أمي.. أختي.. ابنتي.. ما الحل؟
عادل بن عبدالعزيز المحـلاوي
@adelalmhlawi
------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت قد كتبت مقالين عن حاجة المجتمع بأسره لتغيير واقع مناسبات الزواج هذه اﻷيام وأن من الحلول اﻹستعاضة عن واقعنا في زواجاتنا إلى (الزواج العائلي المختصر وانظره تحت هذا الرابط:
http://www.saaid.net/mktarat/alzawaj/315.htm
أو الزواج الجماعي وانظره تحت هذا الرابط:
http://www.saaid.net/mktarat/alzawaj/317.htm)
وذكرت فيهما ما يكون سبباً بإذن لتيسير أمر الزواج، ورحمة أبناءنا وبناتنا بل ومجتمعنا بأسره فانظرهما -تكرماً-.
وكل مَنْ ألقاه واتجاذب معه طرف هذا الحديث عن الزواج وضرورة تغييره يكون جوابه: اﻷمر بيد النساء.
لو تغير حال النساء في الزواج لتغيرت اﻷمور.
ومع أنني لا أرى أن اﻷمر كله بيد النساء، وﻷنني قد وجهت في المقالين الخطاب للشباب واﻵباء مع دخول اﻷمهات والفتيات في مضمونه إلا أنني آثرت أن أفرد مقالاً موجه للنساء -خاصة- لعظيم دورهن في إحداث تغيير في الواقع، وأن رأي المرأة في هذا الموضوع معتبر في جهات كثيرة فلذا جعلت حديثي في هذا المقال للمرأة (أماً وأختاً وبنتاً).
فأقول مستعينا بالله:
لا يخفاكن واقع بيوتنا الآن من تكدس البنات فيها، وما جَرّ هذا من ويلات ومصائب وأمراض ونحوها مما هو أثر من آثار تأخر البنات في الزواج وتخييم شبح العنوسة الذي صار يهدد الكثير منهن، ولهذا أسباب كثيرة لعل من أبرزها (تكاليف الزواج الباهظة).
فالشاب يحتاج لسنوات حتى يجمع المال ليتزوج ثم يمضي السنين الطوال في سداد الدين، حتى صار موضوع الزواج شبحاً يهدده في حاضر حياته ومستبقلها فلذا نرى العزوف الكبير من الشباب عنه.
أنا أجزم أن كثيراً من البنات يرفضن هذا الواقع، ويرضين بالتيسير لكمال عقولهن، ولكن تبقى طائفة منهن لا زلن مصرات على تتبع واقعنا اﻷليم للزواج وأنه لابد أن تكون مراسم زواجها كمراسم زواج أختها وقريبتها وجارتها وصديقتها وبقية الناس ﻷنها في نظرها -القاصر- إن لم تفعل فهي (ناقصة).. وهذا من التتبع المقيت للغير في الخطأ والصواب.
أخيتي وابنتي:
الزواج أسمى من هذا، وأرفع مقاماً من مظاهر جوفاء نحرص أن يشاهدها الناس وإن كان فيها ضرر ظاهر علينا.
الزواج هو السكن لك ولولدك ولمستقبلك المشرق فاحرصي أن تكوني ممَّن يسهل تكوينه، ويكون سبباً في إقامة عموده.
قارني بين حرمانك من زوج وولد وبيت وسكن وتلبية حاجة لا غنى لك عنها وربما إن فقدتيها ملت للحرام أو اعتصرت ألماً لفقدانها، وبين تضحياتك بكل ذلك وتنازلك عنه ﻷجل أن تكوني زوجة وأماً تعيش السكن والطمأنينة عند تنازلك عن هذه المراسم القائمة في مناسبات الزواج المُهلكة، من مهر كبير وزواج في قاعة أفراح مزخرفة ونفقات مُهلكة تضر زوجك وأهلك وتجعلك تصطلين بنارها سنوات عجاف لا تستمتعين بعدها بحياة طيبة لتراكم الديون على الزوج.
أخيتي وابنتي:
أغمضي عينك اﻷن والسنوات تمر عليك وقد تجاوزتي الثلاثين وخمس فوقها ولم يُكتب لك زواج فكيف هو حالك!؟
ولا تفرحي يا ابنة العشرين وتقولين أنا لم أبلغ الثلاثين فمصيرك مصير تلك ﻷنها كانت تريد ما تريدين اﻷن ففاتها القطار وسيلحقها مَنْ يفكر مثل تفكيرها، فقليلاً من العقل ووضع العاطفة جانباً فاﻷمر -وربي- ليس باليسير، وتبعاته مهلكة.
ولو أردت اﻹسهاب في ذكر المساوئ لطال بي المقام، فكوني شجاعة في رضاكِ بالتيسير في أمر الزواج، وابعثي برسائل خاصة لوالدكِ ووالدتكِ وﻷخيكِ وقريبكِ بأنكِ ترضين بالتيسير ﻹتمام زواجكِ، وأيقني أن السعادة كل السعادة في اتباع الشرع، وقد أمركِ بالتيسير.
وأنتِ أيتها اﻷم:
قد تناولت طرفاً من آثار تأخر زواج ابنتك في مقالي اﻷول (الزواج العائلي المختصر فانظريه لزاماً) لترين اﻵثار السيئة من التأخر.
وكلنا رجاء أن يكون تحكيم العقل حاضراً هنا فالمسألة ليست بالهينة، وإصرارك على عدم التنازل عن مراسم الزواج بشكله الحاضر أجزم أنك ربما قد ذقت من ويلاته اﻷن ولكن ربما منعك منه خوف حديث الناس عنك وأن ابنتك ناقصة، أو أن البخل منعك أن تفعلي ما فعلته أم فلان مع أن أصحاب الملايين -غالب مناسبات زواجهم عائلية- ولكن تيقني أن مصلحة بناتك أرفع وأجلّ من تتبع هذه الطرائق التي حرمتك من فرحتك ببناتك سنين طوال، وحرمت عينك رؤية أحفادك ورؤية بناتك وهن يفرحن بأولادهن، وأجزم أنك مستعدة لدفع ما تملكين لتنالي سعادة رؤية الحفيد ومحيا البنات وقد رُسمت السعادة على وجوهن، فكوني شجاعة بمخالفة ما عليه الناس من العادات التي أهلكتنا جميعاً، بل كوني سبباً في هذه التسهيلات وسني سنناً تنالين من ورائها اﻷجر العظيم.
همسة أخيرة:
أخواتي الناصاحات لمجتمعهن وأخواتهن ليكن لكنّ دورٌ كبيرٌ في تغيير الواقع.
كوني أنتِ قدوة لغيركِ بأن تسني سنة التسهيل أولاً.
وابذلي جهدكِ ونصحكِ واسعِ في إقناع بنات جنسكِ بأن يكنّ سهلاتٍ ليناتٍ في أمور الزواج، متسامحاتٍ فيه.
فليس شرطاً أن يكون زواج في قاعة كبيرة وعزائم متتابعة، وزينة خاصة لليلة الفرح تكلف عشرات اﻵلاف، بل نريد زواجاً عائلياً مختصراً بعيداً عن كل التكاليف.
احشدي -أيتها الناصحة ﻷخواتكِ المسلمات- من حولك ممَّن يؤمن بفكرتك وأقنعي النساء بأن يقبلن بهذا وأن السبيل الوحيد ﻹنهاء هذه المآسي (هو إزالة تبعات ومساوئ مناسبات عرسنا المهلكة في واقعنا اليوم).
وفق الله الجميع لهداه، ويسر أمر كل مؤمنة، وأسعد الله مَن اطّلع على هذا المقال ونشره، وبذل جهده في تحقيق مقصوده.
---------------------------------------------
كتبه/ عادل بن عبدالعزيز المحلاوي
حساب تويتر @adelalmhlawi