منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10 Empty
مُساهمةموضوع: كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10   كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10 Emptyالثلاثاء 10 يونيو 2014, 7:21 am

كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10 One+naqsya

كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10

حتَّى في سكراتِ الموتِ تبسَّمْ

فهذا أبو الريحانِ البيرونيُّ (ت 440)، مع الفسحةِ في التعميرِ فقدْ عاش 78 سنةً مُكِبّاً على تحصيلِ العلومِ، مُنْصَبّاً إلى تصنيفِ الكتبِ، يفتحُ أبوابها ويحيطُ بشواكلِها وأقرابِها –يعنى: بغوامضِها وجليّاتِها– ولا يكادُ يفارقُ يده القلمُ، وعينه النظرُ، وقلبه الفكرُ، إلا فيما تمسُّ إليه الحاجةُ في المعاشِ منْ بُلْغة الطعامِ وعلقةِ الرياشِ، ثم هِجِّيراهُ –أي دَيْدَنُهُ– في سائرِ الأيامِ من السنةِ: علمٌ يُسفرُ عن وجههِ قناع الإشكالِ، ويحسرُ عن ذراعيْةِ أكمالُ الإغلاقِ .

حدَّث الفقيهُ أبو الحسنِ عليُّ بنُ عيسى، قال: دخلتُ على أبي الريحانِ وهو يجودُ بِنفْسِهِ –أيْ وهو في نزْعِ الروحِ قارب الموتَ– قد حشرجتْ نفسُهُ ، وضاق بها صدرُهُ، فقال لي في تلك الحالِ: كيف قلت لي يوماً حسابُ الجدَّاتِ الفاسدةِ؟ أيْ الميراثُ، وهي التي تكونُ من قِبل الأمِّ، فقلتُ له إشفاقاً عليه: أفي هذهِ الحالةِ؟ قال لي: يا هذا، أودِّعُ الدنيا وأنا عالمٌ بهذهِ المسألة، ألا يكون خيراً من أنْ أخلِّيها وأنا جاهلٌ بها؟! فأعدتُ ذلك عليهِ، وحفِظَ وعلَّمني ما وعد، وخرجتُ من عندِهِ فسمعتُ الصراخ!! إنها الهممُ التي تجتاحُ ركام المخاوفِ.

والفاروقُ عمرُ في سكراتِ الموتِ ، يثعبُ جرحُه دماً، ويسألُ الصحابة: هلْ أكمل صلاتهُ أمْ لا ؟! .

وسعدُ بنُ الربيع في ((أُحدٍ)) مضرَّج بدمائِهِ، وهو يسألُ في آخرِ رَمَقٍ عن الرسولِ -صلى الله عليه وسلم-، إنها ثباتةُ الجأشِ وعمارُ القلبِ !

وقفتَ ما في الموتِ شكٌّ لواقفِ

كأنك في جفنِ الردى وهو نائمُ

تمرُّ بكَ الأبطالُ كلمى هزيمةً 

ووجهُك وضاحٌ وثغرُك باسمُ 

قال إبراهيمُ بنُ الجراحِ: مرض أبو يوسف فأتيتُه أعودُه ، فوجدتُه مُغْمىً عليهِ ، فلمَّا أفاق قال لي: ما تقولُ في مسألةٍ ؟ قلتُ: في مثلِ هذه الحالِ ؟! قال: لا بأس ندرسُ بذلك لعلَّه ينجو به ناجٍ .

ثم قال: يا إبراهيمُ ، أيُّما أفضلُ في رمي الجمارِ: أن يرميها الرجلُ ماشياً أو راكباً ؟ قلتُ: راكباً . قال: أخطأت . قلتُ: ماشياً . قال: أخطأت . قلتُ: أيُّهما أفضلُ ؟ قال: ما كان يُوقفُ عندهُ فالأفضلُ أنْ يرميه ماشياً ، وأما ما كان لا يُوقفُ عنده ، فالأفضلُ أن يرميه راكباً ، ثم قمتُ من عندهِ فما بلغتُ باب دارِهِ حتى سمعتُ الصراخ عليه وإذا هو قدْ مات. رحمةُ الله عليه .

قال احدُ الكُتَّابِ المعاصرين: هكذا كانوا !! الموتُ جاثمٌ على رأسِ أحدِهِمْ بكُربِهِ وغُصَصِهِ ، والحشرجةُ تشتدُّ في نفسِهِ وصدرِهِ ، والأغماءُ والغشيانُ محيطٌ بهِ ، فإذا صحا أو أفاق من غشيتِهِ لحظاتٍ ، تساءل عنْ بعضِ مسائلِ العلمِ الفرعيَّةِ أو المندوبةِ ، ليتعلَّمها أو ليعلِّمها ، وهو في تلك الحالِ التي أخذ فيها الموتُ منه الأنفاس والتلابيب .

في موقفٍ نسي الحليمُ سدادهُ

ويطيشُ فيه النابِهُ البيْطارُ 

يا للهِ ما أغلى العلم على قلوبِهمْ !! وما أشغلَ خواطرهُمْ وعقولَهُمْ به !! حتى في ساعةِ النزعِ والموتِ ، لم يتذكروا فيها زوجةً أو ولداً قريباً عزيزاً، وإنما تذكروا العلم !! فرحمةُ اللهِ تعالى عليهمْ . فبهذا صاروا أئمة في العلمِ والدِّينِ .

*********************************

أسرارُ الشدائدِ

أورد المؤرخُ الأديبُ أحمدُ بنُ يوسف الكاتبُ المصريُّ في كتابِهِ المعجبُ الفريدُ (المكافأةُ وحسنُ العُقبى) فقال: وقدْ علم الإنسانُ أن سُفورَ الحالةِ –أي انكشاف الغُمَّةِ والشدَّةِ– عن ضدِّه ، حَتْمٌ لابدَّ منه ، كما علم أنَّ انجلاء الليلُ يسفرُ عن النهار ، ولكنَّ خور الطبيعةِ أشدُّ ما يلازمُ النفس عندَ نزولِ الكوارثِ ، فإذا لم تُعالجْ بالدواءِ ، اشتدّتِ العلةُ ، وازدادتِ المحنةُ ، لأن النفس إذا لم تُعَنْ عند الشدائدِ بما يجدّدُ قُواها ، تولَّى عليها اليأسُ فأهلكها .

والتفكُّرُ في أخبارِ هذا البابِ –بابِ أخبارِ من ابتلي فصبر، فكان ثمرةُ صبرِه حسن العقبى– ممَّا يُشجِّع النفْس ، ويبعثُها عن ملازمةِ الصبرِ وحسنِ الأدبِ مع الربِّ عزَّ وجلَّ ، بحسنِ الظنِّ في موافاةِ الإحسانِ عند نهايةِ الامتحانِ .

وقال أيضاً –في آخر الكتابِ-: «خاتمةٌ: قال بُزُرْجمْهَرُ: الشدائدُ قبل المواهبِ ، تشبهُ الجوع قبل الطعامِ ، يحسُّ بهِ موقُعُهُ ، ويلذُّ معه تناولهُ» .

وقال أفلاطونُ: « الشدائدُ تُصلِحُ من النفسِ بمقدارِ ما تفسدُ من العيشِ ، والتَّترُّف –أي الترفُ والترفُّه– يفسدُ من النفسِ بمقدارِ ما يصلحُ من العيشِ » .

وقال أيضاً: « حافظ على كلِّ صديقٍ أهدتْه إليك الشدائدُ ، والْه عنْ كلِّ صديقٍ أهدتْه إليك النعمةُ » .

وقال أيضاً: « الترفُّفهُ كالليلِ، لا تتأملْ فيه ما تصدرُه أو تتناولُه، والشدة كالنهارِ ، ترى فيها سعيك وسعي غيرِك » .

وقالُ أزدشير: « الشدَّةُ كُحْلٌ ترى به ما لا تراه بالنعمة » .

ويقول أيضاً: « ومِلاكُ مصلحةِ الأمرِ في الشدَّةِ شيئان: أصغرُهما قوةُ قلبِ صاحبِها على ما ينوبُه ، وأعظمُها حُسْنُ تفويضِهِ إلى مالكِهِ ورازقِهِ » .

وإذا صَمَدَ الرجلُ بفكرِهِ نَحْوَ خالقِهِ ، علم أنهُ لمْ يمتحِنْه إلا بما يوجبُ له مثوبةً ، أو يمحِّصُ عنه كبيرةً ، وهو مع هذا من اللهِ في أرباحٍ متصلةٍ ، وفوائد متتابعةٍ .

فأما إذا اشتدَّ فكرُهُ تلقاء الخليقةِ ، كثرتْ رذائلُه ، وزاد تصنُّعه ، وبرِم بمقامِه فيما قصُر عن تأمُّلهِ ، واستطال من المِحنِ ما عسى أن ينقضي في يومِهِ ، وخاف من المكروهِ ما لعلَّه أنْ يخطئهُ .

وإنما تصدقُ المناجاةِ بين الرجلِ وبين ربِّهِ ، لعلمِهِ بما في السرائرِ وتأييدِهِ البصائر ، وهي بين الرجلِ وبين أشباهِهِ كثيرةُ الأذيةِ ، خارجةٌ عن المصلحةِ .

وللهِ تعالى رَوْحٌ يأتي عند اليأسِ منهُ ، يُصيبُ به منْ يشاءُ من خلقِهِ ، وإليهِ الرغبةُ في تقريبِ الفرجِ ، وتسهيلِ الأمرِ ، والرجوعِ إلى أفضلِ ما تطاول إليه السُّؤْلُ ، وهو حسبي ونِعْم الوكيلُ .

طالعتُ كتاب (الفرجُ بعد الشدةِ) للتنوخيِّ ، وكرَّرتُ قراءته فخرجتُ منه بثلاثِ فوائدَ:

الأولى: أنَّ الفرج بعد الكربِ سنَّةٌ ماضيةٌ وقضيةٌ مُسلَّمةٌ ، كالصبحِ بعد الليلِ ، لا شكَّ فيه ولا ريب .

الثانيةُ: أنَّ المكاره مع الغالبِ أجملُ عائدةً ، وأرفعُ فائدةً للعبدِ في دينِهِ ودنياهُ من المحابِّ .

الثالةُ: أنَّ جالب النفعِ ودافع الضرِّ حقيقةٌ إنما هو الله جلَّ في علاه ، واعلمْ أنّ ما أصابك لم يكنْ لِيخطِئك وما أخطأك لمْ يكنْ ليصيبك .

***************************

حقارةُ الدنيا

يقولُ ابنُ المباركِ العالمُ الشهير: قصيدةُ عديِّ بنِ زيدٍ أحبُّ إليَّ من قصرِ الأميرِ طاهرِ بنِ الحسينِ لو كان لي .

وهي القصيدةُ الذائعةُ الرائعةُ ، ومنها:

أيُّها الشامتُ المُعيِّرُ بالدَّهْـ

ـرِ أأنت المبرَّؤُ الموفورُ

أمْ لديك العهدُ الوثيقُ من الأيَّـ

ـامِ بلْ أنت جاهلٌ مغرورُ

أيْ : يا من شمِت بمصائبِ الآخرين، هل عندك عهدٌ أنْ لا تصيبك أنت مصيبةٌ مثلُهم؟! أم هلْ منحتْك الأيامُ ميثاقاً لسلامتِك من الكوارثِ والمحنِ ؟! فلماذا الشماتةُ إذنْ ؟

وفي الحديثِ الصَّحيِحِ: (( لوْ أنَّ الدنيا تساوي عند اللهِ جناح بعوضةِ ، ما سقى كافراً منها شربة ماءٍ )) . 

إنّ الدنيا عند اللهِ تعالى أهونُ من جناحِ البعوضةِ ، وهذه حقيقةُ قيمتِها ووزنِها ، فلِم الجزعُ والهلعُ عليها ومن أجلهِا ؟!

السعادةُ : أنْ تشعر بالأمنِ على نفسِك ومستقبلك وأهلِك ومعيشتِك ، وهي مجموعةٌ في الإيمانِ والرضا اللهِ وقضائهِ وقدرهِ ، والقناعةُ : الصبرُ .

*****************************************

قيمةُ الإيمانِ

﴿ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ ﴾ .

من النعيمِ الذي لا يدركُهُ إلاَّ الفطناءُ: نظرُ المسلمِ إلى الكافرِ ، وتذكُّرُ نعمةِ اللهِ في الهدايةِ إلى دين الإسلامِ ، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يقدِّرْ لك أنْ تكون كهذا الكافرِ في كفرِه بربِّه وتمرُّدهِ عليهِ ، وإلحادِه في آياتِه ، وجحودِ صفاتِه ، ومحاربتِه لمولاهُ وخالقِه ورازقِه ، وتكذيبِه لرسلِه وكتبه ، وعصيانِهِ أوامرهُ ، ثم تذكَّرْ أنت أنَّك مسلمٌ موحِّدٌ ، تؤمنُ باللهِ ورسولهِ واليومِ الآخرِ ، وتؤدِّي الفرائض ولو على تقصيرٍ ، فإنَّ هذا في حدِّ ذاته نعمةٌ لا تُقدَّر بثمن ولا تُباعُ بمالٍ ، ولا تدورُ في الحسبانِ ، وليس لها شبيهٌ في الأعيانِ: ﴿ أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ ﴾ .

حتى ذكر بعضُ المفسرين أنَّ مِنْ نعيمِ أهلِ الجنَّةِ نظُرهم إلى أهِل النارِ ، فيشكرون ربَّهم على هذا النعيمِ: « وبضدِّها تتميزُ الأشياءُ » .

*************************************

وقفـــةٌ

لا إله إلا اللهُ: أيْ لا معبود بحقٍّ إلا اللهُ سبحانهُ وتعالى ، لتفرُّدِهِ بصفاتِ الألوهيَّةِ ، وهي صفاتُ الكمالِ .

روحُ هذه الكلمةِ وسرُّها: إفرادُ الربِّ –جلَّ ثناؤه وتقدَّستْ أسماؤُه ، وتبارك اسمُه ، وتعالى جدُّه ، ولا إله غيرُهُ– بالمحبةِ والإجلالِ والتعظيمِ ، والخوفِ والرجاءِ ، وتوابعِ ذلك من التوكّلِ والإنابةِ والرغبةِ والرهبةِ ، فلا يُحبُّ سواهُ ، وكلُّ ما يُحبُّ غيرُه فإنما يُحبُّ تبعاً لمحبتِه ، وكونِه وسيلةً إلى زيادةِ محبتِه ، ولا يُخافُ سواهُ ولا يُرجى سواهُ ، ولا يُتوكَّل إلا عليهِ ، ولا يُرغبُ إلا إليهِ ، ولا يُرهبُ إلا منهُ ، ولا يُحلفُ إلا باسمِهِ ، ولا يُنذرُ إلا لهُ ، ولا يُتابُ إلا إليهِ ، ولا يُطاعُ إلا أمرُه ، ولا يتحسَّبُ إلا بهِ ، ولا يُستغاثُ في الشدائدِ إلا به ، ولا يُلتجأ إلا إليهِ ، ولا يُسجدُ إلا لهُ ، ولا يُذبحُ إلا له وباسمِهِ ، ويجتمعُ ذلك في حرفٍ واحدٍ ، وهو: أنْ لا يُعبد إلا إياهُ بجميعِ أنواعِ العبادةِ .

******************************************

معاقون متفوقون

في ملحقِ عُكاظٍ العددُ 10262 في 7 / 4 / 1415 هـ ، مقابلةٌ مع كفيف يُدعى: محمود بن محمدٍ المدنيَّ ، درس كتب الأدبِ بعيونِ الآخرين ، وسمع كتب التاريخِ والمجلاتِ والدورياتِ والصحف ، وربما قرأ بالسماعِ على أحدِ أصدقائِه حتى الثالثةِ صباحاً حتى صار مرجعاً في الأدب والطُّرفِ والأخبار .

كتب مصطفى أمين في زاويةِ ( فكرة ) في الشرقِ الأوسطِ كلاماً، منه: اصبرْ على كيد الكائدين ، وظلمِ الظالمين ، وسطوةِ الجبابرةِ ، فإنَّ السوط سوف يسقطُ ، والقيد سوف ينكسرُ ، والمحبوس سوف يخرجُ ، والظلام سوف ينقشعُ ، لكن عليك أن تصبر وتنتظر .

وَلَرُبَّ نازلةٍ يضيقُ بها الفتى 

ذرْعاً وعِند الله منها المخرجُ

قابلتُ في الرياضِ مفتي ألبانيا ، وقد سُجن عشرين سنةً مِن قبل الشيوعيين في ألبانيا مع الأعمالِ الشاقَّةِ ، والحبسِ والكيدِ ، والنكَّالِ والظلمِ ، والظلامِ وجوعِ ، وكان يصلِّى الصلواتِ الخمس في ناحيةٍ من دورةِ المياه خوفاً منهمْ ، ومع هذا صَبَرَ واحتسب حتى جاءهُ الفرجُ ، ﴿ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ ﴾ .

هذا ( نلسون مانديلا ) رئيس جنوبِ أفريقيَّة ، سُجن سبعاً وعشرين سنةً ، وهو ينادي بحريَّةِ أمَّتهِ ، وخلوصِ شعبهِ من القهرِ والكبتِ والاستبدادِ والظلمِ ، وهو مُصِرٌّ صامدٌ مواصلٌ مستميتٌ ، حتى نال مجدهُ الدنيويَّ . ﴿ نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا ﴾ ﴿ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ ﴾ .

وأشجعُ مني كُلّ يومٍ سلامتي 

وما ثبتتْ إلا وفي نفسِها أَمْرُ

﴿ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ﴾ .

**********************************

لا تحزن إذا عرفت الإسلام

ما أشقى النفوس التي لا تعرفُ الإسلام ، ولم تهتدِ إليه ، إنَّ الإسلام يحتاجُ إلى دعايةٍ منْ أصحابهِ وحَمَلتِهِ ، وإعلان عالميٍّ هائل ، لأنهُ نبأ عظيمٌ ، والدعايةُ له يجبُ أن تكون راقيةً مهذبةً جذابةً ، لأنَّ سعادة البشريةِ لا تكونُ إلا في هذا الدينِ الحقِّ الخالدِ ، ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ ﴾ .

سكن داعيةٌ مسلمٌ شهيرٌ مدينة ميونخ الألمانية ، وعند مدخلِ المدينةِ تُوجدُ لوحةٌ إعلانيةٌ كبرى مكتوبٌ عليها بالألمانيةِ : « أنت لا تعرفُ كفراتِ يوكوهاما » . فنصب هذا الداعيةُ لوحةً كبرى بجانب هذه اللوحةِ كتب عليها: « أنت لا تعرفُ الإسلام ، إنْ أردت معرفتهُ ، فاتصل بنا على هاتفِ كذا وكذا » . وانهالتْ عليه الاتصالاتْ من الألمانِ منْ كلِّ حَدَبٍ وصوب ، حتى أسلم على يدهِ في سنةِ واحدة قرابة مائة ألفِ ألمانيٍّ ما بين رجلٍ وامرأةٍ وأقام مسجداً ومركزاً إسلامياً ، وداراً للتعليمِ .

إن البشرية حائرٌ بحاجةٍ ماسَّةِ إلى هذا الدينِ العظيمِ ، ليردَّ إليها أمنها وسكينتها وطمأنينتها ، ﴿ يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ .

يقول أحدُ العُبَّادِ الكبارِ: ما ظننتُ أنَّ في العالمِ أحداً يعبدُ غير الله .

لكنْ ﴿ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ ، ﴿ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ﴾ ، ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ .

وقد أخبرني أحدُ العلماءِ أن سودانيّاً مسلماً قدم من البادية إلى العاصمةِ الخرطومِ في أثناءِ الاستعمارِ الإنكليزيِّ ، فرأى رجل مرورٍ بريطانيّاً في وسطِ المدينةِ ، فسأل هذا المسلمُ: منْ هذا ؟ قالوا: كافرٌ. قال: كافرٌ بماذا؟ قالوا: باللهِ . قال: وهلْ أحدٌ يكفرُ بالله ؟! فأمسك على بطنِهِ ثمَّ تقيَّأ ممَّا سمع ورأى ، ثم عاد إلى الباديةِ . ﴿ فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ .!

يقولُ الأصمعيُّ: سمع أعرابيٌّ يقرأُ: ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ﴾ ، قال الأعرابيَّ: سبحان اللهِ ، ومن أحوج العظيم حتى يقسم ؟!

إنه حسنُ الظنِّ والتطلُّعُ إلى كرمِ المولى وإحسانِه ولطفه ورحمته .

وقد صحَّ في الحديثِ أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (( يضحك ربُّنا )) . فقال أعرابيٌّ : لانعدامُ منْ ربٍّ يضحكُ خيراً .

﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا ﴾ ، ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ ﴿ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ﴾ .

منْ يقرأُ كتب سيرِ الناسِ وتراجم الرجالِ يستفيدُ منها مسائل مطَّرِدةً ثابتةً منها:

1. أنَّ قيمة الإنسانِ ما يُحسنُ ، وهي كلمةٌ لعليِّ بن أبي طالبٍ ، ومعناها: أنَّ علم الإنسانِ أو أدبهُ أو عبادتهُ أو كرمهُ أو خلقهُ هي في الحقيقةِ قيمتُهُ ، وليستْ صورتُه أو هندامُهُ ومنصبُهُ: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى {1} أَن جَاءهُ الْأَعْمَى ﴾ . ﴿ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ﴾ .

2. بقدرِ همَّةِ الإنسانِ واهتمامِهِ وبذلِهِ وتضحيِتَه تكونُ مكانُتُه ، ولا يعطى لهُ المجْدُ جُزافاً .

لا تحسبِ المجد تمراً أنت آكلُهُ ..

﴿ وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً ﴾ . ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ﴾ .

3. أنَّ الإنسان هو الذي يصنعُ تاريخه بنفسِهِ بإذنِ الله ، وهو الذي يكتبُ سيرتهُ بأفعالِهِ الجميلةِ أو القبيحةِ: ﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾ .

4. وإنَّ عمر العبدِ قصيرٌ ينصرمُ سريعاً ، ويذهبُ عاجلاً ، فلا يقصره بالذنوبِ والهمومِ والغمومِ والأحزانِ: ﴿ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ . ﴿ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ ﴾ .

كفى حزناً أنَّ الحياة مريرةٌ

ولا عملٌ يرضى بهِ اللهُ صالحُ

• منْ أسبابِ السعادةِ :

1) العملُ الصالحُ: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾.

2) الزوجةُ الصالحةُ: ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ  ﴾ .

3) البيتُ الواسعُ: وفي الحديثِ: (( اللهمّ وسِّعْ لي في داري )) .

4) الكسْبُ الطيبُ: وفي الحديثِ: (( إنَّ الله طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيِّباً )) .

5) حُسْنُ الخُلقُ والتودُّدُ للناسِ: ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ ﴾ .

6) السلامةُ من الدَّيْنِ ، ومن الإسرافِ في النفقةِ: ﴿ لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا ﴾ . ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ ﴾ .

• مقومات السعادةِ:

قلبٌ شاكرٌ ، ولسانٌ ذاكرٌ ، وجسمٌ صابرٌ .

وعليك بالشكر عن النعم والصبر عند النقم والاستغفار من الذنوب .

لوْ جمعتُ لك علْم العلماءِ ، وحكمة الحكماءِ ، وقصائد الشعراءِ عنِ السعادةِ ، لما وجدتها حتى تعزم عزيمةً صادقة على تذوُّقِها وجَلْبِها ، والبحثِ عنها وطرْدِ ما يضادُّها: « منْ أتاني يمشي أتيتهُ هرولةً » .

ومن سعادةِ العبدِ: كتمُ أسرارِهِ وتدبيرِه أمورهُ .

ذكروا أنّ أعربيّاً استُؤمن على سرٍّ مقابل عشرةِ دنانير ، فضاق ذرعاً بالسرِّ ، وذهب إلى صاحبِ الدنلنيرِ ، وردَّها عليهِ مقابل أنْ يُفشي السرَّ ، لأنَّ الكتمان يحتاجُ إلى ثباتٍ وصبرٍ وعزيمةٍ: ﴿ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ ﴾ ، لأنَّ نِقاط الضعفِ عند الإنسانِ كشفُ أوراقِهِ للناسِ ، وإفشاءُ أسرارِه لهمْ ، وهو مرضٌ قديمٌ ، وداءٌ متأصِّلٌ في البشريةِ ، والنفسُ مُولعةٌ بإفشاءِ الأسرارِ ، ونقْلِ الأخبار . وعلاقةُ هذا بموضوعِ السعادةِ أنَّ منْ أفشى أسراره فالغالبُ عليه أن يندم ويحزن ويغْتمَّ .

وللجاحظِ في الكتمانِ كلامٌ خلاَّبٌ في رسائلِهِ الأدبيةِ ، فليعُدْ إليها منْ أراد . 

وفي القرآن: ﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ﴾، وهذا أصلٌ في كتمانِ السرِّ، والأعرابيُّ يقول: وأكتمُ السرَّ فيه ضربةُ العنقِ .



كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 19 أكتوبر 2024, 9:40 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52644
العمر : 72

كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10 Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10   كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10 Emptyالثلاثاء 10 يونيو 2014, 7:25 am

كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10 D606c4bbd7c1f777bc927c6fb6e83390
لن تموت قبل أجلِك
﴿ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ .
هذه الآيةُ عزاءٌ للجبناءِ الذين يموتون مراتٍ كثيرةً قبل الموتِ ، فلْيعلموا أنَّ هناك أجلاً مسمى ، لا تقديم ولا تأخير ، لا يعجِّلُ هذا الموت أحدٌ ، ولا يؤجِّله بشرٌ ، ولو اجتمع أهل الخافقيْن ، وهذا في حدِّ ذاتهِ يجلبُ للعبدِ الطمأنينة والسكينة والثبات : ﴿ وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ﴾ .
واعلمْ أنَّ التعلُّق بغيرِ اللهِ شقاءٌ: ﴿  فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ ﴾ .
( سِيَرُ أعلامِ النبلاءِ ) للذهبيِّ ثلاثةٌ وعشرون مجلداً ، ترجم فيها للمشاهيرِ من العلماءِ والخلفاءِ والملوكِ والأمراءِ والوزراءِ والأثرياءِ والشعراءِ ، وباستقراءِ هذا الكتابِ تجدُ حقيقتين مهمتين:
الأولى: أنَّ منْ تعلَّق بغيرِ اللهِ منْ مالٍ أو ولدٍ أو منصبٍ أو حرفةٍ ، وكلهُ اللهُ إلى هذا الشيءِ ، وكان سبب شقائِهِ وعذابِهِ ومحْقِهِ وسحقِهِ: ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ . فرعونُ والمنصِبُ قارونُ والمالُ ، وأُميَّةُ بنُ خلفٍ والتجارةُ ، والوليدُ والولدُ: ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ﴾  .
أبو جهل والجاهُ ، أبو لهبٍ والنسبُ ، أبو مسلم والسلطةُ ، المتنبئ والشهرةُ ، والحجَّاج والعلوُّ في الأرضِ ، ابنُ الفراتِ والوزارةُ .
الثانيةُ : أنَّ منِ اعتزَّ باللهِ وعمل له وتقرَّب منه ، أعزَّه ورفعه وشرَّفه بلا نسبٍ ولا منصبٍ ولا أهلٍ ولا مالٍ ولا عشيرةٍ: بلالُ والأذانُ ، سلمانُ والآخرةُ ، صُهيبٌ والتضحيةُ ، عطاءٌ والعِلْمُ ، ﴿ وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا ﴾ .
***************************************
« يا ذا الجلالِ والإكرامِ »
صحَّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنهُ قال: « ألظُّوا بيا ذا الجلالِ والإكرامِ » . أي الزموها ، وأكثرُوا منها ، وداوموا عليها ، ومثلُها وأعظمْ: يا حيُّ يا قيومْ . وقيل: إنه الاسمُ الأعظمُ لربِّ العالمين الذين إذا دُعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى . فما للعبدِ إلا أنْ يهتف بها وينادي ويستغيث ويدمن عليها ، ليرى الفرَجَ والظفرَ والفلاحَ: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ .
في حياةِ المسلمِ ثلاثةُ أيامٍ كأنها أعيادٌ:
يومٌ يؤدّي فيه الفرائض جماعةً ، ويسْلمُ من المعاصي: ﴿ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم ﴾ .
ويومٌ يتوبُ فيه من ذنبِهِ ، وينخلعُ من معصيتِهِ ، ويعودُ إلى ربِهِ: ﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ ﴾.
ويومٌ يلقى فيه ربِّه على خاتمةٍ حسنةٍ وعملٍ مبرورٍ: ((مَنْ أحبَّ لقاء الله أحبَّ اللهُ لقاءهُ )) .
وبشّرتُ آمالي بشخصٍ هو الورى
ودارٍ هي الدنيا ويومٍ هو الدهرُ 
قرأتُ سِير الصحابة –رضوانُ اللهِ عليهم-، فوجدتُ في حياتِهمْ خمس مسائل تميزُهم عنْ غيرِهمْ:
الأولى: اليُسْرُ في حياتِهِمْ ، والسهولةُ وعدم التكلُّف ، وأخذ الأمور ببساطة ، وترك التنطع والتعمُّق والتشديد: ﴿ وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴾ .
الثانيةَ: أن عِلْمهم غزيرٌ مباركٌ متصلٌ بالعملِ ، لا فضولَ فيه ولا حواشي ، ولا كثرة كلامٍ ، ولا رغوة أو تعقيد: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ﴾ .
الثالثةَ: أنَّ أعمال القلوبِ لديهمْ أعظمُ من أعمالِ الأبدانِ ، فعندهُمُ الإخلاصُ والإنابُةُ والتوكلُ والمحبةُ والرغبةُ والرهبةُ والخشْيةُ ونحوُها ، بينما أمورُهم ميسَّرةٌ في نوافلِ الصلاةِ والصيامِ ، حتى إن بعض التابعين أكثرُ اجتهاداً منهمْ في النوافلِ الظاهرةِ: ﴿ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ .
الرابعة: تقلُّلهمْ من الدنيا ومتاعِها ، وتخفُّفُهم منها ، والإعراضُ عن بهارجها وزخارفِها ، مما أكسبهم راحةً وسعادةً وطمأنينةً وسكينةً: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ .
الخامسة: تغليبُ الجهادِ على غيرِه من الأعمالِ الصالحةِ ، حتى صار سِمةً لهمْ ، ومعْلماً وشعاراً . وبالجهادِ قضوْا على همومِهم وغمومِهم وأحزانِهمْ ، لأنَّ فيه ذكراً وعملاً وبذلاً وحركةً .
فالمجاهدُ في سبيل اللهِ منْ أسعدِ الناسِ حالاً ، وأشرحِهم صدْراً وأطيبهِم نفساً: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ  ﴾  .
في القرآن حقائقُ وسُننٌ لا تزولُ ولا تحولُ ، أذكرُ ما يتعلقُ منها بسعادةِ العبدِ وراحةِ بالِهِ ، منْ هذِهِ السُّننِ الثابتةِ :
أنَّ منِ استنصر باللهِ نَصَرَهُ: ﴿ إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ . ومنْ سألهُ أجابهُ: ﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾  . ومن استغفره غَفَرَ له: ﴿ فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ﴾ . ومنْ تاب إليه قبل منه: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ﴾ . ومنْ توكَّل عليهِ كفاهُ: ﴿ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ .
وأنَّ ثلاثةً يعجِّلُها اللهُ لأهلِها بنكالِها وجزائها: البغيُ: ﴿ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم ﴾ ، والنكثُ: ﴿  فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ ﴾ ، والمكرُ: ﴿ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ﴾ . وأنَّ الظالم لنْ يفلت من قبضةِ اللهِ: ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ﴾ . وأنَّ ثمرة العملِ الصالحِ عاجلةٌ وآجلةٌ ، لأنَّ الله غفورٌ شكورٌ: ﴿ فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ ﴾ ، وأن من أطاعه أحبَّه: ﴿ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ﴾ . فإذا عَرَفَ العبدُ ذلك سعد وسُرَّ ، لأنه يتعاملُ مع ربٍّ يرزقُ ويَنْصُرُ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ﴾ ، ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ ﴾ ، ويغفرُ: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ ﴾ ، ويتوبُ: ﴿ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ ، وينتقمُ لأوليائه منْ أعدائِهِ: ﴿  إِنَّا مُنتَقِمُونَ ﴾ ، فسبحانه ما أكملهُ وأجلًّهُ: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ ؟! .
للشيخِ عبدِالرحمنِ بنِ سعديٍّ – رحمهُ اللهُ – رسالةٌ قيِّمةٌ اسمُها ( الوسائلُ المفيدةُ في الحياةِ السعيدةِ ) ، ذكر فيها: « إنَّ منْ أسبابِ السعادةِ أنْ ينظر العبدُ إلى نعمِ اللهِ عليه ، فسوف يرى أنهُ يفوقُ بها أمماً من الناسِ لا تُحْصى ، حينها يستشعرُ العبدُ فضل اللهِ عليه » .
أقولُ: حتى في الأمورِ الدينيَّةِ مع تقصيرٍ العبدِ ، يجُد انه أعلى منْ فئامٍ من الناسِ في المحافظةِ على الصلاةِ جماعةً ، وقراءةِ القرآن والذكرِ ونحْو ذلك ، وهذه نعمةٌ جليلةٌ لا تُقدَّرُ بثمنٍ: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ .
وقدْ ذكر الذهبيُّ عن المحدِّثِ الكبيرِ ابنِ عبدِ الباقي انه : استعرض الناس بعد خروجِهم من جامعِ ( دارِ السلامِ ) ببغداد ، فما وَجَدَ أحداً منهمُ يتمنَّى أنه مكانه وفي مسلاخه .
ولهذِهِ الكلمةِ جانبٌ إيجابيٌّ وسلبيٌّ: ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ .
كلُّ هذا الخلْقِ غِرٌّ وأنا 
منهمُ فاتركْ تفاصيل الجُمَلْ 
****************************************
وقفـــةٌ
عن أسماء بنتِ عُميْسٍ –رضي اللهُ عنها– قالتْ: قال لي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:
(( ألا أُعلِّمكِ كلماتٍ تقولِينهُن عند الكرْبِ. أو في الكرْبِ.؟: اللهُ اللهُ ربِّي لا أُشركُ به شيئاً )) .
وفي لفظٍ: (( منْ أصابهُ همٌّ أو غمٌّ أو سقمٌ أو شِدَّةٌ ، فقال: اللهُ ربي ، لا شريك له . كُشِف ذلك عنه )) .
« هناك أمورٌ مظلمةٌ تورِدُ على القلبِ سحائب متراكماتٍ مظلمةً ، فإذا فرَّ إلى ربِّهِ ، وسلّم أمره إليهِ ، وألقى نفسهُ بين يديهِ مِنْ غيرِ شرِكةِ أحدٍ من الخلقِ ، كشَفَ عنه ذلك ، فأمَّا منْ قال ذلك بقلبٍ غافلٍ لاهٍ ، فهيهات » .
قال الشاعرُ:
وما نبالي إذا أرواحٌنا سلِمتْ 
بما فقدناهُ مِنْ مالٍ ومِنْ نَشَبِ
فالمالُ مكتسبٌ والعِزُّ مُرْتجعٌ
إذا النفوسُ وقاها اللهُ مِنْ عَطَبِ
************************
مَن خاف حاسداً
1. المعوِّذاتُ مع الأذكارِ والدعاءِ عموماً: ﴿ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ  ﴾ .
2. كِتمانُ أمرِك عنِ الحاسِدِ: ﴿ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ ﴾ .
3. الابتعادُ عنه: ﴿ وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ  ﴾ .
4. الإحسانُ إليه لِكفِّ أذاهُ : ﴿ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ .
************************************
حسِّنْ خلُقكَ
حُسْنُ الخُلُقِ يُمْنٌ وسعادةٌ ، وسُوءُ الخُلُقِ شُؤمٌ وشقاءٌ .
(( إن المرء لَيبْلغ بحسنِ خلُقِهِ درجةَ الصائمِ القائمِ)) . ((ألا أُنبِّئُكم بأحبِّكمُ وأقربِكُمْ منِّي مجلساً يوم القيامةِ ؟! أحاسنُكمْ أخلاقاُ)) . ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾. ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ﴾ . ﴿ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ﴾ .
وتقولُ أمُّ المؤمنين عائشةُ بنتُ الصديق -رضي الله عنهما- في وصفها المعصوم عليه صلاةُ ربي وسلامُه: (( كان خُلُقُهُ القُران )) .
إن سَعَةَ الخُلُق وبَسْطَهَ الخاطرِ: نعيمٌ عاجلٌ وسرورٌ حاضرٌ لمن أراد به اللهُ خيْراً ، وإنَّ سرعة الانفعالِ والحِدَّةِ وثورة الغضبِ: نَكَدٌ مستمرٌّ وعذابٌ مقيمٌ .
*************************************
دواءُ الأرقِ
ماذا يفعلُ منْ أُصيب بالأرقِ ؟
الأرقُ تعسُّرُ النومِ ، والتململُ على الفراشِ .
1. الأذكارُ الشرعيَّةُ: ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ .
2. هَجْرُ النومِ بالنهارِ إلا لحاجةٍ ماسَّةٍ: ﴿ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً ﴾ .
3. القراءةُ والكتابةُ حتى النومِ: ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾  .
4. إتعابُ الجسمِ بالعملِ النافعِ نهاراً: ﴿ وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً ﴾ .
5. التقليلُ منْ شربِ المنبِّهاتِ كالقهوةِ والشايِ .
شكوْنا إلى أحبابِنا طول ليلِنا 
فقالوا لنا ما أقصر الليل عندنا
وذاك بأنَّ النوم يُغشِي عيونهم
يقيناً ولا يُغشِي لنا النومُ أعْينا
مرارةُ الذنبِ تنافي حلاوة الطاعةِ ، وبشاشة الإيمانِ ، ومذاق السعادةِ .
يقولُ ابنُ تيمية: المعاصي تمنعُ القلبَ منَ الجولانِ في فضاءِ التوحيدِ: ﴿قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ .
************************************
عواقب المعاصي
1. حجابٌ بين العبدِ وربِّه: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ .
2. يُوحشُ المخلوق من الخالقِ: إذا ساء فعلُ المرءِ ساءتْ ظنونُه .
3. كآبةٌ دائمةٌ : ﴿ لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ ﴾  .
4. خوفٌ في القلبِ واضطرابٌ: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ ﴾ .
5. نكدٌ في المعيشةِ: ﴿ فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ﴾ .
6. قسوةٌ في القلبِ وظلمةٌ: ﴿ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ﴾ .
7. سوادٌ في الوجهِ وعبوسٌ: ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم  ﴾ .
8. بغضٌ في قلوبِ الخلْقِ: (( أنتم شهداءُ اللهِ في أرضِهِ )) .
9. ضيقٌ في الرزقِ: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم  ﴾ .
10. غضبُ الرحمنِ ، ونقْصُ الإيمانِ ، وحلولُ المصائبِ والأحزانِ: ﴿ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ ﴾ . ﴿ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ . ﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ  ﴾ .
**************************************
اطلبِ الرزق ولا تحرِصْ
الدودةُ في الطِّينِ يرزقُها ربُّ العالمين: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا﴾.
الطيورُ في الوكورِ يطعمُها الغفورُ الشكورُ: ((كما يرزقُ الطيرَ ، تغدو خِماصاً وتروحُ بِطاناً)) .
السمكُ في الماءِ يرزقُه ربُّ الأرضِ والسماء: ﴿يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ﴾ .
وأنت أزكى من الدودةِ والطيرِ والسمكِ ، فلا تحزنْ على رزقِك .
عرفتُ أناساً ما أصابُهُمُ الفقرَ والكدرُ وضيقُ الصدر إلا بسببِ بعدِهم عن اللهِ عزَّ وجلَّ ، فتجدُ أحدهم كان غنيّاً ، ورزقُه واسعٌ وهو في عافيةٍ منْ ربِّهِ وفي خيرٍ منْ مولاه ، فأعرض عن طاعةِ اللهِ ، وتهاون بالصلاةِ ، واقترف كبائر الذنوبِ ، فسلبَهَ ربُّه عافية بدنِهِ وسعة رزقِهِ ، وابتلاهُ بالفقْرِ والهمِّ والغمِّ ، فأصبح منْ نكدٍ إلى نكدٍ ، ومنْ بلاءٍ إلى بلاءٍ: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً﴾ . ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ . 
﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾ . 
﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً﴾ .
أتبكي على ليلى وأنت قتلتها 
هنيئاً مريئاً أيُّها القاتلُ الصَّبُّ
**********************
﴿اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾
سرُّ الهدايةِ
ولنْ يهتدي للسعادةِ ولنْ يجدها ولنْ ينعم بها ، إلا منِ اتبع الصراط المستقيم الذي تركنا محمدٌ -صلى الله عليه وسلم- على طرفِهِ ن وطرفُه الآخرُ في جناتِ النعيمِ: ﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾.
فسعادةُ من لزم الصراط المستقيم أنهُ مطمئنٌّ لحسْنِ العاقبةِ ، واثقٌ منْ طيبِ المصيرِ ، ساكنٌ إلى موعودِ ربِّهِ ، راضٍ بقضاءِ مولاهُ ، مخبتٌ في سلوكِهِ هذا السبيلُ ، يعلمُ انَّ له هادياً يهديهِ على هذا الصراطِ ، وهو معصومٌ لا ينطقُ عن الهوى ، ولا يتبعُ منْ غوى ، قَوْلُهُ حجَّةٌ على الورى ، محفوظٌ منْ نزغاتِ الشيطانِ ، وعثراتِ القرانِ ، وسقطاتِ الإنسانِ: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ﴾ .
وهذا العبدُ يجدُ السعادة في سلوكِهِ هذا الصراط ؛ لأنهُ يعلمُ أنَّ له إلهاً ، وأمامهُ أسوةً ، وبيدِهِ كتاباً ، وفي قلبِه نوراً ، وفي خلدِه ، واعظاً ، وهو ذاهبٌ إلى نعيمٍ ، وعاملٌ في طاعةٍ ، وساعٍ إلى خيرٍ: ﴿ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ﴾ .
أين ما يُدعى ظلاماً يا رفيق الدربِ أينْا
إنَّ نور اللهِ في قلبي وهذا ما أراهُ 
وهما صراطان: معنويٌّ وحِسِّيٌّ ، فالمعنويٌّ: صراطُ الهدايةِ والإيمانِ ، والحسيُّ: الصراطُ على متْنِ جهنم ، فصراطُ الإيمانِ على متنِ الدنيا الفانيةِ له كلاليبٌ من الشهواتِ ، والصراطُ الأخرويُّ على متْنِ جهنم له كلاليبُ كشوكِ السعدانِ ، فمنْ تجاوز هذا الصراط بإيمانِهِ تجاوز ذاك الصراط على حسْبِ إيقانهِ ، وإذا اهتدى العبدُ إلى الصراطِ المستقيمِ زالتْ همومُه وغمومُه وأحزانُه .
*******************************************
عشرُ زهِراتٍ يقطفُها منْ أراد الحياة الطيبة
1. جلسةٌ في السَّحر للاستغفارِ: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾ .
2. وخلوةٌ للتفكُّرِ: ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ .
3. ومجالسةُ الصالحين: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم﴾ .
4. والذِّكْر: ﴿اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾ .
5. وركعتانِ بخشوعٍ: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ .
6. وتلاوةٌ بتدبُّرٍ: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ .
7. وصيامُ يومٍ شديدِ الحرِّ: ((يدع طعامه وشرابه وشهواته منْ أجلي )) .
8. وصدقةٌ في خفاءٍ: ((حتى لا تعلم شمالهُ ما تنفقُ يمينُه)) .
9. وكشْفُ كربةٍ عنْ مسلمٍ: ((منْ فرَّج عنْ مسلمِ كربةً منْ كُربِ الدنيا فرَّج اللهُ عنه كربةً منْ كربِ يومِ القيامةِ)) .
10. وزهْدٌ في الفانيةِ: ﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ .
تلك عشرةٌ كاملةٌ .
منْ شقاءِ ابنِ نوحٍ قولُه: ﴿سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء ﴾ . ولو أوى إلى ربِّ الأرضِ والسماءِ لكان أجلَّ وأعزَّ وأمنع .
ومن شقاءِ النمرودِ قولهُ: أنا أُحيي وأُميتُ . فتقمَّص ثوباً ليس له ، واغتصب صفةً لا تحلُّ له ، فُبِهِت وخسأ وخاب .
﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ .
مفتاحُ السعادةِ كلمةٌ ، وميراثُ الملَّةِ عبارةٌ ، ورايةُ الفلاحِ جملةٌ ، فالكلمةُ والعبارةُ والجملةُ هي: لا إله إلا اللهُ . محمدٌ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-.
سعادةُ منْ نطقها في الأرضِ: أن يُقال لهُ في السماءِ: صدقْتَ: ﴿وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ .
وسعادةُ منْ عمل بها: أنْ ينجو من الدمارِ والشَّنارِ والعارِ والنارِ: ﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ﴾ .
وسعادةُ منْ دعا إليها: أنْ يٌعان ويُنْصَرَ ويُشْكَرَ: ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ .
وسعادةُ منْ أحبَّها: أنْ يُرفع ويُكرَمَ ويُعزَّ: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ .
هتف بها بلالٌ الرقيقُ فأصبح حرّاً: ﴿يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ﴾ .
وتلعثم في نطقهاِ أبو لهبٍ الهاشميُّ ، فمات عبداً ذليلاً حقيراً: ﴿وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ﴾ .
إنها الإكسيِرُ الذي يحولِّ الركام البشريَّ الفاني إلى قممٍ لإيمانيةٍ ربانيةٍ طاهرةٍ : ﴿وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا﴾ .
لا تفرحْ بالدنيا إذا أعرضْت عنِ الآخرةِ ، فإنَّ العذاب الواصب في طريقِك ، والغلَّ والنَّكالُ ينتظرُك: ﴿مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ {28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ﴾ . ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ .
ولا تفرحْ بالولدِ إذا أعرضت عن الواحدِ الصمدِ ، فإنَّ الإعراض عنه كلُّ الخذلانِ ، وغايةُ الخسرانِ ، ونهايةُ الهوانِ : ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ﴾ .
ولا تفرحْ بالأموالِ إذا أسأت الأعمال ، فإنَّ إساءة العمل محقٌ للخاتمةِ وتبابٌ في المصيرِ ، ولعنةٌ في الآخرةِ : ﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى﴾ ﴿وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً﴾ .
*************************************
وقفــةٌ
((يا حيُّ يا قيومُ برحمتِك أستغيثُ)): في رفع هذا الدعاءِ مناسبةٌ بديعةٌ ، فإنَّ صفة الحياةِ متضمِّنةً لجميع صفاتِ الكمالِ ، مستلزمةٌ لها ، وصفةُ القيَّوميةُ متضمِّنةٌ لجميعِ صفاتِ الأفعالِ ، ولهذا كان اسمُ اللهِ الأعظمُ الذي إذا دُعِيَ به أجاب ، وإذا سُئل به أعطى: هو اسمُ الحيُّ القيومُ . والحياةُ التامَّة تضادُّ جميع الأسقامِ والآلام ؛ ولهذا لما كمُلتْ حياةُ أهلِ الجنةِ ، لمْ يلحقْهُمْ همُّ ولا غمٌّ ولا حَزَنٌ ولا شيءٌ من الآفاتِ . ونقصانُ الحياةِ تضرُّ بالأفعالِ ، وتنافي القيومية ، فكمالُ القيوميةِ لكمالِ الحياةِ ، فالحيُّ المطلقُ التامُّ الحياةِ لا تفوتُه صفةُ الكمالِ ألبتة ، والقيومُ لا يتعذَّرُ عليه فعْل ممكن ألبتة ، فالتوسلُ بصفةِ الحياةِ والقوميةِ له تأثيرٌ في إزالةِ ما يُضادُّ الحياةَ ويضرُّ بالأفعالِ .
قال الشاعرُ:
لعمْرُك ما المكروهُ منْ حيث تتَّقي 
وتخشى ولا المحبوبُ من حيثُ تَطْمَعُ
وأكثرُ خوفِ الناسِ ليس بكائنِ 
فما درْكُ الهمِّ الذي ليس ينفعُ 


كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 10
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 08
» كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 24
» كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 09
» كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 25
» كتـــــاب لا تحـــــــــــزن 26

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: كتـــاب "لا تحــــــزن"-
انتقل الى: