أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn مؤسس ومدير المنتدى
عدد المساهمات : 52561 العمر : 72
| موضوع: القارئ الشهير الشيخ محمد رفعت الخميس 10 يونيو 2010, 3:48 pm | |
| الشيخ محمد محمود رفعت ولادته ونشأته:
ولد فضيلة الشيخ القارئ محمد محمود رفعت في 9 مايو عام (1882م)، وهو العام الذي احتلت بريطانيا فيه مصر، ومصر العربية امتدحها النبي –صلى الله عليه وسلم- بقوله: هي خير أجناد الأرض ولقد تميز هذا الشعب تميزاً بديعاً في قراءة القرآن، تجويداً وترتيلاً. وقال أحدهم: نزل القرآن بمكة والحجاز وقرئ بمصر وذلك لجمالية في الصوت وطول في النفس وعذوبة في القراءة تميز بها هذا الشعب المسلم عن غيره. ولد الشيخ في أسرة فقيرة، بحي المغربلين بالقاهرة، فقد بصره بعد عامين من ولادته، بدأ حفظ كتاب الله في السنة الخامسة من عمره في الكُتّاب، وأتم الختمة عن ظهر قلب وهو في التاسعة من عمره وكان شيخه في الكُتّاب حينئذ الشيخ عبد الفتاح حميدة. وعندما بلغ الشيخ محمد رفعت الخامسة عشر أجازه شيخه عبد الفتاح بقراءة القرآن تجويداً وترتيلاً، فكان حديث الناس قبل أن يبلغ العشرين من عمره. كما أنه رحمه الله تعالى قرأ القراءات السبع من طريق الشاطبية على العلامة المقرئ عبد الفتاح هنيدي (انظر كتاب الشيخ المتولي وجهوده في علم القراءات ، للدكتور إبراهيم الدوسري ص 128). وبعد هذه المدة ذاع صيت الشيخ، وبلغت شهرته الآفاق، وقصدته جموع الناس من كل ناحية من نواحي مصر العربية لتستمع إليه وهو يرتل آيات من الذكر الحكيم في كل يوم جمعة بمسجد فاضل باشا بالقاهرة. شمائله وصفاته: كان الشيخ –رحمه الله– نحيف الجسم، مصري الملامح، كفيف البصر، قوي البصيرة، جهوري الصوت، حليق اللحية. وصفته حفيدته هناء رفعت بقولها: كان جدّي –رحمه الله– غزير الدمعة، سريع البكاء، خاصة عند مراجعته لما يحفظ من كتاب الله، وكان متواضعاً، حنوناً على أولاده، يمرض لمرضهم، ويفرح لفرحهم. وتقول هناء أيضاً : كان جدي –رحمه الله– يحمل (القُلّة) لأولاده وهم نائمون قبل أذان الفجر في شهر رمضان المبارك، وبلغ من شدة تواضعه أنه كان لا يحب تقبيل الأيدي، حتى إنه كان يقبّل من يقبّل يده.
ويقول الشيخ محمود محي الدين غزالة مؤسس جمعية محبي الشيخ محمد رفعت رحمه الله: كانت شخصية الشيخ محمد رفعت –رحمه الله– شخصية الإنسان المسلم التي قال فيها رسول الله –صلى الله عليه وسلم– حينما سُئِلَتْ أم المؤمنين عائشة –رضي الله عنها– عن خُلُق النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: كان خُلُقُهُ القرآن أو كان قرآناً يمشي، هكذا كان الشيخ محمد محمود رفعت –رحمه الله– قرآناً يمشي، فكان قارئاً خاشعاً فاهماً لكتاب الله عاملاً على خدمته وحفظه، وعاملاً بآياته، ذاكراً خاضعاً، زميلاً للقرآن وآياته. أما قراءته فتمتاز بأشياء منها : قوة القراءة في الإيداع كالسلاسل الذهبية، علماً أنه كان يقرأ بدون مكبرات صوت أو ميكروفون، وحسبه أنه كان يضع يديه بجانب أذنيه ويشدو بصوته العذب الخاشع. إبداع الترتيل الذي لا يجاريه فيه أحد، فهو بحق صاحب حنجرة ذهبية، وعبقرية في الأداء. إتقان التجويد، وعذوبة في الصوت مذكّراً بعظمة القرآن، حيث كان صوته صدًى لعقيدته الصادقة وصدق إيمانه وقمة خشوعه، رحمه الله. كان صوته معقد التكوين، حيث تجد أنه يجتمع له في آية واحدة القرار والجواب، وصوته علاوة على ذلك فيه شجن وروح عجيبة، جمع فيه بين الأنس القاهر والجمال الباهر. الإتيان بسلاسل ذهبية من النغمات الروحانية، التي كانت متمشية مع كلام الله. قراءته التفسيرية الواعية لكتاب الله : لقد كانت عبقرية الشيخ محمد محمود رفعت –رحمه الله– تقوم على الإحساس اليقظ جداًّ بمعرفة مواطن الوقوف، فكان إذا قرأ القرآن حسبته يفسر آيات من الذكر الحكيم أحسن تفسير وأفضل تبيين. وهذه هي صفة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أم سلمة: أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسّرة حرفاً حرفاً (فضائل القرآن وتلاوته، لأبي فضل الرازي/ص 61). وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لا تنثروه نثر الدَّقْل، ولا تحفدّوه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب، ولا يكون همّ أحدكم آخر السورة (أخرجه الآجري في أخلاق حملة القرآن). وقال الشيخ أبو العينين شعيشع نقيب القرّاء في جمهورية مصر العربية – واصفاً قراءة الشيخ رحمه الله: فكان إذا تلا الشيخ –رحمه الله– آيات فيها ذكر الجنة كقوله تعالى: ودانية عليهم ظلالها وذلّلت قطوفها تذليلاً (الإنسان / 14). تصورت أن هذه الجنة قد دنت عليهم ظلالها الوارفة، وكانت ثمارها سهلة التناول، يتناولها الشخص بلا تعب ولا مشقة. اللهم أكرمنا ولا تهنّا، واجعلنا ممن يلِِجون باب الجنة، وتتلقاّهم خزنتها. .. يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون (النحل / 32).
الخلاصة: إن الشيخ محمد رفعت –رحمه الله– كان صاحب مدرسة قرآنية متميزة في الأداء، حتى إن كل من جاء بعده من مشاهير القراء قد تخرج من مدرسته، واستفاد من أدائه. فمن طلب حلاوة الصوت وعذوبته وجده عند الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد (ت سنة 1988م). ومن طلب قواعد الترتيل ففارسها الشيخ محمود خليل الحصري (ت سنة 1980م). ومن طلب قوة الصوت بخشوع الإيمان فصاحبه الشيخ محمد صدّيق المنشاوي (ت سنة 1969م)، ومن كان مولعاً بعلوم القراءات ومخارج الألفاظ والوقوف والابتداء فأستاذها بلا منازع الشيخ محمد الصيفي (ت سنة 1955م) .. أما الشيخ محمد محمود رفعت (صاحب الحنجرة الذهبية، ففيه كل ذلك، وكل من جاء بعده عِيال عليه، عالة على مدرسته وحُسن أدائه. وكل العلماء اتفقوا على تميزه وإبداعه، ولم يتفقوا على أحد غيره. تاريخ وفاته: توفي سنة (1950م) الموافق (1370هـ) ليفتح حياة خالدة مع أحياء الآخرة يرتل لهم القرآن الكريم كما كان يرتل في الدنيا بصوته الخافت وقراءته الجميلة الخاشعة العميقة. مصادر الترجمة: إذاعة القرآن الكريم بالقاهرة، سنة 2003م، 9 مايو، يوم الجمعة. قناة التنوير المصرية، سنة 2002 في 29/9. موسوعة أعلام مصر في القرن العشرين، مصطفى نجيب، الطبعة الأولى، سنة 1996م. خير البُشَر بمن أتمّ حفظ القرآن ولماّ يبلغ العَشَر، لمحمد حسين إبراهيم الرنتاوي، مخطوط (قيد الطبع). منقول من موقع مجلة الفرقان |
|