ب – آداب الجار:
1 »» ابتداء الجار بالسلام إذا لقيه، مع السؤال عن حاله، والبشاشة في وجهه.
2 »» عيادته في مرضه، والمسارعة الى إسعافه عند الحاجة أو الاستدعاء.
3 »» تعزيته عند إصابته بمصيبة، أو حلول كارثة به، أو وفاة عزيز عليه، وفتح بيته لذلك إن استدعى الأمر والقيام معه في عزائه، وإعانته على شدائده ونوائبه.
4 »» مشاركته في فرحه، وتهنئته عند حلوله ومحبة الخير له، والسرور لسروره.
5 »» الصفح عن زلاته وسقطاته، والتغاضي عن تقصيره وسيئاته، ومعاتبته برفق وأدب على هفواته.
6 »» التلطف في معاملة أبنائه، والإحسان إليهم، والرفق بهم ونصيحتهم بالمعروف.
7 »» غض البصر عن أهله، وتجنب متابعة أسراره، والحفاظ على حرمته، وملاحظة داره عند غيبته.
8 »» غض الصوت تجنبا لمضايقته. وخفض صوت المذياع والرائي خصوصاً في أوقات راحته.
9 »» تجنب إيذائه بتضييق الطريق عليه، أو طرح الأقذار قرب داره، أو التجاوز على حدوده أو التطاول عليه في البنيان فتنحجب عنه الشمس والهواء.
عن عائشة رضي الله عنها قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من ظلم قيد شبر من الأرض طوّقه من سبع أرضين رواه البخاري ومسلم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه. رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم: لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه.
بوائقه: شره.
10 »» بذل النصيحة له، والإخلاص في مشوراته وإرشاده الى ما يجهله من أمر دينه ودنياه.
11 »» تحمل الأذى منه، والصبر على جفائه، وإعراضه.
أتى رجل الى ابن مسعود رضي الله عنه فقال له:إن لي جاراً يؤذيني ويشتمني ويضيق عليّ، قال: اذهب فإن هو عصى الله فيك فأطع الله فيه.
12 »» بذل المعروف له، وإعانته بالنفس والمال، وإهداؤه من طعام داره، وفاكهته، وتلبيته في قضاء حوائجه.
قال الله تعالى: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا، وبذي القربى واليتامى، والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب. النساء 36.
عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. رواه البخاري ومسلم .
وعن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن الى جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت .
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: إن خليلي -صلى الله عليه وسلم- أوصاني: إذا طبخت مرقة، فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك. رواه مسلم .
13 »» إعطاء كل جار حقوقه التي يستحقها فالجيران ثلاثة: جار له ثلاثة حقوق وهو من لك به صلة قرابة فإن له حق الجوار وحق الرحم وحق الإسلام، وجار له حقان وهو الجار المسلم فإن له حق الجوار وحق الإسلام، وجار له حق واحد وهو الجار الكافر فإن له حق الجوار فقط.
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه ذبح شاة فقال: أأهديتم لجاري المشرك؟ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. رواه البخاري ومسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: الى أقربهما منك بابا. رواه البخاري .
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أتدرون ما حق الجار؟ إن استعان بك أعنته، وان استنصرك نصرته، وإن استقرضك أقرضته، وإن افتقر عدت عليه، وإن مرض عدته، وإن مات تبعت جنازته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا تستعل عليه بالبناء، فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، وإذا اشتريت فاكهة فأهد له، فإن لم تفعل فأدخلها سرا، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده، ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تعرف له منها. ثم قال: "أتدرون ما حق الجار؟ والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إلا من رحمه الله". رواه الطبراني .
قال الإمام الغزالي: آداب الجار أن يبدأ بالسلام ولا يطيل معه الكلام، ولا يكثر عليه وعن حاله السؤال ويعوده في مرضه، ويعزيه عند مصيبته، ويقوم معه في عزائه، ويهنئه في فرحه، ويشاركه في سروره، ويتلطف في معاملة أولاده، ويصفح عن زلاته، ويعاتبه برفق عند هفواته، ويغض بصره عن حرمه، ويعينه في نوائبه، ولا يتطلع من السطح الى عوراته ولا يضايقه بصوته، ولا يؤذيه بوضع الجذع على جداره، ولا يصب الماء في ميزابه، ولا يطرح التراب في فنائه، ولا يضيق طريقه الى داره، ولا يتبعه بالنظر فيما يحمله الى بيته، ويستر ما ينكشف من عوراته، ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته ولا يسمع عليه كلاما من عدوه، ويرشده الى ما يجهله من أمر دينه ودنياه.
جـ »» آداب عيادة المريض:
1 »» المبادرة الى زيارته في أول المرض.
قال الأعمش: كنا نقعد المجلس، فإذا فقدنا الرجل ثلاثة أيام سألنا عنه فإن كان مريضا عدناه.
2 »» تكرار الزيارة كل يومين أو ثلاثة لمؤانسته وإدخال السرور على قلبه فلقد سميت زيارة المريض (عيادة) من العودة للزيارة وتكرارها.
عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم، لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع. قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة؟ قال: جناها. رواه مسلم .
3 »» الدعاء للمريض عند قعوده عنده.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يُعَوِّذ ُ بعض أهله، ويمسحه بيده اليمنى، ويقول: اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً. رواه البخاري ومسلم .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من عاد مريضاً لم يحضره أجله، فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض. رواه أبو داود والترمذي .
4 »» تجنب تهويل المرض، وكثرة السؤال عنه، وذكر أحد توفي في مثل مرضه.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عليا رضي الله عنه خرج من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وجعه الذي توفي فيه، فقال الناس: كيف أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أصبح بحمد الله بارئا". رواه البخاري.
5 »» تبشير المريض، وتطييب نفسه بالشفاء، وبث روح الثقة في نفسه، ورفع حالته المعنوية، وإدخال السرور على قلبه وتذكيره بثواب الرضا عن الله والصبر على بلائه.
قال تعالى: وإذا مرضت فهو يشفين. الشعراء 80.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا دخلتم على مريض فنفسوا له في أجله فإن ذلك لا يرد شيئاً ويطيب نفسه. رواه الترمذي .
6 »» إظهار شفقته، وعرض خدمته، وعدم التكلم إلا بخير.
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيراً فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون.
7 »» غض البصر عن عورات المريض أو ما يتعلق بحاجاته وأدويته الخاصة.
8 »» خفة الجلسة وتجنب القعود لفترة طويلة إلا إذا رغب المريض وأنس بذلك، حرصا على راحته.
9 »» طلب الدعاء من المريض، بعد الدعاء له، فإن المريض يكون في حالة قرب والتجاء الى الله.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا دخلت على مريض فمره فليدع لك فإن دعاءه كدعاء الملائكة .
10 »» ترغيب المريض بأن يصبر على قضاء الله وأن لا يلج ويستبطئ الشفاء فيدعو على نفسه بالموت.
فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لابد فاعلاً فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي. رواه البخاري ومسلم .
11 »» توصية أهل المريض والذين يقومون بخدمته بحسن معاملته والصبر على ما يصدر منه من أقوال وأفعال.
12 »» يحسن بالمريض أن يتأدب بما ورد عن الامام الغزالي.
قال الغزالي: آداب المريض الإكثار من ذكر الموت، والاستعداد له بالتوبة، ودوام الحمد والثناء على الله والالتجاء الى التضرع والدعاء، وإظهار العجز والفاقة، والتداوي مع الاستعانة بخالق الدواء وإظهار الشكر عن القوة، وقلة الشكوى وإكرام الجلساء، وترك المصافحة.
د »» آداب الصلة بالميت "التعزية":
1 »» الدعاء للميت عند العلم بموته.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الموت فزع، فإذا بلغ أحدكم وفاة أخيه فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا الى ربنا لمنقلبون, اللهم اكتبه عندك في المحسنين، واجعل كتابه في عليين، واخلفه في أهله في الغابرين، ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده. رواه ابن السني .
2 »» الصلاة على الميت واتباع الجنازة حتى يفرغ من دفنها.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من اتبع جنازة مسلم، إيماناً واحتساباً، وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن، فإنه يرجع بقيراط. رواه البخاري.
3 »» الموعظة عند القبر أثناء الدفن والدعاء للميت بعد ردم التراب.
عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالساً وفي يده عود ينكت به. فرفع رأسه فقال "ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار". قالوا: يا رسول الله! فلم نعمل؟ أفلا نتكل؟ قال "لا. اعملوا. فكل ميسر لما خلق له. رواه البخاري ومسلم .
وعن أبي عمرو رضي الله عنه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه -صلى الله عليه وسلم- وقال: استغفروا لأخيكم فإنه الآن يسأل. رواه أبو داود .
4 »» مساعدة أهل المتوفى بتقديم ما يمكن من الخدمات أثناء تجهيز الميت وخروجه ودفنه والمساعدة في إعداد الطعام لأهل الفقيد لأنهم في وضع لا يساعدهم على تحضير الطعام والانشغال به.
فقد روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قتل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قال: اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم أمر شغلهم. رواه أبو داود والترمذي .
5 »» المبادرة الى التعزية مع إظهار الحزن والتأسف لمن يواسيهم ويعزيهم ومع الترحم على الميت وتعداد مآثره.
عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: مَنْ عزّى مصاباً فله مثل أجره. رواه الترمذي .
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم. رواه أبو داود والترمذي .
6 »» التلفظ بالمأثور من الكلام والانتباه الى تجنب الزلل فيه والتجاوز الى ألفاظ لا تليق بالمسلم ويمكن أن يقول: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك.
7 »» بذل النصيحة لأهل الميت بالصبر والسلوان، وتذكيرهم بثواب الله، وتقبل قضائه وقدره، وبأجر المحتسب الصابر ومنعهم من لطم الخدود، وشق الجيوب، والصراخ والنحيب، وذلك بالموعظة الحسنة.
قال تعالى: وبشّر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: أرسلت إحدى بنات النبي -صلى الله عليه وسلم- إليه تدعوه وتخبره أن صبياً لها في الموت فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: إرجع إليها فأخبرها أن لله تعالى ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر وتحتسب. متفق عليه .
8 »» ترك الابتسام عند التعزية وتجنب الضحك أو اللغو بباطل الكلام أو قلة الاكتراث فكلها من علامات قسوة القلب، ومن لم يتعظ بالموت لم يتعظ بشيء.
9 »» التعزية خلال ثلاثة أيام، لا زيادة عليها.
وقد روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً. رواه البخاري .
10 »» يستحب قراءة القرآن والدعاء للميت عند حضور الجنازة وعند التعزية.
قال الشافعي:
إني معزيك لا أني على ثقة **** من الخـــــلود ولكن سنة الدين
فمــا المعزى بباق بعد ميته **** ولا المعزي ولو عاش الى حين.