منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

IZHAR UL-HAQ

(Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.

أحْـلامٌ مِـنْ أبِـي (باراك أوباما) ***

 

 الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر Empty
مُساهمةموضوع: الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر   الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر Emptyالخميس 26 ديسمبر 2013, 6:19 am

الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر 
أوكرانيـا 
Ukraine 
كلمة «أوكرانيا» تعني «منطقة الحدود». وتُعَدُّ منطقة أوكرانيا من أهم المناطق المرتبطة بتجربة الجماعات اليهودية في شرق أوربا (أي يهود اليديشية) ومن أهم مسارح الأحداث التي تحدَّد فيها مصيرهم، ويُطلَق على أوكرانيا أحياناً اسم «روسيا الصغرى». وكان يهود أوكرانيا يشكلون واحدة من أكبر الجماعات اليهودية على الإطلاق حتى منتصف القرن العشرين. ثم أصبحت كلمة «أوكرانيا» تشير إلى الجمهورية السوفيتية التي كانت تحمل هذا الاسم والتي أصبحت في الآونة الأخيرة دولة ضمن كومنولث الدول المستقلة، وحدودها مختلفة عن حدود أوكرانيا القديمة (روثينيا) التي كانت تابعة لبولندا وليتوانيا، والتي قُسِّمت بعد ذلك بين روسيا وبولندا عام 1667. ثم استولى الروس عليها بأسرها عام 1793. 
ويعود استقرار اليهود في أوكرانيا إلى القرن التاسع، وذلك مع انتشار وتوسيع إمبراطورية الخزر. لكن الاستيطان على نطاق واسع تم في منتصف القرن السادس عشر، مع بدايات الإقطاع الاستيطاني البولندي فيها. ذلك أن النبلاء البولنديين كانوا يريدون تطوير هذه المنطقة اقتصادياً بعد ضمها إلى اتحاد بولندا وليتوانيا فقاموا بتوطين عناصر يهودية تجارية تقوم باستئجار المزارع نظير مبلغ محدد فيما يُسمَّى «نظام الأرندا». وقد تسبَّب هذا في تحوُّل اليهود إلى جماعة وظيفية تجارية وسيطة تعتصر الفلاحين والأقنان لصالح النبلاء الغائبين الذين كانوا يقومون بدورهم باعتصار اليهود. وقد كان التقسيم الطبقي في أوكرانيا يدعمه تقسيم إثنى وديني يزيده حدة واستقطاباً. فالفلاحون أوكرانيون أرثوذكس يتحدثون الأوكرانية، والنبلاء بولنديون كاثوليك يتحدثون البولندية، والوسطاء يهود يتحدثون اليديشية. وقد بلغ عدد اليهود في أوكرانيا، مع نهاية القرن السادس عشر، 45 ألف يهودي من مجموع 100 ألف يهودي في بولندا، زاد عددهم قبل هجمات شميلنكي إلى 150 ألفاً. 
وحين شهد منتصف القرن السابع عشر هجمات شميلنكي، كان أعضاء الجماعة اليهودية في مركز الصراع. فقد نصت المعاهدة التي وُقعت بين شميلنكي وملك بولندا، بعد انتشار القوزاق عام 1649، على أنه «لن يُسمح لليهود بالإقامة كملاك أو كمؤاجرين ولا حتى كسكان في المدن الأوكرانية التي توجد فيها فرق قوزاق ». وبعد عامين، بعد أن ألحقت القوات البولندية الهزائم بالقوزاق، وُقعت معاهدة عام 1651 التي اعترف شميلنكي فيها بحق اليهود في أن يستقروا كسكان ومؤاجرين في ضياع جلالة الملك وضياع النبلاء البولنديين (شلاختا)، أي أن صعود اليهود وهبوطهم كان مرتبطاً بصعود وهبوط القوة البولندية العسكرية؛ تماماً مثلما ارتبط صعود وهبوط المستوطنين الصهاينة بصعود وهبوط القوة الإنجليزية ثم الأمريكية في الشرق العربي والعالم الإسلامي. 
وقد قُسِّمت أوكرانيا بين روسيا وبولندا عام 1667، فضمت روسيا الجزء الذي يقع عن يسار نهر الدنيبر، وظل الجزء الذي عن يمينه تابعاً لبولندا. وقد تعرَّض يهود هذه المنطقة البولندية من أوكرانيا لهجمات الهايدماك (وهم ورثة شميلنكي الذين كانوا يقومون بذبح البولنديين وعملائهم اليهود). ورغم كل هذا، تزايد عدد أعضاء الجماعة اليهودية في أوكرانيا، فبلغ عددهم قبل التقسيم الأول لبولندا نحو 258 ألف يهودي زاد إلى 600 ألف عام 1847. وقد بلغ عددهم في أول إحصاء رسمي (عام 1887) 1.297.268، أي 9.2% من كل سكان أوكرانيا وهي من أعلى النسب العددية التي وصل إليها أعضاء الجماعات اليهودية في أي بلد في العصر الحديث. ومما يجدر ذكره أن أوكرانيا كانت تقع ضمن منطقة الاستيطان التي كان يُصرَّح لليهود بالسكنى فيها. وكانت أوكرانيا من أخصب المناطق التي انتشرت فيها الأفكار الشبتانية والفرانكية والحسيدية. 
ويهود أوكرانيا من أهم قطاعات يهود اليديشية، وهم يتسمون بالتميز الوظيفي والاقتصادي نفسه الذي يتسم به يهود اليديشية، بل كان تميُّزهم أكثر حدة. وعلى سبيل المثال، فإن 90% ممن يعملون في تقطير الخمور عام 1872 كانوا من اليهود. وكان معظم أعضاء الجماعة اليهودية يعملون إما في مصانع صغيرة أو يقومون بأعمال تجارية، ولكن لم يكن يوجـد يهـود بأعداد كبيرة في الصناعات الثقيلـة. وفي عام 1897، كانت أغلبية يهود أوكرانيا الساحقة لا تعمل بالزراعة. 
وكان بناؤهم الوظيفي على النحو التالي: 
43.2% في التجارة 
32.2% في الحرف والصناعة (الخفيفة أساساً). 
وأوكرانيا هي المنطقة التي ولدت فيها جمعية أحباء صهيون والبيلو وكثير من المؤسسات الصهيونية الأخرى، كما ظهر فيها كثير من الحركات الثورية بين اليهود (مثل حزب البوند). 
ونظراً لوجود أوكرانيا على الحدود بين بولندا وروسيا والنمسا، وجد أعضاء الجماعة اليهودية أنفسهم في مفترق الطرق بين القوى المتصارعة. وربما كانت الفترة من 1917 حتى 1920 خير مثال على ذلك، فقد ألغى السوفييت منطقة الاستيطان وأسس الأوكرانيون مجلساً قومياً أعلن استقلال أوكرانيا عن روسيا وعقدوا تحالفاً مع أعضاء الجماعة اليهودية في أوكرانيا وجاليشيا لمقاومة النفوذ البولندي. وكانت المنطقة مسرحاً لصراعات عسكرية عديدة، فكان هناك في بداية الأمر جيش احتلال ألماني يحارب ضده الجيش الأوكراني تحت قيادة سيمون بتليورا الذي انضمت إليه جماعات من الفلاحين والقوزاق المؤيدين له، وكان هناك الجيش الروسي الأبيض أو جيش المتطوعين المعادي للبلاشفة تحت قيادة دينيكين، كما كان هناك بطبيعة الحال الجيش الأحمر. وقد وجد أعضاء الجماعة اليهودية أنفسهم في مفترق الطرق، فتحالفوا في بادئ الأمر مع الألمان، ذلك أنهم كانوا يتحدثون اليديشية (وهي لهجة ألمانية)، كما أن ألمانيا كانت تعتبر يهود اليديشية عنصراً بشرياً تابعاً لها يمكنها تجنيده ضد غالبية السكان. وبعد انسحاب الألمان، وجد أعضاء الجماعة أن من صالحهم الارتباط بالنظام البلشفي، ذلك لأن قواته العسكرية قامت بحمايتهم، وهو ما زاد الشائعات القائلة بأن الثورة البلشفية ثورة يهودية. وقد أدَّى هذا إلى تأليب العناصر الشعبية الأوكرانية ضد أعضاء الجماعة اليهودية، ويُقال إنه قُتل منهم حوالي 60 ألف يهودي. ولا شك في أن ميراث اليهود التاريخي والاقتصادي في أوكرانيا كان له أعمق الأثر في توسيع الهوة بين الأوكرانيين وأعضاء الجماعة اليهودية. وانتصر البلاشفة في نهاية الأمر عام 1920، وضُمت أوكرانيا إلى الاتحاد السوفيتي. وقد رحب أعضاء الجماعة اليهودية بالضم السوفيتي. 
وفي عام 1922، تم القضاء على كل التنظيمات الشعبية المعادية لليهود في أوكرانيا والاعترف باليديشية كلغة رسمية. وفُتحت مدارس تابعة للنظام التعليمي اليديشي السوفيتي، ولكن الآباء اليهود فضلوا إرسال أولادهم إلى المدارس التي تعلِّم الروسية حتى تيتح أمامهم فرصاً للحراك الاجتماعي. وقد اعتمدت جماعة الجوينت (لجنة التوزيع الأمريكية المشتركة) 200 ألف دولار لتشجيع اليهود على الاشتغال بالزراعة. وخصصت حكومة أوكرانيا أرضاً لهذا الغرض، وبلغ عدد اليهود الذين استقروا على هذه الأراضي 80 ألفاً (عام 1933) من مجموع 200 ألف يهودي استفادوا من سياسة التوطين الزراعي في الاتحاد السوفيتي. ولكن السوفييت قرروا التخلص من هذه السياسة وحاولوا توطين أعضاء الجماعة في القرم في بادئ الأمر ثم في بيروبيجان. وحينما غزا النازيون أوكرانيا في يونيه ـ يوليه 1941 واستولوا عليها، فرَّت أعداد كبيرة من أعضاء الجماعة اليهودية. وقد حاولت السلطات النازية تأليب الجماهير ضد « الثورة البلشفية اليهودية » وضد اليهود، ويبدو أنهم لم ينجحوا في ذلك كثيراً.
بلغ عدد يهود أوكرانيا عام 1926 نحو 1.574.391(أي 5.44% من كل سكانها). ثم انخفض عام 1939 إلى 1.572.827(أي 4.9%). وانخفض هذا الرقم مرة أخرى إلى النصف تقريباً عام 1959 أي إلى نحو 840.319 (2% من سكانها)، واستمر الانخفاض الحاد فوصل عددهم إلى 634.000 عام 1979، ووصل عام 1989 إلى 485.975 ثم إلى 276.000عام 1992. وبذا يكون قد تم تصفية واحدة من أهم الجماعات اليهودية في العالم (يذكر مصدر إحصائي آخر أن عدد يهود أوكرانيا عام 1995 هو 446.000). وقد انخفض العدد بسبب هجرة يهود أوكرانيا داخل الاتحاد السوفيتي إلى المناطق الصناعية الأساسية في موسكو وكييف وغيرهما بعد تطبيق مشروعات السنوات الخمس. ومنذ عام 1924، بدأت عملية أكرنة المؤسسات (أي صبغها بصبغة أوكرانية)، وصدر قرار بأن كل من يشغل وظيفة حكومية لابد أن يجيد اللغة الأوكرانية. وأدَّى ذلك إلى استقالة آلاف اليهود الذين كانوا يتحدثون اليديشية والروسية من وظائفهم. وقد أباد النازيون أيضاً بضعة آلاف من أعضاء الجماعة اليهودية. وساهمت حركة الهجرة إلى خارج الاتحاد السوفيتي، إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، في تناقص أعضاء الجماعة اليهودية، وخصوصاً من المراحل العمرية الشابة، ولذا أصبحت الجماعة اليهودية مسنَّة. كما أن معدلات الاندماج والزواج المُختلَط المرتفعة تُعَدُّ من أهم العناصر التي تؤدي إلى موت الشعب اليهودي في أوكرانيا. وكانت أوكرانيا من أهم مراكز الثقافة اليديشية، ولكن لم يَعُد هناك متحدثون باليديشية فيها إلا من كبار السن. ونظراً لارتفاع مستوى يهود أوكرانيا التعليمي، نجد أن المهاجرين بينهم يؤثرون الهجرة إلى الولايات المتحدة على الهجرة إلى إسرائيل. ولذا، نجد أن نسبة المتساقطين بينهم مرتفعة. وبعد استقلال أوكرانيا ورغم تصاعد نعرة القومية الأوكرانية إلا أن الجماعة اليهودية هناك مستقرة مندمجة، لا تشعر بقلق شديد حيال الظروف الجديدة.
سـيمون بتليـورا (1879-1926) 
Simon Petlura 
زعيم قومي أوكراني أسَّس عام 1905 حزب العمال الأوكرانيين الاشـتراكي الديمـوقراطي. كان ضابطاً في الجيش الروسي. وعند سقوط الحكومة القيصرية عام 1917، انضم للرادا (المجلس) الذي أعلن استقلال أوكرانيا، ثم عُيِّن وزيراً للحرب في الحكومة الجديدة. ولكن الألمان احتلوا أوكرانيا وأقاموا حكومة عميلة، فحاربت قواته ضدهم. وحين انسحبت القوات الألمانية (1918)، لعب بتليورا دوراً قيادياً في حركة الاستقلال، فترأس الرادا وأصبح أتمان (أي رئيس) الحكومة الأوكرانية المؤقتة، كما أصبح قائد الجيش الأوكراني وقاد المعركة من أجل استقلال أوكرانيا. واجهت قوات بتليورا جيوش البلاشفة الحمراء وجيوش الروس البيض حيث سعى كل من الجيشين إلى الاحتفاظ بأوكرانيا كجزء من روسيا. فعند انسحاب جيوش الروس البيض في 1919، وقعت أوكرانيا تحت هيمنة السوفييت. وحتى يتمكن بتليورا من التغلب على السوفييت، عقد اتفاقاً مع يوسف بيلسودسكي رئيس الدولة البولندية وأيد البولنديين في حربهم ضد روسيا السوفيتية. وقد نجح البولنديون في صد القوات السوفيتية، ولكنهم لم ينجحوا في مساعدة أوكرانيا في الحصول على استقلالها. وفي النهاية، هُزمت قوات بتليورا واستقر هو في باريس (ولكنه احتفظ بحكومته في المنفى ووببقايا جيشه). 
وإبّان هذه المعارك، هاجمت قوات بتليورا أعضاء الجماعات اليهودية، ويُقال إنها قتلت ما يزيد على ستين ألفاً. وهذا يرجع ولا شك إلى تحالف أعضاء الجماعات اليهودية مع الألمان في بادئ الأمر ثم ترحيبهم بالقوات البلشفية بعد ذلك. ولا شك في أن ميراث الأرندا والإقطاع الاستيطاني البولندي لم يكن قد اختفى تماماً، بل عزَّز الهوة بين العناصر وأعضاء الجماعة اليهودية. وعقد بتليورا اتفاقاً مع الزعيم الصهيوني فلاديمير جابوتنسكي يسمح له بتكوين ميليشيات يهودية لحماية الجماعات اليهودية حين يعود بتليورا إلى أوكرانيا. ولقي بتليورا حتفه في باريس على يد أحد اليهود انتقاماً لليهود الذين قُتلوا في أوكرانيا. 
ويشبَّه بتليورا عادةً بشميلنكي، فكلاهما كان أتمان الحكومة الأوكرانية وكلاهما كان يبحث عن استقلال بلاده، الأول ضد بولندا بمساعدة روسيا والثاني بمساعدة بولندا ضد روسيا. وفي نضالهما من أجل الاستقلال، اصطدما بأعضاء الجماعة اليهودية الذين لم تكن لهم جذور عميقة في أوكرانيا بقدر ما كانت لهم علاقات قوية بالقوة الغازية المهيمنـة. والواقع أن هجـوم قوات بتليورا على أعضاء الجماعات اليهودية، مثل هجوم قوات شميلنكي عليهم، له مضمون شعبي تحريري رغم وحشيته ولاإنسانيته. ولم تُحدَّد المسئولية الشخصية لبتليورا في المذابح والهجمات الشعبية. ولكن الأوكرانيين يعتبرونه بطلاً قومياً بلا منازع، ويفسرون المذابح بأنها نتيجة الفوضى التي ضربت أطنابها أثناء حالة الحرب بين عدة جيوش متصارعة. 
ليتوانيـــا 
Lithuania 
يعود وجود اليهود في ليتوانيا إلى القرن الرابع عشر حين كان معظمهم من القرّائين (وهو ما قد يشير إلى أصولهم الخزرية). وقد بلغ عدد اليهود في فلنا وجرودنو وكوفنو عشرة آلاف عام 1495، وكان معظمهم من الإشكناز الذين استوطنوا في بلد متخلف اقتصادياً. وقد بلغ عدد اليهود في دوقية ليتوانيا الكبرى التي كانت تضم فلنا وجرودنو وكوفنو وبرست ليتوفسك ومنسك وسمولنسك وغيرها من المقاطعات، نحو سبعة وعشرين ألفاً عام 1578، واثنين وثلاثين ألفاً عام 1676، ووصل العدد إلى 157.520عام 1766. وقد مُنح أعضاء الجماعة ميثاقاً عام 1388 لحمايتهم وضمان حريتهم حتى يَسهُل عليهم الاضطلاع بوظائفهم التجارية والمالية، وسرعان ما احتكروا التجارة الدولية والالتزام. ومع هذا، تم طردهم في الفترة 1495 ـ 1502 بسبب الصراع الذي نشب بينهم وبين النبلاء والتجار، ولكن تم السماح لهم بالعودة عام 1503 وأُعيدت إليهم حقوقهم كاملة فتمتعوا بكثير من الاستقرار. كما لعبوا دورهم، كتجار وملتزمي ضرائب، دون تدخُّل. وقد اتحدت ليتوانيا وبولندا عام 1569 بحيث أصبحتا منذ هذا التاريخ بلداً واحداً له تاريخ واحد تقريباً. وكان يهود ليتوانيا ممثَّلين في مجلس البلاد الأربعة، ولكنهم شكلوا مجلسهم الخاص عام 1623 حين أصبح لليتوانيا نظامها الضرائبي الخاص. وقد كان يهود ليتوانيا بمنأى عن هجمات شميلنكي والهايدماك، الأمر الذي ضمن لهم كثيراً من الاستمرارية والطمأنينة. 
ومنذ عام 1795،منذ تقسيم بولندا وحتى عام 1918، أصبحت ليتوانيا جزءاً من روسيا،وقد كانت (في ذلك الوقت) مركزاً ثقافياً مهماً لليهود الإشكناز، وكانت فيها واحدة من أهم المدارس التلمودية العليا. وكانت ليتوانيا مركزاً لحركة المتنجديم والموسار، وفي الوقت نفسه مركزاً من أهم مراكز حركة التنوير. وأثناء التمرد البولندي الليتواني ضد الحكم القيصري عام 1864، وقف يهود ليتوانيا ضد حركة المقاومة وأخذوا جانب المحتل الروسي. وبعد الحرب، حصل اليهود على حقوقهم وعلى قدر كبير من الإدارة الذاتية تضمَّن حق فرض الضرائب، تحت إشراف الحكومة، وتم تأسيس مجلس قومي يهودي تحت رعاية وزارة الشئون اليهودية. 
وبعد عام 1924، تقلص حق الإدارة الذاتية واقتصر على إدارة الشئون الدينية فقط، وكانت توجد عدة مدارس يهودية معظمها تدرِّس بالعبرية وبعضها باليديشية. وكان تعداد اليهود عند اندلاع الحرب العالمية الثانية 175 ألفاً، رحل 25 ألفاً منهم إلى روسيا وأبيد البعض الآخر عام 1943. وقد هاجرت أعداد كبيرة إلى جنوب أفريقيا، وبلغ عدد يهود ليتوانيا عام 1960 خمسة وعشرين ألفاً، وبلغ عددهم 6.500عام 1992. وليتوانيا هي الوطن الأصلي للحاخام إلياهو (فقيه فلنا) أهم شخصيات اليهودية الحاخامية في أواخر القرن التاسع عشر، كما أن عديداً من الزعماء الصهاينة (مثل بن يهودا وسمولنسكين) كانوا من اللتفاك، أي من يهود ليتوانيا الذين يتحدثون اليديشية بلكنة خاصة. وتوجد داخل إسرائيل الآن قطاعات من المؤسسة الدينية يُطلق عليها «الليتوانيون»، وهم امتداد لحركة المتنجديم ويتركزون في حزب داجيل هاتورا. 
جاليشيا 
Galicia 
«جاليشيا» كلمة منسوبة إلى «جاليش»، وهي عاصمة منطقة تاريخية في جنوب شرقي بولندا وشمال غربي أوكرانيا. ويُطلَق مُصطلَح «جاليشيا الغربية» على منطقة كراكوف ولوبلين، أما «جاليشيا الشرقية» فتشير إلى باقي المنطقة التي تقع بين المجر وبولندا من جهة وإمارتي كييف وفولينيا الغربيتين من جهة، وقد ظلت مطمع جيرانها نظراً لخصوبة أراضيها وعلاقاتها التجارية المهمة. وقد ضمتها إمارة كييف عام 981 ولكنها أصبحت إمارة مستقلة عام 1087. وقد حققت جاليشيا خلال القرن اللاحق قدراً كبيراً من القوة والثراء، وقامت بضم فولينيا (أو لودوميريا) فأصبحتا إمارة واحدة هزمت كلاًّ من البولنديين والمجريين الذين حاولوا الاستيلاء عليها. لكن الخلافات والصراعات الداخلية، بين الأمراء من جهة والنبلاء الذين كانوا يمتلكون السلطة الحقيقية من جهة أخرى، أضعفت الإمارة. وفي الفترة بين عامي 1327 و1241، استولى المغول على المنطقة. ورغم أن ملك جاليشيا تم تتويجه عام 1253 على يد ممثل بابويّ، إلا أنه اضطر إلى الاعتراف بسلطة الخان المغولي. ورغم ذلك، لم يجر إخضاع جاليشيا بشكل كامل للإمبراطورية المغولية مثل سائر الأراضي الروسية. وقد انتخب نبلاء جاليشيا أميراً بولندياً لجاليشيا. وبعد وفاته، قام ملك بولندا كاسيمير الثالث (الأعظم) بضم جاليشيا إلى أراضيه عام 1349. وفي ظل حكم بولندا، استوطن النبلاء البولنديون (شلاختا) في جاليشيا وأصبحوا الطبقة الحاكمة في المنطقة، فاضطر نبلاء جاليشيا إلى تَقبُّل اللغة البولندية والمؤسسات التشريعية والاجتماعية البولندية والمسيحية الكاثوليكية. 
وعند تقسيم بولندا للمرة الأولى عام 1772، ضمت النمسا جاليشيا الشرقية والمنطقة الواقعة في الغرب بين نهري السان والفيستولا. وفي عام 1795، تم ضم مناطق أخرى واقعة غرب وشرق نهر الفيستولا إلى النمسا. وفي الفترة التي بين عامي 1786 و1849، قامت النمسا بإدارة منطقة بوكوفينا (التي ضمتها من الدولة العثمانية) باعتبارها جزءاً من جاليشيا. وبعد التعديلات التي أقرَّها مؤتمر فيينا عام 1815، أصبحت ممتلكات النمسا في بولندا تُعرَف باسم «مملكة جاليشيا ولودوميريا». وفي عام 1846، تم ضم جمهورية كراكوف إلى المملكة. 
ثم ألغت النمسا، خلال العامين 1848 ـ 1849 نظام الأقنان في جاليشيا، ثم أعطت لهذه المنطقة (بعد عام 1867) قدراً أكبر من الإدارة الذاتية فأصبحت وحدة إدارية مستقلة. ومع أواخر القرن التاسع عشر، بدأت تنمو حركة قومية بين السكان الأوكرانيين الذين كانوا يشكلون أغلبية سكان جاليشيا الشرقية حيث تزايد رفضهم لسيطرة الأقلية البولندية عليهم. وتبلغ مساحة جاليشيا 77 ألف كيلو متر مربع، وتعدادها نحو 3.500.000 نسمة. وحينما احتلت القوات النمساوية جاليشيا عام 1772، كانت المنطقة تضم بين 150 ألفاً و220 ألف يهودي يعيش ثُلثهم في القرى. وكان اليهود والألمان يكوِّنون العنصر التجاري والحرفي الأساسي في المدن. وقد بدأت النمسا بتطبيق قوانين تهدف إلى محاولة انقاص عدد أعضاء الجماعات اليهودية من خلال الطرد، والحد من الزيجات، وتقليص نشاطهم الاقتصادي. كما حُدِّدت حرية اليهود في السكنى والإقامة والانتقال، وزيدت الضرائب الخاصة على اليهود (مثل ضريبة الطعام الشرعي وشموع السبت). 
لكن هذا الاتجاه تغيَّر حينما بدأ جوزيف الثاني حكمه بمحاولة تحديث أعضاء الجماعات اليهودية وإصلاحهم وجعلهم نافعين، فصدرت قوانين تحظر عليهم الاشتغال ببيع الخمور أو الالتزام بجمع الضرائب أو إدارة الفنادق، كما حرم عليهم القيام بدور الأرندا. وأصبح بإمكانهم الالتحاق بالخدمة العسكرية، وأن يشغلوا الوظائف المدنية، وأن يستثمروا أموالهم في أي قطاع اقتصادي يجدونه مناسباً، وأن يكون لكل يهودي اسم عائلة أو أن يتسمَّى بأسماء ألمانية. وفُتحت المدارس العلمانية الحكومية للأطفال اليهـود، كما فُتحت أمامهم المدارس الابتدائيـة والثانويـة والمعاهد الجامعية. وكان يتم تشجيع اليهود على الاشتغال بالزراعة، فكان كل من يقبل منهم يُمنح قطعة أرض وقروضاً. وجرى توسيع نطاق براءة التسامح التي صدرت عام 1782 بحيث شملت جاليشيا عام 1789. وتؤكد براءة التسامح تساوي اليهود مع المواطنين جميعاً، كما تؤكد أن لهم حقوق وواجبات المواطنين، وضمنها حق التنقل والسكنى بحرية في أي مكان واختيار الوظائف التي يريدونها. وقد نُزعت جميع صلاحيات الحاخامات والقهال، فتقلص نطاق نفوذهم بحيث انحصر في الأمور الدينية وحسب، ومن ثم أُلغيت المحاكم الحاخامية. وحُظر على أعضاء الجماعة اليهودية إرسال أي نقود إلى فقراء اليهود في فلسطين أو أن يستخدموا العبرية أو اليديشية بالذات في الوثائق التجارية التي يكتبونها (منعاً للغش التجاري). كما مُنعوا من ارتداء أزياء مميَّزة، ومن دراسة التلمود قبل الانتهاء من الدراسة في المدارس الحكومية. كما فُرض عليهم إنشاء نظام تعليمي علماني تديره الجماعة اليهودية بنفسها، ومُنحوا حق إنشاء أية مدارس يشاءون ما دامت لا تختلف عن النظام التعليمي العام. 
وكان الحصول على شهادة مدرسية شرطاً أساسياً للحصول على رخصة زواج، بل كان على كل من العريس والعروس أن يقرآ كتاباً معيناً هو كتاب بني صهيون الذي كتبه داعية التنوير هرتز هومبرج عام 1812، ويجتاز اختباراً بالألمانية حتى تضمن الدولة أن الزوجين قد استوعبا كل الأفكار اللازمة لتحديثهم وتحويلهم إلى مواطنين في الدولة القومية. كما صدر مرسوم بأن تكون الصلوات بالألمانية بدلاً من العبرية. وفي عام 1836، قررت الحكومة أنه سيمُنع (بعد عشر سنوات) تعيين حاخام إلا بعد تلقيه دراسة أكاديمية خاصة. كما مُنعت طباعة الكتب الدينية التلمودية وكتب القبَّالاه. وبعد ثورة 1848، بدأت أحوال عضاء الجماعات اليهودية تتحسن بشكل أكبر، فقد مُنحوا الحقوق السياسية والمدنية كافة عام 1849 وشاركوا في الحياة السياسية. وانتُخب خمسة نواب يهود عام 1874 (بين 155 نائباً في برلمان جاليشيا)، وانتُخب الكثيرون منهم في مجالس الأقاليم، وانتُخب عشرة عُمَد يهود في عشرة مدن مختلفة. 
وتحسنت أحوال أعضاء الجماعات اليهودية الاقتصادية، فاستثمر أثرياؤهم أموالهم في البنوك وأعمال الاستيراد والتصدير وتجارة الزيت. وزاد عدد اليهود من ملاك الضياع، كما دخل اليهود الخدمة المدنية والقضائية فكانوا يشكلون نحو 58% من مجموع الموظفين والقضاة. وبلغ عدد مدارس البنين 107 مدارس علمانية ينتظم فيها أربعة آلاف طالب. وساعد كل ذلك على أن يسود فكر حركة التنوير اليهودية بعض الوقت في هذه المنطقة، وأصبحت جاليشيا مركزاً للأدب المكتوب بالعبرية وساد الفكر الاندماجي بين القيادات اليهودية (وإن انقسموا إلى قسمين: أحدهما اندماجي ألماني والآخر اندماجي بولندي). 
غير أن هذه المحاولات باءت بالفشل. ويعود ذلك إلى عدة أسباب، فجاليشيا تتميَّز بأنها لم تضم أغلبية إثنية واحدة، فكان هناك عناصر ألمانية وأوكرانية وبولندية ويديشية، كما لم تكن هناك حكومة مركزية أو رأسمالية قوية. ولذا، لم تظهر حركة قومية موحدة وإنما ظهرت حركات قومية صغيرة متنوعة. وتسبَّب هذا في ظهور جيوب اقتصادية منغلقة، فنظمت العناصر البولندية (46% من السكان) نفسها كجيب مستقل له طبيعته المستقلة ومصالحه الخاصة، كما قام الأوكرانيون (الذين كانوا يشكلون 43% من السكان) بتنظيم أنفسهم أيضاً على الأسس نفسها. وقد أدَّى كل هذا إلى خلق موقف صراعي، وإلى استبعاد أعضاء الجماعة اليهودية من الأعمال التجارية رغم أنهم عنصر تجاري بالأساس. وقد ظهر حزب اجتماعي مسيحي في النمسا قاد عملية مقاطعة اليهود، كما كان لكلٍّ من البولنديين والأوكرانيين أحزابهم القومية المعارضة لليهود والمعادية لهم. وقد زادت حدة حركة المقاطعة مع نهاية القرن، ولكن البولنديين كانوا يتحالفون دائماً مع أعضاء الجماعة اليهودية ليحتفظوا بتفوقهم العددي الضئيل على الأوكرانيين.
ومما زاد الأمـور تعقيـداً أن أعضـاء الجماعة اليهودية تزايـد عددهم، فعندما ضُمت جاليشيا إلى النمسا كان عدد اليهود 224.980 ألفاً (عام 1772) أي 9.6% من السكان، ثم زاد العدد إلى 768.845 ألفاً في عام 1890 أي إلى حوالي 11.7%. ورغم أن نسبة أعضاء الجماعة اليهودية إلى عدد السكان لم تزد كثيراً، فإن العدد الإجمالي زاد زيادة هائلة واستمر في الزيادة ليصل إلى 871.895 عام 1910. وقد تركَّز اليهود في المدن، ففي عام 1910 كان 38.8% منهم يقطنون المدن الكبرى و29.3% في المدن الصغيرة و 36.06% في المناطق القروية. 
ولم تكن عملية التحديث تتم برضا الجماهير بل رغماً عنها، إذ كانت تُفرض من أعلى. وانضم دعاة التنوير إلى الحكومة في محاولة فرض التحديث ومن أهمهم هرتز هومبرج (وهو من تلاميذ موسى مندلسون) الذي عُيِّن مفتشاً للنظام التعليمي الجديد الذي أنشأته الدولة. وقد حاول هومبرج أن يغلق المدارس اليهودية التقليدية والمدارس التلمودية العليا (يشيفا) دون أن ينجح في ذلك. ولم ينجح التحديث في المجال الوظيفي، لأن أكثر من نصف أعضاء الجماعة اليهودية (53.5%) كانوا يعملون في التجارة والخمور والنقل، ولم يكن يعمل منهم في الزراعة والغابات سوى10.7%. وبحلول عام 1822، لم يكن يوجد سوى 836 فلاحاً يهودياً في جاليشيا بأسرها، لكن هذا العدد زاد قليلاً بعد ذلك. غير أن الصورة العامة لم تتغيَّر كثيراً. وانعكس فشل عملية التحديث والدمج في انصراف أعضاء الجماعة اليهودية عن مدارس الحكومة العلمانية. فقد قوبلت محاولة استجلاب المدرسين اليهود الألمان بمعارضة شديدة. ورغم أن المدارس والجامعات كانت مستعدة لقبول التلاميذ والطلبة اليهود بين صفوفها، فإن عدد الذين التحقوا بالمدارس كان ضئيلاً إلى أقصى درجة. 
وانتشـرت الحسـيدية في جاليشـيا مع منتصف القرن التاسـع عشر. وكانت أغلبية يهود جاليشيا حسيدية، وهو ما أدَّى إلى تسلُّمهم قيادة العناصر الدينية، ومنها الأرثوذكس. وانضم الفريقان إلى الحرب ضد دعاة التنوير الذين لجأوا إلى الدولة لحمايتهم وللهجوم على العناصر اليهودية التي وقفت ضدهم. ولجأ الحسيديون إلى عقوبة الطرد من حظيرة الدين، ورفضوا تسجيل الزيجات اليهودية في سجلات الحكومة، ولم يلجأوا إلى المحاكم المدنية. وتملصت المعابد من دفع الضرائب المقررة عليها عن طريق إقامة العبادة سراً في منازل خاصة. وفي بعض الأحيان، كانت المعركة تأخذ شكلاً أكثر حدة. فعلى سبيل المثال، دس الحسيديون السم للحاخام الإصلاحي أبراهام آكون ولأعضاء أسرته في مدينة لفوف عام 1848، فقضوا نحبهم، وذلك لأنه أقام احتفالاً بالبرمتسفاه (بلوغ سن التكليف الديني) في المعبد (ومن المفارقات أن البارمتسـفاه أصـبح فيما بعد أهم المناسبات بين يهود الولايات المتحدة). وقد كانت جاليشيا مصدراً أساسياً للبغايا اليهوديات في العالم، وربما يعود هذا إلى عدة أسباب من بينها قلقلة الأوضاع في جاليشيا وافتقارها إلى شخصية قومية محددة. كما أن جاليشيا تقف على الحدود بين شرق أوربا ووسطها، وهي محطة أخيرة لمعظم المهاجرين ومعبر لهم. كما كانت هي نفسها من أكبر مصادر المهاجرين اليهود. ولا شك في أن معدلات العلمنة السريعة والمفاجئة أدَّت إلى خلخلة الوضع الاجتماعي، وإلى ضعضعة الأسرة اليهودية. كما أن الضائقة الاقتصادية كانت تلعب دوراً مهماً هي الأخرى، لكن الانفجار السكاني زاد حدتها. وقد أدَّت كل هذه الأسباب مجتمعة إلى ضعف القيم وتيسير تجنيد الفتيات للعمل بالدعارة. ومن الطريف أن يهود النمسا كانوا يُطلقون على جاليشيا مصطلح «فاجينا جودايوروم vagina judaiourum» وهي عبارة لاتينية تعني «فرج اليهود» (ولا ندري هل كان هذا يُطلَق عليها باعتبار أنها كانت مكاناً يتوالد فيه اليهود بأعداد ضخمة، أم لأنها كانت مصدراً مهماً للبغايا، أم لكلا السببين معاً؟). 
وقد أسست جماعة أحباء صهيون فرعاً لها في جاليشيا، وبدأت تظهر التشكيلات الصهيونية الأخرى حيث انتخب يهود جاليشيا عام 1907 تسعة نواب (منهم ثلاثة صهاينة) انضموا إلى المندوبين عن منطقة بكوفينا ليكوِّنوا هيئة برلمانية يهودية (لوبي يهودي) وهذه أول مرة يحدث فيها مثل هذا في تاريخ الجماعات اليهودية في أوربا. ومع هذا، ظل الاندماجيون بين اليهود يقومون بمحاولاتهم لدمج اليهود مع بقية أعضاء المجتمع. وقد ضُمت جاليشيا إلى بولندا مرة أخرى عام 1919. ولكن، في عام 1939، بعد تقسيم بولندا بين السوفييت والنازي، تم ضم غرب جاليشيا إلى ما كان يُسمَّى «الحكومة العامة البولندية» التابعة للنازي وضُم الجزء الشرقي منها لأوكرانيا السوفيتية، وهو ما كان يعني ضم نحو 550.000 يهودي للحكم السوفيتي.
رومانيــا 
Rumania 
جمهورية أوربية ذات أهمية خاصة في دراسة تاريخ الجماعات اليهودية في أوربا لا بسبب حجم الجماعة اليهودية الذي كان كبيراً بالقياس إلى حجم الجماعة في فرنسا وإنجلترا وصغيراً بالنسبة إلى حجم يهود روسيا وبولندا، وإنما بسبب تاريخ رومانيا ذاته ونتيجة انتقالها الفجائي من اقتصاد العصور الوسطى التقليدي الذي يتميَّز بعدم وجود سلطة مركزية إلى اقتصاد صناعي يتميَّز بظهور دولة مركزية. وهذه الفجائية توضح للدارس بشكل متبلور العملية التاريخية التي تحوَّل أعضاء الجماعات اليهودية من خلالها من جماعة وظيفية وسيطة إلى طبقة وسطى. 
كانت رومانيا القديمة تتكون من إمارتين: مولدافيا وعاصمتها جاسي، وفالاشيا وعاصمتها بوخارست. ثم ضمت مقاطعات بكوفينا وبساربيا وترانسيلفانيا عام 1919 وتكوَّنت بذلك رومانيا العظمى. وكان الوضع السياسي في مولدافيا وفالاشيا غير مستقر بالمرة، فرومانيا، مثلها مثل بولندا، تقع وسط ثلاث إمبراطوريات عظمى متصارعة هي النمسا وروسيا (التي أخذت تلعب دوراً متزايداً في سياسة رومانيا ابتداءً من القرن التاسع عشر) والدولة العثمانية (وهي القوة العظمى التي سيطرت فعلياً على رومانيا من القرن الخامس عشر حتى عام 1829 واسمياً حتى عام 1879). وأدَّت هذه العوامل إلى فقدان رومانيا استقلالها وإلى تبعيتها لإحدى هذه القوى مع كل ما ينجم عن التبعية من ضعف وتدهور وتخلف حضاري واقتصادي. وظلت إمارتا جاسي وفالاشيا، منذ تأسيسهما في القرن الرابع عشر حتى 1880، دون استقلال إلا في الأمور الإدارية الداخلية، بل إن تبعيتهما كانت ملحوظة في المجال الثقافي. فقد دخلت على ثقافتهما مؤثرات سلافية ثم يونانية ثم فرنسية، ولم تظهر الرومانية كلغة لها أهميتها إلا في القرن التاسع عشر، ولم يظهر أدب روماني حتى عام 1880. 
وقد حكم مولدافيا وفالاشيا حكام تابعون للدولة العثمانية، كانوا في بداية الأمر جماعة وظيفية من اليونانيين المقيمين في إستنبول ثم تم اختيار الحكام، فيما بعد، من بين طبقة النبلاء المحليين (بويار). وحتى منتصف القرن التاسع عشر، كان الفلاحون مجرد أقنان ملتصقين بالأرض، ولم يتم تحريرهم إلا عام 1864. وكان الاقتصاد زراعياً، من الناحية الأساسية، بل ورعوياً في بعض الأماكن. ولم تكن توجد أية مراكز للحضارة إلا في بعض الأديرة كما كان الحال في أوربا في العصور الوسطى. وكان كثير من أعضاء النخبة من البويار أميين يجهلون القراءة والكتابة، ولم تكن هناك بطبيعة الحال طبقة وسطى. 
وقد ظل الوضع مستقراً هادئاً إلى أن وقعت الحرب الروسية العثــمـانية (1828 ـ 1829) التي تغيَّر بعـدها الوضـع في رومـانيا تماماً. فقد وُقعت معاهدة أدرنة بين روسيا وتركيا عام 1829، وتحوَّلت المقاطعتان (مولدافيا وفالاشيا) بمقتضاها إلى محميتين روسيتين من الناحية الفعلية، وتم فك احتكار الدولة العثمانية للتجارة، وفُتحت حدود مولدافيا الشمالية للتجارة فزادت التجارة الدولية من نقطة الصفر تقريباً لتصبح نحو 60 مليون لي (العملة الرومانية التي كانت تعادل فرنكاً ذهبياً) عام 1839 ثم إلى 210 ملايين لي عام 1859. وكانت الطبقة المحلية من التجار والحرفيين صـغيرة هزيلة للغـاية، بدائية إلى أقصـى حـد وغير مهــيأة لهذا التحول، إذ كانت تنقصها الخبرة الإدارية وفهم آليات السوق المحلية والدولية ورأس المال. ومن ثم لم يكن هناك مفر من ملء الفراغ بعنصر أجنبي يضطلع بدور الجماعة الوظيفية الوسيطة. وهذا ما قام به اليونانيون والأرمن وبعض عناصر من يهود اليديشية الذين أخذ يتزايد عددهم بنسبة كبيرة. 
ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في زيادة عدد اليهود في رومانيا أضعافاً مضاعفة، تقسيم بولندا والأحوال المتردية فيها. وقد أدَّى ذلك الوضع إلى تسلُّل الآلاف من يهود اليديشية منها، وخصوصاً أن حدود رومانيا كانت مفتوحة تماماً. وقد بلغ عدد أعضاء الجماعات اليهودية في رومانيا عام 1803 نحو 12 ألفاً، زاد إلى 18 ألفاً عام 1838، وإلى 119 ألفاً عام 1858، ثم إلى 266.652عام 1880 (أي 4.48% من السكان). وكان مرجع هذا تدفُّق الفائض البشري اليهودي. كما أن 200 ألف يهودي كانوا يعيشون في مولدافيا التي كان اليهود يشكلون فيها ما بين 33% و44% من سكان المدن. وفي بعض المدن، كان عدد اليهود يصل إلى 55% بل إلى 60%. وكان الرومانيون يسمون هذه الهجرة «الغزو اليهودي». وهذه الهجرة التسللية هي التي أدَّت إلى ظهور ما يُسمَّى «المتشردون اليهود» أو «المتسولون»، وهم جماعات من اليهود كانت تهيم على وجهها من مدينة إلى أخرى (دون وظيفة محددة) تبحث عن أية وسيلة للبقاء. 
ويُلاحَظ أن يهود رومانيا لم يكونوا عنصراً واحداً متجانساً، فرومانيا القديمة، كما أسلفنا، كانت في الأصل إمارتين أو مقاطعتين مستقلتين هما: مولدافيا في الشمال وفالاشيا في الجنوب. وكانت مولدافيا تضم يهوداً من أصل بولندي أوكراني. أما فالاشيا، فكانت تضم يهوداً نزحوا إليها من شبه جزيرة البلقان، كما كانت توجد فيها أقلية سفاردية. ثم ضمت رومانيا بعض المناطق منها بكوفينا (عام 1919) والتي كانت إقليماً نمساوياً منذ عام 1774 وكانت قبل ذلك خاضعة لتركيا (كجزء من مولدافيا)، وكان العنصر اليهودي فيها نصفه نمساوي ونصفه بولندي. ثم ضمت رومانيا بعد ذلك بساربيا التي كانت روسيا قد اقتطعتها من موالدافيا عام 1812، وكان العنصر اليهودي فيها روسياً. أما المقاطعة الثالثة، ترانسيلفانيا، فكانت تحت حكم المجر منذ القرن الثاني عشر، واستوطنها يهود من جاليشيا ذوو توجه ألماني وكذلك عنصر سفاردي. 
يتبع إن شاء الله...


الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 52561
العمر : 72

الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر   الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر Emptyالخميس 26 ديسمبر 2013, 6:22 am

وكانت هذه الجماعات ذات الأصول الإثنية المختلفة تنقسم، من وجهة نظر الرومانيين، إلى ثلاثة أقسام: 
1 ـ العنصر المحلي: ويتمثل في اليهود الذين كانوا يقطنون مولدافيا وفالاشيا منذ أمد طويل، واعتُبر هؤلاء جزءاً عضوياً من الأمة الرومانية. 
2 ـ الهرسوفلتسي Hrisovelitzi: وهؤلاء هم اليهود الذين استوردهم النبلاء الإقطاعيون (بويار) ومنحوهم مواثيق (بالرومانية: هرسوف Hrisov) يُمنح اليهود بمقتضاها مزايا معيَّنة من بينها الإعفاء من الضرائب عدة سنين، وأرض فضاء مجانية لإقامة معابدهم ومدارسهم وحماماتهم الشعائرية ومقابرهم. وقد صدرت معظم المواثيق في الفترة 1780 ـ 1850. وعلاقة يهود الهرسوفلتسي بالبويار تشبه إلى حدٍّ كبير علاقة يهود الأرندا بطبقة النبلاء البولنديين (شلاختا). وقد أسس النبلاء ليهود الهرسوفلتسي مدناً صغيرة (شتتلات) خاصة بهم تقريباً مثل مدينة فالتسيني (1798) وجزء من مدينة فوكساني. وقد تم تأسيس ست وثلاثين مدينة من هذا النوع في مولدافيا. كما استمرت هجرة اليهود الهرسوفلتسي حتى عام 1860. 
3 ـ ولكن أعداداً أخرى من اليهود هاجرت، بعد توقيع معاهدة أدرنة، إلى إمارتي مولدافيا وفالاشيا اللتين كانتا في حاجة إلى حرفيين وصناعات ورأس مال. وقد اجتذب هذا الوضع عناصر تجارية يهودية ومسيحية من البلاد المجاورة، ولكن لم تَصدُر لهم مواثيق خاصة.
وكان يهود الهرسوفلتسي، وكذلك يهود المجموعة الثالثة، يرتدون الأزياء البولندية المتمثلة في القفطان والقبعة المزينة بالفرو وخُصل الشعر (إستريميل). وقد أثروا في بقية الجماعة اليهودية، حتى أنه، مع بداية القرن التاسع عشر، كانت الجماعة اليهودية بأسرها ترتدي الزي الواحد نفسه وتتحدث اليديشية وتتبع أسلوباً واحداً للحياة، أي أنهم أصبحوا تقريباً من يهود اليديشية. وظهرت الجماعات اليهودية كما لو كانت وحدة متماسكـة ليسـت ذات أصول مختلفة، مع أنها لم تكن كذلك في واقع الأمر، وانعكست الانتماءات الإثنية المتنوعة على علاقتهم بعضهم بالبعض الآخر. وقد تم تنظيم اليهود كجماعة يرأسها «استاروستي» (وسمي بالعبرية «روش مدينا» أي «رئيس البلد») وظيفته أن يحدد الضريبة التي تُفرض على اليهود. وكان الرئيس الروحي لليهود هو الحاخام باشي (وهو لقب عثماني كان يُمنح للحاخام الأكبر في الدولة العثمانية). وقد عين السلطان أول حاخام باشي عام 1719، ولكن اليهود الروس والنمساويين كانوا من الحسيديين ويتبع كل فريق منهم التساديك الخاص به، ولذا رفضوا سلطة الحاخام باشي الروحية وطلبوا من قناصل بلادهم التدخل لصالحهم. وبالفعل، قَّلصت الحكومة عام 1819 سلطة الحاخام باشي، ثم أُلغي المنصب تماماً عام 1834. ولكن إلغاء المنصب ساهم في تصعيد حدة الصراع بين الجماعات اليهودية المختلفة. 
إن هذا العنصر الغريب إثنياً (والذي أصبحت غربته قانونية كما سنبين فيما بعد) كان يلعب دور الجماعة الوظيفية الوسيطة، كما كان الحال في معظم دول أوربا حتى القرن الثامن عشر وفي شرق أوربا حتى القرن التاسع عشر. ولكن الوضع في رومانيا كان متميِّزاً، إذ كان أكثر حدةً ووضوحاً عنه في أي بلد آخر، وذلك بسبب تخلُّف المجتمع واتساع الهوة بين النبلاء والأقنان وافتقار رومانيا إلى طبقة وسطى. وقد ترك هذا الوضع أثره العميق في أعضاء الجماعة اليهودية، وفي أسلوب حياتهم ومناطق سكناهم وبنائهم الوظيفي والمهني. 
كان معظم يهود رومانيا يتركزون في المدن. وحسب إحصاء عام 1899، كان 79.73% منهم يعيشون في المدن ويكوِّنون 32.10% من سكان المدن في رومانيا، ولم يكن يقطن سوى 20% منهم في القرى، وكانت نسبتهم لا تزيد على 1.1% من عدد سكانها. وفي مولدافيا، كان اليهود يكوِّنون أغلبية السكان في بعض المدن فبلغ عددهم 57% من عدد سكان فاليتسيني، و50% من سكان جاسي. وكانت نسبتهم أكثر من ذلك في المدن الصغيرة، فكانوا 66.2% في جرتسا و65.6% في ميهايليني، وهذا يعني أنهم كانوا في عزلة عن السواد الأعظم من الشعب الروماني. كما كان 84% من السكان الفلاحين يعيشون في الريف. وكان اليهود هم الجماعة الوظيفية الوسيطة التي تشغل الفراغ الذي خلفه غياب الطبقة الوسطى المحلية، فتدل إحصاءات عام 1904 على أن 21% من مجموع التجار كانوا يهوداً. وفي مدن مثل جاسي، كان أعضاء الجماعات اليهودية يشكلون 75% من جملة التجار و20% من مجموع الحرفيين. وتركَّز اليهود في بعض الحرف، فكانوا يشكلون 81.3% من مجموع النقاشين أو الحفارين على الخشب والمعادن و76% من السباكين و75.9% من صانعي الساعات و74.6% من مجلدي الكتب و64% من صناع القبعات و64% من المنجدين. 
وكان لأعضاء الجماعات اليهودية وجود ملحوظ في القطاع الصناعي الهزيل، فقد كان عدد الشركات الصناعية يزيد قليلاً على 625 وكان اليهود يمتلكون 19.5% منها. وقد تركزوا في بعض الصناعات دون غيرها، فقد كانوا يمتلكون نحو 52.8% من صناعة الخشب والأثاث و32.4% من صناعة الملابس و26.5% من صناعة النسيج. وكان التوزيع الوظيفي لأعضاء الجماعات اليهودية على النحو التالي: 42.5% في الصناعة والحرف، و37.9% في التجارة والبنوك، و2.5% في الزراعة، و3.2% في المهن الحرة، و13.7% في الوظائف الأخرى. وكان 38% من جملة الأطباء في رومانيا يهوداً. 
ورغم غياب أعضاء الجماعات اليهودية عن الريف، فقد لعبوا دوراً ملحوظاً في اقتصادياته حيث احتكروا صناعة تقطير الكحول والاتجار فيه، وكانوا أصحاب حانات وفنادق، كما كانوا يشترون من الفلاح محاصيله وقطعان الحيوانات التي يربيها ويزودونه بالبذور والسلع المصنوعة التي يريدها، وكانوا يقرضونه ما يحتاج إليه من نقود. وقد أصبح الفلاحون تابعين للتجار اليهود من المهد إلى اللحد، ويُقال إن نصف الأراضى الزراعية في مولدافيا وقعت في أيدي اليهود من خلال استئجارها ومن خلال القروض التي لم يستطع أصحابها الوفاء بها. وقد كان اليهود كما أسلفنا عنصراً غريباً يعيش في الشتـتلات لأن مفهــوم المواطـنة نفسه لم يكن قد استقر بعد. 
وكان التركيب الاجتماعي ليهود رومانيا لا يختلف عن نظيره في بقية شرق أوربا، فقد كان على قمة الهرم الاجتماعي طبقة صغيرة من التجار الأثرياء وعدد قليل من المهنيين، ثم كان هناك عدد كبير من أصحاب الفنادق وصغار التجار والحرفيين يتركزون في حرف معينة مرتبطـة في الغالب بالنشـاطات المالية اليهوديـة الأخرى. وفي قاعدة الهرم، كان يوجد عدد ضخم من الفقراء الذين لا عمل لهم. ورغم وجود هذا العدد من محدودي الدخل والفقراء بين اليهود، فإن الشريحة الثرية المهيمنة هي التي كانت تحدد إدراك المجتمع للجماعة. 
هذه هي الصورة العامة لأعضاء الجماعات اليهودية. وقد اجتاحت التغيرات رومانيا مثلما اجتاحت معظم بلاد أوربا، وإن كانت التغيرات قد وصلت رومانيا في وقت متأخر نوعاً ما نظراً لوقوعها تحت الهيمنة العثمانية. وأدَّت التغيرات إلى قلقلة وضع اليهود وظهور المسألة اليهودية التي اكتسبت طابعاً خاصاً وحاداً في رومانيا بسبب طبيعة التشكيل الحضاري والسياسي فيها وبسبب وضع اليهود كجماعة وظيفية وسيطة تشبه في عزلتها الجماعات الوظيفية الوسيطة في مجتمعات العصور الوسطى في الغرب. 
كان أعضاء الجماعة كما أسلفنا عنصراً إثنياً غريباً يلعب دوراً وظيفياً متميِّزاً. كما أن الحكومة قسَّمت اليهود إلى قسمين من ناحية المولد والولاء السياسي. وقد كانت الحكومة، منذ نهاية القرن الثامن عشر، تستخدم مصطلح «بامانتيني»، أي «المحليين» للإشارة إلى اليهود الذين لم يكونوا متمتعين بالحماية الأجنبية. أما اليهود الوافدون، فكان يُشار إليهم بأنهم «سوديتسي»، أي الرعايا الأجانب. وهؤلاء كانوا تحت حماية قناصل الدول التي أصدرت لهم جوازات سفر، وبالتالي كانوا يتمتعون بنظام الامتيازات الأجنبية باعتبار أن إمارتي مولدافيا وفالاشيا كانتا تابعتين للدولة العثمانية.
غير أنه حدث تحوُّل ليهود رومانيا يشبه التحول الذي حدث لمعظم يهود الدولة العثمانية، أي أن كثيراً من اليهود البامانتيني، وخصوصاً الأثرياء منهم، أُعيد تصنيفهم على أساس أنهم من السوديتسي حتى يتمتعوا بحماية الدول العظمى مثل النمسا وروسيا، وبالتالي أصبحت أغلبية يهود رومانيا أجانب شكلاً في زيهم ولغتهم وأجانب موضوعاً في وضعهم القانوني. وهذا يشبه من بعض الوجوه ما حدث ليهود مصر الذين أصبح 85% منهم من رعايا دول أجنبية، وتخلَّوا عن وضعهم القانوني كمصريين، وارتفعت بينهم معدلات العلمنة ومعدلات تقبُّل المُثُل الحضارية الغربية، فأرسلوا أولادهم إلى مدارس أجنبية (فرنسية بالأساس)، وشغلوا مناصب مهمة في القطاع الاقتصادي المرتبط برأس المال الأجنبي حتى أصبح أغلبهم أجانب قلباً وقالباً (شكلاً وموضوعاً) عند نشوب الثورة المصرية عام 1952، وذلك رغم أنهم وُلدوا في مصر ونشأوا فيها. 
وكثيراً ما كان يلجأ يهود رومانيا إلى قناصل دولهم لتنفيذ رغباتهم على نحو ما حدث عام 1819 عندما رفض اليهود الإشكناز الخضوع للحاخام باشي وآثروا اتباع قادتهم الحسيديين (تساديك) وطلبوا المساعدة من قناصل دولهم. ولعب بنيامين فرانكلين بيكسوتو (قنصل أمريكا) دوراً مهماً في تاريخ أعضاء الجماعة اليهودية في رومانيا، فقد قام بحملة عام 1872 لتهجير يهود رومانيا إلى الولايات المتحدة، وقد أعلن النظام الروماني تأييده لهذه الدعوة، ولكن يهود رومانيا عارضوا ذلك، وكذلك يهود الولايات المتحدة، وذلك خشية وصول أعداد جديدة من اليهود. ولذا، حينما عقد بيكسوتو مؤتمراً للمنظمات اليهودية في العالم (أكتوبر عام 1872) لتشجيع الهجرة، وقد رفض المؤتمر الفكرة، ولكنه شجَّع يهود رومانيا على الكفاح من أجل الحصول على حقوقهم. 
ويمكننا أن نقول إن أعضاء الجماعة اليهودية ظلوا خارج التشكيل الروماني القومي. وحينما نشأت حركة رومانية قومية، لم ينخرط أعضاء الجماعة في صفوفها وظلوا إلى حدٍّ كبير أجانب عنها. وحتى عام 1828، كانت القوانين السائدة في رومانيا خليطاً من القوانين العثمانية التي تقبل التنوع والأعراف الأوربية. وكان مسموحاً لليهود بأن يعيشوا في أي مكان يشاءون. ثم بدأ البعث القومي الروماني الذي تزامن إلى حدٍّ كبير مع هجرة يهود بولندا، الأمر الذي أدَّى إلى زيادة صبغ يهود رومانيا بالصبغة الأجنبية. وحينما هيمنت الإمبراطورية الروسية على إمارتي مولدافيا وفالاشيا، وُضع ما ُسِّمي «القانون العضوي»، وهو لا يختلف كثيراً عن القوانين التي كانت تَصدُر في روسيا وغيرها من دول الملكيات المطلقة، ابتداءً من القرن الثامن عشر، بهدف إصلاح اليهود كجزء من عملية التحديث. وقد أكد القانون نظام الأقنان حيث قرر البند 94 منه أنه يمكن طرد المتشردين اليهود الذين لا يشتغلون بمهنة نافعة. ومنع القانون أعضـاء الجماعات اليهوديـة من اسـتئجار الأراضي الزراعية، ولكنه ترك لهم حرية إدارة مصانع تقطير الخمور بإذن من النبيل الإقطاعي، كما فُتحت المدارس لأبنائهم شريطة ألا يرتدوا الرداء اليهودي البولندي (القفطان). 
وبعد فترة من الثورات والقلاقل في رومانيا تدخلت أثناءها القوات العثمانية والروسية لقمعها، وبعد أن هُزمت روسيا في حرب القرم، قرَّر مؤتمر باريس عام 1858 وضع رومانيا تحت الحماية الجماعية لأوربا مع بقائها اسماً تابعة للدولة العثمانية. وفي عام 1859، انتخبت الإمارتان أميراً واحداً وظهرت رومانيا كوحدة سياسية لأول مرة وبدأت محاولات توحيدها، وظهرت حركة قومية وإرهاصات طبقة وسطى رومانية نظرت إلى اليهود باعتبارهم الغريم. وفي عام 1867، أصدرت الحكومة الرومانية قراراً بطرد اليهود المتشردين، وتم ترحيل أعداد كبيرة منهم عبر نهر الدانوب. ووقعت أثناء ذلك حادثة جالاتز حينما قرر حراس الحدود العثمانيون منع اليهود المتشردين الذين طردهم الرومانيون من عبور الحدود وأعادوهم إلى الأراضي الرومانية. وقد رفض حراس الحدود الرومانيون السماح لهم بالدخول وأعادوا القارب وغرق أثناء ذلك يهوديان. 
وقد نصت معاهدة برلين، عام 1878، على ضرورة مساواة يهود رومانيا ببقية المواطنين. ولكن الحكومة الرومانية راوغت في تطبيق هذا المبدأ واتخذت إجراءات تهدف إلى تشجيع العنصر الروماني على الاشتغال بالتجارة. وصدرت عدة قوانين ذات طابع قومي، فإذا أراد أي يهودي أجنبي (من السوديتسي) أن يبني مصنعاً فيتعيَّن أن يكون ثُلثا مستخدميه من الرومانيين لعدة أعوام. ونصت القوانين على أن تكون معظم أسهم الشركات في أيد رومانية. وطُبِّقت قوانين مماثلة في حقل التعليم لضمان استفادة العناصر القومية من النظام التعليمي ولتدبير الكوادر اللازمة للنهضة الاقتصادية القومية. ومُنع اليهود من الاتجار في الدخان والمشروبات الروحية ومن الاشتغال كمديري بنوك.
وقد عُقد أول مؤتمر عالمي لمعاداة اليهود عام 1887 في بوخارست. ونشبت ثورة الفلاحين عام 1907 ضد النبلاء الرومانيين وراح ضحيتها عملاؤهم من اليهود، تماماً كما كان الحال مع شميلنكي. وهكذا، فبينما كان اليهود يزدادون غربة وعزلة، كانت الحركة القومية الرومانية تزداد قوة ووعياً. ولذا، لم يكن من الممكن مناقشة مسألة يهود رومانيا في إطار إعتاق اليهود وإنما في إطار صهيوني، أي هجرتهم، وخصوصاً أنه بدأ يخرج من رومانيا وغيرها مئات من المتشردين يتحركون سيراً على الأقدام بملابسهم الممزقة نحو مدن أوربا الغربية حاملين الخوف والهلع والحرج ليهود ألمانيا ويهود غرب أوربا المندمجين. كان خط سيرهم من رومانيا إلى هامبورج ومنها إلى كندا والولايات المتحدة. وقد أسلفنا الإشارة إلى محاولات قنصل الولايات المتحدة تهجير يهود رومانيا. 
وقد عُقد مؤتمر فوكساني في 30 ديسمبر 1881 لمناقشة مشكلة هجرة اليهود واستيطانهم في فلسطين حضره المفكر الصهيوني غير اليهودي لورانس أوليفانت الذي كان قد تفاوض مع السلطات بشأن شراء أرض للاستيطان اليهودي وتأسيس شركة للهدف نفسه. وكان لظهوره فعل السحر، وانتشرت آراؤه المتصلة بتوطين اليهود في فلسطين بدلاً من الولايات المتحدة حيث كان اليهود يتهددهم الاندماج. وقام أعضاء جماعة البيلو بالاتصال به، وكتب له بعض أحباء صهيون يخبرونه بأن الخالق وحده هو الذي وضع في يده صولجان قيادة اليهود، وسموه «المخلِّص الماشيَّح» أو «قورش الثاني». وكان عدد يهود رومانيا عام 1899 نحو 236.652، هاجر منها في الفترة 1900 ـ 1906 ما يقرب من 70 ألفاً. وشهد عام 1918 ـ 1919 صدور قوانين تمنح اليهود حقوقهم، ولكن المناخ العام ظل مع هذا معادياً لهم بسبب غربتهم وتَصاعُد الحمى القومية التي تمثلت في رغبة أهل رومانيا في المشاركة في الاقتصاد الوطني حيث كان أعضاء الجماعة اليهودية يشغلون قطاعات إستراتيجية وكبيرة فيه بقدر لا يتناسب البتة مع نسبتهم إلى العدد الكلي للسكان. وصدرت عام 1920 معاهدة الأقليات التي نصت على ضرورة اعتراف رومانيا بحق اليهود داخل حدودها في الحصول على المواطنة، وضمنهم مَنْ لا قومية لهم. ولكن دستور عام 1923 لم يمنح حق المواطنة إلا لليهود الذين كانوا مواطنين في المملكة القديمة. وفي عام 1938، صدر قانون حرم ثُلث اليهود من حق المواطنة. ومما جعل الوضع يتفاقم، الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم الغربي في الثلاثينيات، فلجأت الحكومة إلى منع أعضاء الجماعة اليهودية من العمل في الصحف وقطاع المسرح لإتاحة فرص العمل أمام الآخرين ولإتاحة الفرصة للتعبير عن الهوية الرومانية القومية. ومُنع اليهود كذلك من التحدث علناً باليديشية، كما قامت جماعات معادية لليهود (من بينها الحرس الحديدي) بترتيب هجمات ضد أعضاء الجماعة.ويُلاحَظ أن الجماعة اليهودية في رومانيا، في الثلاثينيات، كانت أكبر الكتل اليهودية في أوربا بعد روسيا وبولندا، حيث كان يبلغ عدد أعضائها حوالي 800 ألف من مجموع السكان البالغ عددهم 18 مليوناً، أي أنهم كانوا يشكلون 4.2%. وأثناء الحرب العالمية الثانية، كانت رومانيا متحالفة مع ألمانيا في البداية. وحينما طُبِّقت قوانين نورمبرج عام 1940، رُحِّل عدد من اليهود إلى معسكرات الاعتقال والإبادة. 
وبعد الحرب العالمية الثانية، اقتُطعت بساربيا وشمال بكوفينا من رومانيا حيث ضمتهما روسيا. أما بلغاريا، فضمت جنوب دوبردجا، وضمت المجر شمال ترانسيلفانيا. وأدَّى هذا إلى انكماش حجم رومانيا إلى 70 ألف ميل مربع يضم 475 ألف يهودي وحسب (وانخفض بعد ذلك إلى 428 ألفاً). وشكَّل الحكم الشيوعي اللجنة الديموقراطية اليهودية (على غرار اليفيسكتسيا). وسمح الشيوعيون بالهجرة اليهودية إلى إسرائيل، فتناقص عدد يهود رومانيا. وفي عام 1956، كان هناك 144.236 يهودياً في رومانيا، وصل إلى 100 ألف عام 1960، وبلغ عام 1992 نحو 16 ألفاً من مجموع السكان البالغ عددهم 23.377.000 نسمة. ولا يوجد في بوخارست سوى حاخامين. وقائد الجماعة هو الحاخام موسى روزين، وهو أيضاً القائد الإداري والديني الذي اتُهم بالتعاون الكامل مع تشاوشيسكو. والجماعة اليهودية الرومانية جماعة مسنة إذ أن حوالي نصف أعضائها تجاوزوا سن الستين. وينقسم الشباب الآن إلى قسمين: قسم تم استيعابه في المجتمع الروماني (أو ربما في الحضارة العلمانية) ويحاول الهجرة إلى أي بلد في العالم، وفريق آخر يحافظ على هويته اليهودية، وهؤلاء مهتمون بالهجرة إلى الدولة الصهيونية. وبهجرة أعضاء هذا الفريق ستختفي أية قيادة قومية للجماعة. ورغبة الفريقين في الهجرة تمثل تعبيراً عن تركيبة المجتمع الروماني التي لا تزال رافضة لليهود بوصفهم عنصراً أجنبياً، هذا على الرغم من سياسة الحكومة التي كانت لا تميِّز ضد أعضاء الجماعة اليهودية بل كانت تأخذ حينذاك موقفاً مؤيداً لإسرائيل ومختلفاً عن موقف الدول الاشتراكية الأخرى. وكانت هناك علاقات طيبة للغاية بين إسرائيل وتشاوشيسكو الذي سمح بهجرة أعضاء الجماعات اليهودية إلى إسرائيل. 
وقد استقر 200 ألف يهودي روماني في إسرائيل خلال الفترة 1948 ـ 1960، وهاجر 80 ألفاً إلى بلاد أخرى. واستمرت الهجرة بعد ذلك بمعدل بطيء (حوالي ألف كل عام). ويبلغ عدد اليهود من أصل روماني في المُستوطَن الصهيوني من 320 إلى 330 ألفاً، فهم ثاني أكبر مجموعة بعد المغاربة. والمنظمة المركزية ليهود رومانيا هي «اتحاد الجماعات اليهودية في جمهورية رومانيا الاشتراكية» ويرأسها كبير الحاخامات، وهي أول منظمة في دولة شيوعية سُمح لها بالانضمام للمؤتمر اليهودي العالمي. وتقدِّم اللجنة الأمريكية المشتركة للتوزيع 80% من تمويل المشاريع الخيرية والخدمة الاجتماعية.
المجــــر 
Hungary 
توجد آثار تدل على أن وجود أعضاء الجماعة اليهودية في المجر يعود إلى أيام الدولة الرومانية قبل أن تغزو قبائل الماجيار المنطقة عام 895. ويبدو أن قبائل الماجيار كانت تربطها علاقة مع إمبراطورية الخزر، بل يُقال إنها كانت تحت رعايتها وحمايتها، وإن بعض يهود الخزر اشتركوا مع قبائل الماجيار تحت قيادة أسرة أرباد في فتح المنطقة والاستيطان فيها عام 890 إلى أن أوقفهم الإمبراطور أتو الأول عام 955. وقد اتصل حسداي بن شبروط بيهود المجر حتى يصلوه بيوسف ملك الخزر. وهناك إشارات متعددة إلى وجود اليهود في المجر مثل إشارة الكاتب البيزنطي جون سينا موسى إلى «جنود التشاليزيان» أي «المرتزقة». ويبدو أن كلمة «التشاليزيان» ترجمة للكلمة العبرية «حالوتس»، وهي بمعنى «الرائد». ولذا، يُرجح المؤرخون أن التشاليزيان جنود يهود يشكلون جماعة وظيفية قتالية. ومن الأرجح أنه كانت توجد أعداد كبيرة من اليهود بالمجر في ذلك الوقت، إذ يبدو أنه مع تأسيس مملكة المجر اجتذبت هذه المملكة أعداداً كبيرة من اليهود ربما كانوا يعملون بالزراعة والتجارة، ويتمتعون بعلاقة وئام كاملة مع أعضاء المجتمع المضيف. ولكن، مع تَزايُد وفود المستوطنين اليهود من الخارج، وكانوا عادة من التجار، بدأت الجماعة في التحول إلى جماعة وظيفية وسيطة تجارية، وظهرت تشريعات لتنظيم هذا الوضع. ففي عصر الملك كلمان (1906 ـ 1116)، نجده قد تعهَّد بحمايتهم من هجمات الفرنجة (الصليبيين) وقبل شهـادتهم في المحاكـم، كما حدد مكان سـكنهم ومنعـهم من اسـتخدام عبيد، وهو ما كان يعني استبعادهم من مهنة الزراعة. 
وفي الفترة التالية حين قام صراع بين الكنيسة ومؤسسة الملكية أو بين الملك والنبلاء، كانت أعضاء الجماعة اليهودية حلبة الصراع. فحين كانت الكنيسة تهدف إلى تشديد قبضتها، وهو ما كان يعني استبعاد اليهود، كان الملوك يريدون المحافظة على استقلالهم وكان اليهود أداتهم في ذلك. فكانت الكنيسة تصدر التوجيهات والتحريمات التي كان يتجاهلها الملوك. واستمر أعضاء الجماعة اليهودية في التمتع بما تمنحهم المواثيق الملكية من مزايا، حتى أن بعض اليهـود أصبحوا من كـبار مـلاك الأراضي وحملوا لقب «كونت». ويمكن أن نقول إن أعضاء الجماعة اليهودية، باعتبارهم جزءاً من الطبقة الحاكمة ومؤسسة الملكية، تمتعوا بوضع ممتاز تحت حكم أسرة أرباد الذي انتهى بانتهاء حكم أندرو الثالث (1290 ـ 1301) آخر ملوك الأرباد. 
وقد أصدر الملك أندرو الثاني (1205 ـ 1235) الفرمان الذهبي عام 1222 بضغط من النبلاء، وكان هذا الفرمان بمنزلة دستور يدعم حقوق النبلاء مقابل الملك. وتضمَّن الدستور مادة تنص على أن اليهود والمسلمين (من التتار) لا يمكنهم أن يشغلوا وظائف جمع الضرائب والاتجار في الملح، وكانت هذه من أكبر مصادر الدخل للدولة. ويبدو أن المسلمين التتار كانوا يشكلون أيضاً جماعة وظيفية وسيطة. ومع هذا، نجد أن النبيل اليهودي الكونت تيكا كان وصياً أو حارساً على ريع الخزائن الملكية. وقد استمر كثير من اليهود في شغل وظائفهم الحكومية المالية، وهو ما اضطر البابا إلى طرد الملك أندرو الثاني من حظيرة الكنيسة، فاضطر الكونت تيكا إلى الهجرة. ولكن الملك بيلا الرابع (1235 ـ 1270) قدَّم رجاءً إلى روما بأن تسمح للكونت بالعودة بعد تدهور حالة المملكة الاقتصادية. وقد وافقت روما على طلبه شريطة أن يعيَّن معه موظف مسيحي فيقوم بالتصرف في المال العام تحت إشراف الموظف المسيحي. وبالفعل، عاد الكونت تيكا مرة أخرى وقام بتدبير المبالغ اللازمة لتجهيز الدفاع ضد هجمات التتار. وقد انتشرت شائعات بأن اليهود تعاونوا مع إخوانهم التتار، فكلتا الجماعتين من أصل تركي (باعتبار أن يهود المجر كانوا من أصل خزري). وبالفعل، اختفى الكونت تيكا أثناء الغزو التتري، ويُقال إنه فرّ معهم عند انسحابهم. 
وعندما بدأ الملك بيلا الخامس إعادة بناء مملكته، دعا عناصر يهودية تجارية إلى الاستيطان للمساهمة في هذه العملية، وعيَّن يهودياً يُدعى هيتوك أميناً للخزانة الملكية تقاضى مقابل القيام بوظيفته قلعة كوماروم وإحدى وعشرين قرية تابعة لها. وقد عهد بيلا الخامس إلى اليهود بدار سك النقود (وهناك عملات تعود إلى هذه الفترة تحمل حروفاً عبرية). ولتقنين وضع أعضاء الجماعة اليهودية، قام بيلا بإصدار ميثاق جعلهم أقناناً للخزانة الملكية بكل ما تحمل العبارة من مزايا وحقوق وواجبات (وقد جدد هذا الميثاق كل ملوك المجر حتى عام 1526). ويُلاحَظ أن يهود المجر كانوا يتحدثون اللغة المجرية وكانت ثقافتهم مجرية. 
وقد استمر وضع أعضاء الجماعة اليهودية، كجماعة وظيفية وسيطة، تحت حكم الأسر الأجنبية المختلفة التي حكمت المجر (1301 ـ 1526). وتظهر أهميتهم في أن لاجوس الأكبر (1342 ـ 1382) أوجد وظيفة جديدة تُسمَّى «قاضي كل اليهود الذين يعيشون في البلد» يضطلع صاحبها بوظيفة تحديد الضرائب على اليهود وجمعها منهم وحماية امتيازاتهم وسماع شكواهم، أي أنه رئيس الجماعة الوظيفية الوسيطة والضامن لكفاءة أدائها كأداة إنتاج في يد الملك. ويُلاحَظ أنه، منذ منتصف القرن الخامس، بدأت المدن المجرية في غرب المملكة (وقد كانت مراكز تجارية) تشكو من منافسة التجار اليهود الغرباء الذين كانوا يتحدثون الألمانية. ولتهدئة الموقف، أعلن الملك أن من حقه إلغاء الديون المستحقة للمرابين اليهود التي استدانها النبلاء أو الأبرشيات أو المدن. وشهدت هذه الفترة بداية توجيه تهمة الدم لليهود، وإلغاء الديون المستحقة لهم، ومنع رهن العقارات المسيحية لدى أعضاء الجماعة. واستمر الوضع في القرن السادس عشر واحتدم الصراع بين الملك أولاسلو الثاني (1490 ـ 1515) من جهة ومدينة سوبورون من جهة أخرى، إذ حاول الملك أن يمنع المدينة من جمع ضرائب اليهود. ولكنه، مع هذا، اضطر عام 1503 إلى إلغاء سائر الديون اليهودية في المملكة تحت الضغط الشعبي عليه (وهي عملية يمكن أن نطلق عليها «عملية تأميم»). وقد طلب جيكوب مندل رئيس اليهود إلى الإمبراطور الألماني ماكسيمليان أن يضع اليهود تحت حمايته، وذلك بعد أن ضُمَّت المجر إلى الإمبراطورية الرومانية المقدَّسة. وفي عام 1524، قام لاجوس الثاني (1516 ـ 1526) بتعيين يهودي مديراً لدار سك النقود، كما عين اليهودي المتنصر إمري فورتوناتوس وزيراً لمالية المملكة. وأدَّى هذا إلى تَزايُد كراهية الجماهير لأعضاء الجماعة اليهودية إذ فرض فورتوناتوس ضرائب مزدوجة زادت معدل التضخم. وقد فُرض في تلك الفترة القَسَم اليهودي الذي ظل مستمراً حتى منتصف القرن التاسع عشر. 
وحينما ضمت الدولة العثمانية أجزاء من المجر عام 1526، هجَّر السلطان سليمان ألفي يهودي إلى تركيا. ويبدو أن العثمانيين كانوا مدركين أهمية أعضاء الجماعة كعنصر استيطاني. وأدَّى الغزو العثماني للمجر إلى تقسيمها بحيث أصبح شرق المجر تابعاً للدولة العثمانية. أما غرب المجر، فقد حكمه ملوك أسرة هابسبورج، وحكم ترانسيلفانيا النبلاء المجريون. وكان ملوك الهابسبورج متحيزين، بطبيعة الحال، إلى سكان المدن الملكية (مثل مدينة سوبورون التي أسلفنا الإشارة إليها) الذين كانوا من أصل ألماني، فسمحوا لهذه المدن بطرد اليهود ولم يجددوا مواثيق الملك بيلا الرابع. أما في المنطقة التي وقعت تحت حكم النبلاء المجريين، فقد تمتع أعضاء الجماعة اليهودية بحماية النبلاء.
ولكن الازدهار الحقيقي كان من نصيب هؤلاء اليهود الذين وقعوا تحت حكم العثمانيين، فقد فُرضت عليهم ضرائب باهظة ولكنهم تمتعوا بحرية الحركة والاتجار داخل الدولة العثمانية. ومن ثم تهوَّد كثير من المسيحيين الذين تحوَّلوا إلى أقنان تحت حكم العثمانيين ليتمتعوا بالمزايا التي يتمتع بها أعضاء الجماعة اليهودية. كما أن مدينة بودا (العاصمة) أصبحت مركزاً لليهود الذين هاجروا إليها من مناطق المجر التي لم يحتلها العثمانيون. وقد وُضع أعضاء الجماعة اليهودية تحت حماية الباشا العثماني بل تحت حماية السلطان نفسه. 
وحينما قام الملك رودولف (1576 ـ 1612) بمحاولة استعادة بودا من العثمانيين، حارب أعضاء الجماعة اليهودية إلى جانبهم، وهو ما زاد درجة السخط عليهم في مناطق المجر الأخرى حيث طالبت المدن بطرد اليهود. وفي عام 1647، منع فرديناند الثالث اليهود من شغل وظيفة ملتزمي ضرائب. وحينما تم فتح بودا عام 1686، أنزل العقاب بالجماعة اليهودية لموقفها الممالئ للعثمانيين. وكان مخطَّط الملك ليبوت الأول (1657 ـ 1705) هو تأسيس دولة كاثوليكية خالصة، فكان على المسلمين واليهود والبروتستانت أن يعتنقوا الكاثوليكية إن أرادوا البقاء فيها. وطُرد أعضاء الجماعة اليهودية من المدن الملكية وُمنعوا من ملكية الأرض، فاضطروا إلى العمل في تجارة القطاعي وأعمال الربا، كما فُرضت عليهم ضرائب باهظة. ولكن النبلاء المجريين قاموا بحماية اليهود، فسمحوا لهم بالإقامة في المدن التابعة لهم. ونمت بعض المدن نتيجة توطين اليهود فيها، مثل مدينة كيسمارتون (أيزنشتدات). وقد وضعت هذه المدينة الجماعات اليهودية المحيطة بها تحت حماية أسرة إستيرهازي الأرستقراطية التي منحتهم المواثيق والمزايا نظير الضرائب التي يؤدونها، بل قام بعض أسر النبلاء بتوطين بعض أعضاء الجماعة اليهودية كأقنان وفلاحين. وكانت أغلبية اليهود من صغار التجار، فاشتغلوا بصناعة تقطير الكحول وجمع الضرائب وأعمال الرهونات وبيع الملابس. وكان معظم ممولي البلاط من اليهود. وتزايد عدد أعضاء الجماعة اليهودية في المجر خلال القرن الثامن عشر نتيجة هجرة اليهود من بولندا ومورافيا، فوصل عددهم إلى 11.621 عام 1735، ولم يكن بينهم سوى أقلية مجرية. أما الباقون، فكانوا من العناصر المهاجرة. ومع هذا، فحين تم تصنيف اليهود بحسب القومية، أعلن أغلبيتهم أنهم ينتمون إلى الأمة المجرية. 
وحينما اندلعت الحرب التركية النمساوية (1682 ـ 1699)، نجحت أسرة الهابسبورج النمساوية في طرد العثمانيين من المجر واعترف النبلاء المجريون عام 1687 بأحقية الهابسبورج بعرش المجر، ومن ثم بدأ حكم الإمبراطورية النمساوية المجرية. وقد خضع يهود المجر لمحاولات الملكية النمساوية المطلقة التي استهدفت تحديث اليهود وتحويلهم إلى عناصر نافعة، حيث تأثروا بشكل عميق بمحاولات إمبراطور النمسا جوزيف الثاني (1780 ـ 1790) في هذا المضمار والذي أصدر براءة التسامح عام 1782. وقد تم إعتاق اليهود سياسياً ابتداءً من هذا التاريخ بدرجات متفاوتة من النجاح والفشل بين منطقة وأخرى. وقد بلغ عدد يهود المجر عام 1840 نحو 200 ألف يشكلون 2.34% من مجموع السكان. ولعب أعضاء الجماعة دوراً مهماً في نمو الرأسمالية المجرية والصناعة المجرية. ويبدو أنه لم تكن هناك بورجوازية مجرية قوية. ولم يحدث الصدام بين الجماعة الوظيفية اليهودية والبورجوازية المحلية إذ اكتفت البورجوازية اليهودية بإدارة معظم البنوك والتجارة. كما لم تكن هذه الطبقة المجرية اليهودية تصطدم بالأرستقراطية الحاكمة. ويُلاحَظ أن الجماعة اليهودية كانت دائماً تحاول إثبات ولائها فتخلت عن ميراثها الألماني أو البولندي واكتسبت ثقافة المجر ولغتها. وظهرت حركة استنارة في المجر عام 1830 ترمي إلى صبغ اليهود بالصبغة المجرية. بل ساهمت الجماعة اليهودية في تعميق الهوية الثقافية المجرية من خلال الصحف وأدوات الإعلام الأخرى التي تحكمت فيها. وقد اصطبغ يهود المجر بصبغة مجرية كاملة، وظهرت حركة دينية إصلاحية تُسمَّى «النيولوج». ولذا فإنهم، حين اندلعت الثورة المجرية ضد حكم الهابسبورج، انضموا إلى الثورة وحاربوا في صفوفها. وحينما استسلم الجيش المجري، وقَّعت القوات النمساوية عقوبات على يهود المجر من ضمنها فرض غرامة كبيرة، وقرر الإمبراطور فرانسيس جوزيف الأول (1848 ـ 1916) أن تُنفَق هذه الغرامة على إصلاح اليهود بتأسيس مدرسة لاهوتية للحاخامات وكلية تربية ومدرسة ابتدائية ومؤسسات للمعوقين اليهود. وقد تحقَّق ليهود المجر الإعتاق السياسي الكامل في عام 1867، وأقبلوا على التعليم العلماني إقبالاً شديداً، حيث نجد أن 35% من الطلبة في المدارس الثانوية المتخصصة من أعضاء الجماعة اليهودية (1910 ـ 1913)، كما كان نصف أعضاء هيئة التدريس في كلية الطب و40% في مدرسة بودابست الفنية منهم، وكان منهم أيضاً أكثر من نصف الأطباء ونصف الصحفيين و26% من جملة المهنيين في قطاعات الفنون والآداب، وعدد كبير من العاملين في مهنة القانون. 
وقد تزايدت معدلات الاندماج والتنصر بين اليهود، وخصوصاً بين الطبقات الثرية. وأصبح الزواج المختلط مسألة عادية، وخصوصاً في العاصمة. وكانت نسبة الأطفال غير الشرعيين وكذلك نسبة الانتحار من أعلى النسب بين الجماعات اليهودية في أوربا، وهذه هي في الواقع الخلفية الأساسية التاريخية والحضارية لمؤسسي الحركة الصهيونية تيودور هرتزل (1860 ـ 1904) وصديقه ماكس نوردو (1849 ـ 1923) اللذين وُلدا في بودابست وقضيا سنوات حياتهما التكوينية هناك. ولا تختلف تجربتهما التاريخية كثيراً عن تجربة يهود الغرب، ولذا وصف هرتزل يهود المجر بأنهم « غصن جاف على شجرة اليهود ». وحينما أُسِّست حركة صهيونية في المجر عام 1897، لم ينضم إليها سوى أعداد صغيرة للغاية. وربما كانت تجربة هرتزل هذه، أي النشأة في مجتمع حقَّق فيه اليهود معدلات عالية من الاندماج، ثم انتقاله إلى النمسا ومنها إلى فرنسا حيث شاهد يهود اليديشية المهاجرين وما يلاقونه من المشقات أثناء فترة التحديث المتعثر، ربما ساهمت هذه التجربة في توصُّله إلى الصيغة الصهيونية في شكليها التوطيني والاستيطاني؛ فهي صهيونية توطينية بالنسبة ليهود الغرب وتعبِّر عن واقعهم الاندماجي وتقبُّله، ولكنها استيطانية بالنسبة إلى يهود اليديشية الفائضين. 
وقد اشترك أعضاء الجماعة اليهودية بالمجر في الحرب العالمية الأولى دفاعاً عن وطنهم، وسقطت أعداد كبيرة منهم. ومع ذلك، كان هناك بعض اليهود المشتغلين بتزويد الجيش بالجراية والإمدادات ممن استفادوا من حالة الحرب. وأدَّى هذا إلى ظهور شعور معاد لليهود بين بعض قطاعات المجتمع المجري. وقد لعب اليهود دوراً في الزراعة كملاك أراض ومقاولين في الإدارة الزراعية والتسويق (مثل يهود الأرندا). ويُلاحَظ أنه، قبل الحرب العالمية الأولى، كان 55 ـ 60% من مجموع التجار و13% من الحرفيين و13% من ملاك الصناعات الكبيرة والمتوسطة و45% من المقاولين من اليهود. وقد تم الاعتراف عام 1895 باليهودية باعتبارها إحدى الديانات الرسمية في المجر، تماماً مثل الكاثوليكية والبروتستانتية. ويُلاحَظ أن الجيل الأول من يهود ما بعد الانعتاق حصل على حقوقه السياسية واصطبغ بالصبغة المجرية. أما الجيل الثاني، فلعب دوراً ملحوظاً في حركة التصنيع والتطور الرأسمالي بها. أما أبناء الجيل الثالث (1905 ـ 1930)، فقد تركزوا في المهن، وخصوصاً في عالم الثقافة والصحافة.
وبعد الحرب العالمية الأولى، كانت المجر إحدى الدول التي خسرت الحرب، فاستولت على الحكم مجموعة من معارضي الحكومة برئاسة الكونت ميخائيل كاروليي وكونوا مجلساً قومياً من سبعة وعشرين شخصاً من بينهم أربعة عشر يهودياً، أي أكثر من النصف. وحينما أُعلنت الجمهورية، كان يوجد وزيران يهوديان في الوزارة. وقد سقطت هذه الحكومة ودخل الحزب الشيوعي في تحالف مع الحزب الاشتراكي، فعُيِّن بيلا كون زعيم الحزب الشيوعي (وكان يهودياً) قوميساراً للشئون الخارجية. وفي مارس عام 1919، عُيِّن بيلا كون رئيساً للدولة، وأُعلنت جمهورية على النمط البلشفي السوفيتي كان الوجود اليهودي ملحوظاً فيها، فقد كان المسئولون عن قوميساريات الداخلية والتعليم والتجارة والمالية والعدل والإعلام والقوميات مجريين من اليهود الملحدين. وكان ثلثا من شغلوا وظيفة قوميسار من اليهود. ولذا، فبعد فشل الجمهورية البلشفية، ارتبطت التجربة الثورية في الأذهان بأعضاء الجماعة اليهودية، وهو ما كان له مردود سلبي عليهم. 
وبلغ عدد أعضاء الجماعة اليهودية 473 ألفاً عام 1920، أي بعد الحرب العالمية الأولى وبعد ضم أجزاء من المجر. واستمر تَناقُص أعدادهم من خلال الاندماج والتزاوج، ويُلاحَظ أن هذا التناقص في المرحلة العمرية (0 ـ 20) كانت تقابله زيادة في عدد المسنين. وكان نصف يهود المجر يعيشون في بودابست، منهم 65% من الإصلاحيين (النيولوج) و29% أرثوذكس. ولكن، نظراً لأن المجر ضمت بعض المناطق التي يوجد بها يهود، نجد أن إحصاء 1941 يحدد عدد اليهود بنحو 725 ألفاً من مجموع عدد السكان البالغ 14.683.323نسمة. 
ومع ظهور النازية في ألمانيا، اتبعت الحكومة المجرية سياسة ممالئة لها، ولكنها رفضت تطبيق القوانين النازية فيما يتصل بأعضاء الجماعات اليهودية. وبعد أن احتل النازيون المجر، وكان أيخمان هو المسئول عن الشئون اليهودية، تم عقد صفقة مع الحركة الصهيونية من خلال رودولف كاستنر اصطُلح على تسميتها «الدم مقابل السلع»، وقد خدع فيها كاستنر يهود المجر وضمن عدم مقاومتهم، وسهَّل عملية ترحيلهم إلى معسكرات الاعتقال مقابل ترحيل بعض الصهاينة إلى فلسطين. وفي 1944، ألقت القوات البريطانية بمظليين من الهاجاناه في الأراضي اليوغسلافية ليعبروا إلى المجر ولكنهم أُسروا. 
وبعد الحرب العالمية الثانية، بلغ عدد يهود المجر 260 ألفاً، ولكن لم يزد عددهم عام 1992 على 56 ألفاً من مجموع السكان البالغ عددهم 10.493.000(يذكر أحد المصادر الإحصائية الأخرى أن عدد اليهود في المجر عام 1995 هو 80 ألفاً)، تقطن غالبيتهم الساحقة (حوالي خمسين ألفاً) في بودابست، وكان 60% منهم ممن تجاوز الخمسين ومعظمهم من اليهود الإصلاحيين (النيولوج). وهذا يعني أن الجماعة اليهودية في طريقها إلى الاختفاء، وهذا تعبير آخر عن موت الشعب اليهودي. وقد عُقد المؤتمر اليهودي العالمي في المجر عام 1987. وهي أول مرة يُعقَد فيها المؤتمر اليهودي في إحدى دول الكتلة الاشتراكية. 
وأهم المنظمات التي ينتظم بها أعضاء الجماعة اليهودية في المجر منظمة التمثيل القومي لليهود المجريين، وهي المنظمة المركزية للجماعة اليهودية في المجر والجهة التي تمثلهم لدى المؤتمر اليهودي العالمي. وهناك أيضاً اللجنة المركزية للرفاه الاجتماعي، وتقوم برعاية فقراء اليهود، وتمولها اللجنة الأمريكية المشتركة للتوزيع. وهناك منظمة ويتى، وهي مؤسسة التمثيل القومي ليهود المجر، التي تقوم برعاية المصالح الدينية ليهود المجر منذ عام 1904 وأغلب أعضاء هذه المؤسـسات من المحافـظين، إلا أن هناك قسـماً خاصاً باليهود الأرثوذكس. ومن الجدير بالذكر أنه بعد وفاة آخر حاخام أرثوذكسي عام 1982، تم إحضار حاخام من إسرائيل ليحل محله. وهناك محكمة شرعية (بيت دين) خاصة باليهود الأرثوذكس، وأخرى خاصة باليهود المحافظين.


الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الثالث عشر: يهود اليديشية في أوكرانيا وجاليشيا ورومانيا والمجر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الثامن: بولندا قبل التقسيم (ظهور يهود اليديشية)
» الجزء الثالث: يهود أم جماعات وظيفية يهودية؟ الباب الأول: الجماعات الوظيفية اليهودية
» الجزء الثاني: يهود أم جماعات يهودية؟ الباب الأول: الجماعات اليهودية الأساسية
» الباب الثالث: الأرض
» الباب الثالث والستون

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـثـقــافـــــــــة والإعـــــــــلام :: مـوسـوعة الـيـهـــود-
انتقل الى: