الاجتهاد في شعبان والمنحة الربانية لمن؟
للشيــــــــخ: نـــــــدا أبو أحمد
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
--------------------------------------
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا ِإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله...
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (سورة آل عمران: 102).
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (سورة النساء: 1).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} (سورة الأحزاب:70،71).
أما بعد...،
فإن أصدق الحديث كتاب الله –تعالى- وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
----------------------------------
على الإنسان منَّا أن يجتهد في شهر شعبان، فيُكْثِر فيه من فعل الخيرات، لكن يبقَى السؤال.
لمــاذا الاجـتـهــاد فـي شـعـبــان؟
الاجتهاد في شعبان يكون لأمور منها:- أولاً:
حتى يتعود الإنسان منَّا فعل الخيرات وترك المنكرات فيكون له سجية وطبع وعادة، والأمر كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الخير عادة والشر لجاجة، ومَن يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين" (أخرجه ابن ماجة بسند صحيح).
ومن الفقه في الدين عمل الخيرات في كل الأوقات، وخصوصاً الأوقات الفاضلات.
ثانياً: الاجتهاد في شعبان يكون استعداداً لرمضان:
وكما هو معلوم أن رمضان من الأوقات الفاضلات، ومن النفحات الربانية على الأمة المحمدية، والأمر كما قال خير البرية -صلى الله عليه وسلم-: "افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته، يصيب بها مَن يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يُؤمِّن روعاتكم" (أخرجه ابن أبى الدنيا والطبراني من حديث أنس -رضي الله عنه-).
وعند الطبراني في الأوسط من حديث محمد ابن مسلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها, لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً".
ولقد بيَّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الأحاديث أنه ينبغي على الإنسان منَّا أن يتعرض لهذه النفحات الربانية، والمنح الإلهية.
وشهر رمضان من النفحات الربانية، والمنح الإلهية على الأمة المحمدية.
ـ ففي رمضان منح الرحمن، ونسائم القرآن، وروائح الجنان, فيه تطيب الأفواه، وتطهر الألسنة، وتُصان الفروج, وتُمنع الآثام, فهو جُنة من الزَّلل, ووقاية من المعاصي، وحصن من السيئات.
لا يخيب فيه سائل، أو يُطرد عنه محروم, عطاؤه كثير، وفيضُه عميم، تُوِّج بليلة القدر، وتشرَّف بنزول القرآن, وبُورك بنزول الملائكة فيه، ورُفعت فيه راية المُوحِّدين, فقد تم فيه نصر بدر, وفيه تم فتح مكة، فكان هو الفوز في البدء والختام والفرح بالسيادة والإيمان.
فالحمد لله لِمَا أولانا فيه من النعيم, وحبانا فيه من الرحمات والطيبات.
فهو شهر... تنهمر فيه الرحمات من رب البريَّات.
وهـو شهر... مبارك كريم وموسم رابح عظيم وشهر تتضاعف فيه الحسنات.
وهـو شهر... أنزل الله فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
وهـو شهر... من صامه إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه.
وهـو شهر... من قامه إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه
وهـو شهر... فيه ليلة خير من ألف شهر من قامها إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه
وهـو شهر... تفتح فيه أبواب الجنان فلا يغلق منها باب.
وهـو شهر... تغلق فيه أبواب النيران فلا يفتح منها باب.
وهـو شهر... تُصفَّد فيه الشياطين ومردة الجان.
وهـو شهر... مَن أتى فيه بعمرة كان كمن حج مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وهـو شهر... مَن فَطَّر فيه صائماً كان له مثل أجره.
وغير ذلك من الجوائز والمنح الربانية، والتي وهبها رب البرية للأمة المحمدية، فهنيئاَ لمَن تَعرَّض لهذه النفحات، وخرج من رمضان وقد غُفِرت له جميع السيئات.
فمن أراد أن يفوز بجوائز رمضان فليستعد لها من الآن.
فإنه لا يحصل على جوائز رمضان وهذه المنح الربانية، إلا لمَن استعد لها من شعبان.
ولذلك جاء في الحديث الذي أخرجه الترمذي والبيهقي بسند فيه مقال عن أنس -رضي الله عنه-: "سُئِل النبي -صلى الله عليه وسلم- أيُّ الصوم أفضل بعد رمضان؟ قال: شعبان؛ لتعظيم رمضان" (ضعيف الجامع: 1023).
وإن كان الحديث ضعيفاً إلا أن معناه صحيح.
ـ ومن المعلوم أن الفرض يسبقه نافلة ويعقُبه نافلة, والنافلة التي تتبع الفرض وتكون بعده إنما تكون لجبر النقص الذي تم في الفرض، وأما السنة القبلية والتي تسبق الفرض هي بمثابة التوطئة والتمهيد لاستقبال الفرض, وتعويد النفس على فعل الخير، كما سبق معنا في الحديث الذي أخرجه ابن ماجة: "الخير عادة والشر لجاجة" فمَن تَدَّرب في شعبان على الصيام، والقيام، وقراءة القرآن، والصدقة، كان كذلك في رمضان.
ومَـن لم يتعود من الآن على فعل الخيرات؛ فإنه سيخرج من رمضان كما دخل فيه، وله حظ ونصيب من هذا الحديث الذي أخرجه الترمذي والحاكم: "رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يُغْفر له".
ويخرج من رمضان وهو غير راضٍ عن نفسه، ويُمَنِّي نفسه أنه في العام القادم سيكون أكثر اجتهاداً ونشاطاً.
لكن مَن يضمن عمره؟! ومَن يضمن قلبه؟!
فالعمر بيد الله, كما أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبُها كيف يشاء, فربما كتب الله له البقاء حتى أدرك رمضان القادم كما كان يتمنَّى, لكن هل يضمن قلبه؟! فإذا كان خرج من رمضان وهو موسم المغفرة صِفر اليدين, فمتى سيُغفر له إن لم يُغفر له في رمضان فمتى؟! إن لم تُثمر الشجرة في أوانها فمتى تُثمر؟!
فهيا... هيا من الآن نستعد لموسم الغفران.
والاجتهـاد في شعبان يكون عـن طريق:
1. المحافظة على الفرائض، وعدم التفريط فيها، والإكثار من النوافل:
فقد أخرج البخاري من حديث أبى هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله -تعالى-: "وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحبَّ إليّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنَّوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها, ورِجْله التي يمشى بها، وإن سألني لأعطينَّهُ، ولئن استعاذني لأعيذنَّهُ".
وكما أن مجاهدة النفس، والإكثار من النوافل سبب لمحبة الله, فهي كذلك سبب في سكنى أعلى درجات الجنة مع الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: سَلْ، فقلت: أسألُك مرافقتَكَ في الجنة، قال: أوَغَيرَ ذلك. قلت: هو ذاك. قال: فأعنِّي على نفسك بكثرةِ السُّجُود".
فبكثرة السجود يصل المرء إلى هذه الأشواق العالية من مصاحبة خير البرية في الجنة, ولا تكون هذه المصاحبة بالأماني والإدِّعاءات الكاذبة.
2. الإكثار من الصيام في شعبان:
أ- فقد أخرج البخاري عن عائشة –رضي الله عنها– قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول: لا يُفطر، ويُفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهرٍ إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً من شعبان".
وفي رواية: "وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان.
ب- وأخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة –رضي الله عنها- قالت: "لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم من شهر أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله".
وفي رواية في الصحيحين: "كان يصوم شعبان إلا قليلاً".
روى ابن وهب عن عائشة ـرضي الله عنهاـ قالت: "ذكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ناس يصومون رجب، فقال: أين هم من شعبان؟!.
وباع قوم من السلف جارية لأحد الناس: فلما أقبل رمضان أخذ سيدها الجديد يتهيأ بألوان المطعومات والمشروبات لاستقبال رمضان، كما يصنع كثير من الناس اليوم، فلما رأت الجارية ذلك منهم، قالت: لماذا تصنعون ذلك؟ قالوا: لاستقبال شهر رمضان. فقالت: وأنتم لا تصومون إلا في رمضان، والله لقد جئت من عند قوم السَّنَة عندهم كأنها كلها رمضان، لا حاجة لي فيكم، رُدُّوني إليهم، ورجعت إلى سيدها الأول".
فعليك أخي الحبيب... أن تكثر من الصيام في شعبان, والذي يدفعك للإكثار من الصيام فيه، وفي غيره أن تعلم فضل الصيام.
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبى سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يصوم عبدٌ يوماً في سبيل الله إلا باعدَ اللهُ بذلك اليوم وجههُ عن النار سبعينَ خريفاً".
هذا بصيام يوم واحد فقط نافلة، في حين أن رب العالمين يقول في كتابه الكريم: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} (آل عمران: 185).
فما بالك بمَن زُحزحَ وجهُه عن النار سبعينَ خريفاً؟!!
تنبيه: ذهب الشافعية:
إلى عدم جواز الصيام بعد النصف من شعبان واستدلوا بالحديث الذي أخرجه أبو داود والترمذي عن أبى هريرة -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا".
بينما ذهب جمهور أهل العلم:
إلى جواز الصيام بعد النصف من شعبان.
وحكم أهل العلم على الحديث السابق بـ"النكارة", (فهو حديث منكر), وحكم عليه البعض بالشذوذ؛ لأنه يُخالف الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبى هريرة -رضي الله عنه-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين, إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه؛ فليصم ذلك اليوم".
وفى هذا الحديث دليل على جواز الصيام بعد النصف من شعبان.
ويدل على ذلك أيضاً:
الأحاديث المتقدمة في صفة صيام النبي -صلى الله عليه وسلم- في شعبان.
أضف إلى هذه الأدلة حديثاً آخر أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة بسند صحيح عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: "ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان".
وفي رواية أخرى عند أبي داود أنها قالت: "أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يصوم من السنة شهراً تاماً إلا شعبان يصله برمضان" (صحيح الترغيب: 1025، صحيح أبي داود: 2048).
فالراجـــــــــــــــــــــح:
هو قول الجمهور على جواز الصيام بعد النصف من شعبان, على أن يتوقف عن الصيام قبل رمضان بيوم أو يومين، إلا صوماً كان يصومه أحدهم، أي أنه إذا كان من عادته صيام الاثنين والخميس فجاء رمضان يوم الثلاثاء، فلا مانع أن يصوم يوم الاثنين، وهو ما قبل رمضان بيوم, فهذا جائز بنص الحديث. والله أعلم.
3. ويستحب الإكثار من الصدقة، وقراءة القرآن في شعبان:
يقول ابن رجب -رحمه الله- كما في "لطائف المعارف": "والصيام في شعبان كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة, بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده, ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته؛ فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.
ـ ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان، شُرِع فيه ما شُرِع في رمضان، من الصيام، وقراءة القرآن؛ ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن.
وقد روينا بإسناد ضعيف عن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان المسلمون إذا دخل شعبان، انكبوا على المصاحف فقرءوها، وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان".
قال سلمة بن كهيل: "كان يقال: شهر شعبان شهر القُرَّاء".
وكان حبيب بن أبى ثابت -رحمه الله- يقول: "إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القُرَّاء".
وكان عمرو بن قيس الملائي: "إذا دخل شعبان أغلق حانوته, وتفرغ لقراءة القرآن".
قال الحسن بن سهل: "قال شعبان: يا ربِّ... جعلتني بين شهرين عظيمين، فما لي؟ قال: جعلت فيك قراءة القرآن". أهـ من كلام ابن رجب.
يكفيك أن تعرف أخي الحبيب:
أن لك بكل حرف تقرؤه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها.
فقد أخرج الترمذي بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: مَنْ قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: "آلم" حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف".
وفضائل القرآن كثيرة كثيرة لا يسعنا ذكرها في هذا المقام.
ثالثاً: الاجتهاد في شعبان من أجل أنه ترفع فيه الأعمال:
فقد أخرج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: "قلت يا رسول الله، لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان قال: ذاك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع الإعمال فيه إلى رب العالمين, فأحِبُّ أن يُرفع عملي وأنا صائم".
وفي رواية أخرى عند البيهقي في شُعب الإيمان من حديث أسامة بن زيد ـرضي الله عنهماـ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " شعبان بين رجب وشهر رمضان، تغفل الناس عنه، تُرْفع فيه أعمال العباد، فأحب أن لا يُرفع عملي إلا وأنا صائم". (صحيح الجامع: 3711)، (الصحيحة: 1898).
فحيث إن رجب من الأشهر المُحرَّمة، ورمضان من الشهور المُعظمَّة، فإن النَّاس يجتهدون فيها، فإذا ما جاء شعبان ترك الناس العبادة، وفتح الشيطان لهم باب التسويف، فيُحدِّث أحدهما نفسه فيقول: سأجتهد في رمضان، وسأفعل... وسأفعل, فيفتح لهم الشيطان باب التمنِّي والأمل، حتى يُقعدهم عن العمل في شعبان، ويَدْخُلُ عليهم رمضان وهم خائبون، وينصرف عنهم وهم خاسرون، ويُمنِّيهم الشيطان أنهم في العام القادم سيُعوِّضون.
وصدق الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال كما عند ابن النجار: "أخسرُ النَّاس صفقةً: رجلٌ أخلق يده في أمانيه، ولم تُساعده الأيام على تحقيق أمنيته، فخرج من الدنيا بغير زاد، وقدم على الله بغير حُجة".
وكأن ابن آدم من كثرة ما أمدّ له الشيطان في الأمل، وأنساه بغتة الأجل, وأنساه قرب الموت والرحيل، وكأنه بمأمن أن ينتقل إلى الرب الجليل، وأنه راحل إليه، وأنه واقف بين يديه جل وعلا.
يتبع إن شاء الله...