً. المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: إذا كان تأخير هذا الصيام عن شهري رمضان بسبب الحمل والرضاعة والوضع فعليك القضاء ولو بغير انتظام، فلا يلزم التتابع، ولا يجوز لك إخراج الفدية، إلا إذا أيست من القدرة على القضاء بقية حياتك بسبب المرض، وذلك بتقرير طبيبين مسلمين ثقتين وحينئذ عليك الكفارة، وهي إطعام مسكين عن كل يوم، وقدره كيلو ونصف من قوت البلد، والمسكين هو من تجوز له الزكاة من غير والديك وأولادك ومن ترثينه من الأقارب. كفارة تسعة رمضانات السؤال: لقد كنت في رمضان في السنوات الماضية من العمر 14 سنة إلى 22 سنة لا أصوم الشهر كله أطلب من فضيلتكم إيجاد حل ولا أستطيع إطعام ستين مسكيناً في اليوم الواحد هل بإمكاني أن أدخر المال عن كل يوم وأعطيه مثلاً لديار الرحمة أو لمسكين واحد عن كل يوم؟ وجزاكم الله خيراً. المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: أهنئك على رغبتك في التوبة إلى الله من هذا الذنب العظيم، وأوصيك بالإكثار من الاستغفار وصيام ما تيسر من النوافل – إذا انتهيت من القضاء-. ثانياً: الذي عليه الأئمة الأربعة في مثل حالك، أنك تقضي عن كل الأيام التي أفطرتها وتطعم عن كل يوم مسكيناً، ولا يلزمك التتابع في قضائها، فمتى ما استطعت الصيام فصم حتى تنتهي الأيام التي أفطرتها وبالنسبة للإطعام يمكنك فيه أن تجمع كل عشرة جميعاً أو كل عشرين، أو كل خمسة حسب استطاعتك، وأنت مخير بين أن تعطي كل واحد منهم نصف صاع من الأرز كيلو ونصف تقريباً، وإن وضعت معه شيئاً من الإدام –إن كنت تقدر- فهو حسن، هذه طريقة. وهناك طريقة أخرى وهي أن تصنع طعاماً في بيتك أو تذهب إلى أحد المطاعم فتدعو إليه عشرة فقراء أو عشرين أو حسب استطاعتك إلى أن تنتهي الأيام التي أفطرتها، وهكذا كلما أطعمت المساكين سقط عنك من حساب الأيام، أسأل الله تعالى أن يتوب علينا، وأن يتقبل منا صالح العمل. صوم التطوع صيام يوم السبت السؤال: أرجو إفادتنا عن حكم صيام يوم السبت حيث حصل خلاف بين مجموعة من طلبة العلم حول صيامه نفلاً ؟ المجيب عبد الرحمن بن عبدالله العجلان الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فقد فرض الله على الأمة المحمدية صيام شهر رمضان، ورغّبهم فيه ،وحثهم عليه ، ووعدهم بالأجر الجزيل على صيامه، وقد تكلم كثير من أهل العلم عن فوائد الصيام ، ومزاياه، كابن القيم – رحمه الله – في زاد المعاد، وغيره . وحتى تبقى الأمة مرتبطة بهذه الفوائد التي تحصل لها من جرّاء الصيام؛ ورد الحث على صيام الأيامٍ أُخر في مناسبات متفاوته من العام ، لا على سبيل الفرض ، ولكن على سبيل الاستحباب والسُّنيَّة؛ كصيام ستة من شوال ، ويوم عرفة ، وشهر محرم ، والتاسع والعاشر منه على وجه الخصوص، وصيام أكثر شعبان ، وثلاثة أيام من كل شهر ، والأولى أن تكون أيام البيض، وصوم الإثنين والخميس ، وصوم يوم وإفطار يوم ،وصوم باقي عشر ذي الحجة – عدا يوم العيد – لدخولها في عموم العمل الصالح. ولا شك أنه سيدخل في هذه الأيام التي تُصام : يوم السبت؛ لموافقته أحياناً. وقد ورد حديث عبد الله بن بسر السُّلمي، عن أخته الصَّمَّاء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عِنَبَةٍ، أو عود شجرة، فليمضغه) أخرجه أصحاب السنن. وقد اختلف أهل العلم في صحته، وأكثر الأئمة العارفين بعلل الأحاديث أعلّوه بالاضطراب، والشذوذ، ومن صححه أو حسَّنه منهم حمله على كراهية تخصيصه بالصوم؛ لأنه يوم تُعظمه اليهود، وأما إن وافق صياماً كان يصومه الشخص ويعتاده، فالكراهة مرتفعة عنه عندهم. ولم أجد أحداً من أهل العلم نهى عن صومه إذا وافق عادة الشخص، سوى الشيخ ناصر الدين الألباني – رحمه الله – فإنه حرّم صومه في النفل سواء كان في ست من شوال أو وافق عرفة ، أو التاسع والعاشر من محرم، أو صوم يوم وإفطار يوم، أو غير ذلك، وهذا شيء لم يُسبق إليه فيما علمت، وقد أطال أهل العلم في الكلام عن الحديث من حيث صحته من عدمها، ومن حيث دلالته، وقد جمعتها في بحث مفرد، من أراد الاستزادة فليطالعه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قضاء يوم عاشوراء السؤال: من أتى عليها عاشوراء وهي حائض هل تقضي صيامه؟ وهل من قاعدة لما يقضي من النوافل؟ وما لا يقضي؟ جزاك الله خيراً. المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: النوافل نوعان: نوع له سبب، ونوع لا سبب له. فالذي له سبب يفوت بفوات السبب ولا يُقضي، مثال ذلك: تحية المسجد، لو جاء الرجل وجلس ثم طال جلوسه ثم أراد أن يأتي بتحية المسجد، لم تكن تحية للمسجد، لأنها صلاة ذات سبب، مربوطة بسبب، فإذا فات فاتت المشروعية، ومثل ذلك فيما يظهر يوم عرفة ويوم عاشوراء، فإذا أخر الإنسان صوم يوم عرفة ويوم عاشوراء بلا عذر فلا شك أنه لا يقضي ولا ينتفع به لو قضاه، أي لا ينتفع به على أنه يوم عرفة ويوم عاشوراء. وأما إذا مر على الإنسان وهو معذور كالمرأة الحائض والنفساء أو المريض، فالظاهر أيضاً أنه لا يقضي، لأن هذا خص بيوم معين يفوت حكمه بفوات هذا اليوم. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله (20/43)] حكم استمتاع الزوج بزوجته أثناء صيام التطوع السؤال: ما حكم استمتاع الزوج، بزوجته وهو صائم، وذلك في غير القبل؟ المجيب د.أحمد بن محمد الخليل الجواب: الاستمتاع بالزوجة بما دون الجماع في القبل فيه تفصيل ، فيكون جائزاً إن كان يأمن على نفسه أن يفسد صومه بالجماع، ويحرم إذا غلب على ظنه أنه سينـزل، سواء كان الإنزال بأن يجامع أو من المباشرة فقط، وهذا التفصيل يصدق على الصوم الواجب. أما التطوع فلا يحرم عليه ولو غلب على ظنه أنه سينـزل؛ لأنه يجوز للإنسان أن يقطع صوم التطوع ولو بدون سبب. إفراد الجمعة بالصيام السؤال: هل أستطيع أن أصوم الجمعة على انفراد باعتبارها يومًا من صوم ستة أيام من شوال؟ المجيب د.أحمد بن محمد الخليل الجواب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ". متفق عليه: صحيح البخاري (1985) وصحيح مسلم (1144). وهذا نهي صريح عن صيام يوم الجمعة، ولم يُخَصّ منه إلا صورتان: الأولى: إذا صام قبله أو بعده. الثانية: إذا وافق يوم الجمعة صومًا معتادًا، كما في حديث مسلم (1144) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ". والذي يظهر بناء على ذلك أنه لا يجوز إفراد الجمعة بصيام ولو كان من أيام الست من شوال؛ لعدم اندراجه تحت الصورتين السابقتين. صيام الست في غير شوال السؤال: هل صحيح أنه يجوز صيام الست في غير شوال؛ لوجود رواية تقول : " من صام رمضان وأتبعه بست " من دون تحديد شوال ؟ المجيب د. محمد بن تركي التركي الجواب: لا يشرع أن يصوم الإنسان الست من شوال في غير شهر شوال؛ لأن الحديث جاء بتخصيص هذه الأيام الستة في شهر شوال فقط، كما في الحديث الذي عند مسلم (1164) وغيره من حديث أبي أيوب الأنصاري – رضي الله عنه - "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال"، وأما ما جاء في بعض الروايات " وستة أيام بعده" انظر ما رواه ابن ماجة (1715) والدارمي (1755)، وأحمد (21906) من حديث ثوبان بن بجدد – رضي الله عنه - فهي محمولة على أنها من شوال؛ لورود تخصيصها في الروايات الأخرى، وبهذا يحصل الجمع بين الروايات ، والله أعلم .
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: كتاب فتاوى رمضانية "كامل" الأربعاء 11 أغسطس 2010, 6:16 pm | |
| صيام الست من شوال السؤال: ما الدليل على استحباب صيام ستة أيام من شوال ، وما الحكمة من ذلك ؟ المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري الجواب: نورد لك خلاصة ما ذكره الحافظ ابن رجب في كتابه ( لطائف المعارف ) ص (389). الدليل على مشروعيته : خرج مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال : " من صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر ". وإنما كان صيام رمضان وإتباعه بست من شوال يعدل صيام الدهر ؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، وقد جاء ذلك مفسراً من حديث ثوبان – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " صيام رمضان بعشرة أشهر ، وصيام ستة أيام بشهرين ، فذلك صيام سنة " يعني رمضان وستة أيام بعده، خرجه الإمام أحمد (5/280) وابن حبان في صحيحه (3627). وقال الإمام أحمد : ليس في أحاديث الباب أصح منه . ولعل من الحكم في ذلك : أولاً: أن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها المسلم أجر صيام الدهر كلُّه . ثانياً: أن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص ؛ فإن الفرائض تكملُ بالنوافل يوم القيامة ، وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل ، فيحتاج إلى ما يجبره ويكمله من الأعمال . ثالثاً: أن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، فمعاودة الصيام بعد الفطر شكرٌ لهذه النعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب. وقد أمر الله – سبحانه وتعالى – عباده بشُكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره، وغير ذلك من أنواع شكره ، فقال : " ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون " [البقرة: 185]، فمن جملة شكر العبد لربّه على توفيقه لصيام رمضان وإعانته عليه ، ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكراً عقيب ذلك . رابعاً: أن الأعمال التي كان العبد يتقرب بها إلى ربه في شهر رمضان لا تنقطع بإنقضاء رمضان ، بل هي باقية ما دام العبد حياً، فالعائد إلى الصيام بعد فطره يدّل عودُه على رغبته في الصيام وأنه لم يملَّه ولم يستثقله ولا تكرّه به . شهر شوال كله محل لصيام الست السؤال: هل يجوز للإنسان أن يختار صيام ستة أيام في شهر شوال ، أم أن صيام هذه الأيام لها وقت معلوم ؟ وهل إذا صامها تكون فرضاً عليه ؟ المجيب عبد العزيز بن باز- رحمه الله- الجواب: ثبت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : " من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر " خرجه الإمام مسلم في الصحيح ، وهذه الأيام ليست معينة من الشهر بل يختارها المؤمن من جميع الشهر ، فإذا شاء صامها في أوله ، أو في أثنائه، أو في آخره ، وإن شاء فرقها ، وإن شاء تابعها ، فالأمر واسع بحمد الله ، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل ؛ لأن ذلك من باب المسارعة إلى الخير ، ولا تكون بذلك فرضاً عليه ، بل يجوز له تركها في أي سنة ، لكن الاستمرار على صومها هو الأفضل والأكمل ؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل " والله الموفق . [ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز – رحمه الله- الجزء 15 ص 390] لا يشترط التتابع في صيام ست شوال السؤال: هل يلزم في صيام الست من شوال أن تكون متتابعة أم لا بأس من صيامها متفرقة خلال الشهر ؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: صيام ست من شوال سنة ثابتة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويجوز صيامها متتابعة ومتفرقة ؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أطلق صيامها ولم يذكر تتابعاً ولا تفريقاً ، حيث قال – صلى الله عليه وسلم - : " من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر " أخرجه الإمام مسلم في صحيحه . وبالله التوفيق . [ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – الجزء 15 ص 391] صوم الست من شوال قبل قضاء رمضان السؤال: هل يجوز صيام ستة من شوال قبل صيام ما علينا من قضاء رمضان ؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: قد اختلف العلماء في ذلك، والصواب أن المشروع تقديم القضاء على صوم الست وغيرها من صيام النفل ؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " من صام رمضان ثم أتبعه ستّاً من شوال كان كصيام الدهر " خرجه مسلم في صحيحه . ومن قدم الست على القضاء لم يتبعها رمضان، وإنما أتبعها بعض رمضان ؛ ولأن القضاء فرض، وصيام الست تطوع ، والفرض أولى بالاهتمام والعناية . وبالله التوفيق . [ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز – رحمه الله- الجزء 15 ص 392] التطوع بصيام شهرين متتابعين السؤال: هل يجوز الصوم كل يوم بدون انقطاع لمدة شهرين أو أكثر - مثلاً -تطوعاً لله - سبحانه وتعالى - ، وبدون أي سبب ككفارة – مثلاً-، وبارك الله فيكم على مجهوداتكم. المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: لا شك أن الصوم عبادة من أفضل العبادات، وقد كان لرسولنا – صلى الله عليه وسلم – حظ وافر من هذه العبادة، إلا أنه - بأبي هو وأمي - لم يصم شهراً كاملاً قط غير رمضان، كما قالت عائشة – رضي الله عنها - : " كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصوم حتى نقول لا يفطر ، ويفطر حتى نقول لا يصوم ، فما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – استكمل صيام شهر إلا رمضان وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان " ، أخرجه البخاري (2/50) ح (1969)، ومسلم (2/810) ح (1156) . وروى مسلم في صحيحه (1/513 – 514) ح(746) عن عائشة - رضي الله عنها – أيضاً أنها قالت – في ضمن بيان هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في عدة أمور - :" ولا أعلم نبي الله - صلى الله عليه وسلم – قرأ القرآن كله في ليلة ، ولا صلى ليلة إلى الصبح، ولا صام شهراً كاملاً غير رمضان " . ولا يخفى أن صيام شهرين متتابعين، لم يرد في الشرع إلا مورد الكفارة المغلظة في قتل النفس خطأ، أو في كفارة الظهار، أو في كفارة الجماع في نهار رمضان. وخير الهدي هدي محمد – صلى الله عليه وسلم - ، والاقتصار على ما ورد هو الخير والبركة، من صيام ثلاثة أيام من كل شهر ( ومنها : الأيام البيض)، أو الاثنين والخميس ، أو ست من شوال، وإن نشط وقوي فصيام يوم وإفطار يوم. وعليه فلا يشرع للمسلم أن يواصل صيام شهرين متتابعين أو أكثر، ما لم يكن هناك سبب شرعي، ولأنه إذا واصل أكثر من ذلك فيخشى أن يتصل به الأمر إلى صيام الدهر، وهو منهي عنه كما في الصحيحين ( البخاري " 1975 " ومسلم " 1159" ) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنه – والله أعلم . هل صح في صيام العشر من ذي الحجة حديث؟ السؤال: هل ثبت في الحث على صيام أيام العشر من ذي الحجة شيء مخصوص؟ ثم إن لم يثبت منها شيء فهل يعني هذا عدم مشروعية صيامها؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: جاء في فضل العمل في أيام العشر – دون تحديد نوعه، لا صيام ولا غيره – الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري 1/306، باب فضل العمل في أيام التشـريق ح (969)، واللفظ له، وأبو داود 2/815، باب في صوم العشر ح(2438) ،والترمذي 3/130، باب ما جاء في العمل في أيام العشر ح(757)، وابن ماجه 1/550، باب في صيام العشر ح (1727) من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه. قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد إلاَّ رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء ". وأما النص على الصيام، فجاء فيه حديث عن بعض أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم - قالت : " كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيام من كل شهر : أول اثنين من الشهر والخميس " أخرجه أبو داود وغيره كما سيأتي مفصلاً وهو حديث ضعيف.وعن أبي هريرة:" ما من أيامٍ أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كلِّ يوم منها بصيام سنة. وقيام كلِّ ليلة منها بقيام ليلة القدر "أخرجه الترمذي وغيره وهو حديث ضعيف أيضاً. وهناك أحاديث أخر وكلها ضعيفة أو موضوعة ،كما أشار إلى ذلك ابن رجب في "اللطائف" بقوله – بعد أن ذكر حديث الباب، وأحاديث أخر -: "وفي المضاعفة أحاديث مرفوعة، لكنها موضوعة، فلذلك أعرضنا عنها وعما أشبهها من الموضوعات في فضائل العشر، وهي كثيرة ... وقد روي في خصوص صيام أيامه، وقيام لياليه، وكثرة الذكر فيه، ما لا يحسن ذكره لعدم صحته" ا هـ ، والله أعلم. وبعد : فإن ضعف هذه الأحاديث الواردة بخصوص الحث على صيام أيام العشر ، لا يلغي مشروعية صيامها ؛لأنها بلا شك من جملة العمل الصالح الذي ذكره النبي – صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس الذي أخرجه البخاري وغيره ـ كما سبق آنفاً ـ .فإن قيل : ما لجواب عن قول عائشة رضي الله عنها ـ الذي سبق قريباً ـ : "ما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - صائماً العشر قط " أفلا يدل ذلك على استثناء الصيام ؟ فالجواب من ثلاثة أوجه : الأول : أن النبي – صلى الله عليه وسلم - ربما ترك العمل خشية أن يفرض على أمته ـ كما في الصحيحين من حديث عائشة ـ أو لعلة أخرى قد لا تظهر لنا ،كتركه قيام الليل ،وكتركه هدم الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام ،وأمثلة ذلك كثيرة. ومن جملة هذه الموانع ،أن تركه – صلى الله عليه وسلم - لصيام العشر قد يكون لأن الصيام فيه نوع كلفة ،ولديه – صلى الله عليه وسلم - من المهام العظيمة المتعدي نفعها للأمة من تبليغ الرسالة ،والجهاد في سبيله ،واستقبال الوفود ،وإرسال الرسل ،وكتابة الكتب ، وغيرها من الأعمال الجسام،فلو صام كل هذه الأيام لربما حصل فيها نوع مشقة، بل ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو أنه لما سأل عن صيام يوم وإفطار يوم قال" وددت أني طوقت ذلك". الثاني : أن العمل يكفي لثبوت مشروعيته أي نص ثابت ،ولا يلزم منه أن يعمله هو – صلى الله عليه وسلم - فهاهم الناس يصومون ستاً من شوال اعتماداً على حديث أبي أيوب المشهور، وغيره من الأحاديث، مع أنه ـ حسب علمي ـ لم يثبت حديث واحد يدل على أنه – صلى الله عليه وسلم - يصومه ،فهل يمكن لأحد أن يقول لا يشرع صوم الست لأنه – صلى الله عليه وسلم - لم يثبت عنه صومها ؟! لا أعلم أحداً يقول بهذا بناء على هذا المأخذ الأصولي، وأما خلاف الإمام مالك ـ رحمه الله ـ فلم يكن يرى مشروعية صيامها ،ليس بناء على هذا المأخذ، وإنما لأسباب أخرى معلومة عند أهل العلم، وليس هذا المقام مناسبا لذكرها .وقل مثل هذا في سنن كثيرة العمدة فيها على عموميات قولية ،لم يثبت عنه – صلى الله عليه وسلم -فعلها بنفسه ،كصيام يوم وإفطار يوم، وصيام يوم عرفة ـ الذي هو أحد أيام العشر ـ وغيرها من الأعمال الصالحة. الثالث : وهو مبني على ما سبق ،أن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة ،بل هو العمل الوحيد الذي اختص الله تعالى بجزائه ـ فرضاً ونفلاً ـ وورد في فضل نوافله أحاديث كثيرة يمكن لمن أراد الوقوف على بعضها ،أن يطالع رياض الصالحين للنووي ،أو جامع الأصول لابن الأثير ،وغيرها من الكتب .وقد راجعت كثيراً من كتب الفقهاء ،وإذا هم يذكرون من جملة ما يستحب صيامه صيام أيام العشر ـ أي سوى العيد كما هو معلوم ـ ولم أر أحداً ذكر أن صيامها لا يشرع أو يكره ،بل إن ابن حزم – رحمه الله – على ظاهريته قد قال باستحباب صيام أيام العشر. والذي دعاني للإطالة في هذا المقام ـ مع ظهوره ووضوحه ـ هو أنني وقفت على كلام لبعض إخواني من طلبة العلم ،ذكر فيه أن من جملة أخطاء الناس في العشر صيام هذه الأيام !! حتى أحدث كلامه هذا بلبلة عند بعض العامة الذين بلغهم هذا الكلام ،ولا أعلم أحداً قال بهذا من أهل العلم في القرون الغابرة ـ حسب ما وقفت عليه ـ ،ولا أدري ما الذي أخرج الصيام من جملة العمل الصالح ؟. وبما تقدم تفصيله يمكن الجواب عما استشكله ذلك الأخ وغيره ،والله تعالى أعلم . أما الأحاديث الخاصة ، فسأذكر حالها بشيء من الإجمال ـوالتفصيل لا تحتمله هذه الفتوىـ فللتفصيل موضع آخر، وذلك كما يلي: أولاً : قال أبو داود 2/815 باب في صوم العشر ح ( 2437 ) : حدثنا مسدد ، حدثنا أبو عوانة ، عن الحرّ بن الصيّاح ، عن هنيدة بن خالد ، عن امرأته ، عن بعض أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم - قالت : " كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة ، ويوم عاشوراء ، وثلاثة أيام من كل شهر : أول اثنين من الشهر والخميس " . تخريجه :*أخرجه النسائي 4/205 باب صوم النبي – صلى الله عليه وسلم - ح (2372)،وفي باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح (2417، 2418) ،وأحمد 5/271،6/288،423 من طرق عن أبي عوانة به بنحوه ، إلاّ أن في ألفاظهم : " أول اثنين وخميسين " ، وهذا هو الموافق لقولها : " ثلاثة أيام " ، وأما رواية أبي داود فقد سبق الإشارة إلى أنها في بعض روايات السنن : " والخميس والخميس " بالتكرار .*وأخرجه النسائي 4/220 ،باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح ( 2416) ،وأحمد 6/287 ، وابن حبان 14 / 332 ح ( 6422 ) من طريق أبي إسحاق الأشجعي ،عن عمرو بن قيس الملائي ،والنسائي في " الكبرى " 2/135 ، باب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ح ( 2723 ) من طريق زهير بن معاوية أبي خثيمة ، والنسائي في " الكبرى " 2/135، باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح( 2722) ، من طريق شريك ، ثلاثتهم ( عمرو ، وزهير ، وشريك ) عن الحر بن الصياح ، عن هنيدة ، عن حفصة، إلاّ أن لفظ عمرو هو:" أربع لم يكن يدعهن النبي –صلى الله عليه وسلم-: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتين قبل الغداة " ، ولفظ زهير : " كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، أول اثنين من الشهر ، ثم الخميس ، ثم الخميس الذي يليه"، ورواه شريك فجعله من مسند ابن عمر بلفظ حديث زهير. *وأخرجه أبو داود 2/822 ، باب من قال الاثنين والخميس ح ( 2452 ) عن زهير بن حرب ، والنسائي 4/221 ، باب كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ح(2419) عن إبراهيم الجوهري ، وأحمد 6/289 ، 310 ، ثلاثتهم ( زهير، والجوهري، وأحمد ) عن محمد بن فضيل ، والطبراني في " الكبير " 23/216 ، 420 ، من طريق عبد الرحيم بن سليمان ،كلاهما ( ابن فضيل ، وعبد الرحيم ) عن الحسن بن عبيد الله ، عن هنيدة ، عن ـ أمه – لم يقل عن امرأته – عن أم سلمة فذكر نحوه ، إلاّ أنه ليس في حديث الحسن بن عبيد الله ذكر لصيام تسع ذي الحجة ، وصيام يوم عاشوراء ، بل اقتصر على الأمر بصيام ثلاثة أيام من كل شهر قال زهير في حديثه : " أولها الاثنين والخميس "، ولفظ الجوهري: " أول خميس ، والاثنين والاثنين " بالتكرار ، ولفظ أحمد:" أولها الاثنين والجمعة والخميس" . الحكم عليه: إسناد أبي داود رجاله ثقات، إلاّ أنه وقع في إسناده ومتنه اختلاف على هنيدة، الذي مدار الحديث عليه، ووقع فيه تفرد أبي إسحاق الأشجعي ، عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحر، عن هنيدة، عن حفصة ، ومثل هذا بعيد أن يصحح حديثه إذا انفرد ،فكيف وقد وقع فيه هذه الااختلاف في إسناده ومتنه ؟. ومما يضعف به حديث الباب إضافة إلى ما سبق ، أن ما تضمنه من الإخبار عن صيام النبي – صلى الله عليه وسلم - لتسع ذي الحجة ، مخالف لما ثبت في صحيح مسلم 2/833 ح ( 1176) ، وأبي دواد 2/816 ، باب في فطر العشر ح ( 2439 ) ، والترمذي 3/129، باب ما جاء في صيام العشر ح ( 756 ) ، ولفظ مسلم عن عائشة رضي الله عنها : " ما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - صائماً العشر قط " ، ولفظ مسلم الآخر : " أن النبي – صلى الله عليه وسلم - لم يصم العشر " . ويضاف إلى ذلك أيضاً : السماع ، فليس في شيء منه التصريح بالتحديث سوى رواية أمه عن أم سلمة رضي الله عنها ، والله أعلم . ثانياً: قال الترمذي 3/131 باب ما جاء في العمل في أيام العشر ح(758) : حدثنا أبو بكر بن نافع البصري، حدثنا مسعود بن واصل، عن نهاس بن قهْم، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب ،عن أبي هريرة:" ما من أيامٍ أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كلِّ يوم منها بصيام سنة. وقيام كلِّ ليلة منها بقيام ليلة القدر ".قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلاَّ من حديث مسعود بن واصل ،عن النهاس، قال: وسألت محمداً عن هذا الحديث فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا ، وقال: قد روي عن قتادة ، عن سعيد بن المسيَّب عن النبي– صلى الله عليه وسلم - مرسلاً شيءً من هذا ،وقد تكلم يحيى بن سيعد في نهاس بن قهم من قبل حفظه. تخريجه:*أخرجه ابن ماجه 1/551، باب صيام العشر ح(1728) ، والخطيب في "تاريخ بغداد" 11/208 من طريق محمد بن مخلد العطار،كلاهما (ابن ماجه، والعطار) عن عمر بن شبة ، عن مسعود بن واصل به بنحوه.*وأخرجه الترمذي في العلل الكبير ص(120) ح(206) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة ، وعلقه الدارقطني في "العلل" 9/200 عن الأعمش عن أبي صالح،كلاهما (أبو سلمة، وأبو صالح ) عن أبي هريرة بنحوه، ولفـظ أبي سلمة :"ما من أيام أحب إلى الله العمل فيهن من عشر ذي الحجة : التحميد ،والتكبير،والتسبيح والتهليل". الحكم عليه: إسناد الترمذي فيه مسعود، والنهاس، وكلاهما ضعيف ، وقد قال الإمام الدارقطني في "العلل" 9/199: "وهو حديث تفرد به مسعود بن واصل، عن النهاس بن قهم ، عن قتادة، عن ابن المسيب ،عن أبي هريرة ". ومع هذا التفرد في وصله، فإن بعض الأئمة صوَّبوا كونه عن قتادة ،عن سعيد بن المسيب مرسلاً كما أشار إلى ذلك البخاري – فيما نقله عنه الترمذي عقب إخراجه للحديث – وقال الدارقطني في "العلل" 9/200: " وهذا الحديث، إنما روي عن قتادة عن سعيد بن المسيب مرسلاً".وهذا المرسل الذي صوَّبه الأئمة من رواية قتادة ،عن سعيد بن المسيب، سلسلة جعلها الحافظ ابن رجب – كما في شرح العلل 2/845 – من الأسانيد التي لا يثبت منها شيء، أو لا يثبت منها إلاَّ شيء يسير،مع أنه قد روي بها أكثر من ذلك، ونقل عن البرديجي قوله – عن هذه السلسلة –: "هذه الأحاديث كلها معلولة،وليس عند شعبة منها شيء،وعند سعيد بن أبي عروبة منها حديث، وعند هشام منها آخر، وفيهما نظر" ا هـ. وقد بين الإمام أحمد سبب ضعفها أيضاً – فيما نقله عنه أبو داود في مسائله (304) – بقوله: "أحاديث قتادة عن سعيد بن المسيب ما أدري كيف هي؟ قد أدخل بينه وبين سعيد نحواً من عشر رجالْ لا يعرفون".وأما الطريق التي رواها أبو صالح، فقد صوَّب الدارقطني – في العلل 9/200 – إرسالها. وأما رواية الحديث من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة، فقد سأل الترمذي الإمامين البخاري، وأبا عبدالرحمن الدارمي عنه، فلم يعرفاه من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة ،عن أبي هريرة.وقـال الدارقطني في "العلل" 9/200:" تفرد به أحمد بن محمد بن نيزك – وهو شيخ الترمذي في هذا الحديث – عن الأسود بن عامر، عن صالح بن عمر، عن محمد بن عمر، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رفعه ". وكلام الدارقطني في "العلل" كله يدور على أن الحديث لا يصح مرفوعاً من حديث أبي هريرة، بل هو مرسل ، وعلى إرساله من رواية قتادة عن ابن المسيب ، وهي سلسلة مطروحة . وقد ضعف الحديث جماعة من أهل العلم، ومنهم : 1- الحافظ ابن رجب، في "لطائف المعارف" ص (459)، وفي "فتح الباري" 9/16،17. 2- الحافظ ابن حجر، في "الفتح" 2/534 ح(969). والله أعلم وصلى الله وسلم على نبيا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: كتاب فتاوى رمضانية "كامل" الخميس 12 أغسطس 2010, 2:10 pm | |
| صيام يوم عاشوراء السؤال: أسأل عن حكم صيام عاشوراء، وصفة صومه، وهل يوجّه الناس إلى تحرِّي هلال شهر المحرم؟ المجيب عبد العزيز بن باز- رحمه الله- الجواب: صيام يوم عاشوراء سنة يستحب صيامه؛ صامه النبي –صلى الله عليه وسلم- وصامه الصحابة، وصامه موسى قبل ذلك شكراً لله –عز وجل-؛ ولأنه يوم نجَّى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فصامه موسى وبنو إسرائيل شكراً لله –عز وجل-، ثم صامه النبي –صلى الله عليه وسلم- شكراً لله –عز وجل- وتأسياً بنـبي الله موسى، وكان أهل الجاهلية يصومونه أيضاً، وأكَّده النبي –صلى الله عليه وسلم-على الأمة، فلما فرض الله رمضان قال:" من شاء صامه ومن شاء تركه" رواه البخاري ومسلم واللفظ له. وأخبر –عليه الصلاة والسلام- أن صيامه يكفِّر اللهُ به السنةَ التي قبله. والأفضل أن يصام قبله يوم أو بعده يوم خلافاً لليهود؛ لما ورد عنه –عليه الصلاة والسلام-:" صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" رواه أحمد، وفي لفظ:" صوموا يوماً قبله ويوماً بعده" فإذا صام يوماً قبله أو بعده يوماً، أو صام اليوم الذي قبله واليوم الذي بعده، أي صام ثلاثة أيام فكله طيب، وفيه مخالفة لأعداء الله اليهود. أما تحري ليلة عاشوراء فهذا أمر ليس باللازم؛ لأنه نافلة ليس بالفريضة. فلا يلزم الدعوة إلى تحري الهلال؛ لأن المؤمن لو أخطأه فصام بعده يوماً وقبله يوماً لا يضره ذلك، وهو على أجر عظيم. ولهذا لا يجب الاعتناء بدخول الشهر من أجل ذلك؛ لأنه نافلة فقط. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ: عبدالعزيز بن باز –رحمه الله- الجزء الخامس عشر ص (401)] وافق تاسوعاء يوم السبت، فهل يصام؟ السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: كما تعلمون – حفظكم الله – وافق هذا العام يوم التاسع من محرم 1415هـ يوم السبت، وكان يوم العاشر يوم الأحد حسب تقويم أم القرى، وعملاً بالحديث : "لئن عشت إلى قابل لأصومنَّ التاسع والعاشر" الحديث أو كما قال – صلى الله عليه وسلم -، صمت يومي السبت والأحد. وقد استشكل بعضهم صوم السبت تطوعاً فأرجو من سماحتكم إيضاح هذا الإشكال مع ذكر الحديث ومدى صحته، وما نصيحتكم حول هذا الموضوع؟ والله يحفظكم. المجيب عبد العزيز بن باز- رحمه الله- الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد: الحديث المذكور معروف وموجود في بلوغ المرام في كتاب الصيام، وهو حديث ضعيف شاذ ومخالف للأحاديث الصحيحة، ومنها قوله – صلى الله عليه وسلم -: "لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" ومعلوم أن اليوم الذي بعده هو يوم السبت، والحديث المذكور في الصحيحين. وكان – صلى الله عليه وسلم – يصوم يوم السبت ويوم الأحد ويقول: "إنهما يوما عيد للمشركين فأحب أن أخالفهم". والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، كلها تدل على جواز صوم يوم السبت تطوعاً. وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ابن باز – رحمه الله تعالى – (15/412-413)]. استئذان المرأة زوجها في صيام التطوع السؤال: هل يلزم المرأة أن تأخذ إذناً من زوجها أثناء صيام التطوع وما حكم هذا الصيام؟ المجيب د. صالح بن فوزان الفوزان الجواب: نعم. لا يجوز للمرأة أن تصوم تطوعاً وزوجها شاهد إلا بإذنه لأن له عليها حق العشرة والاستمتاع فإذا صامت فإنها تمنعه من حقوقه، فلا يجوز لها ذلك ولا يصح صومها تنفلاً إلا بإذنه. [المنتقى من فتوى الفوزان (4/73-74)]. الأيام المنهي عن صيامها السؤال: ما الأيام التي يكره الصيام فيها؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: الأيام التي ينهى عن الصيام فيها يوم الجمعة، حيث لا يجوز أن يصوم يوم الجمعة مفرداً يتطوع بذلك؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – نهى عن ذلك. وهكذا لا يفرد يوم السبت تطوعاً، لكن إذا صام الجمعة ومعها السبت أو معها الخميس فلا بأس، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. وكذلك ينهى عن صوم يوم عيد الفطر وذلك محرم. وكذلك يوم عيد النحر وأيام التشريق كلها لا تصام؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – نهى عن ذلك، إلا أن أيام التشريق قد جاء ما يدل على جواز صومها عن هدي التمتع والقران خاصة لمن لم يستطع الهدي؛ لما ثبت في البخاري عن عائشة – رضي الله عنها – وابن عمر – رضي الله عنهما – قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي"، أما كونها تصام تطوعاً أو لأسباب أخرى فلا يجوز كيوم العيد؛ وهكذا يوم الثلاثين من شعبان إذا لم تثبت رؤية الهلال، فإنه يوم شك لا يجوز صومه في أصح قولي العلماء سواء كان صحواً أو غيماً؛ للأحاديث الصحيحة الدالة على النهي عن ذلك، والله ولي التوفيق. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ابن باز – رحمه الله تعالى – (15/407 – 408)]. إفراد يوم الجمعة بالصيام السؤال: هل يجوز صيام يوم الجمعة منفرداً قضاء؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: صيام يوم الجمعة منفرداً نهى عنه النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا كان صومه لخصوصيته؛ لأنه – صلى الله عليه وسلم – دخل على امرأة من نسائه فوجدها صائمة يوم الجمعة؛ فقال: "أكنت صمت أمس؟" قالت: لا، فقال: "أتريدين أن تصومي غداً؟" قالت: لا، قال: "فأفطري"، وفي الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: "لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده". لكن إذا صادف يوم الجمعة يوم عرفة فصامه المسلم وحده فلا بأس بذلك؛ لأن هذا الرجل صامه لأنه يوم عرفة لا لأنه يوم الجمعة، وكذلك لو كان عليه قضاء من رمضان ولا يتسنى له فراغ إلا يوم الجمعة فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ وذلك لأنه يوم فراغه، وكذلك لو صادف يوم الجمعة يوم عاشوراء فصامه فإنه لا حرج عليه أن يفرده؛ لأنه صامه لأنه يوم عاشوراء لا لأنه يوم الجمعة، ولهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم – "لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام"، فنص على التخصيص، أي على أن يفعل الإنسان ذلك لخصوص يوم الجمعة أو ليلتها. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ابن باز رحمه الله تعالى (15/414-415)]. الصيام بنية التطوع والقضاء السؤال: هل يجوز صيام التطوع بنيتين: نية قضاء ونية سنة؟ وما حكم الصوم بالنسبة للمسافر والمريض؟ إذا كانا قادرين على الصيام فهل يقبل منهما أم لا؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: لا يجوز صيام التطوع بنيتين، نية القضاء ونية السنة، والأفضل للمسافر سفر قصر أن يفطر، ولكنه لو صام أجزأه، والأفضل لمن يشق عليه الصوم مشقة فادحة لمرضه أن يفطر، وإن علم أو غلب على ظنه أنه يصيبه ضرر أو هلاك بصومه وجب عليه الفطر؛ دفعاً للحرج والضرر، وعلى كل من المسافر والمريض قضاء صيام ما أفطره من أيام رمضان في أيام أخر، ولكنه لو صام مع الحرج أجزأه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد. [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/383)]. موالاة صيام الست السؤال: هل صيام الأيام الستة يلزم بعد شهر رمضان عقب يوم العيد مباشرة أو يجوز بعد العيد بعدة أيام؟ على أن تصام متتالية في شهر شوال؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: لا يلزمه أن يصومها بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما يتيسر له، والأمر في ذلك واسع، وليست فريضة بل هي سنة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/391)]. إفراد يوم الجمعة بالصيام السؤال: أريد أن أصوم يوم الجمعة بمفرده عن يوم من أيام الست من شوال، هل هذا داخل في النهي؟ أفيدونا مأجورين. المجيب د. محمد بن سليمان المنيعي الجواب: لا بأس بإفراد يوم الجمعة بصيام عن قضاء فريضة أو نذر أو صيام ست من شوال، لحديث جابر عن النبي –صلى الله عليه وسلم-:"لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" رواه مسلم (1144) وغيره. قضاء صوم النافلة السؤال: أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وفي أحد الأشهر أصابني مرض فلم أصمها، فهل علي قضاء أو كفارة؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: صوم النافلة لا يقضى ولو ترك اختياراً، إلا أن الأولى بالمسلم المداومة على ما كان يعمله من عمل صالح؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "أحب الأعمال إلى الله ماداوم عليه صاحبه وإن قل" فلا قضاء عليك في ذلك، ولا كفارة، علماً أن ما تركه الإنسان من عمل صالح كان يعمله لمرض أو عجز أو سفر ونحو ذلك يكتب له أجره؛ لحديث: "إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً" رواه البخاري في صحيحه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/402-403)]. أفضل الأيام للتطوع بالصيام السؤال: ما خير الأيام لصيام التطوع وأفضل الشهور لإخراج الزكاة؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: أفضل الأيام لصيام التطوع: الإثنين والخميس، وأيام البيض، وهي: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، وعشر ذي الحجة، وخاصة يوم عرفة، والعاشر من شهر محرم، مع صيام يوم قبله أو يوم بعده، وستة أيام من شوال. أما الزكاة فتخرج بعد تمام الحول إذا بلغ المال نصاباً في أي شهر. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/385)]. نوى الصوم بعد الزوال السؤال: إنه في يوم الإثنين استيقظت عند صلاة الظهر، فهل يجوز أن أكمل اليوم وأصوم؟ مع العلم أنني لم تكن عندي نية الصيام في هذا اليوم، وشكراً. المجيب سعد بن عبد العزيز الشويرخ الجواب: إذا كان الصوم نفلاً يجوز له أن ينويه من النهار، لما روى مسلم (1154) من حديث عائشة – رضي الله عنها - قالت: دخل عليَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – ذات يوم فقال: "هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا، قال: "فإني إذن صائم"، قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "فإني إذن صائم" تعليل لهذا الحكم بعدم وجود شيء في البيت، وهذا الحديث مطلق لم يقيد بما قبل الزوال أو بعد الزوال، فيجوز أن ينوي صيام هذا اليوم قبل الزوال وكذلك بعد الزوال، إلا أن الأجر يحسب له من حين النية، فليس من نوى قبل الزوال كمن نوى بعد الزوال، وكذلك جاءت الآثار الكثيرة عن الصحابة – رضي الله عنهم - مثل ما جاء عن أبي الدرداء وعن أبي طلحة وعن أنس وعن حذيفة وعن ابن مسعود أنهم صاموا بنية من النهار، -رضي الله عنهم- أجمعين. الصيام في شهر شعبان السؤال: ما حكم الصيام في شهر شعبان، وهل ليوم النصف منه وليلته مزية خاصة، وما حكم ما يقوم به بعض الناس من توزيع للأطعمة والهدايا في المنتصف منه؟. المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: اخترنا لك أخي الكريم إجابة شاملة لسؤالك بإذن الله لفضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – فإليك ما قاله الشيخ - رحمه الله – في هذا الموضوع: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين المعتدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب العالمين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً. أما بعد: فهذه كلمات يسيرة في أمور تتعلق بشهر شعبان. الأمر الأول: في فضل صيامه. ففي الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان» البخاري (1969)، ومسلم (1156). وفي البخاري (1970) في رواية: «كان يصوم شعبان كله». وفي مسلم في رواية: «كان يصوم شعبان إلا قليلاً». وروى الإمام أحمد (21753)، والنسائي (2357) من حديث أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ قال: «لم يكن (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) يصوم من الشهر ما يصوم من شعبان»، فقال له: لم أرك تصوم من الشهر ما تصوم من شعبان قال: «ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين عز وجل فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» قال في الفروع (ص 120 ج 3 ط آل ثاني): والإسناد جيد. الأمر الثاني: في صيام يوم النصف منه. فقد ذكر ابن رجب - رحمه الله تعالى - في كتاب اللطائف (ص 341 ط دار إحياء الكتب العربية) أن في سنن ابن ماجة (1388) بإسناد ضعيف عن علي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر لي فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا حتى يطلع الفجر». قلت: وهذا الحديث حكم عليه صاحب المنار بالوضع، حيث قال (ص 226 في المجلد الخامس من مجموع فتاويه): والصواب أنه موضوع، فإن في إسناده أبا بكر بن عبد الله بن محمد، المعروف بابن أبي سبرة، قال فيه الإمام أحمد ويحيى بن معين: إنه كان يضع الحديث. وبناء على ذلك فإن صيام يوم النصف من شعبان بخصوصه ليس بسنة، لأن الأحكام الشرعية لا تثبت بأخبار دائرة بين الضعف والوضع باتفاق علماء الحديث، اللهم إلا أن يكون ضعفها مما ينجبر بكثرة الطرق والشواهد، حتى يرتقي الخبر بها إلى درجة الحسن لغيره، فيعمل به إن لم يكن متنه منكراً أو شاذًّا. وإذا لم يكن صومه سنة كان بدعة، لأن الصوم عبادة فإذا لم تثبت مشروعيته كان بدعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» أخرجه مسلم (867) من حديث جابر – رضي الله عنه - . الأمر الثالث: في فضل ليلة النصف منه. وقد وردت فيه أخبار قال عنها ابن رجب في اللطائف بعد ذكر حديث علي السابق: إنه قد اختلف فيها، فضعفها الأكثرون، وصحح ابن حبان بعضها وخرجها في صحيحه. ومن أمثلتها حديث عائشة - رضي الله عنها - وفيه: "أن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب". خرجه الإمام أحمد (26018) والترمذي (739) وابن ماجة (1389)، وذكر الترمذي أن البخاري ضعَّفه، ثم ذكر ابن رجب أحاديث بهذا المعنى وقال: وفي الباب أحاديث أخر فيها ضعف. اهـ. وذكر الشوكاني أن في حديث عائشة المذكور ضعفاً وانقطاعاً. وذكر الشيخ عبدالعزيز بن باز –رحمه الله تعالى- أنه ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، وقد حاول بعض المتأخرين أن يصححها لكثرة طرقها ولم يحصل على طائل، فإن الأحاديث الضعيفة إذا قدر أن ينجبر بعضها ببعض فإن أعلى مراتبها أن تصل إلى درجة الحسن لغيره، ولا يمكن أن تصل إلى درجة الصحيح كما هو معلوم من قواعد مصطلح الحديث. الأمر الرابع: في قيام ليلة النصف من شعبان، وله ثلاث مراتب: المرتبة الأولى: أن يصلى فيها ما يصليه في غيرها، مثل أن يكون له عادة في قيام الليل فيفعل في ليلة النصف ما يفعله في غيرها من غير أن يخصها بزيادة، معتقداً أن لذلك مزية فيها على غيرها، فهذا أمر لا بأس به، لأنه لم يحدث في دين الله ما ليس منه. المرتبة الثانية: أن يصلى في هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان دون غيرها من الليالي، فهذا بدعة، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر به، ولا فعله هو ولا أصحابه. وأما حديث علي ـ رضي الله عنه ـ الذي رواه ابن ماجة: «إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها». فقد سبق عن ابن رجب أنه ضعَّفه، وأن محمد رشيد رضا قال: إنه موضوع، ومثل هذا لا يجوز إثبات حكم شرعي به، وما رخص فيه بعض أهل العلم من العمل بالخبر الضعيف في الفضائل، فإنه مشروط بشروط لا تتحقق في هذه المسألة، فإن من شروطه أن لا يكون الضعف شديداً، وهذا الخبر ضعفه شديد، فإن فيه من كان يضع الحديث، كما نقلناه عن محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى. الشرط الثاني: أن يكون وارداً فيما ثبت أصله، وذلك أنه إذا ثبت أصله ووردت فيه أحاديث ضعفها غير شديد كان في ذلك تنشيط للنفس على العمل به، رجاء للثواب المذكور دون القطع به، وهو إن ثبت كان كسباً للعامل، وإن لم يثبت لم يكن قد ضره بشيء لثبوت أصل طلب الفعل. ومن المعلوم أن الأمر بالصلاة ليلة النصف من شعبان لا يتحقق فيه هذا الشرط، إذ ليس لها أصل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره ابن رجب وغيره. قال ابن رجب في اللطائف (ص 541): فكذلك قيام ليلة النصف من شعبان لم يثبت فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه شيء. وقال الشيخ محمد رشيد رضا (ص 857 في المجلد الخامس): إن الله تعالى لم يشرع للمؤمنين في كتابه ولا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في سنته عملاً خاصًّا بهذه الليلة اهـ. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز: ما ورد في فضل الصلاة في تلك الليله فكله موضوع. اهـ. وغاية ما جاء في هذه الصلاة ما فعله بعض التابعين، كما قال ابن رجب في اللطائف (ص 441) : وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام يعظمونها ويجتهدون فيها في العبادة، وعنهم أخذ الناس فضلها وتعظيمها، وقد قيل: إنهم بلغهم في ذلك آثار إسرائيلية، فلما اشتهر ذلك عنهم في البلدان اختلف الناس في ذلك: فمنهم من قبله ووافقهم على تعظيمها، وأنكر ذلك أكثر علماء الحجاز، وقالوا: ذلك كله بدعة. اهـ. ولا ريب أن ما ذهب إليه علماء الحجاز هو الحق الذي لا ريب فيه، وذلك لأن الله تعالى يقول: "ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِيناً" [المائدة:3] ولو كانت الصلاة في تلك الليلة من دين الله تعالى لبيَّنها الله تعالى في كتابه، أو بيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله أو فعله، فلما لم يكن ذلك علم أنها ليست من دين الله، وما لم يكن منه فهو بدعة، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كل بدعة ضلالة». المرتبة الثالثة: أن يصلى في تلك الليلة صلوات ذات عدد معلوم، يكرر كل عام، فهذه المرتبة أشد ابتداعاً من المرتبة الثانية وأبعد عن السنة. والأحاديث الواردة فيها أحاديث موضوعة، قال الشوكاني في الفوائد المجموعة (ص 15 ط ورثة الشيخ نصيف): وقد رويت صلاة هذه الليلة، أعني ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة وموضوعة. الأمر الخامس: أنه اشتهر عند كثير من الناس أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام. وهذا باطل، فإن الليلة التي يقدر فيها ما يكون في العام هي ليلة القدر، كما قال الله تعالى: "حمۤ * وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلْمُبِينِ * إِنَّآ أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـٰرَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ" [الدخان –6] وهذه الليلة التي أنزل فيها القرآن هي ليلة القدر، كما قال تعالى: "إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ فِى لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ" وهي في رمضان، لأن الله تعالى أنزل القرآن فيه، قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىۤ أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ" [البقرة:185] فمن زعم أن ليلة النصف من شعبان يقدر فيها ما يكون في العام، فقد خالف ما دل عليه القرآن في هذه الاۤيات. الأمر السادس: أن بعض الناس يصنعون أطعمة في يوم النصف يوزعونها على الفقراء ويسمونها عشيات الوالدين. وهذا أيضاً لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون تخصيص هذا اليوم به من البدع التي حذَّر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيها: «كل بدعة ضلالة». وليعلم أن من ابتدع في دين الله ما ليس منه فإنه يقع في عدة محاذير منها: المحذور الأول: أن فعله يتضمن تكذيب ما دل عليه قول الله عز وجل: "ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ "[المائدة:3]، لأن هذا الذي أحدثه واعتقده ديناً لم يكن من الدين حين نزول الاۤية، فيكون الدين لم يكمل على مقتضى بدعته. المحذور الثاني: أن ابتداعه يتضمن التقدم بين يدي الله ورسوله، حيث أدخل في دين الله تعالى ما ليس منه. والله سبحانه قد شرع الشرائع وحدّ الحدود وحذَّر من تعديها، ولا ريب أن من أحدث في الشريعة ما ليس منها فقد تقدم بين يدي الله ورسوله، وتعدى حدود الله، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون. المحذور الثالث: أن ابتداعه يستلزم جعل نفسه شريكاً مع الله تعالى في الحكم بين عباده، كما قال الله تعالى: "أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ" [الشورى:21]. المحذور الرابع: أن ابتداعه يستلزم واحداً من أمرين، وهما: إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم جاهلاً بكون هذا العمل من الدين، وإما أن يكون عالماً بذلك ولكن كتمه، وكلاهما قدح في النبي صلى الله عليه وسلم، أما الأول فقد رماه بالجهل بأحكام الشريعة، وأما الثاني فقد رماه بكتمان ما يعلمه من دين الله تعالى. المحذور الخامس: أن ابتداعه يؤدي إلى تطاول الناس على شريعة الله تعالى، وإدخالهم فيها ما ليس منها، في العقيدة والقول والعمل، وهذا من أعظم العدوان الذي نهى الله عنه. المحذور السادس: أن ابتداعه يؤدي إلى تفريق الأمة وتشتيتها واتخاذ كل واحد أو طائفة منهجاً يسلكه ويتهم غيره بالقصور، أو التقصير، فتقع الأمة فيما نهى الله عنه بقوله: "وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَـٰتُ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [آل عمران:105]، وفيما حذر منه بقوله: "إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ" [الأنعام: 159]. المحذور السابع: أن ابتداعه يؤدي إلى انشغاله ببدعته عما هو مشروع، فإنه ما ابتدع قوم بدعة إلا هدموا من الشرع ما يقابلها. وإن فيما جاء في كتاب الله تعالى، أو صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم من الشريعة لكفاية لمن هداه الله تعالى إليه واستغنى به عن غيره، قال الله تعالى: "يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ مَّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِى ٱلصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ". وقال الله تعالى: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاي فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ " [طه:123]. أسأل الله تعالى أن يهدينا وإخواننا المسلمين صراطه المستقيم، وأن يتولانا في الدنيا والاۤخرة إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين. [مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 20/25-33].
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: كتاب فتاوى رمضانية "كامل" الخميس 12 أغسطس 2010, 2:30 pm | |
| صيام يوم السبت إذا وافق يوم عرفة السؤال: كثر السؤال حول موضوع صيام يوم عرفة وقد وافق يوم السبت هذا العام، ويستشكل بعضهم أنه ورد في صيام يوم السبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم". أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خيراً. المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: سئل فضيلة الشيخ/ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - عن هذا الحديث فإليك نص الجواب: الحديث المذكور معروف وموجود في بلوغ المرام في كتاب الصيام، وهو حديث ضعيف شاذ ومخالف للأحاديث الصحيحة، ومنها قوله – صلى الله عليه وسلم -: "لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" ومعلوم أن اليوم الذي بعده هو يوم السبت، والحديث المذكور في الصحيحين. انظر صحيح البخاري (1985), وصحيح مسلم (1144). وكان – صلى الله عليه وسلم – يصوم يوم السبت ويوم الأحد ويقول: "إنهما يوما عيد للمشركين فأحب أن أخالفهم". انظر مسند أحمد (26750), وصحيح ابن حبان (3616). والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، كلها تدل على جواز صوم يوم السبت تطوعاً. وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ابن باز – رحمه الله تعالى – (15/412-413)]. صيام الأيام البيض السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هل صح حديث في فضل صيام البيض، أم أن ما صح هو صيام ثلاثة أيام من كل شهر بدون تحديد؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. لاريب أن الأصح هو ما ورد في صيام ثلاثة أيام من كل شهر من غير تحديد- كما ثبت ذلك في صحيح مسلم (1160) من حديث عائشة، رضي الله عنها. ومع هذا فإن صيام الأيام البيض الأحاديث فيها جيدة، وأقواها حديث جرير عند النسائي (2420)، ويقوي هذه الأحاديث ما عضدها من آثار صحاحٍ عن الصحابة، رضي الله عنهم، وعلى رأسهم الفاروق عمر، رضي الله عنه، فقد روى الحارث بن أبي أسامة في مسنده (340- بغية) بسند صحيح أن عمر، رضي الله عنه، كان يصوم الأيام البيض، ومثل هذا لا يفعله عمر، رضي الله عنه، إلا عن توقيف، والله أعلم. وإذا ضممنا إلى ذلك- على سبيل الاستئناس- ما أثبته الطب من أن الدم في الليالي القمرية يحصل له شيء من الحركة الزائدة، فإنه قد ثبت أن الصوم يضيق مجاري الدم، فبهذا تلتقي الجهتان: الطبية مع الشرعية. وهذا- كما قلت- يُذكر على سبيل الاستئناس، وإلا فالشرع لا يثبت بمثل هذه الآراء المجردة. وبالله التوفيق. وصلى الله وسلم على نبينا محمد. أحكام الاعتكاف والعشر الأواخر هل ليلة القدر تختلف باختلاف البلدان؟! السؤال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- عن ليلة القدر: "التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان"، ونظراً لاختلاف التقويم بين البلاد الإسلامية، فتختلف الليالي الوتر من بلد إلى آخر، فمثلاً هذا العام يوجد اختلاف بين مصر والسعودية في بداية الشهر، فتكون الليالي الوتر بمصر ليست وتراً في السعودية، فكيف يكون ذلك؟ وهل ليلة القدر هي واحدة فقط؟ -وجزاكم الله خير الجزاء-، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم. المجيب د. سليمان بن وائل التويجري الجواب: الذي يظهر لي أنها لا تتكرر، وإنما هي ليلة واحدة في السنة، والنبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "التمسوها في العشر الأواخر في الوتر" رواه البخاري(2016)، ومسلم(1167) من حديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه-، فكل العشر محل لأن تقع فيها ليلة القدر من وتر وغيره، وهو لما قال: "في الوتر"، لم يلغ الالتماس في غير الوتر، كما أنه قال: "التمسوها ليلة سبع وعشرين" انظر ما رواه مسلم(762) من حديث أُبي بن كعب-رضي الله عنه- أو: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر" رواه البخاري(2015)، ومسلم(1165) من حديث ابن عمر-رضي الله عنهما-"، وقال: "التمسوها في سبع يمضين، أو سبع يبقين" انظر ما رواه البخاري(2021)، وهذا اللفظ عند أحمد(2539)، من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما-، وهذا يختلف من الشهر كونه تسع وعشرين أو ثلاثين، وعلى هذا فهي ليلة واحدة، فإذا كانت – مثلا- ليلة السبع وعشرين في السعودية فهي ليلة ثمان وعشرين في مصر، أو إذا كانت ليلة سبع وعشرين في مصر فهي ليلة ست وعشرين في السعودية بالنسبة لرمضان هذه السنة، والإنسان مطلوب منه أن يجتهد في العشر كلها، وهي ليلة خفية لم يعلم ما هي بالتحديد، ولهذا كان – عليه الصلاة والسلام- يعتكف في العشر الأواخر؛ طلباً لثوابها وإدراكها، وهو على حال يكون فيها أحسن ما يكون من التقرب إلى الله – تعالى- وحسن المناجاة له. والله ولي التوفيق. الاعتكاف وأحكامه السؤال: ما هو الاعتكاف ؟ وإذا أراد الإنسان أن يعتكف فماذا عليه أن يفعل وماذا عليه أن يمتنع؟ وهل يجوز للمرأة أن تعتكف في البيت الحرام؟ وكيف يكون ذلك؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: الاعتكاف : عبادة وسنة وأفضل ما يكون في رمضان في أي مسجد تقام فيه صلاة الجماعة ، كما قال تعالى : " ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد " فلا مانع من الاعتكاف في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ، من الرجل والمرأة ، إذا كان لا يضر بالمصلين ولا يؤذي أحداً فلا بأس بذلك ، والذي على المعتكف أن يلزم معتكفه ويشتغل بذكر الله والعبادة ، ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان كالبول والغائط ونحو ذلك أو لحاجة الطعام إذا كان لم يتيسر له من يحضر له الطعام فيخرج لحاجته فقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يخرج لحاجته ، ولا يجوز للمرأة أن يأتيها زوجها وهي في الاعتكاف ، وكذلك المعتكف ليس له أن يأتي زوجته وهو معتكف ؛ لأن الله تعالى قال : " ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد " والأفضل له ألا يتحدث مع الناس كثيراً بل يشتغل بالعبادة والطاعة ، لكن لو زاره بعض إخوانه أو زار المرأة بعض محارمها أو بعض أخواتها في الله وتحدثت معهم أو معهن فلا بأس ، وكان النبي – صلى الله عليه وسلم – يزوره نساؤه في معتكفه ويتحدث معهن ثم ينصرفن فدل ذلك على أنه لا حرج في ذلك. والاعتكاف هو المكث في المسجد لطاعة الله تعالى سواء كانت المدة كثيرة أو قليلة ؛ لأنه لم يرد في ذلك فيما أعلم ما يدل على التحديد لا بيوم ولا بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك ، وهو عبادة مشروعة إلا إذا نذره صار واجباً بالنذر وهو في حق المرأة والرجل سواء ، ولا يشترط أن يكون معه صوم على الصحيح فلو اعتكف الرجل أو المرأة وهما مفطران فلا بأس في غير رمضان . مجموع فتاوى الشيخ/ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- ،الجزء الخامس عشر ، ص (440) . المعتكف واستخدام الهاتف السؤال: هل يجوز للمعتكف الاتصال بالهاتف لقضاء حوائج المسلمين؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: نعم يجوز للمعتكف أن يتصل بالهاتف لقضاء بعض حوائج المسلمين إذا كان الهاتف في المسجد الذي هو معتكف فيه ؛ لأنه لم يخرج من المسجد ، أما إذا كان خارج المسجد فلا يخرج لذلك ، وقضاء حوائج المسلمين إذا كان هذا الرجل معنياً بها لا يعتكف ؛ لأن قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف لأن نفعها متعدٍّ ، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجباته . (كتاب الدعوة ، الجزء الثالث ، ص 61) ليلـة القـــدر السؤال: اعتاد بعض المسلمين وصف ليلة سبع وعشرين من رمضان بأنها ليلة القدر، فهل لهذا التحديد أصل وهل عليه دليل؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: نعم ، لهذا التحديد أصل وهو أن ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ليلة للقدر كما جاء ذلك في صحيح مسلم من حديث أُبيّ بن كعب – رضي الله عنه – ولكن القول الراجح من أقوال أهل العلم التي بلغت فوق أربعين قولاً : أن ليلة القدر في العشر الأواخر ، ولا سيما في السبع الأواخر منها ، فقد تكون ليلة سبع وعشرين ، وقد تكون ليلة خمس وعشرين ، وقد تكون ليلة السادس والعشرين ، وقد تكون ليلة الرابع والعشرين ولذلك ينبغي للإنسان أن يجتهد في كل الليالي حتى لا يحرم من فضلها وأجرها ، فقد قال الله تعالى : " إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين " وقال - عز وجل- :" إنا أنزلناه في ليلة القدر . وما أدراك ما ليلة القدر . ليلة القدر خير من ألف شهر. تنـزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر . سلام هي حتى مطلع الفجر " . (كتاب الدعوة ، الجزء الخامس ، ص 204). عمل المسلم في ليلة القدر السؤال: كيف يكون إحياء ليلة القدر؟ أبالصلاة أم بقراءة القرآن والسيرة النبوية والوعظ والإرشاد والاحتفال لذلك في المسجد؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: أولاً: كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر من رمضان مالا يجتهد في غيرها بالصلاة والقراءة والدعاء، فروى البخاري ومسلم عن عائشة –رضي الله عنها- أن النبي –صلى الله عليه وسلم-:"كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر"، ولأحمد ومسلم:"كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها". ثانياً: حث النبي –صلى الله عليه وسلم- على قيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، فعن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه الجماعة إلا ابن ماجه، وهذا الحديث يدل على مشروعية إحيائها بالقيام. ثالثاً: من أفضل الأدعية التي تقال في ليلة القدر ما علمه النبي –صلى الله عليه وسلم- عائشة –رضي الله عنها-، فروى الترمذي وصححه عن عائشة –رضي الله عنها- قالت:"قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟" قال:"قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني". رابعاً: أما تخصيص ليلة من رمضان بأنها ليلة القدر فهذا يحتاج إلى دليل يعينها دون غيرها، ولكن أوتار العشر الأواخر أحرى من غيرها والليلة السابعة والعشرون هي أحرى الليالي بليلة القدر؛ لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على ما ذكرنا. خامساً: وأما البدع فغير جائزة لا في رمضان ولا في غيره، فقد ثبت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". فما يفعل في بعض ليالي رمضان من الاحتفالات لا نعلم له أصلاً، وخير الهدي هدي محمد –صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/412-413)]. شروط الاعتكاف السؤال: ما هي شروط الاعتكاف، وهل الصيام منها، وهل يجوز للمعتكف أن يزور مريضاً، أو يجيب دعوة، أو يقضي حوائج أهله، أو يتبع جنازة، أو يذهب إلى عمل؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: يشرع الاعتكاف في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة، وإن كان المعتكف ممن تجب عليهم الجمعة ويتخلل مدة اعتكافه جمعة فالاعتكاف في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل، ولا يلزم له الصوم، والسنة ألا يزور المعتكف مريضاً أثناء اعتكافه، ولا يجيب دعوة، ولا يقضي حوائج أهله، ولا يشهد جنازة، ولا يذهب إلى عمله خارج المسجد؛ لما ثبت عن عائشة –رضي الله عنها- أنها قالت:"السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه". [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/410-411)]. تأمير شخص على مجموعة في الاعتكاف السؤال: ما حكم الشرع في أن يؤمَّر شخص على مجموعة من الشباب في الاعتكاف؟ بحيث يقوم بتنظيم وقتهم في قراءة القرآن وبعض الدروس العلمية المفيدة. وهل ذلك مخالف لقصد الشارع من الاعتكاف؛ وهو الخلوة لذكر الله - عز وجل - والتعبُّد له - سبحانه وتعالى - .أفتونا جزاكم الله خيراً. المجيب د.أحمد بن محمد الخليل الجواب: الحمد لله، وبعد: الذي جاء في السنة التأمير في السفر فقط دون الاجتماعات الأخرى انظر ما رواه أبو داود (2608) من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه - ، ولذلك لا يشرع فيما يظهر لي أن يؤمَّر شخص على المجموعة المعتكفة، لكن لا مانع من جعل واحد منهم منظماً للمجموعة؛ حيث يقوم بترتيب الأوقات الخاصة بالأكل أو النوم أو الاستفادة العامة ونحو ذلك، من غير أن يكون أميراً تلزم طاعته في هذا الاجتماع، والله أعلم. الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة السؤال: هل يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة؟ وما الدليل؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: نعم يجوز الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة – المسجد الحرام ومسجد النبي – صلى الله عليه وسلم -، والمسجد الأقصى. ودليل ذلك: عموم قوله تعالى: "وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ" [البقرة: 187]. فإن هذه الآية خطاب لجميع المسلمين، ولو قلنا إن المراد بها المساجد الثلاثة، لكان أكثر المسلمين لا يخاطبون بهذه الآية؛ لأن أكثر المسلمين خارج مكة والمدينة والقدس. وعلى هذا فنقول: إن الاعتكاف جائز في جميع المساجد، وإذا صح الحديث بأنه "لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة" فالمراد أنه الاعتكاف الأكمل والأفضل، ولا شك أن الاعتكاف في المساجد الثلاثة أفضل من غيره، كما أن الصلاة في المساجد الثلاثة أفضل من غيرها. فالصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في المسجد النبوي خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام، والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة. هذا – أي الأجر – فيما يفعله الإنسان في المساجد، كصلاة الجماعة في الفريضة، وفي صلاة الكسوف، وكذلك تحية المسجد، وأما الرواتب والنوافل التي تفعلها غير مقيد بالمسجد فصلاتك في البيت أفضل. ولهذا نقول في مكة: صلاتك الرواتب في بيتك أفضل من صلاتك إياها في المسجد الحرام. وكذلك الأمر بالنسبة للمدينة؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال وهو بالمدينة: "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" وكان – صلى الله عليه وسلم – يصلي النوافل في بيته. أما التراويح، فإنها من الصلوات التي تشرع في المساجد، لأنها تشرع فيها الجماعة. [فتاوى ابن عثيمين (1/548 – 549)]. الاعتكاف يوماً أو يومين السؤال: نظراً لظروف عملي فإني لا أستطيع الاعتكاف طيلة العشر الأواخر، فهل يجوز لي أن أعتكف يوماً أو يومين؟. المجيب د. خالد بن علي المشيقح الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: نعم لا بأس أن يعتكف الإنسان يوماً أو يومين، فأقل الاعتكاف يوم أو ليلة؛ كما ورد أن عمر – رضي الله عنه – سأل النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "أوف بنذرك"، فأقل الاعتكاف يوم أو ليلة، هذا ما ورد في الشرع، لكن السنة يعتكف العشر كاملة. صدقة الفطر حكم زكاة الفطر السؤال: ما حكم صدقة الفطر ؟ وهل يلزم فيها النصاب ؟ وهل الأنواع التي تخرج محددة؟ وإن كانت كذلك فما هي ؟ وهل تلزم الرجل عن أهل بيته بما فيهم الزوجة والخادم ؟ المجيب عبد العزيز بن باز- رحمه الله - الجواب: زكاة الفطر فرض على كل مسلم ، صغير أو كبير ، ذكر أو أنثى ، حر أو عبد ؛ لما ثبت عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : " فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زكاة الفطر صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، على الذكر والأنثى ، والصغير والكبير، والحر والعبد من المسلمين ، وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس للصلاة " . متفق على صحته . وليس لها نصاب ، بل يجب على المسلم إخراجها عن نفسه وأهل بيته من أولاده وزوجاته ومماليكه إذا فضلت عن قوته وقوتهم يومه وليلته . أما الخادم المستأجر فزكاته على نفسه ، إلا أن يتبرع بها المستأجر أو تشترط عليه ، أما الخادم المملوك فزكاته على سيده ، كما تقدم في الحديث . والواجب إخراجها من قوت البلد سواء كان تمراً أو شعيراً أو برََّا أو ذرة أو غير ذلك ، وفي أصح قولي العلماء ؛ لأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يشترط في ذلك نوعاً معيناً ولأنها مواساة ، وليس على المسلم أن يواسي من غير قوته . مجموع فتاوى الشيخ/ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- ،الجزء الرابع عشر ، ص (197) . زكاة الفطر عن الجنين السؤال: هل الطفل الذي ببطن أمه تدفع عنه زكاة الفطر أم لا ؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: يستحب إخراجها عنه لفعل عثمان – رضي الله عنه – ، ولا تجب عليه لعدم الدليل على ذلك . (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى(1474) الجزء التاسع ص 366) إخراج زكاة الفطر نقداً السؤال: هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً بدلاً من الطعام ، وذلك لحاجة الناس الآن إلى النقد أكثر من الطعام ؟ المجيب أ.د. سعود بن عبدالله الفنيسان الجواب: إخراج القيمة في زكاة الفطر اختلف فيها العلماء على قولين : الأول: المنع من ذلك. قال به الأئمة الثلاثة مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وقال به الظاهرية أيضاً، واستدلوا بحديث عبد الله بن عمر في الصحيحين " فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من بر، أو صاعاً من شعير، (وفي رواية أو صاعاً من أقط)، على الصغير والكبير من المسلمين. ووجه استدلالهم من الحديث: لو كانت القيمة يجوز إخراجها في زكاة الفطر لذكرها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وأيضاً نص في الحديث الآخر " أغنوهم في هذا اليوم"، وقالوا: غنى الفقراء في هذا اليوم يوم العيد يكون فيما يأكلون حتى لا يضطروا لسؤال الناس الطعام يوم العيد . والقول الثاني : يجوز إخراج القيمة (نقوداً أو غيرها) في زكاة الفطر ، قال به الإمام أبو حنيفة وأصحابه، وقال به من التابعين سفيان الثوري ، والحسن البصري ، والخليفة عمر ابن عبد العزيز، وروي عن بعض الصحابة كمعاوية بن أبي سفيان، حيث قال:" إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعاً من تمر " ، وقال الحسن البصري "لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر "، وكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عامله في البصرة: أن يأخذ من أهل الديون من أعطياتهم من كل إنسان نصف درهم ، وذكر ابن المنذر في كتابه (الأوسط): إن الصحابة أجازوا إخراج نصف صاع من القمح؛ لأنهم رأوه معادلاً في القيمة للصاع من التمر، أو الشعير. ومما سبق يتبين أن الخلاف قديم وفي الأمر سعة ، فإخراج أحد الأصناف المذكورة في الحديث يكون في حال ما إذا كان الفقير يسد حاجته الطعام في ذلك اليوم يوم العيد ، وإخراج القيمة يجوز في حال ما إذا كانت النقود أنفع للفقير كما هو الحال في معظم بلدان العالم اليوم ، ولعل حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم– "أغنوهم في هذا اليوم"، يؤيد هذا القول؛ لأن حاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط، بل تتعداه إلى اللباس ونحوه.. ، ولعل العلة في تعيين الأصناف المذكورة في الحديث، هي: الحاجة إلى الطعام والشراب وندرة النقود في ذلك العصر، حيث كانت أغلب مبايعاتهم بالمقايضة، وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فيجوز إخراج النقود في زكاة الفطر للحاجة القائمة والملموسة للفقير اليوم. والله أعلم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: كتاب فتاوى رمضانية "كامل" الخميس 12 أغسطس 2010, 2:44 pm | |
| حكم زكاة الفطر السؤال: هل حديث ( لا يرفع صوم رمضان حتى تعطى زكاة الفطر ) صحيح ؟ وإذا كان المسلم الصائم محتاجاً لا يملك نصاب الزكاة ، هل يتوجب عليه دفع زكاة الفطر لصحة الحديث أم لغيره من الأدلة الشرعية الصحيحة الثابتة في السنة ؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: صدقة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته : صاع ، والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: ( فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زكاة الفطر صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) متفق عليه واللفظ للبخاري . وما روى أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال : ( كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول – صلى الله عليه وسلم – صاعاً من طعام ، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير ، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أقط) متفق عليه. ويجزئ صاع من قوت بلده مثل الأرز ونحوه ، والمقصود بالصاع هنا : صاع النبي – صلى الله عليه وسلم – ، وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الخلقة . وإذا ترك إخراج زكاة الفطر أثم ووجب عليه القضاء ، وأما الحديث الذي ذكرته فلا نعلم صحته . ونسأل الله أن يوفقكم ، وأن يصلح لنا ولكم القول والعمل ، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى(5733) الجزء التاسع ص464 ) . وقت إخراج زكاة الفطر السؤال: هل وقت إخراج زكاة الفطر من بعد صلاة العيد إلى آخر ذلك اليوم ؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: لا يبدأ وقت زكاة الفطر من بعد صلاة العيد ، وإنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان ، وهو أول ليلة من شهر شوال ، وينتهي بصلاة العيد ؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر بإخراجها قبل الصلاة ، ولما رواه ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لما رواه بن عمر - رضي الله عنهما – قال : ( فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صدقة الفطر من رمضان .. ) ، وقال في آخره ( وكانوا يعطون قبل ذلك بيوم أو يومين ) . فمن أخرها عن وقتها فقد أثم وعليه أن يتوب من تأخيره، وأن يخرجها للفقراء. ( فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى(2896) الجزء التاسع ص373 ) تأخير زكاة الفطر عن وقتها السؤال: كنت في سفر ونسيت دفع الفطرة ولم أخرج الفطرة حتى الآن، وعندنا مصنع ومزرعة فيها عمال ويتقاضون أجرة، فهل لنا أن نصرف الفطرة عنهم أم يصرفونها هم عن أنفسهم؟ المجيب اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز-رحمه الله- الجواب: إذا أخر الشخص زكاة الفطر عن وقتها وهو ذاكر لها أثم ، وعليه التوبة إلى الله والقضاء ؛ لأنها عبادة ، فلم تسقط بخروج الوقت كالصلاة ، وحيث ذكرت عن السائلة أنها نسيت إخراجها في وقتها فلا إثم عليها ، وعليها القضاء ، أما كونها لا إثم عليها فلعموم أدلة إسقاط الإثم عن الناسي ، وأما إلزامها بالقضاء فلما سبق من التعليل . ثانياً : العمال الذين يتقاضون أجرة مقابل ما يؤدونه من عمل في المصنع والمزرعة هم الذين يخرجون زكاة الفطر عن أنفسهم ؛ لأن الأصل وجوبها عليهم . فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى(2867) الجزء التاسع ص 372 ) متى وأين توزع زكاة الفطر؟ السؤال: بالنسبة للفطرة، هل توزع على فقراء بلدتنا أم على غيرهم؟ وإذا كنا نسافر قبل العيد بثلاثة أيام ماذا نفعله تجاه الفطرة؟ المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله - الجواب: السنة توزيع زكاة الفطر بين فقراء البلد صباح يوم العيد قبل الصلاة، ويجوز توزيعها قبل ذلك بيوم أو يومين ابتداء من اليوم الثامن والعشرين، وإذا سافر من عليه زكاة الفطر قبل العيد بيومين أو أكثر أخرجها في البلاد الإسلامية التي يسافر إليها، وإن كانت غير إسلامية التمس بعض فقراء المسلمين وسلمها لهم، وإن كان سفره بعد جواز إخراجها فالمشروع له توزيعها بين فقراء بلده؛ لأن المقصود منها مواساتهم والإحسان إليهم وإغناؤهم عن سؤال الناس أيام العيد. [فتاوى ابن باز –رحمه الله- كتاب الدعوة (4/154)]. إخراج زكاة الفطر لحما السؤال: بعض أهل البوادي ليس عندهم طعام يخرجونه لزكاة الفطر فهل يجوز لهم الذبح من المواشي وتوزيعها على الفقراء؟ المجيب محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله - الجواب: لا يصح ذلك؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – فرضها صاعاً من طعام واللحم يوزن ولا يكال، قال ابن عمر – رضي الله عنهما - : "فرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – زكاة الفطر صاعاً من تمر وصاعاً من شعير". وقال أبو سعيد – رضي الله عنه -: "كنا نخرجها في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – صاعاً من طعام، كان طعامنا التمر والشعير والزبيب والأقط" ، ولهذا كان القول الراجح من أقوال أهل العلم أن زكاة الفطر لا تجزئ في الدراهم ولا من الثياب ولا من الفرش. ولا عبرة بقول من قال من أهل العلم إن زكاة الفطر تجزئ من الدراهم لأنه ما دام بين أيدينا نص عن النبي – عليه الصلاة والسلام – فإنه لا قول لأحد بعده ولا استحسان للعقول في إبطال الشرع، والله – عز وجل – لا يسألنا عن قول فلان أو فلان يوم القيامة وإنما يسألنا عن قول الرسول – صلى الله عليه وسلم – لقوله تعالى: "وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ" [القصص:65]. فتصور نفسك واقفاً بين يدي الله يوم القيامة وقد فرض عليك على لسان رسوله – صلى الله عليه وسلم – أن تؤدي زكاة الفطر من الطعام فهل يمكنك إذا سئلت يوم القيامة: ماذا أجبت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في فرض هذه الصدقة؟ فهل يمكنك أن تدافع عن نفسك وتقول والله هذا مذهب فلان وهذا قول فلان؟ الجواب: لا ولو أنك قلت ذلك لم ينفعك. فالصواب بلا شك أن زكاة الفطر لا تجزئ إلا من الطعام وأن أي طعام يكون قوتاً للبلد فإنه مجزئ وإذا رأيت أقوال أهل العلم في هذه المسألة وجدت أنها طرفان ووسط: فطرف يقول: أخرجها من الطعام، وأخرجها من الدراهم، وطرف آخر يقول: لا تخرجها من الدراهم ولا تخرجها من الطعام إلا من خمسة أصناف فقط وهي البر والتمر والشعير والزبيب والأقط، وهذان القولان متقابلان. وأما القول الوسط فيقول: أخرجها من كل ما يطعمه الناس ولا تخرجها مما لا يطعمه الناس، فأخرجها من البر والتمر والأرز والدخن والذرة، إذا كنت في مكان يقتات الناس فيه الذرة وما أشبه ذلك، حتى لو فرض أننا في أرض يقتات أهلها اللحم فإننا نخرجها من اللحم. وبناءً على ذلك يتبين أن ما ذكره السائل من إخراج أهل البوادي للحم بدلاً عن زكاة الفطر لا يجزئ عن زكاة الفطر. أحاديث في الصيام حكم التهنئة بشهر رمضان السؤال: ما حكم التهنئة بقدوم شهر رمضان المبارك حيث سمعنا من ينكر ذلك ، ويرى أنه من البدع ؟ نرجو الإفادة مشكورين . المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على عبده ورسوله ومصطفاه ،نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ،أما بعد : فهذا بحث مختصر حول: حكم التهنئة بدخول شهر رمضان، حاولت أن أجمع فيه أطرافه، راجياً من الله تعالى التوفيق والسداد . وقبل البدء بذكر حكم المسألة لا بد من تأصيل موضوع التهنئة فيقال : التهاني ـ من حيث الأصل ـ من باب العادات، والتي الأصل فيها الإباحة، حتى يأتي دليل يخصها، فينقل حكمها من الإباحة إلى حكم آخر. ويدل لذلك ـ ما سيأتي ـ من تهنئة بعض الصحابة بعضاً في الأعياد، وأنهم كانوا يعتادون هذا في مثل تلك المناسبات. يقول العلامة السعدي ـ رحمه الله ـ مبيناً هذا الأصل في جواب له عن حكم التهاني في المناسبات ؟ ـ كما في "الفتاوى" في المجموعة الكاملة لمؤلفاته (348) ـ : " هذه المسائل وما أشبهها مبنية على أصل عظيم نافع، وهو أن الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع، أو تضمن مفسدة شرعية ،وهذا الأصل الكبير قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره . فهذه الصور المسؤول عنها وما أشبهها من هذا القبيل ،فإن الناس لم يقصدوا التعبد بها، وإنما هي عوائد وخطابات وجوابات جرت بينهم في مناسبات لا محذور فيها، بل فيها مصلحة دعاء المؤمنين بعضهم لبعض بدعاء مناسب، وتآلف القلوب كما هو مشاهد . أما الإجابة في هذه الأمور لمن ابتدأ بشيء من ذلك ، فالذي نرى أنه يجب عليه أن يجيبه بالجواب المناسب مثل الأجوبة بينهم ،لأنها من العدل ،ولأن ترك الإجابة يوغر الصدور ويشوش الخواطر . ثم اعلم أن هاهنا قاعدة حسنة ،وهي : أن العادات والمباحات قد يقترن بها من المصالح والمنافع ما يلحقها بالأمور المحبوبة لله ،بحسب ما ينتج عنها وما تثمره ،كما أنه قد يقترن ببعض العادات من المفاسد والمضار ما يلحقها بالأمور الممنوعة ،وأمثلة هذه القاعدة كثيرة جداً " ا هـ كلامه . وقد طبق الشيخ ـ رحمه الله ـ هذا عملياً حينما أرسل تلميذه الشيخ عبدالله ابن عقيل خطاباً له في أوائل شهر رمضان من عام 1370هـ ، وضمنه التهنئة بالشهر الكريم فرد الشيخ عبدالرحمن ـ رحمه الله ـ بهذا الجواب في أول رده على رسالة تلميذه : "في أسر الساعات وصلني كتابك رقم 19/9 فتلوته مسروراً ، بما فيه من التهنئة بهذا الشهر ، نرجو الله أن يجعل لنا ولكم من خيره أوفر الحظ والنصيب ، وأن يعيده عليكم أعواماً عديدة مصحوبة بكل خير من الله وصلاح " اهـ . كما في الأجوبة النافعة (ص:280)، وفي صفحة (284)ضمن الشيخ رسالته المباركة في العشر الآواخر. وللشيخ ـ رحمه الله ـ كلام في منظومة القواعد ـ كما في المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن السعدي 1/143 ـ يقرر فيه هذا المعنى ،وللمزيد ينظر (الموافقات) للشاطبي 2/212 ـ 246 ففيه بحوث موسعة حول العادات وحكمها في الشريعة . فإذا تقرر أن التهاني من باب العادات، فلا ينكر منها إلاّ ما أنكره الشرع، ولذا: مرّر الإسلام جملة من العادات التي كانت عند العرب، بل رغب في بعضها، وحرّم بعضها، كالسجود للتحية. وبعد هذه التوطئة يمكن أن يقال عن التهنئة بدخول الشهر الكريم : قد ورد في التهنئة بقدومه بعض الأحاديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أذكرها جملة منها ،وهي أقوى ما وقفت عليه ،وكلها لا تخلو من ضعف ،وبعض أشد ضعفا من الآخر : 1- حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال : "أتاكم رمضان ،شهر مبارك ،فرض الله عز وجل عليكم صيامه ،تفتح فيه أبواب السماء ،وتغلق فيه أبواب الجحيم ،وتغل فيه مردة الشياطين ،لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم " . أخرجه النسائي 4/129 ح(2106) ،وأحمد 2/230 ،385 ،425 من طرق عن أيوب ،عن أبي قلابة ـ واسمه عبد الله بن زيد الجرمي ـ عن أبي هريرة – رضي الله عنه - . والحديث رجاله رجال الشيخين إلا أن رواية أبي قلابة عن أبي هريرة مرسلة، أي أن في الإسناد انقطاعاً ينظر: تحفة التحصيل لأبي زرعة العراقي (176) . والحديث أصله في الصحيحين ـ البخاري 2/30 ح(1899) ،ومسلم 2/758 ح(1079) ـ ولفظ البخاري : "إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء ،وغلقت أبواب جهنم ،وسلسلت الشياطين " ولفظ مسلم : "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ـ وفي لفظ ( الرحمة )ـ وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين ". قال ابن رجب (رحمه الله) في "اللطائف" (279) :" وكان النبي ح يبشر أصحابه بقدوم رمضان ، ... ثم ساق هذا الحديث، ثم قال : قال العلماء : هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضهم بعضاً في شهر رمضان " . 2- حديث أنس – رضي الله عنه - قال : دخل رمضان ،فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : "إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر ،من حرمها فقد حرم الخير كله ،ولا يحرم خيرها إلا محروم" . أخرجه ابن ماجه ح(1644) من طريق محمد بن بلال،عن عمران القطان، عن قتادة، عن أنس – رضي الله عنه - . وهذا الإسناد ضعيف لوجهين : الوجه الأول : أن فيه محمد بن بلال البصري ، التمار . قال أبو داود : ما سمعت إلاَّ خيراً ، وذكره ابن حبان في الثقات ،وقال العقيلي ـ في "الضعفاء "4 / 37 ترجمة (1584) ـ : " بصري يهم في حديثه كثيراً " ،وقال ابن عدي ـ في "الكامل"6/134 ـ: "له غير ما ذكرت من الحديث ،وهو يغرب عن عمران القطان ،له عن غير عمران أحاديث غرائب ،وليس حديثه بالكثير ،وأرجو أنه لا بأس به " . وحديث الباب من روايته عن عمران ،فلعله مما أغرب به على عمران . وقد لخص الحافظ ابن حجر حاله بقوله في "التقريب" (5766) : "صدوق يغرب " . الوجه الثاني : أن في سنده عمران بن داوَر ، أبو العوام القطان ، كان يحيى القطان لا يحدث عنه ، وقد ذكره يوماً فأحسن الثناء عليه ـ ولعل ثناء عليه كان بسبب صلاحه وديانته ،جمعاً بين قوله وأقوال الأئمة الآتية ـ ،لكن قال أحمد ( أرجو أن يكون صالح الحديث ) ،وقال مرةً ( ليس بذاك ) ،وضعفه ابن معين ،وأبو داود ،والنسائي ،وقال الدار قطني : كثير الوهم والمخالفة ،وقد ذكره ابن حبان في الثقات . ينظر : "سؤالات الحاكم للدار قطني" (261 رقم 445 )،"تهذيب الكمال" 22 / 329 ،"الميزان " 3 / 236 ، "موسوعة أقوال الإمام أحمد في الرجال " 3 / 121 . وقال الحافظ ابن حجر ملخصاً أقوال من سبق : "صدوق يهم، ورمي برأي الخوارج" كما في "التقريب"(5150) . وعمران هذا روى الحديث عن قتادة ، ولم أقف له على متابع ،فهذا مظنة الضعف والغرابة . وذكر الإمام البرديجي كلاماً قوياً يبين فيه حكم الأحاديث التي يتفرد فيها أمثال هؤلاء الرواة عن الأئمة الحفاظ ،فيمكن أن ينظر : "شرح العلل " 2 / 654،697 ،لابن رجب، ونحوه عن الإمام مسلم في مقدمة صحيحه1/7 . وقتادة بلا ريب من كبار الحفاظ في زمانه ، روى عنه جمعٌ كبير من الأئمة ، كما قال الذهبي في "السير" 5/270 :"روى عنه أئمة الإسلام ، أيوب السختياني وابن أبي عروبة ، ومعمر بن راشد ، والأوزاعي، ومسعر بن كدام، وعمرو بن الحارث المصري وشعبة ،. . ." ثم ذكر جملة منهم فأين هؤلاء من هذا الحديث ؟ 3- حديث سلمان – رضي الله عنه - قال: خطبنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في آخر يومٍ من شعبان، فقال "أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ،شهر مبارك ،شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ،جعل الله صيامه فريضة ، وقيام ليله تطوعا ،من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ،وهو شهر الصبر ،والصبر ثوابه الجنة ، وشهر المواساة ،وشهر يزداد فيه رزق المؤمن ،من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه ،وعتق رقبته من النار ،وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء " . قالوا ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم ؟! فقال : "يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة ،أو شربة ماء ،أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة ،وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه غفر الله له وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال ، خصلتين ترضون بهما ربكم ،وخصلتين لا غنى بكم عنهما ،فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم : فشهادة أن لا إله إلا الله ، وتستغفرونه، وأما اللتان لا غنى بكم عنها : فتسألون الله الجنة ،وتعوذون به من النار، ومن أشبع فيه صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة " . أخرجه في صحيحه 3/191ح (1887) ، وهو حديث لا يصح ،فقد سئل أبو حاتم عنه –"العلل" لابنه 1/249 – فقال: "هذا حديث منكر"،وقال ابن خزيمة ـ في الموضع السابق ـ: "إن صح الخبر"، وقال ابن حجر في إتحاف المهرة 5/561: "ومداره على علي بن زيد، وهو ضعيف". وخلاصة تضعيف هؤلاء الأئمة لهذا الخبر تعود إلى أمرين : ـ ضعف علي بن زيد . ـ ومع ضعفه فقد تفرد به ،كما قال الحافظ ابن حجر . وبهاتين العلتين يتضح وجه استنكار أبي حاتم ـ رحمه الله ـ . وقد ذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن التهنئة بالعيد لا بأس بها، بل ذهب بعضهم إلى مشروعيتها، وفيها أربع روايات عن الإمام أحمد (رحمه الله)، ذكرها ابن مفلح (رحمه الله) في (الآداب الشرعية 3/219) وذكر أن ما روي عنه من أنها لا بأس بها هي أشهر الروايات عنه . وقال ابن قدامة في "المغني" 3/294 : "قال الإمام أحمد (رحمه الله) قوله : ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد: تقبّل الله منا ومنك ،وقال حرب: سئل أحمد عن قول الناس: تقبل الله منا ومنكم؟ قال: لا بأس، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة، قيل: وواثلة بن الأسقع؟، قال: نعم، قيل: فلا تكره أن يقال: (هذا يوم العيد)؟، قال: لا...." . فيقال: إذا كانت التهنئة بالعيد هذا حكمها، فإن جوازها في دخول شهر رمضان الذي هو موسمٌ من أعظم مواسم الطاعات، وتنـزل الرحمات، ومضاعفة الحسنات، والتجارة مع الله.. من باب أولى، والله أعلم . ومما يُستدَل به على جواز ذلك أيضاً : قصة كعب بن مالك – رضي الله عنه - الثابتة في الصحيحين من البشارة له ولصاحبه بتوبة الله عليهما، وقيام طلحة (رضي الله تعالى عنه) إليه. قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ ضمن سياقه لفوائد تلك القصة في "زاد المعاد" 3/585 : " وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية، والقيام إليه إذا أقبل، ومصافحته ،فهذه سنة مستحبة، وهو جائز لمن تجددت له نعمة دنيوية، وأن الأَوْلى أن يقال: يهنك بما أعطاك الله، وما منّ الله به عليك، ونحو هذا الكلام، فإن فيه تولية النعمة ربّها، والدعاء لمن نالها بالتهني بها " . ولا ريب أن بلوغ شهر رمضان وإدراكَه نعمةٌ دينية، فهي أولى وأحرى بأن يُهنّأ المسلم على بلوغها، كيف وقد أثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله عز وجل ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول؟، ونحن نرى العشرات ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر . وقال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ : " ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة، أو يندفع من نقمة : بمشروعية سجود الشكر، والتعزية ـ كذا في الموسوعة الفقهية التي نقلت عنها ـ ، وبما في الصحيحين عن كعب بن مالك ...) نقلاً عن الموسوعة الفقهية الكويتية، 14/99ـ100، وينظر : وصول الأماني، للسيوطي وقد بحثت عن كلام الحافظ في مظنته ولم اهتد إليه، وينظر : وصول الأماني، 1/83 (ضمن الحاوي للفتاوى). خلاصة المسألة: وبعد هذا العرض الموجز يظهر أن الأمر واسع في التهنئة بدخول الشهر، لا يُمنع منها، ولا ينكر على من تركها، والله أعلم . هذا، وقد سألت شيخنا الإمام عبد العزيز بن ابن باز ـ رحمه الله ـ عنها قال : "طيبة" ،وكذلك سألت شيخنا العلامة (محمد بن صالح العثيمين) رحمه الله عن التهنئة بدخول شهر رمضان، فقال: (طيبة جدّاً)، وذلك في يوم الأحد 8/9/1416هـ، حال بحثي في هذه المسألة . وقد سئل العلامة محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ (صاحب الأضواء) عن الصفة الشرعية للتهنئة برمضان والمناسبات الأخرى كالعيدين ؟ فأجاب رحمه الله بجواب مطول ،خلاصته : أنه لا يعلم صفة معينة في هذا الشأن إلا ما ورد في العيدين ـ كما سبق نقله ـ وأن الإنسان إذا اقتصر على الوارد كان أفضل ،لكن لو ابتدأه غيره فلا حرج أن يجيبه من باب رد التحية بخير منها ،فلو اتصل الإنسان على أخيه ،أو زاره وقال له : نسأل الله أن يجعل هذا الشهر عونا على طاعته ،أو يعيننا وإياكم على صيامه وقيامه ،فلا حرج إن شاء الله ،لأن الدعاء كله خير وبركة، لكن لا يلتزم بذلك لفظاً مخصوصاً، ولا تهنئة مخصوصة .نقلاً من شريط : ( آداب الاستئذان ) . أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا البحث ،وما كان فيه من صواب،فإن كان كذلك فمن الله وحده، وإن أخطأت فأنا أهلٌ لذلك ،وأستغفر الله وأتوب إليه ،وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين . كتب أصله في شهر شعبان عام 1417هـ ،وأعيدت كتابته وصياغته بإضافات كثيرة في 27/8/1422هـ صحة حديث نهي النبي الصائم عن الاكتحال السؤال: ما صحة حديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال : " ليتقه الصائم " ؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: الأحاديث الواردة في الأمر أو النهي عن الكحل في الصوم : ورد في هذا الباب عدة أحاديث منها ما رواه أبو داود ـ وغيره كما سأذكر ـ في 2/775 باب في الكحل عن النوم للصائم ح ( 2377 ) فقال : حدثنا النفيلي ، حدثنا علي بن ثابت ، حدثني عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة ،عن أبيه، عن جده ،عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال : " ليتقه الصائم " . قال أبو داود : قال لي يحيى بن معين : هو حديث منكر ، يعني حديث الكحل. تخريجه : *أخرجه أحمد 3/499 عن علي بن ثابت به بلفظ " أمر بالإثمد المروّح عند النوم " وجعله من مسند هوذة. *وأخرجه أحمد 3/476 عن أبي أحمد الزبيري (محمـد بن عبد الله بن الزبير) ، والدارمي 1/441 ( 1684 ) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " 7/398 ، والبيهقي 4/262 من طريق أحمد بن يوسف، ثلاثتهم (الدارمي، والبخاري، وأحمد بن يوسف) عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، كلاهما ( أبو أحمد الزبيري ،وأبو نعيم ) عن عبد الرحمن بن النعمان ،عن أبيه عن جده ولفظ الزبيري " اكتحلوا بالإثمد الروّح ، فإنه يجلو البصر وينبت الشعر " ولفظ أبي نعيم نحوه إلا أن فيه قصة معبد في مسح النبي - صلى الله عليه وسلم-رأسه . وفيه ـ أي حديث أبي نعيم ـ أن عبد الرحمن بن النعمان قال : حدثني أبي، عن جدي : فهذا صريح في أن الحديث من مسند معبد لا من مسند هوذة ، والله أعلم . الحكم عليه : في سند أبي داود عبد الرحمن بن النعمان متكلم فيه ، وأبوه النعمان مجهول،وقد حكى أبو داود عن ابن معين أنه منكر ،وكذا أنكره الإمام أحمد كما في مسائل أبي داود(298) . وقال الترمذي 3/105 في "الجامع" : "ولا يصح النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء" ، وقال ابن القيم عن هذا الحديث "زاد المعاد" 2/63 : " ولا يصح "، وكان قال قبل ذلك 2/60 : " ولا يصح عنه في الكحل شيء " ، وقال ابن حجر ـ عن حديث الباب ـ في تعجيل المنفعة 2/333 : " وهو حديث منكر " . وفي الباب عن أنس ،وعائشة ،وأبي رافع وغيرهم ،ونظراً لحكم هؤلاء الحفاظ على جميع أحاديث الباب بالنكارة ،فلا حاجة للإطالة في سردها ، وقد بحثت هذا الأحاديث الثلاثة ،فوجدت كلام الأئمة متفقاً مع حالها ،إذ هي من قبيل الضعاف والمناكير . بقي أن يقال : إن الاكتحال باقٍ على الأصل ،وهو إباحته للصائم ،لعدم الدليل المانع منه ،كما قال ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ في تبويبه لحديث أبي رافع المشار إليه آنفاً، حيث قال:"باب الرخصة في اكتحال الصائم إن صحّ الخبر، وإن لم يصح الخبر من جهة النقل ، فالقرآن دال على إباحته ، وهو قول الله عز وجل:"فالآن باشروهن" الآية، دال على إبـاحة الكحل للصائم.ا هـ، والله أعلم .
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: كتاب فتاوى رمضانية "كامل" الأحد 29 أغسطس 2010, 3:07 pm | |
| صحة حديث استياك النبي r وهو صائم السؤال: ما صحة حديث : " رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يستاك مالا أحصي وهو صائم "
المجيب عمر بن عبد الله المقبل الجواب: هذا الحديث رواه أبو داود – وغيره كما سيأتي ، فقال في (2/768) باب السواك للصائم ح(2364) : حدثنا محمد بن الصبّاح ، حدثنا شريك /ح/، وحدثنا مسدد ، حدثنا يحيى عن سفيان، عن عاصم بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه قال :" رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم – يستاك وهو صائم" ، زاد مسدد : "ما لا أعد ولا أحصي". تخريجــه : أخرجه (الترمذي 3/104) باب ما جاء في السواك للصائم ح(725) ، و(أحمد 3/248، 445،446) ، و(ابن أبي شيبة 2/295) ح (9148) و(الحميدي 1/77) ح (141) (ابن خزيمة 3/)248 ح(2007) ، و(البخاري ( تعليقاً ) 2/39) ، باب سواك الرطب واليابس للصائم ، عن عامر بن ربيعة – رضي الله عنه – بصيغة التمريض . الحكم عليه : إسناد الحديث ضعيف من أجل عاصم –كما سبق بيان حاله – ولذا قال أبو جعفر العقيلي في ( الضعفاء 3/334) – عقب إخراجه الحديث من طريق الثوري عن عاصم : " ولا يروى بغير هذا الإسناد ، إلا بإسناد لين " ا.هـ . وقال الدارقطني عقب إخراجه الحديث (2/162) ح(2344) "عاصم بن عبيد الله غيره أثبت منه " ا.هـ وقال – كما في (إتحاف المهرة لابن حجر 6/393) "عاصم ليس بقوي " ا.هـ وقد سـقط هذا الكلام من المطبوع . وقال (البيهقي 4/272) لما أخرجه من طريق عاصم : " عاصم ليس بالقوي " ، وفي موضع آخر قال عن عاصم 2/12 : " ضعيف " ، وقال في 10/24 : " روايات عاصم فيها ضعيف ". وأشار ابن عبد البر إلى تضعيفه بقوله في ( الاستذكار 10/254) : " وقد روي عنه .. " ا.هـ . وقال المنذري في ( اختصار سنن أبي داود 3/241) – عقب حكاية تحسين الترمذي – " وفي إسناده عاصم بن عبيد الله ، وقد تكلم فيه غير واحد " . وقال ابن حجر في ( التغليق 3/159) : وأما إمام أهل الصنعة محمد بن إسماعيل فعلق حديثه بصيغة التمريض للين فيه " ا.هـ ومع ذلك فقد حسن إسناده الحافظ في ( التلخيص 1/62) . وأما ابن خزيمة فقد قال عقب إخراجه له : " وأنا برئ من عهدة عاصم .. – ثم قال - :" كنت لا أخرج حديث عاصم بن عبيد الله في هذا الكتاب ، ثم نظرت فإذا شعبة والثوري قد رويا عنه ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ، وهما إماما أهل زمانهما قد رويا عن الثوري عنه ، وقد روى عنه مالك خبراً في غير الموطأ "ا.هـ . وبما سبق يعلم أن في تحسين الترمذي وابن حجر في ( التلخيص 1/62) له نظر ، والله أعلم ولم أقف على ما يشهد لما دل عليه حديث الباب من كثرة السواك للصائم إلا أنه جاء حديث عن عائشة مرفوعاً : " من خير خصال الصائم السواك " وهو حديث ضعيف ؛ لأنه من رواية مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن مسروق ، عن عائشة – رضي الله عنها – ومجالد ليس بالقوي ، وفي روايته عن الشعبي – خاصة – ضعف – كما نص عليه الإمام أحمد – رحمه الله – فينظر جملة كبيرة من أقوال الأئمة فيه في ترجمته عند العقيلي في ( الضعفاء 4/233) ولذا قال ابن حجر في ( التلخيص ) عن هذا الحديث (1/68) : " ضعيف " ولا تخلو أحاديث الباب – التي وقفت عليها – من ضعف وبعضها شديد الضعف . وبعد : فإن ضعف الأحاديث الواردة في الباب ، لا يعني عدم مشروعية السواك للصائم ، بل المشروعية ثابتة بالأحاديث العامة التي تدل على مشروعية السواك في كل وقت كحديث :" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " أخرجه البخاري ح(887) ومسلم ح(252). وقد حكى ابن القيم – رحمه الله – استحباب السواك في كل وقت عن أكثر العلماء ، كما في (تهذيب السنن 3/241). ولعل من المناسب هنا أن أشير إلى أشهر حديثين تمسك بهما – فيما أعلم – من كره السواك بعد الزوال :
الحديث الأول : حديث علي وخباب – رضي الله عنهما – الذي أخرجه (البزار 6/82-83 ) ح(2138،2137) والطبراني في (الكبير 4/78 ) ح(3696) ، والدارقطني في (السنن 2/204) والبيهقي في (الكبرى 4/274) من طريق كيسان أبي عمر القصار ، عن يزيد بن بلال، عن علي – رضي الله عنه - ، وثنا كيسان عن عمرو بن عبد الرحمن ، عن خباب – رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " إذا صمتم فاستكاوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي ؛ فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كان نوراً بين عينيه يوم القيامة " . هذا لفظ الطبراني ، وقال بعده : " لم يرفعه علي " أي: أنه موقوف على علي – رضي الله عنه – من قوله ، وهذا الحديث مداره – كما ترى – على كيسان أبي عمر القصار ، وقد ضعفه أحمد وابن معين والساجي وقال الدارقطني : "ليس بالقوي" ، كما في (تهذيب التهذيب 8/396).وقال الدارقطني – عقب إخراجه الحديث في سننه - : "كيسان أبو عمر ليس بالقوي ومن بينه وبين علي غير معروف "، ووافقه على ذلك الذهبي في تهذيبه للسنن الكبرى للبيهقي 4/1650 ح(7203)، وضعفه ابن حجر في ( التلخيص 1/62).
الحديث الثاني : حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أخرجه (الدارقطني 2/203) ، و(البيهقي 4/274) من طريق عمرو بن قيس ، عن عطاء عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : "لك السواك إلى العصر ، فإذا صليت العصر فألقه ،فإني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : " خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " ، وفي إسناده عمرو بن قيس ، قال عنه ابن حبان في ( المجروحين 2/85) يروي عن عطاء ، وكان فيه دعابة ، ويقلب الأسانيد ويروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات " ، ولذا قال الذهبي في تعليقه على سنن (البيهقي 4/1650-1651) ح (7204) : " عمرو واهٍ "
صحة حديث تبييت النية للصيام السؤال: ماصحة حديث "من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له". المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب: حديث من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له . أخرجه أبو داود وغيره ـ كما سيأتي ـ فقال في 2/823،باب النية في الصيام ح ( 2454 ) : حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا عبد الله بن وهب ، حدثني ابن لهيعة ،ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، عن ابن شهاب ،عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ،عن حفصة زوج النبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" . تخريجه : *أخرجه ابن خزيمة 3/212 ح ( 1933 ) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ،ويونس بن عبد الأعلى ، كلاهما عن عبد الله بن وهب به بنحوه . *وأخرجه أحمد 6/287 عن حسن بن موسى الأشيب ، والطحاوي في " شرح المعاني " 2/54 ، والطبراني في " الكبير "23/206ح (367) من طريق عبد الله بن يوسف ، كلاهما ( حسن ، وعبد الله ) عن ابن لهيعة به بنحوه ،إلاّ أن حسن بن موسى لم يذكر ابن عمر . *وأخرجه الترمذي 3/108 ، باب ما جاء " لا صيام لمن يعزم من الليل " ح ( 730 ) من طريق سعيد بن أبي مريم ، والنسائي 4/196 ، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة ( 2339 ) ، والدارمي 1/431 ح ( 1650 ) من طريق سعيد بن شرحبيل ، والنسائي ح ( 2332 ) من طريق شعيب بن الليث بن سعد ، كلاهما ( سعيد ، وشعيب ) عن الليث سعد ، والنسائي ح ( 2333 ) من طريق أشهب ، وابن حبان في " المجروحين " 2/46 ، والدارقطني 2/135 ح ( 2193 ) ، والبيهقي 4/203 من طريق عبد الله بن عباد المصري ،عن المفضل بن فضالة ، أربعتهم ( ابن أبي مريم ، والليث ، وأشهب ، والمفضل ) عن يحيى بن أيوب به بنحوه إلاّ أن سعيد بن شرحبيل أسقط ابن شهاب في حديثه ، وقال المفضل في حديثه : عن يحيى بن أيوب ، عن يحي بن سعيد الأنصاري ،عن عمرة ،عن عائشة ، وفي رواية أشهب قال : عن يحيى وآخر . *وأخرجه ابن أبي شيبة 2/292 ح ( 9111 ) ـ ومن طريقه ابن ماجه 1/542 باب ما جاء في فرض الصوم من الليل والخيار في الصوم ح ( 1700 ) ـ عن خالد بن مخلد القطواني ، عن إسحاق بن حازم ، عن عبد الله بن أبي بكر به بنحوه ، إلاّ أنه لم يذكر الزهري في حديثه . *وأخرجه مالك في " الموطأ " 1/288 ح ( 5 ) ، ومن طريقه النسائي 4/197 ح ( 2341 ) . والنسائي 4/197 ح ( 2337 ، 2338 ) من طريق ابن المبارك ، وعبد الرزاق 4/275 ح ( 7786 ) ـومن طريقه البخاري في " التاريخ الأوسط" 2/252 . كلاهما (ابن المبارك ، وعبد الرزاق ) عن معمر ، والنسائي 4/197 ح ( 2334 ) من طريق ابن جريج ، والنسائي 4/197 ح ( 2335 ) من طريق عبيد الله بن عمر ، والنسائي 4/197 ح ( 2338 ) من طريق ابن المبارك ، عن ابن عيينة ، والبخاري في " الأوسط " 2/253 من طريق عبد الرحمن بن إسحاق المدني، وعقيل سبعتهم ( مالك ، وابن جريج ، وعبد الله ، ومعمر ، وابن عيينة ، وعبد الرحمن ،وعقيل ) عن الزهري به بنحوه إلاّ أنهم جميعاً – سوى ابن جريج – جعلوه موقوفاً على حفصة ، ولم يذكر معمر – فيما رواه عنه عبد الرزاق – ابن عمر في حديثه ،وقال أي معمر ـ فيما رواه عنه ابن المبارك – وابن عيينة : عن ابن شهاب ، عن حمزة بن عبد الله ابن عمر ،عن أبيه عن حفصة قولها ، وزاد عقيل : وابن عمر ، وجعله مالك: عن الزهري عن حفصة وعائشة قولهما . *وأخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " 2/55 من طريق صالح بن أبي الأخضر ، والبخاري – معلقاً – في " التاريخ الأوسط " 2/253 عن عبد الرحمن بن نمر ، كلاهما (صالح، وابن نمر) عن سالم ،عن أبيه موقوفاً عليه . *ورواه مالك في " الموطأ " 1/288 ح ( 5 ) ، ومن طريقه النسائي 4/198 ح ( 2343 ) ، والنسائي 4/192 ح ( 2342 ) من طريق المعتمر بن سليمان ، وعبد الرزاق 4/275 ح ( 7787 ) ، كلاهما ( المعتمر ، وعبد الرزاق ) عن عبيد الله بن عمر ، وعبد الرزاق ح ( 7787 ) عن ابن جريج ، والطحاوي في " شرح المعاني " 2/55 من طريق موسى بن عقبة ، أربعتهم ( مالك ، وعبيد الله ، وابن جريج ، وموسى ) عن نافع ، عن ابن عمر قوله، إلاّ أن ابن جريج وعبيد الله بن عمر – فيما رواه عنه عبد الرزاق – جعلاه عن حفصة موقوفاً عليها . الحكم عليه : إسناد أبي داود متصل ورجاله ثقات ، سوى يحيى بن أيوب ، فإنه صدوق ، وابن لهيعة وهو مضعّف . وقد تبين من التخريج السابق أنه وقع اختلاف على عبد الله بن أبي بكر بن حزم في إسقاط ذكر الزهري من الإسناد ، والصواب مع من أثبته ، لأن اللذين أسقطاه هما : إسحاق بن حازم ، ويحيى بن أيوب – فيما رواه سعيد بن شرحبيل ، عن الليث بن سعد عنه – وكلاهما صدوق ، وقد خولفا : فأما إسحاق بن حازم فخلاصة حاله ما ذكره ابن حجر في التقريب ( 100 ) : " صدوق تكلم فيه للقدر " وقد خالف من هو أوثق منه ، وأما سعيد بن شرحبيل فهو " صدوق " أيضاً ، كما في التقريب ( 237 ) ، وقد خالفه شعيب بن الليث ، وابن وهب في روايتهما عن الليث ، وهما أوثق منه ، ولعلّ هــذا الاضطراب من قبل يحيى بن أيوب نفسه ، فقد سبق كلام الأئمة في حفظه ، حتى قال فيه الإمام أحمد : سيئ الحفظ . فالمحفوظ إذن في حديث عبد الله بن أبي بكر ، هو ذكر الزهري بينه وبين سالم ،فيبقى الاختلاف في رفع الحديث ووقفه . وقد ظهر من التخريج السابق أن عبد الله بن أبي بكر ، ومن تابعه عن الزهري – وهو ابن جريج – قد خولفا في رفع هذا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث رواه الأكثرون من أصحاب الزهري موقوفاً على حفصة ، وبعضهم يجعله موقوفاً على ابن عمر ، وبعضهم يجمع بينهما.. وهذا بيان رواياتهم ـ ملخصاً ـ : 1 – الزهري عن سالم عن ابن عمر عن حفصة موقوفاً عليها : وقد روى هذا الوجه عنه مالك ، وعبيد الله ، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني ، وعقيل ، ويونس ،ومعمر - فيما رواه عنه عبد الرزاق - ، إلاّ أنه – أي معمر – لم يذكر ( ابن عمر ) في حديثه ، وزاد عقيل : وابن عمر مع حفصة ، وجعله مالك : عن الزهري ، عن حفصة ،وعائشة قولهما .
2 – الزهري عن سالم عن ابن عمر قوله : وقد رواه عنه صالح بن أبي الأخضر ،وعبد الرحمن بن نمر ، ويونس ،وعقيل الأيليان. وقد تابع سالماً – فيما رواه الجماعة بجعله موقوفاً على ابن عمر أو حفصة – راويان آخران وهما : 1 – نافع ، وقد رواه عن ابن عمر موقوفاً عليه – فيما رواه عنه مالك وموسى بن عقبة ، وعبيد الله بن عمر – فيما رواه عنه المعتمر بن سليمان - ، ورواه نافع ، عن ابن عمر ، عن حفصة موقوفاً عليها ـ فيما رواه عنه ابن جريج وعبيد الله بن عمر ـ فيما رواه عنه عبد الرزاق ـ .
2 – حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن حفصة موقوفاً عليها : وقد رواه عنه سفيان بن عيينة ، ومعمر – فيما رواه عنه ابن المبارك – عن الزهري عنه - .
ولأجل تتابع هؤلاء الحفاظ من أصحاب الزهري على رواية هذا الوجه ، فقد نصّ جماعة من الأئمة على ترجيح الوجه الموقوف ومنهم :
1 – الإمام أحمد : حيث قال : " ماله عندي ذلك الإسناد ، إلا أنه عن ابن عمر وحفصة إسنادان جيدان " ا هـ . نقله عنه الميموني ، كما في شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية 1/183 ، وابن عبد الهادي في التنقيح 2/282 .
2 – البخاري : حيث قال في " التاريخ الأوسط " 2/253 : "غير المرفوع أصح " ا هـ . ونقل الترمذي عنه في " العلل الكبير " (118) ح ( 202 ) أنه خطأه – أي مرفوعاً – ثم قال : "وهو حديث فيه اضطراب ، والصحيح عن ابن عمر موقوف ،ويحيى بن أيوب صدوق " ا هـ .
3 – أبو حاتم الرازي : فقد نقل عنه ابنه في " العلل " 1/225 قوله : " وقد روي عن الزهري عن حمزة عن ابن عمر عن حفصة قولها ، وهذا عندي أشبه " ا هـ .
4 – النسائي : ففي " التحفة " للمزي 11/286 أنه قال : " الصواب عندنا موقوف ، ولم يصح رفعه – والله أعلم – لأن يحيى بن أيوب ليس بالقوي ، وحديث ابن جريج ،عن الزهري غير محفوظ " ا هـ .
5 – الترمذي 3/108 : " حديث حفصة [ غريب ] لا نعرفه مرفوعاً إلاّ من هذا الوجه ، وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله ، وهو أصح ، وهكذا أيضاً روي عن الزهري مرفوعاً ، ولا نعلم أحداً رفعه إلاّ يحيى بن أيوب … " ا هـ.
6 – الطحاوي في شرح المعاني 2/55 .
7 – الدارقطني كما في " العلل " [ 5/ق 166 ] حيث قال : " رفعه غير ثابت " ا هـ .
8 – ابن عبد البر ، كما نقله عنه العنيني في " عمدة القاري " 10/305 .
9 – ابن التركماني ، كما في " الجوهر النقي " 4/202 .
10 – المزي كما في التحفة 11/285 .
11 – ابن القيم ، كما يظهر من كلامه في تهذيب السنن 3/331.
12 – ابن عبد الهادي في " التنقيح " 2/280 .
13 – ابن كثير في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب ص (306) ح (247 ).
وقد خالف هؤلاء الأئمة آخرون فصححوه مرفوعاً ومنهم :
1 – ابن خزيمة ، - كما تقدم - . 2/3 - نقل الحافظ ابن حجر في الفتح 4/169 ح(1924 ) أن ابن حبان والحاكم صححاه ، ولم أجدهما في المطبوع من صحيحهما . 4 – البيهقي 4/202 حيث قال : " وهذا حديث قد اختلف على الزهري في إسناده ، وفي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وعبد الله بن أبي بكر أقام أسناده ورفعه ، وهو من الثقات الأثبات " ا هـ . ثم ساق طريق ابن جريج التي تابع فيها ابن أبي بكر على الرفع – وهذا – فيما يظهر ميل منه إلى ترجيح المرفوع . 5 – الخطّابي ، كما في " المعالم " 3/332 . 6 – ابن حزم في المحلى 6/161 . 7 – النووي في " المجموع " 6/289 . فهذا ما يتعلق بالاختلاف في رفعه ووقفه ، على أن في الحديث اختلافاً أوسع من هذا لكن ما ذكرته هو غالب الخلاف فيه ،وما لم اذكره فهو عائد إليه، والله أعلم .
وأما ما يتعلق بالاختلاف في إسناده على الزهري : فقد رواه الإمام مالك ،عن الزهري ،عن عائشة وحفصة قولهما – فلم يذكر سالماً – وما رواه عن نافع ،عن ابن عمر قوله ، وتابعه عليه عبيد الله بن عمر ـ كما تقدم ـ فهذان الوجهان كلاهما محفوظ عن الإمام مالك ، إلاّ أن رواية الزهري ،عن عائشة وحفصة منقطعة ، لأنه لم يدركهما رضي الله عنهما ، ولذا قال النسائي – كما في التحفة 11/285 ـ :" أرسله مالك بن أنس ". وأما الطريق التي رواها عبد الله بن عباد المصري عن الفضل بن فضالة ،عن يحيى بن أيوب ،عن يحيى بن سعيد الأنصاري ،عن عمرة ،عن عائشة مرفوعاً " من لم يبيت … " فلا تصلح شاهداً للوجه المرفوع، لأن هذا الإسناد مقلوب – كما قال ابن حبان – والصواب فيه :عن يحيى بن أيوب ،عن عبد الله بن أبي بكر ،عن الزهري ،عن سالم ،عن أبيه ،عن حفصة ،وآفة هذا الإسناد ،هو عبد الله بن عباد المصري ، قال عنه ابن حبان في " المجروحين " 2/46 :"شيخ يقلب الأخبار ،روى عن المفضل بن فضالة …ثم ساق الحديث السابق– ثم قال :روى عنه روح بن الفرج ،أبو الزنباع نسخة موضوعة ".ا هـ. وحديث عائشة هذا من رواية روح عنه،وهو على ضعفه،فقد تفرد به كما قال الدارقطني .
وقد جاء حديث آخر من حديث ميمونة بنت سعد مرفوعاً بنحو حديث الباب أخرجه الدارقطني 2/136 ح ( 2197 ) لكنه من رواية الواقدي ، وهو متروك، ينظر نصب الراية 4/435 .
والخلاصة مما تقدم ما يلي : 1 – أن الصواب عن عبد الله بن أبي بكر ، هو إثبات الزهري بينه وبين سالم . 2 – أن الحديث اختلف في رفعه ووقفه على الزهري ، وأن الراجح وقفه ، لأن المتقنين لحديث الزهري والعارفين به ، رووه موقوفاً ، وهم أيضاً أكثر من الذين رفعوه ،وأن حذاق الأئمة – كما قال ابن عبد الهادي في التنقيح 2/280 – من المتقدمين على ترجيح الموقوف ، إما على ابن عمر ،أو على حفصة رضي الله عنهم ، وسند الموقوف صحيح . 3 – أن ما روي مرفوعاً في هذا الباب ،عن عائشة أو ميمونة بنت سعد ، فإنه لا يصح ، والله أعلم .
صحة حديث " ليس من البر الصيام في السفر" السؤال: ما صحة حديث : " ليس من البر الصيام في السفر" ؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب: حديث " ليس من البر الصيام في السفر" رواه عن النبي –صلى الله عليه وسلم- عدة من الصحابة- رضي الله عنهم- ،وسأكتفي هنا ببعض ما ثبت من ذلك، ومنه حديث جابر بن عبدالله – رضي الله عنه- قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في سفر فرأى زحاما، ورجلاً قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال: " ليس من البر الصيام في السفر ". أخرجه (البخاري 2/44) ، باب قول النبي – صلى الله عليه وسلم- لمن ظلل عليه واشتد الحر: " ليس من البر..." (1946)، و(مسلم 2/786) ح(1115)، و(أبوداود 2/766)، باب اختيار الفطر (2407)، و(النسائي 4/177) ح(2262)، وفي (الكبرى 2/100) ح(2570)، و(أحمد 3/299، 317، 319، 399)، و(الدارمي 1/434) ح(1661) من طرق جابر –رضي الله عنه- .
صحة حديث "من أفطر يوماً من رمضان..." السؤال: ما صحة حديث : "من أفطر يوماً من رمضان لم يجزه صيام الدهر ،وإن صامه " ؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب: هذا حديث رواه أبو داود ـ وغيره كما سأبين ـ في 2/788 ، باب التغليظ فيمن أفطر عمداً ، ح ( 2396 ، 2397 ) حدثنا سلميان بن حرب ، قال : حدثنا شعبة / ح / وحدثنا محمد بن كثير ، قال : أخبرنا شعبة ،عن حبيب بن أبي ثابت ،عن عمارة بن عمير ،عن ابن مطوس ،عن أبيه ـ قال ابن كثير : عن أبي المطوس عن أبيه ـ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " من أفطر يوماً من رمضان في غير رخصة رخصها الله له ، لم يقض عنه صيام الدهر "حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، حدثني حبيب ، عن عمارة ، عن ابن المطوس ، قال : فلقيت ابن المطوّس ، فحدثني ،عن أبيه ،عن أبي هريرة قال : النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل حديث ابن كثير وسليمان . قال أبو داود : واختلف على سفيان وشعبة عنهما : ابن المطوّس ، وأبو المطوّس . تخريجه : *أخرجه النسائي في : الكبرى " 2/245 ح ( 3282 ) وأحمد 2/380 ، وابن خزيمة 3/238 ح ( 1987 ) من طريق محمد بن جعفر المعروف بغندر ، وأبو داود الطيالسي في مسنده ص (331 ) ـ ومن طريقه : النسائي في " الكبرى " 2/245 ح ( 3283 ) ، وابن خزيمة 3/238 ح ( 1988 ) ـ،والنسائي في " الكبرى " 2/245 ح ( 3282 ) من طريق ابن علية ، وأحمد 2/386،وفي 2/458 عن بهز بن أسد، على أنه قرنه في الموضع الثاني بغندر ، والدارمي 1/436ح(1667) عن أبي الوليد الطيالسي (هشام بن عبد الملك)، وابن خزيمة 2/238 ح ( 1987 ) من طريق خالد بن الحارث،وابن أبي عدي ، والطحاوي في " شرح المشكل " 4/179 من طريق سعيد بن عامر ، ثمانيتهم (غندر ،وأبو داود ،وابن علية ،وبهز ،وأبو الوليد ،وخالد ،وابن أبي عدي ،وسعيد بن عامر) عن شعبة به بنحوه ، إلاّ أن بعضهم قال :عن ابن المطوس ،وبعضـهم قال: عن أبي المطوس ، وفي حديث أبي داود الطيالسي قال حبيب : وقد رأيت أبا المطوس ،وفي حديث سعيد بن عامر،لم يذكر عمارة بن عمير بين حبيب وأبي المطوس . *وأخرجه الترمذي 3/101 ، باب ما جاء في الإفطار عمداً ح ( 723 ) ، والنسائي في " الكبرى " 2/245 ح ( 3279 ) ، كلاهما عن محمد بن بشار ( بندار ) ، وأحمد 2/470 ـ ومن طريقه أبو داود 2/788 ح ( 2397 ) ـ كلاهما (بندار ، وأحمد ) عن ابن مهدي ، ويحيى القطان ، إلا أن أبا داود لم يخرج حديث ابن مهدي . والنسائي في " الكبرى " 2/244 ، ح ( 3278 ) ، وأحمد 2/470 ، من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين ، والنسائي 2/245 ح ( 3280 ) من طريق عبد الرزاق [ وهوفي مصنفه 4/198 ح ( 7474 ) ]،وأبي داود الطيالسي ، وابن أبي شيبة 2/348 ح ( 9783 ) ـ وعنه ابن ماجه 1/535 ، باب ماجاء في كفارة من أفطر يوماً من رمضان ح ( 1672 ) ـ ، وابن ماجه 1/535 ح ( 1672 ) عن علي بن محمد ، وأحمد 2/442 ، ثلاثتهم ( ابن أبي شيبة ، وعلي ، وأحمد ) عن وكيع ، وأحمد 2/470 عن يزيد بن هارون ،والدارمي 1/435 ح ( 1666 ) عن محمد بن يوسف الفريابي ، ثمانيتهم ( ابن مهدي ، والقطان ، ابو نعيم ، وعبد الرزاق ، والطيالسي ، و وكيع ،ويزيد ،والفريابي ) عن سفيان الثوري ،عن حبيب بن أبي ثابت به بنحوه ، إلاّ أن وكيعاً ، ويزيد بن هارون ،وعبد الرزاق ، وأبا داود الطيالسي ، وابن مهدي ،والقطان – فيما رواه عنهما بندار – كلهم لم يذكروا عمارة بن عمير بين حبيب ، وأبي المطوس ،وبعضهم قال : أبو المطوّس ، وبعضهم قال : ابن المطوّس . *وعلقه البخاري 2/40 باب إذا جامع في رمضان ،وقال : ويُذكر عن أبي هريرة رفعه…فذكر نحوه . *وأخرجه النسائي في " الكبرى ، 2/246 ح ( 3284 ) عن هلال بن العلاء،عن أبيه ،عن عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن زيد بن أبي أنيسة ،عن حبيب بن أبي ثابت، عن علي ابن الحسين ، عن أبي هريرة : أن رجلاً أفطر في شهر رمضان ،فأتى أبا هريرة فقال: لا يقبل منه صوم سنة . *وأخرجه النسائي في " الكبرى " 2/246 ( ) ح ( 3285 ) من طريق شريك عن العلاء بن عبد الرحمن ،عن أبيه ،عن أبي هريرة موقوفاً بلفظ :" من أفطر يوما من رمضان لم يقضه يوم من أيام الدنيا " . الحكم عليه : إسناد أبي داود رجاله ثقات ، سوى ابن المطوّس ، أو أبو المطوس : هو يزيد ، وقيل عبدالله بن المطوس وثقه ابن معين ، وقال أحمد : لا أعرفه ، ولا أعرف حديثه عن غيره ،وقال البخاري : لا أعرف له غير حديث الصيام ، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا ؟ ،وقال ابن حبان : يروي عن أبيه مالا يتابع عليه ، لا يجوز الاحتجاج بأفراده ،علق ابن حجر – معلقاً على كلام ابن حبان -:"وإذا لم يكن له إلاّ هذا الحديث فلا معنى لهذا الكلام ". قال الذهبي : "وثق" ،وفي "الميزان" : "لا يعرف لا هو ولا أبوه" ،و قال ابن حجر: "لين لحديث " . ينظر : الميزان 4/574 ، الكاشف 1/461 ، تهذيب التهذيب 12/214 ، التقريب / 674 . وأما أبوه فمجهول ،ينظر : الميزان 4/574 ، التقريب / 535 . وقد ضعّف حديث الباب جماعة ومنهم : 1 – ابن خزيمة في " صحيحه " ، حيث قال : " إن صح الخبر ، فإني لا أعرف ابن المطوّس ولا أباه " ، وبه يتبين أن نسبة ابن خزيمة إلى تصحيح هذا الخبر فيه نظر ، كما فعل العيني في " العمدة " 11/23 . 2 – البيهقي ،حيث قال في "المعرفة" 6/268 :"ولم يثبت في الكفارة بالفطر بغير الجماع حديث"اهـ. 3 – ابن عبد البر في " التمهيد " 7/173 ، حيث قال : " وهو حديث ضعيف لا يحتج به " اهـ . وقد أعل الخبر بعدة علل غير ما تقدم، وهي كما يلي: 1 – الشك في سماع المطوّس من أبي هريرة ، كما قاله البخاري ، وقد نقلت كلامه قريباً . 2 – التفرد بالحديث من أبي المطوس ،كما ذكر ذلك كلٌ من الإمام أحمد – فيما نقله العيني في " العمدة " 11/23 – ،وكذلك أعله بالتفرد الإمام البخاري – فيما نقله أبو عيسى الترمذي في " العلل الكبير "ص (116)ح (199) – وكذلك أعله بالتفرد أبو علي الطوسي ، نقله عنه العيني أيضاً ، وكذلك أعله الذهبي بالتفرد كما في ( الميزان 4/574) 3 – الانقطاع بين حبيب و أبي المطوس ، وأنه رآه فقط ولم يسمعه ، كما ذكر الإمام شعبة – فيما نقله الدارقطني في العلل 8/267 ـ . وأجيب عن هذه العلة بأن حبيباً صرّح بالتحديث عند الإمام أحمد في المسند 2/470. 4 – الاختلاف الكثير في إسناده ، كما أعله بذلك جماعة ومنهم : أ-الإمام أحمد كما يفهم من رواية مهنا الذي سأل الإمام أحمد عن هذا الحديث ؟ فذكر الاختلاف في سنده ، ثم قال : لا أعرف المطوس … ، كما في " العمدة " للعيني 11/23 . ب- ابن حجر في " الفتح " 4/191 ح ( 1935 ) .وأجيب أن الاختلاف قد وقع في إسناده إلاّ أن الأوجه ليست متكافئة فقد رجح الإمام أبو حاتم الرازي – كما في العلل لابنه 1/245 – طريق الثوري عن حبيب ،وكذا الدارقطني في " العلل " 8/269 ، حيث قال : " وأضبطهم للإسناد يحيى القطان ومن تابعه عن الثوري " ا هـ . إلاّ أنه ومع ذلك ، فكون الإسناد متحد المخرج ، على جهالة في راوايه ، ويقع فيه هذاالاضطراب ، فإن هذا مما يزيد القدح في الخبر ، والله أعلم . 5-أنه روي موقوفاً على أبي هريرة رضي الله عنه ، كما تقدم في التخريج . وأجيب بأن هذه العلة غير قادحة لأن الوجه الموقوف – الذي سبق تخريجه عن النسائي – لا يثبت ، وبيان ذلك كما يلي : أما الوجه الذي رواه النسائي عن هلال بن العلاء، عن أبيه، عن عبيد الله بن عمرو الرقي ،عن زيد بن أبي أنيسة ،عن حبيب ،عن علي بن الحسين ، عن أي هريرة ، فقد أعله أبو حاتم الرازي – كما في العلل لابنه 1/254 – بقوله : " إنما هو حبيب ،عن عمارة بن عمير ، عن أبي المطوس ، عن أبي هريرة عن النبي-صلى الله عليه وسلم… فذكره ". وكلامه رحمه الله فيه إعلال لهذا الوجه من وجهين : الأول : تدليس حبيب . الثاني : أن المحفوظ عن حبيب إنما هو رواية الجماعة ـ يعني حديث سفيان ،وشعبة ـ . ويمكن أن يعلّ هذا الوجه أيضاً بعلة ثالثة وهي : أن فيه العلاء بن هلال ، قال عنه أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث ، عنده عن يزيد بن زريع أحاديث موضوعة . وقال النسائي : هلال بن العلاء بن هلال ، روى عن أبيه غير حديث منكر ، فلا أدري منه أتى ، أو من أبيه كما في تهذيب الكمال 22/545 ، وعليه فلعل الخطأ في هذا الإسناد من العلاء ، والله أعلم . أما الوجه الثاني ،وهو الذي رواه شريك ،عن العلاء بن عبد الرحمن ،عن أبيه ، عن أبي هريرة ، ففيه تفرد شريك ومن بعده – حسب ما وقفت عليه – ومع ذلك ، فهو أقوى إسناداً من الإسناد المرفوع . وكلمة البيهقي المتقدمة وهي أنه لا يثبت في الكفارة بالفطر غير الجماع حديث ،تدل على أنه لا حاجة لجمع الشواهد المرفوعة ، وقد ذكر جملة منها ، العيني في " عمدة القاري " 11/23 ، وقد تكلم عليها ، وكلها من رواية المجاهيل والمتروكين والضعفاء .
صحة حديث " إذا سمع أحدكم النـداء ، والإناء على يده ..." السؤال: ما صحة حديث " إذا سمع أحدكم النـداء ، والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته مـنه "؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب: رواه أبو داود ـ وغيره كما سيأتي ـ في 2/761 ، باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده ح (2350) فقال :حدثنا عبد الأعلى بن حماد ،حدثنا حماد ،عن محمد بن عمرو،عن أبي سلمة عن أبي هريرة – رضي الله عنه - 61556; قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- 61541; : "إذا سمع أحدكم النـداء،والإناء على يده،فلا يضعه حتى يقضي حاجته مـنه " . تخريجه : *أخرجه الدارقطني 2/128 ح ( 2162 ) من طريق أبي داود . *وأخرجه الحاكم 1/426 من طريق الحسن بن سفيان ،عن عبد الأعلى بن حماد به بلفظه. *وأخرجه أحمد 2/510 ،وفي 4/423 ، والحاكم 1/203،205 من طرق عن حماد بن سلمة به بلفظه . *وأخرجه أحمد 2/510 ، وابن جرير 2/175 عن أحمد بن إسحاق الأهوازي ، والبيهقي 4/218 من طريق أحمد بن عبيد الله النرسي ، ومحمد بن أحمد الرياحي ، ( أحمد ، والأهوازي ، والنرسي ، والرياحي ) عن روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظه ، لكن زاد أحـمد ، والأهوازي، والرياحي في حديثهم:"وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر". *وعلقه ابن حزم في المحلى 6/233 عن حماد بن سلمة ،عن حميد ، عن أبي رافع أو غيره ، عن أبي هريرة موقوفاً بلفظ :" أنه سمع النداء ، والإناء على يده ، فقال : أحرزتها ورب الكعبة " . *وأخرجه أحمد 2/423 عن غسان بن الربيع البصري ،عن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد ، عن الحسن مرسلاً بلفظه . الحكم عليه : إسناد أبي داود متصل ورجاله ثقات، سوى محمد بن عمرو، فإنه صدوق له أوهام . وحديث الباب صححه الحاكم ، وجوّد إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة 1/52 . وقال أبو حاتم الرازي – كما في العلل لابنه 1/123-124 ، 256-257 عن طريق حماد عن محمد بن عمرو : " ليس بصحيح " ، ولم يبين أبو حاتم سبب ذلك ، وهناك أسباب يمكن أن يعزى إليها عدم تصحيحه للحديث وهي: 1 – تفرد حماد عن محمد بن عمرو بن علقمة بالحديث . 2 – رواية الحديث عن حماد على أوجه مختلفة وهي أربعة – كما تقدم في التخريج . 3 – خطأ حماد في الإسناد الآخر ، وهو روايته عن عمار بن أبي عمار ، قال أبو حاتم : " أما حديث عمار فعن أبي هريرة موقوف ، وعمار ثقة " ا هـ . فهذه إشارة من أبي حاتم إلى وهم حماد في رفعه – والله أعلم – ويؤيد هذا أن حماداً قد اختلف عليه – كما تقدم – فكأنه لم يضبط هذا الحديث . وأما قول شعبة : كان حماد يفيدني عن عمار بن أبي عمار ، وقول ابن المديني : هو أعلم الناس بثابت ، وعمار بن أبي عمار – كما في السير 7/445،446 – فلا ينافى ما ذهب إليه أبو حاتم من تعليل الوجه المرفوع ، إذ يحمل ثناء شعبة وابن المديني عليه على العموم ، وكلام أبي حاتم مستثنى من هذا العموم ليتم الجمع بين أقوال الأئمة ما دام ذلك ممكناً . هذا، وقد جاء معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة ومنهم:
1 – جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : أخرجه أحمد 3/348 من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير قال : سألت جابراً عن الرجل يريد الصيام ، والإناء على يده ليشرب منه ، فيسمع النداء ؟ قال جابر : كنا نتحدث أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : ليشرب " . وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن الهيعة ، وقد تقدم الكلام عليه مراراً، ولم أقف على من تابعه .
2 – بلال بن رباح رضي الله عنه : أخرجه أحمد 6/12 وغيره من طريق أبي إسحاق السبيعي ، عن عبد الله بن معقل المزني ، وفي 6/13 من طريق شداد مولى عياض بن عامر ، كلاهما ( عبد الله ، وشداد ) عن بلال ـ رضي الله عنه – " أنه جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- يؤذنه بالصلاة ، فوجده يتسحر في مسجد بيته " هذا لفظ حديث شداد . وإسنادا الإمام أحمد فيهما ضعف ، أما الطريق الأول ، ففيه عنعنة أبي إسحاق وهو مدلس ، ولم أقف له على طريق صرّح بالسماع ، وأيضاً فلم أقف على ما يبين إداراك عبد الله بن معقل لبلال . وأما الطريق الثاني فهو منقطع ، لأن شداداً لم يدرك بلالاً،كما قال أبو داود وغيره ،وهو أيضاً لا يعرف ، كما نقله ابن حجر عن الذهبي في تهذيب التهذيب 4/291 . ولذا قال الحافظ في التقريب /264 : " مقبول ، يرسل " . وقصة بلال هذه جاءت من مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، حيث قال : كان علقمة بن علاثة عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فجاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: " رويداً يا بلال ، يتسحر علقمة ، وهو يتسحر برأس " . أخرجه الطيالسي ص (258) ،والطبراني في " الكبير " كما في المجمع 3/153- وفي سنده قيس بن الربيع ،قال عنه الحافظ في التقريب(457):"صدوق تغير لما كبر ، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به " .
3 – أنس بن مالك -رضي الله عنه- : أخرجه البزار 1/467 ح ( 983 ) كشف – من طريق مطيع بن راشد،عن توبة العنبري أنه سمع أنس به مالك يقول ، قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: " انظر مَنْ في المسجد فادعه، فدخلت ـ يعني المسجد – فإذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فدعوتهما ، فأتيته بشيء فوضعـته بين يديه، فأكل وأكلوا ، ثم خرجوا، فصلّى بهم رسـول الله –صلى الله عليه وسلم- صلاة الغداة " . قال البزار : " لا نعلم أسند توبة عن أنس إلاّ هذا وحديثاً آخر ، ولا رواهما عنه إلاّ مطيع " ا هـ . ومطيع بن راشد لا يعرف ، كما قال الذهبي في الميزان 4/130 ، وفي التقريب (535)" مقبول " ، وهو على ضعفه تفرد به عن توبة العنبري . 4 – أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه : أخرجه ابن جرير 2/175 من طريق الحسين بن واقد، عن أبي غالب، عن أبي أمامة قال : أقيمت الصلاة والإناء في يد عمر ،قال : أشربها يا رسول الله ؟ قال : نعم ، فشربها ". وفي إسناده الحسين بن واقد ، وقد ترجمته في الحديث الأول ، وأن الإمام أحمد قد استنكر بعض حديثه ، وهو ممن يدلس كما وصفه بذلك الدارقطني والخليلي ، وقد عنعن في هذا الإسناد . و أبو غالب صاحب أبي أمامة، ضعّفه ابن سعد، وأبو حاتم، والنسائي، وابن حبان، ووثقه الدارقطني ، وقال ابن معين : صالح الحديث كما في تهذيب الكمال 34/170،وقد لخص ابن حجر هذه الأقوال بقوله في التقريب(664) : " صدوق يخطيء " . وفي الباب آثار عن جماعة من الصحابة ،ذكر جملة منها ابن أبي شيببة في المصنف 2/276 – 278، وابن حزم في المحلى : 6/232 – 233 ، وابن حجر في فتح الباري 4/161 ح ( 1917 ) ، 4/162 ح (1918)، والله أعلم.
|
|
| |
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: رد: كتاب فتاوى رمضانية "كامل" الأحد 29 أغسطس 2010, 6:03 pm | |
| صحة حديث " نعم سحور المؤمن التمر" السؤال: ما صحة حديث : " نعم سحور المؤمن التمر" ؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب: حديث " نعم سحور المؤمن التمر" أخرجه أبو داود ـ كما سيأتي ـ في (2/758) ،باب من سمى السحور الغداء ، ح ( 2345 ) : من طريق محمد بن موسى، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : " نعم سحور المؤمن التمر " . ومدار الحديث على محمد بن موسى الفطري ،وثّقه أحمد بن صالح المصري ، والترمذي ، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال البخاري : "لا بأس به مقارب الحديث" ، وقال أبو حاتم : "صدوق صالح الحديث، كان يتشيع" ، وقال الطحاوي : محمود في روايته ،وقد لخص الحافظ هذه الأقوال بقوله " صدوق ، رمي بالتشيع " . ينظر : (علل الترمذي الكبير 32 ) ح(17) ، (تهذيب الكمال 26/523) ، (تهذيب التهذيب 9/413) ، (التقريب / 509) . تخريجــه : *أخرجه (ابن حبان 8/253) ح ( 3475 ) ،و(البيهقي 4/236) من طرق عن محمد بن موسى به بلفظه . الحكم عليه : سنده حسن -إن شاء الله- ،لما في محمد بن موسى الفطري ،والحديث صـححه ابن حبان .والله أعلم . وفي الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- ، ومنها : 1 – جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ : أخرجه (البزار 1/465) ح ( 978 ) - كشف - ، وابن عدي في ( الكامل 3/229) ، وأبو نعيم في (الحلية 3/350) ، من طريق زمعة بن صالح ،عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعاً بنحوه . وقال البزار : "لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد" ، وقال أبو نعيم : "غريب من حديث عمرو ، تفرد به عنه زمعة" .ا هـ . وزمعة بن صالح هذا : " ضعيف ، وحديثه عند مسلم مقرون " كما في (التقريب 217). 2 – عقبة بن عامر –رضي الله عنه- : أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أخذ حفنة من تمر ، فقال : " نعم سحورٌ للمسلم " . أخرجه الطبراني في ( الكبير 17/282) ح ( 778 ) وفيه ابن لهيعة ، وهو ضعيف بسبـب سوء حفظه . 3 – السائب بن يزيد –رضي الله عنه- : أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : " نعم السحور التمر "، وقال : "يرحم الله المتسحرين " . أخرجه (الطبراني 7/159) ح ( 6689 ) ، وقال الهيثمي في (المجمع 3/151): " وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي ،وهو ضعيف" . ا هـ . وفيه خالد بن يزيد العمري ، كذبه ابن معين،وأبو حاتم ،كما في (الجرح والتعديل 3/360)، وعليه فلا يصلح هذا شاهداً لحديث الباب. والله أعلم.
صحة حديث "من فطّر صائماً كان له مثل أجره" السؤال: ما صحة حديث :" من فطر صائماً كان له مثل أجره". المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب: هذا الحديث خرّجه الإمام أبو عيسى الترمذي وغيره -كما سيأتي- فقال في كتاب الصوم (3/171) باب ما جاء في فضل من فطَّر صائمـاً ح(807): حدثنا هناد، حدثنا عبدالرحيم، عن عبدالملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن زيد بن خالد الجهني، قال : قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : " من فطَّر صائماً،كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً ". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. عطاء بن أبي رباح "ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال"، (التقريب391). تخريجه: *أخرجه النسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3331) ،و(ابن ماجة 1/555) باب في ثواب من فطر صائماً ح(1746)،وفي (2/922) باب من جهز غازياً ح(2759)، و(أحمد 4/114،116) ،وفي (5/152) ،و(الدارمي 1/432) ح(1654) ، و(ابن خزيمة 3/277) ح(2064)،و(ابن حبان 8/216) ح(3429) ،من طرق عبد الملك بن أبي سليمان به بنحوه ،وفي حديث بعضهم زيادة في آخره، وهي: " ومن جهز غازياً فله مثل أجره من غير..." واقتصر بعضهم على قوله: " ومن جهز غازياً"... الحديث . *وأخرجه (الترمذي 4/145) باب ما جاء في فضل من جهز غازياً ح(1629) ،والنسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3330) ، و(ابن ماجة 1/555) باب في ثواب من فطر صائماً ح(1746) ،و(ابن خزيمة 3/277) ح(2064) ، من طرق عن محمد بن عبدالرحمن ابن أبي ليلى، و(ابن ماجة 1/555) ح(1746)، من طريق حجاج بن أرطاة، والطبراني في ( الكبير 5/257) ح(5275) من طريق سعيد بن حفص النفيلي عن معقل ابن عبيدالله، ثلاثتهم (ابن أبي ليلى،وحجاج، ومعقل) عن عطاء بن أبي رباح به بنحوه إلاَّ أن بعضهم اقتصر على فضل التجهيز ،وفي حديث معقل زاد مع عطاء، عكرمة وهو ابن خالد المخزومي. الحكم عليه : إسناد الترمذي رجاله ثقات، وقد صححه الترمذي ،وابن خزيمة ،وابن حبان ،إلا أن في الإسناد انقطاعاً ،فإن عطاءً لم يسمع من زيد بن خالد كما نصَّ عليه ابن المديني في (العلل) له (66/ رقم 88) ،ولعلَّ هذا هو السبب في عدم إخراج الشيخين لحديث " من جهز غازياً " من طريق عطاء ابن أبي رباح ، مع إخراجهما له من حديث زيد، لكن من غير طريق عطاء . وأما الطريق التي فيها قرن عكرمة بن خالد المخزومي مع عطاء، فإنها من رواية سعيد بن حفص النفيلي، وهو صدوق تغير في آخر عمره، كما في (التقريب 234)، ولم أقف على من تابعه ولا من تابع شيخه على هذا،وأيضاً هو منقطع بين عكرمة بن خالد وزيد بن خالد، فلم يصرح بالتحديث، ولم يذكر زيد بن خالد الجهني في شيوخ عكرمة ،ولم يذكر عكرمة في تلاميذ زيد بن خالد كما في (تهذيب الكمال 10/64، 20/249). وعليه فلا يحكم لهذا السند بالاتصال والصحة، لعدم ثبوت السماع بين التلميذ وشيخه. والله أعلم.
هذا وقد جاء معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، ومنهم: 1- سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:" من فطر صائماً في رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ". أخرجه (ابن خزيمة 3/191، 192) ح(1887)، والطبراني في (الكبير 6/261) ح(6161)، واللفظ له، وابن حبان في (المجروحين 1/247) من طرق عن علي بن زيد بن جدعان ،عن ابن المسيب ،عن سلمان -رضي الله عنه- به، ولفظ ابن خزيمة :" من فطر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء... " ، وهو عند ابن خزيمة مطول . وقد سئل أبو حاتم عنه –(العلل) لابنه (1/249) – فقال: "هذا حديث منكر"،وقال ابن خزيمة: "إن صح الخبر"، وقال ابن حجر في (إتحاف المهرة 5/561): "ومداره على علي بن زيد، وهو ضعيف". وخلاصة تضعيف هؤلاء الأئمة لهذا الخبر تعود إلى أمرين: تفرد علي بن زيد به ،ومع تفرده فهو ضعيف، كما قال الحافظ ابن حجر . 2- حديث عائشة –رضي الله عنهما- قالت: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: " من فطر صائماً كان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجره شيء ". أخرجه الطبراني في (الأوسط 8/255) ح(8438) من طريق الحكم بن عبدالله الأيلي ،عن الزهري ،عن سعيد بن المسيب ،عن عائشة به. وفيه الحكم الأيلي، قال عنه أحمد: أحاديثه كلها موضوعة، وكذَّبه أبو حاتم والجوزجاني ،نقل ذلك كله الذهبي في (الميزان 1/572) . وقد روي موقوفاً عليها عند النسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3332) من طريق عطاء عنها بلفظ : "من فطر صائماً كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئاً". لكن قال الإمام أحمد – فيما رواه الأثرم –: "ورواية عطاء عن عائشة لا يحتج بها إلاَّ أن يقول : سمعت" وهنا لم يصرح بما يفيد السماع، وعليه ففي الإسناد علَّة، وهي: احتمال تدليس عطاء، والله أعلم . 3- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره، ومن فطر صائماً فله مثل أجره، ومن دلَّ على خير كان له مثل أجر فاعله ". أخرجه الطبراني في (الأوسط 6/127) ح(5818) من طريق علي بن بهرام، عن عبدالملك بن أبي كريمة ، عن ابن جريج ،عن عطاء ،عن أبي هريرة به. قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلاَّ عبدالملك بن أبي كريمة، تفرد به علي بهرام" . وفيه عنعنة ابن جريج فإنه كثير التدليس عن الضعفاء والمجهولين – كما ذكر ذلك الدارقطني، كما في (تهذيب التهذيب 6/355) –، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في (التعريف) في المرتبة الثالثة (141) . وفي الإسناد: علي بن يزيد بن بهرام ،لم أظفر له بترجمة، وقد قال الهيثمي في (المجمع 3/282): "فيه علي بن يزيد بن بهرام، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات". 4- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" من فطر صائماً فله مثل أجره ". أخرجه الطبراني في ( الكبير 11/187) ح(11449) من طريق الحسن بن رشيد عن ابن جريج ،عن عطاء ، عن ابن عباس به. وفي إسناده الحسن بن رشيد، قال الذهبي في (الميزان 1/490): "فيه لين"، وقال أبو حاتم: "مجهول"، وبه ضعفه الهيثمي في (المجمع 3/157). وفي الباب آثار عن بعض الصحابة، منها: عن أبي هريرة –رضي الله عنه- :"من فطَّر صائماً،أطعمه وسقاه،كان له مثل أجره" . أخرجه( عبدالرزاق 4/311) ح(7906) قال:" أخبرنا ابن جريج عن صالح مولى التوأمة قال: سمعت أبا هريرة فذكره". وفي الإسناد عنعنة ابن جريج، وقد سبق الكلام فيها قبل قليل . وقد روى عبدالرزاق نحواً من هذا (4/311) ح(7908) عن أبي هريرة – وفيه قصة – لكنه من رواية عمر بن راشد اليمامي ،عن يحيى بن أبي كثير، وقد قال الإمامان أحمد، والبخاري: إن أحاديثه عن يحيى منكرة مضطربة، كما في (تهذيب الكمال 21/340). وبعد: فهذا ما وقفت عليه من أحاديث وآثار في معنى أو لفظ حديث الباب، وكلها لا تخلو من مقال، وبعضها شديد الضعف، وأحسنها حديث الباب، على ضعفٍ فيه، والله أعلم. ومع هذا يقال : إن هذا الحديث ـ وإن كان سنده منقطعاً ـ فضعفه ليس بالشديد، وكذا كثير من الأدلة التي سبق ذكرها ،وأدلة الشريعة الأخرى تدل على صحة معناه ،ففي صحيح الإمام (مسلم 3/1506) ح(1892) من طريق أبي عمرو الشيباني ،عن أبي مسعود البدري –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : " من دل على خير فله مثل أجر فاعله " . ولا ريب أن تفطير الصائمين من خصال الخير ،لما يترتب عليه من المصالح العظيمة ، وعلى رأسها : زيادة التآلف بين المسلمين مع تباعد أقطارهم ، وتنائي ديارهم ،وهذا لعمر الله من مقاصد الشريعة العظيمة ،والله –تعالى- أعلم .
صحة حديث تعجيل الفطر السؤال: ما صحة حديث :" لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر" ، وما الأحاديث الأخرى التي جاء فيها الحث على تعجيل الفطر ؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب: حديث : "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر " . هذا الحديث بهذا اللفظ متفق على صحته ،فقد أخرجه (البخاري 2/47) ،باب تعجيل الإفطار ح ( 1957 ) ،و(مسلم 2/771) ح (1098) ،و(الترمذي 3/82 )،باب ماجاء في تعجيل الإفطارح (699)، و(ابن ماجة 1/541) ، باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح (1697) ،من طريق أبي حازم ،عن سهل بن سعد -رضي الله عنهما- : أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " . وقد جاء الحث على تعجيل الفطر في أحاديث أخرى ، منها: 1– عائشة -رضي الله عنها- : فعن مالك بن عامر أبي عطية قال : دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا : يا أم المؤمنين : رجلان من أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- ، أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ، والآخر يؤخر الإفطار، ويؤخر الصلاة ، قالت : أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قال لنا:عبد الله ( يعني ابن مسعود )،قالت : كذلك كان يصنع رسول-صلى الله عليه وسلم- .زاد أبو كريب : والآخر أبو موسى . أخرجه (مسلم 2/771) ح ( 1099 ) واللفظ له ،و(أبو داود 2/763) ، باب ما يستحب من تعجيل الفطر ح ( 2354 ) ، و(الترمذي 2/83) ، باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح ( 702)،و(النسائي 4/143، 144) ح (2158ـ2159 ـ2160ـ2161 ) باب ذكر الاختلاف على سليمان بن مهران في حديث عائشة . 2- أبو هريرة –رضي الله عنه- : فعن قرة بن عبدالرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " قال الله -عز وجل-: أحب عبادي إليَّ أعجلهم فطراً ". أخرجه (الترمذي 3/83) باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح(700) ، و(أحمد 2/237،329) ، و(ابن خزيمة 3/276) ح(2062)، و(ابن حبان 8/276) من طرق عن قرة بن عبدالرحمن به . والحديث مداره على قرة بن عبدالرحمن: ابن حيويل، -على وزن جبريل- . كان الأوزاعي يقول: ما أحد أعلم بالزهري من قرة بن عبدالرحمن بن حيويل ،لكن تعقب ابن حبان كلمة الأوزاعي، فقال في (الثقات) : " وكيف يكون قرة بن عبدالرحمن أعلم الناس بالزهري وكل شيء روى عنه، لا يكون ستين حديثاً، بل أتقن الناس في الزهري مالك ومعمر.. الخ" ا هـ. وثقه يعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في الثقات ،وصرح بتوثيقه في صحيحه . قال ابن معين ، وأحمد ـ في رواية ـ : ضعيف الحديث ،وقال أحمد ـ في رواية ـ : منكر الحديث جداً ،وقال أبو زرعة: الأحاديث التي يرويها مناكير ،وقال أبو حاتم والنسائي:ليس بقوي ،وقال أبو داود : في حديثه نكارة،وقال العجلي : يكتب حديثه ،وقال ابن عدي:لم أر له حديثاً منكراً جداً،وأرجو أنه لا بأس به ،وقال الدارقطني : ليس بقوي في الحديث . وقد لخص حاله الحافظ بقوله: " صدوق له مناكير "،ولعله دون ذلك. والله أعلم . ينظر : (مسائل ابن هانئ) للإمام أحمد (2/190)، (صحيح ابن حبان 8/276)، (ثقات ابن حبان 7/343)، سنن (الدار قطني 1/181)، (تهذيب التهذيب 8/323)، (التقريب/455). وإسناد هذا الحديث ضعيف لعلتين : 1- أن قرة بن عبدالرحمن إلى الضعف أقرب ،كما هو قول أكابر الحفاظ . 2- تفرد قرة بهذا الحديث عن الزهري،إذْ لم أقف – بعد البحث – على متابعٍ له، وهذا النوع من التفرد بهذه الصورة، هو الذي عناه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه (1/7)، وسماه منكراً، وقال عن مثل هذا: "فغير جائزٍ قبول حديث هذا الضرب من الناس" ا هـ. ولأجل هذا فقد أشار الترمذي إلى ضعفه بقوله: "هذا حديث حسن غريب"، بينما صححه ابن خزيمة ، وابن حبان، وتصحيحهما لهذا الخبر مع ما تقدم من العلل، فيه نظر، والله أعلم .
صحة حديث من صام رمضان السؤال: زيادة (وماتأخر) في حديث :" من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه " هل هذه الزيادة ثابتة ؟ المجيب عمر بن عبد الله المقبل
الجواب: " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" أخرجه (البخاري 2/31) ح(1901) ،و(مسلم 1/523) ح (760) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ،ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " . ولكن روى النسائي في (الكبرى 2/88) ح(2512) وغيره زيادة : "وما تأخر "، فهل هي ثابتة أم لا ؟ . والجواب ـ على وجه الإجمال ـ : أن هذه اللفظة شاذة ،غير محفوظة ،فإن الحديث رواه عن أبي هريرة –رضي الله عنه- اثنان من أصحابه : 1- أبو سلمة بن عبدالرحمن ،وقد رواه عن أبي سلمة جماعة ،وهم : يحيى بن أبي كثير ،ومحمد ابن عمرو ،والزهري ،ويحيى بن سعيد الأنصاري ،وكلهم ـ سوى الزهري ـ لم يذكر في حديثهم هذه اللفظة . أما الزهري، فقد رواه عنه أكثر أصحابه الكبار : مالك ،ومعمر ،ويونس ، وغيرهم ،فلم يذكروا هذه اللفظة ،ورواه عنه ابن عيينة ،واختلف عليه في إثباتها وعدمه ،فأكثر أصحابه لم يذكروها عنه ،وعلى رأسهم الحميدي ،والشافعي ،وابن راهويه ،وعمرو بن علي الفلاس ،وغيرهم ،بينما ذكرها قتيبة ابن سعيد، وأربعة آخرون من أصحابه . 2- الأعرج : وعنه أبو الزناد ،ولم يذكرها أيضاً . وبهذا يتبين أن ذكر هذه اللفظة وهم من بعض الرواة ،وأن الراجح عدم ذكرها ،ولهذا أعرض الشيخان ـ البخاري ومسلم ـ عنها ،ولم يخرجاها في صحيحيهما مع أهميتها ،وكون بعض رواتها من الحفاظ ،إلا أنهما أعرضا عنها لما سبق ،وهو أن أكثر رواة الحديث ـ وفيهم أئمة كبار ـ لم يذكروها ،والله أعلم ، ويمكن أن ينظر كلام الحافظ ابن حجر عليها في (الخصال المكفرة 56-63) مع تعليق المحقق.
|
|
| |
| كتاب فتاوى رمضانية "كامل" | |
|