الكفيف في اليابان
اليابان – طوكيو
في يوم جميل تجولت مع “أناكو” في البلدة القديمة واستغربت عندما قالت بكل لطف لا تمشي على اللون الأصفر في لأنه مخصص للمكفوفين!، لم أستوعب ما قلته هل يفرق المكفوفين بين الألوان حتى يعرفوا اللون الأصفر!.
استغربت ولم أسألها لماذا؟.. ولكن بدأت في التركيز على الرصيف.. فحجر الرصيف له لونين داكن محمر والآخر أصفر، بينما كان اللون الأول يختلف من رصيف إلى آخر ثبت اللون الأصفر في الجميع..
أكاد أجن ما الذي يجعل المكفوفين يميزون اللون الأصفر..
دققت مرة أخرى في حجر الرصف ولاحظت النقش يختلف بين اللونين، وللون الأصفر ثابت دائماً نقش طولي في جميع المدن التي زرتها في اليابان ابتدءاً من طوكيو العاصمة حتى أوساكا المجاورة لها وأوكيناوا في عرض المحيط والجزيرة الصغيرة جداً اشيقاكي وانتهاءً بالعاصمة القديمة كيوتو، حتى عندما تقف “القاطرة” أو “الباص” يفتح الباب بالقرب من الرصف ذا اللون الأصفر فله انحناء مختلف إلى أن يستقيم..
وفي إحدى الرحلات دققت النظر في وجوه ركاب المقطورة بعد يوم دراسي حافل، ويا محاسن الصدف، استرعت انتباهي فتاة تجلس قرب الباب ومعها عصا الكفيف، وقررت أن أتبعها لأرى كيف تميز اللون الأصفر، ووسط استهجان زملائي الذين لا يعرفون عن ماذا أبحث وقد أنهكني التعب منذ ساعات الصباح الأولى إلى وقت متأخر من المساء، تبعتها وهم مستاءون ما الذين سيفعله زميلهم؟ وأين ذهب؟ فلم يستطع أي منهم اللحاق بي..
من باب المقطورة استشعرَت بعصاها النقش الموجود على اللون الأصفر وبدأت تتبعه إلى أن خرجت من المحطة ومن ثم سارت على اللون الأصفر بخطى ثابتة وبدون قائد مستشعرة بعصاها خطوط النقش، وهنا زال الاستغراب وعدت إلى حيث أتيت متأملاً أن يكون القطار في انتظاري..
هنا نرى كيف استطاع اليابانيون دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بطريقة لا تضايق أحداً ويحترمها الجميع، ويُقدرون خصوصية الفرد فاللون لكي يميزه مَنْ يرى فلا يسير عليه..
بينما النقش لكي يميزه الكفيف ويسير عليه..