منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 تفسير سورة الأنفال (08)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تفسير سورة الأنفال (08) Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الأنفال (08)   تفسير سورة الأنفال (08) Emptyالخميس 21 مايو 2015, 4:30 am

تفسير سورة الأنفال (08)

تفسير سورة الأنفال (08) 0

بسم الله الرحمن الرحيم

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (1) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ الأنفال } : جمع نفل بتحريك الفاء : ما يعطيه الإِمام لأفراد الجيش تشجيعاً لهم .

{ ذات بينكم } : أي حقيقة بينكم ، والبين الوصلة والرابطة التي تربط بعضكم ببعض من المودة والإِخاء .

{ إنما المؤمنون } : أي الكاملون في إيمانهم .

{ وجلت قلوبهم } : أي خافت إذ الوجل : هو الخوف لا سيما عند ذكر وعيده ووعده .

{ وعلى ربهم يتوكلون } : على الله وحده يعتمدون وله أمرهم يفوضون .

{ ومما رزقنناهم } : أي أعطيناهم .

{ أولئك } : أي الموصوفون بالصفات الخمس السابقة .

{ لهم درجات } : منازل عالية في الجنة .

{ ورزق كريم } : أي عطاء عظيم من سائر وجوه النعيم في الجنة .


معنى الآيات :

هذه الآيات نزلت في غزوة بدر وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد نفل بعض المجاهدين لبلائهم وتخلف آخرون فحصلت تساؤلات بين المجاهدين لم يعطي هذا ولم لا يعطي ذاك فسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى { يسألونك عن الأنفال؟ } فأخبرهم أنها { لله والرسول } فالله يحكم فيها بما يشاء والرسول يقسمها بينكم كما يأمره ربه وعليه فاتقوا الله تعالى بترك النزاع والشقاق ، { وأصلحوا } ذات بينكم بتوثيق عرى المحبة بينكم وتصفية قلوبكم من ضغن أو حقد نشأ من جراء هذه الأنفال واختلافكم في قسمتها ، { وأطيعوا الله ورسوله } في كل ما يأمرانكم به وينهيانكم عنه { إن كنتم مؤمنين } حقاً فامتثلوا الأمر واجتنبوا النهي . 

وقوله تعالى { إنما المؤمنين } أي الكاملون في إيمانهم الذين يستحقون هذا الوصف وصف المؤمنين هم { الذين إذا ذكر الله } أي اسمه أو وعده أو وعيده { وجلت قلوبهم } أي خافت فأقلعت عن المعصية ، وأسرعت إلى الطاعة ، { وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً } أي وي إيمانهم وعظم يقينهم ، { وعلى ربهم } لا على غيره { يتوكلون } وفيه تعالى يثقون . 

وإليه تعالى أمورهم يفوضون ، { الذين يقيمون الصلاة } بأدائها بكامل شروطها وكافة أركانها وسائر سننها وآدابها ، { ومما رزقناهم } أي اعطيناهم { ينفقون } من مال وعلم ، وجاه وصحة بدن من كل هذا ينفقون في سبيل الله { أولئك } الموصوفون بهذه الصفات الخمس { هم المؤمنين حقاً } وصدقاً ، { لهم درجات عند ربهم } أي منازل عالية متفاوتة العلو والارتفاع في الجنة ، ولهم قبل ذلك { مغفرة } كاملة لذنوبهم ، { ورزق كريم } طيب واسع لا تنقيص فيه ولا تكدير ، وذلك في الجنة دار المتقين .


هداية الآيات

من هداية الآيات :

1- الأمر بتقوى الله عز وجل وإصلاح ذات البين .

2- الإِيمان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان .

3- من المؤمنين من هو كامل الإِيمان ، ومنهم من هو ناقصه .

4- من صفات أهل الإِيمان الكامل ما ورد في الآية الثانية من هذه السورة وما بعدها .

________________________________________

كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (6) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (8)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ من بيتك } : أي المدينة المنورة .

{ لكارهون } : أي الخروج للقتال .

{ إحدى الطائفتين } : العير « القافلة » أو النفير : نفير قريش وجيشها .

{ الشوكة } : السلاح في الحرب .

{ يبطل الباطل } : أي يظهر بطلانه بقمع أهله وكسر شوكتهم وهزيمتهم .

{ ولو كره المجرمون } : كفار قريش المشركون .


معنى الآيات :

قوله تعالى { كما أخرجك ربك } أيها الرسول { من بيتك } بالمدينة { بالحق } متلبساً بهحيث خرجت بإذن الله { وان فريقاً من المؤمنين لكارهون } لما علموا بخروج قريش لقتالهم ، وكانت العاقبة خيراً عظيماً ، هذه الحال مثل حالهم لما كرهوا نزع الغنائم من أيديهم وتوليك قسمتها بإذننا ، على أعدل قسمة وأصحها وأنفعها فهذا الكلام في هذه الآية ( 5 ) تضمنت تشبيه حال حاضرة بحال ماضيه حصلت في كل واحدة كراهة بعض المؤمنين ، وكانت العاقبة في كل منهما خيراً والحمد لله ، وقوله تعالى { يجادلونك في الحق بعد ما تبين } أي يجادلونك في القتال بعدما اتضح لهم أن العير نجت وأنه لم يبق إلا النفير ولا بد من قتالها . وقوله تعالى { كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون } أي إلى الموت عياناً يشاهدونه أمامهم وذلك من شدة كراهيتهم لقتال لم يستعدوا له ولم يوطنوا أنفسهم لخوض معاركه . 

وقوله تعالى { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين } أي اذكر يا رسولنا لهم الوقت الذي يعدكم الله تعالى فيه إحدى الطائفتين العير والنفير ، وهذا في المدينة وعند السير أيضاً { أنها لكم } أي تظفرون بها ، { وتودون } أي تحبون أن تكون { غير ذات الشوكة } وهي عير أبي سفيان { تكون لكم } ، وذلك لأنها مغنم بلا مغرم لقلة عددها وعددها ، والله يريد { أن يحق الحق } أي يظهره بنصرأوليائه وهزيمة أعدائه . وقوله { بكلماته } أي التي تتضمن أمره تعالى إياكم بقتال الكافرين ، وأمره الملائكة بالقتال معكم ، وقوله { ويقطع دابر الكافرين } أي بتسليطكم عليهم فتقتلوهم حتى لا تبقوا منهم غير من فر وهرب ، وقوله { ليحق الحق } أي لينصره ويقرره وهو الإِسلام { ويبطل الباطل } وهو الشرك { ولو كره } ذلك { المجرمون } أي المشركون الذين أجرموا على أنفسهم فأفسدوها بالشرك ، وعلى غيرهم أيضاً حيث منعوهم من قبول الإِسلام وصرفوه عنه بشتى الوسائل .


هداية الآيات

من هداية الآيات :

1- تقرير قاعدة { عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم } وذكر نبذة عن غزوة بدر الكبرى وبيان ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن غيراً لقريش تحمل تجارة قادمة من الشام في طريقها إلى مكة وعلى رأسها أبو سفيان بن حرب فانتدب النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه للخروج إليها عسى الله تعالى أن يغنمهم إياها ، لأن قريشاً صادرت أموال بعضهم وبعضهم ترك ماله بمكة وهاجر . 

2- فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأثناء مسيره أخبرهم أن الله تعالى وعدهم إحدى الطائفتين ، لا على التعيين جائز أن تكون العير ، وجائز أن تكون النفير الذي خرج من مكة للذنب عن العير ودفع الرسول وأصحابه عنها حتى لا يستولوا عيلها ، فلما بلغ الرسول نبأ نجاة العير وقدوم النفير استشار أصحابه فوافقوا على قتال المشركين ببدر وكره بعضهم ذلك ، وقالوا : انا لم نستعد للقتال فأنزل الله تعالى هذه الآيات { يجادلونك في الحق بعد ما تبين } إلى قوله { . . .ولو كره المجرمون } .

2- بيان ضعف الإِنسان في رغبته في كل ما لا كلفة فيه ولا مشقة .

3- إنجاز الله تعالى وعده للمؤمنين إذ أغنمهم طائفة النفير وأعزهم بنصر لم يكونوا مستعدين له .

4- ذكر نبذة عن وقعة بدر وهي من أشهر الوقائع وأفضلها وأهلها من أفضل الصحابة وخيارهم إذ كانت في حال ضعف المسلمين حيث وقعت في السنة الثانية من الهجرة وهم أقلية والعرب كلهم أداء لهم وخصوم .

________________________________________

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ (14)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ تستغيثون } : أي تطلبون الغوث من الله تعالى وهو النصر على أعدائكم .

{ مردفين } : أي متتابعين بعضهم ردف بعض أي متلاحقين .

{ وما جعله الله إلا بشرى } : أي الإِمداد بالملائكة إلا بشرى لكم بالنصر .

{ إذ يغشيكم النعاس } : أي يغطيكم به والنعاس: نوم خفيف جداً .

{ آمنة } : أي أمناً من الخوف الذي أصابكم لقلتكم وكثرة عدوكم .

{ منه } : أي من الله تعالى .

{ رجز الشيطان } : وسواسه لكم بما يؤلمكم ويحزنكم .

{ وليربط على قلوبكم } : أي يشد عليها بالصبر واليقين .

{ ويثبت به الأقدام } : اي بالمطر أقدامكم حتى لا تسوخ في الرمال .

{ الرعب } : الخوف والفزع .

{ فاضربوا كل بنان } : أي أطراف اليدين والرجلين حتى يعوقهم عن الضرب .

{ ذلكم فذوقوه } : أي العذاب فذوقوه .

{ عذاب النار } : أي في الآخرة .


معنى الآيات :

ما زال السياق في أحداث غزوة بدر ، وبيان منن الله تعالى على رسوله والمؤمنين إذ يقول تعالى لرسوله { إذ تستغيثون ربكم } أي اذكر يا رسولنا حالكم لما كنتم خائفين لقلتكم وكثرة عدوكم فاستغثتم ربكم قائلين : اللهم نصرك ، اللهم أنجز لي ما وعدتني { فاسستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين } أي متتالين يتبع بعضهم بعضاً { وما جعله الله إلا بشرى } أي لم يجعل ذلك الإِمداد إلا مجرد بشرى لكم بالنصر على عدوكم { ولتطمئن به قلوبكم } أي تسكن ويذهب منها القلق والاضطراب ، أما النصر فمن عند الله ، إن الله عزيز حكيم } عزيز غالب لا يحال بينه وبين ما يريده ، حكيم بنصر من هو أهل للنصر ، هذه نعمة ، وثانية : اذكروا { إذ يغشيكم } ربكم { النعاس أمنة منه } أي أماناً منه تعالى لكم فإن العبد إذا خامره النعاس هدأ وسكن وذهب الخوف منه ، وثبت في ميدان المعركة لا يفر ولا يرهب ولا يهرب ، { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان } وهذه نعمة أخرى ، فقد كانت الأرض رملية تسوح فيها أقدامهم لا يستطيعون عليها كراً ولا فراً ، وقل ماؤهم فصاروا ظماء عطاشاً ، محدثين ، لا يجدون ما يشربون ولا ما يتطهرون به من احداثهم ووسوس الشيطان لبعصهم بمثل قوله : تقاتلون محدثين كيف تنصرون ، تقاتلون وأنتم عطاش وعدوكم ريان إلى أمثال هذه الوسوسة ، فأنزل الله تعالى على معسكرهم خاصة مطراً غزيراً شربوا وتطهروا وتلبدت به التربة فأصبحت صالحة للقتال عليها ، هذا معنى قوله تعالى { وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان } أي وسواسه { وليربط على قلوبكم } أي يشد عليها بما أفرغ عليها من الصبر وما جعل فيها من اليقين لها { ويثبت به الأقدام } ونعمة أخرى واذكر { إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم } بتأييدي ونصري { فثبتوا الذين آمنوا } أي قولوا لهم من الكلام تشجيعاً لهم ما يجعلهم يثبتون في المعركة { سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب } أي الخوف أيها المؤمنين { فاضربوا فوق الأعناق } أي اضربوا المذابح { واضربوا منهم كل بنان } أي اطراف اليدين والرجلين حتى لا يستطيعوا ضرباً بالسيف ، ولا فراراً بالأرجل وقوله تعالى { ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله } أي عادوهما وحاربوهما { ومن يشاقق الله ورسوله } ينتقم منه ويبطش به { فإن الله شديد العقاب } ، وقوله تعالى { ذلكم فذوقوه } أي ذلكم العذاب القتل والهزيمة فذوقوه في الدنيا وأما الآخرة فلكم فيها عذاب النار .


هداية الآيات

من هداية الآيات :

1- مشروعية الاستغاثة بالله تعالى وهي عبادة فلا يصح أن يستغاث بغير الله تعالى .

2- تقرير عقيدة أن الملائكة عباد الله يسخرهم في فعل ما يشاء ، وقد سخرهم للقتال مع المؤمنين فقاتلوا ، ونصروا وثبتوا وذلك بأمر الله تعالى لهم بذلك .

3- تعداد نعم الله تعالى على المؤمنين في غزوة بدر وهي كثيرة .

4- مشاقة ورسوله كفر يستوجب صاحبها عذاب الدنيا وعذاب الآخرة .

5- تعليم الله تعالى عباده كيف يقاتلون ويضربون أعداءهم ، وهذا شرف كبير للؤمنين .

________________________________________

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17) ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ (18) إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (19)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ زحفاً } : أي زاحفين لكثرتهم ولبطىء سيرهم كأنهم يزحفون على الأرض .

{ فلا تولوهم الأدبار } : أي لا تنهزموا فتفروا أمامهم فتولونهم أدباركم .

{ متحرفاً لقتال } : أي مائلاً من جهة إلى أخرى ليتمكن من ضرب العدو وقتاله .

{ أو متحيزاً إلى فئة } : أي رجع من المعركة مصحوباً بغضب من الله تعالى لمعصيته إياه .

{ وليبلي } : أي لينعم عليهم بنعمة النصر والظفر على قلة عددهم فيشكروا .

{ فئتكم } : مقاتلتكم من رجالكم الكثيرين .


معنى الآيات :

ما زال السياق في الحديث عن غزوة بدر وما فيها من جلال النعم وخفى الحكم ففي أولى هذه الآيات ينادي الرب تبارك وتعالى عباده المؤمنين فيقول { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً } أي وأنتم وإياهم زاحفون إلى بعضكم البعض { فلا تولوهم الأدبار } أي لا تنهزموا أمامهم فتعطوهم أدباركم فتمكنوهم من قتلكم ، إنكم أحق بالنصر منهم ، وأولى بالظفر والغلب إنكم مؤمنون وهم كافرون فلا يسح منكم انهزام أبداً { ومن يولهم يومئذ دبره } اللهم { أو متحيزاً إلى فئة } أي منحازاً إلى جماعة من المؤمنين تقاتل فيقاتل معها ليقويها أو يقوى بها ، من ولى الكافرين دبره في غير هاتين الحالتين { فقد باء بغضب من الله } أي رجع من جهاده مصحوباً بغضب من الله { ومأواه جهنم وبئس المصير } وذلك بعد موته وانتقاله إلى ألآخرة ، وقوله تعالى { فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم } يخبر تعالى عباده المؤمنين الذين عليهم التولي ساعة الزحق وتوعدهم بالغضب وعذاب النار يوم القيامة أنهم لم يقتلوا المشركين على الحقيقة وإنما الذي قتلهم هو الله فهو الذي أمرهم وأقدرهم وأعانهم ، ولولاه ما قتل أحد ولا مات فليعرفوا هذا حتى لا يخطر ببالهم أنهم هم المقاتلون وحدهم . 

وحتى رمي رسوله المشركين بتلك التي وصلت إلى جل أعين المشركين في المعركة فأذهلتهم وحيرتهم بل وعوقتهم عن القتال وسببت هزيمتهم كان الله تعالى هو الرامى الذي أوصل التراب الى أعين المشركين ، إذ لو ترك الرسول صلى الله عليه وسلم لقوته لما وصلت حثية التراب إلى أعين الصف الأول من القاتلين المشركين ، ولذا قال تعالى { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } وقوله تعالى { وليبلي المؤمنين منه بلاء الكافرين ويكسر شوكتهم { وليبلي المؤمنين } أي ولينعم عليهم الأنعام الحسن بنصرهم وتأييدهم في الدنيا وإدخالهم الجنة في الآخرة . 

وقوله تعالى { إن الله سميع عليم } بمقتضى هاتين الصفتين كان الإِبلاء الحسن ، فقد سمع تعالى أقوال المؤمنين واستغاثتهم { ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين } أي ذلكم القتل والرمي والإِبلاء كله حق واقع بقدرة الله تعالى { وأن الله موهن } أي مضعف { كيد الكافرين } فكلما كادوا كيداً بأوليائه وأهل طاعته أضعفه وأبطل مفعوله ، وله الحمد والمنة.

وقوله تعالى { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ، وإن تنتهوا فهو خير لكم } هذا خطاب للمشركين حيث قال أبو جهل وغيره نم رؤساء المشركين « اللهم أينا كان أفجر لك واقطع للرحم فأحنه اليوم ، اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة » أي أهلكه الغداة يوم بدر فأنزل الله تعالى { إن تستفتحوا } أي تطلبوا الفتح وهو القضاء بينكم وبين نبينا محمد { فقد جاءكم الفتح } وهي هزيمتهم في بدر { وإن تنتهوا } تكفوا عن الحرب والقتال وتناقدوا لحكم الله تعالى . 

فتسلموا { فهو خير لكم وإن تعودوا } للحرب والكفر { نعد } فنسلط عليكم رسولنا والمؤمنين لنذيقكم على أيديهم الذل والهزيمة { ولن تغني عنكم فئتكم شيئاً ولو كثرت } وبلغ تعداد المقاتلين منكم عشرات الآلاف ، هذا وأن الله دوماً مع المؤمنين فلن يتخلى عن تأييدهم ونصرتهم ما استقاموا على طاعة ربهم ظاهراً وباطناً .


هداية الآيات :

من هداية الآيات :

1-  حرمة الفرار من العدو الكافر عند اللقاء لما توعد الله تعالى عليه من الغضب والعذاب ولعد الرسول له من الموبقات السبع في حديث مسلم « والتولي يوم الزحف » .

2-  تقرير مبدأ أن الله تعالى خالق كل شيء وأنه خلق العبد وخلق فعله ، إذ لما كان العبد مخلوقاً وقدرته مخلوقة ، ومأموراً ومنهياً ولا يصدر منه فعل ولا قول إلا بإقدار الله تعالى له كان الفاعل الحقيقي هو الله ، وما للعبد إلا الكسب بجوارحه وبذلك يجزى الخير بالخير والشر بمثله . عدل الله ورحمته .

3-  آية وصول حثية التراب من كف السول صلى الله عليه وسلم إلى إغلب عيون المشركين في المعركة .

4-  إكرام الله تعالى وإبلاؤه لأولياءه البلاء الحسن فله الحمد وله المنة .

5-  ولاية الله للمؤمنين الصادقين هى أسباب نصرهم وكمالهم وإسعادهم .

________________________________________

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ ولا تولوا عنه } : أي لا تعرضوا عن طاعته إذا أمركم أو نهاكم كأنهكم لا تسمعون .

{ إن شر الدواب } : أى شر ام يدب على الأرض الكافرون .

{ لأسمعهم } : لجعلهم يسمعون أو لرفع المانع عنهم فسمعوا واستجابوا .


معنى الآيات :

ينادي الله تعالى عباده المؤمنين الذين آمنوا به وبرسوله وصدقوا بوعده ووعيده يوم لقائه فيأمرهم بطاعته وطاعة رسوله ، وينهاهم عن الإِعراض عنه وهم يسمعون الآيات تتلى والعظات تتوالى في كتاب الله وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن نصركم وتأييدكم كان ثمرة لإِيمانكم وطاعتكم فإن أنتم أعرضتم وعصيتم فتركتم كل ولاية لله تعالى لكم أصبحتم كغيركم من أهل الكفر والعصيان هذا معنى قوله { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ، ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون } وقوله { ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون } ينهاهم عز وجل أن يسلكوا مسلك الكافرين المشركين في التصامم عن سماع الآيات الحاملة للحق والداعية إليه ، والتعامي عن رؤية آيات الله الدالة على توحيده الذين قالوا إنا عما يقوله محممد في صمم ، وفيما يذكر ويشير إليه في عمى ، فهم يقولون سمعنا بآذاننا وهم لا يسمعون بقلوبهم لأنهم لا يتدبرون ولا يفكرون فلذا هم في سماعهم كمن لم يسمع إذ العبرة بالسماع الانتفاع به لا مجرد سماع صوت وقوله تعالى { إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون } يعني بهم المشركين وكانوا شر الدواب لأنهم كفروا بربهم وأشركوا به فعبدوا غيره ، وضلوا عن سبيله ففسقوا وظلموا وأجرموا الأمر الذي جعلهم حقاً شر الدواب في الأرض فهذا تنديد بالمشركين ، وفي نفس الوقت هو تحذير للمؤمنين من معصية الله ورسوله والإِعراض عن كتابه وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى { ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم } أي لجعلهم يسمعون آيات الله وما تحمله من بشارة ونذارة وهذا من باب الفرض لقوله تعالى { ولو أسمعهم لتولوا عنه وهم معرضون } هؤلاء طائفة من المشركين توغلوا في الشر والفساد والظلم والكبر والعناد فحرموا لذلك هداية الله تعالى فقد هلك بعضهم في بدر وبعض في أحد ولم يؤمنوا لعلم الله تعالى أنه لا خير فيهم وكيف لا وهو خالقهم وخالق طباعهم ، { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } .


هداية الآيات

من هداية الآيات :

1- وجوب طاعة الله ورسوله في أمرهما ونهيهما ، وحرمة معصيتهما .

2- حرمة التشبه بالمشركين والكافرين وسائر أهل الضلال وفي كل شيء من سلوكهم .

3- بيان أن من الناس هو شر من الكلاب والخنازير فضلاً عن الإِبل والبقر والغنم أولئك البعض كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً .

________________________________________

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ استجيبوا } : اسمعوا وأطيعوا .

{ لما يحييكم } : أي لما فيه حياتكم ولما هو سبب في حياتكم كالإِيمان والعمل الصالح والجهاد .

{ فتنة } : أي عذاباً تفتنون به كالقحط أو المرض أو تسلط عدو .

{ مستضعفون } : أي ضعفاء أمام أعدائكم يرونكم ضعفاء فينالون منكم .

{ ورزقكم من الطيبات } : جمع طيب من سائر المحللات من المطاعم والمشراب وغيرها .

{ لعلكم تشكرون } : رجاء أن تشكروه تعالى بصرف النعمة في مرضاته .


معنى الآيات :

هذا هو النداء الثالث بالكرامة للمؤمنين الرب تعالى يشرفهم بندائه ليكرمهم بما يأمرهم به أو ينهاهم عنه تربية لهم وإعداداً لهم لسعادة الدارين وكرامتهما فيقول { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } وهو بمعنى النداء الأول أطيعوا الله ورسوله . 

وقوله { لما يحييكم } إشعار بأن أوامر الله تعالى ورسوله كنواهيهما لا تخلوا أبداً مما يحيي المؤمنين أو يزيد في حياتهم أو يحفظها عليهم ، ولذا وجب أن يطاع الله ورسوله ما أمكنت طاعتهما . 

وقوله { واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه } تنبيه عظيم للمؤمنين فيقلب القلب ويوجهه إلى وجهة أخرى فيكره فيها الخير ويرغب في الشر وقوله { وأنه إليه تحشرون } فالذي يعلم أنه سيحشر رغم أنفه إلى الله تعالى كيف يسوغ له عقله أن يسمع نداءه بأمره فيه أو ينهاه فيعرض عنه ، وقوله { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة } تحذير آخر عظيم للمؤمنين من أن يتركوا طاعة الله ورسوله ، ويتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينتشر الشر ويعم الفساد ، وينزل البلاء فيعم الصالح والطالح ، والبار والفاجر ، والظالم والعادل ، وقوله { واعلموا أن الله شديد العقاب } . 

وهو تأكيد للتحذير بكونه تعالى إذا عاقب بالذنب والمعصية فعاقبه قاس شديد لا يطاق فليحذر المؤمنون ذلك بلزوم طاعة الله ورسوله ، وقوله تعالى : { واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون تشكرون } هذه موعظة ربانية لأولئك المؤمنين الذين عايشوا الدعوة الإِسلامية من أيامها الأولى بذكرهم ربهمبما كانوا عليه من قلة وضعف يخافون أن يتخطفهم الناس لقلتهم وضعفهم ، فآواهم عز وجل إلى مدينة نبيه المنورة ونصرهم بجنده فعزوا بعد ذلة واستغنوا بعد عيلة وفاقة ، ورزقهم من الطيبات من مطعم ومشرب وملبس ومركب ، ورزقهم من الطيبات إكراماً لهم ، ليعدهم بذلك للشرك إذ يشكر النعمةمن عاشها ولابسها ، والشكر حمد المنعم والثناء عليه وطاعته ومحبته وصرف النعمة في سبيل مرضاته ، والله يعلم أنهم قد شكروا فرضي الله عنهم وأرضاهم والحقنا بهم صابرين شاكرين .


هداية الآيات

هداية الآيات :

1-  وجب الاستحابة لنداء الله ورسوله بفعل الأمر وترك النهي لما في ذلك من حياة الفرد المسلم .

2-  تعين اغتنام فرصة الخير قبل فواتها فمتى سنحت للمؤمن تعين عليه اغتنامها .

3-  وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اتقاء للفتن العامة التي يهلك فيها العادل والظالم .

4- وجوب ذكر النعم لشكرها بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

5-  وجوب شكر النعم بحمد الله تعالى والثناء عليه والاعتراف بالنعمةله والتصرف فيها حسب مرضاته .

________________________________________

يتبع إن شاء الله...



تفسير سورة الأنفال (08) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 08 يونيو 2021, 9:48 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تفسير سورة الأنفال (08) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الأنفال (08)   تفسير سورة الأنفال (08) Emptyالخميس 21 مايو 2015, 4:36 am

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27) وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ لا تخونوا الله والرسول } : أي بإظهار الإِيمان والطاعة ومخالفتهما في الباطن .

{ وتخونوا أماناتكم } : أي ولا تخونوا أماناتكم التي يأتمن عليها بضعكم بعضاً .

{ إنما أموالكم وأولادكم فتنة } : أي الاشتغال بذلك يفتنكم عن طاعة الله ورسوله .

{ إن تتقوا الله } : أي بامتثال أمره واجتناب نهيه في المعتقد والقول والعمل .

{ يجعل لكم فرقاناً } : نوراً في بصائركم تفرقون به بين النافع والضار والصالح والفاسد .

{ ويكفر عنكم سيآتكم } : يمحوا عنكم ما سلف من ذنوبكم التي بينكم وبينه .

{ ويغفر لكم ذنوبكم } : أي يغطيها فيسترها عليكم فلا يفضحكم بها ولا يؤاخذكم عليها .


معنى الآيات :

هذا نداء رباني آخر يوجه إلى المؤمنين { يا أيها الذين آمنوا } أي يا من آمنتم بالله رباً وبمحمد رسولاً وبالإِسلام ديناً ، { لا تخونوا الله والرسول } بأن يظهر أحدكم الطاعة لله ورسوله ، ويستسر المعصية ، ولا تخونوا أماناتكم التي يأتمن بعضكم بعضاً عليها { وأنتم تعلمون } عظيم جريمة الخيانة وآثارها السيئة على النفس والمجتمع ، هذا ما دلت عليه الآية الأولى في هذا السياق { يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أمانتكم وأنتم تعلمون } وقوله تعالى { واعلموا انما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم } فيه إشارة إلى السبب الحامل على الخيانة غالباً وهو المال والأولاد فأخبرهم تعالى أن أموالهم وأولادهم فتنة تصرفهم عن الأمانة والطاعة ، وأن ما يرجوه من مال أو ولد ليس بشيء بالنسبة الى ما عند الله تعالى إن الله تعالى عنده أجر عظيم لمن أطاعه واتقاه وحافظ على أمانته مع الله ورسوله ومع عباد الله وقوله تعالى في الآية الثالثة { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئآتكم ويغفر لكم } هذا حض على التقوى وترغيب فيها بذكر أعظم النتائج لها وهي أولاً اعطاء الفرقان وهو النصر والفصل بين كل مشتبه ، والتمييز بين الحق والباطل والضار والنافع ، والصحيح والفاسد ، وثانياً تكفير السيئآت ، وثالثاً مغفرة الذنوب ورابعاً الأجر العظيم الذي هو الجنة ونعيمها إذ قال تعالى في ختام الآية { والله ذو الفضل العظيم } إشارة الى ما يعطيه الله تعالى أهل التقوى في الآخرة وهو الجنة ورضوانه على أهلها ، ولنعم الأجر الذي من أجله يعمل العاملون .


هداية الآيات

من هداية الآيات :

 1-  تحريم الخيانة مطلقاً وأسوأها ما كان خيانة لله ورسوله .

2-  في المال والأولاد فتنة قد تحمل على خيانة الله ورسوله ، فيلحذرها المؤمن .

3-  من ثمرات التقوى تكفير السيآت وغفران الذنوب ، والفرقان وهونور في القلب يفرق به المتقى بين الأمور المتشابهات والتي خفي فيها وجه الحق والخير .

________________________________________

وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31)

_______________________________________

شرح الكلمات :

{ وإذ يمكر بك } : أي يبيتون لك ما يضرك .

{ ليثبتوك } : أي ليحبسوك مثبتاً بوثاق حتى لا تفر من الحبس .

{ أو يخرجوك } : أي ينفوك بعيداً عن ديارهم .

{ ويمكرون ويمكر الله } : أي يدبرون لك السوء ويبيتون لك المكروه ، والله تعالى يدبر لهم ما يضرهم أيضاً ويبيت لهم ما يسوءهم .

{ آياتنا } : آيات القرآن الكريم .

{ أساطير الأولين } : الأساطير جمع أسطوره ما يدون ويسطر من أخبار الأولين .


معنى الآيات :

يذكر تعالى رسوله والمؤمنين بنعمة من نعمه تعالى عليهم فيقول لرسوله واذكر إذ يمكر بك الذين كفروا { ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك } إذا اجتمعت قريش في دار الندوة وأتمرت في شأن النبي صلى الله عليه وسلم وفكرت ومكرت فأصدروا حكماً بقتله صلى الله عليه وسلم وبعثوا من ينفذ جريمة القتل أحد ونفذ وهاجر إلى المدينة وهذا معنى { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } فكان في نجاته صلى الله عليه وسلم من يد قريش نعمة عظمى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى سائر المؤمنين والحمد لله رب العالمين .

وقوله تعالى في الآية الثانية { وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين } هذا الخبر تنديد بموقف المشركين ذكر بعد ذكر مؤامراتهم الدنية ومكرهم الخبيث حيث قرروا قتله صلى الله عليه وسلم يخبر تعالى أنهم إذا قرأ عليهم الرسول آيات الله المبينة للحق والمقررة للايمان به ورسالته بذكر قصص الأولين قالوا { سمعنا } ما تقرأ علينا ، { ولو شئنا لقلنا مثل هذا } أي الذي تقول { إن هذا إلا أساطير الأولين } أي أخبار السابقين من الأمم سطرت وكتبت فهي تملى عليك فتحفظها وتقرأها علينا وكان قائل هذه المقالة الكاذبة النضر بن الحارث عليه لعائن الله ، إذ مات كافراً .


هداية الآيتين

من هداية الآيتين :

 1-  التذكير بنعم الله تعالى على العبد ليجد العبد في نفسه داعية الشكر فيشكر .

2-  بيان مدى ما قاومت به قريش دعوة الإِسلام حتى إنها أصدرت حكمها بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم .

3-  بيان موقف المشركين من الدعوة الإِسلامية ، وانهم بذلوا كل جهد في سبيل انهائها والقضاء عيلها .

________________________________________

وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34) وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (35)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ اللهم } : أي يا الله حذفت ياء النداء من أوله وعوض عنها الميم من آخره .

{ إن كان هذا } : أي الذي جاء به محمد ويخبر به .

{ فأمطر } : أنزل علينا حجارة .

{ يصدون عن المسجد الحرام } : يمنعون الناس من الدخول إليه للاعتمار .

{ مكاء وتصدية } : المكاء : التصفير ، والتصدية : التصفيق .


معنى الآيات :

ما زال السياق في التنديد ببعض أقوال المشركين وأفعالهم فهذا النضر بن الحارث القائل في الآيات السابقة { لو نشاء قلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين } يخبر تعالى عنه أنه قال { اللهم إن كان هذا } أي القرآن { هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } فنهلك بها ، ولا نرى محمداً ينتصر دنيه بيننا ، { أو أئتنا بعذاب أليم } حتى نتخلص من وجودنا . 

فقال تعالى { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } فوجودك بينهم أمان لهم { وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } إذ كانوا إذا طافوا يقول بعضهم غفرانك ربنا غفرانك ، ثم قال تعالى { وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام } أي أيُّ شيء يصرف العذاب عنهم وهم يرتكبون أبشع جريمة وهي صدهم الناس عن دخول المسجد الحرام للطواف بالبيت الحرام ، فقد كانوا يمنعون المؤمنين من الطواف بالبيت والصلاة في المسجد الحرام . 

وقوله تعالى { وما كانوا أولياءه } رد على مزاعمهم بأنهم ولاة الحرم والقائمون عليه فلذا لهم أن يمنعوا من شاءوا ويأذنوا لمن شاءوا فقال تعالى رداً عليهم { وما كانوا أولياءه } أي أولياء المسجد الحرام ، كما لم يكونوا أيضاً أولياء الله إنّما أولياء الله والمسجد الحرام المتقون الذين يتقون الشرك والمعاصي { ولكن أكثرهم لا يعلمون } هذا لجهل بعضهم وعناد آخرين . 

وقوله { وما كان صلاتهم عن البيت إلا مكاء وتصدية } إذ كان بعضهم إذ طافوا يصفقون ويصفرون كما يفعل بعض دعاة التصوف حيث يرقصون وهم يصفقون ويصفرون ويعدون هذا حضرة أولياء الله ، والعياذ بالله من الهل والضلال وقوله تعالى { فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } أذاقهموه يوم بدر إذ أذلهم فيه وأخزاهم وقتل رؤساءهم .


هداية الآيات

من هداية الآيات :

1-  بيان ما كان عليه المشركون في مكة من بغض للحق وكراهية له حتى سألوا العذاب العام ولا يرون راية الحق تظهر ودين الله ينتصر .

2-  النبي صلى الله عليه وسلم أمان أمته من العذاب فلم تُصب هذه الأمة بعذاب الاستئصال والإِبادة الشاملة .

3-  فضيلة الاستغفار وأنه ينجى من عذاب الدنيا والآخرة .

4-  بيان عظم جرم من يصد عن المسجد الحرام للعبادة الشرعية فيه .

5-  بيان أولياء الله تعالى والذين يحق لهم أن يلوا المسجد الحرام وهو المتقون .

6-  كراهية الصفير والتصفيق ، وبطلان الرقص في التعبد .

_______________________________________

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37)
________________________________________
شرح الكلمات :
{ إن الذين كفروا } : أي كذبوا بآيات الله ورسالة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من قريش .
{ ثم تكون عليهم حسرة } : أي شدة ندامة .
{ ثم يغلبون } : أي يهزمون .
{ ليميز } : أي ليميز كل صنف من الصنف الآخر .
{ الخبيث } : هم أهل الشرك والمعاصي .
{ من الطيب } : هم أهل التوحيد والأعمال الصالحة .
{ فيركمه } : أي يجعل بعضه فوق بعض في جهنم .

معنى الآية الكريمة :
ما زال السياق في التنديد بالمشركين وأعمالهم الخاسرة يخبر تعالى { أن الذين كفروا } وهم أهل مكة من زعماء قريش { ينفقون أموالهم } فى حرب رسول الله والمؤمنين للصد عن الإِسلام المعبر عنه بسبيل الله يقول تعالى { فيسنفقونها ثم تكون عليهم حسرة } أي ندامة شديدة لسوء العاقبة التي كانت لهم في بدر وأحد والخندق إذ أنفقوا على هذه الحملات الثلاث من الأموال ما الله به عليم ، ثم خابوا فيها وخسروا وبالتالي غلبوا وانتهى سلطانهم الكافر وفتح الله على رسوله والمؤمنين مكة وقوله تعالى { والذين كفروا } أي من مات منهم على الكفر { إلى جهنم يحشرون } أي يجمعون ، وعلة هذا الجمع أن يميز الله تعالى الخبيث من الطيب فالطيبون وهم المؤمنون الصالحون يعبرون الصراط الى الجنة دار النعيم ، وأما الخبيث وهم فريق المشركين فيجعل بعضه إلى بعض فيركمه جميعاً كوماً واحداً فيجعله في جهنم . وقوله تعالى { أولئك هم الخاسرون } إشارة الى الذين أنفقوا أموالهم للصد عن سبيل الله وماتوا على الكفر فحشروا إلى جهنم وجعل بعضهم الى بعض ثم صيروا كوماً واحداً ثم جعلوا في نار جهنم هم الخاسرون بحق حيث خسروا أنفسهم وأموالهم وأهليهم وكل شيء وأمسوا في قعر جهنم مبليسن والعياذ بالله من الخسروان المبين .

هداية الآيات :
من هداية الآيات :
1-  كل نفقة ينفقها العبد للصد عن سبيل الله بأي وجه من الوجوه تكون عليه حسرة عظيمة يوم القيامة .
2-  كل كافر وكل مؤمن طيب .
3-  صدق وعد الله تعالى لرسوله والمؤمنين بهزيمة المشركين وغلبتهم وحسرتهم على ما أنفقوا في حرب الإِسلام وضياع ذلك كله وخيبتهم فيه .
________________________________________
قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)
________________________________________
شرح الكلمات :
{ إن ينتهوا } : عن الكفر بالله ورسوله وحرب الرسول والمؤمنين .
{ ما قد سلف } : أي مضى من ذنوبهم من الشرك وحرب الرسول والمؤمنين .
{ مضت سنة الأولين } : في إهلاك الظالمين .
{ لا تكون فتنة } : أي شرك بالله واضطهاد وتعذيب في سبيل الله .
{ ويكون الدين كله لله } : أي حتى لا يعبد غير الله .
{ مولاكم } : متولي أمركم بالنصر والتأييد .

معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في بيان الإِجراءات الواجب اتخذاها إزاء الكافرين فيقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم { قل للذين كفروا } مبلغاً عنا { إن ينتهوا } أي عن الشرك والكفر والعصيان وترك حرب الإِسلام وأهله { يغفر لهم ما قد سلف } يغفر الله لهم ما قد مضى من ذنوبهم العظام وهي الشرك والظلم ، وهذا وعد صدق ممن لا يخلف الوعد سبحانه وتعالى ، { وإن يعودوا } إلى الظلم والاضطهاد والحرب فسوف يحل بهم ما حل بالأمم السابقة قبلهم لما ظلموا فكذبوا الرسل وآذوا المؤمنين وهو معنى قوله تعالى { فقد مضت سنة الأولين } أي سنة الله والطريقة المتبعة فيهم وهي أخذهم بعد الإِنذار والإِعذار . 
ثم في الآية الثانية من هذا السياق يأمر الله تعالى رسوله والمؤمنين بقتال المشركين قتالاً يتواصل بلا انقطاع إلى غاية هي: أن لا تبقى فتنة أي شرك ولا اضطهاد لمؤمن أو مؤمنة من أجل دينه ، وحتى يكون الدين كله لله فلا يعبد مع الله أحد سواه { فإن انتهوا } أي عن الشرك والظلم فكفوا عنهم وإن انتهوا في الظاهر ولم ينتهوا في الباطل فلا يضركم ذلك {فإن الله بما يعملون بصير} وسيظهرهم لكم ويسلطكم عليهم. 
وقوله في ختام السياق { وإن تولوا } أي نكثوا العهد وعادوا إلى حربكم بعد الكف عنهم فقاتلوهم ينصركم الله عليهم واعلموا ان الله مولاكم فلا يسلطهم عليكم ، بل ينصركم عليهم إنه { نعم المولى } لمن يتولى { ونعم النصير } لمن ينصر .

هداية الآيات
من هداية الآيات :
 1-  بيان سعة فضل الله ورحمته .
2-  الإِسلام يجبّ أي يقطع ما قبله ، فيغفر لمن أسلم كل ذنب قارفه من الكفر وغيره .
3-  بيان سنة الله في الظالمين وهي إهلاكهم وإن طالت مدة الإِملاء والإِنظار .
4-  وجوب قتال المشركين على المسلمين ما بقي في الأرض مشرك .
5-  نعم المولى الله جل جلاله لمن تولاه ، ونعم النصير لمن نصره .
________________________________________
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (44)
________________________________________
شرح الكلمات :
{ أنما غنتم من شيء } : أي ما أخذتموه من مال الكافر قهراً لهم وغلبة قليلاً كان أو كثراً .
{ فإن لله خمسة } : أي خمس الخمسة أقسام ، يكون لله والرسول ومن ذكر بعدهما .
{ ولذى القربى } : هم قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم من بني هاشم وبني المطلب { وما أنزلنا على عبدنا } : أي من الملائكة والآيات .
{ يوم الفرقان } : أي يوم بدر وهو السابع عشر من رمضان ، إذ فرق الله فيه بين الحق والباطل .
{ التقى الجمعان } : جمع المؤمنين وجمع الكافرين ببدر .
{ العدوة الدنيا } : العدوة حافة الوادي ، وجانبه والدنيا أي القريبة إلى المدينة .
{ وبالعدوة القصوى } : أي البعيد من المدينة إذ هي حافة الوادي من الجهة الأخرى .
{ والركب أسفل منكم } : أي ركب أبي سفيان وهي العير التي خرجوا من أجلها . أسفل منكم مما يلي البحر .
{ عن بيِّنة } : أي اختلفتم .
{ لتنازعتم في الأمر } : أي اختلفتم .
{ ويقللكم في أعينهم } : هذا قبل الالتحام أما بعد فق رأوهم مثليهم حتى تتم الهزيمة لهم .

معنى الآيات :
هذه الآيات لا شك أنها نزلت في بيان قسمة الغنائم بعدما حصل فيها من نزاع فافتكها الله تعالى منهم ثم قسمها عليهم فقال الأنفال لله وللرسول في أول الآية ثم قال هنا { واعلموا } أيها المسلمون { أنما غنتم من شيء } حتى الخيط والمخيط ، ومعنى غنمتم أخذتموه من المال من أيدي الكفار المحاربين لكم غلبة وقهراً لهم فقسمته هي أن { لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل } ، والأربعة أخماس الباقية هي لكم أيها المجاهدون للراجل قسمة وللفارس قسمتان لما له من تأثير في الحرب ، ولأن فرسه يحتاج إلى نفقة علف . 
والمراد من قسمة الله أنها تنفق في المصالح العامة ولو أنفقت على بيوته لكان أولى وهي الكعبة وسائر المساجد ، وما للرسول فإنه ينفقه على عائلته ، وما لذي القربى فإنه ينفق على قرابة الرسول الذين يحرم عليهم أخذ الزكاة لشرفهم وهم بنو هاشم وبنو المطلب ، وما لليتامى ينفق على فقراء المسلمين ، وما لابن السبيل ينفق على المسافرين المنقطعين عن بلادهم إذا كانوا محتاجين إلى ذلك في سفرهم وقوله تعالى { إن كنتم آمنتم بالله } أي رباً { وما أنزلنا على عبدنا } أي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم { يوم الفرقان يوم التقى الجمعان } وهو يوم بدر حيث التقى المسلمون بالمشركين فوصلت إلى أكثرهم فسببت هزيمتهم . 
وقوله { والله على كل شيء قدير } أي كما قدر على نصركم على قلتكم وقدر على هزيمة عدوكم على كثرتهم هو قادر على كل شيء يريده وقوله تعالى { إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم } تذكير لهم بساحة المعركة التي تجلت فيها آيات الله وظهر فيها إنعامه عليهم ليتهيئوا للشكر .
وقوله تعالى { ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد } أي لو تواعدتم أنتم والمشركون على اللقاء في بدر للقتال لاختلفتم لأسباب تقتضي ذلك منها أنكم قلة وهم كثرة { ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً } أي محكوماً به في قضاء الله وقدره ، وهو نصركم وهزيمة عدوكم . وجمعكم من غير تواعد ولا اتفاق سابق .
وقوله تعالى { ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حَيَّ عن بينة } هذا تعليل لفعل الله تعالى يجمعكم في وادي بدر للقتال وهو فعل ذلك ليحيا بالإِيمان من حيى على بينة وعلم أن الله حق والإِسلم حق والرسول حق والدار الآخرة حق حيث أراهم الله الآيات الدالة على ذلك ، ويهلك من هلك بالكفر على بينة إذ اتضح له أن ما عليه المشركون كفر وباطل وضلال ثم رضي به واستمر عليه . 
وقوله تعالى { وان الله لسميع عليم } تقرير لما سبق وتأكيد له حيث أخبر تعالى أنه سميع لأقوال عباده عليهم بأفعالهم فما أخبر به وقرره هو كما أخبر وقرر . وقوله تعالى { وإذ يريكهم الله في منامك قليلاً } أي فأخبرت أصحابك ففرحوا بذلك . 
وسُّروا ووطنوا أنفسهم للقتال ، وقوله : { ولو أراكهم كثيراً } أي في منامك وأخبرك به أصحابك لفشلتم أي جبنتم عن قتالهم ، ولتنازعتم في أمر قتالهم { ولكن الله سلَّم } من ذلك فلم يريكهم كثيراً إنه تعالى عليم بذات الصدور ففعل ذلك لعلمه بما يترتب عليه من خير وشر ، وقوله تعالى { وإذ يريكموهم } أي اذكروا أيها المؤمنين إذ يريكم الله الكافرين عند التقائكم بهم قليلاً في أعينكم كأنهم سبعون رجلاً أو مائة مثلاً ويقللكم سبحانه وتعالى في أنعينهم حتى لا يهابوكم . 
وهذا كان عند المواجهة وقبل الالتجام أما بعد الالتحام فقد أرى الله تعالى الكافرين أراهم المؤمنين ضعيفهم في الكثرة وبذلك انهزموا كما جاء ذلك في سورة آل عمران في قوله { يرونهم مثيلهم } وقوله تعالى { ليقضي الله أمراً كان معفولاً } تعليل لتلك التدابير الإِليهة لأوليائه لنصرتهم وإعزازهم وهزيمة أعدائهم وإذلالهم وقوله تعالى { وإلى الله ترجع الأمور } إخبار منه تعالى بأن الأمور كلها تصير إليه فما شاء منها كان وما لم يشأ لم يكن خبراً كان أوغيراً .

هداية الآيات
من هداية الآيات :
 1-  بيان قسمة الغنائم على الوجه الذي رضيه الله تعالى .
2-  التذكير بالإِيمان ، إذ هو الطاقة الموجهة باعتبار أن المؤمن حي بإيمانه يقدر على الفعل والترك ، والكافر ميت فلا يكلف .
3-  فضيلة غزوة بدر وفضل أهلها .
4-  بيان تدبير الله تعالى في نصر أوليائه وهزيمة اعدائه .
5-  بيان أن مرد الأمور نجاحاً وخيبة لله تعالى ليس لأحد فيها تأثير إلا بإذنه .
________________________________________
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48) إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)
________________________________________
شرح الكلمات :
{ فئة } : طائفة مقاتلة .
{ فاثبتوا } : لقتالها واصمدوا .
{ واذكروا الله كثيراً } : مهللين مكبرين راجين النصر طامعين فيه سائلين الله تعالى . ذلك .
{ تفلحون } : تفوزون بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة بعد النجاة من الهزيمة في الدنيا والنار في الآخرة .
{ ولا تنازعوا } : أي لا تختلفوا وأنتم في مواجهة العدو أبداً .
{ وتذهب ريحكم } : أي قوتكم بسبب الخلاف .
{ خرجوا من ديارهم بطراً } : أي للبطر الذي هو دفع الحق ومنعه .
{ وقال إني جار لكم } : أي مجير لكم ومعين على عدوكم .
{ تراءت الفئتان } : أي التقتا ورأت كل منهما عدوها .
{ نكص على عقبيه } : أي رجع إلى الوراء هارباً ، لأنه جاءهم في صورة سراقة بن مالك .
{ إنى أرى ما لا ترون } : من الملائكة .
{ والذين في قلوبهم مرض } : أي ضعيف في إيمانهم وخلل في اعتقادهم .

معنى الآيات :
هذا النداء الكريم موجه إلى المؤمنين وقد أذن لهم في قتال الكافرين ، وبدأ بسرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه وثنى بهذه الغزوة غزوة بدر الكبرى فلذا هم في حاجة إلى تعليم رباني وهداية إلهية يعرفون بموجبها كيف يخوضون المعارك وينتصرون فيها وفي هذه الآيات الأربع تعليم عال جداً لخوض المعارك والانتصار فيها وهذا بيانها :
1-  الثبات في وجه العدو والصمود في القتال حتى لكأن المجاهدين جبل شامخ لا يتحرك { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة } أي جماعة مقاتلة { فاثتبوا } .
2-  ذكر الله تعالى تهليلاً وتكبيراً وتسبيحاً ودعاء وضراعة ووعداً ووعيداً . { واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون } أي تفوزون بالنصر في الدنيا والجنة في الآخرة بعد النجاة من الهزيمة والمذلة في الدنيا ، والنار والعذاب في الآخرة .
3-  طاعة الله ورسوله في أمرهما ونهيهما ومنه طاعة قائد المعركة ومديرها وهذا من أكبر عوامل النصر حسب سنة الله تعالى في الكون { واطيعوا الله ورسوله } .
4-  عدم التنازع والخلاف عند التدبير للمعركة وعند دخولها وأثناء خوضها .
5-  بيان نتائج التنازع والخلاف وأنها : الفشل الذريع ، وذهاب القوة المعبر عنها بالريح { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } .
6-  الصبر على مواصلة القتال والإِعداد له وتوطين النفس واعدادها لذلك . { واصبروا إن الله مع الصابرين } .
7-  الإِخلاص في القتال والخروج له لله تعالى فلا ينبغي أن يكون لأي اعتبار سوى مرضاة الله تعالى { ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط } .
هذه عوامل النصر وشورط الجهاد في سبيل الله . تضمنتها ثلاث آيات من هذه الآيات الخمس وقوله تعالى في الآية الرابعة ( 48 ) { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال : لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برىء منكم إنى أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب } يذكِّر تعالى المؤمنين بحادثة حدثت يوم بدر من إغرب الحوادث لتكون عبرة وموعظة للمؤمنين فيقول عز وجل واذكروا إذ زين الشيطان للمشركين الذين نهيتكم أن تتشبهوا بهم في سيرهم وقتالهم وفي كل حياتهم ، فقال لهم : أقدموا على قتال محمد والمؤمنين ، ولا ترهبوا ولا تخافوا إنه لا غالب لكم اليوم من الناس ، وإني جار لكم أي مجير لكم وناصر ومعين .
وكان الشيطان في هذه الساعة فى صورة رجل من أشراف قبيلته يقال له سراقة بن مالك فلما تراءت الفئتان لبعضهما البعض وتقدموا للقتال رأى الشيطان جبير لفي صوف الملائكة ، فنكص على عقبيه ، وكان آخذاً بيد الحارث بن هاشم يحدثه يعده ويمنيه بعد ما زين لهم خوض المعركة وشجعهم على ذلك ، وولى هارباً فقال له الحارث ما بك ما أصابك تعال فقال وهو هارب { إني أرى ما لا ترون } يعني الملائكة { إني أخاف الله والله شديد العقاب } وصدق وهو كذوب .
وقوله تعالى في نهاية الآية ( 49 ) { إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم } أي واذكروا أيها المؤمنون للعبرة والاتعاظ إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض أي ضعف في الإِيمان وتخلخل في العقيدة : غر هؤلاء دينهم وإلا لما خرجوا لقتال قريش وهي تفوقهم عدداً وعدة ، ومثل هذا الكلام يعتبر عادياً من ضعاف الإِيمان والمنافقين المستترين بزيف إيمانهم ، فاذكروا هذا ، ولا يفت في اعضادكم مثل هذا الكلام ، وتوكلوا على الله واثقين في نصره فإنه ينصركم لأنه عزيز لا يغالب ولا يمانع في ما يريده أبداً ، حكيم يضع النصر في المتأهلين له بالإِيمان والصبر والطاعة له ، ولرسوله ، والإِخلاص له في العمل والطاعة .

هداية الآيات
من هداية الآيات :
1-  بيان أسباب النصر وعوامله ووجوب الأخذ بها في كل معركة وهي : الثبات وذكر الله تعالى ، وطاعة الله ورسوله وطاعة القيادة وترك النزاع والخلاف والصبر والإِخلاص .
 2-  بيان عوامل الفشل والخيبة وهي النزاع والاختلاف والبطر والرياء والاغترار .
3-  بيان عمل الشيطان في نفوس الكافرين بتزيينه لهم الحرب ووعده وتمنيته لهم .
  4-  بيان حال المنافقين وضعفة الإِيمان عند وجود القتال ونشوب الحروب .
 5-  وجوب التوكل على الله والاعتماد عليه مهما كانت دعاوى المبطلين والمثبطين والمنهزمين .
________________________________________
يتبع إن شاء الله...



تفسير سورة الأنفال (08) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 08 يونيو 2021, 9:50 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تفسير سورة الأنفال (08) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الأنفال (08)   تفسير سورة الأنفال (08) Emptyالخميس 21 مايو 2015, 4:47 am

وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ إذ يتوفى } : أي يقبض أرواحهم لإِماتتهم .

{ وجوههم وأدبارهم } : أي يضربونهم من أمامهم ومن خلفهم .

{ بظلام للعبيد } : أي ليس بذي ظلم للعبيد كقوله { ولا يظلم ربك أحداً } .

{ كدأب آل فرعون } : أي دأب كفار قريش كدأب آل فرعون في الكفر والتكذيب والدأب العادة .

{ لم يك مغيراً نعمة } : تغيير النعمة تبديلها بنقمة بالسلب لها أو تعذيب أهلها .

{ آل فرعون } : هم كل من كان على دينه من الأقباط مشاركاً له في ظلمه وكفره .


معنى الآيات :

ما زال السياق مع كفار قريش الذين خرجوا من ديارهم بطرأ ورئاء الناس فيقول تعالى لرسوله { ولو ترى إذ يتوفى كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم } وهم يقولون لهم { وذوقوا عذاب الحريق } وجواب لولا محذوف تقديره ( لرأيت أمراً مظيعاً ) وقوله تعالى { ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد } هو قول الملائكة لمن يتوفونهم من الذين كفروا . 

أي ذلكم الضرب والتعذيب بسبب ما قدمت أيديكم من الكفر والظلم والشر والفساد وأن الله تعالى ليس بظالم لكم فإنه تعالى لا يظلم أحداً ، وقوله تعالى { كدأب آل فرعون والذين من قبلهم } أي دأب هؤلاء المشركين من كفار قريش في كفرهم وتكذيبهم كدأب آل فرعون والذين من قبلهم { كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم } وكفر هؤلاء فأخذهم الله بذنوبهم ، وقوله { إن الله قوي شديد العقاب } يشهد له فعله بآل فرعون والذين من قبلهم عاد وثمود وقوم إبرتاهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات وأخيراً أخذه تعالى كفارة قريش في بدر أخذ العزيز المقتدر ، وقوله تعالى { ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } إشارة إلى ما أنزله من عذاب على الأمم المكذبة الكافرة الظالمة ، وإلى بيان سنته في عباده وهي أنه تعالى لم يكن من شأنه أن يغير نعمة أنعمها على قوم كالأمن والرخاء ، أو الطهر والصفاء حتى يغيروا هم ما بأنفسهم بأن يكفروا ويكذبوا ، ويظلموا أو يفسقوا ويفجروا ، وعندئذ يغير تلك النعم ينقم فيحل محل الأمن والرخاء الخوف والغلاء ومحل الطهر والصفاء الخبث والشر والفساد هذا إن لم يأخذهم بالإِبادة الشاملة والاستئصال التام . 

وقوله تعالى { وأن الله سميع عليم } أي لأقول عباده وأفعالهم فلذا يتم الجزاء عادلاً لا ظلم فيه . وقوله تعالى { كداب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعو وكل كانوا ظالمين } هذه الآية تشبه الآية السابقة إلا أنها تخالفها فيما يلي: في الأولى الذنب الذي أخذ به الهالكون كان الكفر ، وفي هذه: كانت التكذيب ، في الأولى: لم يذكر نوع العذاب ، وفي الثانية أنه الإِغراق ، في الأولى لم يسجل عليهم سوى الكفر فهو ذنبهم لا غير .

وفي الثانية سجل على الكفر ، ذنباً آخر وهو الظلم إذ قال { وكل كانوا ظالمين } أي بكفرهم وتكذيبهم ، وصدهم عن سبيل الله وفسقهم عن طاعة الله ورسوله مع زيادة التأكيد والتقرير .



هداية الآيات

من هداية الآيات :

1-  تقرير عذاب القبر بتقرير العذاب عند النزع .

2-  هذه الآية نظيرها آية الانعام { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم } أي بالضرب .

 3-  تنزه الخالق عز وجل عن الظلم لأحد .

4-  سنة الله تعالى في أخذ الظالمين وإبدال النعم بالنقم .

5-  لم يكن من سنة الله تعالى في الخلق تغيير ما عليه الناس من خير أو شر حتى يكونوا هم البادئين .

6-  التنديد بالظلم وأهله ، وأنه الذنب الذي يطلق على سائر الذنوب .

________________________________________



إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (55) الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ (56) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (57) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (59)

________________________________________

شر الكلمات :

{ شر الدواب } : من إنسان أو حيوان الذين ذكر الله وصفهم وهم بنو قريظة .

{ فهم لا يؤمنون } : لم اعلم الله تعالى من حالهم أخبر أنهم يموتون على الكفر .

{ ينقضون عهدهم } : أي يحلونه ويخرجون منه فلا يلتزموا بما فيه .

{ في كل مرة } : أي عاهدا فيها .

{ فإما تثقفنّهم } : أي ان تجدنّهم ، وما مزيدة أدغمت في إن الشرطية .

{ فشرد } : أي فرق وشتت .

{ يذكرون } : أي يتعظون .

{ فانبذ إليهم } : أي اطرح عهدهم .

{ على سواء } : أي على حال من العلم تكون أنت وإياهم فيها سواء ، أي كل منكم عالم بنقض المعاهدة .

{ الخائنين } : الغادرين بعهودهم .

{ سبقوا } : أي فاتوا الله ولم يتمكن منهم .



معنى الآيات :

بمناسبة ذكر خصوم الدعوة الإِسلامية والقائم عليها وهو النبي صلى الله عليه وسلم ذكر تعالى خصوماً لها آخرين غير المشركين من كفار قريش وهم بنو قريظة من اليهود ، فأخبر تعالى عنهم أنهم شر الدواب من الإِنسان والحيوان ووصفهم محدداً لهم ليعرفوا ، وأخبر أنهم لا يؤمنون لتوغلهم في الشر والفساد ، فقال : { إن شر الدواب عند الله } أي في حكمه وعلمه . 

{ الذين كفروا فيهم لا يؤمنون } وخصصهم بوصف آخر خاص بهم فقال : { الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عاهدهم أول مرة على أن لا يحاربوه ولا يعينوا أحداً على حربه فإذا بهم يعينون قريشاً بالسلاح ، ولما انكشف أمرهم اعترفوا معترفين بخطإهم ، وعاهدوا مرة أخرى على أن لا يحاربوا الرسول ولا يعينوا من يحاربه فإذا بهم ينقضون عهدهم مرة أخرى ويدخلون في حرب ضده حيث انضموا الى الأحزاب في غزوة الخندق هذا ما دل عليه قوله تعالى { إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة } أي يعاهدون فيها . 

{ وهم لا يتقون } أي لا يخافون عاقبة نقض المعاهدات والتلاعب بها حسب أهوائهم ، وقوله تعالى { فإا تثقفنّضهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعله يذكرون } يرشد رسوله آمراً إياه بما يجب أن يتخذه إزاء هؤلاء الناكثين للعهود المنغمسين في الكفر ، بحيث لا يخرجون منه بحال من الأحوال ، ويشهد لهذه الحقيقة أنهم لما حوصروا في حصونهم ونزلوا منها مستسلمين كان يعرض على أحدهم الإِسلام حتى لا يقتل فيؤثر باختياره القتل على الإِسلام وماتوا كافرين وصدق الله إذ قال { فهم لا يؤمنون } فهؤلاء إن ثقفتهم في حرب أي وجدتهم متمكناً منهم فاضربهم بعنف وشدة وبلا هوادة حتى تشرد أي تفرق بهم من خلفهم من أعداء الإِسلام المتربصين بك الدوائر من كفار قريش وغيرهم لعلهم يذكرون أي يتعظون فلا يفكروا في حربك وقتالك بعد .

وقوله { وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين } هذا إرشاد آخر للرسول صلى الله عليه وسلم يتعلق بالخطط الحربية الناجحة وهو أنه صلى الله عليه وسلم أن خاف من وقوم معاهدين له خيانة ظهرت أماراتها وتأكد لديك علاماتها فاطرح تلك المعاهدة ملغياً لها معلناً ذلك لتكون وإياهم على علم تام بإلغائها ، وذلك حتى لا يتهموك بالغدر والخيانة ، والله لا يحب الخائنين وقاتلهم مستعيناً بالله عليهم وستكون الدائرة على الناكث الخائن ، وهذا ضرب من الحزم وصحة العزم إذ ما دام قد عزم العدو على النقض فقد نقص فليبادر لافتكاك عنصر المباغتة من يده ، وهو عنصر مهم في الحروب .

وقوله تعالى { ولا يحبسن الذين كفروا } وهم من هرب من بدر من كفار قريش { سبقوا } أي فاتوا فلم يقدر الله تعالى عليهم { إنهم لا يعجزون } أي إنهم لا يعجزون الله بحال فإنه تعالى لا يفوته هارب ، ولا يغلبه غالب .



هداية الآيات

من هداية الآيات :

1-  بيان أن شر الدواب هم الكفار من أهل الكتاب والمشركين بل هم شر البرية .

2-  سنة الله فيمن توغل في الظلم والشر والفسد يُحرم التوبة فلا يموت إلا كافراً .

3-  من السياسة الحربية النافعة أن يضرب القائد عدو بعنف وشدة ليكون نكالاً لغيره من الأعداء .

4- حرمة الغدر والخيانة .

5-  جواز إعلان المعاهدة وضرب العدو فوراً إن بدرت منه بوادر واضحة بأنه عازم على نقض المعاهدة وذلك لتفويت عنصر المباغته عليه .

________________________________________



وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ أعدوا } : هيئوا وأحضروا .

{ ما استطعتم } : ما قدرتم عليه .

{ من قوة } : أي حربية من سلاح على اختلاف أنواعه .

{ يوفَّ إليكم } : أي أجره وثوابه .

{ وإن جنحوا للسلم } : أي مالوا إلى عدم الحرب ورغبوا في ذلك .

{ فإن حسبك الله } : أي يكفيك شرهم ، وينصرك عليهم .

{ ألف بين قلوبهم } : أي جمع بين قلوب الأنصار بعدما كانت متنافرة مختلفة .

{ إنه عزيز حكيم } : أي غالب على أمره ، حكيم في فعله وتدبير أمور خلقه .



معنى الآيات :

بمناسبة انتهاء معركة بدر وهزيمة المشركين فيها ، وعودتهم إلى مكة وكلهم تغيظ على المؤمنين وفعلاً أخذ أبو سفيان يعد العدة للانتقام ، وما كانت غزوة أحد إلا نتيجة لذلك هنا أمر الله تعالى رسوله والمؤمنين بإعداد القوة وبذل ما في الوسع والطاعة لذلك فقال تعالى { واعدوا لهم ما استطعتم من قوة } وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي بقوله « ألا إن القوة الرمي » قالها ثلاثاً وقوله تعالى { ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعودكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم } يخبر تعالى عباده المؤمنين بعد أن أمرهم بإعداد القوة على اختلافها فأن رباطهم للخيل وحبسها أمام دورهم معدة للغزو والجهاد عليها يرهب أعداء الله من الكافرين والمنافقين أي يخوفهم حتى لا يكفروا في غزو المسلمين وقتالهم ، وهذا ما يعرف بالسلم المسلح ، وهو أن الأمة إذا كانت مسلحة قادرة القتال يرهبها أعداؤها يحاربونها ، وإن رأوها لا عدة لها ولا عتاد ولا قدرة على رد أعدائها أغراهم ذلك بقتالهم فقاتلوها . 

وقوله تعالى { وآخرين من ديونهم } أي من دون كفار قريش ، وقوله { لا تعلمونهم الله يعلمهم } من الجائز أن يكونوا اليهود أو المجوس أو المنافقين ، وأن يكونوا الجن أيضاً ، وما دام الله عز وجل لم يُسمهم فلا يجوز أن يقال هم كذا . . بصيغة الجزم ، غير أنا نعلم أن أعداء المسلمين كل أهل الأرض من أهل الشرك والكفر من الإِنس والجن ، وقوله تعالى { وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفّ إليكم وأنتم لا تظلمون } إخبار منه تعالى أن ما ينفقه المسلمون من نفقة قلت أو كثرت في سبيل الله التي هي الجهاد يوفّيهم الله تعالى إياها كاملة ولا ينقصهم منها شيئاً فجملة { وأنتم لا تظلمون } جملة خالية ومعناها لا يظلمكم الله تعالى بنقص ثواب نفقاتكم في سبيله هذا ما دلت عليه الآية الأولى ( 60 ) أما الآية الثانية وهي قوله تعالى { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم } فإن الله تعالى يأمر رسوله وهو قائد الجهاد يومئذ بقبول السلم متى طلبها أعداؤه ومالوا إليها ورغبوا بصدق فيها ، لأنه صلى الله عليه وسلم رسول رحمة لا رسول عذاب وأمره أن يتوكل على الله في ذلك أي يطيعه في قبول السلم ويفوض أمره إليه ويعتمد عليه لإنه تعالى يكفيه شرّ أعدائه لأنه سميع لأقوالهم عليم بأفعالهم ويفوض أمره لا يخفى عليه من أمرهم شيء فلذا سوف يكفي رسوله شر خداعهم إن أردوا خداعه أن يخدعوك } أي بالميل إلى السلم والجنوح إليها { فإن حسبك الله } أي كافيك إنه { هو الذي أيدك بنصره } أي في بدر { وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم } أي جمع بين تلك القلوب المتنافرة المنطوية على الإِحن والعداوات ولأقل الأسباب وأتفهها ، لقد كان الأنصار يعيشون على عداوة عظيمة فيما بينهم حتى إن حرباً وقعت بينهم مائة وعشرين سنة فلما دخول في الإِسلام اصطلحوا وزالت كل آثار العداوة والبغضاء وأصبحوا جسماً واحداً مَنْ فعل هذا سوى الله تعالى؟ الله لا أحد، ولذا قال تعالى لرسوله {لو أنفقت ما في الأرض جميعا} أي من مال صامت وناطق {ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم}.



هداية الآيات

من هداية الآيات :

  1-  وجوب إعداد القوة وهي في كل زمان بحسبه إن كانت في الماضي الرمح والسيف ورباط الخيل فهي اليوم النفاثة المقاتلة والصاروخ ، والهدروجين والدبابة والغواصة ، والبارجة .

 2-  تقرير مبدأ : السلم المسلح ، إرجع إلى شرح الآيات .

3-  لا يخلوا المسلمون من أعداء ما داموا بحق مسلمين ، لأن قوى الشر من إنس وجن كلها عدو لهم .

4-  نفقة الجهاد خير نفقة وهي مضمونة التضعيف .

5-  جواز قبول السلم في ظروف معينة ، وعدم قبوله في أخرى وذلك بحسب حال المسلمين قوة وضعفاً .

________________________________________



يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (65) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ حسبك الله } : أي كافيك الله كل ما يهمك من شأن أعدائك وغيرهم .

{ ومن اتبعك من المؤمنين } : أي الله حسبهم كذلك أي كافيهم ما يهمهم من أمر أعدائهم .

{ حرض المؤمنين على القتال } : أي حثهم على القتال مرغباً لهم مرهباً .

{ صابرون } : أي على القتال فلا يضعفون ولا ينهزمون بل يثبتون ويقاتلون .

{ لا يفقهون } : أي لا يعرفون أسرار القتال ونتائجه بعد فنونه وحذق أساليبه .



معنى الآيات :

ينادي الرب تبارك وتعالى رسوله بعنوان النبوة التي شرفه الله بها على سائر الناس فيقول { يا أيها النبي } ويخبره بنعم الخبر مطمئناً إياه وأتباعه من المؤمنين بأنه كافيهم أمر أعدائهم فما عليهم إلا أن يقاتلوهم ما دام الله تعالى ناصرهم ومؤيدهم عليهم ، فيقول : { حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين } ثم يُنَاديه ثانية قائلا { يا أيها النبي } ليأمره بالأخذ بالأسباب الموجبة للنصر بإذن الله تعالى وهي تحريض المؤمنين على القتال وحثهم عليه وترغيبهم فيه فيقول { حرض المؤمنين على القتال } ويخبره آمراً له ولأتباعه المؤمنين بأنه { إن يكن } أي يوجد منهم في المعركة { عشرون صابرون يغلبون مائتين } ، وإن يكن منهم مائة صابرة يغلبوا ألفاً من الكافرين ، ويعلل لذلك فيقول { بأنهم قوم لا يفقهون } أي لا يفقهون أسرار القتال وهي أن يعبد الله تعالى ويرفع الظلم من الأرض ويتخذ الله من المؤمنين شهداء فينزلهم منازل الشهداء عنده ، فالكافرون لا يفقهون هذا فلذا هم لا يصبرون على القتال لأنهم يقاتلون لأجل حياتهم فقط فإذا خافوا عنها تركوا القتال طلباً لحياة زيادة على ذلك أنهم جهال لا يعرفون أساليب الحرب ولا وسائلها الناجعة بخلاف المؤمنين فإنهم علماء ، علماء بكل شيء هذا هو المفروض ، وإن ضَعُفِ الإِيمان تعالى { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبون مائتين ، وإن يكن منكم ألف يغلبون ألفين بإذن الله والله مع الصابرين } الآن بعد علمه تعالى بضعفكم حيث لا يقوى الواحد على قتال عشرة ، ولا العشرة على قتال مائة ولا المائة على قتال الألف خفف تعالى رحمة بكم ومنّة عليكم ، فنسخ الحكم الأول بالثاني الذي هو قتال الواحد للإِثنين ، والعشرة للعشرين والمائة للمائتين ، والألف للألفين ، ومفاده أن المؤمن لا يجو له أن يفر من وجه اثنين ولكن يجوز له أن يفر إذا كانوا أكثر من اثنين وهكذا سائر النِسب فالعشرة يحرم عليهم ان يفروا من عشرين ولكن يجوز لهم أن يفروا من ثلاثين أو أربعين مثلاً . 

وهذا من باب رفع الحرج فقط وإلا فإنه يجوز للمؤمن ان يقاتل عشرة أو أكثر ، فقد قاتل ثلاثة آلاف صحابي يوم مؤتة مائة وخمسين ألفاً من الروم والعرب المتنصرة وقوله تعالى { بإذن الله } أي بمونته وتأييده إذ لا نصر بدون عون من الله تعالى وإذن ، وقوله { والله مع الصابرين } أي بالتأييد والنصر ، والصبر شرط في تأييد الله وعونه فمن لم يصبر على القتال فليس له على الله وعد في نصره وتأييده .


هداية الآيات

من هداية الآيات :

1-  لا كافي إلا الل تعالى ، ومن زعم أن هناك من يكفي سوى الله تعالى فقد أشرك .

2-  وجوب تحريض المؤمنين على الجهاد وحثهم عليه في كل زمان ومكان .

3-  حرمة هزيمة الواحد والواحد من الاثنين ، ويجوز ما فوق ذلك .

4-  وجوب تثقيف المجاهدين عقلاً وروحاً وصناعة .

5-  وجوب الصبر في ساحة المعارك ويحرم الهزيمة إذا كان عدد المؤمنين اثني عشر ألف مقاتل أو أكثر إذ هذا العدد لا يغلب من قلة بإذن الله تعالى .

6-  معية الله بالعلم والتأييد والنصر للصابرين دون الجزعين .

________________________________________

يتبع إن شاء الله...



تفسير سورة الأنفال (08) 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في الثلاثاء 08 يونيو 2021, 9:50 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52691
العمر : 72

تفسير سورة الأنفال (08) Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الأنفال (08)   تفسير سورة الأنفال (08) Emptyالخميس 21 مايو 2015, 4:51 am

مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ أسرى } : جمع أسير وهو من أخذ في الحرب يشد عادة بإسار وهو قيد من جلد فاطلق لفظ الأسير عل كل من أخذ في الحرب .

{ حتى في الأرض } : أي تكون له قوة وشدة يرهب بها العدو .

{ عرض الدنيا } : أي المال لأنه عارض ويزول فلا يبقى .

{ لولا كتاب من الله سبق } : وهو كتاب المقادير بأن الله تعالى أحل لنبيّ هذه الأمة الغنائم .

{ فيما أخذتم } : أي بسبب ما أخذتم من فداء أسرى بدر .

{ حلالاً طيباً } : الحلال هو الطيب فكلمة طيباً تأكيد لحليّة اقتضاها المقام .

{ واتقوا الله } : أي بطاعته وطاعة رسوله في الأمر والنهي .


معنى الآيات :

ما زال السياق في أحداث غزوة بدر من ذلك أن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلا عمر وسعد بن معاذ رضي الله عنهما رغبوا في مفاداة الأسرى بالمال للظروف المعاشية القاسية التي كانوا يعيشونها ، وكانت رغبتهم في الفداء بدون علم من الله تعالى بإحلالها أو تحريمها أما عمر فكان لا يعثر على أسير إلا قتله وأما سعد فقد قال ( الاثخان في القتال أولى من استبقاء الرجال ) ولما تم الفداء نزلت هذه الآية الكريمة تعاتبهم أشد العتاب فيقول تعالى { ما كان لنبّي } أي ما صح منه ولا كان ينبغي له أن يكون له أسرى حرب يبقيهم ليفاديهم أو يمن عليهم مجاناً { حتى يثخن في الأرض } أرض العدو قتلاً وتشريداً فإذا عرف بالبأس والشدة وهابه الأعداء جاز له الأسر أي الإِبقاء على الأسرى أحياء ليمن عليهم بلا مقابل أو ليفاديهم بالمال ، وقوله تعالى { تريدون عرض الدنيا } هذا من عتابه تعالى لهم ، إذ ما فادوا الأسرى إلا لأنهم يريدون حطام الدنيا وهو المال ، وقوله { والله يريد الآخرة } فشتان ما بين مرادكم ومراد ربكم لكم تريدون العرض الفاني والله يريد لكم النعيم الباقي ، وقوله تعالى { الله عزيز حكيم } أي غالب على أمره ينصر من توكل عليه وفوّض أمره إليه ، حكيم فى تصرفاته فلا يخذل أولياءه وينصره أعداءه فعليكم أياه المؤمنون بطلب مرضاته بترك ما تريدون لما يريد هو سبحانه وتعالى ، وقوله تعالى { لولا كتاب من الله سبق الأمة وكتب ذلك في اللوح المحفوظ لكان ينالكم جزاء رضاكم بالمفاداة وأخذ الفدية عذاب عظيم .

وقوله تعالى { فكلو مما غنمتم حلالاً طيباً } إذن منه تعالى لأهل بدر أن يأكلوا مما غنموا ، وحتى ما فادوا به الأسرى وهي منة منه سبحانه وتعالى ، وقوله تعالى { وتقوا الله } أمر منه عز وجل لهم بتقواه بفعل أوامره وأوامر رسوله وترك نواهيهما ، وقوله { إن الله غفور رحيم } إخبار منه تعالى أنه غفور لمن تاب من عباده رحيم بالمؤمنين منهم ، وتجلى ذلك في رفع العذاب عنهم حيث غفر لهم وأباح لهم ما رغبوا فيه وأرادوه ، وفي الحديث : « لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفر لكم » .


هداية الآيات

من هداية الآيات :

  1-  إرشاد الله تعالى لقادة الأمة الإِسلامية في الجهاد أن لا يفادوا الأسرى وأن لا يمنوا عليهم بإطلاقهم إلا بعد أن يخنثوا في أرض العدو قتلاً وتشريداً فإذا خافهم العدو ورهبهم عندئذ يمكنهم أن يفادوا الأسرى أو يمنوا عليهم .

  2-  التزهيد في الرغبة في الدنيا لحقارتها ، والترغيب في الآخرة لعظم أجرها .

3-  إباحة الغنائم .

4-  وجوب تقوى الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله في الأمر والنهي .


يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (70) وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71)

________________________________________


شرح الكلمات :

{ من الأسرى } : أسرى بدر الذين أخذ منهم الفداء كالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه .

{ إن يعلم في قلوبكم خيراً } : أي إيماناً صادقاً وإخلاصاً تاماً .

{ مما أخذ منكم } : من مال الفداء .

{ وإن يريدوا خيانتك } : أي الأسرى .

{ فقد خانوا الله من قبل } : أي من قبل وقوعهم في الأسر وذلك بفكفرهم في مكة .

{ فأمكن منهم } : أي أمكنكم أنتم أيها المؤمنون منهم فقتلتموهم وأسرتموهم .

{ والله عليم حكيم } : عليم بخلقه حكيم في صنعه وتدبيره .


معنى الآيتين :

هذه الآية الكريمة نزلت في العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه إذ كان يقول هذه الآية نزلت في وذلك أنه بعد أن وقع في الأسر أسلم وأظهر إسلامه وطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرد عليه من أخذ منه من فدية فأبى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فأنزل الله تعالى قوله: { يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيراً } أي اسلاماً حقيقياً { يؤتكم خيراً } أي مالاً خيراً { مما أخذ منكم ، ويغفر لكم } ذنوبكم التي كانت كفراً بالله ورسوله ، ثم حرباً على الله ورسوله ، { والله غفور } يغفر ذنوب عباده التائبين { رحيم } بعباده المؤمنين فلا يؤاخذهم بعد التوبة عليها بل يرحمهم برحمته في الدنيا والآخرة . وقوله تعالى { وإن يريدوا خيانتك } أي وإن يُرد هؤلاء الأسرى الذين أخذ منهم الفداء ونطقوا بالشهادتين مظهرين إسلامهم خيانتك والغدر بك بإظهار إسلامهم ثم إذا عادوا إلى ديارهم عادوا إلى كفرهم ، فلا تبال بهم ولا ترهب جانبهم فإنهم قد خانوا الله من قبل بكفرهم وشركهم { فأمكن منهم } المؤمنين وجعلهم في قبضتهم وتحت إِمْرَتِهم ، ولو عادوا لعاد الله تعالى فسلطكم عليهم وأمكنكم منهم وقوله تعالى { والله عليم حكيم } أي عليم بنيات القوم وتحركاتهم حكيم فيما يحكم به عليهم ألا فليتقوه عز وجل وليحسنوا إسلامهم ويصدقوا في إيمانهم فذلك خير لهم .


هداية الآيتين

من هداية الآيتين :

1-  فضل العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنزول الآية في حقه وشأنه .

2-  فضل إضمار الخير والنيات الصالحة .

3-  إطلاق لفظ الخير على الإِسلام والقرآن وحقاً هما الخير والخير كله .

4-  ما ترك عبدٌ شيئاً لله إلا عوضه خيراً منه .

5-  الله جل جلاله : لا يغلبه غالب ولا يفوته هارب ألا فليتق وليتوكل عليه .


إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)

________________________________________

شرح الكلمات :

{ آمنوا } : صدقوا الله ورسوله وآمنوا بلقاء الله وصدقوا بوعده ووعيده .

{ وهاجروا } : أي تركوا ديارهم والتحقوا برسول الله صلى الله علهي وسلم بالمدينة المنورة .

{ فى سبيل الله } : أي من أجل ان يعبد الله ولا يعبد معه غيره وهو الإِسلام .

{ آووا } : أي آووا المهاجرين فضموهم إلى ديارهم ونصروهم على أعدائهم .

{ وإن استنصروكم } : أي طلبوا منكم نصرتهم على أعدائهم .

{ ميثاق } : عهد أي معاهدة سلم وعدم اعتداء .

{ إلاَّ تفعلوه } : أي إن لم توالوا المسلمين ، وتقاطعوا الكافرين تكن فتنة .

{ أولوا الأرحام } : أي الأقارب من ذوي النسب .

{ بعضهم أولى ببعض } : في التوارث أي يرث بعضهم بعضاً .


معنى الآيات :

بمناسبة انتهاء الحديث عن أحداث غزوة بدر الكبرى ذكر تعالى حال المؤمنين في تلك الفترة من الزمن وأنهم مختلفون في الكمال ، فقال وقوله الحق { إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم } فهذا صنف : جمع أهله بين الإِيمان والهجرة والجهاد بالمال والنفس ، والصنف الثاني في قوله تعالى { والذين آووا ونصروا } أي آووا الرسول صلى الله عليه وسلم والمهاجرين في ديارهم ونصروهم . 

فهذان صنفا المهاجرين والأنصار وهما أكمل المؤمنين وأعلاهم درجة ، وسيذكرون في آخر السياق مرة أخرى ليذكر لهم جزاؤهم عند ربهم ، وقوله تعالى فيهم { أولئك بعضهم أولياء بعض } أي في النصرة والموالاة والتوارث إلا أن التوارث نسخ بقوله تعالى في آخر آية من هذا السياق { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } والصنف الثالث من أصناف المؤمنين المذكور في قوله تعالى { والذين آمنوا ولم يهاجروا } أي آمنوا بالله ورسوله والدار الآخرة ثم رضوا بالبقاء بين ظهراني الكافرين فلم يهجروا ديارهم وأموالهم ويلتحقوا بدار الهجرة بالمدينة النبوية ، فهؤلاء الناقصون في إيمانهم بتركهم الهجرة ، يقول تعالى فيهم لرسوله والمؤمنين { مالكم من ولايتهم من شيء } فلا توارث ولا موالاة تقتضي النصرة والمحبة حتى يهاجروا إليكم ويلتحقوا بكم ، ويستثني تعالى حالة خاصة لهم وهي أنهم إذا طلبوا نصرة المؤمنين في دنيهم فإن على المؤمنين أن ينصروهم وبشرط أن لا يكون الذي اعتدى عليهم وآذاهم فطلبوا النصرة لأجله أن لا يكون بينه وبين المؤمنين معاهدة سلم وترك الحرب ففي هذه الحال على المؤمنين أن يوفوا بعهدهم ولا يغدروا فينصروا أولئك القاعدين عن الهجرة هذا ما دل عليه قوله تعالى { وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير } ذيل الكلام بهذه الجملة لإِعلام المؤمنين الكاملين كالناقصين بأن الله مطلبع على سلوكهم خبير بأعمالهم وأحوالهم فليراقبوه في ذلك حتى لا يخرجوا عن طاعته وقوله تعالى في الآية ( 73 ) { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } يتناصرون ويتوارثون . وبناء على هذا يقول تعالى { إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير } أي إن لا تفعلوا ما أمرتم به من مولاة المؤمنين محبة ونصرة وولاء ، ومن معاداة الكافرين بغضا وخذلاناً لهم وحرباً عليهم تكن فتنة عظيمة لا يقادر قدرها وفساد كبير وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً } هذا هو الصنف الأول أعيد ذكره ليذكر له جزاؤه عند ربه بعد تقرير إيمانهم وتأكيده فقال تعالى فيهم { أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة } أي لذنوبهم بسترها وعدم المؤاخذة عليها { ورزق كريم } ألا وهو نعيم الجنة في جوار ربهم سبحانه وتعالى والصنف الرابع من أصناف المؤمنين ذكره تعالى بقوله { والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم } فهذا الصنف أكمل من الصنف الثالث ودون الأولى والثاني ، إذ الأولى والثاني فازوا بالسبق ، وهؤلاء جاءوا من بعدهم ولكن لإِيمانهم وهجرتهم وجهادهم ألحقهم الله تعالى بالسابقين فقال { فأولئك منكم } وقوله تعالى { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض } أي في الارث وبها نسخ التوارث بالهجرة والمعاقدة ، واستقر الإِرث بالمصاهرة والولاء ، والنسب إلى يوم القيامة ، وقوله تعالى { في كتاب الله } أي في حكمه وقضائه المدون في اللوح المحفوظ ، وقوله { إن الله بكل شيء عليم } هذه الجملة تحملة الوعد والوعيد الوعد لأهل الإِيمان والطاعة ، والوعيد لأهل الشرك والمعاصي .


هداية الآيات

من هداية الآيات:

1-  بيان تفاوت المؤمنين في كمالاتهم وعلو درجاتهم عند ربهم .

2-  أكمل المؤمنين الذين جمعوا بين الإِيمان والهجرة والجهاد وسبقوا لذلك وهم المهاجرون الأولون والذين جمعوا بين الإِيمان والإِيواء والنصرة والجهاد وهم الأنصار .

3-  دون ذلك من آمنوا وهاجروا وجاهدوا ولكن بعد صلح الحديبية .

4-  وأدنى أصناف المؤمنين من آمنوا ولم يهاجروا وهؤلاء على خطر عظيم .

5-  وجوب نصرة المؤمنين بموالاتهم ومحبتهم ووجوب معاداة الكافرين وخذلانهم وبغضهم .

 6-  نسخ التوارث بغير المصاهرة والنسب والولاء .



تفسير سورة الأنفال (08) 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
تفسير سورة الأنفال (08)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» (8) سورة الأنفال
» سورة الأنفال
» سورة الأنفال
» سورة الأنفال
» سورة الأنفال الآيات من 71-75

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: أيســـر التفاســــير-
انتقل الى: