المبحث الثامن: حسين الحوثي والثورة الإيرانية ورموز التشيع كثيراً ما كان يمجد حسين الحوثي الثورة الإيرانية وبأنها سبيل الخلاص للشعوب الإسلامية اليوم وبأنها النموذج الذي يجب أن يحتذى، إلى غير ذلك مما نراه من تمجيد لقيادات الثورة الإيرانية، ومدح لمناهجها وقادتها مما يوجد تشابهاً بالغاً، ومحاكاة كبيرة بين الحركة الحوثية والثورة الخمينية في إيران من جوانب كثيرة أهمها:
[ ارتكاز كل منهما على الفكر الجعفري الاثنى عشري.]
[ ومنها: الهالة التي يلقيها حسين الحوثي على رموز الفكر الاثنى عشري كالخميني وحسن نصر الله وغيرهما.]
[ ومنها: ما يمارسه عملياً من تقليد لما بدأت به الثورة الإيرانية التي بدأت بعبارات الموت لمن يعارضها.]
[ إضافة إلى وسائل التعبئة الإعلامية التي حوت عرض أفلام الفيديو لأتباعه عن الحرب العراقية الإيرانية وكيف كان الإيرانيون يتسابقون إلى الجنان أمام مجنزرات الجيش العراقي.]
[ ومن جوانب المحاكاة والتأثر وجود المدربين العراقيين وبعض عناصر الحرس الثوري في صفوف حسين الحوثي والذين كان لهم دور بارز في تأهيل مقاتلي الحوثي وتدريبهم وإعدادهم عسكرياً فيما يعدهم حسين الحوثي فكرياً].
يقول حسين الحوثي:
"الإمام الخميني الذي عرف الحج بمعناه القرآني، هو مَن عرف كيف يتعامل مع الحج، فوجه الإيرانيين إلى أن يرفعوا شعار البراءة من أمريكا، البراءة من المشركين، البراءة من إسرائيل، ونحن هنا كنا نقول: لماذا يعمل هؤلاء؟...، ونحن كنا نقول هنا ونحن شيعة الإمام علي عليه السلام: ما بال هؤلاء يرفعون "الموت لأمريكا/ الموت لإسرائيل" البراءة من المشركين هذا حج؟" حج يا حاج" وحجنا نحن اليمنيين نردد: "حج يا حاج" عجالين ونحن نطوف ونسعى ونرمي الجمار نردد: "حج يا حاج" على عجلة.
فالإمام الخميني عندما أمرهم أن يرفعوا البراءة من المشركين في الحج أنه هكذا بداية تحويل الحج أن يصبغ بالصبغة الإسلامية تصدر بإعلان البراءة قرأها الإمام علي عليه السلام وهي براءة من الله ورسوله، هذا هو الحج" (1).
ودائماً ما يصف حسين الحوثي الخميني بأنه الإمام وبأنه صاحب الأفكار المنقذة، وأن الله عاقب كل مَن وقف ضد إيران.
يقول حسين الحوثي:
"إن كل مَن وقفوا ضد الثورة الإسلامية في إيران في أيام الإمام الخميني رأيناهم دولة بعد دولة يذوقون وبال ما عملوا، مَن وقفوا مع العراق ضد الجمهورية الإسلامية، والتي كانت ولا تزال من أشد الأعداء للأمريكيين والإسرائيليين حيث كان الإمام الخميني رحمة الله عليه يحرص جداً على أن يُحرر العرب ويُحرر المسلمين من هيمنة أمريكا ودول الغرب ويتجه للقضاء على إسرائيل، لكن الجميع وقفوا في وجهه، ورأينا كل مَن وقفوا في وجهه كيف أنهم ضُربوا من قبل مَن أعانوهم، ومَن كانت أعمالهم في صالحهم، الكويت ضُرب والعراق ضُرب، أليس كذلك؟ والسعودية أيضاً ضُربت من قبل العراق، وضُربت أيضاً اقتصادياً، أثقل كاهلها من قبل الأمريكيين، اليمن نفسه شارك بأعداد كبيرة من الجيش ذهبوا ليحاربوا الإيرانيين، ليحاربوا الثورة الإسلامية في إيران، الإمام الخميني كان إماماً عادلاً كان إماماً تقياً، والإمام العادل لا ترد دعوته كما ورد في الحديث، ومن المتوقع أن الرئيس اليمني وأن الجيش اليمني لا بد أن يناله عقوبة ما عمل" (2).
ويرى الحوثي أن الخميني رحمة من الله على الأمة العربية، ونعمة لم يستفد منها العرب، ولم يُراع العرب هذه النعمة بل وقفوا ضده وحموا أمريكا وإسرائيل منه (3).
ويقول في الخميني:
"الإمام الخميني الرجل القوي في خطته القيادية، في حركته السياسية، في ثقته القوية بالله سبحانه وتعالى، وماذا صنع العرب؟ وقفوا ضده.
ألم يقف اليمن نفسه ضد إيران؟ ألم يرسل كتيبة من الجيش لتحارب الثورة الإسلامية في عصر الإمام الخميني؟ ألم يحارب العرب كلهم ذلك الرجل الذي كان أشد شخص على إسرائيل؟ لأن العرب لا يحملون قضية...
مَن يتتبع أقوال الإمام الخميني من قبل انتصار الثورة الإسلامية بكثير كان دائماً يتكلم عن إسرائيل، ودائماً يُحذر من إسرائيل، ودائماً يُنبه على الطريقة الصحيحة للتخلص من إسرائيل وفي سبيل مواجهتها، لكن العرب بدلاً من أن يقفوا موقفه، وأن يقفوا تحت لوائه وقفوا ضده بينما اليهود هناك يبحثون عن أشد شخصية ليقفوا وراءها.
يأتي في هذا الزمن مثلاً كالسيد حسن نصر الله كحزب الله، ونصر الله باعتباره شخصاً مهماً، ورجلاً قوياً، ولديه حنكة قيادية عالية، هل تسمع وسائل الإعلام العربي تتحدث عن حزب الله؟ أو تسمع وسائل الإعلام العربي تتحدث أو تعرض كلام نصر الله؟" (4).
ويقول أيضاً:
"في هذا الشهر الكريم –يعني رمضان– اقترح الإمام الخميني رحمة الله عليه – ذلك الرجل العظيم من سلالة بيت النبوة ومعدن الرسالة أن تكون آخر جمعة من شهر رمضان هي يوم يسمى "يوم القدس العالمي"، دعا الإمام الخميني كل المسلمين في مختلف أقطار الدنيا إلى إحياء هذا اليوم وتخصيصه لخلق الوعي في صفوفهم وتهيئة أنفسهم؛ ليكونوا بمستوى المواجهة لأعداء الإسلام، ففي عشرين من شهر رمضان عام 1399هـ الموافق الخامس عشر من شهر ثمانية 1979م أعلن الإمام الخميني هذا المقترح في دعوة وفي بيان عام وجهه للمسلمين جميعاً" (5).
كما يرى حسين الحوثي أن إحياء هذا اليوم عبادة يؤجر عليها فاعلها.
يقول حسين الحوثي:
"إن إحياء هذا اليوم يعتبر فعلاً عبادة، وإن إحياؤه يعتبر أيضاً ممارسة جهادية في سبيل الله" (6).
ونسي الحوثي بأن الأصل في العبادات التوقف وبما شرعه المعبود جل شأنه.
ويتجلى من النصوص السابقة بوضوح تشبع حسين الحوثي بأفكار الثورة الإيرانية وتباكيه على الهزائم التي واجهتها سياسياً وعسكرياً، وقد صبَّ جام غضبه على العرب عموماً وعلى اليمنيين خصوصاً بسبب مواقفهم في الحرب العراقية الإيرانية.
كما يلاحظ تأثره إلى حد كبير بشخصية الخميني تأثراً تبعياً لا عاطفياً آنياً، ويبرز ذلك بوضوح في محاضرته التي تحمل عنوان: (يوم القدس العالمي1). ويقول عن الخميني أيضاً:
"كان الإمام الخميني رحمة الله عليه يُحذر الشيعة من هذا النوع من الخداع –يعني الخداع الأمريكي– قال –يعني الخميني-: يكفي الشيعة ما حدث في صفين أن ينشق آلاف من جيش الإمام على الذين أصبح بعضهم فيما بعد يُسمون بالخوارج، خُدعوا عندما رفع معاوية وعمرو بن العاص المصاحف وقالوا: بيننا وبينكم كتاب الله، عندما أحسوا بالهزيمة، وكان الإمام الخميني يُحذر الشيعة دائماً من الخدعة ألا ينخدعوا مرة ثانية" (7).
ويقول ناقلاً عن إمامه الخميني:
" كان يقول الإمام الخميني رحمة الله عليه: نفخر أن يكون أعداؤنا كأمريكا، وهذا مما يزيدنا بصيرة، وكان يقول بمعنى عبارته: لو أنني رأيت أمريكا تنظر إلي كصديق لشككت في نفسي" (8).
فما بال حسين الحوثي اليوم يشكك في صدق أعداء أمريكا؟!.
كما يرى حسين الحوثي أن الثورة الإيرانية تراجعت عن بعض مسارات التغيير التي رسمها الخميني، ويرى ذلك نقصاً لا ينبغي أن يكون.
يقول حسين الحوثي:
"وإذاعة طهران قد خففت من منطقها كثيراً عن أسلوب ومنطق الإمام الخميني رحمة الله عليه" (9).
ووصل الحال به بأن يرى أن الخميني قد وصل إلى مرتبة الكمال، فيقول عنه: "الإمام الخميني عندما جاء وهو رجل من هذا النوع "يقيم الصلاة"، رجل كماله كمالاً دينياً، كمالاً على وفق هدى الله سبحانه وتعالى، ما الذي حصل في إيران؟...، وتحت قيادة هذا الرجل الديني الذي يفهم الدين أيضاً وليس رجل دين ممَّن يفهم الدين فهماً قاصراً بعيداً عن الحياة ما الذي عمله خلال سنوات محدودة؟
أربعين ألف كيلو متر من الخطوط في فترة قصيرة مقابل أربعة عشر ألف كيلو في زمن الشاه، وهكذا في بقية الشئون يبني مستشفيات يبني جسوراً يبني المدارس، المزارع، الكهرباء، التلفون.
"ثم يواصل فيقول":
ونحن نزور في إيران متجهين إلى منطقة في شمال إيران اسمها: "آمل"، ومعنا أشخاص إيرانيين ونحن نرى الكهرباء وكل الخدمات للقرى ألسنا هنا نطالب لمنطقة بأكملها ويعطونا مشروعاً واحداً فقط بعد ست سنين أو سبع سنين من المتابعة؟" (10).
ومن النص الأخير نلحظ ما يأتي:
أولاً:
شدة التأثر بالخميني، وقد لاحظت في جميع ملازم حسين الحوثي التي في يدي لا تخلو ملزمة من ذكر للخميني وتمجيده.
ثانياً:
الزيارة لإيران، وطبيعة الزيارة لآمل؛ لأنه ذكرها بلفظ: "نزور"، فلا ندري ما هو المقصود بالزيارة، والذي يغلب على الظن أنها زيارة لأضرحة وممارسة لطقوس دينية رافضية.
ثالثاً:
يحاول الحوثي أن يدغدغ مشاعر سامعيه بالحديث على المشاريع، ويدق –كما يقولون– على الوتر الحساس، الذي طالما أرقهم جميعاً، فيتكلم عن الخدمات في إيران والكهرباء والماء والهواتف، حتى يجعل السامع يتمنى أن يكون تحت حكومة إيران، ومن رعاياها.
وقد ذكر أنه أيام الشاه كانت هناك أحياء في قلب طهران ليس فيها أي شيء من الخدمات.
قــــــلت:
قد أخبرني من زار إيران بعد الثورة الإسلامية المزعومة، وقال لي: توجد أحياء سنية في طهران على هذه الصفة من عدم توفر أبسط الخدمات، والحقوق التي ينبغي أن يحصل عليها أي مواطن في الدولة المسلمة وإن كان يهودياً أو نصرانياً فضلاً عن أن يكون سنياً!!. أما حسن نصر الله فيرى أنه مَن هز أمريكا وإسرائيل، فيقول:
"هل أحد منكم شاهد السيد حسن نصر الله في التلفزيون وهو يتكلم بملء فيه، وبكل قوة وبعبارات تهز إسرائيل؟، وليست عبارات واهية كما يتكلم زعماء العرب الآخرين يتكلم كلمتين أو ثلاث وسموه فارس العرب" (11).