مَنْ ستكون مثل... زوجة شريح القاضي؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
قال الشعبي :
إن شريح القاضي قال له بعد زواجه من تميميه
[ إمرأة من بني تميم ]:
يا شعبي... عليكم بنساء بني تميم ، فإنهن النساء .
فقلت: وكيف هذا ؟
قال: مررت بدور لبني تميم، فإذا بامرأة جالسة على وساد ، وتجاهها جارية ( فتاة ) كأحسن مارأيت، فاستسقيت .
[ أي طلبت أن تسقيني ]
فقالت: أي الشراب أعجب لديك ؟ .
فقلت: ما تيسّر .
قالت: اسقوا الرجل لبنًاً ، فاني أخاله غريباً .
فلما شربت ، نظرت الى الجاريه ، فأعجبتني فقلت: من هذه ؟ .
قالت: إبنتي .
قلت: ومن ؟
[ أي من هو أبوها ، وأصلها ]
قالت: زينب بنت حدير من بني حنظله .
قلت: أفارغه أم مشغوله ؟
[ أي هل هي ذات زوج أ و مخطوبة لأحد ] ؟
قالت: بل فارغة .
قلت: أتزوجينيها ؟
قالت: نعم ، إن كنتَ كفاء.
فتركتها ومضيت الى منزلي ، لأقيل فيه
[ أي لأقضي فترة القيلولة ] .
فلم يطب لي مقيل ، فلما صليت ، أخذت بعض إخواني من أشراف العرب ، فوافيت معهم صلاة العصر ، فإذا عمها جالس .
فقال: أبا أميه ما حاجتك ؟
فذكرت له حاجتي ، وزوجني ، وبارك القوم لي ، ثم نهضنا ، فما بلغت منزلي ، حتى ندمت !!
فقلت: تزوجت إلى أغلظ العرب ، وأجفاها .
وتذكرت نساء تميم ، وغلظ قلوبهم .
فهممت بطلاقها ، ثم قلت أجمعها
[ أي أدخل بها ، وأتزوجها ]
فان لاقيت ما أحب وإلا طلقتها .
وأقمت أياماً .
ثم أقبل نساؤها يهادينها ، فلما ُأجلست في البيت ، قلت: ياهذه... إن من السنه ، إذا دخلت المرأة على الرجل ، أن يصلي ركعتين ، وتصلي هي كذلك .
وقمت أصلي . ثم التفت ورائي ، فإذا هي خلفي تصلي ، فلما انتهيت ، أتتني جواريها فأخذن ثيابي، وألبسنني محلفه صبغت بالزعفران .
فلما خلا البيت ، دنوت منها ، فمددت يدي الى ناحيتها ،
فقالت: على رسلك
[ أي مهلاً ...].
فقلت في نفسي: إحدى الدواهي منيت بها .
[ أي مصيبة ابتليت بها ] .
فحمدت الله وصلـيت على النبي .
[ اللهم صلي وسلم عليه ] .
وقالت: إني إمرأة عربيه ، ولا والله ماسرت سيرا قط ، إلا لما يرضي الله ، وأنت رجل غريب ، لا أعرف أخلاقك ،
[ أي لا أعرف أطباعك ] .
فحدثني بما تحب فآتيه ، وما تكرهه فأجتنبه .
[كلام يوزن بالذهب ] .
فقلت لها: أحب كذا وكذا
[ عدّد ما يحب من القول والأفعال والطعام ونحو ذلك ] .
وأكره كذا
[ كل ما يكره ] .
قالت: أخبرني عن أصهارك
[ أهل قرآبتك ]
أتحب أن يزوروك؟.
فقلت: إني رجل قاضي ، وما أحب أن يملوني .
فقمت بأنعم ليله ، وأقمت عندها ثلاثا ، ثم خرجت الى مجلس القضاء ، فكنت لا أرى يوما إلا هو أفضل من الذي قبله .
حتى كان رأس الحول
[ أي بعد مرور عام ]
ودخلت منزلي فإذا عجوز تأمر وتنهى !!
فقلت: يازينب ما هذه !؟
قالت: أمي .
قلت: مرحبا .
فقالت: يا أبا أميه ، كيف أنت وحالك ؟ .
قلت: بخير ، أحمد الله .
قالت: كيف زوجتك؟ .
قلت: كخير امرأة ، وأوفق قرينة.
لقد ربيـّـت ، فأحسنت التربيه ، وأدبـّت ، فأحسنت التأديب .
فقالت: إن المرأة لا ترى في حال أسوأ خلقاً منها في حالتين ...
اذا حظيت عند زوجها .
واذا ولدت غلاما .
فان رابك منها ريب
[ لا حظت ما يغضبك منها ]
فالسوط
[ أي عليك بضربها ] .
فإن الرجال ماحازت في بيوتها شراً من الورهاء المدللة .
وكانت كل حول تأتينا مرة واحده ، ثم تنصرف بعد أن تسألني كيف تحب أن يزوروك أصهارك ؟ .
وأجيبها: حيث شاؤوا
[ أي كما يشاءون ]
فمكثت معي عشرين سنه ، لم أعب عليها شيئاً، وما غضبت عليها قط.
*********************
ما نستخلصه من هذه القصة:
1) يجب أن يتحلى الرجل بالتدين والإلتزام .
2) على الرجل المسارعة للزواج إذا وقع في نفسه حب فتاة ، خشية الفتنة .
3) التحري عن الفتاة ، وعن أهلها قبل الإرتباط بها .
4) التوكل على الله ، وعدم الخوف من المستقبل ، والتفاؤل بنجاح الزواج .
5) إتباع السنن المتواترة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى في مسائل الزواج .
6) إتباع وسيلة الحوار ، والملاطفة مع الزوجة ، وخاصة في بداية عهدهما بالزواج لتحقيق التآلف المطلوب بينهما ، وإزالة الرهبة من الفتاة .
7) إهتمام الرجل بزينته ، أمر مطلوب كما هو الحال عند المرأة . لتدوم المودة بينهما ، ويعف كل منهما الآخر عن النظر للغريب
[ فما يعجب العين ، يقع في القلب ] .
إتصاف المرأة برجاحة العقل أمر مهم ، حيث أن ذلك يساعد في فهم ، ومسايرة الرجل بما يوافق طبعه وخلقه .
9) التفاهم بين الزوجين منذ بدء الحياة الزوجية ، يحقق الإستقرار والهدوء والخلو من المشاكل والمشاحنات.
وذلك عن طريق:
أن يحدد الرجل لزوجته :
ا- ماهي الأمور التي يكره أن تتصف بها .
ب- السلوكيات التي يكرهها في المرأة بصفة عام حتى تتخلص منها بقدر استطاعتها .
ج- مَن مِن الصديقات اللاتي يسمح لها بالتواصل معهن .
سواء من الأهل أو الجيران أو الصديقات.
فللرجل كامل الحق في تحديد من يدخل بيته ، ومن تزورهم زوجته . أو تتصل بهم .
د- يجب على المرأة أن تحرص على طهي الأطعمة التي يميل لها زوجها ،
وأن تتجنب ما يكرهه منها ، وتلبس من الألوان ما يحبه ، وتبتعد عن التي يكرهها
[ فهي تلبس وهذا من باب تزين المرأة لزوجها ] .
10) إنصات المرأة لزوجها عند الحديث معه ، يساعدها في التبصر بكلامه ، وبالتالي تصل لفهمه ، فتحسن تنفيذ أوامره .
11) وهنا تجب الإشارة لوجوب طاعتها له في كل أمر يأمرها به دون مجادلة ، ما دام لا يأمرها بما يخالف أمر الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .
12) لأهل الزوجة مكانة وتقدير من قبل الزوج ، غير أن هذا لا يعطيهم المبرر لزيارة ابنتهم دون أذن ورضى من زوجها .
ولذلك يجب عليها تحسس مدى موافقته لزيارة أي فرد منهم لبيت الزوجية ،
والأمر لا يحتاج منها للسؤال ، فاللبيب يفهم دون التصريح له بالقول .
لأن بعض النساء تغضب ، لو صرح الزوج بكراهيته لتردد أحد أفراد أهلها لبيته .
لأنه يود إلتماس الراحة في بيته ، ولذلك يكبت هذا الأمر خشية إغضابها ويسكت على مضض .
وهذا الأمر يؤثر في العلاقة بين الزوجين ويكون مدعاة للمشاحنات بعد كل زيارة منهم .
14) الأم الصالحة والمريبة الناجحة ، يمتد تأثيرها لابنتها من بعدها ، وحرص الأم على استمرار ونجاح الحياة الزوجة لابنتها ، هو من أهم واجبتها بعد ترك الإبنة لبيت أبيها ،
على ألا يكون تدخلها إلا في حال الضرورة ، وبما يحقق صالح العلاقة الزوجية ،
وهنا يجب عليها أن تبتعد عن العاطفة الغير موضوعية ، في أي خلاف يصل لمسمعها بين الأثنين .
16) التهديد بالضرب ، وتعليق العصا ، لا يعني استخدام هذه الوسيلة في الإصلاح بين الزوجين .
17) فالمرأة عندما تخرج من بيتٍ أحسن أهلها تربيتها ، وغرسوا فيها قيم ومفاهيم تساعد في بناء حياة زوجية سليمة وموفقة ، فهذا بلاشك يغني عن استخدام هذه الوسيلة المشروعة للرجل .
18) إن طبق الرجل والمرأة ما سبق ، فإنهما سيهنئآن بحياة زوجية سعيدة ، لا تتعرض الزوجة فيها لما يكدرها ، ويسعد الرجل بزوجة صالحة ويسعد بها .
19) يجب على الرجل ألا يبالغ في تدليل زوجته ، وطلب رضاها ، لأن المرأة عندما ترى موضعها ومكانتها عند زوجها ـ يأخذها التيه والغرور ، وربما يجعلها ذلك لا تأبه لغضبه منها عندما تسيئ ، ويجب عليه أن يحسن التصرف في تقنين ميله لها .
20) الرجل السعيد في بيته ، موفق في عمله .
هذه قاعدة يجب على المرأة أن تفهمها وتعييها جيداً ، وتكون نبراساً في حياتها :
أحسني تبعلك لزوجك تسعدي ، و تحصلي على زوج سعيد ناجح في عمله .
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
عجوز الــدار
شبكة أنا المسلم
[ ملاحظة ... ماجاء بين الأقواس هو من قولي لا من قول الشعبي ].