المخدرات القاتلة والمدمرة
----------------------------
مما لا شك فيه أن مشكلة انتشار المخدرات وتعاطيها خاصة بين الشباب بما فيهم تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات، وظهور أنواع جديدة من المخدرات غير التقليدية المعروفة بالحشيش والأفيون، تتمثل في الهيروين الذي يستخلص بصورة مركزة من الأفيون –وكذلك المورفين - والكودايين – وظهور المنشطات مثل الكوكايين والفيتامينات والقاط.
وتعد وسائل التعاطي، ما بين التعاطي بالفم – والتعاطي بالشم عن طريق الأنف – والتعاطي بالحقن تحت الجلد وبالوريد – وانتشار هذه المواد جميعها في مختلف الأوساط الاجتماعية بدءًا من الأحياء الراقية وحتى الأحياء الفقيرة – غزت هذه المواد المخدرة صفوف تلاميذ بعض المدارس الإعدادية والثانوية – ومدرجات الجامعة – واستشرت بين ورش الحرفيين والعمال المهرة والصناع – أدمن هذا الوباء التلميذ والطالب والمهندس والتاجر والعامل – فأصبحوا أسرى لهذا الوباء المدمر – وأصبحت الصحف اليومية تطالعنا بحوادث السرقة والخطف والنصب والتحايل والاغتصاب والقتل بسبب إدمان هذه المواد الفتاكة التي أصبحت أخطر من مرض السرطان والإيدز – وأصبح الطريق معبدًا وسهلاً أمام المدمن – في فترة قليلة من الزمن – إما للسجن – أو للجنون – أو للموت العاجل والمؤكد فإذا ساعدته الظروف على أن يفلت من العقاب – فالجنون هو المرتبة التالية.
وإذا وصل إلى الجنون فلا علاج حتى يلاحقة الموت المؤكد – وهذا هو مصير كل مدمن يعيش منبوذًا محتقرًا من مجتمعة وأهله – يموت ميتة الكلاب الضالة بعد أن تباعد عنه الأهل والأصدقاء.
تعريف المخدرات:
-----------------
يقصد بالمخدرات من جهة، مواد التخدير الخاضعة للرقابة الدولية وفقًا لاتفاقية عام 1961م كما أكدته اتفاقية عام 1971م "والمادة المخدرة ذات تأثير دعائي، حيث تنبه الشخص المتعاطي لآن يطلب اللذة والنشوة والانعزال التام عن مجريات الحياة اليومية وعوامل الخطر من جراء تناوله مرتبطة بالمخدر نفسه.
فالمواد الكيماوية الموجودة في المخدر والكمية أو أضافه مواد أخرى إليها تعتبر جميعها مصدرًا لعوامل الخطر، علاوة على ذلك تصبح شخصية المتعاطي غير قادرة على المواجهة ويعزل نفسه تبعًا لذلك عن محيطه ومجتمعه وثقافته.
والمخدر في اللغة – مادة تحدث خدرًا في الجسم بتناولها.
والمخدر يشمل – القلق – الحيرة – الفتور – الكسل – الثقل – الاضطراب - التسيب.
أنواع المخدرات:
------------------
تنقسم المخدرات الخاضعة للرقابة الدولية إلى:-
(1) مشتقات الأفيون الطبيعية " الخشخاش " والاصطناعية وهي:-
الأفيون – المروفين – الكودايين – الهيروين.
(2) بديل الأفيون الاصطناعي وهي:-
البتيدين.
(3) القنب " الحشيش"
نبات القنب – عصارة القنب – رتنج القنب.
(4) أورق الكوك – والكوكايين.
(5) المواد الباعثة للهذيان:
" مادة L.S.D – مادة الميسكالين – مادة البسيلوسين – مادة DMT وDET مادة THC STP ".
(6) المنبهات:
" الأمفيتامينات".
(7) المسكنات:
(باريتريورات – ميتاكالون).
عوامل انتشار المخدرات:
--------------------------------
أكد علماء الاجتماع – وعلماء النفس – وعلماء التربية ورجال الدين ورجال مكافحة المخدرات وزيارات الباحث الميدانية على:
(1) مجالس السوء:
تسرى العدوى في تعاطي المخدرات بين رفقاء السوء إذا كان فكرهم خاليًا من الإيمان بالله والخلق السليم.
وضغط الجماعة وتأثير الشبان بعضهم ببعض وعادة ما يكون في سيئ الأفعال ومنها تعاطي المخدرات.
(2) التربية المنزلية الفاسدة:
بسبب الخلافات الأسرية بين الزوجين وتعاطي الأب للمخدرات والمسكرات – إهمال الأطفال وتفكك الأسرة وضعف الأشراف الأبوي – يدفع الأبناء لتعاطي المخدرات.
(3) الإخفاق في الحياة:
بسبب العجز من مواجهة ظروف الحياة ومسؤولياتها وتسلل اليأس إلى الشخص الذي يدفعه للهروب فيتجه للمخدرات والشعور بالسليبة في المجتمع والهامشية الاجتماعية بالشباب لتعاطي المخدرات.
(4) البطالة:
من العوامل المباشرة للانحراف عدم وجود فرص العمل المناسبة الأمر الذي يدفع العاطل للاتجاه بغرض الهروب من الواقع والشعور بالإحباط.
(5) التقليد ولمحاكاة والتفاخر:
بين الشباب في سن المراهقة المتأخرة سن الشباب حيث تبين أغلب الدراسات الاجتماعية وضبطيات رجال مكافحة المخدرات أن أغلب المتعاطين من الشباب كان بغرض حب الاستطلاع والتجريب.
(6) الهجرة:
وما يتبعها من ضغط في الحياة الجديدة أو التأثر بالحضارة الجديدة مما يدفع البعض لتعاطي المخدر إما بغرض الاسترخاء أو بغرض مجاراة المجتمع الجديد.
(7) رواج بعض الأفكار الكاذبة عن المخدرات.
بأنها تعمل على الإشباع الجنسي وإتاحة المتعة والبهجة وإدخال السرور.
مدى انتشار المخدرات:
-----------------------
يتزايد في العصر الحاضر انتشار استخدام المخدرات بين مستويات مختلفة اجتماعيًا واقتصاديًا، إذ اتسع استعمال الكوكويين في أنحاء مختلفة من العالم – كما استشرى الإقبال على الهيروين وبخاصة في أوروبا وشمال أفريقيا.
أما في مصر فتشير البحوث العملية إلى أن تعاطي المخدرات غالبًا ما ينتشر بين سن 15-17 عام بين شرائح المجتمع المختلفة – أي في فترة المراهقة - أما بعد سن العشرين فتقل نسبة من يبدءون التعاطي، ثم تتناقص النسبة تدريجيًا بين سن الرابع والعشرين وسن الثلاثين أو أكبر.
كما لوحظ أن أكثر الشباب – ذكورًا أم إناثًا – الذين يقبلون على تعاطي المخدرات بأنواعها يقعون في فئات الحرفيين والتجار، ومَن يعمل في محيطهم في الريف أو في الحضر ولعل من الأسباب هو الارتفاع المطرد في مستوياتهم الاقتصادية.
مناطق إنتاج المخدرات في العالم.
مناطق إنتاج المخدرات
أولاً: الأفيون والهيروين.
أمكن تقسيم مناطق إنتاج الأفيون والهيروين إلى ثلاثة مناطق رئيسية هي:
إقليم الهلال الذهبي:
ويشمل دول – إيران – باكستان – تركيا – يقدر الإنتاج السنوي 60% من إنتاج العالم " حسب تقدير إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية لعام 1982م".
إقليم المثلث الذهبي:
ويشمل دول – تايلاند – لاوس – بورما، ويقدر الإنتاج بنحو 15% من إنتاج العالم. بالإضافة إلى أفغانستان – إيران – الهند – تركيا – باكستان.
المكسيك:
تعتبر من الدول الحديثة العهد بإنتاج وزراعة المخدرات ووصل معدل الأنتاج بنحو 25% من إنتاج العالم تقريبًا.
ثانيًا: الكوكايين:
يكاد ينحصر الإنتاج في جنوب ووسط أمريكا الوسطى وتضم كل من كولومبيا – بوليفيا – بيرو، ويهرب الإنتاج إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتنتج كولومبيا وحدها نصف إنتاج العالم من الكوكايين.
ثالثًا: الميراجوانا والحشيش " القنب الهندي"
يزرع القنب الهندي في كولومبيا وجاميكا والمكسيك كما يزرع في لبنان – باكستان – المغرب، وتأتي باكستان في مقدمة دول العالم إنتاجًا للحشيش ويصل إنتاجها إلى 41% من إنتاج العالم.
رأي علم الاجتماع:
-------------------
رأي علم الاجتماع في ظاهرة تعاطي المخدرات:
ويحدد رجال علم الاجتماع – العوامل المشجعة للانحراف في ثمان نقاط هي:-
(1) التدريب الاجتماعي الخاطئ أو الناقص ويظهر في المجمعات التي تتناقص فيها القيم التربوية وتفكك الأسرة بصورة ملحوظة.
(2) الإجراءات الضعيفة سواء بالنسبة للامتثال أو الانحراف تؤدي إلى خلق حالة قمعية عند الأفراد، فيظن بعضهم أن سلوكه في المجتمع كفرد لا يعني أحدًا، من أجل هذا يجب التأكد على الجزاءات الإيجابية في كل حالة رعاية النظام.
(3) ضعف الرقابة: إذا قد يحدث أن تكون الإجراءات شديدة ولكن القائمين على تنفيذها لا ينفذونها بدقة بسبب قلة القوى العاملة في ميدان الضبط الاجتماعي.
(4) سهولة التبريد للتقليل من حدة الاعتداء على المعيار أو تلمس المعاذير.
(5) عدم وضوح المعايير التي يؤدي إلى بلبلة الأفكار والاتجاهات وخاصة عندما يختلف المعيار بين الأفراد.
(6) قد تحدث اعتداءات على المعايير بصورة سرية فيظل المعتدون بمنأى عن العقاب الاجتماعي والقانون، وقد ينفي الاعتداءات على المعايير إذا شملت أشخاصًا لا يتعاونون مع أجهزة الضبط الاجتماعي في كشف المعتدين ونوع اعتداءاتهم.
(7) تناقص نواحي الضبط الاجتماعي، فتجمد القواعد القانونية ولا تساير التغيير الاجتماعي والثقافي في الوقت الذي يتطور فيه المجتمع بصورة تعطل فاعلية هذه القواعد وتجعلها عقيمة من وجهة نظر السكان.
(8) بعض الجماعات الانحرافية في المجتمع تكون من القوة بحيث تضع لنفسها ثقافة خاصة، تزين الانحراف وتجعله قانونيًا، وتخلق في نفس الأفراد المنتمين لها مشاعر متعددة وقوية من الولاء.
آثار المخدرات على المجتمع:
-----------------------------
أثبتت معظم الدراسات التي أجريت على المخدرات أن الفئات المتعاطية أغلبها من الشاب الذي يعتمد عليه المجتمع في عمليات الإنتاج وبالتالي تصبح قوه معطلة وعبئًا على الاقتصاد القومي.
آثار المخدرات على أسرة المدمن:
-----------------------------------
استقرار الأسرة يعني استقرار أعضائها – واضطراب الأسرة يعني اضطراب اعضائها.
* فالأب الذي يتعاطي المخدرات وينفق عليها جزءًا من دخله هو في حقيقة الأمر يحرم أسرته من إشباع حاجاتها الأساسية من مأكل وملبس كما يحرمها من توفير فرص التعليم والعلاج وجوانب الترفيه المختلفة حتى في أبسط صورها – ويمكن لهذا الوضع أن يدفع بالزوجة والأبناء للبحث عن عمل، وقد يؤدي ذلك للانحراف.
-----------------------------------------------------------
المصدر:
الموسوعة الصحية
احمد عبد الناصـــر