قصة إسلام اثنتين من أمهر أطباء اليابان
بقلم: حمدي شفيق
ترجع أحداث هذه القصة إلى سنوات عديدة مضت عندما سافرت يونا ونتسى وهما فتاتان يابانيتان إلى انجلترا للدراسة بكلية الطب جامعة أوكسفورد.
وهناك كانتا على موعد مع قدر الله تبارك وتعالى الذي أراد بهما ولهما الخير كله.
تعرفت الفتاتان على زميلة لهما بالكلية وهى (سياسا) الفتاة المسلمة من ماليزيا .
وأقامت الطالبات الثلاث في مسكن واحد طوال سنوات الدراسة.
وكان من الطبيعي أن تشعر الفتاتان بالدهشة وحب الاستطلاع عندما كانت زميلتهما (سياسا) تؤدى الصلوات الخمس يوميا بخشوع وسكينة.
وأثار فضولهما أيضا ما ترتديه من ملابس تستر بدنها كله .
أخبرتهما -فيما بعد- أن الإسلام يأمر أتباعه بالصلاة يوميًا ليبقى على صلة روحية دائمة بالله الواحد الأحد الخالق لكل شيء، كما شرحت لهما المسلمة الواعية بكل رفق وعطف حكمة تشريع الحجاب في الإسلام .
وراحت تستثمر كل فرصة تسنح لها لتقديم المزيد من المعلومات عن دينها -بكل سرور وترحيب- إلى زميلتيها اللتين تحولتا إلى صديقتين حميمتين لها، وصارت الفتيات الثلاث ألصق ببعضهن البعض من الأخوات الشقيقات.
وبمرور الشهور والأعوام زاد شغف الفتاتين بما تقدمه إليهما الزميلة المسلمة من حقائق الدين الحنيف .
وكانت فكرة عبقرية من الأخت الماليزية أن اصطحبتهما إلى المركز الإسلامي الكبير الذي أقامه الداعية البريطاني الشهير يوسف إسلام –كات ستيفن سابقا– حيث واظبن جميعا على حضور دروس أسبوعية عن الإسلام طوال سنوات الدراسة بجامعة أكسفورد.
وبعد التخرج والحصول على أرفع الدرجات العلمية في الجراحة أحست (يونا) و(نتسى) بأسف وحزن شديدين لأنهما كانتا لا تطيقان فراق (سياسا) زميلتهما المسلمة.
وحان موعد العودة إلى الوطن لتقع معجزة حقيقية عجلت بإخراج الطبيبتين اليابانيتين من الظلمات إلى النور .
كانت (يونا) بين اليقظة والمنام وهى تجلس باسترخاء على مقعدها فى الطائرة عندما سمعت صوتا يهمس في أذنها فظنت أن إحدى الصديقتين تكلمها.
التفتت حولها فلم تجد أحدًا يكلمها.
حاولت أن تغمض عينيها من جديد فجاءها الصوت واضحًا هذه المرة وهو صوت رجل وليس بصوت واحدة من الصديقتين النائمتين في تلك اللحظة.
أمرها الهاتف المجهول بالسفر مع (نيتسى) و (سياسا) إلى بلد الأخيرة، وأن تطلبا منها أن تعلمهما كيف تصبحا مسلمتين صالحتين .
انتبهت الفتاتان من نومهما على بكاء (يونا) وتعانقن جميعا بعد أن أخبرتهما بما أمرها به الهاتف المجهول... وقالت (نيتسى) أنها كانت تفكر بالفعل -منذ فترة- في اعتناق الإسلام.
وبالفعل اصطحبتهما (سياسا) بكل سعادة إلى بيت أمها في ماليزيا، ثم إلى إحدى المحاكم الشرعية حيث أجابتا على كل أسئلة علماء المسلمين هناك بنجاح تام، إذ أنهما كانتا قد تعلمتا كل أركان الإسلام وأجادتا الصلاة.
ونطقت كلتاهما بشهادة التوحيد وسط دموع وتكبيرات الحاضرين.
و قد تم تعيين نيتسى ويونا أستاذتين في كلية الطب بعد عودتهما إلى اليابان.
ويكفى أن نذكر أن مهارتهما في الجراحة دفعت الحكومة اليابانية إلى ارسالهما عدة مرات لإجراء جراحات دقيقة عاجلة في كوريا ودول أخرى مجاورة تطلب العون الطبي من اليابان.
وبلغ من ذكائهما الخارق أن حفظت كلتاهما معظم أجزاء القراّن الكريم –بالتجويد- رغم أنهما لا تعرفان اللغة العربية!!
ولم يكن هذا هو كل ما حدث إذ امتدت ظلال الشجرتين المباركتين إلى أسرتيهما، فاعتنق والدا كل منهما الإسلام فيما بعد.
(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون) سورة يوسف: 21.
وأدى الجميع مناسك الحج في العام الماضي مع الدكتورة -الداعية الماليزية الآن– وعائلتها أيضًا.
وتحلم الطبيبات الثلاث بإنشاء مستشفى ضخم بإحدى الدول الإسلامية المحتاجة لعلاج الفقراء من مرضى المسلمين.
وإذا كان لنا من تعليق على هذه القصة التي قصها أصحابها على كاتب هذه السطور شخصيًا، فإننا نهديها إلى كل شبابنا من المبعوثين إلى الخارج للدراسة أو غيرها، وإلى كل من تقتضيه الظروف الاحتكاك بغير المسلمين هنا أو هناك، ونقول لهم: هاكم ما صنعته فتاة مسلمة رشيدة لدعوة الآخرين إلى دين الحق، رغم أنها لم تكن متخصصة في ميدان الدعوة والعلوم الشرعية إلا أن الله تعالى أجرى على يديها خيرًا كثيرًا، وأنقذ بها عائلتين كاملتين من الضلال، فما بالكم بما يمكن أن يقوم به الرجال من طلبة العلم؟!!
إن الملايين بل المليارات من غير المسلمين في أمس الحاجة إلى مَن يأخذ بأيديهم ويشرح لهم جوانب العظمة والحكمة والكمال في الإسلام العظيم.
وطوبى لمن جعله الله سببًا في عتق رقبة من النار.
وإذا كان الله جلت قدرته ينشر الإسلام الآن في كل أنحاء العالم بدون جهد يُذكر من المسلمين في كثير من الحالات، إلا أننا نناشد كل قادر ألا يبخل بشيء في استطاعته (علمًا أو مالًا أو لغة أجنبية يجيدها أو وسيلة إعلامية ينشر فيها.. الخ) لدعوة الآخرين إلى الإسلام، فالجزاء يستحق... ألا وهو الجنة.
ونذكّر الجميع في النهاية بالحديث الصحيح الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم لعلى بن أبى طالب كرم الله وجهه: (فوالله لأن يهدى اللهُ بك رجلاً خيرٌ لك من حُمُر النّعم)...
وفى اّثار أخرى: خيرٌ لك من الدنيا وما فيها، أو خيرٌ لك مما طلعت عليه الشمس وغربت.
والله تعالى أعلى وأعلم.