*2* 49 - باب إجراء أحكام الناس على الظاهر وسرائرهم إلى اللَّه تعالى
قال اللَّه تعالى (التوبة 5): {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم}.
390 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهماُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: <أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللَّه وأن محمداً رَسُول اللَّهِ، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة. فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على اللَّه تعالى> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
391 - وعن أبي عبد اللَّه طارق بن أشيم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يقول: <من قال لا إله إلا اللَّه وكفر بما يعبد من دون اللَّه، حرم ماله ودمه وحسابه على اللَّه> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
392 - وعن أبي معبد المقداد بن الأسود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قلت لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفار فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أأقتله يا رَسُول اللَّهِ بعد أن قالها؟ فقال: <لا تقتله> فقلت: يا رَسُول اللَّهِ قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد ما قطعها؟ فقال: <لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال> مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ومعنى <إنه بمنزلتك>: أي معصوم الدم محكوم بإسلامه.
ومعنى <إنك بمنزلته>: أي مباح الدم بالقصاص لورثته لا أنه بمنزلته في الكفر، والله أعلم.
393 - وعن أسامة بن زيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: بعثنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إلى الحرقة من جهينة فصبحنا القوم على مياههم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا اللَّه. فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته. فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فقال لي: <يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا اللَّه؟> قلت: يا رَسُول اللَّهِ إنما كان متعوذاً. فقال: <أقتلته بعد ما قال لا إله إلا اللَّه؟> فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية: فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أقال لا إله إلا اللَّه وقتلته؟> قلت: يا رَسُول اللَّهِ إنما قالها خوفاً من السلاح. قال: <أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟!> فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ.
<الحرقة> بضم الحاء المهملة وفتح الراء: بطن من جهينة القبيلة المعروفة.
وقوله <متعوذاً>: أي معتصماً بها من القتل لا معتقداً لها.
394 - وعن جندب بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بعث بعثاً من المسلمين إلى قوم من المشركين، وأنهم التقوا فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله، وأن رجلاً من المسلمين قصد غفلته وكنا نتحدث أنه أسامة بن زيد، فلما رفع السيف قال: لا إله إلا اللَّه. فقتله، فجاء البشير إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فسأله وأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع، فدعاه فسأله فقال: <لم قتلته؟> فقال: يا رَسُول اللَّهِ أوجع في المسلمين وقتل فلاناً وفلاناً وسمى له نفراً، وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال: لا إله إلا اللَّه، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: <أقتلته؟!> قال: نعم. قال: <فكيف تصنع بلا إله إلا اللَّه إذا جاءت يوم القيامة؟> قال: يا رَسُول اللَّهِ استغفر لي. قال: <وكيف تصنع بلا إله إلا اللَّه إذا جاءت يوم القيامة؟> فجعل لا يزيد على أن يقول: <كيف تصنع بلا إله إلا اللَّه إذا جاءت يوم القيامة؟> رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
395 - وعن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يقول: إن ناساً كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء، اللَّه يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.